الكوكب الدري في ترجمة العالم المقرىء الشيخ محمد العارف بن عثمان الهرري

الكوكب الدري في ترجمة العالم المقرىء

الشيخ محمد العارف بن عثمان الهرري

شيخنا العلَّامة المُقرئ المُشارك الشَّيخ محمد العارف بن عثمان بن موسى الهرري رحمه الله تعالى، الجهبذ الكامل، والهُمام الفاضل، مَن سَمت أوصافه وخلائقُه، وزَكت شيمُه وطرائقُه، اجتهد في طلب العلم والتفتَ إليه، وأقبل بجدِّه واجتهاده عليه، وأخذ عن جماعة، ذوي فضالةٍ وبراعة، وهو روضُ المكارم الوريق الوارف، وحوض العوارف والمعارف، لم يدع من الفنون فنًّا إلا دخل حصونَه، وقرأ شُروحه وحفظ متونَه، إلى أن بلغ مطلوبَه، وحصل مرادَه ومرغوبَه، وله مشاركة في النَّحو والبلاغة والتَّصريف، يطرِّز بها دُروسَه، ويجلِّي بها في المجالس عروسَه.

وقد تصدَّر للإقراء والإفادة، ولزمه الطَّلبة للأخذ والاستفادة، ولم يكن له سوى التَّعليم والزَّهادة، وكان ذا نطقٍ فصيح، وذكاءٍ مليح، وسماحةٍ وكرم، وهمَّة هامية فاقت الهمَم، ووفور قدر، وسلامة صدر، وسريرة صافية، وطاعةٍ وافية، وطلاقة وجهٍ وضيّ، وطلاوة خلقٍ رَضيّ، وجلَدٍ على التَّدريس والتَّسميع والإقراء، يعاشرُ تلاميذه أحسن المعاشرة، ويلاطفُهم أجمل الملاطفة، وكانت لي معه صحبة أكيدة، ومحبَّة عتيدة، وأكرمني الله تعالى بصحبته مُدَّة مديدة، وتلقَّيتُ عنه القراءات العشر إفرادًا وجمعًا بختماتٍ عديدة، مع قراءة تأليفات ومنظومات وشروحات وتقريرات، ومحاورات ومذاكرات، وملاطفات ومصافاة، وبذل لي من وقته وماله أجزل الله مثوبته..

ولم يزل شيخنا مقبلًا على شأنه، ومواظبًا على دروسه وإقرائه وإتقانه، إلى أن دعته المنيَّة، إلى الدّار الباقية العليَّة، وتوفِّي قبيل فجر يوم الإثنين الثالث من ذي الحجَّة عام سبعٍ وثلاثين وأربعمائة وألف هـجريَّة، تغمَّده الله بواسع مغفرته ورحمته، وأثابه رضاه وبحبوحة جنَّته..

علومٌ وعرفانٌ وزهدٌ ورحمة وجُودٌ وإرشادٌ وتقوى وسؤددُ عليه منَ الله تحيةٌ ورحمة وهتَّانُ رضوانٍ وعفوٌ مسرمدُ

وفيما يلي نُبذة يسيرة عن شيخنا فضيلة العلَّامة المقرئ المُشارك، الحافظ الشَّيخ محمد العارف بن عثمان الهرري - رحمه الله تعالى:

♦ من مواليد هَرَر بإثيوبيا عام 1370ھ، ومن قبيلة (أَورمَا) الأوروميَّة المسلمة.

♦ مقرئٌ، حافظ، متقِن، محرِّر، جامع للقراءات العشر المتواترة.

♦ حافظٌ لمتون القراءات وعلومها عن ظهر قلب.

♦ طلبَ العلم على عددٍ من علماء بلده (هرر) في اللُّغة العربية، والفقه الشافعي، وعلوم الشَّريعة، وعلوم الآلة.

♦ التحق في كليَّة القرآن الكريم والدِّراسات الإسلاميَّة في الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة، وتتلمذ على كبار مدرِّسيها، وحصل على الإجازة العالية "الليسانس" بتقدير:"ممتاز"، ثم واصل الدِّراسات العليا فيها، وحصل على درجة العالميَّة الماجستير في التَّفسير، وكان عنوان رسالته: (القراءات المتواترة التي أنكَرها ابن جرير الطَّبري في تفسيره والردِّ عليه، من أول القرآن إلى آخر سورة التَّوبة)، وأشرف عليها فضيلة الشَّيخ عبدالقادر شيبة الحمد، وموضوع الرِّسالة كان محلَّ بحثٍ بين العلماء وطلبة العلم، هل كان الإمام ابن جرير الطَّبري يُنكر القراءات المتواترة بطريقته في التَّفضيل بينها وترجيح إحداها على الآخر، أم يعدُّ ذلك من قبيل الاختيار.

♦ متمكِّنٌ في اللُّغة العربية وفُنونها، والتَّفسير وعلوم القرآن، وعلوم الرَّسم والضَّبط والفواصل وعدِّ الآي وتوجيه القراءات .

♦ التقى بشيخ القرَّاء والإقراء بالمدينة المنورة العلَّامة المقرئ المعمَّر العمدة الشَّيخ حسن بن إبراهيم الشَّاعر(ت:1400هـ)، وعرض عليه بعض القرآن بالقراءات العشر بمضمَّن الشَّاطبيَّة والدُّرَّة، ثمَّ أحاله الشَّيخ الشَّاعر بسبب مرضه وعجزه وكبره على تلميذه المقرئ الشَّيخ إبراهيم بن عبدالرَّازق بن سالم أبي علي وهو من كبار تلامذته، فاستأنف عليه ختمة أخرى.

♦ لازَم العلَّامة الكبير الشَّيخ عبدالفتَّاح القاضي مدَّة إقامته في المدينة المنورة، وتتلمذ عليه في بيته، وقرَأ عليه القراءاتِ العشر، واستفاد منه كثيرًا في علوم القراءات واللُّغة، وقد عرَضَ عليه عنوان وخطَّة رسالته للماجستير، فاستحسنها وأثنى عليها.

♦ استفاد كثيرًا من أساتيذه المقرئين الأعلام في كليَّة القرآن الكريم بالقراءات وعلومها، وهم: الشَّيخ محمد الصادق قمحاوي، والشَّيخ عبدالفتَّاح المرصفي، والشَّيخ محمَّد سالم محيسن، والشَّيخ محمود سيبويه البدوي، والشَّيخ محمود عبدالخالق جادو، والشَّيخ عبدالرزاق علي موسى رحمهم الله تعالى.

♦ استفاد كثيرًا من الشَّيخ حمَّاد الأنصاري، والشَّيخ الفقيه محمد المختار الشَّنقيطي، والشَّيخ عبدالمحسن العبَّاد، والشَّيخ عبدالله الغنيمان، والشَّيخ عبدالقادر شيبة الحمد، في المدينة المنورة.

♦ استفاد كثيرًا من العلَّامة الشَّيخ محمد الأمين الهرري، والعلَّامة الشَّيخ محمد آدم الإثيوبي في الحديث وعلومه.

♦ استفاد كثيرًا من العلَّامة الشَّيخ عبدالعزيز بن باز، ولازَم دروسَه في الرياض.

♦ شارَك في تدريس علوم القرآن والقراءات في معهد القرآن الكريم وعلومه بالرياض الذي أسَّسه فضيلة الشَّيخ عبدالرَّحمن آل فريان.

♦ شارَك في تدريس متون العقيدة؛ كالطَّحاويَّة، والحمويَّة، والتَّدمُريَّة، والواسطيَّة، وغيرها.

♦ شارَك في تدريس متون العربية كالآجروميَّة، وقطر الندى، وملحة الإعراب، وألفية بن مالك، وغيرها.

♦ شارَك في تدريس وإقراء القراءات العشر في حلقات الجوامع والمساجد، والدَّورات الصَّيفية المكثفة لحفظ ومراجعة القرآن الكريم.

♦ تتلمذَ عليه المئات من حُفَّاظ القرآن الكريم، وقَرؤُوا عليه بمختلف الرِّوايات والقراءات.

♦ عملَ محاضرًا للقرآن الكريم والتفسير وعلوم القرآن في جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة بالرياض، ومقرئًا للقراءات العشر بجامع الرَّاجحي بحي الجزيرة.

♦ له عددٌ من البحوث والمؤلَّفات في علوم القرآن الكريم، منها: (زلال النَّبع في عرض القراءات السَّبع)، (الإقناع بثبوت القراءات العشر بالإجماع)، وآخرها إصدارًا: (إتحاف أولي الذِّكر فيما زاده كتاب النشر على ما في الشَّاطبية والدُّرَّة من أوجه القراءات العشر)، وهو شرحٌ مفيدٌ وممتعٌ لمنظومة منحة مولي البرِّ للعلَّامة المحقِّق الشَّيخ محمد هلالي الأبياري، وله بعض البحوث في علوم اللغة، منها: (الشَّاهد الحاضر الغائب) وغيرها، وحقَّق أيضًا كتاب: (البراهين الإسلاميَّة في رد الشُّبهة الفارسيَّة) للعلَّامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرَّحمن آل الشَّيخ .

صور بعض مؤلفات وتحقيقات المترجَم له