• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

نظرات في كتاب معاملات البنوك وأحكامها الشرعية (PDF)

د. عبدالعال أحمد عطوه

عدد الصفحات:12
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 20/7/2014 ميلادي - 22/9/1435 هجري

الزيارات: 70685

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

نظرات في كتاب معاملات البنوك وأحكامها الشرعية

لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي


 

أعجبني في مطلع هذا الكتاب قولُ مؤلفه: "إن الذين يُفتون في شأن المعاملات التي تُجريها البنوك والمصارف عن جَهْل، أو عن هوى، أو عن سوء نيَّة - يرتكبون في حقِّ دِينهم وفي حق أُمَّتهم أفحشَ الأخطاء".

 

وأرى أن هذه الكلمة حق وصدق؛ لاشتراك الأصناف الثلاثة في البُعد عن الشريعة، أما المُفْتون عن هوى أو عن سوء نية - وإن كان بينهما تداخل؛ إذ الهوى لا يخلو من سوء نية، وسوء النية لا يخلو من الهوى - فلا حيلة لنا فيهم؛ إذ الهوى يُعمي ويُصِم، وسوء النية قلما يرد صاحبه إلى الصواب، وهؤلاء وأولئك حسابهم على الله، ولكن نسأل الله تعالى لهم البُعد عن الهوى والغرض، وأن يجعلنا وإياهم على حُسْن النيَّة وسلامة الطوية، والرجوع إلى الله تعالى.

 

وبعد، فإن طائفة ترى أن إيداع الأموال في البنوك وصناديق التوفير، وأخذ الأرباح المحددة عليها: أمر مشروع ومُباح؛ على أساس أن ذلك نوع من أنواع المضاربة التي أقرَّتها الشريعة الإسلامية.

 

وقد دافع مؤلِّف الكتاب عن هذا الرأي، وأيده بشُبَهٍ سنذكرها فيما بعد، وقبل إيراد هذه الشبه والرد عليها، نقول: إن المؤلف حاول أن يجد لهذا القول سندًا من أقوال فقهاء الصحابة أو التابعين، أو من فقهاء المذاهب المعتبرة، الذين دُوِّنت مذاهبهم، أو التي لم تُدوَّن، ولكنها منثورة في بطون كتب الفقه العام أو الخاص، ولكنه لم يجد، فلجأ إلى الاستشهاد بأحد فقهاء العصر، الذي أفتى بحل فوائد دفاتر توفير البريد، بناء على أن إيداع الأموال في صناديق توفير البريد نوع من أنواع المضاربة، وأن القول بأن تحديد مقدار مُعيَّن من الأرباح لأحد المتعاقدين يُفسِد عقد المضاربة، قول لا دليل عليه من الكتاب والسُّنَّة، وقد نشرت هذه الفتوى بمجلة لواء الإسلام[1].

 

وقد ردَّ على هذه الفتوى فضيلة أستاذنا وشيخنا الشيخ عبدالرحمن تاج شيخ الأزهر الأسبق، وفضيلة الشيخ محمد أبو زهرة - عليهما رحمة الله تعالى - ونُشِر هذا الردُّ بمجلة لواء الإسلام أيضًا في الأعداد التالية للعدد المذكور بعد فترة قليلة من نشر الفتوى، وقد بلغني أن هذا الرد نُشِر أخيرًا بمجلة الأزهر الغراء[2].

 

وقبل أن أدخل في صميم الموضوع بذِكْر الشبه التي ساقها المؤلِّف لتأييد هذه الفتوى والرد عليها، أذكر واقعة تَختصُّ ببيان هذا الموضوع وإلقاء الضوء عليه، كان زمنها عَقِب هذه الفتوى، حدَّثني بها زميل لي من العلماء العاملين بالقِسْم الفني بدار الإفتاء المصرية في ذاك الوقت، واسمه الشيخ بدر - رحمه الله تعالى حيًّا أو ميتًا - وهي أنه عَقِب هذه الفتوى مباشرة كتبت دار الإفتاء إلى إدارة صندوق توفير البريد تسألها فيه عن حقيقة وطبيعة الأموال المودعة في الصندوق ونشاطها الاستثماري، فأفادت الإدارةُ المذكورة دارَ الإفتاء بأنها تقوم بإقراض هذه الأموال بفائدة تعطى المودعين بعضها، وتأخذ هي البعض الآخر؛ أي: إنه لا يوجد لدى إدارة صندوق التوفير أي نشاط صناعي أو تجاري أو زراعي، أو غيرها من أنواع الاستثمار المشروع، وبالتالي لا يوجد أي عقد استثماري بين المودعين - مضاربة أو غيرها - ولا بين إدارة الصندوق وغيرها من جهات الاستثمار، وإنما الأرباح عبارة عن فوائد ربوية ناشئة عن عمليات الاقتراض، وبهذا تنهار الفتوى وما بُنيت عليه وقت نشر الكاتب لها بمجلة لواء الإسلام.

 

ونعود بعد ذلك إلى ذِكْر الشُّبه التي أيَّد بها المؤلف جوازَ التحديد ومشروعيته، فنقول:

الشبهة الأولى: أنه لا يوجد دليل شرعي يمنع من أن يقوم أحد المتعاقدين في المضاربة بتحديد الربح مقدمًا، ما دام هذا التحديد قد تَمَّ بتراضيهما، وبناء على ذلك فإنه لا مانع من أن يقوم البنك المستثمر للمال بتحديد ربح معين في عقد المضاربة الذي يكون بينه وبين صاحب المال الذي يضعه في البنك بقصد الاستثمار فيما أحله الله.

 

والردُّ على هذه الشبهة: أن الدليل الشرعي المانع من التحديد قائم، وهو الإجماع والقياس، اللذان اعترف المؤلف في صدر كتابه بأنهما من أدلَّة التشريع التي لا خلاف فيها.

 

أما الإجماع، فقد اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة وغيرها على أن تحديد مقدار معين لأحد المتعاقدين في عقد المضاربة يُفسِدها؛ أي: إنه أمر غير مشروع في عقد المضاربة، ونسوق أقوالَ المذاهب في ذلك:

1- قال الكاساني الحنفي: "ومن شروط المضاربة: أن يكون المشروط لكل واحد منهما من المضارب ورب المال من الربح جزءًا شائعًا - نصفًا أو ثلثًا أو ربعًا - فإنْ شرطَا عددًا مقدرًا، بأن شرطا أن يكون لأحدهما مائة درهم من الربح أو أقل أو أكثر، والباقي للآخر - لا يجوز، والمضاربة فاسدة" [بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6: 85، 86)].

 

2- وجاء في (تكملة المجموع شرح المهذب) في فقه الشافعية ما يلي: "(فصل) ولا يجوز أن يختص أحدهما بدرهم معلوم ثم الباقي بينهما؛ لأنه ربما لا يَحصُل ذلك الدرهم فيبطل حقه، وربما لا يحصل غير ذلك الدرهم فيبطل حق الآخر" [تكملة المجموع شرح المهذب جـ 13 ص 417، 418].

 

3- ومثل ذلك جاء في الفقه المالكي [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير جـ 3 ص 517].

 

4- وجاء في كتاب (المغني) لابن قدامة في الفقه الحنبلي ما يلي: "مسألة: قال: "ولا يجوز أن يُجعل في المضاربة لأحد من الشركاء فضل دراهم"...

 

قال ابن المنذر: أجمع كلُّ من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض - المضاربة - إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفِظنا ذلك عنه: مالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي.

 

فهذه نصوص أصحاب المذاهب، وفي بعضها التصريح بالإجماع على أنه لا يجوز تحديد الربح مقدمًا في عقْد المضاربة، ولا نعلم مخالفًا لهذا القول، إلا شخصًا طلع علينا بمقال في مجلة لواء الإسلام بخبر هذا التحديد، وذلك في سنة 1951م، وتلقفه مؤلف الكتاب حين استعصى عليه أن يجد مَن يُجيز ذلك من فقهاء القرون الماضية، ومعروف أن مخالفة الإجماع باطلة لا قيمة لها ولا يُعوَّل عليها، هذا إن صدرت من مجتهد مشهود له بالاجتهاد، فما بالك إذا كانت المخالفة من غيره؟!

 

وأما القياس، فهو قياس المضاربة التي حُدد فيها جزء معين مقدمًا لأحد المتعاقدين، على عقد المزارعة التي تتم بين رب الأرض والزارع إذا دفع له الأرض - سواء كان معها البذر أو لا - على أن يزرعها ويكون لرب الأرض جزء معين من الخارج، والباقي من الخارج بينهما مناصفة أو مرابعة أو مثالثة، فهذه قد نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية عن رافع بن خديج - رواها أحمد والبخاري والنسائي - قال: حدثني عمَّاي أنهما كانا يكريان الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء وبشيء يستثنيه صاحب الأرض لنفسه، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وفي هذا المعنى أحاديث أخرى رواها الشوكاني؛ نيل الأوطار (5: 233).

 

فهذا نصٌّ نبوي على فساد المزارعة التي يستثني فيها صاحب الأرض لنفسه شيئًا من الخارج المستثمر؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والنهي يقتضي الفساد كما تقرَّر في (علم الأصول)، فيقاس على صورة المزارعة هذه المنهيِّ عنها المضاربةُ التي حُدد فيها شيء من الربح مقدمًا؛ لأن رب المال في المضاربة يقابل ويُماثِل ربَّ الأرض والبذر، والعِلَّة الجامعة بين المضاربة والمزارعة هي تحديد جزء من الخارج المستثمر مقدمًا لأحد المتعاقدين في كل منهما، فكما تفسد المزارعة بذلك، فكذلك تفسد المضاربة به.

 

فهذان دليلان من أدلَّة التشريع الإسلامي المُجمَع عليها - والتي اعترف بها المؤلف في مطلع كتابه - يفيدان عدم جواز تحديد مقدار معين من الربح لأحد المتعاقدين في عقد المضاربة، وأنه لو تَمَّ ذلك بين المتعاقدين - ولو برضاهما - فسد العقد، وبذلك لا يقال: لا يوجد نص في موضوع المسألة، ويبنون على ذلك جواز التحديد، ولعل المؤلف يقصد بالنص ما ورد في الكتاب أو السنة، فإن صحَّ هذا، فإنه لا يفيده بشيء؛ لأن الإجماع والقياس من أدلة التشريع المُجمَع عليها، وقد بينا آنفًا أنهما لا يُجيزان التحديد، وأنه يُفسِد المضاربةَ لو وقع.

 

الشبهة الثانية: أن مسألة تحديد الرِّبح مقدَّمًا، أو عدم تحديده - من المعاملات الاقتصادية التي تتوقَّف على تراضي الطرفين في حدود شريعة الله تعالى.

 

والرد على هذه الشبهة: أن التحديد ليس من شريعة الله، وليس داخلاً في حدودها، وقد أقمنا الدليلَ على ذلك من الإجماع والقياس، وليس التراضي وحده كافيًا لإثبات شرعية المعاملة؛ بل لا بد أن يكون هذا التراضي مقارنًا لبقية الشروط التي وضعها الشارع لتحقيق شرعية المعاملة، وإلا فكثير من التصرفات التي حرَّمها الله تعالى تقوم على التراضي كالزنا ونحوه، ومن الشروط التي وضعها الشرع بجانب التراضي في عقد المضاربة: الشركة النسبية في الربح، وعدم تحديد مقدار معين لأحد المتعاقدين، كما بيَّناه آنفًا.

 

الشبهة الثالثة: أن شريعة الإسلام تقوم على رعاية مصالح الناس في كل زمان ومكان، فيجب أن تراعَى ولو خالفت مراعاتُها بعضَ النصوص، كما فعل ذلك بعض الفقهاء الذين أجازوا لولي الأمر تسعير السلع والأقوات؛ لما في التسعير من المصلحة التي تعود على أفراد الأمة، مع أن هذا التسعير مخالف لما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من عدم التسعير، عندما سأله بعض الصحابة أن يسعِّر لهم.

 

ثم قال المؤلف: وقياسًا على ذلك؛ فإن لولي الأمر إذا رأى أن مصلحة الناس تقتضي أن تحدِّد البنوك الأرباح مقدمًا لمن يتعاملون معها، فله أن يكلِّفها بذلك، رعاية لمصالح الناس، وحفظًا لأموالهم وحقوقهم، ومنعًا للنزاع والخِصام بين البنوك والمتعاملين معها، وهي مقاصد شرعية معتبرة. اهـ.

 

أي: إن المؤلِّف يريد أن يقول: ما دام قد ساغ لبعض الفقهاء مخالفة النص للمصلحة، فلا مانع من التحديد الذي يُخالِف ما دلَّ عليه الإجماع والقياس من عدم التحديد؛ رعاية للمصلحة أيضًا، قياسًا على ما رآه هذا البعض من الفقهاء في قضية التسعير، وهذا اعتراف ضِمني من المؤلف بعدم جواز التحديد شرعًا، إن لم يكن اعترافًا صريحًا.

 

والرد على هذه الشبهة: أن التحديد ليس مصلحة معتبرة؛ لمخالفته الإجماع والقياس، وجانب المفسدة فيه أرجح من جانب المصلحة؛ لما يؤدي إليه من الظلم والغبن على الوجه الذي بيناه فيما سبق.

 

ثم إن غلاء السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دفع بعض الصحابة إلى طلب التسعير من رسول الله صلى الله عليه وسلم - لم يكن منشؤه تحكُّمَ التجار في الأسعار، واستغلالهم حاجة الناس، واستبدادهم برفع الأسعار دون سبب إلا الجشع في الأرباح وامتلاء جيوبهم وخزائنهم بالأموال؛ وإنما الغلاء الذي أشار إليه الحديث كان بسبب الظروف الاقتصادية وقلة العرض وكثرة الطلب، فلم تكن المصلحة حينئذٍ في التسعير؛ وإنما كانت في عدم التسعير؛ ولذلك لم يسعر لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الفقهاء الذين أجازوا التسعير قيدوا ذلك بتغالي التجار في الأسعار، وتجاوزهم القيمة الحقيقية للسلع والأقوات، وإذًا فلم يكن منهم مخالفة حقيقية لامتناع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ومن ثم فلا يصح بناء التحديد على هذه القصة أو القياس عليها.

 

ويجب أن نعيد إلى الأذهان أمرًا مهمًّا، وهو أن القول بالتحديد مبني على أن الأموال المودعة في البنوك، أو المستثمرة عن طريقها: مضاربةٌ، والواقع أنها ليست مضاربة؛ لأن معظم البنوك لا تستثمر هذه الأموال في مشاريع صناعية أو زراعية أو تجارية؛ وإنما تستثمرها عن طريق إقراضها بفوائد تأخذ بعضها وتعطي المودع بعضًا آخر، وعلى ذلك فالأساس المبني عليه التحديد أساس غير سليم أيضًا من الوجهة الشرعية.

 

الشبهة الرابعة:

إن البنك لا يحدد الربح مقدمًا إلا بعد دراسة مستفيضة ودقيقة لأحوال الأسواق العالمية والمحلية، والأوضاع الاقتصادية في المجتمع، وظروف كل معاملة ومتوسط أرباحها، وفوق كل ذلك فإن هذا التحديد يتم بتعليمات وتوجيهات البنك المركزي، الذي يعد بمنزلة الحَكَم بين البنوك والمتعاملين معها.

 

الرد على هذه الشبهة:

يتضح من هذا التعليل أن المقصود منه هو أن احتمال الخسارة الذي قد ينشأ من التحديد ويتأثر به الطرف الآخر، منعدم أو ضئيل، فينعدم الضرر بالنسبة للمتعاقدين، وهذا قول يكذبه الواقع؛ إذ احتمال الخسارة قائم على الرغم من هذه الدراسات المذكورة، وقد أيد الواقع ذلك، بما نشرته الصحف ووكالات الأنباء من إفلاس بعض البنوك في لبنان وأمريكا وغيرهما، بل قد حدث ذلك في مصر، حيث تعرض بعض البنوك للخسائر، وكاد أن يعلن إفلاسه، لولا تدخل الحكومة في ذلك الوقت لإنقاذه.

 

الشبهة الخامسة:

إن تحديد الربح مقدمًا فيه منفعة ومصلحة لرب المال؛ لأنه يعرف حقه معرفة خالية من الجهالة، وفيه منفعة للعامل؛ لأنه يحمله على الجد والاجتهاد في عمله ونشاطه؛ حتى يزيد على الربح الذي حدد لصاحب لمال.

 

الرد على هذه الشبهة:

إنه قد سبق أن بينَّا أن المفسدة في التحديد تربو على المصلحة، ومن المقرر - فقهًا وأصولاً - أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ثم أين المصلحة فيما إذا بذل العامل ما في وسعه من جهد ونشاط، ثم لم تربح المعاملة إلا المقدار المحدد لرب المال؛ وذلك بسبب بعض الظروف التي لم يمكن تفاديها أو التغلب عليها؟ ألا يضار العامل بذلك؟!

 

الشبهة السادسة:

إن هذا التحديد لا يتعارض مع احتمال الخسارة من جانب المستثمر، سواء كان بنكًا أو غيره؛ لأن المستثمر إن خسر في جانب، كسَب في جانب آخر، فتغطي المكاسب الخسائر، ومع ذلك فهذه الخسارة إن تحققت بسب الإهمال أو الخيانة أو سوء الإدارة، فصاحب المال ليس مسؤولاً عن هذه الخسارة، ويكون العامل ضامنًا لها؛ نتيجة إهماله أو خيانته.

 

الرد على هذه الشبهة:

إن هذا قول عجيب؛ لأن الفرض أن احتمال الخسارة ليس في معاملة جزئية من مجموع النشاط الاستثماري؛ وإنما الاحتمال مفروض في المعاملة برمتها ومجموعها، ومع ذلك إذا لم يغط المكسب في أحد الجوانب الخسارةَ في الجوانب الأخرى، فماذا يكون الوضع؟ ألا تتحقق الخسارة في الجملة؟ وما دام هذا الاحتمال قائمًا، فإن الضرر الذي يصيب الطرف الآخر قائمٌ، فتمتنع هذه المعاملة المفضية للضرر؛ طبقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)).

 

الشبهة السابعة:

إن عدم تحديد الربح مقدمًا يجعل صاحب المال تحت رحمة العامل المستثمر، ومع خراب الذمم الذي يتسم به معظم أهل هذا العصر قد يقول له: إنني ما ربحت شيئًا، أو ربحت عشرة، وقد ربح أكثر، وصاحب المال عاجز عن إثبات حقيقة الربح، وهذا إضرار به، ولا سبيل إلى دفع هذا الضرر إلا بتحديد الربح مقدمًا.

 

الرد على هذه الشبهة:

إن المستثمر إن كان أمينًا ولم يتحقق من الربح إلا المقدار المحدد، فقد وقع الغبن والضرر على العامل المستثمر، والضرر يجب دفعه ولا سبيل إلى دفع الضرر إلا بعدم التحديد، وإن كان العامل المستثمر غير أمين، فسوف لا يمنعه التحديد من ادعاء الخسارة، وهنا يقع النزاع بين الطرفين، ولا سبيل إلى دفع هذا النزاع إلا بعدم التحديد، وجعل الربح بينهما نسبيًّا حسب اتفاقهما.

 

الشبهة الثامنة:

إن لولي الأمر في هذا العصر الذي خربت فيه الذمم - هكذا جاء حكمه عامًّا بخراب ذمم أهل العصر، ولم يستثن أو يخصص - أن يتدخل في عملية المضاربة، فلا يجعل المال أمانة تحت يد المضارب - العامل المستثمر - إذا هلك، كان هلاكه على صاحب المال في كل الأحوال، بل عليه أن يتدخل لفرض الضمانات الكافية لحفظ الأموال، ومن هذه الضمانات: تحديد الربح مقدمًا، وأن يكون رأس المال مضمونًا، وهذا اللون من التدخل يندرج تحت باب المصالح المرسلة، قياسًا على تضمين الصناع ما تحت أيديهم؛ حيث أفتى الصحابة بتضمينهم ما تحت أيديهم من أموال إذا تلفت؛ محافظةً على أموال الناس.

 

الرد على هذه الشبهة:

من ثلاثة وجوه:

1 - إن تحديد الربح في عقد المضاربة ليس من باب المصالح المرسلة؛ لأن ضابط المصلحة المرسلة ألا يشهد لها دليل بالاعتبار أو الإلغاء، والمصلحة المدعاة هنا قد شهد لها الإجماع والقياس بعدم الاعتبار، وإذًا فهي ليست مندرجة تحت قاعدة المصالح المرسلة؛ لعدم انطباق ضابطها عليها.

 

2 - إن التحديد ليس مصلحة معتبرة؛ لأن جانب الضرر فيه أرجح من جانب المصلحة على الوجه الذي بيناه فيما مضى، وإذًا فالتحديد ليس من المصالح المعتبرة، كما أن المصلحة المزعومة له ليست من باب المصالح المرسلة، فليس لولي الأمر أو أحد المجتهدين أن يتدخل بالقول بجواز تحديدها.

 

3 - إن قياس التحديد على تضمين الصناع ما تحت أيديهم عند التلف - قياس غير سليم؛ لأن شرط القياس الصحيح أن يكون حكم الأصل - المقيس عليه - ثابتًا بنص أو إجماع، وهذا الشرط غير متحقق في تضمين الصناع ما تحت أيديهم من أثاث ومتاع؛ لأن حكم التضمين ليس ثابتًا بنص أو إجماع؛ وإنما ثابت بطريق الاجتهاد، القائم على رعاية المصالح التي لم يرد بشأنها نص أو إجماع بإلغائها، فلو سلمنا - جدلاً - بوجود مصلحة في التحديد، لكان هذا القياس قياس فرع على فرع آخر، ولو كان المؤلف دقيقًا في عبارته لجعل المسألة من باب التنظير لا من باب القياس؛ أي: إن التحديد - في زعم المؤلف - نظير التضمين؛ أي: إنهما من باب واحد، وقاعدة واحدة.

 

الشبهة التاسعة:

مع التسليم جدلاً بأن تحديد الربح مقدمًا يفسد عقد المضاربة، فإن أحدًا من الأئمة لم يقل بأن فساد عقد المضاربة لهذا السبب يجعل العقد معاملة ربوية يحرم فيها الربح الناشئ عن العمل في المال المستثمر؛ وإنما الذي أجمع عليه الفقهاء عند فساد عقد المضاربة بسبب تحديد الربح مقدمًا أن العامل المستثمر للمال يصير أجيرًا عند صاحب المال، وله أجر مثله بالغًا ما بلغ، ولصاحب المال ما بقي من الربح فوق رأس ماله.

 

الرد على هذه الشبهة:

لم يقل أحد بأن تحديد مقدار معين من المال لأحد المتعاقدين في عقد المضاربة يجعل عقد المضاربة معاملة ربوية، وليس النزاع في ذلك؛ وإنما النزاع في أن التحديد مقدمًا يفسد عقد المضاربة، وتنتهي أحكامها المقررة لها شرعًا بالنسبة للمشاركة في الربح، وتصفى آثارها بما قرره الفقهاء من وجوب أجر المثل للعامل، والربح كله لصاحب المال مع رأس ماله، حتى يتحقق التعادل والتساوي بين الطرفين، فلا يضيع على العامل ثمرة عمله ومجهوده، ولا يضار صاحب المال بضياع ثمرة ماله وربحه، فالمؤلف يفترض معركة لا وجود لها، ويرتب عليها أن العقد لم يتحول إلى معاملة ربوية، وهو ما لم يقل به أحد، وإنما قالوا بأن التحديد يحول المضاربة إلى معاملة فاسدة يجب فسخها وإنهاء آثارها بما يحقق العدالة للطرفين على الوجه الذي قرره الفقهاء فيما أسلفناه.

 

وكأن المؤلف بكلامه هذا - وإن لم يفصح عنه - يرى بقاء المضاربة مستمرة لا يجب فسخها، وللعامل أجره عند نهاية المدة المحددة لها أو في نهاية كلٍّ، ولكننا نستبعد هذا الرأي منه.

 

الشبهة العاشرة:

يقول المؤلف: "ونحن مع احترامنا للرأي الأول - وهو أن يكون الربح نسبيًّا لا قدرًا معينًا - باعتباره هو الأصل في المضاربات الشرعية، لا نرى مانعًا من الأخذ بالرأي الثاني - وهو تحديد الربح مقدمًا - إذا وجد المقتضي لذلك؛ لأن كلا الرأيين من الآراء الاجتهادية، التي تختلف باختلاف الظروف والأحوال.

 

الرد على هذه الشبهة:

أولاً: ادعاء أن مسألة تحديد الربح مقدمًا من المسائل الاجتهادية، بحيث يؤدي الاجتهاد فيها إلى القول بجواز التحديد - ادعاء باطل؛ لأنه لا يجوز الاجتهاد في مقابل النص والإجماع، كما هو مقرر في علم الأصول، وفي هذه المسألة قام الإجماع والقياس على عدم جواز التحديد، فيكون القول بجواز التحديد قولاً باطلاً.

 

وثانيًا: كيف يحترم المؤلف القول بعدم جواز التحديد ثم يخالفه إلى القول بالجواز؟! وما قيمة هذا الاحترام إذًا؟! وإذا كانت العبارة من باب المجاملات الجوفاء التي يتعاطاها بعض الناس فيما بينهم، فهل يليق استعمالها في الأساليب والعبارات الفقهية، التي تقوم على الدقة في التعبير، والصدق في القول؟!

 

وثالثًا: لقد اعترف المؤلف بأن الأصل في المضاربات الشرعية عدم التحديد إلا إذا وجد المقتضي للعدول عنه إلى القول بالتحديد، ولم يأت بدليل أو شبه دليل يقتضي العدول إلى القول بالتحديد؛ لأننا أبطلنا كل الأدلة والأوجه العشرة التي أتى بها للاستدلال على وجود هذا المقتضي.

 

وبعد:

فهذه نظرة في مسألة من مسائل الكتاب المذكور، أرجو أن تتبعها نظرات، لا نبغي بها إلا الوصول إلى الحق، والله من وراء القصد.

 

نُشر هذا الرد على حلقتين في مجلة الأزهر، مجمع البحوث  الإسلامية، مصر


الحلقة الأولى منه نشرتها المجلة في الجزء الأول السنة 64، محرم 1412هـ الموافق يوليو 1991م، من ص 44-48

الحلقة الثانية منه نشرتها المجلة في الجزء الثاني السنة 64، صفر 1412هـ الموافق أغسطس1991م، من ص 166-169



[1] العدد رقم 11 من السنة الرابعة لسنة 1951.

[2] نشرت مجلة الأزهر ردود كبار العلماء، منهم فضيلة الإمام الأكبر الأسبق الأستاذ الدكتور عبدالرحمن تاج، والشيخ أبو زهرة، والشيخ الطيب النجار، وغيرهم، ثم جمعت ذلك في كتاب "الربا والقضايا المعاصرة" الذي صدر هدية مع عدد شعبان 1410هـ.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • صدور كتاب (نظرات في كتاب الله) لزينب الغزالي رحمها الله في 1300 صفحة.(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • إصلاح كتابي "نظرات في كتاب الأعلام ومستدركه"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نظرات الآخرين تزعجني(استشارة - الاستشارات)
  • نظرات في كتاب أعجب العجب في شرح لامية العرب المنسوب للزمخشري (PDF)(كتاب - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • نظرات في كتاب تأملات كاتب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نظرات في استشكال النصوص الشرعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مع الدكتور تمام حسان: نظرات وتدقيقات في كتاب "اللغة العربية معناها ومبناها"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظرات في كتاب (الفعل المبني للمجهول) للأستاذ الدكتور أيمن عبد الرزاق الشوا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتاب البديع لابن المعتز: نظرات في قراءات معاصرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظرات في كتاب كشف الارتياب (3)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب