أبو العباس الخشاب والمجلس الخامس من أماليه

أبو العباس الخشاب والمجلس الخامس من أماليه

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على إمام الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الهادي إلى الصراط المستقيم، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الميامين، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

وبعد:

فإن هذا الجزء الحديثيَّ هو المجلس الخامس من (( أمالي )) أبي العباس منير بن أحمد الخشاب، وهو لطيف الحجم، عظيم القدر، قد عرفه المتقدِّمون، ولمسوا قيمته، فحرصوا على سماعه وروايته ونسخه والإفادة منه، لكنه ما زال حبيس المكتبات الخطية، لم يطَّلع عليه من طلبة العلم إلا القليل.

ومؤلفه أبو العباس: لا يعرفه الكثير من أهل هذا العصر؛ إذ لم يعط حقه من الدراسة.

لذا؛ فإنني رأيت أن من المفيد القيامَ بدراسة هذا الجزء الحديثي، ودراسةِ مؤلِّفه، وإخراجِ نصِّه محقَّقًا.

وكان عملي في هذا البحث وفق الخطة التالية:

جعلت هذا البحث على: مقدمة، وقسمين، وخاتمة.

أما المقدمة فتشتمل على أهمية الموضوع، وخُطَّةِ العمل فيه.

وأما القسم الأول: فيشتمل على الدراسة، ويندرج تحتها:

أولًا: ترجمة صاحب هذا الجزء.

ثانيًا: التعريف بـ (( الأمالي ))، وآداب الإملاء، وفوائده، وكتبه.

ثالثًا: التعريف بهذا الجزء من حيث:

1ً- وصف النسختين الخطيتين اللتين اعتمدتهما في إخراجه، وذكر السماعات التي عليهما.

2ً- توثيق نسبة هذا الجزء لمؤلفه.

3ُ- دراسة سند الجزء.

وأما القسم الثاني فيشتمل على: النص المحقَّق، وذلك بعمل ما يلي:

1- إخراج النص سليمًا بقدر الإمكان.

2- ترقيم الأحاديث والآثار برقم تسلسلي.

3- دراسة رواة الأسانيد، وبيان درجتهم تعديلًا وتجريحًا.

4- تخريج الآيات القرآنية.

5- تخريج النصوص وعزوها إلى أماكن وجودها في كتب السنة وغيرها.

6- الحكم على الأسانيد والأحاديث، مستأنسًا بأقوال العلماء وأحكامهم.

مع عدم إخلاء هذا الجزء من بعض الفوائد اليسيرة التي لا تثقله، ولا تغير من طبيعته المختصرة.

وأما الخاتمة فستحتوي على أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث.

وسأذيل بحثي بفهرس للمراجع والمصادر التي استعنت بها في الدراسة والتحقيق.

سائلًا المولى تبارك وتعالى أن يكون عملًا صوابًا، خالصًا لوجهه الكريم، مقبولًا عنده سبحانه، ثم عند الباحثين وطلاب العلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.

أبو العباس الخشاب، اسمه ونسبه:

هو[1] منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير المصري، الخشّاب، المُعَدَّل.

والخَشّاب: اسمٌ لمن يبيع الخشب[2].

والمعدَّل ـ بضم الميم، وفتح العين والدال المشددة المهملتين، وفي آخرها اللام ـ: اسم لمن عُدِّل وزُكِّي وقُبِلَتْ شهادتُه عند القضاة[3].

وكنيته: أبو العباس.

وقال ابن الجزري[4] ـ نقلًا عن أحمد بن علي بن هاشم تلميذِ صاحب الترجمة ـ: أبو الحسن.

وليس لديَّ دليل على أنهما كنيتان له، أو أن ما انفرد به ابن الجزري وهم، فالله أعلم.

ولادته ووفاته:

لم تسعفني مصادر الترجمة التي وقفت عليها بالسَّنَة التي ولد فيها أبو العباس الخشّاب، بيد أن من الممكن ذكر تاريخ تقريبي لولادته، وذلك من خلال تاريخ أقدم سماع له.

وأقدم سماع لأبي العباس في هذا الجزء كان سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة، فقد سمع في السنة المذكورة من أبي الحسن علي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مطر[5]، وأبي بكر محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي الأصبغ[6]، وأبي عمر محمد بن عيسى القَزْويني[7]، ومن المرجّح أن لا يقلّ سنّه في هذا السماع الذي قبله الناس منه عن سن التمييز، وهو سِنُّ خمس سنين، ويحتمل أن يكون بعد هذا السن، والله أعلم.

وعليه، يمكننا القول - بناء على أقل سن السماع -: إن ولادته حدثت سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، كما أنها تحتمل أن تكون قبل هذا التاريخ - بناء على أن سماعه متأخر -، أما بعد هذا التاريخ فأمر مستبعد.

وأما وفاته: ففي الحادي عشر من ذي القعدة، سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.

فيكون عمره - على أقل تقدير - تسعاَ وسبعين سنة، والله أعلم.