• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الفجوة الكبرى بين العامة والعلماء والدعاة

مصطفى مهدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/8/2014 ميلادي - 28/10/1435 هجري

الزيارات: 3388

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفجوة الكبرى بين العامة والعلماء والدعاة


إنَّ الله -تعالى- قد أخذ الميثاق على العلماء ليُبَينُنَّ الحقَّ للنَّاس ولا يكتمونه، وبذل العلماء العهد والميثاق بالعمل على نصرة الدّين وتبليغه للنَّاس في كلّ مكان، وإرشادهم إلى ربّهم وإلى ما فيه صلاحهم في الدّنيا، وفلاحهم في الآخرة.

 

ولمَّا كان الدّينُ في هيْكلِه لا يقوم إلاَّ بالرَّابطة المحقّقة بين حاجات النَّاس وبذْل رجل الدين، وبين المُلقِي والمُتلقِّي، كان من المقرَّر الَّذي تؤكّده العقولُ أن يكون هناك نوعٌ من التَّواصُل الدَّائم بين العلماء والعامَّة؛ لتفعيل وتنشيط الدّين في حياة النَّاس؛ ليكون هو المصْدرَ الأوْحد لخلفيَّاتهم وتوجُّهاتهم وأهدافهم.

 

والنَّاظر في الحياة المعاصرة يَجد أنَّ الدّين في حياة النَّاس قد حلّ محلَّه كثيرٌ من الخلفيَّات والمنطلقات، وعلى إثر ذلك خفتَ ضوءُه في حياة كثير من المسلمين، وصارت توجُّهاتهم وخلفيَّاتهم مسْتقاة من منابع أخرى غير مشكاة الوحي والرسالة، فشكَّل ذلك الواقع الذي نراه الأهداف البعيدة عن نصرة الإسلام والمسلمين، في ظلّ الرَّغبات والأغراض الَّتي ما هي إلاَّ ردّ فعل للتَّشكيل الرّوحي والفِكْري، والخلفيَّة التي نشأ عليها المنتسبُ للإسلام، فلو كانتْ هذه الخلفيَّة وهذا المدد إسلاميًّا لرأيتَ التوجّه الإسلامي، أمَا وأن المدَد غير إسلامي فلا جرم أنْ تكون التوجُّهات غير إسلاميَّة، على الوجه الَّذي نراه في واقعنا المعاصر.

 

ومن المؤكَّد أنَّ هذه المشكلة الخطيرة لا ينفرِد بها سببٌ معيَّن، ولكن هي جُملة من الأسباب تضافرتْ على تشكيل هذا النّموذج المعاصر من المسلمين، ومن أخْطر الأسباب التي ترتّب عليه ما نراه من التّيه والشّرود والانفلات في حياة المسلمين؛ بل إنَّه سبَب يزْداد مع الوقْت ويصعب رأب صدْعِه وإن كان لا يستحيل، هذا السَّبب من وجهة نظري يندرِج في مفهوم الرّعاية والعلاقة بين الرَّاعي والرَّعيَّة بالمعنى العامّ لا بالقصْر على السّلطة الحاكمة، وإن كان هو نوعًا من الحكم، ولكن الحكم الدّيني المفترض شغف القلوب به وشوْقها إليه، لا الحكم السّلطاني على الوجه المعاصر.

 

ومن المعلوم أنَّ الله -تعالى- قد جعل للعلماء ولاية على العامَّة من المسلمين، فهُم الصِّلة بين النَّاس والله تعالى، وليس هذا على المعْنى النَّصراني الكهنوتي، ولكن بِمعنى أنَّ الله -تعالى- قد قرَّر في كتابه أنَّ النَّاس إمَّا عالم، وهم أهل الذِّكْر، وإمَّا عامّي، وهم مَن يلجؤُون لأهل الذِّكْر، وعملُ أهل الذِّكْر هو ردُّ النَّاس إلى كتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم -صلى الله عليه وسلم- وردّ النَّاس عن المناهج المعوجَّة إلى المنهج القويم، وكذلك الأخْذ بأيدي النَّاس إلى الله -تعالى- وإلى طريقِه، لا الدَّعوة إلى أنفُسِهم، ولا أن يكونوا آلهة من دون الله؛ بل هم يعرِّفون النَّاس الطَّريق إلى الله تعالى، ثمَّ يتركونَهم في السَّير إليه، ويتابعونَهم في طريق سيرِهم؛ ليردّوهم إذا ما عرض لهم عارض يَجذبهم عن المهيع القويم.

 

فالعُلماء لهم ولاية على قلوب النَّاس وعقولهم، ليس بمعنى السَّيطرة؛ بل بمعنى المسؤوليَّة الَّتي تستلزم منهم صرفَ هذه القلوب والعقول عن الشَّرّ إلى الخير، وعن طريق الغواية إلى طريق الهداية، وعن الطّرق التي تنأى بِهم عن المنهج الربَّاني إلى السّبل الَّتي تقرّبهم من الجادَّة الإلهيَّة، فلنعلم أنَّ الأمر على هذه الدَّرجة من الأهمّيَّة التي تبيّن أنَّ العلماء مسؤولون عن أحوال المسلمين المختلفة، وعن أفكارهم وثقافتهم، وعقولهم وقلوبهم، ومناهجهم وأهدافهم، بحيث يكون ذلك على منهج الله تعالى، ولله سبحانه.

 

ولكن النَّاظر للواقع المعاصر يَجِد أنَّ هذه الولاية وهذه الرّعاية، قد تقلَّص أثرُها تدريجيًّا، وسرعان ما صارت هناك فجوة كبيرة بين العلماء والعامَّة من النَّاس، وهذا يعني أنَّ هناك فجوة بين النَّاس وبين الطَّريق الموصل إلى الله تعالى، ممَّا يدلّ على أنَّ هناك فجوة بين النَّاس وبين الله تعالى، وهذا ليس من مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ بل هي الهلاك في الدَّارين.

 

وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ السَّبب في وجود هذه الفجوة الواقعة بين العامَّة والعلماء، مشتركٌ بينهما، فلا ينفرد واحد منهما عن الآخر في هذه القضيَّة الكبرى، التي تمثّل من وجهة نظري خطرًا على الهيكل الإسلامي وتفعيل أثرِه في الحياة بجميع مناحيها.

 

فالدّين لا يطبَّق إلاَّ من خلال الناس، والنَّاس يستقون التعاليم الدينيَّة على المنهج الصَّحيح من خلال أهل العِلْم، كما قرَّر الله -تعالى- ذلك في كتابه في ثلاثة مواضع؛ حيث أمر بسؤال أهل الذِّكْر في موضعين، وأمر بالرَّدّ إلى العلماء الَّذين يستنبطون العلم في موضع ثالث، فإذا ما حدثت الفجوة بين العلماء والنَّاس بدتْ آثارُ ذلك محقَّقةً بين العامَّة والدّين؛ إذ تبرز سماتُها في حركات النَّاس وسكناتهم، في عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم، من بيع وشراء، ونكاح وطلاق، وحقوق وجنايات، إلى آخر تلك القائمة الَّتي لا تخلو من حُكْم شرْعي.

 

ولو أردْنا سدَّ هذه الفجوة، فلا بدَّ أن نبحث عن أسبابِها، ثمَّ ننتقي من العلاج ما يكون مناسبًا للواقع الاجتماعي والثَّقافي والبيئي لكثير من المجتمعات الإسلاميَّة المعاصرة، تلك الوسائل الَّتي على إثرها ومع مرور الوقْت - بأمر الله تعالى - تُعاد العرْوة الوثقى بين العُلماء والعامَّة.

 

والأسباب الَّتي تضافرتْ في صنع هذه المِحْنة ليست قاصرة على العامَّة فقط؛ بل للعلماء والمنتسِبين للعلم أثرٌ كبير في ذلك، ولأنَّهم هم الأقوى بما معهم من العِلْم الربَّاني، فهم الأكثر مسؤوليَّة عن العمل على حلّ هذه الإشكاليَّة، وبذل غاية الجهد - بقطع النَّظر عن النَّتائج - لردّ النَّاس إلى العبوديَّة، وتحكيم الشَّريعة في جميع مظاهر حياة الشّعوب والمجتمعات الإسلامية.

 

ويمكن أن نُجْمِل أسباب هذه المِحْنة في قسمين:

الأوَّل: أثر العامَّة في صنع هذه المشكلة، وهذا مردّه إلى:

1- التَّفريط بترك السّؤال عن الواجب الدّيني الَّذي امتثاله الغاية من الخلْق.

 

2- الانخداع بالشَّهوات والشُّبهات الَّتي لا يكفّ الأعداء عن بثِّها صباحَ مساء عبْر كلِّ قناة تصبّ في عقول وقلوب المسلمين.

 

3- فقد الثِّقة بكثيرٍ من أهل العلم على إثر ما فعله الاحتلالُ والغزْو الثَّقافي من تشْويه صورة رجل الدين وجعْله مادة للسخرية والاستهزاء، ومشاركة كثير من المسلمين في هذا الأثر عبر الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، ممَّا جعل رجُل الدّين ليس له المهابة والاحترام المطلوب بين كثير من العامَّة.

 

الثاني: أثر العُلماء أنفُسهم في صناعة هذه الأزمة، ويمكن الإشارة إليه عبر النقاط التالية:

1- التَّقصير في العمل الَّذي نِيطَ بالعُلماء والدّعاة، تحت مسمَّى البحث عن مصادر الرّزق وكسب العيش، الَّذي دفع العالِم أو الدَّاعية إلى قضاء وقت كبيرٍ في طلب المعاش، ممَّا يعود بالأثر السيّئ على الدَّعوة ورعاية العامَّة.

 

2- ظهور الرَّغبات المادّيَّة عند كثير من المنتسبين للعلم بطلب الترقّي في سلَّم الحياة، والسَّير نحو الترفُّه في المعاش، الَّذي جعل كثيرين لا يرْضَون بالكفاف وما قاربه.

 

3- الانخِداع بالمسمَّيات والألقاب الفارغة في كثيرٍ من الأحيان عن الفحْوى والمعنى؛ كالبحث عن نيل لقَب الدكتور والأستاذ ونحو ذلك، ممَّا جعل العالم أو الدَّاعية ينفصل عن واقع العامَّة ويحيا بين رفوف مكتبتِه مع كتبه وقلمه، وهذا وإن كان مطلوبًا، وهو أكثر ما يمكن أن يردّ المرء به الحياة إلى قلبه، لكن لا أقلَّ من تقسيم الوقْت بين تلبية حاجة النَّاس وتلبية الحاجة الشَّخصيَّة، وأقول هذا لأن كثيرًا من المسائل العلميَّة التي يمكن أن يصِل المرء فيها إلى ترْجيح أو توجيه لا تستلزم قضاء الوقت الطَّويل في إعداد رسائل علميَّة مبنيَّة على جملة من المقدّمات والمسلَّمات المسطّرة مسبقًا، للوصول إلى النتيجة التي لا تستغرق عدَّة صفحات، ويزيد شيئًا ما بالأمثلة، بالإضافة إلى التَّأثير السيّئ الَّذي يحدثه التقيّد بالتَّعليم والكادر الجامعي، الَّذي يستفرغ قوى العلماء ذهنًا وقلبًا، ثمَّ تكون الآثار على الوجه الذي لا يخفى على أحد.

 

4- المعاصي التي يتلبَّس بها المنتسبون للعلم، والتي تكون سببًا في إحداث نوع من المباعدة بينهم وبين العامَّة، ممَّا هو أثر لتلك المعاصي، الَّتي هُم أولى الناس بالبعد عنها والتَّوبة منها.

 

5- انزلاق كثيرٍ من المنتسبين إلى العلم في المكايِد الَّتي صنعها لهم الأعداءُ، تحت مسمَّى الأخوَّة والإنسانيَّة والشؤون الاجتماعيَّة والجمعيَّات الخيرية، ممَّا كان له الأثر الفعّال في إقصاء العلماء من حياة النَّاس، حين تقاسموا مهمَّة الرعاية والولاية مع أعْداء الإسلام، تحت مسمَّى الجمعيَّات الخيرية لا الولاية الشَّرعيَّة، وبات هؤلاء الخصوم يتولَّون التَّوجيه أسوة بالعلماء أو معهم جنبًا إلى جنب؛ بل يفوقونَهم في أحيان كثيرة لما يُبذل لهم من آليات لا يظهر أثرُها إلا بعودة المسلمين القهقرى.

 

6- الانعزال عن العامَّة وعدم مشاركتهم مشاكلهم وحاجتهم، والتَّقصير في السَّعي لقضاء حوائجِهم قدر الاستطاعة.

 

أقول هذا في الوقت الذي قد يستعين فيه بعضُ المسلمين ببعض العُلماء، ويلجؤون إليهم في مشاكلهم، فلا يَجدون عندهم إلاَّ الصَّدَّ والإعراض، وكفَّ الندى، وبذْل الأذى؛ لانكبابهم على حياتهم ووجهاتهم.

 

نعم، قد يكون من الصَّعب أن يتفرَّغ المرء لحلّ مشاكل النَّاس؛ لما نيط بالمرْء من أعباء شخصيَّة وأسرية وعلميَّة، ولكن لا أقلَّ من أن يُخصّص وقتًا لرعاية الإخوان، خصوصًا في هذه الأزمنة التي فتحت فيها أبواب الكنائس، ونوادي الليونز والروتاري الماسونية تحت مسمَّى: الجمعيَّات الخيرية، وغلّقت فيها أبواب المساجد تحت مسمَّى: الدواعي الأمنية.

 

7- البُعد المنهجي الإصلاحي الَّذي لا صلة له بالإسلام الصَّافي من قريب ولا بعيد، فإنَّ الخطأ في المنهج يؤدّي لخطأ ولا بدَّ في النتائج والآثار.

 

بصراحة، إنَّ الأمر يحتاج إلى وقفة من العلماء والدعاة، فهُم أوْلى النَّاس بأخذ زمام الأمور وتولّي القيادة والرعاية والكلاءة، بما أُخذ عيهم من العهود والمواثيق، وهم أوْلى مَن يقود توجيه النَّاس وردّهم إلى العبوديَّة وامتثالها في شتَّى مناحي الحياة، وهُم أوْلى النَّاس باستغلال ما في فطرة البشريَّة من الميل إلى الله -تعالى- وإلى دينِه، حتَّى ولو علا الصدأُ قلوبَ الكثيرين، فعملهم أن يَجلوه بنور الوحي والرّسالة، مع ما في قلوب الكثيرين من ثِقة في العلماء الرَّبَّانيّين ولو غطَّت في سبات عميق طال وقته، ولكن لو استُنفرت لنفرت، ولأذهبت الرَّان عن بصيرتها، ولتشبَّثتْ بذيْل النَّجاة والموالاة للحقّ وأهله، وعلى ذلك فالعُلماء والدّعاة مطالبون بإِيجاد هيْكل عامّ منظَّم واضح المعالِم، يتولَّى الكثير من المهامّ في حياة المجتمع الإسلامي بصفة دائِمة دوريَّة، مبنيَّة على تناوب المشاركين على مدار اليوم؛ لتفْعيل أثر العُلماء والدُّعاة.

 

وهذا على الوجه الآتي:

1- إدْراك الواقع، وأنَّه ليس الحين حين النّصح مِن على المنابِر ودروس المساجد فقط في يومٍ أو ساعةٍ معيَّنة؛ بل الأمر يَحتاج للمداومة والتَّناوُب على تولّي زمام الدَّعوة والتَّصحيح والتَّوجيه بدوام الدّروس، وتفْعيل الدّين في حياة النَّاس، وإيجاد المرجعيَّات في شتَّى المؤسَّسات، والمتخصّصين في مختلف الهيئات، وعدم التذرّع بالموانع الَّتي إن تعلَّقت بشخصٍ لم تتعلَّق بآخَر، ولأنَّ هذا منهج لا ينحصر في فردٍ؛ بل تمثّله جماعة يتعاقب أفرادها على تقديمه ونشْره وتخطّي كلّ العقبات - بفضل الله تعالى ومنّه.

 

2- المرجعيَّة الشَّرعيَّة التي تتولَّى الفتوى، والَّتي يُمنَع منها مَن ليس أهلاً لها، بالإضافة إلى إدراك عدم انحِصار علم المفتي في شمول وسعة الخلفيَّة الشَّرعيَّة؛ بل الألْصق بالفتوى هو إدراك واقع النَّاس وحقيقة المشاكل الَّتي يعانيها الفرْد؛ لتكون الفتوى جامعةً مؤثِّرة؛ فالعالم في حاجةٍ إلى الخِبْرة بالنَّاس، وفهْم النَّفسيَّات والبيئات الَّتي لا تُكتسَب من خلال الدّراسة؛ بل بِملابسة الوقائع، وخوْض غمار الحوادث على مرِّ السِّنين، مع المواهب الفطريَّة والمكتَسَبة الَّتي من المفترَض أن يتَّسم بها العالِم المفْتي.

 

3- المرجعيَّة الشَّرعيَّة الَّتي تتولَّى النُّصح والإرشاد الاجتماعي، في ظلّ هذا الخلط الكبير بين المفاهيم والأفكار، وفي ظلّ الصورة الواقعيَّة للمجْتمعات الإسلامية، فمثلاً لا يأْتي عالم من العُلماء ويُطالب بالمنع من الاختِلاط المستهْتر في الجامعات، فهو وإن كان محرَّمًا، إلاَّ أنَّ إدراك الواقع له أثرٌ في هذا، فلا السُّلطة تَستجيب، ولا الطَّلبة يَستجيبون، ولا حياةَ لِمَن تُنادي، ولكن إن تعاملْنا مع الواقع ولو لمدَّة زمنيَّة نصلح فيها من هؤلاء الأفراد، لصار المُنادي بالفصْل هم الطلاَّبَ أنفُسهم، ومن ثمَّ سيمثّلون جبهة ضغط لا تستطيع أيّ قوَّة معارضتَها، فليدْرِك العلماءُ أنَّ الإصلاح لا يُبدأ به من خلال الهيْكل العامّ قبل البدْء بالجزئيَّات والأفراد الَّتي تشكّل هذا الهيكل العامّ، وهو الموافِق لسنَّة التدرّج، والموافق لترْسيخ المفاهيم والعقائد والسّلوكيَّات، فالأفراد هم الَّذين يشكّلون المجْتمعات، فلو أصلحنا من الأفراد لصارتِ المجْتمعات في الجملة تَموج بالخير والصَّلاح، فلا أقلَّ من تربية جيل أو اثنين يُكتب لهم بأمْر الله -تعالى- النَّصر والتَّمكين، وهذا لا يعني الكفَّ عن الدَّعوة التي تناشد المجتمع؛ بل المراد التَّركيز على الدَّعوة الَّتي تصحّح من مناهج الأفراد.

 

4- توفير المرجعيَّة المعنويَّة والمادّيَّة الَّتي تقوم بقضاء حوائج المسْلمين، وإشباع الرَّغبات والحاجات الأساسيَّة، ورصْد الأموال الطَّائلة لهذه الجهة، وحثّ أهل الخير ورِجال الأعْمال على البذْل والمُشاركة في أثر فعَّال لخدمة الإسلام والمسلمين، وإقناعهم بعظَم هذا العمل والحاجة الَّتي يُعانيها المسلمون، وموازنة ذلك بالعمل الَّذي تقوم به المؤسَّسات الكُفْريَّة والإلحاديَّة، فلعلَّ الله -تعالى- يكتب لملايِين الدولارات التي تُنفَق على مدرّبي كرة القدَم أن تكون دعمًا للإسلام والمسلمين، وليحْرِصْ العُلماء على انتِقاء الأشخاص الَّذين لا يتسرَّب ريْب من خلفِهم إلى قلْب المموّل؛ حتَّى لا يظن أنَّ التَّمويل لعملٍ ما، لا للمساعدة الدَّائمة في تلْبية حاجات المسلمين.

 

وفي ذيْلِ هذه الإشارة أقول: إنَّ الأمر يَحتاج للتَّعاون، وتوْحيد الصَّفّ، وتضافُر الجهود، ووحْدة المنطلق، والهدف اللّجوء إلى الله -تعالى- خوفًا وطمعًا، رغبةً ورهبةً، ولا أقلَّ من أن يقوم كلٌّ منَّا بالَّذي يستطيعه علميًّا وماديًّا ومعنويًّا لنصرة الله -تعالى- ورسوله إعذارًا وإنذارًا.

 

ولعلَّهم يرجعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفجوة بين الفكر والفعل
  • الفجوة الرقمية
  • أبناء العلماء والدعاة

مختارات من الشبكة

  • الفجوة الرقمية بين الآباء وجيل الإنترنت: دراسة مكتبية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التواصل بين الأجيال وضرورة ردم الفجوة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الاستشراق وأثره في علاقة الإسلام بالغرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الدوام الآلي والإنساني وما يترتب عليهما من إجراءات "فلسفة قانونية"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فجوة المعرفة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • فجوة الغياب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الثروة السمكية وسد فجوة الأمن الغذائي العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إندونيسيا: مجلس العلماء يحذر من عواقب حظر النقاب بفرنسا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لا إله إلا الله محرك الوعي الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب