• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

معضلة الفقر .. قراءة في الحلول

معضلة الفقر .. قراءة في الحلول
د. محمد ويلالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/11/2012 ميلادي - 15/1/1434 هجري

الزيارات: 13738

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معضلة الفقر: قراءة في الحلول

انطلاقًا من كتاب: "فقه الفقراء والمساكين في الكتاب والسنة"

للشيخ الدكتور: عبدالسلام الخرشي (رحمه الله)


(القسم الأول)

خلَق الله - تعالى - الناس مختلفي المقامات، متفاوتي القامات، متبايِنِي الدرجات؛ ليَبلوَ بعضهم ببعضٍ، وليَختبر صبرهم، ويَمتحنَ عبادتهم وتوكُّلهم، فجعل منهم الذَّكر والأنثى، وجعل منهم الشريف والخامل، وجعل فيهم الصحيح والمريض، وجعل فيهم أيضًا الغنيَّ والفقير؛ كما قال - تعالى -: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون ﴾ [الزخرف: 32]، وكقوله - تعالى -: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [المائدة: 48]، وقوله - عز وجل -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [الأنعام: 165].

 

ولئن جعل - سبحانه - هذا التفاوت سُنةً كونية بين البشر، فليس ليَصير الفقر ظاهرة مجتمعية متفاقمة، يعيش معها الفقراء حياة الضِّيق والضَّنك، ويَرتكسون معها في حَمأة الحِرمان والإقصاء، بل دعا إلى التكافل بين الناس، والاهتمام بحالات الفقراء والمحتاجين، وشرَع لهم من الوسائل والطرائق ما يَكفل نسيج التلاحُم بين الغني والفقير، ويحقِّق وَشيج التراحم بين المُتْخم والمحروم؛ كما قال - تعالى - في بيان صفات عباد الله الصالحين: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24 - 25].

 

من هنا ارتفَعت صرخة الشيخ عبدالسلام الخرشي في كتابه: "فقه الفقراء والمساكين في الكتاب والسنة"، تُندِّد بوضعية الفقراء في زماننا، وما يعيشونه من تجاهُلٍ فظيع، وتنكُّبٍ مُريع، حين عجَزت القوانين الأرضية عن نشْر ما صار يسمى بالسلَّم الغذائي، فاتَّسعت الهُوَّة بين أغنياء يَملكون الملايين، ومحتاجين يُحدقون في الفراغ، يَفترسهم الجوع، ويتربَّص بهم المرض، دون أن يُكلفوا أنفسهم عناءَ الالتفات إلى قانون السماء، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ يقول المؤلف: "الحالة المُزرية التي عليها شعوب العالم الإسلامي، المتمثلةُ في انعدام الحد الأدنى من حقوق الفرد، وبالتالي من واجباته، وهذا وإن كان واضحًا في معظم الشعوب، فإنه في بعضها يصل إلى درجة الموت؛ مما يجعلنا - وفي هذا الظرف بالذات - شاعرين بأهمية أن يكون الكتاب والسنة القادرين على تحقيق الحياة الكريمة، واستقرار البناء للجميع، والتخلُّص من الاستكبار والتُّخمة في جانب، والاستخذاء والمَسغبة في الجانب الآخر"[1].

 

ولذلك لا نَعجب من هذا التفاوت الفظيع الذي يعيشه العالم بعامة، والعالم الإسلامي والعربي بخاصة، حين نعلم أن 35 ألف طفلٍ يموتون يوميًّا بسبب الجوع والمرض، ويقضي خُمس سكان البلدان النامية بقية اليوم يتضوَّرون جوعًا؛ لأن 3,8 مليار من الناس يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، و1,2 مليار يعيشون على أقل من دولار واحدٍ في اليوم، بينما "ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41 % من سكان العالم مجتمعين، ويكفي أن يُسهم هؤلاء الأغنياء بـ 1% من هذه الثروات؛ لتُغطي تكلفة الدراسة الابتدائية لكل الأطفال في العالم النامي"[2].

 

ولأن العالم يتخبَّط في وضْع رؤية حقيقية لمحاربة الفقر في العالم، كان "من الطريف أن نَعلم أن ميزانية إطعام القِطط والكلاب في الولايات المتحدة الأمريكية، عادَلت خمسة أضعاف ميزانية الأُمم المتحدة لسنة 1981م"[3].

 

وحتى نُوقِن أن هذا الخَلل في التوزيع مُمنهج ومدروس، يكفي أن نعلم أن تفقير المسلمين في بلد مثل الكونغو، جعَلهم يتناقصون من 20 مليونًا غداةَ الاستقلال في حِقبة الستينيَّات، إلى 5 ملايين مسلم في الوقت الحالي[4].

 

من هنا تأتي حَتمية التِماس الحلول الناجعة لمُعضلة الفقر في مصادر التشريع الإسلامي، التي عكَف المؤلِّف على استنفار الذاكرة لاستحضارها، ويُمكن تصنيف ما أثبتَه المؤلف منها إلى صِنفين: حلول معنوية، تَرفع من قيمة الفقراء، وتحقِّق مُواساتهم النفسية؛ حتى يستطيعوا الاندماج في المجتمع بسهولة وسلاسة، وحلول مادية، تُحاول إخراج الفقراء من دائرة الحاجة إلى دائرة الغنى، والاستقلال بالنفقة على ذواتهم وأُسرهم، غير أننا سنقتصر - ضمن الحيِّز الزمني المخصص للمداخلة - على الحلول المعنوية، مُرجئين الحلول المادية إلى مناسبة أخرى - إن شاء الله تعالى.

 

الحلول المعنوية:

1- بيان أن أغلب من أيَّد الرسل من الفقراء:

وكفاهم بهذا تشريفًا وتقديرًا، وهو ما جاء صريحًا في حديث أبي سفيان حين سأله هِرقل، فقال: "وسألتك: أشرافُ الناس اتَّبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكَرتَ أن ضُعفاءهم اتَّبعوه، وكذلك أتباع الرسل"[5].

 

ونقل المؤلف عن القسطلاني في قول الله - تعالى -: ﴿ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشعراء: 111]، قال: "المفسَّر بأنهم الضعفاء على الصحيح".

 

ومن بديع ما أدرجه المؤلف - مما تَحار فيه عقول مُتخمي هذا الزمان - ما أخرجه مسلم عن جابر قال: "سِرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قوتُ كلِّ رجلٍ منا في كلِّ يوم تمرةً، فكان يمصُّها ثم يَصُرُّها في ثوبه، وكنا نَختبط بقِسِيِّنا، ونأكل حتى قَرِحت أشداقنا - (تقرَّحت وتجرَّحت من خشونة الورق وحرارته) - فأُقسِم أُخطِئَها رجلٌ منا يومًا - (لم تُعطه تَمرته) - فانطلقنا به نَنْعَشه - (نرفعه ونُقيمه من شدة الضَّعف) - فشهِدنا أنه لم يُعطها، فأُعطيها، فقام فأخَذها"؛ مسلم؛ قال النووي - رحمه الله -: "وفيه ما كانوا عليه من ضيق العيش والصبر عليه في سبيل الله وطاعته"[6].

 

ويواسي النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته الصابرين من أهل الصُّفة، وقد مكَث بعضهم بضعة عشر يومًا ما لهم طعام إلا البرير - (ثمر الأراك) - ويقول: ((والله لو أجِد لكم الخبز واللحم، لأَطعمتكموه))؛ صحيح ابن حِبَّان؛ قال شُعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

2- حماية المساكين وحبُّهم:

فإذا تبيَّن أن الفقراء والمساكين وراء كلِّ إنجازٍ عظيم ماديًّا ومعنويًّا، فقد وجَبت حمايتهم، والاعتناء بهم، والحرص على نفْعهم، بل إن التوصية بذلك وحيٌ ونبوَّة.

 

ولقد ساق المؤلف - للتدليل على ذلك - مجموعة من النصوص الشرعية التي لا تدَع مجالاً للشك في أن هذه الشريحة من الناس ذات قدرٍ عظيم ووزنٍ جسيم.

 

فمن صور حمايتهم: قول الله - تعالى - في قصة سيدنا نوح مع قومه: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ﴾ [هود: 27]، ليأتي الجواب بعد ذلك: ﴿ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [هود: 29]، قال الزمخشري: "وإنما استَرذلوا المؤمنين؛ لفقرهم وتأخُّرهم في الأسباب الدنيوية"، وقال ابن كثير: "ليس بعارٍ على الحق رَذالةُ مَن اتَّبعه، فإن الحق في نفسه صحيحٌ؛ سواء اتَّبعه الأشراف أو الأراذل، بل الحق الذي لا شكَّ فيه أن أتْباعَ الحق هم الأشرافُ ولو كانوا فقراءَ".

 

ولذلك لَما سألوا سيدنا نوحًا - عليه السلام - أن يَطرُد الفقراء من الذين آمنوا من مجالس الكبراء، كان لا بد أن يُصفَعوا بالحقيقة التي لا بدَّ منها، وهي قوله لهم: ﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [هود: 29].

 

وهو الأمر نفسه الذي تكرَّر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين طالَبه وُجهاء قريش بأن يَطرُد الضعفاء من مجالسهم معه؛ فعن خبَّاب في قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾ [الأنعام: 52]، إلى قوله: ﴿ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 52]، قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعُيينة بن حِصن الفَزاري، فوجدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صُهيب وبلال وعمَّار وخبَّاب، قاعدًا في ناسٍ من الضعفاء من المؤمنين، فلما رَأوهم حول النبي - صلى الله عليه وسلم - حَقَروهم، فأَتوه، فخلَوا به وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسًا تَعرف لنا به العربُ فضْلَنا، فإن وفود العرب تأتيك، فنَستحيي أن تَرانا العرب مع هذه الأعبُد، فإذا نحن جئناك فأَقِمْهم عنك، فإذا نحن فرَغنا، فاقْعُد معهم إن شئتَ، قال: ((نعم))، قالوا: فاكتُب لنا عليك كتابًا، قال: فدعا بصحيفة، ودعا عليًّا ليَكتب ونحن قعود في ناحية، فنزل جبرائيل - عليه السلام - فقال: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 52]، ثم ذكر الأقرع بن حابس وعُيينة بن حِصن، فقال: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53]، ثم قال: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54]، قال: فدنَوْنا منه، حتى وضَعنا رُكبنا على رُكبته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَجلس معنا، فإذا أراد أن يقومَ قام وترَكنا، فأنزَل الله: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ [الكهف: 28]، ولا تجالسِ الأشرافَ؛ ﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾ [الكهف: 28]؛ يعني: عُيينة والأقرع، ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، قال خبَّاب: فكنا نقعُد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا بلَغنا الساعة التي يقوم فيها قُمنا وترَكناه حتى يقوم"؛ ابن ماجه.

 

ومن جميل ما استدلَّ له المؤلف: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضُعفائكم))؛ رواه البخاري[7]؛ قال ابن بطَّال: "تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خشوعًا في العبادة؛ لخَلاء قلوبهم عن التعلُّق بزُخرف الدنيا".

 

ومثلُ حبِّهم وتقديرهم وبيان فضْلهم صيانةُ ما بأيديهم، فليس ضَعفُهم سبيلاً للسطو على أرزاقهم واستحقاقاتهم، فهذا صاحب موسى - عليه السلام - إنما خرَق السفينة؛ لكي تُحفَظ لأصحابها الفقراء من بطْش الملِك الذي كان يأخذ كلَّ سفينة غصبًا؛ قال ابن كثير: "فأردتُ أن أَعيبها لأردَّه عنها لِعَيبها، فيَنتفع بها أصحابها المساكين، الذين لم يكن لهم شيء ينتفعون به غيرها، وقد قيل: إنهم أيتام"[8].

 

ونقل القرطبي عن كعب أن السفينة "كانت لعشرة إخوة من المساكين ورِثوها من أبيهم: خمسة زَمْنى، وخمسة يعملون في البحر"[9].

 

ومن الاعتناء المعنوي بالفقراء والمساكين، أنهم والأغنياء سواءٌ أمام العدل؛ لقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، ويشهد له قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((وايْم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرَقت، لقطعْتُ يدها))[10].

 

ومن هذا الاعتناء أيضًا: حُرمة مشاعرهم، ومراعاة أحاسيسهم، واستحضار أن لهم - كسائر الناس - آلامًا، وكذلك آمالاً يَسعون في تحقيقها بُغية السعادة والارتياح؛ ولذلك لَما رأى سَلمان وصُهيب وبلال أبا سفيان وأغلَظوا فيه القول، ترجَّح لدى أبي بكر الصِّديق أن يَعتني بحُرمة أبي سفيان، وحِفْظ قَدْره، لعل ذلك يمنع شرَّه، ويكف تعنُّته، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له رأي آخر، مُنبثق من نور الوحي، وليس من مجرد الاجتهاد الشخصي؛ لذلك قال لأبي بكر الصِّديق - رضي الله عنه -: ((يا أبا بكر، لعلك أغضبتَهم، لئن كنت أغضبتَهم، فقد أغضبتَ الله))[11].

 

قال المؤلف - رحمه الله -: "رجل في منزلة أبي بكر - رضي الله عنه - وسابقتِه وفضائله، يُعاتب بهذا الأسلوب الصارم، وما إخاله يقصِد بكلامه عن أبي سفيان إلا تأليفَه، وهو يخشى أن لو سمِع ما سمِع، لازداد كُفره وعُتوه، وشِدته على المسلمين، ونُفرته من الإسلام، ومع هذا وذاك، فالنبي - عليه صلوات ربي وسلامه، بأبي هو وأمي - يَرتفع بمشاعر ضَعَفة المسلمين، وتنال منه الأولويَّة قبل كلِّ شيء وكل أحدٍ، فيقول لصاحبه في الغار: ((لئن كنتَ أغضبتَهم، فقد أغضبتَ ربَّك))[12].

 

ومن الاعتناء المعنوي بالفقراء والمساكين:

حبُّهم؛ انطلاقًا من مشاركتهم آلامَهم، والإحساس بمعاناتهم، ودليله ما وصَّى به ربُّنا - تبارك وتعالى - نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - حين قال له: "إذا صلَّيت فقل: اللهم إني أسألك فِعْل الخيرات، وترْك المنكرات، وحبَّ المساكين، وإذا أردتَ بعبادك فتنة، فاقْبِضني إليك غير مَفتون"[13].

 

وجاء أيضًا صريحًا في قول أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: "أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ"، فبدأ بالصِّنف الأول، قال: ((أمَرني بحبِّ المساكين والدُّنو منهم))[14]. قال المؤلف - رحمه الله -: "وفيه أن حبَّ المساكين يجب أن يُترجَم عمليًّا، فيُعرب عن نفسه بالقرب منهم سكنًا وجسمًا ونفعًا؛ فذلك هو القرب: المُصاقَبة في الدور، والاندماج في الحضور، ومعاملتهم بالبرور"[15].

 

ولعل جماع هذا الأمر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهمَّ أحْيِني مسكينًا، وأمِتْني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين))[16].

 

وبلَغ من حبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - للمساكين أن مرِضت مسكينة، "فأُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمرضها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود المساكين، ويسأل عنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا ماتت فآذِنوني))، فأُخْرِج بجنازتها ليلاً، وكرِهوا أن يُوقظوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبَح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبِر بالذي كان منها، فقال: ((ألم آمُركم أن تُؤذنوني بها؟))، قالوا: يا رسول الله، كرِهنا أن نُوقظَك ليلاً، فخرَج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صفَّ بالناس على قبرها، وكبَّر أربع تكبيرات"؛ رواه النسائي[17].

 

ولم يَفُتِ المؤلفَ أن يؤكِّد كون هذا النهج في معاملة الفقراء لم يَقتصر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بل تعدَّاه إلى من جاء بعده من الصحابة والصالحين، الذين كانوا ثمرة المدرسة النبوية المتحرِّكة عبر الزمان والمكان.

 

• فهذا عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - "كان لا يأكل حتى يُؤتى بمسكين يأكل معه"؛ متفق عليه.

 

• وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "كنت أُلصِق بطني بالحَصباء (الأرض) من الجوع، وإن كنت لأَستقرئ الرجل الآية - هي معي - كي يَنقلب بي، فيُطعمني، وكان أخيرَ الناس للمسكين جعفرُ بن أبي طالب، (الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكنِّيه بأبي المساكين)، كان يَنقلب بنا، فيُطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليَخرج إلينا العُكَّة - (وعاء من جلدٍ، يُجعل فيه السمن وغيره) - التي ليس فيها شيء، فنَشُقُّها، فنَلعَق ما فيها"؛ البخاري.

 

• ومن عجيب ما نقَل ابن كثير في "البداية والنهاية" عن عبدالله بن المبارك، وشديد اعتنائه بالمحتاجين: قوله: "خرَج مرة إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمَر بإلقائه على مَزبلة هناك، وسار أصحابه أمامه، وتخلَّف هو وراءهم، فلما مرَّ بالمَزْبلة، إذا جارية قد خرَجت من دارٍ قريبة منها، فأخَذت ذلك الطائر الميِّت، ثم لفَّته، ثم أسرَعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها وأخْذِها المَيتةَ، فقالت: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يُلقى على هذه المَزْبلة، وقد حَلَّت لنا الميتةُ منذ أيام، وكان أبونا له مال، فظُلِم، وأُخِذ ماله، وقُتِل، فأمَر ابن المبارك بردِّ الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار، فقال: عدَّ منها عشرين دينارًا تكفينا إلى مرو، وأعْطِها الباقي، فهذا أفضل من حجِّنا في هذا العام، ثم رجَع".

 

3- الحرص على نفعهم، بل نفعهم فوق كل اعتبار:

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقدِّم الضعفاء في قسمة خُمس الغنائم على ابنته فاطمة، حين اشتَكت إليه ما تَلقى من الرَّحى مما تَطحَن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والله لا أُعطيكم وأدَع أهل الصُّفة تُطوى بطونُهم من الجوع، لا أجِد ما أُنفق عليهم)).

 

وحين جاءته ضُباعة أو أمُّ الحكم بنت الزبير مع أختها فاطمة، تَسألانه شيئًا، قال لهما: ((سبَقكما يتامى بدر)).

 

قال المؤلف - رحمه الله -:

"هكذا تصرَّف النبي - صلى الله عليه وسلم - في المال العام للأمَّة، فوضَعه حيث يَلزم أن يَضعه، وأضاف إليه حقَّه الخالص وحقَّ الأقربين منه..، ورأى أن الأسبقيَّة للفقراء والمساكين"[18].

 

أما كون نفْعهم فوق كلِّ اعتبار، فتُمثله قصة مِسطح بن أُثاثة الذي كان يُنفق عليه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لقرابته وفقْره، فلما قال ما قال في قصة الإفك، حلَف أبو بكر ألا يُنفق عليه شيئًا، فأنزل الله - تعالى - قوله: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، فقال أبو بكر: "بلى والله، إني لأحبُّ أن يَغفر الله لي"، فرجَع إلى مِسطح النفقة التي يُنفق عليه، وقال: "والله لا أَنزعها منه أبدًا".

 

4- رعايتهم الأدبية:

قسَّم المؤلف هذا النوع من الرعاية إلى أربعة أقسام:

أ- الرعاية العلمية:

فهذا أبو هريرة - رضي الله عنه - يحكي لنا قصته مع الفقر والعلم، وكان مما قاله: "وكنتُ ألْزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، فأشْهَد إذا غابوا، وأحفَظ إذا نَسوا، وكان يشغل إخوتي من الأنصار عملُ أموالهم، وكنت امرأً مسكينًا من مساكين الصُّفة، أعي حين يَنسَوْن، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث يُحدِّثه: ((إنه لن يَبسُط أحد ثوبَه حتى أقْضي مقالتي هذه، ثم يَجمَع إليه ثوبَه، إلا وعَى ما أقول))، فبسَطت نَمِرة عليّ، حتى إذا قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته، جمَعتها إلى صدري، فما نسِيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء"[19].

 

ب- الرعاية النفسية:

وهو أمرٌ دقيق، قد لا يَلتفت إليه كثيرٌ من الناس، الذين قد يُثيرون نفسية الفقير من حيث أرادوا الإحسان إليه؛ كالمنِّ بعطائه، أو التشهير بحاله، أو نَهْره عند منْعه، أو المبالغة في عدِّ الدُّرهيمات التي تُعطاه؛ فقد روى النسائي عن أبي أُمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخَل عليّ سائل مرَّة، وعندي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرتُ له بشيءٍ، ثم دعوتُ به، فنظَرت إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمَا تُريدين ألا يَدخل بيتَك شيءٌ ولا يخرج إلا بعلمك؟))، قلت: نعم، قال: ((مَهلاً يا عائشة، لا تُحصي فيُحصي الله - عز وجل - عليك))".

 

قال المؤلف - رحمه الله -:

"فهذا باب دقيق، ينبغي التفطُّن إليه؛ حتى نؤدي واجبَنا تجاه الفقراء والمحاويج من غير إزعاجٍ، فكفى وضعيتهم وما هم فيه، فلا ينبغي أن يُضاف إليها ما يتولَّد عن الإحصاء والعدِّ الدقيق - لما نَصِلهم به - من نظرات تَكاد تَصْعَقهم، أو تزيدهم نَكدًا وألَمًا، وتَجرَح نفوسهم"[20].

 

ج- الرعاية الجنسية:

ليس الفقر سببًا لإلغاء الغريزة الجنسية في الفقراء من الحُسبان، وليس الحرمان مانعًا من التفكير من إيجاد حلولٍ لتصريف هذه الغريزة بالوسائل الكفيلة بذلك، وإلا وقَع من المفاسد ما يتجرَّع المجتمع جريرته، وتَنخرب به عمارته؛ يقول المؤلف: "إن إلغاء الغريزة الجنسية أو عدم الحساب لها في كلِّ التجمعات البشرية، وعلى اختلاف أوضاعها - ليس وراءها إلا المآسي والطوامُّ"[21].

 

ومن الأدوية الناجعة التي تُرشد إلى حُسن تصريف هذه الغريزة: ما أخرجه البخاري عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "كنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شبابًا لا نجد، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع الباءة، فليتزوَّج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرْج، ومَن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء))".

 

قال المؤلف - رحمه الله -:

"وبوسعنا أن نَجزِم بأن الرعاية الجنسية لا تتمُّ ولا تُعطي النتائج المتوخاة من اعتمادها ركيزةً من ركائز الرعاية الأدبية - إلا بالتوجيهين الأساسيين، الصادرين ممن لا يَنطق عن الهوى؛ فإما الزواج لمن توافرت له أسبابه، وقد قدَّمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوصفه الحلَّ الأساسي والطبيعي والدائم والعام، وإما السمو بالغريزة الجنسية عن طريق الصوم، وهو - وإن كان حلاًّ مباشرًا تُنال ثمرته على التوِّ - فهو ظرفيٌّ سَرعان ما يَفتح الله لصاحبه أبواب الفضل، وفوق هذا وذاك يجتاز الآخِذُ به القنطرةَ سليمًا مُعافًى في نفسه، وعقله، وبدنه"[22].

 

د- الرعاية الاجتماعية:

وهي ذات علاقة وطيدة بالجانب النفسي الآنف الذِّكر، فكثير من الأغنياء - يقول المؤلف -: "صغُر في عيونهم إخوانهم؛ (أي: الفقراء)، فلم يعُودوا يُفاتحونهم بالسلام، أو يُشاطرونهم الأفراح والآلام، أو يُديرون معهم الكلام، أو يُلاقونهم بالبشاشة والابتسام، بل ربما تضايَق البعض لحضورهم، فانسحب من المجالس التي تضمُّهم"[23].

 

ويَضرب المؤلف لذلك مثالاً: الولائم، التي يُدعى لها الأغنياء، ويُستَنْكَف فيها من حضور الفقراء، وساق لذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((شرُّ الطعام طعامُ الوليمة، يُدعى لها الأغنياء، ويُترك الفقراء، ومَن ترَك الدعوة، فقد عصى الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم)).

 

وهو ناظر إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند مسلم: ((شرُّ الطعام طعام الوليمة، يُمنَعُها مَن يأتيها، ويُدعى إليها مَن يأباها، ومَن لم يُجِبِ الدعوة، فقد عصى الله ورسوله)).

 

ومن جميل ما علَّق به المؤلف على كلام الإمام النووي في أن هذا الأمر كان مشاعًا في زمانه: قوله: "وأنا الذي أتحدَّث إليك - أيها الأخ البَر - ما رأيتُ في حياتي كلها إلا وليمة واحدة، التزَم فيها المشرف والمُنفق عليها - وهو من الأغنياء البعيدين عن الرِّبويَّات والشُّبهات - بما يُريده الحبيب - صلى الله عليه وسلم - فرأيت بعينَيْ رأسي ما أبْهَجني، وملأني حُبورًا وانشراحًا، رأيت ذا المَتربة زاحَم ذا المَرتبة، بل رأيت من الفقراء من بكَّر فتصدَّر، ومن الأغنياء من أبطَأ فتأخَّر، وعمَّ الإكرامُ الجميعَ، وما تناوَل أحدٌ الرجيع، وعلا السرور وجوه الجميع، ولم يَقتصر الحضور على الابتهاج، وإنما وصلوا إلى درجة الاندماج، والله ما فسَّرت كلَّ هذا إلا ببركة السُّنة والالتزام بهَدْيها"[24].

 

5- الرجوع إلى الله:

ومن الحلول المعنوية التي تتعلَّق بتصرُّفات الفقير نفسه؛ تخلُّصًا من فقره وحاجته، وإحساسًا بالغنى وصلاح الحال: أن يعلم أن ما أصابه إنما هو من الله؛ ليَختبر إيمانَه، ويَبلوَ صبْرَه؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أصابته فاقةٌ، فأنزلها بالناس - (شكاها لهم - لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن أنزلها بالله، أوشك الله له بالغنى؛ إما بموتٍ عاجل - (موت قريب له غَنِيٍّ فيَرثه) - أو غِنًى عاجل))[25].

 

وعزَّزه المؤلف بقول المتنبي:

أَبِعينِ مُفتقرٍ إليكَ نظَرتَني
فأَهَنْتَني وقَذَفتني من حالقِ
لستَ الملومَ أنا المَلومُ؛ لأنَّني
أنزَلتُ آمالي بغير الخالقِ

 

وهكذا يَستتبع المؤلِّف الحلول السابقة حلولاً لا تقلُّ عنها أهمية، تتمثل في:

6- الإيمان والتقوى:

7- الدعاء والتضرُّع إلى الله.

8- الاستعاذة بالله من الفقر والقلة.

9- صلاة الاستسقاء.

10- المتابعة بين الحج والعمرة.

11- الاستغفار:

وهو ما نتوخَّى التفصيل فيه في القسم الثاني من هذه الدراسة - إن شاء الله تعالى.



[1] فقه الفقراء والمساكين، ص: 14 - 15.

[2] مقال: "الفقر.. رؤية واقعية"؛ رشيد ناجي الحسن، مجلة الوعي الإسلامي، العدد: 560، فبراير/ مارس 2011.

[3] نفسه.

[4] نفسه.

[5] البخاري: كتاب بَدء الوحي، باب: 1، الحديث رقم: 7.

[6] شرح النووي على مسلم: ج: 18، ص: 142.

[7] كتاب الجهاد، باب 75، رقم الحديث: 2739.

[8] ج: 4، ص: 413.

[9] م: 6، ج: 11، ص: 34.

[10] متفق عليه.

[11] مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب: 42، حديث رقم: 2504.

[12] ص: 117.

[13] سنن الترمذي: أبواب التفسير، باب: 39، من حديث برقم: 3233.

[14] رواه الإمام أحمد، وهو في الصحيحة.

[15] ص: 120.

[16] سنن الترمذي: كتاب الزهد، باب: 7، حديث رقم: 4126.

[17] كتاب الجنائز، باب: 43، حديث رقم: 1907.

[18] ص: 132.

[19] مُتفق عليه.

[20] ص: 144.

[21] ص: 144.

[22] ص: 147.

[23] ص: 147.

[24] ص:150.

[25] ص. سنن أبي داود.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليوم العالمي للقضاء على الفقر
  • خبراء: تأثيرات الفقر على المجتمع كبيرة، وأخطرها على التعليم
  • تأثير الفقر على الأطفال يفوق كل التأثيرات
  • علاج مشكلة الفقر

مختارات من الشبكة

  • خطبة أثر الاستغفار في حل المعضلات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العزوف عن القراءة: الأسباب، النتائج والحلول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحلول المطروحة لضمان المضاربة في المصارف الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حلقة نقاش الحلول الشرعية لبيع محافظ التمويل العقاري بصيغة المرابحة وتوريقها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحلول الشرعية والعملية للوقاية من النظر إلى الصور المحرمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موارد ومصادر كتاب تنزيه الاعتقاد عن الحلول والاتحاد للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحلول المقترحة للأراضي البيضاء(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • لماذا تقل الحلول المبتكرة والإبداعية؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابدأ دائما بأسهل الحلول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحلول الشرعية للمشاكل الزوجية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب