حوار ألان فرسكين حول الفتوى وفقه الأقليات الإسلامية

حوار ألان فرسكين وعبدالرحمن أبو المجد

حول الفتوى وفقه الأقليات الإسلامية

لدينا فرصة مثيرة للتفكير حول المستضعفين في الأرض، فتاوى للمسلمين الذين يعيشون تحت حكم غير المسلمين، موضوع هام كم كنا في غفلة عنه، نبهني إليه كتاب البروفيسور "ألان فرسكين: المستضعفون في الأرض" الذي قام فيه بسرد وتسجيل جل الفتاوى الإسلامية، وقدمها للأقليات الإسلامية في كتاب جامع، لم أتحاور معه فقط عن المستضعفين في الأرض، لكننا نتحاور أيضًا عن الفتاوى التي أصدرت لأجلهم، موضوع مهم وحيوي، وحقل لم يزل بكرًا بحاجة لاهتمام الفتوى والتنظير الفقهي للتمكن من الفتوى بفصل الخطاب!

ألان فرسكين:

أكاديمي متخصص في التاريخ الإسلامي فترة ما قبل العصر الحديث، وتشمل اهتماماته البحثية: الشريعة الإسلامية، والقانون الإسلامي، والتفاعل الفكري والاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين واليهود في الشرق الأوسط فيما قبل الحداثة، والمرأة والمساواة بين الجنسين، وديناميات الأسرة، والاتصالات اللاهوتية والفلسفية، والنشاط النيو كلاسيكي في العالم الإسلامي في القرون الوسطى، المناطق الإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام هي القرون الوسطى وإسبانيا، والمغرب، واليمن.

س: في كتابك: " المستضعفون في الأرض" فتاوى للمسلمين الذين يعيشون تحت الحكم غير الإسلامي منذ العصور الوسطى إلى الوقت الحاضر، تعرض الفتاوى المتنوعة لكبار المفكرين المسلمين حول التداعيات السياسية والاجتماعية والدينية للذين يعيشون في أماكن تخضع لحكومات غير إسلامية، أولًا: ما الذي جعلك تستغرق في الفتاوى؟

ألان فرسكين: أحب دراسة الفتوى؛ لأن في الفتوى ترى الفقهاء تتصارع بجدية في مسألة كيف تجتمع نظرية الممارسة؛ ذلك لأن المفتين يحاولون بوعي تطبيق ما يرونه ليكون حقائق كونية للدين، بطرق ملموسة في حالات محددة، أصبحت أول المهتمين في الفتوى عند قراءة هذه المختارات، اثنا عشر مجلدًا من الفتاوى، شكلت القاعدة الرئيسية، كتاب: " المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب" المؤلف: أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، متوفى عام 1508) من مدينة فاس.

أدهشني كيف يجمع هذا، عند قراءة ذلك، اكتسبت ليس فقط معرفة بالشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا اطلعت على نافذة رائعة لحياة المسلمين اليومية للذين كانوا يعيشون في الأندلس "إسبانيا" والمغرب في العصور الوسطى، القراء الغربيون قليلو التعرض للفتوى كما أن الفتاوى المتاحة في الترجمة الإنجليزية قليلة جدًّا، يهدف كتابي على حد سواء منحهم فرصة لقراءة الفتاوى الحقيقية باللغة الإنجليزية، وكذلك لإظهار مدى تنوع الفكر القانوني الإسلامي.

س: لماذا كان هناك جدل حول ما إذا كان يسمح أو لا يسمح للمسلمين العيش تحت حكم غير مسلم؟

ألان فرسكين: هناك عدد من الأسباب لهذا سوف أذكر سببين فقط، حقيقة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم اختار أن يترك مكة الوثنية من أجل تشكيل نظام سياسي إسلامي، اقترح للكثيرين أن يعيشوا تحت حكم مسلم ليكون من الأفضل، كان النقاش حول معنى المصلحة / مسألة الرعاية الاجتماعية (maslaha) للمجتمع المسلم أيضًا، وفقا لذلك، لزم على الفقهاء أن يحددوا ما إذا كان العيش تحت الحكم غير الإسلامي فائدة صافية أو خسارة صافية للمجتمع المسلم ككل، على سبيل المثال: ناقش بعض الفقهاء حالة المسلمين الذين يعيشون تحت الحكم غير الإسلامي هل سيكون له تأثير لتوسيع دار الإسلام أو سيكون له تأثير لإفساد الإسلام من خلال التعرض للمؤثرات الخارجية؟

س: كان رشيد رضا، المفكر الإسلامي الأكثر تأثيرًا في أواخر القرن التاسع عشر وإلى أوائل القرن العشرين، ما كان نهجه في مسألة إقامة المسلمين في ظل حكم غير إسلامي؟

ألان فرسكين: ربما كان رشيد رضا أول مسلم له شهرة عالمية خلال حياته، قال: إنه تلقى طلبات للحصول على فتاوى من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، وحتى من الولايات المتحدة والصين، علمه بأحوال العالم الإسلامي العالمي وضعه في موقف جيد لكتابة فتاوى حول قضية المسلمين الذين يعيشون في الأراضي غير المسلمة، تعقد جوابه، على الرغم من أنه أفتى المسلمين التونسيين بعدم قبول الجنسية الفرنسية في تونس تحت حكم الاستعمار الفرنسي؛ لأنه كان على علم بأن قبول الجنسية الفرنسية يشارك أيضًا في إنكار قوانين الشريعة الإسلامية، إلا أنه أفتى للمسلمين البوسنيين بجواز البقاء في أراضي البوسنة التي كانت تحت الاحتلال النمساوي المجري؛ على أساس أنهم في البوسنة رغم الاحتلال لا يزالون قادرين على ممارسة دينهم علنًا.

س: ذكرت في كتابك أن ابن تيمية كون نهجًا جديدًا بشأن ما إذا كان يمكن أن يعيش المسلمون في ظل حكم غير إسلامي، هل يمكن الإسهاب في ذلك؟

ألان فرسكين: ابن تيمية كانت له قدرة فذة في استنباط الفتوى، وبناء عليها قرر ما إذا كانت بلدة ماردين، التي احتلت من قبل المغول، تعتبر دار إسلام أو دار حرب، قال: إنه لا يريد أن يقول: إنها دار إسلام؛ لأن هذا من شأنه أن يعطي تبريرًا دينيًّا للمغول الذين لا يعتقد أنهم مسلمون حقيقيون، وعلى الرغم من أنه لا يريد أن يطلق عليها دار حرب؛ لأنه وفقًا لفهمه للشريعة الإسلامية في ظل هذه الظروف فإن مسلمي ماردين سيضطرون لترك الأمر، بدلاً من ذلك قال: إنه كان في ماردين فئة وسيطة جديدة، والتي لم تكن بدار إسلام ولا بدار حرب؛ وفقًا لذلك، قال: إنه يسمح للمسلمين أن يبقوا في المدينة، وأضاف: لكنهم لا يزالون بحاجة للتحرك ضد أولئك الذين انتهكوا القانون الإسلامي، يقصد المغول، يمكنك قراءة المزيد عن تفاصيل موقف ابن تيمية في كتابي.

س: وماذا عن الفتاوى ردًّا عن الخسائر الإقليمية للأندلسيين في إسبانيا المسيحية، مثل فتاوى الونشريسي للمسلمين في ماربيا؟

ألان فرسكين: جادل الونشريسي لأنه لم يكن مسموحًا للمسلمين العيش في إسبانيا المسيحية، في ضوء فتوى الونشريسي قال: على المسلمين الذين بقوا في ماربيا حصرًا لغرض إعطاء الإرشاد الديني للمسلمين؛ حتى لا ترتكب الخطيئة من قبل الذين يعيشون هناك، لقد ذهبت إلى أن استجابة الونشريسي تشكلت من قبل السياسة في عصره، المسلمون الذين بقوا في إسبانيا المسيحية ظلُّوا يدفعون الضرائب لحكَّامها، وحتى قاتلوا في الجيوش المسيحية ضد المسلمين؛ لذا كان ينظر إليهم باعتبارهم تهديدًا ملموسًا لدار الإسلام، وحظر معيشتهم في الأراضي المسيحية، لم يستجب كل المسلمين لفتوى الونشريسي على الرغم من قوة شهرته بوصفه فقيهًا جعلت منه صوتًا قويًّا.

س: هل فتاوى الونشريسي أثَّرت بقوة في مسلمي الأندلس؟

ألان فرسكين: غادر كثير من المسلمين الأندلس عندما تم غزوها من قبل الجيوش المسيحية، فمن المستحيل أن نعرف أغادروا جميعًا أم لا، بسبب فتاوى مثل التي أصدرها الونشريسي، كثير من المسلمين لم يك بحاجة إلى فتوى لتشجيعهم على الرحيل، الحرب العرقية الطاحنة والسياسات التمييزية يمكن أن تكون كافية لإقناعهم لجعل منازلهم في أماكن أخرى.

س: ماذا عن الفتاوى الموجهة إلى المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة في نهاية القرن العشرين؟

ألان فرسكين: في الولايات المتحدة، اقترح عدد من قادة المسلمين أن الشريعة الإسلامية يمكن تكييفها لجعلها أسهل بالنسبة للمسلمين الأمريكيين للمتابعة، زعيم من هؤلاء، هو طه جابر العلواني، كرس فرعًا جديدًا في الشريعة الإسلامية لهذا الغرض، والذي وصفه بأنه "فقه الأقليات"، فقهاء آخرون مثل الفقيه السوري الراحل سعيد رمضان البوطي، اعترض على فقه الأقليات، على أساس أنه غير مقبول تعديل الشريعة الإسلامية عن طريق إعادة صياغة بشكل فعال في الصورة الغربية.

س: كيف تنظرون إلى التأثير المستقبلي لهذه الفتاوى على المسلمين في الغرب وفقه الأقليات في القرن الحادي والعشرين؟

ألان فرسكين: من الصعب جدًّا التنبؤ بالمستقبل، في حين أنه من الواضح أن المعارضة لفقه الأقليات، ستظل موجودة دائمًا، يبدو واضحًا أيضًا بغض النظر عن رأي المفتين والمسلمين في الغرب، سوف يتكيف إسلامهم مع الظروف الفريدة في حياتهم، وبالتالي فإنه يبدو من المرجح أن يكون هناك أيضًا عدد كبير من المفتين الذين لهم رؤية لهذا، سيتم الاقتناع بتكييف الشريعة الإسلامية لتلبية احتياجاتهم، أعتقد أن كتابي يبين أن المسلمين المعاصرين الذين يعيشون كأقليات في الواقع لديهم النصوص والتقاليد للاستفادة، هذه النصوص لا تتفق جميعًا مع بعضها البعض، لكنها في حوار مع بعضها البعض، عديد من الفتاوى مكتوبة من قبل علماء على دراية ومكرسين لتقاليد الشريعة الإسلامية.

عبدالرحمن أبو المجد: شكرًا لكم على هذه المقابلة القيمة.

ألان فرسيكن: شكرًا لكم على هذه الدعوة لإجراء هذه المقابلة.