• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

مولانا آزاد والجامع الأزهر

د. هيفاء شاكري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/2/2015 ميلادي - 27/4/1436 هجري

الزيارات: 6208

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مولانا آزاد والجامع الأزهر

أبو محفوظ الكريم معصومي

ترجمة من اللغة الأردوية: د. هيفاء شاكري


ابتدأت دراسة غلام يسين (ت 1906م) أكبر أولاد الشيخ خير الدين (ت 1908م) بمكة وقد أمر بالحلوس معه شقيقه الأصغر فيروز يخت (مولانا آزاد)، وقد بدأ الشيخ عبدالله مرداد يعلمه البسملة، فأمر الشيخ الولد الصغير بقراءة "يا فتاح" ثلاث مرات، ثم قرأ عليه المأثور من الأدوية، وعرفه الأحرف من الألف حتى الشين، وهكذا فقد بدأ كلا الشقيقين بالدراسة معًا، ثم جعلا يتعلمان في الدار؛ (راجع: آزاد كي كهاني، ص 187).

 

وقد وقع هذا الأمر، كما يخمن، في 1893م.

 

وقد قام الشيخ خير الدين بالرحلة النهائية إلى كولكاتا، طبق تخمين حذر، في 1895 - 96م، وقد جاءها، كما يبدو، لمداواة قدمه بمرافقة أهل بيته، ولكن هذه الرحلة قد أصبحت سببًا لعودته إلى وطنه الهند، وإلقاء عصا ترحاله في كولكانا بدلًا من دلهي وضواحيها.

 

وقد كانت بيئة كولكانا الحضرية متلونة تلون قوس قزح، وقد بلغ السيل الزبى حتى نهاية القرن التاسع الميلادي، فلما بلغها الشيخ خير الدين ظن من الصلاح ألا يرسل أولاده للتربية خارج حدود البيت، فقام بتعليمهم وتربيتهم بجانب رعايتهم ومراقبتهم، ولكنه جعل يختار لهم أساتذة مهرة وصالحين من وقت لآخر؛ لأجل شغله الشاغل، ولحدة ذهنهم، كي يسهل لهم تعليمهم، ولا تنقطع سلسلة تربيتهم، وعلى كل حال فقد تعلم الأولاد على الطريقة القديمة؛ حيث ينفرد معلم أو معلمان بتعليم وتربية أولاد الأشراف، فمن شاطر الشيخ خير الدين في تعليم وتربية أولاده هم الشيخ محمد عمر، والشيخ محمد يعقوب الدهلوي، والشيخ نذير الحسن الأميثوي، والشيخ سعادت حسين الآروي.

 

والواقع أن الشيخ نذير الحسن الأميثوي كان مدرسًا في مدرسة رمضانية على شارع مستشفى إيدن، ولقد أثرت خطابة الشيخ الأميثوي وبراعته العلمية في عقل وقلب مولانا آزاد، وكذا كان الشيخ سعادت حسين مدرسًا على الدرجة الثانية للمدرسة العالية، فتعلم عليه آزاد شرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني، ولقد أثر الشيخ سعادت في آزاد بمؤهلاته العلمية، كما أثر فيه الشيوخ الآخرون، وبجانب هؤلاء العلماء فقد تعلم آزاد سنن الترمذي على الشيخ محمد شاه الرامفوري، إلا أنه لم يخبر به والده الجليل.

 

وبالجملة، فقد أنهى مولانا آزاد دراسته الابتدائية والعليا تحت إشراف والده الجليل، متبعًا النظام التعليمي الذي قرره أبوه المرحوم، وهكذا فلم يلتحق بكلية حكومية أو غير حكومية.

 

ومصدر هذه المعلومات تلك الرسائل التي كتبها باسم: "غبار خاطر"، فهو يقول:

"تعلمت في بيئة أحاط بها الجو التقليدي البحت، فلم أخرج عن حدوده الضيقة، فمن علمني من دون والدي كانوا هم الأساتذة الذين محَّصهم أبي وامتحنهم بحذر، وكانوا يصدقون المستوى الذي قرره هو بنفسه، ولن يبلغ هذا المستوى سوى القلائل من معاصريه، فلن يبلغني شيء حديث من خلالهم"؛ (غبار خاطر، ص 118، الطبعة الثالثة).

 

ويمضي قائلًا:

"وعلى الأقل، كان لي أن ألتحق بمدرسة من المدارس الإسلامية القديمة؛ فإن حياتها أوسع من حياة الدار الضيقة، فيتأثر بها الطفل ولو قليلًا، ولكن أبي لم يسمح لي بهذا القدر من الحداثة، فلم يزِنْ فتيلًا ما كان يتلقاه الطلاب من العلوم والفنون في المدرسة العالية بكولكاتا، وكان الواقع كذلك، وكذا لم يكن يصبر على أن يرسلني خارج حدودها، فقرر أن يعلمني هو بنفسه، أو على الأقل يعلمني النخبة المختارة من الأساتذة، فلم أوفق للخروج خارج البيت أثناء مرحلتي الدراسية، وأما الحياة خارج بيتي فمارستها بعدما فرغت من دراساتي النهائية، وهذه الحياة الخارجية قد اكتشفتها أنا بنفسي، وبالجملة فلم تتجاوز حياتي التعليمية خمس عشرة سنة"؛ (غبار خاطر، ص 119 - 120).

 

فما توفر من التفاصيل في كتاب "آزاد كى كهاني" هو شرح هذه الحقائق، فلا حاجة إلى إعادتها.

 

ومنذ 1903م بدأت السنة الخامسة عشرة لعمر مولانا آزاد حينما فرغ من تعلم العلوم الإسلامية، وقد بدأ يعلم الطلاب، كما قال فيما يلي:

"قد فوضت جماعة من الطلاب حينما فرغت من تعلم العلوم الإسلامية، وتكفَّل والدي الراحل بتكاليف إقامتهم وإطعامهم، وأما أنا فبدأت أتعلم الطب؛ لأنهي نيل الفنون، فكنت أقرأ "القانون"، كما كنت أعلم الطلاب المطول ومير زاهد والهداية"؛ (غبار خاطر، ص 122).

 

فلما كان مولانا يصدر صحيفة "الهلال"، بلغه رسالة من ناقدة مقنعة، طرحت ستة أسئلة بالترتيب، فكانت الفقرة الأولى للبند الثالث:

"لو شرح سماحتك ما يلي لكان خيرًا: في أي جامعة من جامعات الشرق أو الغرب وجد سماحتك الفرصة للتعلم فيها؟ (الهلال، 22/ سبتمبر 1912م، 1/11/13(3).

 

نشر مولانا الرد على هذه الرسالة في حلقات، وطبق البنود فقال في الرد على البند الثالث:

"هذا السؤال يتعلق بالشخصية في مصطلحكم، وهذا لا يجوز، ولكنه ليس بديدني، فأرد على سؤالكم هذا: الحمد لله على أني لم أتعلم في أي جامعة شرقية ولا غربية، فاستفضت من مدرسة رب المشرقين والمغربين الذي قال:

﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16].

 

التي يعلم فيها من يلي:

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

وبما أن هذه المدرسة قد فتحت لي أبوابها، فقد استغنيت عن أي مدرسة أو كلية أو جامعة؛ (الهلال، 1 /11/3).

 

وعلى الرغم من هذه الأقوال الواضحة، حاول العديد من الباحثين جهدهم لكي يثبتوا انتسابه إلى الجامع الأزهر، فقال القاضي عبدالغفار في كتاب: "آثار أبي الكلام":

"ولو أن دراسته في الطفولة قد لعبت في إنضاج عقله، ولكن للمجالس العلمية للجامع الأزهر دورٌ بارزٌ في نضجه الفكري والعقلي؛ فقد كان يفيض فيه السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده ينضجان عقول الناس بتربيتهما، ويوسعان نطاقها، ويهديان العلماء والطلاب معًا إلى سبل الاجتهاد الصالح، فلا يشك في أن مولانا قد استلهم من هؤلاء العلماء المتفتحين الموجودين في رحاب الجامع الأزهر، ولو أنه لا يشير إلى هذا الواقع"؛ (آثار أبو الكلام آزاد، ص 24، طبعة 1949م).

 

وبصرف النظر عن الفترة التي قضاها مولانا آزاد بالجامع الأزهر في الاستفادة من علمائه، فلم يعتنِ بهذا الموضوع مولانا ذاته، وعلى هذا فقد تم بناء قصر خيالي على هذا، فظنوا أنه أرسل إلى مصر لإنهاء دراساته العليا.

 

وهَبْ أنه أرسل إلى الأزهر لا لنيل العلوم بل لإكمالها، ولكن كيف لنا أن نصرف النظر عما كتبه مولانا في "غبار خاطر" وهو أوثق مصدر وأحدثه؟!

 

وعندنا شخصية كبيرة أخرى، وهي نياز الفتحفوري، فيقول الفتحفوري في عدد مجلة "نگار" الخاص بالعلوم الإسلامية وعلماء الإسلام:

"بعدما شهد دمار السنة 1857م ضاق ذرعًا بالوطن، فهاجر إلى مكة؛ حيث ولد أبو الكلام آزاد، فمعظم ما تعلمه آزاد نالهفي الحجاز ومصر"؛ (نگار، عدد يناير وفبراير عام 1955م، ص 143).

 

وبالجملة فلم يأتِ ذكر كولكاتا شيئًا بالنسبة لدراسات مولانا آزاد، والحال أنه أتم تعليمه في الدار في كولاتا، ولو أنه بدأ به في الحجاز فقد فرغ مولانا من حفظ بعض سور القرآن (سورة يس وسورة ق) حتى سافر إلى كولكاتا مع عائلته، فلو أن ما تعلمه في الحجاز لم يكن قليلًا إلا أن ما ناله من العلوم في كولكاتا لم يكن أقل منها، بل أكثر بكثير، فلا يعنينا شيئًا أن نضيف إليها تعليمه بالجامع الأزهر.

 

فما نجده من كتابات مولانا آزاد من أنه لم يزُرِ الجامع الأزهر قط للاستفادة منه، إلا أن كبار العلماء مصرون على أنه زاره فاستفاد منه، والواقع أن مولانا آزاد غادر بلاده لكي يزور البلاد الإسلامية مع أكبر أشقائه أبي النصر آه، وقد رافقهما في هذه الرحلة الحافظ عبدالرحمن الأمرتسري، وقد بلغنا تقرير هذه الرحلة مبعثرًا في مختلف المواضع، فننقل فيما يلي ما يتعلق بالموضوع:

(1) فيقول مولانا في ذكر أبي النصر آه (ت 1906م):

"كان يكلف بسياحة البلاد الإسلامية، فظفر برفيق له يسمى "الحافظ عبدالرحمن الأمرتسري"، فسافر إلى العراق، وقد رافقته حتى العراق، إلا أني قد أصابني المرض الشديد فرجعت منه، وأما هو فسافر إلى الموصل وديار بكر والشام مع الحافظ عبدالرحمن الأمرتسري"؛ (آزاد كى كهاني، ص 179).

 

(2) ويقول في أخيه الشقيق المذكور أعلاه:

"إنه سافر إلى الحجاز والعراق وديار بكر والموصل والشام"؛ (آزاد كى كهاني، ص 181).

 

(3) في 1902م سافر الشيخ خير الدين إلى مومبائ مغادرًا كولكاتا، وارتحل إلى مكة السنة الثانية، إلا أنه لم يقم بها طويلًا، فرجع إلى مومبائ، فخاض في بناء المسجد والمبنى، فيقول مولانا ضمن تفاصيل هذه المباني:

(الألف) لم نحضر (أنا وشقيقي) هذه المناسبات، وقد ارتحلنا إلى العراق، ولقد سافرنا على الرغم من رضاه، ولكنه رضي بعدما علم عن شغفنا بالرحلة؛ (آزاد كى كهاني، ص 145).

 

(الباء) ورجع شقيقي بعد تمام البناء فورًا، ولكنه مصاب بمرض خطير للغاية، ولقد أصيب بذات الجنب"؛ (المصدر نفسه، ص 145 - 146).

(1) قد أصيب آزاد نفسه بالمرض بعد وصوله إلى العراق، فاضطر إلى الرجوع منه.

 

(2) لم يزل أبو النصر آه والحافظ عبدالرحمن الأمرتسري يواصلان سيرهما، فسافرا إلى الموصل وديار بكر والشام.

 

(3) ولكن أبا النصر آه نفسه أحيط بالمرض، فاضطر إلى العودة من الشام، وقد أعانه في الرجعة سجاد حيدر الموظف في قونصل بغداد، فعولج أبو النصر آه في مومبائ وكولكاتا، ولكنه لم يشفَ، حتى توفي في 1907 بالغًا من العمر 21 سنة؛ (آزاد كى كهاني، ص 146 - 180).

 

وعلى كل حال، فلم ينجزا ما عزما عليه من رحلة العالم الإسلامي، التي بدأاها في 1904م، كما يبدو من فقرة مولانا التالية:

"في 1904م طرأ عليَّ حالات سافرت فيها إلى العراق، ولم أصدر بعدُ عددًا من "لسان الصدق"، ولما رجعت منها لقيت العلامة شبلي، وكان هذا أول لقائي به"؛ (آزاد كى كهاني، ص 311).

 

وقد لقي العلامة شبلي في 1904م وقد جاء ذكر لقائه في "حيات شبلي"، فقد صرح فيها أنه لقيه بمومبائ في 1905م" (حيات شبلي، ص 444).

 

وهذه الرحلة الناقصة هي التي تسببت في توقف "لسان الصدق" التي بدأ إصدارها في 1903م، ولكن تقرير لقائه للشيخ حالي يقتضي أن نحدد سنة إصدار "لسان الصدق" قبل السنة 1901م؛ فقد جاء في ذلك التقرير:

"وبعد إصدار "لسان الصدق" بقليل سافرت على رغبة مني وبدون هدف وحضرت جلسة "أنجمن جماعت إسلام" بلاهور، وهذه الجلسة عقدت في 1901م، وقد حضر هذه الجلسة الشيخ حالي"؛ (آزاد كى كهاني، ص 308).

 

إن العام 1901م لا يطابق العبارة السابقة، ولو اعترفنا بصحتها فلا يصح إصدار "لسان الصدق" في التاريخ المذكور أعلاه؛ وذلك لأن هذه المجلة صدرت أولًا في 20/ نوفمبر 1903م، كما قال إمداد الصابري؛ (راجع: تاريخ صحافت أردو، 4/442 طبعة 1974م).

 

وفيما يتعلق بزيارة البلاد الإسلامية فلم يتقدم مولانا ما وراء حدود العراق لما قدم خطواته خارج جدران البيت، ثم اضطر إلى العودة منه لمرض أصابه، ولكن شقيقه الأكبر واصل سيره حتى بلغ الشام، فرجع منها لمرض شديد أصابه، وحدث هذا كله حينما كان أبوه حيًّا.

 

ولكن غلام رسول مهر قد صرح في "أردو دائرة معارف إسلامية" (من جامعة بنجاب، 1964م) أنه قضى سنتين في رحلة إيران والعراق بعدما توفي أبوه؛ (1/99 - 104).

 

فالسياحة التي ذكرها السيد مهر تتعلق بمناسبة أخرى؛ ففي هذه المرة عزم مولانا على الرحلة وحيدًا، إلا أنها لم تتجاوز حدود إيران والعراق، كما ذكر السيد مهر.

 

ولعل هذا ما حكي في رسالة إلى صدريار جنغ مؤرخة في 19/ سبتمبر 1940م فقال فيها:

"لم أكن على ما يرام البارحة، فقمت تاركًا ورائي الكومة من الأوراق، فشغلت الراديو، فكان أحمد التبريزي ينشد الغزلية التالية بلحنه الحلو الجذاب:

زدلبرم كه برساند نوازش قلمي

كجاست بيگ صبا گو بيا بكن رقمي

حديث چون وچرا درد سر دهد ساقى

پياله گير وبيا سا بعمر خويش دمي

 

انظر إلى عودة التاريخ أني قد سمعت هذه الغزلية في جلسة شعرية قبل اليوم باثنتين وثلاثين سنة، ولكن أين؟ على شاطئ دجلة في بغداد في الليلة المقمرة:

عيون المها بين الرصافة والجسر

قد عقد هذه الجلسة الأدبية الميرزا محمد كاظم رشتي الذي كان من العلماء الأدباء بسفينته، وكذا حلاها بكلامه مغنٍّ حديث العهد بالركوب حين العودة، وأنشد غزلية للحافظ الشيرازي، فكلام هذا الرجل قد أعاد ذكريات العهد الماضي؛ (كاروان خيال، ص 68 - 80 طبعة بجنور، 1946م).

 

يبدو جليًّا من سياق الكلام وسباقه أنه حدث هذا في 1908م.

 

فكأن النواب صدريار جنغ كتب إليه رادًّا على رسالته بعد وفاة والده بقليل في 13/ أكتوبر 1940م:

"لقد شرعت في ذكر بغداد، فتذكرت حينما بدا لي الشابان أبو الكلام آزاد وأبو النصر آه، فكان تنشر مقالاته في الصحيفة التي كان يدير تحريرها المنشئ غلام محمد، فكانت تمتلئ كتاباته بلآلئ الحكم كما تكون هذه الأيام، ثم بلغني أنه ارتحل إلى بغداد، وأما تقريرها فقد ذكرته لي الآن"؛ (كاروان خيال، ص 82 - 83).

 

فقد اختلطت هنا رحلته الأولى بالرحلة الثانية؛ فتقرير بغداد الذي ذكره كان يتعلق بالرحلة الأولى، بينما رافقه أبو النصر آه في الرحلة الأولى، فلا يمكن أن يرافقه شقيقه الكبير في هذه الرحلة التي ذكرها له.

 

ولعل ما جاء في غبار خاطر يتعلق بهذه المناسبة:

"لقد قضيت أوقاتًا غالية من حياتي في لبنان، فلا أنسى شتاء حياتي التي قضيتها بالموصل"؛ (غبار خاطر، ط: 3، ص 195).

 

ويقول في مناسبة أخرى:

"لما وفقت أن أرتحل إلى العراق ومصر والشام، بحثت عن الموسيقا العربية المتداولة في تلك الأيام"؛ (غبار خاطر، ط/3 ، ص 283).

 

وما قام به مولانا من الموازنة بين المنهاج الدراسي المتداول في الجامع الأزهر وما هو رائج في الهند، ربما يتعلق بهذه المناسبة، فلا يجد فيها الأزهر أحسن مستوى من الهند، بل يجد كفة المدارس الهندية أرجح من كفة الأزهر، فيقول:

"والمنهاج الدراسي الرائج في الجامع الأزهر بالقاهرة نفس ما نجده في الهند، فقد نالت كتب المتأخرين في المعقول القبولَ في الهند، وأما القاهرة فلم يبلغها ولو حتى هذه الغاية، فلما جعل يدرس السيد جمال الدين الأسدابادي كتبَ الحكمة في مصر فلم يجد إلا القليل من مؤلفاتها، وحتى بعد جهد جهيد، ولا شك أن المنهاج الدراسي الرائج في الأزهر قد تغير اليوم كثيرًا، ولكن الفترة التي أتحدث عنها لم يؤمل شيء من الإصلاح فيه؛ فقد بنى الشيخ محمد عبده جامعة حكومية جديدة بعدما يئس منه"؛ (غبار خاطر، المصدر نفسه، ص 120 - 121).

 

هذه الأمور كلها تدل على بصيرة مولانا، وهي لا تتعلق بفترة تعليمه في الطفولة؛ فالرحلة التي تتعلق بها هذه الذكريات قطعها في عمره البالغ عشرين أو إحدى وعشرين سنة، فلن ننسبها إلى فترة دراسته، ولن نجعلها تكملة لها، فإنه لو حضر حلقات الدروس الأزهرية كطالب لأشار إلى المزيد من تفاصيلها، ولما اعتبر الأزهر طبلًا عالي الصوت لا يقدر على إيقاظ رجل.

 

وبالجملة، فلم يرتحل مولانا آزاد إلى مصر لطلب العلم، ولكن لا ننكر أنه شهد حلقات الدروس الأزهرية خلال رحلته فانتقدها حيثما شعر بالخلل.

 

ولعل المهاديف ديسائي هو أول من نسب دراسة مولانا آزاد إلى الأزهر، ولقد رد عليه مولانا آزاد بصراحة في الكتاب "India Wins Freedom" فقال:

"أود أن أقضي على سوء فهم في هذه المناسبة، الذي أذاعه المهاديف ديسائي، فلما كان يكتب حياتي طرح عليَّ أسئلة عديدة، وطلب مني أن أرد عليها، فكتب في الرد على سؤال منه: لما بلغت نحو عشرين سنة من عمري قمت بزيارة الشرق الأوسط، ونزلت بمصر لفترة طويلة"، كما كتب في الرد على سؤال آخر: المنهاج الدراسي التقليدي ليس بمؤثر في الهند، بل هو باطل في الأزهر كذلك"، وأما المهاديف ديسائي فقد استنتج من هذين الردين أني ذهبت إلى مصر للدراسة، والواقع أني لم أقم بمصر للدراسة ولو ليوم، ولعل السبب وراء سوء فهمه هذا هو أنه لم يتعلَّم أحدٌ شيئًا إلا كان لا بد أن يلتحق بجامعة ما، فلما علم المهاديف ديسائي أني لم أتعلم في جامعة هندية ما، زعم أني تخرجت من الجامع الأزهر بمصر"؛ (ص 6).

 

ومن هذه السلسلة حلقة أخرى تثير الشك، فلا يمكن أن نغض عنها النظر، وهي كما يلي:

"غادرت مصر لتركيا، ثم لفرنسا، وكنت أريد أن أغادرها للندن، ولكن لم أقدر على هذا؛ وذلك لأني بلغني أن والدي عليل، فرجعت من باريس إلى الهند، فلم أوفق لأزور لندن إلا بعد سنوات" (India Wins Freedom، ص 6).

 

وما ذكره من السبب في عودته من باريس إلى الهند ليس بصحيح؛ وذلك لأن هذه الرحلة قام بها مولانا بعد وفاة والده، فلم يرجع من باريس إلى الهند بعدما بلغه مرض والده، بل ترك الحافظ عبدالرحمن الأمرتسري وبلغ بونا (Pune) عن طريق بوفال فمومبائ، واستمتع بموسم أمطارها، وكان في هذه الحالة إذ بلغه خبر علة والده الشديدة، فأقبل إلى كولكاتا من بونا، ويرافقه فيها الحافظ ولي الله.

 

توفي الشيخ خير الدين في 17/ أغسطس 1908م (19/ رجب 1326هـ)، وهذا يعني أنه أقبل إلى كولكاتا نفس اليوم في الساعة الثانية صباحًا، بينما توفي الشيخ خير الدين في مسائه؛ (جاء تفصيله في "آزاد كى كهاني"، ص 323 - 325).

 

وبالجملة فما قام به مولانا آزاد من زيارة طويلة لخارج الهند قد حدثت بعد وفاة والده، وأيًّا كان السبب في عودته من باريس، فلا يصح أن نبنيها على خبر علة والده الجليل.

 

ولقد قام مولانا آزاد باستعراض بيان المهاديف ديسائي، ولنعد ذكر ما قال حين إنكاره عن تعلمه في الأزهر: (والواقع أني لم أقم بمصر للدراسة ولو ليوم)، فلا يصح أن ننسب دراسة مولانا آزاد بالجامع الأزهر أو بمصر، وأما وقوع المهاديف ديسائ في الخطأ فمن دوافعه ما صرح به مولانا آزاد نفسه، فإن أخطأ أحد بعد هذه الصراحة الكاشفة فلا يصح أبدًا، فما ضبطه شانتي رانجان بهتاتشاريه بعنوان: "أيام مهمة" في كتابه: "مولانا آزاد كے پاسپورٹ كا خفيه فائل" (الملف الخفي لجواز سفر مولانا آزاد) يخالف العديد منها الواقع، ولا سيما ما يلي:

"1904 - 5م ذهب إلى مصر للدراسة فتعلم بالأزهر الشريف بالقاهرة، ثم سافر إلى الحجاز حتى رجع إلى الوطن" (ص 54).

 

لعله أخطأ في هذا لأجل ما كتبه الشيخ المليح ابادي من أن الرحلة التي قام بها إلى الشرق الأوسط مع شقيقه الأكبر كانت حوالي 1904م، إلا أنه لم يواصلها، ورجع من بغداد إلى الهند جراء مرضه، ولقد فصلنا القول عنها في الأسطر الماضية.

 

وبسبب هذا الأمر المعارض للواقع بقي ما يلي ناقصًا غير تام: "وفاة الشيخ خير الدين في 15/ أغسطس 1908م" (ص 54).

 

فالنقص هو أن الرحلة التي قام بها مولانا آزاد إلى تركيا وباريس عن طريق مصر والشام لم يشر إليها السيد شانتي رانجان، والعجب كل العجب أنه نقل المقتبس الطويل من India Wins Freedom (راجع: صفحات 56 - 60 وما بعدها)، وهو يحتوي على تنبيهات وجهها مولانا إلى بيان المهاديف ديسائي، ولكن السيد شانتي لم يشعر بمعارضة بيانه لبيان مولانا آزاد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأزهر والنصارى وسيد القمني
  • إلى علماء الأزهر
  • مكتبة الجامع الأزهر
  • حوار حول لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
  • إلى الأزهر المعمور

مختارات من الشبكة

  • الله مولانا ولا مولى لكم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مولى رفعه الله بالعلم والتقوى: سالم مولى أبي حذيفة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سريلانكا: ترميم مسجد زين مولانا وإنشاء مبنى جديد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هل الله مولانا يا أمة التوحيد ؟(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الروض الأزهر في حدود مشاهير علوم الجامع الأزهر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • القول المبين المستقر بشرح منحة مولي البر لمحمد بن محمد هلالي الأبياري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاك الله خيرا يا د. هيفا
د. ثمامة فيصل - India 23-02-2015 10:05 AM

جزاك الله خيرا يا أختي الفاضلة الأستاذة الدكتورة هيفا لتقديم هذا المقال الرائع عن شخصية إمام الهند وخطيب الهند مولانا أبو الكلام آزاد. ولا شك أن الهند تفتخر وتعتز به ، فقد وقف رحمه الله حياته لخدمة الوطن والدين والإنسانية ، وله إنجازات باهرة في مجال التعليم والتربية في البلاد الهندية.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب