• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

بين النصيحة والنقد

بين النصيحة والنقد
د. محمود عبدالجليل روزن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2013 ميلادي - 16/12/1434 هجري

الزيارات: 30294

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين النصيحة والنقد


لا توجدُ فضيلةٌ اتفق عليها عقلاءُ البشرِ إلا وتجد الإسلام قد سبق إليها، ففصَّلها ووضعَ ضوابطها ورسم معالمها وأركانها بما لا مزيد عليه.

 

ليس هذا قولًا متعجلًا، ولا حكمًا عاطفيًّا؛ بل هي حقيقةٌ يقرُّها الواقعُ ويُصدِّقها البحث الجادُّ المتأنِّي المتجرِّدُ عن الهوى.

 

وللتدليل على ذلك؛ خذْ هذه القيمةَ التي يتشدَّق بها بعضُ أنصار الليبرالية ودعاتها ومُنظِّروها، لنرى أيهما أسبق إليها زمانًا وأوضح تأصيلًا وتفصيلًا: الإسلام أم الليبرالية؟

 

حريَّة النقد:

وقد اخترتُ مصطلح (حرية النقد) ولم أقل (حرية التعبير) كما يقولون - والتعبير أعمُّ من النقدِ - لأنَّ النقدَ أصعبُ أنواع التعبير، والناقدُ أشدُّ تعرُّضًا للمُخاطرةِ من أيِّ مُتكلِّمٍ آخر، فالذي يكفل حريَّة النقد ويتعاملُ معها بشكلٍ مُرْضٍ؛ سيكفُل - من باب أولى - حريَّة التعبير، ويتعامل معها بشكلٍ مُرْضٍ.

 

وحرية النقد من القيم التي يتنادى بها الليبراليون، ويدَّعون أنَّهم يُقاتلون من أجل أن تُكفَل لكلِّ أحدٍ دون تضييقٍ ولا إلجامٍ. فهل هذا المبدأ (الليبرالي) اختراعٌ سبقت إليه الليبرالية؟ الإجابة بلا تردُّدٍ ولا تلعثُمٍ: أن (لا).

 

فالإسلامُ أكَّدَ - من خلال عشرات النصوص في الوحيين - على ضرورة النقد البنَّاء، وهذا يُخالفُ ما يحلو لقومٍ من دُعاة الـمَدَنِيَّةِ الهيوليَّة أن يُروِّجوا له وهو: أنَّ الدين يأمر أتباعه بالانقياد المجرَّد، والطاعة العمياء بلا تبصُّرٍ ولا اعتراضٍ ولا تساؤلٍ، وأنَّ جزاء الـمُعترضِ هو التكفيرُ والتفسيقُ..إلخ القائمة السوداء. وربَّما كانت هذه الصورة صحيحةً في بعض الأديان أو الملل والنِّحَل الأخرى غير الإسلام، أمَّا لو نظرنا إلى الإسلام؛ فسنجدُ أنَّه لم يكفل حرية النقد فحسب؛ بل لقد جعله من الأسس والمعاني التي لا يتمُّ الدين إلا بها، فالنقد موجودٌ وحاضرٌ بوضوحٍ في الخطاب القرآنيّ والنبويّ، ويُعبَّر عنه - في الغالب - بمصطلح النصيحة ومشتقاتها.

 

وأَنْعِمْ نَظَرَكَ؛ تجدْ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حصر الدين في النصيحة حين قال: "الدين النصيحة"، فأسندَ الاسمين الـمُعرَّفين إلى بعضهما، وهذا من الحصر والقصر، فكأنَّ الدين هو النصيحة، والنَّصيحة هي الدين؛ فلا يتمُّ دينُ المرء إلا بمناصحته للناس، ولا يكون المرءُ دَيِّنًا إلا بقدر ما يلتزمُ بالنصيحة وآدابها. وسيأتي مزيد بيانٍ لذلك بإذن الله.

 

ولذلك؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يأخذ البيعة من المسلمين فإنَّهم كانوا يبايعونه على السمع والطاعة والنصح لكلِّ مسلم. وفي هذا أبلغُ الردِّ على هؤلاء الذين يُقرنون الدين والتديُّن بالطاعة العمياء، فالسمع والطاعة الواعية مبنيَّانِ على النُّصح والتناصح.

 

إذًا؛ فالإسلام سَبَقَ في الزمان كلَّ دُعاة الحرية والليبرالية لتأصيل هذا المعنى الجليل، فهل هذا هو السبقُ الوحيد للإسلام في هذا الباب؟ أم أنَّ النصيحةَ التي دعا إليها الإسلام وشدَّد على التزامها، قد سبقت في معانيها وتفصيلاتها النَّقدَ بمعناه الضيِّق؟

 

إجابة هذا السؤال تتَّضِح حين نُقارِن بين النصيحة والنقد، ولا شكَّ أن الناصحَ ناقدٌ، لأنَّه يُذكِّرُ بالمميزات وينصح بتطبيقها وتعزيزها، ويُحذِّرُ منَ العيوبِ وينصح بتقويمها والتخلص منها؛ مُوضِّحًا - غالبًا - طريقةَ هذا التغيير.

 

وتتميز النصيحة عن النقد بعدة أمور؛ منها:

الأولى: أنَّ الناصح يرى النُّصح واجبًا عليه لا تفضُّلًا، ولا امتنانًا. ولا شكَّ أنَّ هذا يُعطي الناصح إحساسًا بالمسئولية يجعله أكثر تمسُّكًا بإيصال النُّصح وتوجيه النقد إلى الشخص أو المؤسسة الـمـُستهدفة بأفضل صورةٍ وأحكمِها. إنَّ الناصح الذي يستشعرُ أنَّ قيامه بواجبه النقديّ طاعةٌ لربِّه وخدمةٌ لدينه ووطنه ومجتمعه؛ هو - بلا شكَّ - أعلى رُتبةً من النَّاقدِ الذي يُمارِس النقد لأنَّه مهمّتُه! فهو - مثلًا - ينقد لأنَّ عليه أن يُسوِّد زاويةً من الصحيفةِ كلَّ يومٍ بمقال، أو لأنَّ عليه أن يظهر في صورة الـمُعارِض الشَّرِس! وأين ذلك الناقدُ الطالبُ للشهرة من هذا الناصح المتقرِّب لربِّه بنصحه، لا يُريد من بشرٍ جزاءً ولا شُكورًا، لسان حاله: إنَّا نخاف من ربِّنا يومًا عبوسًا قمطريرًا؟!

 

والثانية: أن الناصحَّ يحمل من الشفقةِ والرغبة في الإصلاحِ ما قد لا يحمله الناقدُ نقدًا مُجرَّدًا. ونحن كثيرًا ما نسمع عبارة (النقد المجرَّد) تلك، بل ويجعلها كثيرٌ من الفلاسفةِ عنوانًا على جديَّة الناقد وتمكُّنه، والنَّقدُ المجرَّد قد يكون مطلوبًا - وليس على إطلاقٍ - في بعض حالات البحث النظريِّ الجافِّ أو البحث في العلوم التطبيقيّة أو البحث التاريخيّ الـمُفسِّر لحوادثَ أَطلاليَّةٍ غابرةٍ، أمَّا الناصحُ بغرضِ التقويم والإصلاح فيجبُ أن يكون مُنحازًا لمصلحة المنصوح له، ولا يعني انحيازه إرضاء المنصوح ومداهنته ولو على حساب الحقِّ، بل العكس هو الصحيح، فانحيازه له، وشفقته عليه، ورغبته في إصلاحه؛ تجعله يُصارحه بما فيه من سلبيَّاتٍ ومعايب، مُؤتْمًّا بقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، ونصرته ظالـمًا آكدُ وأصعبُ، فأمَّا كونُها آكدَ: فلأنَّ في التباطؤ إلى نصرته ضررًا بغيره ممَّن سيدفعون ثمن تماديه، والشرُّ وقود الشرِّ.

 

وأما كونُه أصعبَ: فلأنَّ الظالم الذي يُخشى بطشه ينفِّر عنه الناصح بعكس االرفيق الذي يأنس بالناصح، ويأنسُ النَّاصحُ به، فالخطوة الأولى على طريقِ نصرة الظالم صعبةٌ بعكس نظيرتها في حال نصرة المظلوم، ولا يغفل أنَّ هذه الخطوة عليها نجاح الأمر كله أو فشله فيما بعد. فهل يُعقل أن يكون هذا المناصِر المعاضد مُحايدًا مُتجرِّدًا من مشاعره؟! ربَّما كان ذلك ممن احترف النقد بالأجر الذي هو عرضٌ زائل ومتاعٌ قليل، ولكنَّه لا يكون من مُخلصٍ يرى أنَّ عليه أن يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه. فالنُّصح المجرَّد - على هذا الوجه - لا وجودَ له، وهذه مزيةٌ يتميَّز بها الناصح عن الناقدِ.

 

وهل يؤثر هذا الانحيازُ على دقَّة الناصح في عمله؟ بالطبع لا. فالطبيب البارِع ليس هو الطبيب الذي يُحسن التشخيص، وإنَّما الطبيب البارعُ هو الذي يُحسنُ إعلام المريض بنتيجة التشخيص عالِمًا بما يُقال وما يجبُ ألا يقال، فيُساعد المريضَ على تجاوُّز كبوته، وإقالة عثرته.

 

والمزية الثالثة للنصيحة على النقدِ:

أنَّ الشرعَ ضبطها بضوابطَ، وجعل لها آدابًا يجب على الناصح التزامها تديُّنًا وتجمُّلًا، منها: النصيحةُ في السرِّ ما أمكن، والتحلِّي بالحكمة، واتباع الأسلوب الأمثل الذي يتوافق مع شخصية المنصوح له، وإن علم الناصح من نفسه عدم القدرة على ضبطِ مشاعره وانفعالاته حال النصيحة فقد يجب عليه الإمساك عن الكلام حتَّى لا يكونَ مُنفِّرًا. وهذه الضوابطِ - وغيرها - قد لا يلتفتُ إليها كثيرٌ من النُّقَّاد، فيتحوَّل النقدُ - كما نرى الآن - إلى نوعٍ من الفوضى الهدَّامةِ التي لا يُحفظُ فيها لكبيرٍ حقُّ سِنٍّ ولا علمٍ ولا منزلةٍ، ولا يُحفظُ فيها لذي مكانةٍ مكانتُه، وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنزلوا الناس منازلهم". فتتحول الأقلام إلى معاول هدمٍ، وتتحول الألسنة إلى سياطٍ من نارٍ بدعوى حرية النقد والتعبير.

 

شذراتٌ لُغويَّة

النصيحة في اللغة:

قال ابن الأثير: "النصيحة: كلمة يعبر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبَّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها"[1].

 

وقال الراغب الأصفهاني: "النصحُ: تحرِّي فعلٍ أو قولٍ فيه صلاحُ صاحبه "[2].

 

وإليك ملخَّص ما قال اللغويون في مادة (ن ص ح):

نَصَحَ: أخلص وصدق، ونَصَحْتُ لَهُ نَصيحتي نُصوحًا: أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ، وَالاسْمُ النَّصِيحَةُ. والنصيحُ: النَّاصِحُ، وَقَوْمٌ نُصَحاء. والنَّاصحُ: العَسَلُ الخالصُ، والخَيَّاطُ. ونَصَحَ الثوب: خاطَهُ، النِّصَاح والنِّصاحة: الخَيْطُ، والسِّلْكُ الذي يُخاط به، وبه سُمِّي الرجل نِصاحًا، والمِنْصَحَةُ؛ بالكسر: المِخْيَطَةُ. والمُتَنَصَّحُ: الـمُـرَقَّعُ، والـمُخَيَّطُ جَيِّداً. وقميصٌ منصوح: أَي مَخِيط. ونصَحْتُ القيمصَ أَنْصَحُه نَصْحاً إِذا خِطْتَه. وَيُقَال: إِن فِي ثَوْبك مُتَنَصَّحًا أَي مَوضعَ خِياطة وَإِصْلَاح، كَمَا يُقَال: إِن فِيهِ مُتَرَقَّعاً. يُقَال للإِبْرَة: المنْصَحَة. ورجلٌ ناصِحُ الجَيْبِ: ناصِحُ القلبِ لَيْسَ فِيهِ غِشٌّ، مثل قَوْلهم: طَاهِر الثِّيَاب. يُرِيدُونَ بِهِ نَاصح الصَّدْر.

 

النَّاصِحُ: النَّاصِعُ إِذا شَرِبَ حَتَّى يَرْوَى. وأنْصَحَ الإِبِلَ: أرْواها.

 

ونَصَح الغيْثُ الْبِلَاد نَصْحًا: إِذا اتَّصل نَبْتُها فَلم يكن فِيهِ فضاءٌ وَلَا خَلَلٌ، ونَصَح الغيثُ البلادَ ونصَرَها بِمَعْنى وَاحِد. الأرضُ المنصوحةُ: هِيَ الـمَجُودَةُ.

 

وتَنَصَّحَ: تَشَبَّهَ بالنُّصَحاءِ. وانْتَصَح: قَبِلَ النُّصح والنصيحة.

 

وأنت حين تقرأ كلَّ هذه المعاني التي تؤديها كلمة واحدة تعرف فعلًا دقة تعبير ابن الأثير - المتقدم، ونحوه قول ابن الصَّلاح وابن رجب وغيرهما، وقال الخطابي: "النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له، ويقال: هو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب أجمع لخير الدنيا والآخرة منه"[3].

 

كم هي فيَّاضة بالمعاني العظيمة التي لو تأمَّلها الناصح واستمسك بها لما ارتضى بهذا المقام بديلًا، حسبه أن ينصح كالغيث الذي لا يترك في البلدة أرضًا فضاءً صفرًا من الخضرة، وحسبه أن يكون المخيط الذي يرتق به خرق ثوب أخيه ويلم شعثه فيواري سوأته، ويستر عورته، وحسبه أن يكون عسلًا خالصًا سائغًا للمنصوحين، وعندها لن يملوا النصيحة ولن يعافوها.

 

وأما المنصوح حين يُعمِلُ لُبَّ البصير في تلك المعاني، فيرى في أخيه الإخلاص والصدق وصفاء القلب وسلامة الصدر فلن يَسعه إلا أن يستنصحه.

 

عجيبةٌ تلك المادةُ، وما إخال مادةً في القاموس تحمل كل هذا الثراء.

 

النصيحةُ من الدين هي الدينُ كلُّه، يكفيك حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكريره: الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة فبهذا الحصر وذلك التكريرِ يرتفع كلُّ شكٍّ في أنَّ المعنى المقصود على حقيقته، وليس مجازًا.

 

هي غراس اليد ورواؤه، وهي رتق ما قد يظهر في نسيجه، هي إخلاصٌ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، هي صدقٌ وعسلٌ مُصفًّى، فما بعد ذلك من الخيرِ؟

 

رِوًى استعذبه المسلمون في الدنيا فسألتهم إياه الطائفة التي لم تستسغه: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]. وما كان هذا الحرمان في الآخرة إلا لأنهم أعرضوا عن النصيحة في الدنيا، وها هم يعترفون حيث لا ينفع الاعتراف: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأعراف: 53].

 

أمَّا الذين نصبُّوه إمامهم نهلوا وعلُّوا في الدنيا من النصيحة - التي هي عسلٌ خالص - فحُقَّ لهم في الجنَّة أن يُسرِّحوا على تلكم الشواطئ: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15]. شربوا من نهر العسل في الدنيا بأن انتصحوا؛ فكوفئوا بالشرب من أنهارٍ أربعةٍ في الجنة. وصدق القائل: "إنَّ في الدنيا جنةً من لم يدخلها فلن يدخل جنة الآخرة".

 

النقد في اللغة:

مِن تتبُّع القواميس اللغوية نرى أنَّ النقد يأتي بالمعاني الآتية:

نَقَدَ الدَّراهمَ: ميَّز رديئَها من جيِّدها. ويقال: نَقْدٌ جيِّدٌ ونقودٌ جيادٌ. والنَّقْدُ: الوَازِنُ من الدراهم.

 

والنَّقْدُ: النَّقْرُ. ومنه: نَقَدَ الطائرُ الفخَّ يَنْقُدُه: إذا نقره ليلقط منه الحَبَّ. والنَّقْدُ: النقر بالأصبع في الجَوْزِ.

 

ونَقَدَتْهُ الحيَّة: لَدَغَتْه.

 

وهو يَنْقُدُ بعينه إلى الشيء: يديم النظر إليه باختلاس حتى لا يفطّن له، وما زال بصره يَنْقُدُ إلى ذلك نقُودًا.

 

ونَقَدَ الشعر: أظهر ما فيهما من عيب أو حسن. وفلانٌ يَنْقُدُ الناس: يُعيبهم ويغتابهم. ويقال: انْتَقَدَ الشِّعر على قائله: أظهر عيبه. نَاقَدَه: ناقشه في الأمر.

 

نَقِد الشيء نَقَدًا إذا وقع فيه الفساد والتآكل ونحوه، ومنه: نَقِدَت أسنان فلان نَقَدًا: وقع فيها القادح، وهو مرض تآكل الأسنان، ونقد قرن التيس: انكسر من المناطحة. ويقال: ضرسٌ أَنقدُ ورجل أنقد ونقِدٌ، وكذلك الخشب إذا تآكل، وانتقدت الأرض الجذع: أكلته فتركته أجوف. ونَقِدَ الحافر: إذا تقشَّر وحَفِيَ.

 

والنَّقِدُ: الرَّجُلُ المُسِنُّ القَديمُ. ويقولونَ: نَقِدٌ أبِدٌ: أي عالِمٌ بالأمور مجرب أرِيبٌ.

 

والنَّقَادَةُ: الشَّيْءُ الـمُخْتَارُ. وهو من نُقَادَتهم: أي من خِيارِهم. وأمَّا الذّميم فيقال له: النَّقَدَةُ. وهو من نَقَدَتِهم: أي من سَفِلَتِهِم. وقد يقال للصبي القميء الذي لا يكاد يشبُّ، أو لجِنْس من الغَنَم قِصار الأَرْجُل قِباح الوُجوه.

 

ويقال: هو أَذَلُّ من النَّقَدِ. وأَنشد:

رُبَّ عَديمٍ أَعَزُّ مِنْ أَسَدٍ
ورُبَّ مُثْرٍ أَذَلُّ مِنْ نَقَدٍ


[1] النهاية في غريب الحديث والأثر (5/63).

[2] انظر: المفردات (ص 496-497).

[3] مسلم بشرح النووي (ح55).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نزاهة النقد
  • هل تقبلون بالنقد؟
  • مشروعية النقد
  • تعريف النقد
  • ثمرات النقد
  • أصول وآداب النقد
  • مقدمة في كتاب فصول بين النصيحة والنقد
  • موازنة بين النصيحة والنقد في اللغة
  • بيان منزلة النصيحة من الدين
  • لماذا كان الدين النصيحة؟
  • البيعة على النصيحة لكل مسلم
  • من روائع تطبيق السلف لحديث النصيحة
  • البيعة على السمع والطاعة مقرونة بالبيعة على النصيحة
  • الطريق إلى النقد الذاتي
  • آداب النصيحة والناصح الظاهرة
  • آداب المنصوح
  • بين النصيحة والتعيير
  • الاستئثاريون
  • النقد الانتقامي
  • نقد الأشخاص
  • حين يصير النقد مهنتنا الوحيدة
  • زاوية الرؤية ومسافتها تصنعان أكثر من هذا !
  • النصيحة في الدين
  • "ما بال أقوام" هل أصبحت سنة مهجورة في النصيحة؟!

مختارات من الشبكة

  • "أجمل الأيام" للرابع الابتدائي: بين النقد التعليمي والنقد اللغوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • مصطلح نقد السرد بين النقدين الفرنسي والعربي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفرق بين النقد والخطاب النقدي(استشارة - الاستشارات)
  • اللغة العربية بين الدرس اللغوي والنقد الأدبي(مقالة - الإصدارات والمسابقات)

 


تعليقات الزوار
1- إعجاب
ادم جبرين ابكر - تشاد 22-12-2013 12:42 AM

أشكركم شكرا جزيلا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب