• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اللغات العروبية: دراسة في الخصائص
    د. عدنان عبدالحميد
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للتسخير في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الاستشراق والعقلانيون المعاصرون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    عجائب الأشعار وغرائب الأخبار لمسلم بن محمود ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

حالة تكريت الاقتصادية في العصر العثماني

أ. د. عماد عبدالسلام رؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2014 ميلادي - 11/2/1436 هجري

الزيارات: 10510

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حالة تكريت الاقتصادية في العصر العثماني


كان من الطبيعي أن ترسم البيئة الجغرافية لتكريت صورةَ اقتصادها، وتحدِّد نوع ما يزاوله سكانها من نشاطات اقتصادية؛ فمدينةٌ صغيرة تقع على شاطئ دجلة، وتحاصرها الأرض الجرداء غالبًا، كان لا بد أن تتَّجه في اقتصادها إلى هذا النهر؛ بوصفه طريق مواصلات رئيسًا، فتتحوَّل المدينة من ثَمَّ إلى محطة مهمَّة على طريق تجارة النقل (الترانسيت)، ولكونها على شاطئ ضيِّق تكثُر فيه أشجار الطرفاء، كان لا بد أن يكون خشب هذه الأشجار مادةَ ما تصدِّره إلى بغداد بوصفه مصدرًا مهمًّا للطاقة، والأرض غير المزروعة التي تحيط بها كانت المجال الوحيد المتاح لرعي الماشية، وهكذا أدى موقع المدينة وبيئتها إلى تحديد جوانب حياتها الاقتصادية خلال القرون الماضية، ويمكننا أن نعرض هذه الجوانب على النحو الآتي:

 

أولاً: ملكية الأرض:

طبَّق العثمانيون، منذ أول عهدهم بالمنطقة، النظام المعروف بالتيمار، وهو نظام عثماني يختص بتنظيم ملكية الأرض، إلا أن له أيضًا جوانبه العسكرية والإدارية والاقتصادية، فبموجب هذا النظام تُقسَّم الأرض إلى ثلاث فئات، بحسب كمية ما تدرُّه من دخل، هي: خاص (يزيد وارده على 100000 آقجة[1])، وزعامة (يتراوح وارده بين 20,000 و100.000 آقجة)، وتيمار (يقل وارده عن 20,000 آقجة)[2]، وقد عدَّ العثمانيون لواء (سنجق) تكريت[3] إقطاعًا من الفئة (خاص)؛ حيث كان وارده يبلغ 217,284 آقجة[4]، وهو مبلغ يزيد قليلاً عما تدفعه كل من السناجق الأخرى في ولاية الموصل، باستثناء سنجق المركز، ولما كان هذا الوارد يمثل حصيلة مختلف الضرائب والرسوم المفروضة على مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في سنجق تكريت؛ فإنه يشير إلى تنوُّع أوجه هذا النشاط وارتفاع وارداته آنذاك.

 

وعلى الرغم من عناية واضعي سجلات الأراضي العثمانية بتصنيف أراضي تكريت وتحديد ما عليها من رسوم [5]، فقد مُنحت بعض تلك الأراضي إلى زعماء القبائل بوصفها إقطاعات عسكرية من نوع (التيمار)؛ إذ نقرأ في وثيقة مؤرَّخة في 10 رمضان سنة 972هـ/1564م أمرًا يُفيد بمنح (تيمار) لشيخ (طائفة آل عزة)، وهي قبيلة العزة الشهيرة التي كانت تتخذ من تكريت منزلاً لها[6]، على أنه تجب ملاحظة أن هذه السجلات لم تشمل أراضي السنجق (اللواء) كلها، والوثيقة الرسمية المؤرَّخة في سنة 1049هـ/1639م[7] تُشير صراحة إلى وجود مناطق في السنجق، لا سيما في منطقة سقْي نهر الإسحاقي "ليست مسجلة خواص همايونية (أيْ: إقطاعات خاصة بالسلطان) ولا وقفًا، ولا ملكًا، ولا زعامة، ولا تيمارًا"، ومعنى هذا أن المناطق المذكورة لم تدخل حتى تاريخ الوثيقة تحت أيِّ صنف من أصناف الملكية المعروفة يومذاك؛ وإنما ظلت تُعد أرضًا متروكة، أو خاضعة لسلطة القبائل العربية لا سلطان للإدارة العثمانية عليها.

 

وتشير الوثيقة المذكورة إلى أن هذه المنطقة الموصوفة بأنها "عاطلة باطلة" أيْ: متروكة تمامًا، مخمَّنة بـ 5999 آقجة، مما دلَّ على أن هذا التخمين كان نظريًّا، ولم يكن يُدفع شيء منه حتى قيام أحد شيوخ قبيلة العزة، واسمه درويش "من شيوخ جماعة عَرَّار العربي"، بتقديم طلبه إلى السلطان العثماني حول منحه الأرض "على أن يعمرها" مقابل أن "يسلم البارودخانه (أي مصنع البارود في بغداد) خمسمائة كلك [محمَّلة] من الأحطاب "فوافق السلطان على أن تضاف آقجة واحدة إلى مبلغ التخمين، فيكون تمامه 6000 آقجة، وتوضِّح الوثيقة المؤرخة في 14 ذي الحجة من السنة نفسها (19 نيسان 1640م) بعضَ ما غمض من سابقتها؛ فالشيخ درويش هنا يطالب بإسناد مشيخة قبيلة العزة وأحلافها إليه مقابل زيادة حصة ما كانت تدفعه هذه المشيخة من الحطب إلى البارودخانه (معمل البارود) في بغداد، من مائة كلك إلى خمسمائة"، وبهذا فإن الوثيقة تخاطبه باسم (شيخ آل عزة وتوابعها من طوائف الأعراب)، والوثيقة المؤرخة في أوائل صفر سنة 1049هـ/3 حزيران 1639م تنوِّه بحدوث نزاع بين بعض زعماء القبيلة على المزرعة المسماة (مزرعة جماعة العزة وغيرها الواقعة في سنجاق تكريت وناحيته)، وكانت مشيخة القبيلة تضم عشائر عديدة، انضوى بعضها تحت زعامتها لأسباب مختلفة، فهذا يدلُّ على أن إقطاع الشيخ درويش كان في الحقيقة إقطاعًا عامًّا للقبيلة التي يتزعَّمها، أو (ديرتها) بحسب المصطلح القبلي السائد في ذلك العصر.

 

ومن ناحية أخرى، فإن هذا الإقطاع كان يقرُب من نظام الالتزام الذي اتبعه العثمانيُّون أيضًا، وتوسَّعوا فيه كثيرًا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر (السابع عشر والثامن عشر للميلاد)؛ بحيث حل الالتزام محل النظام الإقطاعي نفسه[8].

 

وتذكر السجلات العثمانية نوعًا آخر من الملكية يسمى (جُولك)، والكلمة مأخوذة من العربية جَول، وتعني البرية، مما يدل على أنها كانت تستخدم كمراعٍ، إلا أن السجلات نفسها تشير إلى أن بعض ملتزميها هم "من أهل زراعة"، وأنها "خاصة بزراعة تكريت"[9]، فمن الواضح أن هذه البراري جرى تقديرها أولًا على أساس أنها مراعٍ، ثم استزرعت فيما بعد، ومما يؤكد ذلك أنه ثمة مراعٍ احتفظت بتصنيفها السابق فعرفت إحداها بـ (مزرعة جولك)، وتبلغ عدد هذه المزارع 18 مزرعة، توزعت على الجانبين الشرقي والغربي.

 

ويستدل من مقادير الرسوم المفروضة على القبائل، وهي التي تعرفها السجلات العثمانية باسم (جماعات)، على أنها نوع آخر من الالتزام لا يقع على ديرة القبيلة بوصفها أرضًا محددة؛ وإنما على ما تقوم به من نشاط اقتصادي، وواضح من تفاصيل الرسوم أنها كانت تمارس نشاطًا رعويًّا محضًا، وبالطبع فإن هذا النشاط يستلزم وجود (ديرة) من نوع ما، تتولى (الجماعة) ممارسةَ نشاطها فيها، بيد أن السجلات لا تشير إلى هذا الضرب من الملكية القبلية العامة بأية حال.

 

وثمة نوع آخر من الملكية يشبه أن يكون ملكية مؤقتة، محددة ببعض فصول السنة، ويتجلى هذا النوع من الأراضي الشاطئية المعروفة بالشطاطي (جمع شطيَّة المخففة من شاطئية)، فهذه الأرض تنحسر عنها مياه النهر في فصلي الصيف والخريف، وتغمرها في الفصلين الآخرَين، وعلى الرغم من كونها أرضًا أميرية، فإن الأُسر ذات النفوذ تقوم بوضع يدها عليها، ثم تقوم ببيعها قطعًا صغيرة إلى أسر المدينة الراغبة في زراعتها، فتكون الأرض لذلك مزرع أهل تكريت الرئيسي طيلة الموسم، وتشترك في زراعتها معظم أسر البلدة، حتى قيل: إنه كان لكل فرد في تكريت أرضه الخاصة به، يزرعها بنفسه وأسرته، وله الحق في التصرف بها، وبضمنه نقل ملكيتها، ما دامت ظاهرة صالحة للزرع، بيد أن تلك الملكية سرعان ما تزول بانتهاء الموسم نفسه، وانغمار الأرض بالمياه مرة أخرى، وعلى أية حال يمكن شراء القطعة مجددًا من ملتزميها عند انحسار المياه عنها في الموسم التالي[10].

تكريت سنة 1914

 

 

الزراعة:

لم تُعنَ سجلات الأراضي العثمانية بالإشارة إلى نوع المحاصيل الزراعية أو حتى النبات الطبيعي، عنايتَها بتحديد الرسوم المفروضة عليها، ويفهم من مقادير هذه الرسوم أن نشاطًا زراعيًّا غير قليل كان يجري حوالي تكريت؛ إذ تشير إلى أنه ثمة رسم على إنتاج الحنطة يبلغ 4140 آقجة، وآخر على إنتاج الشعير يبلغ 560 آقجة، بينما يبلغ الرسم المفروض على إنتاج الخضر 350 آقجة[11]، كما تشير إلى وجود عدد من المزارع يبلغ نحو عشرين مزرعة، تتراوح الرسوم المفروضة على كل منها بين 5200 آقجة و1700 آقجة، ويبلغ مجموعها نحو 80000 آقجة، وهو مبلغ جسيم إذا ما قورن بالرسوم المستحصلة من مناطق زراعية أخرى[12].

 

وتقع أكثر مزارع أهل تكريت في الجانب الشرقي؛ أيْ: في الجهة المقابلة للبلدة من دجلة، وهي تتفرَّق على مساحة واسعة نسبيًّا من الأرض الخصبة، بينما لا يصل عمقها (أيْ: بعدها عن شاطئ دجلة) إلى أكثر من كيلو متر واحد ونصف الكيلومتر، وقد حددت الوسائل المستخدمة للري حتى نهاية العصر العثماني هذا العمقَ؛ بسبب قدرتها المحدودة على رفع المياه إلى الأرض المجاورة للنهر، وأهم هذه الوسائل وأكثرها انتشارًا هو (الكَرْد)، الذي يتألف من وعاء من جلد البقر تجره الدابة من ضفة النهر حتى يمتلئ بالماء، إلى الساقية التي يصب فيها، ولا شك في أن وسيلة بدائية كهذه لا تصلح لسقي مناطق واسعة من الأرضين.

 

ويظهر أن رغبة بعض المزارعين في توسيع نشاطهم الزراعي، إبان أواخر القرن الثالث عشر للهجرة (التاسع عشر للميلاد) أدت إلى استعمال وسيلة أكثر تطورًا، وهي الكرود ذوات المَحاور العمودية المُسننة، التي تدور على نفسها بقوة الدواب، فترفع المياه بواسطة المُسننات إلى مستوى سطح الأرض، والتي تعرف في تكريت بالناعور، وفي مناطق أخرى بالكَرد مطلقًا[13]، وقد شاهد الرحالون هذه الكرود وهي "تروي الحقول الخصبة" هناك[14]، وحينما صارت لقبيلة شمر الكلمة النافذة في المنطقة في القرن الثاني عشر والثالث عشر (18 و19م) أصبح لزامًا على أصحاب هذه الحقول دفع ضريبة عن كل كرد من هذه الكرود إلى زعماء القبيلة المذكورة، وقد لبثت هذه الضريبة تدفع في القرن الثالث عشر للهجرة، إلا أنها تناقصت في أواخر ذلك القرن إلى حد كبير[15].

 

ونقرأ في الوثائق العثمانية، من القرن العاشر الهجري (السادس عشر للميلاد) أسماء بعض مزارع أهل تكريت، منها: مزرعة جولك فخر الدين، مزرعة جولك مكحول، مزرعة جولك العقبة، مزرعة جولك جصَّاصة، مزرعة جولك نهر مصايد، مزرعة جولك دور ألوان، وهذه كلها في الجانب الغربي، ومزرعة جولك تل النص، مزرعة جولك شوكة، مزرعة جولك مربعة، في الجانب الشرقي[16].

 

وأكثر تلك المزارع شهرة، حتى نهاية ذلك العصر، هي التي عرفت بأسماء: الخزامية، الربيضة، السمرة، الخرجة، الحيار، العالي.

 

ووفقًا للاقتصاد المعيشي السائد، فقد كان إنتاج البلدة الزراعي يكفي متطلبات أهلها الغذائية دون حاجة إلى استجلابها من النواحي الأخرى، إلا في حالات الطوارئ، وكانت الحنطة والشعير- وهما غذاء السكان الرئيس- يزرعان في المناطق القريبة من البلدة، وهي تكفي حاجتها منها تمامًا، بيد أنها قد تضطر إلى استجلاب كميات منها من الموصل إذا ما داهم حقولَها جرادٌ أو انحباس في المطر.

 

أما الخضراوات والفواكه، فكانت تُزرع على وفق نظام الملكيات الصغيرة في المناطق الشاطئية (المسماة الشطاطي)، وهي تكفي - بوجه عام - حاجات السكان، وربما زادت، فيُصدَّر الفائض منها إلى بغداد، وأكثره من البطيخ والرقي، بأنواعه الجيدة التي اشتهرت بها منطقة تكريت، مثل البطيخ (السَّبقندي)، والرقي (الأفريدوني)[17].

 

وتميَّزت تكريت بكثرة وجود النبات الطبيعي فيها؛ إذ تشير الفرمانات السلطانية الموجهة إلى بعض شيوخ العزة إلى تقديمهم كميات ضخمة من الأحطاب إلى مصنع البارود في بغداد، مما يدل على وجود غابات واسعة من أشجار الطرفاء الصالحة لاستعمالها وقودًا، وكانت هذه الغابات أكثر انتشارًا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر للهجرة (السابع عشر والثامن عشر للميلاد)، ولكنها تعرَّضت للتناقص والانقراض تدريجيًّا في القرن الثالث عشر (التاسع عشر للميلاد) بسبب استنزافها المستمر، وعدم تعويضها باستنبات غابات جديدة، وتدل الكمية الضخمة من الأحطاب التي تعهد بإنفاذها الشيخ درويش، المذكور سابقًا، والبالغة 500 كلك سنويًّا، على فداحة ما أصاب تلك الثروة الطبيعية من تدهور سريع، ومن ناحية أخرى، فإن بعض الغابات تحَوَّل - عن قصد - إلى مزارع لإنتاج مختلف الغلال، وأكثر تلك الغابات كان يقع في الجانب الشرقي، وفي الغالب فإن معظم ما كان عليه تقديمه من أحطاب يأتي منها، أما في الجانب الغربي، فكانت تتفرَّق في أماكن محددة، منها (المريزية) و(الحمرة) شمالي تكريت، و(السحل) و(جزيرة المطلع) في جنوبيها، وقد جرى انقراض معظم هذه الغابات قبل نهاية العهد العثماني[18].

 

ثالثًا: الثروة الحيوانية:

أشار واضعو سجلات الأراضي العثمانية (القرن 10هـ/ 16م) إلى وجود ثروة حيوانية كبيرة، تتألف من الأغنام والجاموس، وتقوم بعض الجماعات (وهي هنا تعني: القبائل) بتربيتها ورعيها ودفع ما يترتب عليها من رسوم[19]، وبالإضافة إلى ذلك فإن تربية الأغنام والماعز ظلت تمثِّل دعامة اقتصاد المنزل التكريتي؛ حيث لم يخلُ منزل في المدينة من معزتين أو أكثر تسمى (المنيحة)، لها رعاة مخصوصون يرعونها في البرية، وهي تستخدم لسد حاجة المنزل أولًا، لا سيما ما يتعلق منها بصباغة الصوف وغزله[20].

 

أما الجاموس، فليس من المعروف تاريخ استجلابه إلى تكريت، ومن المؤكد أنه كان موجودًا بكثرة قبل العصر العثماني، وتتوفَّر في ضفاف نهر دجلة وجزره البيئة المناسبة لتربيته، وقد ظلت غابات (المريزية) و(الحمرة) في شمالي تكريت مرتعًا لأعداد منه حتى آخر هذا العصر؛ حيث اختصت بتربيتها عشيرة (ألبو حاوي) إحدى عشائر العزة، ومن المحتمل أن أسلاف العشيرة هم الذين استجلبوا الجاموس إلى المنطقة؛ لاختصاص عشيرتهم بتربيتها في أنحاء مختلفة في وسط العراق وجنوبه[21].

 

وكان وقوع تكريت في عقدة مواصلات تجارية برية، قد خلق حاجة حقيقية لوجود أعداد كبيرة من البغال والحمير لاستخدامها في قوافل النقل، ومن هنا فقد انتشرت تربية هذه الدواب وتزايد عددها، وكان على عشائر تكريت دفع مبالغ محددة، بصفة ضريبة، عن هذه الحيوانات إلى قبيلة شمر، حينما أصبحت هذه القبيلة تبسط نفوذها على مناطق الجزيرة المجاورة[22].

 

رابعًا: الطرق التجارية[23]:

احتلَّت الطرق التجارية مكانة خاصة في الحياة الاقتصادية لبلدة تكريت إبان العصر العثماني، فهذه البلدة التي تتوسَّط المسافة بين الموصل شمالاً وبغداد جنوبًا، وبين منطقة شهرزور شرقًا والفرات غربًا، كان لا بد لها من طرق مأمونة تربطها بهذه الأقاليم، وتمارس من خلالها دورها المتميز في تجارة النقل خاصة.

 

ويمكن أن نوضح اتجاهات هذه الطرق على النحو الآتي:

1- الطرق النهرية:

استخدم مجرى نهر دجلة لأغراض نقل البضائع من الموصل إلى بغداد، وقد غلب استخدام هذا الطريق على الطرق البرية الأخرى؛ وذلك لعدة أسباب، أهمها توخي الأمن؛ حيث لم تكن الطرق البرية آمنة، وللاستفادة من تيار النهر، فضلاً عن وجود أكثر تجمعات السكان على ضفافه.

 

ويتم نقل البضائع والمسافرين أيضًا بواسطة (الكلك): ذلك المركب النهري البسيط الذي يرقى استخدامه إلى عصور واغلة في القدم، ويتكون من عدد كبير من جذوع أشجار (القوغ) المستقيمة، توضع بشكل متعامد مكونة مستطيلاً كبيرًا، وتُشدُّ نهاياتها بالحبال، وتربط تحتها (الجربان) وهي جمع (جربة) أي (القربة) المنفوخة بعدد يكفي لحملها، يَذكر الرحالة الإنكليزي بدج سنة 1888 أن مساحة الكلك كانت تتراوح بين 10 إلى 50 من الأقدام المربعة، كما يتراوح عدد الجلود المنفوخة في كل واحد منها بين 50 و1000، وتبلغ مساحة الأكلاك التي تنقل الحنطة من أرض الزاب ودجلة 40 قدمًا مربعًا وزيادة، ويشير باحث معاصر إلى أن مساحة الكلك من هذا النوع كانت تبلغ 12×11 مترًا، بينما قد تبلغ حمولته الخمسين طنًّا، وتستخدم الأكلاك عادة لنقل الحبوب والفحم والزبيب والجوز وسائر منتوجات الشمال، فضلاً عن البطيخ والرقي وبعض أنواع الفاكهة، ويدر الاتجار بهذه البضائع أرباحًا جيدة، فضلاً عن بيع المواد الداخلة في صناعة الكلك نفسه، والمؤلفة من الجذوع، وعدد كبير من الجلود، مما يباع عادة عند انتهاء الرحلة في أسواق بغداد، وربما نقلت الجلود، بعد تفريغها من الهواء وتجفيفها، على ظهور الحمير إلى المكان الذي استجلبت منه أولاً.

 

وتبلغ المدة التي يقطع بها الكلك المسافة من الموصل إلى بغداد نحو اثني عشر يومًا، وهي مدة معقولة إذا ما قيست بما تستغرقه الرحلة عبر الطريق البري، فضلاً عن متاعب السير في هذا الطريق، أما في فصل الربيع حيث يكون اندفاع المياه شديدًا، فإن الرحلة لم تكن تستغرق إلا ثلاثة أو أربعة أيام[24]، ويمرُّ الكلك بعدد من المواقع والتجمعات السكانية على جانبي النهر، ومن المحتمل أن يتوقَّف في بعضها، للتزوُّد بالطعام[25] أو للتجارة على حد سواء، ويصف لنا الرحالة بدج معالم هذا الطريق على النحو الآتي:

الموصل، حمام علي، قرية السلامية، نمرود، عوَّاي صخر المنيرة، صناديق، المشراق، مصب الزاب الأعلى، قلعة كشاف (بقايا مدينة حديثة الموصل)، قرية مكوك، القيارة، قلعة الشرقاط (آشور القديمة)، الخانوقة، صخر النمل، قلعة البنت أو قلعة مكحول، تريشة، مصب الزاب الأسفل، مصب وادي جهنم، تل مومرس، قلعة جبار، تل الذهب، الفتحة، تل الدكتلك، خان الخرنيني، قلعة أبو رياش، تكريت.

 

وأما معالم الطريق النهري بين تكريت وبغداد، فهي بحسب وصف بدج كالآتي:

تكريت، إمام دور، تل البنات، سامراء، الاصطبلات، فادسية دجلة، حوى، خان الصوية (خان المزراقجي)، تل حسين، بلد، بعرورة، السيد محمد، قبة الشواني، مصب نهر العظيم، السندية، السعاوية، المنصورية، القصيرية، الطارمية، الملوح، الكاظمية، بغداد.

 

وعلى الرغم من الأمان النسبي الذي تمتع به هذا الطريق، فإنه لم يكن يخلو من مخاطر تهدد سلامة المسافرين فيه، من اتخاذ قطاع الطرق مواضعهم على شاطئ النهر لتهديد الأكلاك المارة فيه، وذلك بالهجوم عليها أو ضربها بالرصاص بغية نهب محتوياتها[26]، وقد تكرَّرت الأوامر السلطانية لولاة بغداد بوجوب (تأديب) القبائل النازلة على ضفتي دجلة، بسبب ما كان يخشى على هذا الطريق النهري من تعدٍّ على الناس بالقتل والنهب[27]، من ذاك افتتح والي بغداد القوي حسن باشا الأيوبي عهد ولايته سنة 1116هـ/1704م بتوجيه حملة عسكرية كبيرة للقضاء على بعض قطاع الطرق الذين اتخذوا من (الخانوقة) جنوبي الشرقاط - حصنًا لهم، وقاموا بانتهاب أحد الأكلاك المارة هناك[28]، كما كان التجار يضطرون، في بعض المواسم، إلى إنزال حمولتهم إلى البر؛ حيث تنقل على ظهور الدواب، تجنبًا لمغبة اجتياز الكلك بعضَ المواضع الخطرة، ثم العودة إليه بعد إتمام اجتيازه لها[29]، كما أن مجرى النهر نفسه لم يكن خاليًا من العوائق الطبيعية، مثل وجود الصخور العالية التي من شأنها أن تمزِّق القِرَب التي ترفع الكلك أو تساعد على تعويمه[30]، وعلى العموم كان السفر في هذا الطريق صعبًا وشاقًّا[31].

صورة زيتية لتكريت القديمة، ويظهر الكلك على شاطئ النهر

 

2- الطرق البرية:

أ‌- طريق بغداد - تكريت:

يظهر أن هذا الطريق هو نفسه الذي سلكه الرحالون والسياح في العصور الإسلامية، دونما تغيير في اتجاهاته، أو في مراحله؛ حيث لم يكن ممكنًا استخدام الكلك إلا نزلًا، فوصف الشيخ عبدالله السويدي (المتوفى سنة 1174هـ/1760م) هذا الطريق سنة 1157هـ/1744م، وذكر أنه كان يتألف من خمس مراحل، تُقطَع في نحو أسبوع واحد، وهي على الترتيب[32]:

بغداد، نهر الحسيني، الفرحاتية، المحادِر، مُهَيجِر، تكريت.

 

ويذكر الرحالة نيبور أن الرحالين الأوربيين لم يكونوا يفضِّلون السفر عبر هذا الطريق؛ بسبب خُلوِّه من بقعة مأهولة خلا تكريت[33].

 

ب- طريق تكريت - الموصل:

مرَّ الراهب فنشنسو مارية بهذا الطريق سنة 1656 عادًّا إياه "أقرب الطرق أعني: طريق الصحراء"، ووصف المرحلة الأخيرة منه، وهي الممتدة من القيارة إلى الموصل، بأنها تمضي في صحراء قاحلة جرداء، وقد أحرقتها الشمس، فكان الغبار يتصاعد بكثرة من جرَّاء سير الخيول، فصعُبت الرؤية، وضاق التنفُّس، فأخذ جميع المسافرين يشدون المناديل على أفواههم، وغمرنا الغبار من قمة رؤوسنا إلى أخمص أرجلنا[34]، وفصَّل السويدي، بعد قرن من هذا التاريخ، في تعيين مراحل ذلك الطريق، فذكر أنه كان ينقسم إلى تسع مراحل، يتم قطعها في تسعة أيام، هي على الترتيب:

تكريت، وادي الفرس، قزل خان، الغرابي، البلاليق، الخانوقة، القيارة، المصايد، حمام علي، الموصل[35].

 

ج- طريق تكريت - الطوز:

وهو طريق ثانوي محلي، يستخدمه تجار تكريت، وهم غالبًا من سكان بلدة الطوز، في نقل بضائعهم إلى منطقة حمرين، وتستعمل البغال في هذا الطريق بسبب وعورته، وهذا الطريق يتألف من المراحل الآتية:

تكريت، الناعمة، حمرين، الطوز.

 

د- طريق تكريت - كركوك:

طريق ثانوي، يصل منطقة تكريت بمدينة كركوك، قاعدة ولاية شهرزور، وقد استخدمه التجار من بلدة الدور القريبة من سامراء، للأغراض التجارية مع أهل تلك المناطق، ومراحل هذا الطريق هي:

تكريت، العلم، الصفرة، الحويجة، نخيلة، كركوك.

 

هـ- طريق تكريت - ديالى:

طريق فرعي، لكنه مهم؛ لأنه يصل منطقة تكريت بسهل ديالى الغني بالفاكهة والحاصلات الزراعية، وقد اختص أهل الدور بالإتجار مع تلك المنطقة، ومراحل هذا الطريق هي:

تكريت، سامراء، الضلوعية، العظيم، ديالى.

 

و- طريق تكريت - الفرات:

طريق مهم، يصل منطقة تكريت بشاطئ الفرات، حيث تمضي من هناك طرق التجارة الدولية الموصلة بين البصرة وبلاد الشام، ويتولى الحِدِيثيون، وهم تكارتة من أهل حديثة الفرات وجوارها، الإشراف على هذا الطريق، وينقسم إلى أربع مراحل هي:

تكريت، الثرثار، حديثة، على الفرات.

 

وثمة طريق يبدأ من الثرثار، وينتهي في عانة على الفرات.

 

وتكثر في هذه الطرق الآبار، كما شيدت بعض الخانات لإيواء المسافرين، منها خان الإخوان الواقع في الطريق إلى عانة، وخان النمل قرب الشرقاط، وغير ذلك[36].

 

وأكثر ما كان يصدره التكارتة على هذا الطريق: الجلود المدبوغة، التي كانت تباع في مدن بلاد الشام، لا سيما في فلسطين[37].

 

ويؤكد أوبنهايم على أهمية الطريق الذي كان يصل بين تكريت وكل من هيت وعانة على الفرات، حيث لا تبعد هيت سوى مسيرة يومين ونصف، بينما تبعد عانه أكثر قليلاً[38].

 

وكان على القوافل أن تدفع إلى زعماء القبائل المجاورة التي تبسط نفوذها على هذه الطرق مبالغَ نقديةً باسم (خوَّة)، فضلاً عن مواد غذائية مختلفة، كالقمح والشعير والرز والسكر والقهوة والملح، وكذلك الملابس والأسلحة والبارود، وقد توقف أداء هذه الضرائب بعد أن أخذت السلطة العثمانية ببسط سيطرتها هي عن طريق تزويد البلدة، وغيرها من البلدات الأخرى، بالحاميات العسكرية[39].

 

الحرف:

غلب النشاط الحرفي على أهل تكريت، إبان العصر العثماني، قياسًا إلى سائر الأنشطة الأخرى، حتى قيل أنْ ليس من أهلها إلا من يصنع الأكلاك، وينفخ الظروف، ويغزل الصوف[40].

 

وفي الواقع فإن هذه الحرف كان يفرضها موقع المدينة الجغرافي بالدرجة الأولى، حيث تقع تكريت على أهم طريق نهري في العراق من جهة، وعند الحافة الجنوبية لمراعي الجزيرة من جهة أخرى.

 

وفضلاً عن هاتين الحرفتين الرئيستين، فقد كانت ثمة حرف أخرى لها تعلق بهما، أو أنها كانت تؤدي دورها في سد حاجة السكان الأساسية إلى المصنوعات المختلفة التي تستلزمها حياتهم اليومية.

 

وتعد صناعة الدباغة من أكثر الصناعات شيوعًا في تكريت؛ لتعلقها بصناعة الظروف (الجربان) اللازمة لتعويم الأكلاك.

 

وتشير السجلات الرسمية العثمانية في القرن العاشر للهجرة (16م) إلى وجود (الدباغ خانه) أيْ: محل دبغ الجلود، بوصفها من المرافق التي تؤدي رسمًا إلى إدارة السنجق (اللواء)[41]، ويشير المعمَّرون إلى وجود عدَّة مدابِغ في تكريت في أواخر العصر العثماني، كانت تختصُّ بدبْغ جلود الأغنام والماعز وتزييتها بالدهن لتصبح طريَّة ليِّنة صالحة لأن تكون ظروفًا للأكلاك.

 

ومن ناحية أخرى، فإن هذه المدابغ كانت تُنتِج (الفِراء) بوصفها ضربًا من الملابس، وهو يُصنَع من جلود الخراف الصغيرة، بعد دَبغها ومعالجتها بالزيوت، يرتديها أصحاب الأكلاك خاصة[42].

 

ولا تقِلُّ صناعة النسيج أهميَّة وانتشارًا عن صناعة الدباغة؛ حيث وجدت في تكريت، إبان هذا العصر، عدة آلات نسيج (تسمى جُوَم، جمع: جُومة) لغزل الصوف خاصة، وذلك بعد أن تقوم النساء بجمعه وغزله وصبْغه بوسائل بدائية في البيوت، وتشير السجلات العثمانية المذكورة آنفًا إلى وجود (بويه خانه) بمعنى المصبغة، وكانت تؤدي رسمًا عليها إلى إدارة السنجق[43].

 

وكانت (الجُوَم) المحليَّة تُنتِج أكثر ما تحتاجه المدينة من أنواع النسيج، مثل العباءات، بنوعيها: العادي، أو المعروف بـ(الجزِّيَّة)، وهو الذي يدخل في صناعته الحرير، والمقطع: وهو قميص يُصنع منه (البِشِت) وهو رداء طويل يصل إلى الركبتين.

 

وإلى جانب النسيج الصوفي، كانت ثمَّة صناعة للنسيج القطني أيضًا؛ حيث أنتجت (جُوَم) تكريت أنواعًا من النسيج المستخدم في عمل الثياب، كما أنتجت النسيج الحريري المستخدم في عمل ضروب من الأردية يعرف بـ(الجزِّيَّة= القزية) وفي عمل (الهميان)، وهو الحزام الذي يُحاك من خيوط الحرير الأحمر وغير ذلك.

 

وقد تولَّت صناعة النسيج - إبان أواخر العصر العثماني - عدة أسر توارثتها عن أسلافها حتى تمهَّرت فيها، منها بيت جمعيو، وبيت سرحان، وعوين من عشيرة الكرامات، وعطية، وغيرهم[44].

 

وتلبيةً لحاجة المدينة والقرى المجاورة إلى آلات الزراعة، فقد وُجدت في تكريت حرفة (الحِدادة) لتتوارثها بعض أسرها، لا سيما الأسرة المعروفة بالسادة الحَداحْدة؛ نسبةً إلى حرفتها نفسها، وبرز منها في العصر العثماني حدادون ماهرون، أمثال: محمد، وهدوب، وعبَّاوي، وآل عليج، وكان هؤلاء يتولَّون - إلى جانب عملهم الرئيس - مهامَّ أخرى تتطلَّبها ضرورة الدفاع عن البلدة وأكلاكها، وهي تصليح السيوف والخناجر والبنادق القديمة من نوع (شيشخان)[45]، وجميعها مما كان يُجلَب من المدن الأخرى، لا سيما بغداد والموصل.

 

وتعد النجارة من الحرف المهمَّة في تكريت؛ نظرًا لكونها من مستلزمات صناعة الأكلاك؛ حيث اختصَّ نجارو المدينة بعمل مقابض المجاديف (اليَدَّة) والفؤوس وغيرها، هذا فضلاً عن عمل الأثاث المنزلي الضروري للسكان، من أسِرَّة وصناديق ورفوف وصناعة الزوارق من نوع (القايغ)، وهو زورق كبير مُفلطح يستخدم لعبور النهر، وغير ذلك، وقد اختصَّت بهذه الحرفة أسرة (آل حويز)؛ إذ توارثها الأبناء عن آبائهم عدة أجيال، كما عُرف بها أيضًا أفراد من (بلدة) الدور القريبة الذين نزحوا إلى تكريت واستقروا بها.

 

ولا بد من الإشارة هنا إلى صناعة السراجة واليَمَنجية (الأحذية)، وقد عرف بها في أواخر العصر المذكور أفراد ماهرون، وصلتنا أسماء أشهرِهم، وهم: علي الحاج هبن، والأخوان سميان وشعبان.

 

وفضلًا عما تقدَّم، فقد كانت ثمة حرف أخرى، أهمها حرفة البناء، وممن عرف بها إبان أواخر ذلك العصر: صالح الشنيب، وعدد من البنائين، أكثرهم من بلدة سامراء[46].

جانب من شاطئ تكريت القديمة



[1] آقجة: نقد عثماني يعزى ضربه إلى السلطان أورخان سنة 739هـ/1325م، ويعني اسمه (المبيضة) أو (البيضاء)؛ لغلبة الفضة على معدنه؛ حيث يبلغ عياره 90 بالمائة، ثم تناقص هذا العيار إلى أن بلغ في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر للميلاد) 46 بالمائة، وتوقَّف ضربه نهائيًّا سنة 1230هـ/1818م، كتابنا: الموصل في العهد العثماني، فترة الحكم المحلي، النجف 1975، ص551-555.

[2] جودت باشا: تاريخ جودت، ج1 ترجمة عبدالقادر الدنا، بيروت، وجب وبوون: المجتمع الإسلامي والغرب، ترجمة أحمد عبدالرحيم مصطفى، ج1 ص72.

[3] كانت تكريت تعد في الحقبة من 1539 إلى 1551م مركزًا للواء، أو سنجق تابع لولاية الموصل، يُنظَر علي شاكر علي: ولاية الموصل العثمانية في القرن السادس عشر، عمان 2010، ص110-111.

[4] عين علي أفندي: قوانين آل عثمان در خلاصة مضامين دفتر ديوان، ترجمة ساطع الحصري، ُينظَر كتابه: البلاد العربية والدولة العثمانية، بيروت 1960، ملحق1، ص230- 239.

[5] الأرشيف العثماني، دفاتر طابو، الدفتران 195 و660 يختصان بالتنظيمات العثمانية لولاية الموصل التي وضعت أسسها في عهد السلطان سليمان القانوني في القرن العاشر للهجرة (السادس عشر للميلاد)، والدفتر رقم 195 مؤرَّخ في سنة 951 و956 (1544 و1549)، أما الدفتر رقم 660 فخال من التاريخ.

[6] الأرشيف العثماني، دفتر مهمة رقم 6 ص514.

[7] نشر يعقوب سركيس نصَّها في بحثه المعنوَن (قبيلة العزة وشيوخها في منتصف القرن الحادي عشر للهجرة)، جريدة البلاد البغدادية لدى تموز 1945 وأعاد نشرها في كتابه (مباحث عراقية) ج2، 1948، ص300-323.

[8] علي شاكر علي: تكريت في العهد العثماني 1516- 1733، بحث ألقي في الندوة التاريخية الأولى، في جامعة تكريت سنة 1990، ونشر في وقائع الندوة ج2 ص83.

[9] الأرشيف العثماني، دفتر طابو 660 ص94.

[10] أفادنيه السيد شعبان رجب الشهاب، نقلاً عن المعمَّرين.

[11] الأرشيف العثماني، دفتر طابو 660 الورقة 94.

[12] المصدر نفسه.

[13] مركز الوثائق بجامعة تكريت، مقابلة مسجلة للسيد نعمان الغني بتاريخ 7 تموز 1983.

[14] أوبنهايم: من البحر المتوسط إلى الخليج، ترجمة محمود كبيبو، لندن2009، ص255.

[15] المصدر نفسه ص257.

[16] المصدر نفسه، الأوراق 93- 94.

[17] مركز الوثائق بجامعة تكريت: مقابلة مسجلة مع السيد جمال الدين الآلوسي سنة 1983عن معمَّرين من أهل البلدة.

[18] أفادنيه السيد شعبان رجب الشهاب نقلاً عن معمَّرين سنة 1993.

[19] الأرشيف العثماني، دفتر طابو 660 الورقة 94.

[20] أفادنيه السيد مجيد الشهاب سنة 1993نقلاً عن جدِّه المعمر الحاج عثمان فرحان المتوفى سنة 1957، المتوفى عن عمر زاد على المائة سنة.

[21] تعرف منطقتهم الرئيسة في نواحي اليوسفية، جنوبي بغداد، باسم (جويميسة) تصغير (جاموسة)، ومنهم فروع تمتهن تربية الجاموس في الموصل وغيرها. ينظر جميل إبراهيم حبيب: العشائر الزبيدية في العراق، بغداد 1990، ص46- 48.

[22] أوبنهايم: من البحر المتوسط إلى الخليج ض257.

[23] بدج، واليس: رحلات إلى العراق، ترجمة فؤاد جميل، ج1، بغداد 1966، ص340.

[24] رحلة نيبور الكاملة إلى العراق، دار الوراق، لندن 2012ص340.

[25] يذكر الرحالة الأب جوزبيه سبستياني في رحلته من الموصل إلى بغداد نهرًا سنة 1666م أن ربان الكلك اضطر إلى التوقف عند شاطئ تكريت؛ نظرًا لقلة ما تبقى لديهم من طعام تزودوا به في الموصل، ولكنهم لم يجدوا محلاًّ ليشتروا منه زادًا، وفي رحلة له أخرى لم يجد إلا القليل من الطعام. رحلة سبستياني، ترجمة بطرس حداد، بيروت 2006، ص26 و90، بيْدَ أن تغيُّرًا قد حدث في العهود التالية حتى إن الرحالة لجان يذكر بأنه حينما رسا الكلك في تكريت وجد من أهلها رجالاً ونساءً يخوضون شاطئ النهر لبيع ما يحتاجه الكلك من مشتقات الحليب. رحلة لجان، ترجمة بطرس حداد، مجلة المورد 1983 العدد 3 ج12.

[26] يُنظَر: مصطفى بن كمال الدين الصديقي الدمشقي: كشط الصدا وغسل الران، في زيارة العراق وما والاها من البلدان، الورقة 16، نسخة كمبردج المصورة في المجمع العلمي العراقي ببغداد.

[27] ينظر مثلا، الأرشيف العثماني، دفتر مهمة رقم 1 وثيقة 44 بتاريخ 25 محرم سنة 972هـ.

[28] عبدالرحمن السويدي: حديقة الزوراء في سيرة الوزراء، بتحقيقنا، بغداد 2002.

[29] تافرنييه، جان بابتست: رحلة تافرنييه، ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد، بغداد 1944، ص76.

[30] رحلة سبستياني، ص90.

[31] المصدر نفسه ص91.

[32] عبدالله السويدي: النفحة المسكية في الرحلة المكية، بتحقيقنا، أبو ظبي 2003 ص 88-96.

[33] رحلة نيبور ص342.

[34] رحلة الأب فنشنسو إلى العراق، ترجمة بطرس حداد، مجلة المجمع العلمي العراقي، الهيئة السريانية، المجلد 13، بغداد 1989، ص179.

[35] النفحة المسكية ص 96 - 100.

[36] ينظر ألوا موسيل: الفرات الأوسط، ترجمة صدقي حمدي وعبداللطيف داود، بغداد 1990، ص91.

[37] أفادنيه السيد مجيد الشهاب نقلاً عن جده الحاج عثمان فرحان.

[38] أوبنهايم: من البحر المتوسط إلى الخليج ص258.

[39] أوبنهايم ص90.

[40] ياسين بن خير الله العمري: غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام، بغداد 1968، ص83.

[41] الأرشيف العثماني، سجلات الموصل دفتر طابو 660، الورقة 99-100.

[42] شعبان الشهاب: الأكلاك، بحث أشير إليه، ص113.

[43] سجلات الموصل، دفتر 660، الورقة 100.

[44] مقابلة مع السيد مولود أحمد جاسم في تكريت بتاريخ 20 أيلول 1993.

[45] الشيشخانه، من الفارسية، شيش: ستة، وخانه: بيت، وهي بندقية كان في سطح سبطانتها (ماسورتها) الداخلي ستة خطوط طولاً تساعد في دفع القذيفة بالاتجاه المباشر نحو الهدف، وتتميَّز عن سواها من البنادق القديمة بالزناد اللازم لإلهاب البارود، وبالحربة (السنكي) عليها، وتُعرف بالفرنسية باسم (فوزيل)، وهي كلمة إيطالية الأصل تعني: حجر النار، مما يدل على أن ظهور هذا النوع من السلاح بدأ في إيطاليا قبل وصوله إلى فرنسا، وقد استمر هذا النوع من البنادق مستعملاً حتى سنة 1840؛ إذ بدأ استبدالها بالبنادق ذات الكبسول، عبدالرحمن علي: تذكرة الشجعان في إصابة النشان، القاهرة سنة 1288هـ، ص82.

[46] مقابلة مع السيد مولود أحمد، تقدمت الإشارة إليها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قوافل الحج في العصر العثماني
  • مصر في كتابات المؤرخين العراقيين في العصر العثماني
  • الملامح الاجتماعية لنظام الأصناف في العراق إبان العصر العثماني

مختارات من الشبكة

  • الحالة الاقتصادية في عصر الدكتور محمد شوقي الفنجري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحالة الاقتصادية للمسلمين في المجتمع المدني(مقالة - ملفات خاصة)
  • سوء الحالة الاقتصادية يعرقل تحسين أوضاع المرأة المسلمة في مالاوي(مقالة - ملفات خاصة)
  • الهند: بيان الحالة الاقتصادية والتعليمية للمسلمين بجوجارت(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الصحافة الاقتصادية الإسلامية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الوقف على المد المتصل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حالات واتساب حزينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نبذة عن كتاب: "اللغة الاقتصادية"(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تحليل بيانات الدراسة لظاهرة الفتيات المسترجلات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهند: وزير مسلم يدعو المسلمين إلى تطوير حالتهم التعليمية والاقتصادية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب