• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

على الدرب نفسه!

محمد بن عبدالله السريِّع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/9/2012 ميلادي - 26/10/1433 هجري

الزيارات: 10272

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

على الدرب نفسه!

 

كان قدَرًا أن أسلك دربَ سفرٍ بعينه مرتين في أقلّ من شهرين، خلال إجازة الصيف المنصرمة، وكان قدَرًا أن تتشابه الرحلتان في كثيرٍ من التفاصيل الصغيرة، فضلاً عن الخطوط العامة.

 

لكن أبرز الفروق: أن الرحلة الثانية لم تكن سوى امتدادٍ للأولى، دفع إليه حنينُ الحنايا، وغليلٌ لم يُشف، ولوعةٌ فررتُ منها إليها، لم أجد طريقًا لعلاجها إلا ذلك، ولو أمكن أن أفرَّ إليها من جديدٍ لفعلت!

 

تراءى لي الطريقُ الضاربُ في مَهْمَهِ الصحراء حبلاً ممدودًا إلى ماضٍ قريبٍ مجيد، تشبَّثتُ به، وأخذتُه حيث أخذني، وددتُ أن أهرب من كل شيء، من قعقعات الحروب، وهدأة السلام، من اعتمال العوالج، ورتابة الأيام، وددتُ أن أهرب من متناقضات الحياة إلى ذلك الماضي، الذي استقرَّ هنالك هادئًا، ساكنًا سكونَ شيخٍ وقور، يرمق كل هذا الصخب بابتسامةٍ صامتة، وملامحِ عتاب، وددتُ أن أهرب إلى ذلك الماضي الساكنِ سكونَ معالمه التي ربضت على جوانب دربيَ الذي سلكتُه.

 

هل رأيتم سكينة أجدادنا وجدّاتنا، يومَ أن صخبنا ذاتَ عيدٍ من بين أيديهم ومن خلفهم؟ ألا لَشدَّ ما تشبههم -وهم أبناء الماضي- آثارُه التي تكاد -وهي جامدة- تنبض بالحياة، وتنطق بالحكمة، وترجّع أغنيات العتاب بلحنٍ مترسّل، كما نبض أولئك، ونطقوا، ورجّعوا!

 

لم أجرؤ في كل مرةٍ أمكنني أن أجرؤ فيها على الاقتراب من تلك المعالم، سمعتُها تعاتبني، رأيتها تُشيح عني، تُبعدني بكل طاقتها، تصدّني بيديها: أيها العاق، أيتها الأجيال العاقة! جعلتمونا مزاراتٍ للمتعة، وكتابة الذكريات التافهة، وتصوير الابتسامات البلهاء، بجانب كل هذه العظمة والأصالة؟!

 

صباحَ يومَي السبت 24 شعبان، و 7 شوال، عام 1433، كان لي موعدٌ مع "سكة الحديد الحجازية"، الممتدةِ بقاياها من عرباتٍ وقلاعٍ وحصون، على مسافاتٍ طويلةٍ في بلادنا وبلدانَ أخرى، تهيَّأ ليَ المرورُ ببعض ما كان منها بين مدينتَي "العلا" و"تبوك"، وتهيَّأ لي العيش في أجواء "السكة" بكاملها فيما بعد.

 

عَصَفَ بي رأيُ عيني، فما كدتُ أعودُ حتى أخذتُ أقرأ، وأشاهد، وأبحث، وأسمع، وأسأل، أتأمل مختلفَ الصور بمقلةٍ دامعة، وتنهُّداتٍ متلاحقةٍ حزينة، أتابع "السكة" عبرَ الصور الفضائية محطةً محطة، أقرِّب الصورة وأبعدها، ثم أرجع البصر، فينقلبُ إليّ البصرُ خاسئًا، وهو حسير!

 

قرأتُ خلال أيام قُلاًّ من كُثرٍ مما تعلق بتلك "السكة" من فصولٍ، وكتبٍ، وبحوثٍ، ومذكرات، وطاوَعَتْني نفسي، أو ربما كنتُ من طاوَعَها، فطالت قراءاتي تاريخَ تلك الحقبة، وأحداثَ الاختلافِ والاتفاق، والهجوم والحصار، والكرِّ والفرّ.

 

كان ذلك -مع قلّته- قدرًا كافيًا؛ سُمًّا نفسيًّا زعافًا، أودى بي في تِيهٍ من الصمت الحزين، والنفس الضائقة، حتى بات من حولي يظن بي مرضًا، وما بيَ من مرض!

 

لست أبالغ بكل صدق، لكنني لا أجد تفسيرًا لهذا إلا هذا!

•   •   •   •

 

أقرأُ تبرعاتِ النفوسِ السَّخية..

لكأني بعجوزٍ شاميةٍ تبيع حِليةَ زفافها، حِليةَ زوجها الراحل، فتقدِّمه قطعةً من نفسها لأجل "القطار"!

 

وكأني بشابٍّ هنديٍّ ضائقِ الحال، يقتطع مما جمع من كدّه وتعبه، فيُرسله!

 

وكأني بجموعٍ مصريةٍ تستجيب لنداء الشيخ "محمد رشيد رضا"؛ النداءِ البليغِ المعاتِب، حين قال:

"(سكة حديد الحجاز)

أرى المصريين قد فترت دون هذا المشروع العظيم هِمَمُهم، وتراخت عزائمهم، وخمدت حميَّتهم، والمسلمون في جميع أقطار الأرض يزدادون همةً ونشاطًا في جمع الإعانات لإحياء البلاد المقدسة، وتسهيل سبيل بيت الله على قاصديه.


ما هو عذر المصريين وهم مشهورون بالسخاء وحب المباراة في المجد؟!

عذرهم أنه لم يقم برياسة هذا العمل المبرور رجل عظيم كما قام صاحب الدولة رياض باشا برياسة لجان الإعانة العسكرية الشاهانية. ولكن لماذا لا يبذل المصريون المال إلا إذا كان طلبه تحت رياسة رجل عظيم؟ ثم ألا يوجد في كل مديرية وجيه يوثق به فيدعو إلى هذه الإعانة؟ سنجيب عن هذا فيما يأتي إن شاء الله تعالى".

[مجلة المنار، مجلد 3، جزء 32، ص863]

 

هذا فضلاً عن سخاء السلاطين والتجار، واقتطاع الأوقاف، وحبس الحبوس، وابتكار الوسائل لدعم هذا المشروع العظيم.

 

ثم أقرأ عن تلك الأنفس التي زهقت، وتلك التي نازلت الموتَ نزالَ الأبطال في قفار الجزيرة الجرداء؛ تختار أيسر المسالك، وترفع الطرق، وتبني المحطات، وتحفر الآبار، وتدق دُسُرَ الخط الحديدي مجتهدةً؛ كأنما يعمل المرء منهم لخاصَّة نفسه!

 

صارَعَتْ تلك الأنفسُ الموتَ مرضًا، وجوعًا، وبردًا، وتعبًا، ولا أشك أن منها أنفسًا صارَعَتْهُ شوقًا وحنينًا، شوقًا استطالت باستطالته أوصال القلوب، حتى انقطع، فانقطعت!

 

يقول الأستاذ محمد كرد علي:

"... عرف أن هذا الخط قد عُمّر بالإعانات التي جُمعت من أقطار العالم الإسلامي، وهمة ضباط العثمانيين، وكتائب جنودنا، وأن مئاتٍ هلكوا في سبيل إنشائه، بحيث لم يكن يُمَدّ الكيلومتر الواحد إلا على أشلاء بضعةٍ من رجالنا"!

[مجلة المقتبس، عدد 78، أغسطس 1912م]

 

وأشاهد وأنا في طريقي الجسورَ ذاتَ الزوايا والأقواس، وعبّاراتِ السيول، لكني لم أرَ فيها -أيها السادة- كما رأى آخرون: جسورًا، وزوايا، وأقواسًا، بل رأيت في كل حجرٍ منها يدًا ملطَّخةً، وجبينًا عَرِقًا، وهدأةً في المساء على ضفاف نارٍ تتراقص دافئة، وأسمارًا، وضحكاتٍ تملؤها البراءة.

 

ثم لم أتمالك نفسي وأنا أشاهد -يالله- صورةً لمساكن العمال والمهندسين، شَيَّدوها بعفوية، تقيهم الحرَّ والزمهرير، وتُسَربلهم بدثارها إذا جَنَّ الليل، ونامت العيون، شَيَّدوها بعفوية، لا كما شَيَّدوا "السكة" بأرقى مستوًى من الإتقان، لأن تلك لأنفسهم، وهذه للأمة أجمع!

 

وأشاهد صورًا لأنفاقٍ صامدةٍ مذ ذاك الدهر، قَرنًا أو يزيد، وكأنما شُيِّدت بالأمس، حتى إنها لتحنو على مراكب اليوم، وتُمِرُّها في جوفها مع وفرة الضجيج والهدير، فلا ينبس حجرٌ فيها ببنت شفة، ولا يتحرك حركةً، أو شطرَ حركة!

 

ثم أسمع تسجيل صفاراتِ القطار في أوجِ نشاطه وحركته، وعنفوان شبابه، فأسمعها لحنًا باكيًا، لحنًا آسيًا حزينًا مكلومًا، أسمعها نداءً مخنوقًا، نشيجًا كأزيز المِرجَل: تركتموني للأعادي والأيام!

 

وأعود فأقرأ الحروف البهيجة المتراقصة -في كتابتها، لا في قراءتها بلا ريب-، التي تَصِفُ مجدَ القطار، وهو يسيرُ متهاديًا مُتَّئدًا، يعبُر الفيافي، ويختصر الأيام، ثم أترجمها برؤيةِ صورِ الفرحةِ الطاغية، الباديةِ في عيون الركاب المتشبِّثين بالمقاعد والأعمدة؛ تشبُّثَهم بأنفس ما يَجِدون أو أكثر، وصورِ احتفالات افتتاح "السكة" في بعض مواضعها.

 

يقول الشيخ جمال الدين القاسمي:

"(الاثنين - 24 ربيع الأول سنة 1328)

بحمده تعالى عزمنا أمس على الرحلة إلى المدينة المنورة، نحن وصهرنا خليل بك العظم، وشقيقه عبدالله بك، وصهرنا حسن أفندي بركات، ورفيق آخر.


وظهر اليوم -الاثنين- الساعة السادسة بعد الظهر، سار بنا القطار الحجازي من «دمشق»، بعد أن ودَّعَنا أشقاؤنا وإخواننا وأصدقاؤنا، ونحن في سرور وحبور، والوقت في اعتدال.


ولم يزل يقطع الوابور محطة بعد أخرى، إلى أن وافينا الغروبَ محطة «درعا»، وبعد أن صلينا المغرب في الوابور، سار بنا مسرعًا يقطع تلك الفيافي الواسعة، إلى أن أصبحنا قرب محطة «القطرانة»، فصليت الصبح في الوابور بغلس قاعدًا، وحمدت المولى أن يسر لنا هذا المسير، وتضرعت إليه أن يمدنا بعونه ولطفه.

 

(الثلاثاء - 25 ربيع الأول 1328)

بعد أن أصبحنا في «القطرانة»، ومكث الوابور بُرهة، أخذ في المسير، واجتزنا على محطات عديدة، كان أهمها موقفًا: «معان»، وقف عندها الوابور نحو ساعة، ورأيت عمرانها آخذًا بالازدياد، وبعض تجار الشام استأجر حانوتًا بها مهمًّا لجلب بضائع مهمة، وفق الله الأمة لعمران البلاد، بعونه وكرمه.


ثم طار بنا القطار يجوز موقفًا فموقفًا، إلى أن أناخ بنا في آخر الليل في محطة «تبوك»، فثمة وقف الوابور أكثر من ساعتين، حتى طلع الفجر، فسار بعده في غلس، ولم يتيسر لنا التجول بها لظلمة الليل.

 

(الأربعاء 26 ربيع الأول سنة 1328)

سار بنا الوابور بغلس هذا اليوم من «تبوك»، ولم يزل يقطع موقفًا فموقفًا، إلى أن انتهى بنا بعد العصر إلى موقف «المدائن»، فنزلنا وتجولنا في أنحائها، ورأينا أثر اندكاك بيوتها بما شاهدناه من تقطع أوصال جبالها، وانفكاك بعضها عن بعض، حتى بقي كثير من أطوادها مثل العمود، مما دل على وقوع زلازل بها، وحلول عذاب سماوي وأرضي على أهلها، وهي من الغرابة بمكان.


ثم سار الوابور قبل الغروب من «المدائن»، إلى أن وصل بعد الشمس في محطة «هدية»، ودعونا بالرحمة لجدنا السيد محمد الدسوقي، أحد أكابر علماء دمشق وصلحائها، فإنه توفي بها سنة 1241.

 

(الخميس - 27 ربيع الأول سنة 1328)

سار بنا الوابور يجوب تلك البقاع الواسعة، الجديدة بالعمران وبذل العناية في تمصيرها، لما بها من جودة التربة، والميل إلى الحرارة، فتؤتي أكلها في العام مرات، لو عُني بها حق العناية، ولعله يكون بحوله تعالى، وقد أراني بعض الرفاق فصيلة ذات أغصان، كلها سنابل شعير، وقال لي: هذه شعيرة سقطت هنا، فانظر إلى ما أتى منها.

 

وما زلنا على هذه المناظر، حتى أشرفنا على «المدينة المنورة»، فلم أطق القعود شوقًا والتياعًا، وأخذت دموعي تهطل، ولساني يردد: الصلاة والسلام على رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-.


ودخلها القطار أصيلَ هذا النهار، قبل المغرب بنحو ساعة وربع...".

[رحلتي إلى المدينة المنورة، ص17-20]

 

ويقول الأستاذ محمد لبيب البتنوني، حاكيًا رحلته أواخر ذي الحجة 1327هـ، في موكب ملك مصر:

"وفي ظهر اليوم التاسع من يناير وصل الخبر باستعداد الخط، فأمر حفظه الله بتسيير القطار الأول، فقام من محطة «هدية» في الساعة الثامنة عربي نهارًا، ولما وصل محطة «الجداعة» (وهي في الكيلو 1156) سار الهوينا، حتى غادر مكان القطع الذي كان طوله نحو ألفي متر، والذي أبلت في إصلاحه عساكر الدولة التي استدعيت إليه من المدينة بلاء يذكر فيشكر...

 

واستمر القطار سائرًا في وادي «النعام» الذي يبتدئ من مجرى السيل، ويكثر فيه شجر السنط، ومر على محطة «النعام»، ثم محطة «عنتر»، وفيها قلعة قديمة على قمة الجبل الغربي، ولعلها كانت على طريق الحاج أيام سيره على البر، وهذا الجبل يسمونه أيضًا جبل عنتر...، وما زال القطار سائرًا حتى وصل إلى محطة «الحفيرة»، وألقى عصا التسيار للمبيت بها.

 

والمحطات من «هدية» إلى «المدينة المنورة» لم تكمل عملية البناء بها، وكان العمل فيها جاريًا على قدم وساق، وكان يعمل فيها كثير من المصريين، وأغلبهم من مديرية «قنا» و«جرجا»، وهم في شدة الفرح بمقدم مليكهم المحبوب، وكانت العساكر على طول السكة الحديدية يقفون في كل محطة لأداء واجب التعظيم للجناب العالي الخديوي من «البدايع» إلى «المدينة»، وقد كان عدد العساكر بهذا الخط قبل تشريف الركاب العالي ثلاث أورط عثمانية للمحافظة عليه، فزادوا عليها أربع أورط قبل تشريفه أيضًا للمحافظة على ركابه الفخيم، فكنت تراهم منتشرين هنا وهناك وفوق الجبال على طول السكة.


وما زلنا حتى مررنا على القطع الثاني الذي كانت أحدثته السيول في الجسر قبيل «المدينة المنورة» بنحو خمسة كيلومترات، وهناك شاهدنا قبة سيدنا حمزة -رضي الله عنه-، ثم أهِلّة مآذن الحرم الشريف، وعندها أخذت الأعناق تتطاول، والأبصار تتجاول...".

[الرحلة الحجازية، ص233، 234]

 

ويقول أيضًا:

"أما الطريق الرابع، فهو طريق السكة الحديدية إلى الشام، وهو الذي افتتحه الدولة العلية رسميًا بأول قطار للمدعوين إلى هذا الاحتفال في ثالث شعبان سنة 1326 الموافق 28 أغسطس سنة 1908، وتسافر عليه الآن حجاج الشام والترك والروسيا، وكثير من المصريين، وخصوصًا برسم الزيارة.


وإنا تتميمًا للفائدة نقول لك: إن المسافة بين «المدينة المنورة» و«دمشق الشام» تبلغ 1302 كيلومتر، وإلى «حيفا» 1333 كيلو، تقطعها الوابورات في أربعة أيام تقريبًا، ومتوسط سيرها فيها: 80 ساعة، وسير القطارات من «الشام» إلى «معان» على متوسط 30 كيلو في الساعة، ومن «معان» إلى «المدينة» على متوسط 15 كيلو في الساعة، وأجرتها في الدرجة الأولى من حيفا إلى المدينة ذهابًا وإيابًا: أربعة عشر جنيهًا، وفي الدرجة الثالثة نصف هذا القدر، وليس فيها درجة ثانية، إلا أن عربات الدرجة الأولى ضيقة، وفي كل عين منها ستة مقاعد منفصلة بحواجز (مساند) ثابتة، والمسافر فيها إلى «المدينة» يعاني مشقاتٍ كبيرة، وخصوصًا في الليل الذي يقضيه كما يقضي النهار جالسًا، وكان الأولى بها أن تكون ذات أربع مقاعد يمكن تجهيزها ليلاً إلى أربعه أسرّة لنوم المسافرين فيها، لذلك ترى كثيرًا من الركاب يفضلون ركوب الدرجة الثالثة، وخصوصًا عربات البضاعة، حيث يمكنهم أن يفترشوا بها فراشهم، وينامون، ويجلسون على راحتهم، وأملنا في رجال الدولة حرسها الله أن يفكروا في ذلك، حتى تكون عربات الدرجة الأولى وافية براحة المسافرين في هذه المسافة الطويلة".

[الرحلة الحجازية، ص303]

 

ثم يُتحفك الأستاذ البتنوني بجدولٍ مفصَّل، فيه أسماء محطات الطريق الحديدي من «دمشق» إلى «المدينة»، وبُعد ما بين كل محطة وأختها بالكيلو، ومقدار ارتفاع كل محطة عن سطح البحر، ويضع علامةً أمام "المحطات التي فيها ماء"! يا الله!

 

ويقول الأستاذ محمد كرد علي:

"وما كاد ينتهي الخط إلى «المدينة» حتى نهضت البلاد بعض الشيء، ولا سيما «دمشق» و«المدينة» و«حيفا»، نهضةً اقتصاديةً لا يستهان بها، وحَسُن حال التاجر والمزارع، وسارت الأمور الاقتصادية على نسقٍ مرتبٍ معقول، فلم يعد في التجارة ذاك الكساد الذي نعهده في «دمشق»، ولا التقهقر الذي كان في «حيفا»، ولا الغلاء الفاحش في أسعار «المدينة»، وهكذا انتفع المحطات على طول الخط من دمشق إلى المدينة، وعددها 75 محطة، ومحطات «حيفا» و«درعا» وعددها 15، فأخذت كل محطةٍ بقدر حظها من العمران، وانتفع منها في الأكثر ما كان له أثرٌ قديم في الارتقاء".

[مجلة المقتبس، عدد 78، أغسطس 1912م]

•   •   •   •

 

كل ما فات لمحةٌ مما كان، فما صار؟!

تقلبت الأمور وهي قُلَّب، وتبدَّلت الدول وهي دول، قامت حركة الثورة العربية في الحجاز، واستعانت بأنياب الإنجليز ومخالبها، فَرَاحتْ تلك فَرِحَةً تعمل عملها في "الخط الحديدي الحجازي" الوليد، الذي ما زال يخطو ويتعثر في عقده الأول!

 

وراح صوتهم النشاز "لورنس" يحكي ذلك بكل صفاقة، يختال بذكره عن نفسه، وعن آخرين من بني جلدته، وعن آخرين من بني جلدتنا أيضًا، وأما نحن، فنقرأ، ونبكي، ونبكي!

 

وهاهنا مقتطفات من كلامه في مذكراته التي سماها (أعمدة الحكمة السبعة)، وعلق على اسمها الشيخ علي الطنطاوي بقوله: "وقبحها الله من حكمة، أعمدتها سبعة بعدد أبواب جهنم!" [الذكريات: 3/ 90].

 

يقول "لورنس":

"وكان «جارلاند» ينطلق من «الوجه» إلى الجنوب الشرقي، و«نيوكمب» إلى الشمال الشرقي، كي يكشفا الثغرات في الخط الحديدي، ويزرعا المتفجرات. وكانا يعمدان إلى نسف الجسور والخطوط الحديدية، ويبثان الألغام الزمنية تحت القطارات.

 

في هذه الفترة اجتاز العرب مرحلة الشك إلى مرحلة التفاؤل، لقد أصبح في استطاعة «فيصل [بن الحسين]» أن يُعدّ بتؤدةٍ الإعدادات اللازمة لنسف الخط الحديدي، غير أني رجوته أن يؤخر عمله هذا، وأن يقدم على تحريض العشائر التي تتجول وراء منطقتنا، كي نتمكن من توسيع الثورة وتعميقها إلى شمالي «تبوك»، وذلك كي نهدد الخط الحديدي الممتد بين «تبوك» و«معان»".

[ص133]

 

"لذلك طلب مني «كلايتون» أن أولي هذا الموضوع فائق اهتمامي، وأن أسعى بكل ما أملك من جهد للاستيلاء على «المدينة المنورة» وتدمير حاميتها التركية، وكان الكولونيل «نيوكمب» أثناء وصول رسالة «كلايتون» خارج «الوجه»، يقوم بسلسلة من التخريبات على الخط الحديدي الحجازي، لذلك وقعت على كاهلي مسؤولية تنفيد تعليمات «كلايتون»".

[ص138]

 

"قصدت خيمة «عبدالله [بن الحسين]»، وأعلنت له شفائي التام، وأبديت رغبتي في القيام بعملٍ ما ضد الخط الحديدي الحجازي، فالرجال والبنادق والمدافع الرشاشة والمتفجرات والألغام الآلية؛ جميعها متوفرة هنا لتوجيه ضربة رئيسية إلى الخط الحديدي. غير أن «عبدالله» أبدى فتورًا نحو رغبتي هذه، فأخذ يتحدث عن العائلات المالكة في أوربا، وعن معارك السوم، وعن انزعاجه من بطء زحفه، لكن الشريف «شاكر»، قريبه ونائبه في قيادة الجيش قابل طلبي هذا بحماسة شديدة، واستطاع أن يستحصل لي على موافقة «عبدالله» على تنفيذ رغبتي".

[ص147]

 

"وقد سرنا وراء هذه التلال إلى الجنوب، حتى أمسينا مقابل محطة «أبي النعام»، فترجلنا عن رواحلنا، وأقمنا مخيمنا في مكان قريب من العدو، لكنه أمين، وكانت قمة التل تشرف على المحطة، لذلك تسلقناها قبل غروب الشمس لنستطلع هدفنا، ونراقب حركات أعدائنا...

 

رأيت الخط الحديدي لا يبعد عنا أكثر من ثلاثة أميال، وشاهدت في المحطة مستودعين ضخمين شُيِّدا من الحجارة الصوانية، وبرجَ ماء مستديرًا، وبعض الأبنية الأخرى.


وقد وجدت أن المحطة محاطة بالخيام والخنادق، وقدّرت عدد حرسها بثلاثمائة رجل، ولكني لم أشهد مدفعًا جبليًا واحدًا، وقد قيل لنا: إن الأتراك يقومون في الليل بدوريات مسلحة فعالة لحراسة ضواحي المحطة والخط الحديدي".

[ص148، 149]

 

".... لذلك أدخلنا سريعًا بعض التعديلات على خططنا، وقررنا ألاّ نحتل المحطة، بل أن نضربها بالمدفعية، بينما يقوم فريق منا بلغم الخط الحديدي في الشمال، آملين أن نسقط القطار المتوقف في شباكنا، لذلك اخترنا فريقًا من الرجال الذين دربهم «جارلاند» على أعمال النسف، وكلفناهم بنسف قسم من الخط يقع إلى الشمال من الجسر في الفجر، وذلك كي يعطلوا ذاك الاتجاه، بينما قررت أن أصطحب معي مدفعًا رشاشًا، وأن أضع لغمًا إلى الجنوب من المحطة، وهو الاتجاه الذي يحتمل أن يرسل فيه الأتراك النجدة في حالة الطوارئ. وقد قادنا «محمد الخالد» قبل منتصف الليل إلى جزء مهجور من الخط الحديدي، فترجلت عن راحلتي، وأخذت أتحسس لأول مرة خلال الحرب بأصابعي قضبانه المثيرة، وبعد ساعة من العمل المرهق زرعت اللغم، وجعلت زناده ينطلق حالما تمر القاطرة عليه، ثم ركزنا مدفعنا الرشاش وراء دغل نامٍ في مجرى ماء يبعد مسافة أربعمائة ياردة عن الخط، ويشرف على النقطة التي أمّلنا أن يخرج فيها القطار عن خطه، واختبأ طاقم المدفع وراء الدغل، وسرت مع بعض رجالي لنقطع الخطوط التلغرافية".

[ص151]

 

"... ووصلنا مراكز قواتنا في اللحظة التي بدأت فيها مدافعنا تفتح نيرانها، وقد كان ضربها مركّزًا وممتازًا، إذ هدمت سقف العمارة، وأنزلت أضرارًا بالغة بالبناية الثانية، وأصابت غرفة المضخة، ومزقت صهريج الماء، وقد أصابت قنبلة محظوظة عربة من عربات القطار، فأشعلت فيها نيرانًا نهمة، وهذا ما جعل القاطرة تسارع في السير جنوبًا، فجلسنا نراقبها جائعين وهي تقترب من اللغم. وعندما وصلته ارتفعت سحابة من غبار ناعم، أعقبها صوت انفجار، ثم توقفت القاطرة ساكنة، وقد لاحظنا أن مقدمتها فقط قد عطلت، وخرج سائقوها ليصلحوها.

 

وعلى كل حال فلقد خلفنا وراءنا العربات والمستودعات في المحطة طعمًا للنيران، وكان حصاد معركتنا: ثلاثين أسيرًا تركيًا، وسبعين جنديًا بين قتيل وجريح، أما خسائرنا فلم تتجاوز جريحًا واحدًا كانت إصابته طفيفة.

 

أضف إلى ذلك أننا عطلنا حركة السير في المحطة ثلاثة أيام أمضاها الأتراك بين ترميم وتصليح....

 

وفي الصباح التالي قررنا أن نقوم بزيارة أخرى للخط الحديدي، لنجري تجربة كاملة للغم الآلي الذي لم تنجح تجربته نجاحًا كاملاً في المرة السابقة".

[ص152-154]

 

"كان «جويس» يقيم بالقرب من الشاطئ إلى جانب مخيم المصريين، وكنت أزوره وأبحث معه مشاكلنا وأمورنا، وكانت جميع نشاطاتنا وحركاتنا موجهة ضد الخط الحديدي".

[ص170]

 

"وفيما نحن نتابع سيرنا بين الحصى والرمال إذا بستة فرسان يطلّون علينا فجأة قادمين من جهة الخط، فسارعنا أنا و«عودة» لمعرفة ما إذا كانوا أعداء أم أصدقاء، ولدى اقترابهم منا تبين لنا أنهم من الجيش العربي. بدا مظهر الأول الذي كان يركب جملاً ضخمًا عليه سرج من الخشب، صنع مانشستر، يدل على أنه من فوج الهجانة البريطاني، كان إنكليزيًا أشقر، يرتدي لباسًا عسكريًا ممزقًا، وهذا لم يكن من الممكن أن يكون سوى «هورنبي» المهندس الهائج الثائر، تلميذ «نيوكمب» الذي كان ينافسه في تخريب الخط الحديدي، وكان هذا أول لقاء بيننا، تبادلنا فيه التحية.


لقد كان «نيوكمب» يقع دائمًا في صعوبات ومآزق، والسبب في ذلك يعود قبل كل شيء إلى حماسته الزائدة، وإلى عادته في أن يقوم بأربعة اضعاف العمل الذي يستطيعه أي إنكليزي، وبعشرة أضعاف ما يراه العربي معقولاً ولازمًا. كان «هورنبي» لا يعرف من اللغة العربية إلا بضع كلمات، أما «نيوكمب» فكان يعرف منها ما يكفي لإصدار الأوامر وربما الإقناع، ولكن الأوامر لم تكن تقع موقعًا حسنًا في هذا الداخل الصحراوي، وكلاهما لمدة أسابيع متتالية كان يتعلق بالخط تقريبًا بدون مساعدة، وأحيانًا بدون طعام، حتى تنفد منه الذخيرة والمتفجرات، ويفقد كل ما معه من جمال، فيتراجع عندئذ ليتزود بكميات جديدة من المتفجرات، ويبحث عن عدد من الجمال، ومن ثم يعود إلى هجماته وغاراته على الخط.


كان «نيوكمب» لا يتوقف عن الإغارة أبدًا، ولا يستطيع أن يرى مرتفعًا حتى يتسلقه لإلقاء نظرة على السهل المحيط به، كل هذا أمام سخط مرافقيه وإحراجهم، حيث كان عليهم إما تركه يفنى وحده (وترك رفيق في الطريق يعتبر عارًا كبيرًا عند العرب لا يغسل بسهولة)، وإما الفناء معه. لقد كان «نيوكمب» في نظرهم كالنار التي تحرق الأخضر واليابس، والصديق والعدو على السواء، ولكنهم كانوا معجبين بحيويته، وفخورين بكونهم يركبون المخاطر معه.


ومما رواه لي مرافقو «نيوكمب» العرب عنه أيضًا: أنه كان يرفض أن ينام إلا ورأسه على الخط الحديدي مستخدمًا إياه كوسادة، كما أن معاونه «هورنبي» كان ينقضّ على الخط الحديدي بأسنانه عندما يفشل الديناميت في نسفه. قد يكون هذا الكلام خرافة ومبالغة، ومهما يكن فإنه يدل على أن كلا الشخصين يستميت كي يخرّب ما دام قادرًا على ذلك. وكانا بما يقومان به من نسف وتدمير وتخريب يضطران السلطة العثمانية لأن تجنّد باستمرار أربع كتائب من العمال الأتراك لإصلاح ما ينسفانه ويخربانه، كما أن الديناميت كان يصل بالأطنان وبكميات متزايدة إلى «الوجه» لإشباع نهمهما إلى النسف والتدمير، كانا يشكلان زوجًا فريدًا...".

[ص182-184]

 

وقد صدق -والله- الشيخ علي الطنطاوي، إذ قال:

"وكلما قرأتُ في مذكراته التي سماها «أعمدة الحكمة السبعة»، وقبحها الله من حكمة، أعمدتها سبعة بعدد أبواب جهنم! كلما قرأت أخبار نسف الخط، وقتل «الوليد» الجميل الذي لم يتجاوز عمره عشر سنين، وحراسه وموظفيه من الأتراك المسلمين، إخواننا في الدين، كلما قرأتها أو ذكرتها أحس الألم يحزّ في قلبي، وأرى الدمع يقطر من عيني".

[الذكريات: 3/ 90، 91]

 

ولا يخطئ حِسُّ كلِّ ذي حِسٍّ مرارةَ اللوعة والأسى في أحرف الأساتذة والمؤرخين، بل وفيما بين أحرفهم، وهم يتلقّون هذه الأخبار الأليمة أيامَ وقوعها، وينقلونها كأثقل حِملٍ نقلوه!

 

يقول الأستاذ كامل بن حسين الغزي، أحد مؤرخي «حلب» الشهباء:

"وفيها [يعني: سنة 1334] صارت الأخبار تَرِدُ من الحجاز تارةً بانتصار الجيوش التركية على الجيوش العربية، وتارة بالعكس، وأن «المدينة المنورة» دخلت في حوزة العرب، وأنهم نسفوا سكة الحديد في جهات الكرك ومعان وغيرهما"!

[نهر الذهب فى تاريخ حلب: 3/ 471]

 

وينقل الأستاذ محمد كرد علي، فيقول:

"جاء في نشرة وزارة الحربية البريطانية في آب 1917: أن خطة العرب في بداءة نهضتهم خطةٌ حسنة، تحوي في مطاويها حذقًا وحزمًا ودهاء، فقد خرّبوا قسمًا من السكة الحديدية، واستولوا على مراكز الأتراك على جانبي الطريق، وكانوا على جانبٍ من البسالة، يتغلبون غالبًا على جيش أكثر منهم عددًا وعُددًا.


وقال ليمان سندرس الألماني: إن العرب من أول شهر أيار إلى التاسع عشر منه خربوا خمسة وعشرين جسرًا؛ خرب العرب محطة «القطرانة»، وأسروا عددًا من الترك، وبعد أسبوع هجموا على «الحسا»، فأخذوا قطارًا كان هناك، ودمروا قسمًا من العدة والذخيرة، ولكن الأتراك أخرجوهم بعدئذٍ من «الحسا»، فتقهقروا جنوبًا وهم يخرّبون في الجسور والخط"!

[خطط الشام: 3/ 149]

 

يا لقتامة جَرس هذه الأحرف! ويا لكثافة وَقعها!

ويا لَبُعد ما بينها وبين تلك الأحرف المتفجرة بهجةً، التي كتبها الأستاذ نفسُه واصفًا نهضة البلدان بعد اكتمال مَدِّ الخط، وقد نقلتُها آنفًا!

 

وللشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- رثاءٌ باكٍ لهذه "السكة"، أودعه ذكرياته (3/ 89، 7/ 333)، ومواضع من رحلته "من نفحات الحرم"، منها (ص129)، ولغير واحدٍ مثله، فاقرؤوا ذلك إن شئتم، وابكوا كما بكيتُ، شئتم أم أبيتم!

•   •   •   •

 

أيها السادة..

لست أرقُم هنا لسرد دروس الوحدة، مقوّماتها وأسسها، ولن أتكلم عن المكر الكُبّار الذي كِيدَ ويُكاد لنا الليلَ والنهار، إذ لا أراني مُبِينًا ذلك إبانةَ طللٍ خاوٍ في تلك المفاوز، وإن كنتُ ناطقًا حيًّا، وذاك أخرس جامد!

 

ما راءٍ كمن سمع، فضلاً عمن قرأ، اذهبوا إلى تلك الأطلال؛ تحدِّثْكم هيَ بما كان، وبما صار، هي البحر المليء، ولستُ إلا قناةً توشك أن تغيض، فاقصدوا البحر وخَلُّوا القنوات!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من سار على الدرب وصل
  • على دربهم أسير.. اختر قدوتك ثم أخرج كنوزك للنور (1)
  • من سار على الدرب وصل

مختارات من الشبكة

  • الأربعون العقدية: تبيان الحق نفسه في شرح حديث "أينا لم يظلم نفسه؟"(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب: الحفاظ على مقصد حفظ النفس في الشريعة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تفسير: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أطال الدرب (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مثبتات على الدرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسائل على الدرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عثرات على الدرب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الزكاة وأحكام تتعلق بها (نور على الدرب)(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من أحكام الأضحية (نور على الدرب)(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • كمال رشيد .. رفيق الدرب(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- :"(
راكان عارف - بلاد الحرمين 13-09-2012 07:31 PM

لي عدة أيام أقرأ عن قطار الحجاز، وكلما قرأت عن مآل حديده ومقطوراته أحس بغيظ يملؤني ونارٌ تشتعل في داخلي.
هذا القطار كان محاولة أخيرة للم شتات الأمّة، ليس مجرد وسيلة مواصلات تختصر الطرق، بل كان قدر هذا القطار أن يكون رمزًا لما تعنيه الخلافة، ورمزًا للخيانة والتشتت فيما بعد.
لأول مرة أقرأ كلام الهالك لورنس عما صنعه هو ومن معه من البؤساء في القطار، والله كأني أراه يمدّ لسانه عليه من بين أحرفه.. قبحه الله وقبح الخونة.
كنت أقول في نفسي وأنا أرى قضبانه صارت متفرقة بين المزارع والمحلات القديمة: لعل ثوراتنا الإسلامية الحالية تجبّ تلك الثورة البائسة الفضيحة، ولعل هذا العار الذي لحق بالقطار يعوض بمثله وأعظم منه بعد زوال طاغية سوريا وأمثاله.
لعل ثوراتنا اليوم تكفّر أوزار تلك الثورة البائسة التي ضاع بسببها الكثير من مجدنا وكرامتنا، فكانت العقوبة عامة على الأمة بأن ارتقى على رقاب شعوبها أناس يمجدون تلك الثورة من جهة ويفتكون بشعوبهم من جهة أخرى.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب