• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

إسلام قبيلة نفوسة وتعريبها (2)

إسلام قبيلة نفوسة وتعريبها (2)
فاطمة حسن جابر حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/7/2012 ميلادي - 3/9/1433 هجري

الزيارات: 9146

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إسلام قبيلة نَفُوْسة وتعريبها (2)

 

يناقش بحثنا انتشار الإسلام، والفتح الإسلامي لبلاد المغرب، وجبل نَفُوْسة بوجه خاص، ثم عملية التعريب اللغوي والثقافي.


وذلك في إطار الحديث عن عملية انتشار الإسلام وجهود المسلمين العرب في جبل نَفُوْسة لتعريبه، لقياس انتشار الإسلام والتعريب اللغوي والثقافي ببلاد المغرب عامة، ومحاولة إظهار جهود أهل جبل نَفُوْسة في نشر الإسلام واللغة العربية وصبغ الجبل بالصبغة الإسلامية العربية.


ورأينا في الجزء الأول كيف انتشر الإسلام هناك؛ وما هي أهم الأسباب التي أدت إلى اعتناق البربر للإسلام في وقت مبكر؛ وكيف كان الفتح الإسلامي فتح مبادئ ومُثل عليا، وكان قادة الفتح الإسلاميٍ يحملون المصحف أولاً، والسيف ثانيًا، وكانوا (دعاة) أولاً، و(محاربين) ثانيًا.


ورأينا أيضا أن أكبر داعية للإسلام في هذه البلاد كان هو الإسلام نفسه بعقيدته البسيطة الواضحة، وشرائعه بما فيها من فضائل تجعل الناس شديدة الحرص على الإسلام، الذي يمنح معتنقيه كل شيء دون أن يطالبهم بشيء سوى عبادة الله الواحد والعمل على ابتغاء مرضاته، إضافة أن ناشري الدين الإسلامي كانوا على قدر من الإخلاص والإيمان، وتطبيق الإسلام قولاً وعملاً.


ثانيًا: التعريب اللغوي والثقافي

نتج عن الفتح الإسلامي لبلاد المغرب تغيرًا دينيًا واجتماعيًا، وهو ما عجز عنه الغزو الروماني أو البيزنطي لبلاد المغرب من قبل، وربما كان ذلك لاختلاف الهدف بين الفريقين، فبينما كان المسلمون يتطلعون إلى نشر الدين الإسلامي واستمالة البربر نحوه، وزيادة مساحة الدولة الإسلامية، كان البيزنطيون – مثلاً – يهدفون إلى استعباد الشعوب واستغلال ثروات البلاد.


وهكذا نجد أن الفتح العربي الإسلامي للمغرب، قد مسَّ صميم الحياة المغربية ونقلها من حال إلى حال، فقد كان الفتح العربي أقوى تأثيرًا، وأعمق أثرًا من تلك الفتوحات السابقة، إذ نشأ عنه انتشار دين جديد، ولغة جديدة، وثقافة جديدة، فاندمج المغرب في جسد الدولة الإسلامية، وصار له طابعه الإسلامي العربي المعروف به حتى الآن[1].


ويلاحظ أن انتشار الإسلام في المغرب كان أسرع من انتشار اللغة العربية؛ لأن العرب الفاتحين الأوائل لم يكونوا من الكثرة بحيث يؤثرون بصورة واضحة في البربر ولغتهم، لكننا لا نستطيع أن ننكر دورهم البسيط في نشر اللغة العربية.


ولكن بعد إتمام الفتح الإسلامي لبلاد المغرب، وخاصة في عهد موسى بن نصير، واستقرار الكثير من العرب في البلاد، سواء أكانوا من الجنود أو من البعثات القادمة من الشرق لنشر الدين واللغة، أو من القبائل المهاجرة .. كل ذلك أدى في النهاية إلى نشر اللغة العربية وترسيخها.


قامت عملية التعريب في بلاد المغرب أساسًا على تعليم قواعد اللغة العربية ومبادئها، التي كان لانتشارها في المغرب عدة أسباب منها:

• أن انتشار الإسلام أدَّى إلى انتشار اللغة العربية التي هي لغة القرآن؛ وذلك لكي يتمكنوا من قراءته وتأدية الصلاة، وفهم تعاليم الإسلام على أساس صحيح[2].


• أن اللغة البربرية هي لغة أرومة سامية، وأن نسبة كبيرة من ألفاظها عربية، هذا إلى جانب أن لغة البربر غير مكتوبة، ولكنها كانت أشد اللغات مقاومة وأقدرها على الصمود، وإلى جانب آخر تعدد لهجاتهم البربرية؛ لذلك وجدوا في اللغة العربية أداة طبيعية تمكنهم من التفاهم فيما بينهم، باعتبارها لغة الحديث والتخاطب، وهي أيضًا لغة مكتوبة يستطيعون عن طريقها أن يسجلوا تراثهم.


• عدم تأثر البربر باللغات التي كانت موجودة في المغرب كالإغريقية واللاتينية، التي كانت لغة الحكومة ولغة سكان المناطق الساحلية فقط، فغالبية البربر كانوا أبعد من أن يتأثروا بهذه اللغة (والحضارة الرومانية)[3].


• بعد استكمال الفتح الإسلامي العربي للمغرب حلت على البلاد فترة من الاستقرار النسبي ساعدت على نشر الإسلام دينًا ولغة، كما ساعد علم التابعين وورعهم وإخلاصهم في ترسيخ جذور العقيدة الإسلامية واللغة العربية في العقول والقلوب معًا، والفرق بين العرب والرومان أن العرب استقروا مع الأهالي في بلادهم وقبائلهم وعشائرهم على خلاف الرومان الذين انحصروا في المدن الساحلية؛ مما أدى إلى نشر وترسيخ اللغة والعقيدة معًا[4].


لاشك أن العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام في بلاد المغرب، كان لها تأثيرها الواضح أيضًا على انتشار اللغة العربية في ذلك الوقت، فقد تفوق العرب في كافة الجهات التي فتحتها الجيوش الإسلامية، ولعبت قبائلهم دورًا مهمًا في نشر الثقافة العربية ببلاد المغرب، فضلاً عن ذلك قام الفقهاء العرب المصاحبون للفاتحين بدور كبير في نشر الإسلام والتمكين للثقافة الإسلامية في نفوس البربر، الذين أقبلوا على الإسلام، وعلى نشر اللغة العربية.


والواقع أن إسلام البربر وإقبالهم على الثقافة العربية حببهم في العرب وفي ثقافتهم، وانعكس ذلك على طبائعهم وسلوكهم تجاه العرب فيما بعد، وانقسم تعريب بلاد المغرب إلى مرحلتين هما:

المرحلة الأولى (العصر العربي البحت "مرحلة التعليم التمهيدي"):

لم تعهد الفتوحات السالفة للديار المغربية فتحًا بكتاب، فقد جاءوا العرب بالقرآن الكريم الذي هو قوام دينهم ودستور سياستهم؛ لذلك بُنى الفتح على الثقافة في يوم الفتح نفسه، وسبق أن ذكرنا أن جيش الفتح كان يصطحب معه خطباءه، فكانت خطبة الفاتح الأول عبد الله بن الزبير أول وسيلة لتعليم النثر العربي[5].


كانت أهم وسائل التعريب في هذه المرحلة المساجد، فعندما فتح عمرو بن العاص طرابلس شيد فيها أول مسجد، وهو ما يعرف بمسجد الفاقة، كما بنى عمرو مسجدًا آخر في غابة زنزور في طرابلس[6]؛ حيث كان المسجد هو المركز الرئيسي للثقافة العربية والإسلامية، وكانت الدراسات في سنوات الإسلام الأولى دراسات تهدف إلى شرح تعاليم الدين الإسلامي الجديد، هذا بالإضافة إلى الهدف الرئيسي للمسجد كمكان للعبادة[7].


كان لرويفع بن ثابت دور في نشر الإسلام وتعليم اللغة العربية، حيث تتلمذ على يديه كثير من العلماء وطلاب العلم، ويشير الدباغ [8] أنه من المحتمل في سنة (31هـ/651م) أن يكون رويفع بن ثابت هو الذي اختط مسجد الأنصار بموقع القيروان الأولى، وهو أقدم مساجدها وأفضلها، ثم أصبحت القيروان أول عاصمة إسلامية في بلاد المغرب، ثم أسس بمسجد الأنصار دروس لتعليم الإسلام واللغة، فقد كان أول مركز عربي للتعليم بديار المغرب، وكان الولاة ورؤساء الجيوش يصحبون معهم الأدباء والشعراء وعلماء اللغة لتثقيف أبنائهم، وأبناء الأسر البربرية حتى ينتشر الإسلام وتستقر العروبة، فكانت وسائل التعليم في المغرب من سنة (27هـ/647م) حتى سنة (51هـ/671م) تعتمد على المساجد وخاصة مسجد الأنصار، ثم توالى بناء المساجد بعده في بلاد المغرب التي كانت مدراس في كل مكان في بلاد المغرب[9].


وكان الكُتّاب من أقدم وأهم المراكز الثقافية بعد المساجد والجوامع التي أسهمت في نشر العلوم والمعارف الإسلامية على وجه الخصوص، ولقد شهدت بلاد المغرب (خاصة المغربين الأدنى والأوسط) ظهور تلك الكتاتيب مبكرًا، فمنذ أن وطأت أقدام المسلمين أرض المغرب، واستوطنوها وبنوا دورهم ومساجدهم، دفعتهم الظروف والواقع إلى تثقيف أولادهم فأنشأوا الكتاتيب للقيام بهذه المهمة، وقوام الكتاب كان المعلم، والمكان، والصبيان.


وكان الهدف الأساسي والأسمى من الكتاب هو تنشئة أولئك الصبيان تنشئة دينية صحيحة عن طريق المواد التعليمية التي تُقدم فيه، كانت الدراسة قائمة على كتاب الله وتحفيظه والإلمام بقواعد الكتابة والقراءة وبعض المبادئ الدينية واللغوية الصحيحة.


واقتصر التعليم في الكُتَّاب على الصبيان بتقديم مادة علمية بسيطة تؤهلهم للالتحاق بالحلقة العلمية الأعلى في الجامع، فالكُتَّاب يمهد الطريق للصبي بعد بلوغه السن والتحصيل الملائمين إلى الانتظام في حلقات الشيوخ في الجوامع والمساجد التي تعد حلقة دراسية عليا[10].


كانت البداية الأولى للكُتَّاب هو (الكُتَّاب الخيمي) وقد شيد في بلاد البربر بكثرة، حيث يُعد النواة الأولى له، وكان له أكبر الأثر في تقوية دعائم الإسلام ونشره وانتشار اللغة العربية فيما بين البربر بسرعة[11].


ويأتي الرباط في المرتبة الثالثة من الأهمية، فمن خلاله انتشرت علوم دينية ومعارف لغوية مختلفة، وانتشرت الرباطات في المغرب الإسلامي، وخاصة إفريقية منذ القرن الثاني الهجري، ومنها رباطات بحرية وأخرى صحراوية غُرست في المناطق الصحراوية المتاخمة لبلاد السودان؛ وهكذا صار المغرب كله مربعًا من الربط؛ مما كان لها أكبر الأثر في نشر الدين واللغة في بلاد السودان، وأشهر الأربطة في المغرب (رباط سوسة)[12].


أما المسيد وهو المرتبة الرابعة من الأهمية، فهو عبارة عن مسجد خاص بناه صاحبه ليفقه الناس في الدين، أو اللغة العربية أو لنشر مذهب خاص في الفقه، وهو من المراحل المتطورة في التعليم والتعريب، كانت نشأة المسيد نشأة بربرية، علموا فيه القرآن عربيًا مبينًا، وشرحوه بالبربرية، وإلى المسيد يرجع الفضل في نشر الإسلام بين كافة البربر، وفي الجبال والسهول[13].


إلى جانب ما سبق لا يمكن أن نغفل الدور الكبير للقوافل التجارية، فلم تكن القوافل الليبية قوافل اتِّجار بالبضائع فقط، بل كانت قوافل نقل للثقافة والدين واللغة، فكانت تدخل إلى قلب الصحراء، فتنشر الإسلام واللغة العربية والثقافة الإسلامية؛ لذا فإنني أضعها في المقام الخامس من وسائل التعليم في المغرب[14].


المرحلة الثانية (مرحلة التعليم المغربي):

امتازت هذه المرحلة ببعض السمات منها، ظهور المساجد البربرية في صميم بلاد البربر، بهدف تدريب البربر على اللغة العربية والإسلام بلسانهم البربري أولاً، ثم بالعربية ثانيًا فيما بعد.


وكذلك الإرساليات العلمية والبعثات التبشيرية التي بعثها الخلفاء الأمويون لتثقيف البربر في اللغة العربية والدين، وعلى رأس هؤلاء الأمويين الخليفة عمر بن عبد العزيز.


ومما يميز هذه المرحلة أيضًا ظهور المساجد الخاصة وتكاثرها، وقد أسسها أربابها لتقوم بدور المدارس يلقون فيها دروسهم على حلقات احتسابًا لوجه الله - وهي تشبه المسيد ولكنها متطورة عنها - وعدد هذه المساجد الخاصة ذات الصبغة الخصوصية كثير في كل مكان من أقطار المغرب، وإليها يرجع الفضل في نشر الثقافة العربية والإسلامية بين العامة في بلاد البربر، وأيضًا في الجبال والسهول المغربية[15].


لقد كان الخلفاء المسلمون - الأمويون والعباسيون - يعملون على نشر الإسلام وتعريب البلاد وحسن معاملة أهلها، والعمل على كسب هذه البلاد، ويتجلى ذلك واضحًا في كثير من أقوال هؤلاء الخلفاء وأفعالهم، فالخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، أوصى عامله على إفريقية محمد بن يزيد بقوله: "اتق الله وحده لا شريك له، وقم فيما وليَّتك بالحق والعدل، وقد وليَّتك إفريقية والمغرب كله". كما كان البربر أنفسهم يعرفون أن الخلافة لا تبغي سوى الخير لهم، وأن ما قد ينزل بهم من عسف إنما سببه بعض عمال الدولة الإسلامية القليلين، وهم الذين أساءوا السيرة فيهم، فتغالوا في الشدة والسيطرة ظنًّا منهم أن مسلكهم هذا سيرضي عنهم الخلفاء، ودلَّل على ذلك ابن الأثير بقوله: "وكانوا - أي أهل المغرب - يقولون: لا نخالف الأئمة - أي الخلفاء - بما تجني العمال - أي الولاة - فقالوا لهم - أي الدعاة الذين يحرضون البربر على الفتنة - إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا: حتى نخبرهم..."[16].


ولقد توالى على بلاد المغرب ولاة أكْفَاء أثبتوا جدارة في نشر الإسلام، وخاصة في تعريب البلاد، وتثبيت العروبة فيها، ومن أهم الولاة الذين كان لهم دورٌ بارزٌ في عملية تعريب بلاد المغرب وهم:

عقبة بن نافع الفهري، فقد قام عقبة بدورٌ بارزٌ في تعريب المغرب، خاصة أنه أقام في بلاد المغرب حوالي ربع قرن مجاهدًا وينشر الإسلام واللغة العربية، ونجح في كسب كثير من سكان البلاد[17]. فيقول المالكي عنه: "لما فتح عقبة بن نافع (ودَّان) و(فَزَّان) أسلموا على يديه"[18]، ويقول عنه ياقوت الحموي: "أسلم على يديه خلق من البربر، وفشا فيهم دين الله حتى اتصل ببلاد السودان"[19].


أما حسان بن النعمان، فقد منح حسان البربر الذين يؤيدون الفتح الإسلامي ويؤازرونه حق المساواة الكاملة مع العرب - اعتبر أرض المغرب مفتوحة صلحًا لا عنوة وأقر البربر على ما بيدهم من الأرض - وبذلك وجد البربر أنهم أصبحوا بالإسلام سادة لا عبيدًا، ففتحوا قلوبهم وصدورهم للإسلام وأقبلوا على تعلم لغة الفاتحين والتشبه بهم في كل شيء.


كانت سياسة حسان قائمة على المساواة بين العرب والبربر، كما سبق أن ذكرنا فكان ذلك سببًا في الهدوء التام الذي شمل بلاد المغرب، بالإضافة إلى ما تقدم قام حسان باختيار ثلاثة عشر فقيهًا من خيرة التابعين؛ لكي يعلموا البربر القرآن واللغة، ويفسروا لهم آيات الله ويعلموهم الكتابة العربية كما أنه جعل لغة الدواوين في إفريقية اللغة العربية[20]. ويذكر المالكي أنه: "استقامة إفريقية كلها، وآمن أهلها، وقطع الله -عز وجل- مدة الكفر منها، وصارت دار إسلامي إلى وقتنا هذا، وإلى آخر الدهر إن شاء الله- عز وجل- "[21].


أما موسى بن نصير، فقد أظهر حماسه نحو إعلاء شأن الإسلام، فخصص جزءًا كبيرًا من المال الذي كان يعطيه إياه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان؛ ليشتري الأسرى الذين كانوا يتعهدون بأن يكونوا أبناء أوفياء للإسلام[22]، فيقول عنه ابن خلدون: "قال ابن أبي زيد: أرتدت البرابرة بالمغرب اثنتي عشرة مرة، ولم تستقر كلمة الإسلام فيهم إلا لعهد موسى بن نصير فيما بعد"[23].


وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، امتدت يد الإصلاح والتعريب إلى القبائل البربرية التي سبق لها وأن صالحت العرب، فمنحهم الحقوق التي كان يتمتع بها المسلمون من العرب، وألغى ما كان متبعًا منذ أيام عقبة بن نافع على ألا يبيعوا في خراجهم من أحبوا من أبنائهم؛ وذلك تطبيقًا لمبدأ المساواة بين المسلمين[24].


وقد ولى الخليفة عمر بن عبد العزيز على إفريقية إسماعيل بن عبد الله ابن أبي المهاجر من سنة (100-101هـ/718-719م) فأسلم على يديه جميع البربر الباقية على غير الإسلام[25]، ويقول النويري عن أبي المهاجر: "كان خير والٍ"[26]، فلم يكن إسماعيل بن عبد الله عاملاً على المغرب فحسب، بل كان داعية إلى الإسلام والعروبة بالدعوى السلمية والإقناع، فقد أرسل الخليفة عمر معه عشرة من أهل العلم؛ ليعلموا البربر أصول الدين وقواعد اللغة العربية الصحيحة والكتابة، فاستقروا في مدن المغرب المختلفة[27]، وأقاموا المساجد وجعلوها مدارس للتعليم يقصدها البربر من كافة أنحاء الأقاليم، ويعملون – بدورهم – على نشر الإسلام والثقافة العربية[28].


كما أوصى الخليفة عمر واليه على المغرب أن يبذل كل ما يملك من جهد في سبيل إسلام أهل المغرب؛ والعمل على نشر اللغة العربية وتعليمها، كما بلغ من حرصه على حسن معاملة البربر أن كتب إلى ولاته يأمرهم أن من كانت عنده لواتية فيلخطبها إلى أبيها، أو فليردها إلى أهلها[29].


كان تعريب البربر، واكتسابهم ما تفيده تلك اللغة من تفكير وتعبير نتيجة طبيعية لجهود الخلفاء والولاة والدعاة المشار إليهم، حيث صارت لهم العقلية العربية نفسها، وصار يوجد فيهم الفقهاء والشعراء والخطباء، كذلك صارت حياتهم ومعاملاتهم قائمة على أساس الشريعة الإسلامية[30]، فصاروا – في جملتهم – يتكلمون العربية ويكتب بها أهل الكتابة منهم[31].


ولم يقف الأمر عند هذا الحد من التعريب، بل شاركت بلاد المغرب في الحياة الثقافية مشاركة فعالة منذ القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي[32]، ويدل على ذلك ما ترويه كتب الطبقات من رحيل الكثيرين من أهل المغرب في القرن الثاني الهجري إلى الشرق، للاستزادة من العلم والتثقيف في اللغة، وخير دليل على ذلك بعثة حملة العلم الخمسة إلى المشرق للاستزادة في المذهب الأباضي[33].


ويخبرنا ابن خلدون بتبدل أحوال البربر فيقول: "لقد تبدلوا ونسوا ارطانة الأعاجم وتكلموا بلغات العرب، وتحلوا بشعارهم في جميع أحوالهم"[34].


خلاصة القول:

أنه كان من الطبيعي أن يحرص أهل المغرب، الذين دخلوا في الإسلام على تعلم اللغة العربية؛ وذلك لدراسة ما جاء في القرآن من آيات بينات خاصة بالعبادات، والأحكام والمعاملات وهي أمور ضرورية لكل مسلم ومسلمة، سواءً في الحياة العامة أو الخاصة؛ لكن انتشار اللغة العربية – التي حلت محل اللغة اللاتينية – لم يقض على اللغة البربرية أو لهجاتها، التي كانت منتشرة بوجه خاص في أطراف المغرب، والمناطق الجبلية الرعوية، غير أن لغة المغاربة ولهجتهم لم تكن سوى وسيلة للتعبير الشفوي عند البدو منهم، ولم تكن أبدًا لغة حضارية كاللغة العربية؛ لذلك كانت المساجد التي أسسها المسلمون بمثابة مراكز علمية، ومدارس للتحصيل العلمي الديني والدنيوي، قبل أن يعرف العالم الجامعات والمدارس[35].


وهكذا نجد أن اللغة العربية احتاجت إلى فترات طويلة وجهود مضنية من المسلمين العرب حتى تنتشر وتصبح اللغة الرسمية الأولى في البلاد كلها، فالبدايات الأولى لتعلمها نجدها بسيطة وطرقها سهلة تتلاءم مع طبيعة الأهالي والبلاد، ومع كل ذلك انتشرت اللغة تدريجيًا حتى تم تعريب البلاد وأصبح لسانها عربيًا.


إن ما نخلص إليه، أخيرًا بعد ما تقدَّم، أن الإسلام انتشر مبكرًا بين القبائل البربرية، وأن الفتح الإسلامي نجح في نشر عقيدته السهلة الواضحة بين هذه القبائل، ومع تحمس البربر للدين الجديد وإقبالهم عليه، تطور مجتمعهم، وتغيرت عاداته وتقاليده، وتمتعوا بجميع الحقوق التي تمتع بها المسلمون.


يضاف إلى ذلك انتشار اللغة العربية الواسع بين هذه القبائل، لرغبة البربر في تعلمها لفهم الدين وقواعده الصحيحة، بجانب إنشاء العديد من المساجد، وما كان لها من دور في الثقافة الإسلامية العربية، إذ كانت هذه المساجد إلى جوار دورها كمكان للعبادة ومركزًا للإشعاع الحضاري الإسلامي.


وأيضًا مساهمة البربر في الجيش الإسلامي والفتوحات، وإنشاء عاصمة إسلامية بالمغرب تحمل الطابع الإسلامي العربي، وتكون حاضره من حواضر نشر الإسلام وهي "القيروان".



[1]د. أحمد مختار العبادي: في تاريخ المغرب والأندلس، ص47 – د. هاشم عبد الراضي: تاريخ المغرب والأندلس، ص76.

[2]د. أحمد مختار العبادي: المرجع السابق، ص47.

[3]د. حسن محمود: انتشار الإسلام (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1958م) ص149 – د. صابر دياب: المرجع السابق، ص105 – د. سامية توفيق: المرجع السابق، ص93-94 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص202.

Lewicky, F.: De Quelques Textes Indédits en vieux Berbere, vol. 8, p. 279.

[4]د. محمود شيت خطاب: قادة فتح المغرب، ج2 ص168.

[5]أ. عثمان الكعاك: مراكز الثقافة في المغرب (معهد الدراسات العربية العالمية، القاهرة 1958م) ص12.

[6]التيجاني: الرحلة، ص215-245.

[7]د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص60.

[8]معالم الإيمان، ج1 ص124-125.

[9]الدباغ: المصدر السابق، ج1 ص124-125 – الكعاك: المرجع السابق، ص13.

[10]د. يوسف حوالة: الحياة العلمية، ج1 ص226-227 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص73.

[11]د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص81 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص73.

[12]د. يوسف حوالة: المرجع السابق، ج1 ص236-241 – د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص17-123 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص73.

[13]د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص58 – الكعاك: المرجع السابق، ص14 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص73.

[14]د. محمد بن تاويت: المرجع السابق، ص58 – الكعاك: المرجع السابق، ص16 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص74.

[15]الكعاك: مراكز الثقافة، ص13-14.

[16]ابن الأثير: الكامل، ج3 ص47 – د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص45 – د.صابر دياب: المرجع السابق، ص140 – آمال محمد حسن: برقة وطرابلس، رسالة دكتوراه، ص66.

[17]د. السيد عبد العزيز سالم: المغرب الكبير، ج2 ص152 – د. سعد زغلول، المرجع السابق، ج1 ص134.

[18]المالكي: رياض النفوس (تحقيق: د. حسين مؤنس، ط1، مكتبة النهضة العربية، القاهرة 1951م) ج1 ص63.

[19]معجم البلدان، ج4 ص330.

[20]المالكي: رياض النفوس، ج1 ص36-37 – السلاوي: الاستقصا، ج1 ص83 – ارنولد: المرجع السابق، ص351.

[21]رياض النفوس، ج1 ص36-37 – السلاوي: الاستقصا، ج1 ص83 – د.إحسان عباس: تاريخ ليبيا، ص35 – ارنولد: الدعوة إلى الإسلام (ترجمة: حسن إبراهيم حسن، ط2، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1957م) ص351 – د. محمود شيت خطاب: قادة فتح المغرب، ج2 ص170-171.

[22]ارنولد: الدعوة إلى الإسلام، ص350.

[23]المقدمة، ص290.

[24]د. حسن محمود: انتشار الإسلام، ص149.

[25]ابن خلدون: العبر، ج6 ص220 – القلقشندى: مآثر الأناقة (تحقيق: عبد الستار أحمد، عالم الكتب للنشر، بيروت د.ت) ج1 ص145 – د. حسن محمود: انتشار الإسلام، ص149 – د. سامية توفيق: انتشار الإسلام، ص96.

[26]نهاية الأرب، ج4 ص109.

[27]ابن عبد الحكم: فتوح مصر والمغرب، ص288 – النويري: نهاية الإرب، ج24 ص109 – ابن عذاري: البيان (تحقيق: ج.س.كولان، أ.ليفي بروفنسال، ط3، دار الثقافة، بيروت 1983م) ج1 ص46-48 – ابن أبي الضياف: إتحاف أهل الزمان (تونس 1963م) ج1 ص87 – السلاوي: الاستقصا، ج1 ص123 – د.محمود شيت خطاب: قادة فتح المغرب، ج2 ص167-168 – د. حسن محمود: انتشار الإسلام، ص149.

[28]د. حسن محمود: انتشار الإسلام، ص149.

[29]البلاذري: فتوح البلدان، ص227 – د. محمد بن تاويت: الأدب المغربي، ص45.

[30]د. أحمد مختار العبادي: في تاريخ المغرب، ص47.

[31]النائب الأنصاري: نفحات النسرين، ص7.

[32]د. حسن محمود: انتشار الإسلام، ص150.

[33]د. محمد شيت خطاب: المرجع السابق، ج2 ص173 – انظر: الفصل الثاني، المبحث الأول (انتشار المذهب الأباضي) ص [............].

[34]العبر، ج6 ص205.

[35]د. صابر محمد دياب: المرجع السابق، ص150-151.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إسلام قبيلة نفوسة وتعريبها (1)
  • مزايا قبيلة بني تميم (1)

مختارات من الشبكة

  • إسلام الفلبينية Meredith بعد حضورها دورة تعريفية بالإسلام في المنتدى للتعريف بالإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسلام قبيلة مزغوم في الكاميرون(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عقيدة أهل السنة والجماعة في الكاميرون.. قبيلة مزغوم أنموذجا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قصة إسلام الأخت آسيا "من النصرانية إلى الإسلام"(مقالة - المترجمات)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صريف الأقلام في إسلام ابن الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مركز إسلامي يعرف الناس بالإسلام بمنطقة كورنوال الإنجليزية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- نفوسه لم تستعرب
وائل النفوسي - ليبيا 23-07-2012 02:28 AM

أستغرب في هذه المقالة عدم ذكر اي من المراجع التي أنتجها مؤرخو قبيلة نفوسه مثل سير مشائخ لأبي العباس الشماخي وسير الدرجيني ومؤلفات الشيخ علي يحي معمر وتلميذه الدكتور عمرو النامي
بالمناسبة أنا نفوسي ولم استعرب
أمازيغي
تنميرت فلاون

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب