حوار إيما تارلو حول الأزياء الإسلامية

حوار إيما تارلو

حول الأزياء الإسلامية

عبدالرحمن أبو المجد:

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

وقال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 30، 31].

يتحدَّث القرآن عن التواضع في اللباس، لا يحدد أنماط الملابس التي يجب أن ترتديَها المسلمة، بشرط ألا تشف ولا تصف.

أضحتِ المرأةُ المسلمة قوَّةً اجتماعية في الغرب، وكثير من النساء المسلمات في جميع أنحاء العالم الغربي يخترنَ الزيَّ للتعبير عن إسلامهن وعقيدتهن، من خلال ارتداء أشكال مختلفة من اللباس الإسلامي؛ من الحجاب الملون كامل الطول والجلابيب، وفي بعض الحالات النقاب، في حين أن بعضهن يمكن اعتبار لباسهن تقليديًّا، والعديد منه له أشكال إبداعية جديدة من الأزياء الإسلامية، بعضها اخترع في المدن العالمية في الغرب.

لمعرفة المزيد عن هذه التطورات؛ أتحدث إلى إيما تارلو، التي أجرت بحوثًا متعمقة لعدة سنوات حول هذا الموضوع، تضمنها كتابها الأخير: "الأزياء الإسلامية: أزياء السياسة والإيمان"، نشر في عام 2010، وقد أشاد بمساهمة بارزة في المناقشات حول الفستان الإسلامي والهُوِية في العالم المعاصر.

الدكتورة إيما تارلو:

باحثة في قسم الأنثروبولوجيا، غولد سميث في جامعة لندنتدرس الأنثروبولوجيا، وهي مؤلفة للعديد من الكتب، آخرها "أزياء المسلمات: سياسة وعقيدة" 2010.

كتابها يتعلق بالعَلاقة بين الدين واللباس في بريطانيا، مع التركيز بصفة خاصة على مناقشات الزي الإسلامي والممارسات، واستكشاف القضايا بوضوح الرؤية، والاقتناع الديني، والنسبية، والسيرة الذاتية، والسياسة، والعاطفة، والأزياء والعولمة، بالإضافة إلى أنها محرر مشارك مع أنيليس مورس في كتاب يصدر قريبًا عن الأزياء الإسلامية في أوروبا، وشاركت في تحرير عدد خاص في مجلة "نظرية الأزياء في الأزياء الإسلامية في جميع أنحاء العالم"؛ (نظرية أزياء 2007).

وقد وصف كتابُها أزياء المسلمات بالتميز؛ لأنه كتاب يتضمن أيضًا قصصًا صادقة جنبًا إلى جنب مع صور جميلة، ويتيح حتى الآن صورة للمرأة المسلمة من الإنصاف والتفكير فيما يحيط بحقل الألغام حول المرأة المسلمة في المملكة المتحدة.

س: هل يمكنك أن تقولي لنا المزيد عن الكتاب والنيات في كتابته؟

إيما تارلو: أصبحتُ مهتمَّةً بلباس المرأة المسلمة في عام 2004، عندما أعلنت الحكومة الفرنسية عزمَها على حظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس الحكومية الفرنسية، حضرتُ تجمعات احتجاجات النساء المسلمات الشابات في بريطانيا، وقد تجمعوا احتجاجًا ضد الحظر، العديد من هؤلاء النساء واضحات للغاية، ثقافة وتعليمًا، جلهن من الشابات المواطنات البريطانيات، لكنهن كنَّ غالبًا ما يُصوَّرن في وسائل الإعلام والسياسة كما لو كن إما ضحايا أو سلبيات راديكاليات ومتطرفات خطيرات، لفتت انتباهي هذه الأزياء الإسلامية الواضحة، لم تناقش في أي وقت مضى في وسائل الإعلام من خلال عدسة وصف دينية أو سياسة، وبالرغم من أنها عناصر خلاقة وديناميكية من اللباس الإسلامي، إلا إنها غُيِّبت عن الإعلام تمامًا.

هذا أدى بي إلى إجراء البحوث في هذا العالَم المتغير، وتنوع ممارسات اللباس الإسلامي في بريطانيا بشكل واضح، مع التركيز على كلٍّ من الفرد في اختيار الملابس، وعلى تطوير وتصميم الأزياء الإسلامية، والبيع بالتجزئة، حرَصتُ أن يشمل الكتاب العديد من الصور، بعضها ملون؛ لأنني أردت القراء غير المسلمين؛ ليكونوا قادرين على تقدير الجوانب الجمالية للأزياء الإسلامية بكل يسر ووضوح، بدلاً من رؤيتهم المتجنية التي تعتبر الزي الإسلامي شكلاً من أشكال القمع.

س: هل لك أن تقولي لنا المزيد حول التغييرات في أزياء الحجاب في المملكة المتحدة؟

إيما تارلو: هناك نوعان من التفسيرات الرئيسية للأزياء الإسلامية الشعبية في المملكة المتحدة:

واحد ينطوي على تمشية الحجاب مع تيار ملابس الأزياء؛ مثل الجينز، والتنانير والفساتين، وهكذا دواليك؛ حيث الفساتين والقمصان التي تم شراؤها في الشارع تعتبر كاشفة للغاية، والشابات المسلمات في كثير من الأحيان يلبسن الأكمام الطويلة تحت الملابس القصيرة، مما خلق طبقات جذابة الأثر تظل في تناغم مع الموضات العالمية، وغالبًا ما يقابل هذا مع طبقات الحجاب الملونة المختلفة، مما خلق نظرة إلى حدٍّ ما مألوفة، استطاعت الشابات المسلمات الحصول على أفكار من التقنيات المختلفة لربط الأوشحة بعضها ببعض، مما يرينه في الشارع وعلى مواقع الأزياء، ومن السفر والتفاعل مع المسلمين من أماكن مختلفة في جميع أنحاء العالم، جماعتهن عمومًا لا تتفق مع الأنماط الإقليمية القديمة، بل هي نتاج الذين يعيشون في بيئة متعددة الثقافات الحضرية الحديثة، في الوقت نفسه، هناك جيل جديد من مصممي الأزياء في بريطانيا وغيرها من الذين يحرصون على تصميم ملابس جديدة، وأساليب تقديم الطعام في الاحتفالات خصِّيصى للسوق الإسلامية، وتباع في هذه المحلات التجارية، وعلى مواقع الأزياء الإسلامية يتم بعض السحب على مختلف الأنماط الإقليمية من اللباس من جميع الأنحاء من شمال إفريقيا، وجنوب آسيا، والشرق الأوسط.

البعض الآخر أكثر اهتمامًا بأنماط من التغطية المنتشرة في اللباس الذي يتناسب مع اتجاهات الموضة الغربية، على الرغم من اتجاهات الموضة الغربية غالبًا ما تعتمد على أنماط مختلفة من جميع أنحاء العالم، وبالتالي فإن الشرق/الغرب، التمييز ليس واضح المعالم فيه، ومن المثير للاهتمام على الإنترنت محلات الملابس الكبيرة التي تتسارع متنافسةً لجذب المسلمات أيضًا، وللحصول على الزبائن من ديانات أخرى.

س: ما الذي يحفز الجيل الأول من مصممي الأزياء الإسلامية؟

إيما تارلو: بدأ معظم مصممي الملابس والأزياء الإسلامية تلبية ما تصادف من صعوبات في العثور على الملابس التي يمكن أن تكون عصرية ومتواضعة، وهناك كثيرون يريدون التعبير عن إيمانهم من خلال ارتداء اللباس المغطِّي لكامل الجسد، ولكن لمَ تريدُ ارتداء الملابس التي ستظهرها مثل الأجنبية، وهي إنجليزية الأصل مسلمة؟

أنواع الجلباب والعباءات متوفرة في المحلات التجارية الإسلامية عمومًا، ولكنها لم تتفق مع رغبتهن في نظرة عصرية وحديثة، وكذلك متواضعة.

س: لماذا اعتبرت الأزياء الإسلامية قضية رئيسية بالنسبة للنساء المسلمات؟ وما هي العوامل التي تدخل في عملية صنع قرارهن؟

إيما تارلو: كثير من الشابات المسلمات في بريطانيا وأوروبا يرغبن أن يَبْدون عصريات، والعصرية التي يُرِدنها أيضًا أن تكون مغطاة، إنهن فخورات بهُوِيَّتهن كمسلماتٍ ملتزمات بالإيمان، ويرغبن أن يعربن عن ذلك من خلال ملابسهن ودعم أفكارهن الإسلامية بالتزام وتواضع، في نفس الوقت - بمجرد ارتداء أشكال واضحة من الأزياء الإسلامية - يجدن أنفسَهن عرضةً لأحكام الآخرين، قد تكون هذه النظرة من غير المسلمات باعتبار أنهن متدينات جدًّا، أو الرؤية الغريبة، قد يكون من المسلمات الأخريات اللاتي قد ينتقضن ارتداءهن للحجاب، أو لكونهن مغطيات تمامًا، حتى ولو كان الرداء لا يشمل الجسد بما فيه الكفاية، للدخول في المجال العام يضعن أنفسَهن تحت رحمة نظرة الأخريات غير المسلمات، وهذه الرؤية غالبًا ما تكون متناقضة، وبالتالي يصبح من المهم بالنسبة للمرأة الشابة المسلمة أن تكون ماهرةً في اختيار الرداء فيما يسميه "إرفينغ جوفمان" - عالِم الاجتماع الأمريكي -: إدارة الانطباع.

س: كيف يمكن أن تساعد الأزياء الإسلامية البريطانية لفتح حوار من أجل التفاهم المتبادل بين المسلمات وغير المسلمات في المجتمع الإنجليزي؟

إيما تارلو: الشيء الوحيد هو الاهتمام بموضة المسلمات في بريطانيا، وهذا قد يفتح حوارًا من دون كلمات، بل حوارًا بصريًّا لعلم الجمال والذوق، يدلل على جوانب من الثقافة الشعبية التي يتشارك فيها العديد من الشابات المسلمات ضمن سياق القواسم المشتركة مع غيرهن من الشابات في بريطانيا، في الوقت نفسه الملابس غالبًا ما تصبح نقطة محورية لفظية الحوار أيضًا، ويعتبر هذا بوضوح على الإنترنت؛ حيث للأزياء الإسلامية مواقع جذب للمعجبين من مختلف الخلفيات، وفيها بعض أولئك الذين يقومون بتصميم ما يرضي عصرية الأذواق، وسوق الموضات الإسلامية سوق متواضع بجهد يمكن الوصول إلى الناس من خلفيات ومعتقدات مختلفة.

س: هل تعتقدين أن دراسة الأزياء يمكن أن تخبرنا الكثير عن هُوِيَّة المرأة المسلمة في العالم المعاصر؟

إيما تارلو: نعم، من خلال اللباس يمكننا أن نرى تشكيلات الهُوِيَّة الجديدة والمعقدة والناشئة، كما وضع الناس أنفسهم في المشهد المحلي والعالمي، ما هو رائع حول اللباس هو أنه يربط بين الشخصية وأكبر التشكيلات الاجتماعية والدينية والثقافية والجمالية والأخلاقية والسياسية، أحد الجوانب البارزة للموضة الإسلامية هي كيف أنها موضة عالمية، وهذا يعكس الطبيعة العالمية للمجتمعات الإسلامية في بريطانيا وأماكن أخرى.

س: لماذا تمثل الأزياء موضوعًا رئيسيًّا مقلقًا في اهتمام وسائل الإعلام الدولية؟

إيما تارلو: لسوء الحظ غالبًا ما يستخدم تمثيل النساء المسلمات في الحجاب والرجال بقبعات ولحى في وسائل الإعلام الغربية على أنها بصرية الاختزال لتمثيل الخليج، ويتصور المفترض بين الإسلام والغرب، غالبًا ما تصاحب مثل هذه الصور مقالات حول مشاكل الهجرة، وانتقادات التعددية الثقافية، أو مناقشات الأنشطة الإرهابية الدولية.

عندما تستخدم طريقة الصور هذه، توحي بأن المسلمين هم الأجانب الذين يُسبِّبون المتاعب، ويرفضون التجاوب، ملاءمة الصور المختارة في كثير من الأحيان من الممارسات التي تغطي أكثر الجوانب تقشفًا مثل الجلباب والنقاب، مثل هذه الصور تحض على الخوف من الفرقة، ورغبة من قِبَل العديد أن الدين هبط إلى المجال الخاص، كما يربطون بها المخاوف بشأن حرية المرأة، والمخاوف من أن بعض النساء قد يضطررن إلى التغطية رغمًا عنهن، أو أنهن قد يشربن أيديولوجية بعينها، والتي سوف تحول دون تقدمهن.

الاستقطاب المتزايد للعَلاقات الدولية بعد 11/9 أدى إلى تفاقم هذه القراءات التبسيطية، والانقسام في اللباس الإسلامي "مشكلة"، وساهم في الموجات الأخيرة الحظر على ارتداء الحجاب أو الجلباب في المدارس والأماكن العامة المعينة في عدة دول أوروبية، هنا يتم خلط الزي الإسلامي مع ما يراه البعض التهديد الإسلامي المتطرف، من ناحية أخرى الحركات الاحتجاجية الأخيرة في مصر وتونس وليبيا، التي ينظر إليها كثير من النساء في الحجاب القتال للديمقراطية، قد تؤدي إلى إفراغ هذه السلبية وتبسيط قراءات.

س: ما البحوث المتقدمة التي قمتِ بها في هذا المجال؟

إيما تارلو: منذ عام 2009 شاركتُ في اثنين من المشاريع البحثية الجماعية، وأشارك في مؤسسة مع فريق من الباحثين للنظر في تطورات الأزياء الإسلامية في أوروبا.

نحن سننشر كتابًا - عن النتائج التي توصَّلنا إليها - في العام المقبل، (حررته بنفسي مع الأستاذة أنيليس مورس من جامعة أمستردام).

لقد شاركتُ أيضًا مع أستاذ رينا لويس وجين كاميرون من كلية لندن للأزياء في مشروع البحث في نشوء وانتشار الموضات المتواضعة، والتي ليست محددة لأية جماعة دينية خاصة، ولكن تسعى لتلبية أذواق النساء من مختلف الديانات، وبخلفيات حتى لغير المتدينات، هذا تطور مثير للاهتمام؛ لأنه مرة أخرى يخلق الحوار بين الناس من مختلف الخلفيات والأديان، وأيضًا يشير إلى حقيقة أن النساء المسلمات لَسْنَ وحدهن فقط يمثلن ما يمكن اعتباره مجموعة حرجة في الجَنْسَنة الشديدة بين أجساد النساء في الكثير من الأزياء المعاصرة.

س: في منتصف عام 1990 قضيتِ 3 سنوات في دلهي، لقد قمتِ بزيارتها، تُرى هل زرتِ أو أقمتِ في أي دولة من الدول الإسلامية أو العربية؟

إيما تارلو: لقد زرت المغرب، وأيضا قضيت الكثير من الوقت مع المسلمين الهنود في دلهي، ولكن في ذلك الوقت لم أكُ أعمل حول فستان إسلامي، برز اهتمامي على الموضات الإسلامية مما رأيته من حولي في شوارع لندن، وفي الجامعة؛ حيث أقوم بالتدريس بدلاً مما رأيته في السفر.

عبدالرحمن: شكرًا جزيلاً لك.

إيما تارلو: شكرًا لك.