• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

بمناسبة ذكرى ألفية وفاته. . الزهراوي (حياته - مؤلفاته )

د. محمود الحاج قاسم محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2013 ميلادي - 5/2/1435 هجري

الزيارات: 16466

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة الزهراوي

الزهراوي ( حياته - مؤلفاته )

404 - 325 هـ / 936 - 1013م

 

برز في تاريخ الحضارة الإسلامية علماء أعلام، وأطباء عمالقة غدوا نجومًا في سماء العلم، وذلك من خلال ما قدموه من إبداعات واكتشافات، وما تركوه من بصمات في صرح الحضارة الإنسانية.


ومن هؤلاء الطبيب العربي المسلم الأندلسي أبو القاسم خلف ابن العباس الزهراوي صاحب كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، الذي نحتفل بذكرى مرور ألف سنة على وفاته.

 

يعد الزهراوي من أشهر الأطباء الجراحين المسلمين في التراث الطبي العربي الإسلامي، بل وأشهر من ظهر من الأطباء الجراحين في العالم حتى عصر النهضة الأوربية. فقد ظل طيلة القرون التي تلت وفاته حتى اليوم، أي على مدى عشرة قرون ملء سمع وبصر مؤرخي الطب والأطباء، وسيضل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

 

وأما كتابه التصريف فإن له أهمية خاصة، ذلك لأنه يعتبر أول كتاب علمي مصور في تاريخ الطب ولأنه الكتاب الطبي الوحيد الذي دون فيه الزهراوي كيفية إجراء العمليات الجراحية وابتكاراته في هذا المجال، إضافة إلى الرسوم التوضيحية في كيفية إجراء تلك العمليات وصور الآلات التي استخدمها والتي سيأتي في الكتاب تفصيل كل ذلك.

 

ترجمة حياته:

هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأنصاري الأندلسي (( ولد بعيد عام 325هـ/ 936م في مدينة الزهراء، العاصمة الأندلسية الجديدة، التي أتم الخليفة عبد الرحمن الناصر بناءها في العام نفسه ونقل إليها مركز حكومته - وقد عاش ومات في بلدته الزهراء - ويرجح أنه لقي حتفه في عام 404هـ/ 1013م أيام البرابرة التي دكت بها معالم المدينة وسقطت في أيدي الغزاة المدمرين.. وفي أحد أزقة قرطبة قرب المسجد وجدت شارعًا صغيرًا يحمل اسم أبو القاسم الزهراوي Albucasis تخليدًا لذكراه من قبل أهالي قرطبة الأماجد الطيبين ))[1].

 

وقد جاء لقبه في بعض نسخ كتاب التصريف (الأنصاري) إشارة إلى أن والده كان من الأنصار - أنصار الرسول (صلى الله عليه وسلم) - الذين كانوا مع جيش الفتح، واستوطن قرطبة، ثم انتقل إلى الزهراء.

 

(( وتدل القرائن على أن الزهراوي بدأ يزاول مهنته في أيام الخليفة عبد الرحمن الثالث الملقب بالناصر (300-350هـ/ 912-961م) وأنه أدرك عصر الحكم المستنصر (350-366هـ/961-976م) وهشام المؤيد بالله (366-399هـ/976-1009م)، ومن الواضح أن أبا القاسم الزهراوي لم ينل ما يستحقه من اهتمام مؤرخي العلوم ومؤلفي كتب التراجم الأندلسيين وبذلك بقيت سيرته المهنية والعلمية خافية علينا بحيث إننا نجهل شيوخه وأماكن استقراره وتنقلاته ومكان وفاته))[2].

 

مكانة الزهراوي في الطب العالمي[3]: (( لخص لوسيان لوكليرك مكانة الزهراوي في تطور الطب العالمي بقوله (( يعد أبو القاسم، في تاريخ الطب، أسمى تعبير عن علم الجراحة عند العرب وهو أيضًا أكثر المراجع ذكرًا عند الجراحين في العصر الوسيط )) ثم قال: (( وقد احتل الزهراوي في معاهد فرنسا مكانة بين أبقراط وجالينوس فأصبح من أركان الثالوث العلمي ))[4].

 

ولوكليرك إنما يؤكد بهذا القول الأخير ما سبق أن ردده ركسيوس (Riccius) في القرن الخامس عشر الميلادي، ويعد لوكليرك أحد المتخصصين في دراسة الزهراوي، فهو الذي ترجم إلى الفرنسية مقالته في الجراحة، وكتب عنه في تاريخ الطب العربي الذي أصدره عام 1876م، نحو عشرين صفحة ضمنها معلومات مفيدة عن هذا الجراح الأندلسي ولا سيما عن الترجمات اللاتينية والعبرية لكتاب التصريف.

 

وعن مكانة الزهراوي في الغرب الأوربي نقل لوسيان عن كتاب (( تاريخ الفكر في فرنسا Histoire Litteraire de la France )) فقرة تبين التأثير البالغ الذي أحدثه الزهراوي في سبيل تقدم علم الجراحة في أوربا، يقول (( هنالك واقع جدير بالاهتمام في تاريخ الجراحة بفرنسا، ذلك أنه في النصف الثاني من القرن الثالث عشر غادر عدد من الأطباء الإيطاليين وطنهم في أعقاب الفتن التي نشبت بين طوائف الجلفيين والجبلنيين، ولجؤوا إلى فرنسا حاملين معهم مؤلفات أبي القاسم، الطبيب العربي الأندلسي الشهير الذي يعد باعث الحياة في علم الطب، ويظهر أن هذه المؤلفات قد وصلت بوصول أحد أطباء مدرسة ساليرنو إلى باريس، واسمه روجي دي بارم [5] Roger de Parme.)).

 

وأخيرًا ننقل قول الجراح الفرنسي أميل فورج عن كتاب التصريف: (( كان له الفضل الأول في تلخيص جميع المعارف الجراحية في عصره وسيبقى التصريف صورة التعبير الأول في الجراحة ))[6].

 

وفي الحقيقة أن الزهراوي لم يشتهر في العالم العربي إلا بعد ترجمة كتاب التصريف إلى اللاتينية، وشهرته في أوربة، ولا سيما أن الأطباء الأندلسيين والمغاربة ممن استفادوا مما ورد في كتابه كالغافقي والإدريسي وابن ميمون وابن البيطار لم ينوهوا بذكر الزهراوي[7].

 

مؤلفاته:

ذكر ابن أبي أصيبعة (( وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي.. وكتاب التصريف لمن عجز عن التأليف ))[8].


كلامه هذا يوهم إلى أن للزهراوي كتابين وهذا لا شك غير صحيح؛ لأن الزهراوي لم يؤلف غير كتاب التصريف.

 

وقد حقق ونشر عبد الحميد العلوجي كتاب [تفسير الأكيال والأوزان] ونسبه للزهراوي، وأكثر الاحتمال أن هذا الكتاب من بعض أجزاء كتاب التصريف المفقودة وليس كتابًا آخر له.

 

ويؤكد الأستاذ محمد العربي الخطابي ما ذهبنا إليه حيث يقول:

(( من المرجح أن الزهراوي لم يؤلف من الكتب غير كتاب التصريف.. وقد ذكر ابن عبدون - عرضًا- في [عمدة الطبيب] كتابًا آخر للزهراوي سماه [ترجمة العقاقير ][9]، وقد يكون المقصود بهذا المقالة المتعلقة بالأدوية المفردة في كتاب التصريف [الباب الأول من المقالة التاسعة والعشرين].

 

هذا وقد أدى تعدد الترجمات اللاتينية لكتاب التصريف أو لبعض مقالاته إلى الظن بأن للزهراوي مؤلفات أخرى غير التصريف، ومن الأسماء التي شاعت في اللغة اللاتينية في العصور الوسطى عن كتاب أبي القاسم:

1- Acaravius أو Alsaharavius، وهذه التسمية ليست إلا الرسم اللاتيني لاسم الزهراوي، وإنما أطلق من باب الشهرة على الكتاب نفسه، وذلك من قبيل ما ذكره ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء كما سبقت الإشارة. أما المقالة الثلاثون المتعلقة بالجراحة فقد شاعت في اللغة اللاتينية باسم Liber chirugicae كما أطلق عليها اسم Albulcasae de chirurgia libritres أي كتاب الزهراوي في الجراحة، ذلك أن المؤلف اشتهر عند الغربيين باسم Albicasis أو Abulcasis وهو تصوير صوتي لاتيني لكنية الزهراوي وهي أبو القاسم.

 

2- Liber servitoris، وهي ترجمة تقريبية للعبارة العربية [كتاب التصريف]، وهذه التسمية اللاتينية لم تكن تطلق في الحقيقة إلا على المقالة الثامنة والعشرين من كتاب التصريف الخاصة بإصلاح الأدوية.

 

وكيفما كان الحال فإن التأليف الوحيد الذي خلفه الزهراوي ووصل إلينا كاملًا هو كتاب [التصريف لمن عجز عن التأليف]، وقد وقع بعض اللبس في فهم المعنى الذي قصده المؤلف من هذه التسمية، فلو أننا رجعنا إلى ما قاله الزهراوي نفسه في خطبة الكتاب لارتفع اللبس ووضح القصد، يقول: [وسميته بكتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وإنما سميته بذلك لكثرة تصرفه بين يدي الطبيب وكثرة حاجته إليه في كل الأوقات وليجد فيه من جميع الصفات ما يغنيه عن التأليف ]، والمقصود أن الزهراوي - الذي ألف هذا الكتاب لبنيه قبل غيرهم - أراده أن يكون في متناول المشتغلين بالطب يرجعون إليه عند الحاجة ويأخذون منه ما شاءوا من صفات الأدوية وطرق العلاج. ))[10].

 

مراجع الزهراوي في كتاب التصريف:

(( يتبين من قراءة مقالات كتاب التصريف أن الزهراوي قد رجع إلى عدد من المؤلفات اليونانية والعربية في الطب والأغذية والأدوية وتدبير الصحة... اما المقالة الثلاثون [في العمل باليد] فإن الزهراوي لم يذكر فيها اسم أي مرجع، بل اعتمد في جل فصولها على خبرته ومعاناته الفعلية للجراحة والجبر))[11].

 

وهناك ثلاثة أمور لابد من الإشارة إليها وهي:

1- مسألة أساس جراحة الزهراوي هو بولش [بولس]: ذهب بعض الباحثين - وفي مقدمتهم لوسيان لوكريك - إلى أن الزهراوي اعتمد في الجراحة على الكتاب السادس لبولس الأجانيطي (( والحقيقة أن الزهراوي ذكر بولس عدة مرات ونقل منه صفة أدوية، ولكنه لم يذكره في مقالة الجراحة، وربما نقل معلومات من كتاب علل النساء لبولس وذلك في الفصول التي خصصها الزهراوي لفن التوليد وتدبير الحوامل، وليس لدينا أي دليل على أنه نقل من كنانيش بولس شيئًا ))[12].

 

2- التشابه بين الزهراوي وابن الجزار في فصل تدبير الصبيان: حيث إن هناك تشابهًا في المعنى واللفظ بين الفصل الذي كتبه الزهراوي حول تدبير الصبيان وبعض فصول كتاب أبي جعفر ابن الجزار القيرواني في كتابه سياسة الصبيان وتدبيرهم الذي استند فيه مؤلفه إلى مصادر سابقة، فهل أخذ الطبيبان العربيان من مصدر قديم واحد أم أن الزهراوي نقل مباشرة من ابن الجزار، لا سيما وأن الزهراوي كان قد اطلع على بعض مؤلفات هذا الطبيب القيرواني وذكرها بأسمائها - كما ذكرنا - ولكنه لم يذكر من بينها كتاب سياسة الصبيان ))[13].

 

3- معرفة الزهراوي بابن سينا: (( إن الزهراوي لم يعرف ابن سينا [428هـ/1037م] ولم يطلع على كتابه القانون، فهو قد توفي قبل ابن سينا بنحو أربع وعشرين سنة، وكان الشيخ الرئيس في ريعان شبابه مشرفًا على الثلاثين من عمره، هذا ويؤكد ابن أبي أصيبعة أن كتاب القانون لابن سينا لم يدخل إلى الأندلس إلا في زمان الطبيب أبي العلاء بن زهر [525هـ/ 1134م] ))[14].

 

محتويات كتاب التصريف: هي كما يلي[15]:

المقالة الأولى: بعد خطبة الكتاب يتناول في هذه المقالة حد الطب وقسمي العلم من أمور طبيعية وأسباب ودلائل، والعمل باليد وعيون من التشريح لجميع أعضاء البدن ووظائفها والأدوية ومنافعها وأوصافها وتركيبها، والأمراض الآلية وأصنافها وأسبابها وأجناس الدلائل وعلاماتها وتقدمة المعرفة والإنذارات والأنباض.

 

المقالة الثانية: في تقاسيم الأمراض وعلاماتها والإشارة إلى علاجها وما يعرض للحبالى وعلامات الحمل وخروج الجنين على الشكل الطبيعي وتدبير خروج الطفل والرضاعة والوقت الذي ينبغي فيه أن يدرب الطفل أكل الطعام وظهور الأسنان والعظام ونموه ليصير صبيًّا.

 

وذكر في المقالات (3 - 27): صفات المعاجين، والترياقات، والحبوب والأدوية المسهلة، والمقيئة والحقن، والأدوية القلبية، والمستعملة في أوجاع المعدة، وأدوية الباه والتسمين والتهزيل، في الأشربة والمربيات، والطبوخات والمربيات، وفي السفوفات والأقراص والسعوطات والقطورات والذرورات والغراغر، في اطيب والزينة، في الأكحال والشيفات واللطوخات، وأدوية الفم، وعلل الصدر، الضمادات وصناعة المراهم والأدهان، في أطعمة المرضى والأصحاء، طبائع الأدوية وإصلاحها).

 

المقالة الثامنة والعشرون: في إصلاح الأدوية المفردة والمركبة من معادن ونبات أو حيوان وحرق الأحجار المعدنية وما يتصرف في الطب من ذلك. وهي أفضل مقالة من نوعها كتبت في الأندلس حتى زمن المؤلف.

 

ولأول مرة نجد الرسم والوصف الكامل لطريقة عمل القالب الذي يصنع وتطبع فيه الأقراص على لوح من الأبنوس أو العاج، فيعد ثم ينشر الى نصفين طولًا، ثم يحضر في كل وجه قدر غلظ نصف قرص وينقش على أحد الوجهين اسم القرص المراد صنعه مطبوعًا بشكل معكوس، فيكون النقش صحيحًا عند خروج الأقراص.

 

ولا ريب أن ذلك يعطي الزهراوي حقًّا حضاريًّا؛ لكي يكون المؤسس والرائد الأول لصناعة الطباعة، وصناعة أقراص الدواء؛ حيث اسم الدواء على كل قرص منها، هاتان الصناعتان اللتان لا غنى عنهما في كل المؤسسات الدوائية العالمية، ومع هذا فقد اغتُصِب هذا الحق وغفل عنه كثيرون.

 

(( وبسبب ترجمة كامل المقالة إلى اللاتينية وشيوع استعمالها تحت عنوان كتاب التصريف ( Liber Servitorius) زاد انتشارها في الأوساط الطبية والعلمية حتى اعتبرت هذه المقالة وكأنها كتاب الزهراوي الكامل، أضف إلى ذلك أنه لأصالة هذه المقالة وطرافتها وأهميتها في تاريخ العقاقير والكيمياء ))[16].

 

المقالة التاسعة والعشرون: في تسمية العقاقير باختلاف اللغات (يونانية وسريانية ولاتينية وإسبانية وبربرية) مرتبة على حروف المعجم، وعناوين الأسماء والآلات على حسب فهم بلدنا (الأندلس)، وبدل العقاقير بعضها ببعض اذا عدمت المطلوبة أو تعذر وجودها، وأعمار الأدوية المفردة والمركبة من مصادرها الطبيعية، وتفسير الأكيال والأوزان الموجودة في كتب الحكماء باختلاف لغاتهم.

 

المقالة الثلاثون والأخيرة: في كتاب التصريف والتي هي الأشهر من أجزائه مع ما يزيد كثيرًا عن مائة رسم أو صورة للأدوات الجراحية تحت عنوان العمل باليد وهي القسم العملي الجراحي والوصفي التشريحي للكتاب. وشعورًا بأهمية الموضوع فالزهراوي يعلل الأهداف والأسباب والأغراض التي حملته على تأليف المقالة قائلًا: (( لما أكملت لكم يا بني هذا الكتاب بعد المشقة رأيت أن أكمله لكم بهذه المقالة التي هي جزء العمل باليد لأن العمل باليد محسنة في بلدنا وفي زماننا معدوم البتة، حتى كاد أن يدرس علمه وينقطع أثره، وإنما بقي منه رسوم يسيرة في كتب الأوائل الإغريق، فرأيت أن أحييه)).

 

مبادئ عامة يستعان بها في الطب وردت في التصريف: زخر كتاب الزهراوي بالعديد من القواعد والمبادئ المهنية التي نصح فيها الأطباء في الأخذ بها، اخترنا فيما يلي بعضًا منها: حيث يقول:

• ثلاثة أرباع العلاج في حفظ قوة المريض لكيلا تسقط قبل المنتهى. فعده بما يشتهي إذا خفت هبوطها إذا لم يكن في ذلك كبير مضرة، وطيب بكل ما ترجو أن يدخل عليه منه الراحة والسرور والفرح، وعده بالفرج المعجل، وهون عليه المرض... وأضرب له الأمثال بأن تقول إن فلانًا تخلص من مرضه الذي كان أعظم من مرضك.

 

• إن من أبلغ الأشياء فيما يحتاج إليه في علاج الأمراض - بعد المعرفة الكاملة بالصناعة - حسن مسائلة العليل، وأبلغ من ذلك لزوم الطبيب العليل وملاحظة أحواله.

 

• إن كثرة التخليط في العلوم قبل إحكام علم واحد أو فن واحد مفسدة للنفس ومبلدة للفكر.

 

• خذوا في التجربة ومزاولة المرضى وعلاج العوام وتواضعوا ولا تأخذكم القوة والكبرياء في التفتيش والامتحان للأمراض القبيحة عن الاستماع لشكاية الفقراء وأهل المسكنة، وأدخلوا الراحة عليهم وخففوا من أوصابهم بقدر الطاقة وتجديد النية لهم ابتغاء أجر الله العظيم.

 

• (( ويسجل التاريخ للزهراوي سبقًا آخر إذ أنه قد أوصى في كل العمليات الجراحية في النصف السفلي من جسم الإنسان أن يرفع الجوف والأرجل قبل كل شيء، حيث أن هذا الإجراء يعجل على إرجاع الدم إلى القلب ويقلله في الأقسام المرفوعة فيجعل موضع العملية واضح الرؤية وهذه الطريقة اقتبسها الغرب مباشرة عن الجراح العربي وعرفت باسم الألماني فردريك تريندلنبرغ[17] (F. Terendelenburg) )).

 

وهنالك شروط وضعها الزهراوي للجراح قبل بدء العملية الجراحية، وهي[18]:

1- ينصح الزهراوي قائلًا (ينبغي أن يكون التحذير اشد لأن العمل في هذا الباب كثيرًا ما يقع فيه الاستفراغ من الدم الذي به تقوم الحياة عند فتح عرق أو شق ورم أو بط اخراج أو علاج جراحة أو اخراج سهم أو شق على حصاة ونحو ذلك مما يصحب كلها الضرر والخوف يقع في اكثرها الموت)[19].

 

2- كما ونبه الزهراوي إلى ضرورة دقة التشخيص قبل البدء بأي عمل جراحي لأن اخفاق الجراح في تشخيص الحالة التي هو بصدد معالجتها يؤدي إلى هلاك المريض دون شك[20] ويقول في ذلك (( أنا اوصيكم عن الوقوع فيما فيه الشبهة عليكم فإنه قد يقع عليكم في هذه الصناعة ضروب من الناس يتفجرون من الاسقام فمنهم من قد ضجر من مرضه وهان عليه الموت لشدة ما يجد من سقمه))[21].

 

3- ونهى الزهراوي وحذر طلابه بعدم إجراء عملية جراحية للمريض وحالته لا يرجو منها شيئًا حيث يقول ((ومنهم من يبذل من حاله ويعينك به راجيًا الصحة ومرضة قتال فلا ينبغي لكم أن تساعدوا من أتاكم ممن هذه صفته البتة))[22].

 

4- وحذر الزهراوي طلابه من التهور والمجازفة فيقول (( رأيت طبيبًا آخر قد تقدم في اخراج حصاة لرجل قد طعن في السن وكانت الحصاة كبيرة فتهور واخرجها مع قطعة جزء من المثانة فمات الرجل بعد ثلاثة أيام وكنت قد دعيت لإخراجها فرأيت من عظم الحصاة وحالة المريض ما قدرت عليه)).

 

5- يمنع الزهراوي من الانزلاق في إغراءات المال والتوسل بمباهج الدنيا بل النظر دائمًا أيها أفضل لإطالة الحياة وصحة المريض[23].

 

وفي ختام حديثنا عن كتاب التصريف نتساءل لماذا لم يحقق وينشر هذا السفر الكبير والمهم حتى اليوم بشكل كامل، وأردف القول لولا أنه لم تعد صحتي تعينني لأقدمت على تحقيقه، وأملي في الشباب من الباحثين أن يشدوا العزم ويخرجوه لنا كاملًا وإن ذلك ليس عليهم بعزيز إن شاء الله.



[1] حمارنة، الدكتور سامي خلف: تاريخ العلوم الطبية عند العرب والمسلمين، سلسلة منشورات جامعة اليرموك، عمان 1989، مجلد أول، ص 334 -335، 352.

[2] الخطابي، محمد العربي: الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية، دار الغرب الإسلامي - بيروت، الطبعة الأولى 1988، ج1، ص 113.

[3] الخطابي ( المصدر السابق )، ص 119.

[4] لوكليرك: تاريخ الطب العربي، 1، 454 - 455.

[5] المصدر نفسه.

[6] عمدة الطبيب في معرفة النبات مخطوط الخزانة العامة بالرباط، ص 67.

[7] جاك. س. ريسلر: الحضارة العربية، ص 198.

[8] البابا، محمد زهير: الصيدلي ابو القاسم الزهراوي، أبحاث وأعمال المؤتمر العالمي الثاني عن الطب الإسلامي، منظمة الطب الإسلامي - الكويت 1982. 2/514.

[9] ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، بيروت 1979، ج3 ص 83.

[10] عمدة الطبيب في معرفة النبات مخطوط الخزانة العامة بالرباط، ص 67.

[11] نقلنا هذه الفقرة عن الخطابي، المصدر السابق ص 119-120.

[12] الخطابي (المصدر نفسه)، ج1، ص121.

[13] الخطابي ( المصدر نفسه ) ص 123.

[14] الخطابي ( المصدر نفسه ) ص 124.

[15] الخطابي ( المصدر نفسه ) ص 124.

[16] أوجزنا هذه الفقرة عن، حمارنة ( مصدر سابق ) ص 336-346.

[17] حمارنة ( المصدر نفسه ) ص 346.

[18] هونكة، سيغريد: شمس العرب تسطع على الغرب ص 378.

[19] الشمري، نهاد نعمة مجيد الحسن: تاريخ الطب في قرطبة الإسلامية، رسالة ماجستير - كلية الآداب للبنات / جامعة بغداد، 2004،  ص 105.

[20] التصريف: ص 463.

- ALBUKASIS ON SURGERY AND INSTRUMETS  ADEFINITIVE EDITION OF THE ARABIC TEXT WITH ENGLISH TRANSLATION AND COMMENTARY BY: M.S.SPINK AND G.L.LEWIS LONDON THE WELLCOME INSTITUTION OF THE HISTORY OF MEDICIONE 1973

[21] أمين، قيس: الزهراوي وعمليات الغدة الدرقية، مجلة المؤرخ العربي، العدد السادس عشر، القسم الأول، بغداد، 1981م، ص 194.

[22] التصريف ( مصدر سابق ) ص 462.

[23] التصريف ( المصدر نفسه ) 467.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من مشاهير علماء الطب .. الزهراوي الأندلسي
  • زين الدين عمر بن أحمد الشماع ( 880هـ - 936هـ )

مختارات من الشبكة

  • بحوث ندوة المنظمة الإسلامية عن السيوطي بمناسبة مرور خمسة قرون على وفاته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أمسية دينية بمدينة فوشي كروجي الألبانية بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مركز يقيم ندوة عن دور المرأة في الإسلام بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بمناسبة ذكراها الخامسة والثلاثين مؤسسة إسلامية تقدم 35 ألف وجبة للمحتاجين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بمناسبة الذكرى 562 على فتح القسطنطينية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حياة المجاهدين .. بمناسبة وفاة الأستاذ عبدالعزيز جاويش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسالة إلى بلال زهير شاويش بمناسبة وفاة والده رحمه الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجمع بين الألفيتين (ألفية العراقي وألفية السيوطي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مؤلفات في أولي الضرر (بمناسبة اليوم العالمي للمعوقين 3/12/2014م)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منظومة: نصائح للمبطون بمناسبة رمضان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب