• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اللغات العروبية: دراسة في الخصائص
    د. عدنان عبدالحميد
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للتسخير في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الاستشراق والعقلانيون المعاصرون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    عجائب الأشعار وغرائب الأخبار لمسلم بن محمود ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

عرض كتاب : المكتبة في الليل

عرض كتاب : المكتبة في الليل
محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/6/2014 ميلادي - 20/8/1435 هجري

الزيارات: 18252

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب

المكتبة في الليل

 

• اسم الكتاب: المكتبة في الليل.

• الاسم بالإنجليزية: Alberto Manguel, The Library at Night

• المؤلف: ألبرتو مانغويل.

• ترجمة ومراجعة: عباس المفرجي.

• الطبعة: الأولى.

• سنة النشر: 2012.

• دار النشر: دار المدى.

• صفحات الكتاب: 270.

 

قال ابن الجوزي في كتابه "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" في ترجمة الحافظ أبي العلاء الهمذاني:

"... وبلغني أنَّه رُئي في المنام في مدينةٍ جَميعُ جُدرانها من الكتُب، وحوْله كتُب لا تُحَدُّ، وهو مُشتغِل بمطالعتِها.

 

فقيل له: ما هذه الكتُب؟

قال: سألتُ اللهَ أن يشغلني بما كنت أشتغل به في الدُّنيا، فأعطاني".

 

وكان الشاعر الأرجنتيني الكفيف "خورخي لويس بورخيس" يقول في شعره: "وأنا الذي تخيَّلت الجنَّة دومًا على شكل.. مكتبة"!

 

يُبحر بنا الكاتب "ألبرتو مانغويل" في مؤلفه "المكتبة في الليل" في رحلة مشوقة في تاريخ المكتبات، وفي تاريخ الولع الإنساني بجمع الكتب وتصنيفها، منذ بدايات حضارة البشرية، كتب مرة "بتراركا" إلى صديق له يصف مكتبته: "ليست مجموعة جاهلة، حتى لو كانت تنتمي إلى شخص جاهل"، ويصف لنا "ألبرتو مانغويل" استغراق طفولته بالكلية في حبِّ الكتب والمكتبات؛ فيقول: "في طيش فتوتي، حين كان أصدقائي يحلمون بمآثر بطولية في حقول الهندسة والقانون، والمال والسياسة، كان حلمي أن أصبح أمين مكتبة"؛ صـ11.

 

وكعادة "ألبرتو مانغويل" في كتاباته "الببليوغرافية" عن الكتب، وعالمها المحبب المثير للأسئلة، يواصل سرده لذكرياته الذاتية عن المكتبات والكتب وعالمها المشوق، حيث يوضح "ألبرتو" في مقدمة كتابه أنه ليس بصدد كتابة تاريخ آخر للمكتبات، أو إضافة مجلد آخر واسع في علم المكتبات، كما فعل كثير من الباحثين والدارسين في هذا الموضوع، بل إنه يكتب هذا المؤلَّف الجديد في بيان عشقه للمكتبات "كي يُسجل فقط وقائع دهشته"؛ والنظر فيما تمثله المكتبة بعالمها الرَّحب الواسع من حياة مثالية للإنسان؛ فالمكتبة رمز في بعض الأحيان لمخزون التراث البشري الثقافي؛ وتارة هي بمثابة سلطة إضافية للسلطة الفعلية.. فالمنصب قوة، والمعرفة قوة، وتارة أخرى المكتبة وسيلة بقاء ومقاومة لنكبات الحروب وعذابات السجون، حيث قرأنا عن تجارب الكثير ممن ابتلعتْه غياهب السجون سنينَ طوالاً، وأن الكتب ومكتبات السجون كانت تُمثِّل له عالَمًا مُوازيًا للعالَم الحقيقي الذي يحلم فيه بالحرية، وفي بعض الأحيان المكتبة هُويَّة تعكس تعدد الهويَّات والثقافات لكتب كُتَّابِها، وانعكاس ذلك على القارئ العاشق للكتب.. والمكتبة أيضًا جزيرة يأوي إليها القارئ لتساعده على البقاء كما أوى "روبنسون كروزو" بطل "دانييل ديفو" إلى جزيرة مصطحبًا فقط معه بعض الكتب التي نجت من الغرق في مياه المحيط ليبقيا معًا على تلك الجزيرة.

 

وقد تطرق "ألبرتو مانغويل" إلى موضوعات موسَّعة مُتعلقة بالولَع بالمكتبات، وتأثيرها في الفكر الإنساني، متشعبًا في إيراد العلاقات الحيوية التي تربط بين المكتبة وصاحبها.. كل ذلك في أسلوب يجمع بين التشويق والسرد الإبداعي، وبشكل لا يخلو من المعلومة الموثَّقة، والصورة الموضحة... مع ضرب العديد من الأمثلة.

 

يقول "ألبرتو مانغويل" في كتابه:

"حب المكتبات، مثل أكثر المحبات، ينبغي أن يكتسب بالتعلُّم.. ما من أحد يخطو أول مرَّة داخل غرفة مليئة بالكتب، بإمكانه أن يعرف بالغريزة كيف يتصرف، ماذا يتوقع، ما الذي سيناله، وما هو المتاح؟.. قد يتملَّك المرءَ الرُّعبُ بسبب الفوضى واﻻتساع والصمت والمراقبة، والتذكير الساخر بأن الإنسان ﻻ يعرف كل شيء، وتتملكه بقايا من أحاسيس غامرة تظل لصيقة به، بعد أن تغدو الطقوس والتقاليد معروفة، وتتكاشف معالم الجغرافيا، وتصبح الأقوام المتوحشة أليفة"؛ صـ11.

 

ومؤلف الكتاب "ألبرتو مانغويل" كاتب ومترجم ومحرر صحفي أرجنتيني، مقيم حاليًّا في باريس، من مواليد عام 1948، له العديد من الكتابات الإبداعية والنقدية، بخصوص عالم الكتب والقراءة، ومن أهم مؤلفاته: "تاريخ القراءة"، "المياه السوداء: كتاب الأدب الخيالي"، "مع بورخيس"، "مدينة الكلمات"، "يوميات القراءة"، "قاموس الأماكن السحرية"، "غرفة مليئة بالألعاب"، "حاسوب القديس أوغسطين"... وغيرها من الكتابات الأخرى.

 

وصف الكتاب:

وضع الكاتب كتابه في عدة أفكار انتقائية تدور كلها حول فعل القراءة في المكتبة، ولعل العنوان الذي اختاره للكتاب يعكس حالة حميمية خاصة تربط بينه وبين التوحد مع مكتبته في الليل؛ فالكاتب لا يقرأ في النهار، ويبدأ برنامجه القرائي في الليل.. وعند الليل تصفو أفكاره؛ حيث يقول: "في الليل يتبدل الجو.. الأصوات تمسي مكتومة، والأفكار يعلو صوتها... يبدو الوقت أقرب لتلك اللحظة بين النوم واليقظة، والتي يغدو فيها إعادة تخيل العالم سهلاً، أحس بحركاتي دفينة من غير قصد، ونشاطي سريًّا، وأتحول إلى ما يشبه الشَّبح، تشكل الكتب الآن الحضور الواقعي وأنا القارئ، الذي يكون عبر الطقوس الصوفية للحروف شبه المرئية، مغويًا ومقادًا لكتاب معيَّن وصفحة معينة، الترتيب المقرر بواسطة فهرس المكتبة، يغدو في الليل تقليديًّا ليس إلاَّ، حيث يفقد هيبته في الظلام، مع هذا، فإن مكتبتي الخاصة ليس لها فهرس سلطوي؛ إذ هو حتى في الترتيب الأكثر اعتدالاً، كالتسلسل الهجائي للمؤلفين أو التقسيم حسب اللغات، ليس له سلطة مطلقة، عيناي ويداي، وهي حرة من القيود اليومية في الساعات المتأخرة، تطوف بلا غاية بين الصفوف المتراصَّة، ترمم الفوضى، كتاب يدعو على نحو غير متوقع كتابًا آخر؛ كي يقيم تحالفًا بين ثقافات وأزمان مختلفة، سطر شبه منسي يترجع صداه في واحد آخر لأسباب تظل، في وضح النهار، غير واضحة، إذا كانت المكتبة في الصباح توحي بصدى نظام واقعي بسيط ومعتدل للعالم، فإنها في الليل تبدو منتشية وسعيدة بالفوضى"؛ صـ17، 18.

 

ويقول الكاتب أيضًا: "أثناء النهار، التركيز والنظام يغرياني، أما في الليل، فيمكنني أن أقرأ بفكر خالٍ من الهموم يكاد يكون لا مباليًا.. نهار أو ليل، بأي حال، مكتبتي هي عالم خاص..."؛ صـ.21.

 

ومن وحي هذه العلاقة الحميمية مع مكتبته، اختار الكاتب خمس عشرة رؤية جديدة للمكتبة، تفتق عنها خياله ودراسته لتأثير المكتبات في التاريخ القديم والمعاصر على واقع البشرية، ومَثَّلت هذه الرؤى عناوين فصول كتابه، على النحو التالي:

• المكتبة أسطورة.

• المكتبة ترتيبًا.

• المكتبة مكانًا.

• المكتبة سلطة.

• المكتبة طيفًا.

• المكتبة شكلاً.

• المكتبة عامل مصادفة.

• المكتبة ورشة عمل.

• المكتبة عقلاً.

• المكتبة جزيرة.

• المكتبة وسيلة بقاء.

• المكتبة والنسيان.

• المكتبة خيالاً.

• المكتبة هوية.

• المكتبة وطنًا.

• خاتمة.


وقد جاءت بعض هذه الرؤى فريدة من نوعها، اختلطت فيها أحلام الكاتب مع أجزاء من تذكُّر سِنِي طُفولتِه وسيرة حياته، والتي دارت حول "هَوَس" التعلق بالكتب في الأرجنتين، كما بانت فيها خبرة الكاتب بواقع المكتبات في العالم، وذلك من خلال معايشته الواقعية للكتب والمكتبات وشغفه بمتابعة كل جديد يصدر منها، إلى جانب أسفاره المتنوعة في أنحاء العالم، والتي أعطت لقراءاته بُعدًا عالميًّا "كوزموبوليتانيًّا".. ويُنوِّه الكاتب أنه دومًا يشعر بالأُلفة في أي مكتبة في أي مكان في العالم كان يزوره، فالمكتبة في نظر الكاتب هي المكان المثالي لتصوُّر واقع أفضل للبشرية.

 

وملأ الكاتب صفحات كتابه بصور ورسوم إيضاحية رئيسة وفرعية؛ ضمنها الأفكار العامَّة للكتاب، حيث لا نجد صفحة من صفحات الكتاب تخلو من رسم أو صورة رئيسة أو فرعية تُبرز عملية القراءة وعشق المكتبات من خلال نقوش الجداريات والحفريات والمنمنمات واللوحات والصور الفوتوغرافية القديمة والحديثة.

 

وقد وضع الكاتب بنهاية كتابه ثَبتًا بالحواشي والهوامش التي أشار إليها طِيلة فصول الكتاب؛ لتوضيح ما غمض على القارئ، أو لبيان مصادر كلامه، والعودة إليها لمن يحب أن يستفيض في معرفة أحد مباحث الكتاب المجملِ ذكرُها.

 

عرض بعض مقتطفات من الكتاب:

1- يرى الكاتب في فصله "المكتبة أسطورة" أن أكثر المعالم أسطوريَّة في العالم القديم: برج بابل ومكتبة الإسكندرية، الاثنان شاهدان على كِلتا الرغبتين الخلاَّبتَين لأهل العراق ومصر: "رغبة احتواء كل لغات بابل، وتوق تملك كل كتب الإسكندرية".. ومكتبة الإسكندرية كانت أهم مركز تعليمي أنشأه الملوك البطالسة في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وكانت تضم كتابات الفلاسفة الإغريق وعلى رأسهم "أرسطو"، حيث كانت أغلب مكتبات العالم القديم وقتها إما مجموعات خاصة للقراءة، أو مخازن حكومية لحفظ الوثائق القانونية الرسمية.. ويرى الكاتب أن مكتبة الإسكندرية أريد لها الكفاح "للعثور على النحو الذي يُعير كل كلمة، وكل لوح، وكل لفافة - تفسيرَها ومكانها الملائم، المعمار الضمني لهذه المكتبة اللامتناهية - الغامض، المهيب، السرمدي - يستمر بملازمة حلمنا بنظام كوني، لا شيء مثلها يمكن أن ينجز أبدًا، بالرغم من أن المكتبات الأخرى (بما فيها شبكة الإنترنت) حاولت أن تضاهي طموحها المدهش.. لقد احتلَّت مكانًا فريدًا في تاريخ العالم، كمؤسسة وحيدة فرضت نفسها لتسجيل وقائع كل شيء ماضيًا وحاضرًا، وربما حفظت وتنبأت وقائع انبعاثها، وتدميرها هي نفسها"؛ صـ25.

 

ويَذكر الكاتب أن السَّكندريِّين كانوا يَفخرون بهذا المكتبة التي حفظت فيها الذاكرة حيَّة، حيث أصدر "بطليموس" مرسومًا يقضي بالحجز على كل كتاب يدخل إلى ميناء الإسكندرية واستنساخه، ونتيجة لهذا الوعد صارت الكتب التي تجمعت في المكتبة تعرف باسم "مكتبة السفينة"!

 

ولم يصل لنا وصف كامل لما كانت عليه المكتبة؛ ربما لاعتقاد المؤرخين باستحالة اندثار هذا البناء العظيم في قابل الأيام، وأنه شاهد حيٌّ على طريقة البناء، ولكن ما لبث أن اندثرت المكتبة، وقد اختلفت الأقوال في طريقة اندثارها واختفائها، ويذكر "بلوتارك" أنها احترقت مصادفةً في حريق الإسكندرية بعهد يوليوس قيصر في العام 47 قبل الميلاد، وإن كانت هذه الرواية مشكوكًا فيها، وتاريخيًّا بقيت نهاية المكتبة غامضة مثلما كان مظهرها الحقيقي.

 

2- كيف كان ترتيب الكتب في المكتبات الكبرى قديمًا؟ يبحث الكاتب في فصل "المكتبة ترتيبًا" في كيفية تصنيف مجموعات الكتب في المكتبات وترتيبها، حيث يرى الكاتب أن مزاجية الترتيب تفرض وضعها في المكتبات الخاصة حسب طبيعة كل قارئ، فالكاتب "فاليري لاربو" كان يُجلِّد كتبه بألوان مختلفة وَفقًا للغة التي كُتبت بها، الروايات الإنجليزية بالأزرق، والإسبانية بالأحمر.. وهكذا، في حين يحكم حيِّز الفراغ في المكتبات أغلب اختيارات القرَّاء في الترتيب، حيث ترتب غالبًا الكتب حسب الحجم، أما الروائي "جورج بيرس"، فقد أعدَّ مرَّةً قائمة بعدة طرق يمكن فيها للقارئ أن يُبوِّب مكتبته؛ أغلبها لا يبعث على الرضا؛ مثل:

• حسب الحروف الأبجدية.

• حسب القارَّات أو البلدان.

• حسب اللون.

• حسب تاريخ الشراء.

• حسب شكل الكتاب.

• حسب النوع.

• حسب اللغة.

• حسب أولوية القراءة.

• حسب التسلسل.

 

يقول الكاتب: "في مكتبات أصدقائي حول العالم وجدت كثيرًا من التصنيفات الغريبة: "المركب السكران" لرامبو تحت قسم الملاحة، كتاب ديفو "روبنسون كرورز" تحت أدب الرحلات، كتاب ماري ماكارثي "طيور أمريكا" تحت علم الطيور، كتاب كلود ليفي شتراوس "النيء والمطبوخ" تحت قسم الطبخ!"؛ صـ43.

 

وتتبع المكتبات العامَّةُ حديثًا في بعض الأحيان الترتيب الأبجدي، لكن قد يكون من الصعب على القارئ استنتاج أن الكاتب الشهير "ستاندال" قد يُوضع في بعض الأحيان في حرف B لأن اسمه الحقيقي Beyle، وقد يشتكي بعض القُرَّاء من إدراج موضوع النساء Women تحت "منوعات" من قسم "العلم"، أو وضع قصة الكاتب الروسي الشهير "أنطوف تشيكوف": "اعترافات غريبة" في قسم "القصص البوليسية".. يقول الكاتب: "يبدو الأمر وكأن مضامين الكتب لا تهم كثيرًا أولئك المنظِّمين بقدر ما تهمهم فرادة الموضوعات التي أعدوا لها فهرسًا، كي تغدو المكتبة مجموعة من أنطلوجيات موضوعاتية"!

 

وقد أشار الكاتب في هذا الفصل لطرق شهيرة لترتيب المكتبات، منها طريقة السير "روبرت كوتون" جامع الكتب الشهير في القرن السابع عشر، والذي كانت مكتبته تتكون من اثنتي عشرة خزانة، كل واحدة منها مزيَّنة بتمثال نصفي لكل قيصر من القياصرة الأولين، واحتفظت المكتبة البريطانية بنظام "كوتون" الغريب للفهرسة عندما حصلت على بعض مجموعاته الشهيرة.

 

أما في الصين في بدايات القرن الثالث، فكانت الكُتب تحفظ في المكتبة الإمبراطورية تحت عناوين بسيطة ومفهومة، متفق عليها بين طلبة البلاط، ككتب القانون أو الأعمال الفلسفيَّة أو مؤلفات في التاريخ وشتى الأعمال الأدبية.. إلخ.

 

ولم يُغفل الكاتب أيضًا جهود العلماء المسلمين في تصنيف الكتب ووضع الفهارس العامة في مؤلفات تعتني بالكتب ومؤلفيها، وعلى رأسهم ابن النَّدِيم في كتابه "الفهرست" كما أشار إلى النظام البديع الذي صنفت عليه المكتبات العربية في العواصم الإسلامية الزاهرة في نهاية القرون الوسطى.

 

أما أشهر التصنيفات الحديثة للكتب بالمكتبات، فهو "تصنيف ديوي" للمكتبيّ "ملفيل ديوي"، والذي وضع تصنيفًا لمكتبات بريطانيا باستخدام الكسور العشرية لترقيم تصنيفات المعرفة الإنسانية المطبوعة، واعتمد تصنيفه على تقسيم الموضوعات التي استخدمها العلماء الأقدمون في عشرة مجاميع موضوعاتية، ومِن ثَم خصص لكل مجموعة مائة رقم، تتجزأ بدورها إلى عشرة أرقام إضافية، حيث تشكل كل مرة متوالية من الأرقام بنسبة ثابتة ad infinitum.

 

3- "المكان دائمًا يحكم اختيار القارئ للكتب"، هذا ما يؤكِّد عليه الكاتب في فصل "المكتبة مكانًا" حيث يرى أن "مشكلة المكان متأصلة في طبيعة أيَّة مجموعة من الكتب"، فازدياد حجم كتب المكتبة تدريجيًّا وعدم توافر مكان مشكلةٌ تؤرِّق أي عاشق للكتب، ويرغب الجميع في مكان مكتبي يتَّسع كلما اتسعت صنوف المعرفة إلى ما لا نهاية؛ بحيث "لا تصل إلى الشمول إلا في حالة وصول حدودها إلى حدود العالم نفسه".. وهو حلم صعب المنال بالتأكيد، مكتبة بحجم العالَم كله!

 

وكان الشاعر الإنجليزي "ليونيل جونسون" يبحث بإلحاح عن غرفة لرفوف كتب صممها بنفسه، تتدلى من السقف مثل الثريات!

 

أما مكتبة "آلثورب"، فتصل ارتفاعات رفوف الكتب فيها إلى ارتفاعات مدوخة، وإذا كان على أحد أن يراجع الصفوف العلوية منها "فسيحتاج إلى سُلَّم هائل يحتوي على زَوجين من الدرجات القوية المثبتة على عجلات، ومتوجة بعش غراب فيه مقعد ومقرأ صغير، وهو في المظهر العام يشبه آلة حصار من القرون الوسطى"؛ صـ66.

 

ويورد الكاتب أمثلة مشوقة من تطور المكتبات قديمًا وحتى وقتنا الحالي لمواجهة ازدياد حجم الكتب وتناميها، وتضطر المكتبات في الوقت الحالي لإعدام كميات كبيرة من المطبوعات القديمة لديها، بعد تسجيلها على أقراص مُدمجة، ولكن قد يُفاجَأ البعضُ بتلف تلك الإقراص وضياع قدر لا بأس به من المعرفة في بعض الأحيان.

 

أما أطرف حالات جمع الكتب وتكوين مكتبة خاصة، فكانت لرجل من نيويورك يبلغ ثلاثة وأربعين عامًا، حيث قضى هذا الرجل يومين مطمورًا تحت كُتلة ضخمة من الصحف والمجلات والكتب التي أغرم بجمعها في كل مكان في شقته لمدة عشر سنوات، حتى أنقذه رجال الإطفاء بعد وقت قصير من بداية رأس السنة الميلادية في عام 2003، حيث وُجدَ - حسب التعبير الحرفي - مدفونًا أسفل ركام كتبه، واستغرق الأمر أكثر من ساعة قبل أن يخلصوه منها؛ حيث كان عليهم أن يسحبوا بعيدًا عنه خمسين حقيبة من المواد المطبوعة قبل أن يصلوا إلى هذا القارئ العنيد!

 

4- تمنح الكتب وادعاء المعرفة سلطة إضافية لصاحبها، ودائمًا ما يُصوَّر السياسيون إلى جانب الكتب كشكل رمزي للخلود الفكري، ويؤكد الكاتب في فصل "المكتبة سلطة" أن المكتبات ما زالت تُقامَ من قِبل السياسيِّين وتسمى بأسمائهم أيضًا، في شكل مشابه لما كان عليه ملوك "ميزوبوتاميا"، ففي الولايات المتحدة الأمريكية توجد سلسلة من المكتبات تُعرف بالمكتبات الرئاسية، وفي فرنسا تظهر كل سنة مجموعة من كتب الاعترافات والمذكرات السرِّيَّة أو الروائية بيد قادة سياسيين بارزين.

 

ونجد أن الملك "آشور بانيبال"، آخر الملوك الآشوريين المهمِّين، كان يزعم بأنه هو نفسه كاتب، ومجموعته من الألواح الطينية التي جمعت في قصره في "نينوى" كانت مخصصة لاستعماله الشخصي، وكان يفخر بقوَّة الكلمة المكتوبة التي وهبها له الله، ويعترف مزهوًّا بأنه من "بين الملوك، أسلافي، ما من أحد تعلم هذا الفن".

 

أما أشهر من أدرك سلطة المكتبة والمعرفة واستغلَّ ثروته في تدعيم هذه السلطة، فكان رجل الأعمال "أندرو كارنيجي"، والذي أدرك أن أفضل هديَّة يمكن تقديمها للمجتمع هي "مكتبة مجانية، والتي تأتي في المقام الأول"، وقام بالتبرع بتسعين بالمائة من ثروته الضخمة لتمويل كافة أنواع المنشآت العامة، بما فيها أكثر من 2500 مكتبة في عدد كبير من البلدان التي تتحدث الإنجليزية، بداية من موطنه الأصلي أسكتلندا وحتى جزر "فيجي وسيشيل".. وكان شعاره الرَّئيس الذي يفتخر به والذي قام بنقشه على واجهات مكتباته العامة هو "دعْهم يتنوَّروا".

 

5- يرى الكاتب في فصل "المكتبة طيفًا" أن كل ترتيب مكتبة يُنشئ تلقائيًّا طيفَ مكتبة من كتب غائبة، يعمد المجتمع أو القارئ إلى إقصائها، أو تندثر مع مرور الأزمان، فمن مسرحيات "أسخيلوس" التسعين التي ذكرت في كتب التاريخ لم يصلنا سوى سبع، ومن ثمانين دراما فردية ليوريبيدوس وصلنا فقط ثماني عشرة، ومن المائة وعشرين مسرحية لسوفوكليس لم يصلنا سوى سبع، كما أن ما دمر في اجتياح المغول لبغداد يفوق أضعاف أضعاف ما وصلنا من تراث عالمي في مختلف العلوم، وما ضاع في اجتياح الإسبان بلاد الأندلس واضطهادهم المسلمين هناك يفوق ما وصلنا من حضارة الأندلس الزاهرة، والتي كانت جنة الله في أرضه.

 

ويرى الكاتب أن "كل مكتبة، بمعنى من المعاني، انعكاس لقُرَّائها، وفي الوقت ذاته تعطي صورة لما لم نكن عليه"؛ صـ93، وبصورة أو أخرى لا يمكن ضمان حياد دائم في مسألة اختيارنا لتكوين المكتبات، وخاصة أنها لا بد وأن تراعي أذواق مجموعة من البشر المحيطين بنا.

 

 

6- في فصل "المكتبة شكلاً" يورد الكاتب أمثلة من أشكال المكتبات العالمية، والتي تعكس ثقافة خاصة ببنائها، وعلى سبيل المثال مكتبة "تورنتو رفرنس" وهي مؤلفة من سلسلة من الأقراص المتصاعدة، بينما مكتبة "باكنجهام هاوز" (حيث احتفظ الملك جورج بكتبه) على شكل مثمن، أما مكتبة "فرايه يونفرستايت" في برلين فصممها "نورمان فوستر" بشكل يشبه الجمجمة، وتلقَّب الآن بالدماغ، ومكتبة "ببليوتيك دو فرانس" في باريس تأخذ شكل طاولة مقلوبة، ومكتبة "ببليوتيكا دي كاتالونيا" في برشلونة على شكل أسطوانة مقطوعة بالتساوي إلى نصفين، ومكتبة "فولفنبويتل" بألمانيا صُمِّمت على شكل بيضاوي، بينما مكتبة جامعة "فرايبورج" التي بُنيت عام 1902 أخذت شكل مثلث.

 

 

7- حسب تعبير الكاتب "إمبرتو إيكو": "يجب أن تحمل المكتبة صفات اللامتوقع، والمصادفة، وموطن البراغيث"، وهذا ما يؤكد عليه الكاتب في فصل "المكتبة عامل مصادفة"، حيث يذكر أنه كان مُغرمًا بالبحث في المكتبات القديمة المعروضة للبيع بالمزادات الخيرية وغيرها.. حيث كان يتعجب من كَمِّ المفاجآت التي كانت تحملها صناديق الكتب القديمة وكيف تشكل مجموعات الكتب مملكة للمصادفة، فجنبًا لجنب ترقد ترجمة لهوميروس مع قصص سيمنون المهترئة عن الحرب، كتب عن تربية الحيوانات الداجنة مع قصص حب تقليدية، روايات موقع عليها من كتاب مجهولين مع بعض سلاسل القصص الأمريكية المنسية، "كل هذه الكتب تلتقي معًا بسبب نزوة جامع كتب، ترسخ أفكار لمجتمع ما، إلى جانب أنها تعكس مزاجية الباقين أحياء"؛ صـ135.

 

ويورد الكاتب أهم أمثلة عامل المصادفة والعشوائية الخلاَّقة في تكوين المكتبات من خلال مدن الواحات، والتي كانت على طرق التجارة القديمة؛ مثل شنقيط وودان بموريتانيا، أو دنهاونغ الواقعة على طريق الحرير القديم بالصين، حيث كانت هذه المدن محطات تَوقُّف ضروريَّة في الطريق إلى مكَّة واستراحات لقوافل التجارة المحمَّلة بالتوابل والبهارات، ولسبب ما كان أغلب سكان هذه المدن يحرصون على اجتذاب كتب الرَّحَّالة والتجَّار ونسخها وحفظها على يدي مكتبيِّ تلك المدن واسعي المعرفة، حيث تكونت مكتبات شاملة لأنواع عديدة من المعرفة؛ والتي تُمثل في حد ذاتها نوعًا من التصفية العشوائية لأنواع المعرفة بالكتب التي يقوم الطلاب بنسخها، بل أحيانًا ما كانت ترد إلى هذه المدن قوافل طلاب العلم لينسخوا بعض هذه المخطوطات التي حفظت على رفوف مكتبات "شنقيط" أو "ودان" أو كهوف "دنهاونغ" على طريق الحرير العظيم.

 

 

8- تُمثِّل المكتبات ورشةَ عمل لكثير من الكُتَّاب، والذين لا يستغنون عن كتابة أعمالهم داخل حجرات مكتباتهم؛ حيث يضطرون للرجوع إلى كتبهم لاستلهام أفكارهم أو توثيقها، ونجد أن الروائية "فرجينيا وولف" نشرت عام 1929 محاضرتها الشهيرة عن النساء والرواية تحت عنوان "غرفة إنسان خاصَّة"، حيث عبَّرت فيها بشكل حاسم عن حاجتنا إلى مكان شخصي للقراءة والكتابة، ويذكر الكاتب أمثلة من غُرف مكتبات بعض الكُتَّاب الكبار والتي مثَّلت مكتباتهم "ورشة عمل" أخرجت لنا أكثر الأعمال إبداعًا من جانب هؤلاء الكتَّاب؛ من أمثال: أرنست همنجواي، ورديارد كبلنغ، وفردريش دورنمات، وميجيل دي سرفانتس والذي أبدع رائعته "دون كيخوته" في مكتبة بيته في "فالادوليد"، وبورخيس والذي قضى منذ بداية الخمسين السكنى وسط كتب لم يعد بإمكانه رؤيتها لإصابته بالعمى، واضطر أن يقضي ما بقي من عمره يقرأ ويكتب بواسطة آخرين.

 

 

9- يرى الكاتب في فصل "المكتبة عقلاً" أن ما يجعل المكتبة صورة منعكسة لمالكها ليس اختيار العناوين فحسب، بل شبكة الأفكار المترابطة التي ضمَّها الاختيار، "فتجربتنا بُنيت على تجارب، وذاكرتُنا على ذاكرات أُخر، فكُتُبُنا بُنيت على كتب أخرى غيَّرتها أو أغنتها"، بحيث شكَّلت هذه الكتب جدولاً كرونولوجيًّا (تقسيم زمني) يربط أغلب الكتب ببعضها البعض في مكتباتنا الخاصة، ففي مكتبة "ألبرتو مانغويل" نفسه؛ هناك علاقة تربط بين رواية "دون كيخوته" و"هكلبري فن" واللذان كلاهما تلون بتجربة القارئ في الرَّحلات والصداقة والمغامرات، و"القصص الإفريقية" لمارجريت لورانس تستدعي لذهنه رواية "خارج إفريقيا" لإيساك دينيس، والتي بدورها تذكره بمجموعتها القصصية "سبع حكايات قوطية".. حيث يخلص الكاتب إلى أن "كل مكتبة في النهاية لا يمكن تخيلها؛ لأنها مثل العقل، تعكس نفسها وتتضاعف هندسيًّا مع كل انعكاس جديد"، وذلك عن طريق إيجاد العديد من الروابط التي تَربط كتب المكتبة بعضها البعض، وانعكاس ذلك على عقل القارئ/ المتلقي.

 

ويتساءل الكاتب: هل من الممكن إنشاء مكتبة تحاكي هذا الترتيب النزوي الترابطي العقلي، الذي قد يبدو للشخص غير المطلع توزيعًا عشوائيًّا للكتب، بالرغم من أنه في الواقع يتبع تنظيمًا منطقيًّا، إن لم يكن شخصيًّا للغاية؟! لا يمكنني أن أفكر بمثال واحد على الأقل؛ صـ159.

 

10- يشير الكاتب في فصل "المكتبة جزيرة" إلى شبكة الإنترنت، والتي أعطت تصورًا جديدًا للمكتبات؛ حيث صارت الشبكة المعلوماتية بمثابة فضاء ينتمي للجميع، بدون رقابة فعلية، بلا أي قوميات فعلية، وبدون أدنى إحساس بالماضي، تكنولوجيا غزت حياتنا في مختلف المجالات بما في ذلك مجال الكتب ذاتها، هذا المجتمع المقبل الخالي من الورق، والذي عرفه "بيل جيتس" بأنه مجتمع بلا تاريخ بما أن كل شيء على الشبكة معاصر وفوري، يرى الكاتب أن هذا التطور العجيب يمثل "انسلاخًا لأفكارنا الخاصة؛ إذ نراقب بسرور تدمير ماضينا الخاص" بدون أدنى تطوير لإبداعاتنا الفكريَّة، فالبنسبة لأي جيل مستقبلي سيصل إليه التطور في أحدث صوره بدون معاصرة لخطوات هذا التطور ومعطياته وهو المنهج الذي كانت تضطلع به الكتب والمكتبات، وسيبدو الأمر كما لو أن أفكارنا ولدت هكذا وهي متطورة تمامًا؛ صـ184.

 

11- يرى الكاتب أن الكتب مثَّلت وسيلة بقاء لكثير من الأشخاص الذين عانوا من مَرارة الأسر ووجع الاغتراب، ففي فترة حكم النازي وداخل معسكرات الجيتو، ضمت تلك الزنازين المقبضة والتي أسر فيها العديد من القوميات والهُويات تبعًا لسيادة الجنس الآري الذي آمن به النازيون، تجمعت لبعض الأطفال مكتبة سرِّية من بعض الكتب القديمة التي نجت من تدمير النازية من أمثلة "موجز تاريخ العالم" لـ"إتش. جي. ويلز"، وبعض كتب "هوجو" و"تولستوي" و"هاينه"، حيث مثلت تلك المجموعة من الكتب عالمًا موازيًا لساكني تلك المعسكرات، وغدت القراءة وطقوسها "فعلاً من أفعال المقاومة" كما كتب ذلك الطبيب النفسي الإيطالي "أندريا ريفوتو".

 

كان الكتاب وسيلة بقاء لكثير من المعذَّبين داخل السجون، ففي معسكرات الاعتقال في "بيرغن - بيلسن" دارت بين السجناء نسخة من رواية "الجبل السحري" لتوماس مان، واحد من الأولاد يذكر اليوم الذي كان مخصصًا له لحيازة الكتاب وقراءته ويصفه بأنه "واحد من أكثر الأوقات بهجة في ذلك اليوم، حين مرَّر أحدُهم الكتاب إليَّ، اختليتُ في ركن سعيًا للعُزلة حيث كان أمامي ساعة واحدة فقط لقراءته".

 

أما أحد الضحايا البولنديين، فيذكر أيام الخوف قائلاً: "كان الكتاب صديقي المقرَّب، لم يخني أبدًا، وانتشلني من وهدة اليأس، وأخبرني بأني لست وحيدًا"؛ صـ197، 198.

 

12- يقول "خورخي لويس بورخيس" في قصته "مكتبة بابل": "الكون الذي يدعوه الآخرون المكتبة"، بينما جاء في مسرحية "العاصفة" لوليم شكسبير بيت شعر يقول: "كانت مكتبتي تكفيني مثل دوقية".. دومًا كانت المكتبات هي إحدى وسائل السلوان للإنسان كما يتمنى ذلك "ألبرتو مانغويل" في نهاية كتابه، أو كما يؤكد ذلك من خلال قوله:

"شعورنا بكوننا أفرادًا، الرابطُ مع شعورنا بكوننا مواطنين، على نحو جمعي، في عالم غير محسوس يضفي نوعًا من العنف على حياتنا - معنى يتجسد في كلمات عبر كتب في مكتباتنا.

 

من المحتمل أن تلك المكتبات ستتواصل وتبقى حيَّة، طالما ثابرنا على إعارة كلمات للعالم الذي يُحيط بنا، وحفظها للقرَّاء المستقبليين، هناك مسميات كثيرة للكلمة المكتوبة، وستكون هناك مسميات أكثر، وبالرغم من حماقاتنا فإننا لن نتخلى عن هذه المعجزة الصغيرة التي تتيح لنا ذرة من الفهم.

 

قد لا تغير الكتب من معاناتنا، ولا تحمينا من الشر، وقد لا تدلنا على ما هو حسن أو ما هو جميل، وهي بالتأكيد لن تقينا من مصير القبر المحتوم، لكن الكتب تمنحنا آلاف الإمكانيات: إمكانية التغيير، إمكانية التنور، ربما لا توجد كتب، مهما كُتبت بمثال جميل، بوسعها أن تزيل مثقالاً من الألم من مأساة العراق أو راوندا، لكن يمكن أيضًا أن لا توجد كتب، مهما كُتبت بشكل بشع، لا تمنح قارئها المقدَّر كشفًا، يشرح روبنسون كروزو بطل "دانييل ديفو": "قد لا يكون من الخطأ لكل من قرأ قصتي أن يصل إلى هذا الاستنتاج منها، وهو كيف أن في مرات عديدة خلال مسيرة حياتنا يكون الشرُّ الذي نحاول جهدنا أن نتفاداه والذي يرعبنا حين نقع فيه، هو الوسيلة لخلاصنا، الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن نبعث بها من جديد"؛ صـ 188، 189.

 

تلك الرحلة الممتعة التي برع فيها "ألبرتو مانغويل" في الغوص في أعماق الكتب والمكتبات، بحاجة إلى قراءات وقراءات؛ نظرًا لما تذخر به كتب "مانغويل" من تأمُّل ذاتي، وذكريات ممتعة، ومعرفة واسعة بالكتب، ما قَدُمَ منها وجَدَّ، ولعل الناظر في كتابات "ألبرتو مانغويل" لن يعدم فائدة في أي مجال يبحث فيه، وهذه هي صفة الكُتَّاب العاشقين لكُتبهم والمحملين بالخبرات الحياتية.. ولعل في الترجمة الواسعة لمؤلفات "ألبرتو مانغويل" إلى العربية أمرًا جيدًا، مع ضرورة الاهتمام بطريقة الترجمة؛ نظرًا للطبيعة الخاصة لتلك المؤلفات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: "أزمة المياه في المنطقة العربية: الحقائق والبدائل الممكنة"
  • عرض كتاب: "الكرد" لباسيل نيكتين
  • عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز الفياض
  • عرض كتاب: الجرذ التاريخ الطبيعي والثقافي
  • عرض كتاب: الثعلب ( التاريخ الطبيعي والثقافي )
  • تلخيص كتاب ( طفل يقرأ ) للدكتور عبدالكريم بكار
  • ثورة نوبل: حوارات مع ستة عشر مؤلفا حائزا على جائزة نوبل للآداب
  • تعارض البينات القضائية وأثره في الفقه الإسلامي لناصر مريواني
  • أبوبكر الصديق في القرآن الكريم لعبدالعزيز بن أحمد الحميدي
  • عرض كتاب: (قرائن ترجيح التعديل والتجريح)

مختارات من الشبكة

  • الرياض: عرض وتقديم كتاب السيرة النبوية للسعدي وابن عثيمين بمكتبة الملك عبدالعزيز(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • عرض كتاب: العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • روسيا: تغريم محل لبيع الكتب لعرضه كتاب حصن المسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عرض كتاب : الكتب الممنوعة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في كتبه المسندة المطبوعة) للشيخ أكرم الفالوجي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • عرض كتاب: سوريا وتركيا الواقع الراهن واحتمالات المستقبل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب: ناسخ الحديث ومنسوخه لأبي بكر الأثرم تحقيق محمد عوض المنقوش(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب