رحلة إلى اليابان (WORD)

يعد أدب الرحلات من أمتع صنوف الأدب، وأكثرها إثارة للتفكر والاستمتاع الذهني، مع ذكر أوجه التقابل والتباين بين الشعوب وحضاراتها، إلى جانب أنه "من أوسع أبواب المعرفة والثقافة الإنسانية" كما نوه بذلك الكاتب في مقدمته.

هذا الكتاب "رحلة إلى اليابان" لعبدالله بن حمد الحقيل؛ وصف لرحلة قام بها الكاتب إلى اليابان، بلاد الشمس المشرقة، وذلك على خلفية مشاركة في أعمال ندوة العلاقات الثقافية السعودية اليابانية (الواقع وآفاق المستقبل) في المعهد العربي الإسلامي في طوكيو، يصف فيها رؤيته كمواطن عربي لهذه البلاد التي قطعت شوطًا بعيدًا في الدخول لعصر النهضة الصناعية واللحاق بأغلب البلدان العربية رغم أنها تعد جغرافيًا من بلدان الشرق الأقصى، يقول الكاتب في الغاية من كتابته هذا الكتاب: "إن الحافز إلى كتابة ذلك هو إيجاد مجموعة من كتب الرحلات الحديثة باللغة العربية التي تعتبر من أقل اللغات الحية في كتب الرحلات الحديثة التي كتبها أبناؤها بلغتهم العربية ومحاولة نقل الصورة عن هذا البلد مما انطبع في الذهن وإحياء فن عربي قديم في أدب الرحلات حيث كان أسلافنا من الرحالة هم أربابه وأصحابه ولهم أشعار وكتب أسفار حيث طافوا ورحلوا في مختلف بقاع العالم وجابوا آفاق الدنيا، وكانت رحلاتهم مصدراً من مصادر التاريخ والجغرافية واللغة والأدب وتجسد الكثير من القيم والأصالة والحقائق التاريخية والجغرافية والأدبية والاجتماعية فهي ذخائر نفيسة، عسى أن أكون بذلك قد قدمت لهذا الفن الأدبي واللغة العربية الخالدة مما يجده القارئ الكريم في ثنايا هذا الكتاب".

وقد مزج الكاتب في وصف مشاهداته بين الواقع والأدب والتاريخ، مع ذكر شواهد الشعر العربي في وصف مشاهداته، فجاء الكتاب طرفة أدبية لبيان أوجه التقابل بين خصائص المجتمع العربي والمجتمع الياباني ذو الصبغة الشرقية- الغربية، إلى جانب بيان تفاعلات المشاركة الثقافية للكاتب خلال الندوة، ووصف لأحداثها، وهي غاية الرحلة والغرض منها، وكذلك لم ينس الكاتب الجانب الدعوي من اهتمامه، حيث أهتم بذكر نبذة عن الإسلام في اليابان وأحوال المسلمين هناك، ومستقبل الدعوة إلى الله في تلك البلاد التي يتميز شعبها بالتعاون والمحبة والود.

وقد ذكر الكاتب في كتابه قصيدة من وحي رحلته إلى اليابان؛ جاء فيها:

يا درة في جبين الكون ناصعة للعلم تسعى وللتصنيع والنظم رأيت فيما رأت عيني معالمها تختال فخراً بما فيها من الهمم وقفت بين قطارات وجامعة والكل ما بين مسرور ومبتسم مشي سريع وعزم في ضمائرهم طول الحياة بلا ضيق ولا ندم وكلهم يرتجي مجداً لأمتهم والكل يسعى حثيثاً مسرع القدم

يقول الكاتب في كتابه عن طبيعة الياباني، وسيكولوجيته، وسر نجاحه على المستوى الصناعي والتكنولوجي: "لقد لاحظت خلال جولاتي أن اليابانيين شعب يرى أن الانتماء القوي إلى الشركة التي يعمل بها هو أساس نجاح الشركة في اليابان، عندما يتحدث المديرون والموظفون ورجال الإدارة العليا عن الشركة التي يعملون فيها يستخدمون كلمة (شركتي) وعندما يسأل الموظف عن مهنته يقول عادة (أنا أعمل كذا وكذا للشركة) ومن هذه الملاحظة يتضح مدى قوة الإحساس بالانتماء إلى الشركة لدى اليابانيين، والسبب الرئيسي لهذه الظاهرة والمقبول لدى الغالبية هو التوظف مدى الحياة أي استمرار العمل في شركة واحدة من لحظة التخرج إلى لحظة التقاعد".

والكاتب هو الأستاذ عبدالله بن حمد الحقيل من مواليد 1357هـ، حصل على دبلوم في التربية المقارنة والتخطيط التربوي من معهد الأمم المتحدة في بيروت 1382هـ، وحاز على الماجستير وعلى دبلوم الدراسات العليا في الإدارة التربوية من جامعة أكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية، عمل أميناً عاماً للمجلس الأعلى لرعاية الآداب والعلوم والفنون بوزارة المعارف الجزائرية، وعمل أميناً عاماً لدارة الملك عبدالعزيز منذ عام 1406هـ، وأمضى في الدارة سبعة عشر عاماً، أسهم فيها ثقافيًا وفكريًا وتربويًا، أنشأ دار أضواء المعرفة للنشر والتوزيع لتضطلع بنشر الكتب العلمية والفكرية، صدرت له عدة مؤلفات مطبوعة منها: كلمات متناثرة، على مائدة الأدب، رمضان عبر التاريخ، صور من الغرب، من أدب الرحلات، شعاع في الأفق «ديوان شعر»، عبق السنين «ديوان شعر»، رفقًا بالفصحى... وغيرها الكثير.