• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

معالم منهجية حضرمية في خطاب العلامة عبدالرحمن بكير

معالم منهجية حضرمية في خطاب العلامة عبدالرحمن بكير
د. فارس العزاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2012 ميلادي - 23/4/1433 هجري

الزيارات: 5844

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليس من السَّهل إدراكُ القِيَم المنهجيَّة الَّتي يستَبْطِنُها أهل حضرموت خلال تاريخِهم المُعاصِر دون تتَبُّع واستِقْراء الفعل الحضاريِّ الَّذي قدَّمه علماؤهم ومُفكِّروهم، ولذلك مهما حاولَ الكاتب أن يُسطِّر في توصيفه لهذه القيم، فلا يستطيع أن يحقِّق غايتَه ومقصده في الإدراك القيميِّ لحضرموت وأهلها، ما لَم يرتَقِ إلى حقيقة هذا الإدراك مِن خلال أدواته وآلِيَّاته ووسائله الفكريَّة والعلميَّة، إلا أنَّها مُحاولة بِحُكم التجربة الَّتي وقفَ عليها الكاتب خلال سنواتٍ مضَت، استَطاع من خلالها الوقوفَ على بعض المَعالِم والملامح المنهجيَّة لحضرموت ومناهجها العلميَّة والفكريَّة، وفي خِضَمِّ الجهد المتواصل في ترتيب بعض الأوراق البحثيَّة والمَراجع المنهجيَّة في مكتبة الباحث الخاصَّة، وقعَت اليدُ على كتيبٍ تحت عنوان: "تقرير الوفد الحضرمي القعيطي في المؤتمر الإسلاميِّ للرابطة الإسلاميَّة بمكَّة المكرَّمة لعام 1384هـ/ 1965م"، وكان قد أهداه للباحث فضيلةُ الشيخ العلاَّمة عبدالرحمن بكير قبل سنوات، وحقيقة التقرير كلمةٌ ألقاها العلاَّمة بكير في المؤتَمر، بحضور الملك السعوديِّ فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله تعالى - فبدأنا بتصَفُّح الكتيب، وتمَّ الوقوف على جملة مَعالِم منهجيَّة تأسَّس عليها التقرير، وهي بالفعل تُمثِّل أسسًا وأصولاً يتبنَّاها أهلُ حضرموت، وخاصَّة نُخَبهم العلميَّة والفكرية.

 

 

وحتى يتسنَّى لنا تفكيكُ النَّص وتحليله؛ لا بد من الوقوف أوَّلاً على نصِّ الكلمة؛ لنحقِّق بهذا السَّوْق أمرَيْن:

الأوَّل: التوثيق النصِّي من النَّاحية التاريخيَّة.

والثاني: التحقُّق من اللحمة النَّصِّية التي تقوم عليها الكلمة ومضمونها المنهجي.

 

نص التقرير

بسم الله الرحمن الرحيم

ونَحْمده ونستعينُه ونستغفره، ونَعوذ به من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، ونُصلِّي ونسلِّم على محمَّد بن عبدالله عبده ونَبِيِّه ورسوله ومُصْطفاه وعلى آله وصحبه.

 

وبعد:

فإنَّه لَيُشرِّف حضرموت ويُسْعِدها أن تُدْعَى لهذا المؤتمر الإسلاميِّ، وأن تُلبِّي الدعوة وتحضر متواضعةً، مُقدِّرة مُسْهِمة - بإذن الله - في المواضيع التي ستُطْرَح للدَّرس والبحث.

 

وحضرموت كجزءٍ من البلاد العربيَّة الإسلامية تَدِين كلُّها - بِحَمد الله - مِن أقصاها بدين الإسلام، الدِّين الذي ارتضاه الله لعباده شريعةً في أرضه، وحُكْمًا بين عباده فيما كانوا فيه يَخْتلفون، بل إنَّها لتَذْهب إلى أبعدَ مِن ذلك، حيث تتمَذْهب بِمَذهب إسلاميٍّ واحد، هو المذهب الشافعيُّ، وتعتقد عقيدةً إسلاميَّة واحدة، وتحتكم في خصوماتها كلِّها - المدنيَّة والجنائيَّة وأحوالها الشخصيَّة - إلى حكمٍ واحد؛ هو الفقه الإسلاميُّ الذي يتمثَّل فيه حُكْم الله ورسوله.

 

وذلك مِمَّا هيَّأ لها الاستقرار النفسيَّ والهدوء الداخلي، فلم تَجِد الاختلافات المذهبيَّة إلى حضرموت سبيلاً، ولَم تَجد النَّزعات الطائفيَّة إلى حضرموت مدخلاً.

 

وحضرموت بلَدٌ يَعيش في عزلةٍ مِن حيث الاتِّصالُ بالبلدان العربيَّة وبالأُمَم الإسلاميَّة، ويعيش في وضعٍ - وإنْ مكَّنَه من التعرُّف على أحوال كثيرٍ من البلاد العربيَّة والأُمَّة الإسلامية؛ وذلك بواسطة بعض وسائل الإعلام المنتشِرة هنا وهناك - إلاَّ أنه لم يُمكنه فيما مضى من عهوده الأخيرة المتَّصلة بعهدنا الذي نعيشه أن يُطوِّر نفسه اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، بالمعنى وبالشَّكل الذي يريده، أو بألفاظٍ أُخَر: بالصُّورة وبالحقيقة الَّتي يُريدها، وبالتَّالي لَم يُمكنه من الإسهام في التطوُّر العامِّ في البلاد الإسلاميَّة، كما أنَّ العالم العربي والإسلاميَّ الخارجي، لا يعلم عن حضرموت ولا عن شعْبِه ولا عن طريقَةِ عَيشه ولا نظام حياته - سواء الاجتماعيَّة أو الاقتصاديَّة أو السِّياسية أو الدِّينية - شيئًا كثيرًا، وفي بعض الأحيان ولا قليلاً؛ لأنَّ وسائل الإعلام عن حضرموت مفقودةٌ، باستثناء صُحف ثلاث محليَّة عامَّة، وجدت مؤخَّرًا تقوم ببعض الواجب مشكورة، وبنشرات تُصْدِرها بعض الجهات للاستِهْلاك المَحلِّي، وركن صغير من محطَّة عدن للإذاعة لا يعرف حضرموت، ولا يمكن أن يكون مصدر تعريفٍ بها، ولذلك فإنَّ حضرموت تكاد تكون مقفولة على نفسها، ولعلَّ أصحاب السِّيادة والسَّماحة والفضيلة يَعْلمون أسبابَ كلِّ ذلك.

 

هذه أوَّل مرَّة تُدْعَى فيها حضرموت لحضور مؤتَمرٍ إسلامي كبير، يُعالج شؤونًا إسلاميَّة على مستوى الإسلام وعلى هُدى من تَعاليمه، وتُسارع فتُلبِّي الدَّعوة، وحضرموت حين تسلَّمَت الدَّعوة لحضور هذا المؤتمر، وحين لبَّتْها لتشعر بكثيرٍ من الفَخْر والاعتزاز، لا سيَّما وهي تَخْرج لأوَّل مرَّة كما قلنا؛ لتحضر مؤتمرًا إسلاميًّا، يعقد في بلد الله الأمين، ومَهْبط وحيه على رسوله الكريم مولانا محمَّد بن عبدالله - عليه الصَّلاة والسَّلام.

 

وإنَّ حضرموت - القطاع القعيطي - الَّتي كان لنا شرَفُ تَمثيلها وشرف مُثولها في هذا المؤتَمر؛ لتتقدَّم حكومة وشعبًا إلى رابطة العالَم الإسلاميِّ بِخالص شُكرِها وعظيم امتِنانها على دعوتها لها، إنَّها للَفْتة طيِّبة تستحقُّ منا الشكر كلَّ الشكر، والتقدير كلَّ التقدير، والذِّكر العَطِر الأبديِّ إلى ما شاء الله، وباسم حضرموت حكومتها وشَعْبها؛ ننتَهِز هذه الفرصة لنتقدَّم للملك فيصل بن عبدالعزيز إمام الحرمين الشريفين، بأجزل (التشكُّرات) وأغلى الأمنيات، وأصدق الحبِّ والتقدير، لِحُسن الوفادة التي لقيناها في بلَدِه الَّذي هو بلَدُ كلِّ مسلمٍ، وللمساعدات الطيِّبة التي تبذلُها حكومته لحضرموت، سواء منها المُباشر وغير المباشر، المَنْظور وغير المنظور، ولا سيَّما مساعداتها في مجال العلم والثَّقافة والتربية، سائلين الله سبحانه له التَّوفيق والسَّداد، والصِّحة والطيِّبة، والعمر الطويل لخدمة الإسلام والمسلمين، اللهمَّ آمين.

 

إنَّها لكلمةٌ طيِّبة تلك الكلمة التي نُردِّدها، ويتردَّد صداها هنا في جوِّ هذه القاعة، وتحت سماء البلاد الإسلاميَّة كلها - رابطة العالم الإسلامي - وهي ولا شكَّ اسمٌ لِمُسمًّى هو غاية كبرى يجب السَّعي إليها، وإلى تحقيقها من كلِّ مسلم، ومن كلِّ مُنظَّمة وهيئة إسلاميَّة، ومن كلِّ شعب مسلم، وكل حكومةٍ مُسلمة، ووحدة العالم الإسلاميِّ ضرورةٌ فرضَتْها طبيعة الديانة الإسلاميَّة، وأكدتها أحداث التاريخ في كلِّ مناسبة، وإنَّ الانطلاقة الأولى في سبيل تحقيق أغراض هذه الوَحْدة يجب أن تتفَجَّر من إيمان الأُمَّة الإسلاميَّة وشعورها بِوَحدتِها؛ فالمُسلمون في الجزيرة العربيَّة وفي روسيا وفي أمريكا وفي الصِّين وفي الهند وفي الباكستان؛ في بلاد العرب وفي غير بلاد العرب - أمَّة واحدة، شربَتْ رحيقَ العقيدة من معدنٍ واحد، واشترَكَتْ في هدفٍ واحد وغاية واحدة، هو وهي الإيمان بالله ورسوله بكافَّة محتوياته ومضامينه، ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [المؤمنون: 52]، ولذلك فالأمَّة الإسلامية واقعيًّا تعيش في رابطةٍ واحدة، وداخلَ حدودٍ واحدة، تلك الرابطة هي الإيمان، وتلكم الحدود هي الإسلام، وإنِ اختلَفَتْ قبائلَ وشعوبًا ودولاً وحكومات.

 

والموضوع هو: كيف يتحقَّق التَّعاون بين المسلمين؟ وبعبارةٍ أخرى: كيف يُنسِّق التعاون بين أجزاء الأُمَّة الإسلامية في أقاليمها المختلفة؟

 

وفي رأينا أنَّ ذلك يَعْتمد أوَّلاً وأخيرًا على تفَهُّم مشاكل المسلمين في مختلف بِقاعهم؛ سواء كانوا في مواطِنَ إسلاميَّة، أو أقَلِّيات في مواطن غير إسلاميَّة، وهذا يعني أنه يجب على الحكومات في البلاد الإسلاميَّة ذات الإمكانيات أن تُعبِّئ مجتمعةً بعضَ إمكانياتها، ثم تبدأ بواسطة ممثِّلين لها التَّطواف على الأمم المسلمة ذات الإمكانيَّات المَحْدودة، أو منعدمة الإمكانيَّات، أو المغلوبة على أمرها، وتتَّصل بقادتها وذَوي الرأي فيها؛ لِتَتفهَّم مشاكلها، ولتتعرَّف على طبيعة الحلول المُمكِنة على أديم تلك الأُمَم؛ لأنَّه ليس كلُّ حلٍّ يَنْبني على الافتراض يُصادف الإمكانَ العمَلي.

 

وتأتي بعد هاتين المرحلتين: مرحلةُ إعداد الإمكانيَّات، ومرحلة التعرُّف على مَشاكل المسلمين في مُختلف بقاع العالَم، تأتي بعدَ ذلك مرحلةُ الدَّرس الجماعيِّ لتلك المشاكل ولتِلْك الحلول التي جاء بها مُمثِّلو الدُّول الإسلاميَّة، في مؤتَمر إسلاميٍّ كهذا المؤتمر المُبارَك الَّذي تحتَضِنُه رابطةُ العالَم الإسلامي، وترعاه حكومةُ المَلِك المعظَّم فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وعلى نَتائج ومقرَّرات هذه الدِّراسة يقع التنفيذ، وتُؤلِّف لجانَ الإشراف على التَّنفيذ، حتَّى إذا ما حلَّت الدورة التَّالية، روجع عمل الدَّورة الماضية، وما نُفِّذ منه وما لم يُنفَّذ، وأسباب كلِّ ذلك، وصُحِّحَت الأخطاء التي ستَظْهر طبعًا عند تنفيذ مُخطَّطٍ كبير كهذا المخطط، ودرس ما جدَّ على الموقف الإسلاميِّ في بلدان الأمَّة الإسلامية، وهكذا حتَّى يُمْكِن تحقيق التَّعاون بين المسلمين على أسُسٍ سليمة ثابتة، وتتحقَّق غايات رابطة، ووَحْدة العالم الإسلامي، وتكون خطوةً من خطوات إنشاء الجامعة الإسلاميَّة الَّتي طالما نشَدَها المُسلمون المخلصون.

 

حضرات السادة:

إنَّ ما نَقوله في سبيل تَنْسيق التَّعاوُن بين أجزاء الأمم الإسلاميَّة، لا يعني أنْ ليسَتْ للمسلمين قضايا مشترَكة واضحة المَعالِم لا تحتاج إلى تعريف، وقضايا أخرى خاصَّةٌ ببعض المسلمين، هي مِن الوضوح أيضًا بِمَكان، ويجب أن يكون لرابطة العالم الإسلاميِّ رأيٌ فيها، إلا أنَّ هذه القضايا المشتركة والخاصَّة بِما يمكن لمثل المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلاميِّ أن يدرسها مع جهاتها المختصَّة، ويضع القرارات بشأنها؛ لأنَّها ليست مِمَّا يتَنازع عليه، أو يختلف فيه، فقط يشترط أن يكون هناك تلاقٍٍ في النوايا الحسنَة، فعلى صفاء هذه النَّوايا، ووضوح الرُّؤية من خلالها يتمُّ الإصلاح المنشود، وتتَلاقى وجهات النَّظَر في الإصلاح، كما تلاقَت النَّوايا على الإصلاح، وهذا لا يَمْنع أن تُعرَض مثل هذه القضايا على مثل هذا المؤتمر، إمَّا للاستفادة برأيٍ مضى، أو للتأييد، أو حتَّى لِمجرَّد العلم.

 

كما أنَّ في منهج أعمالِ المؤتمر شيئًا من نوع القضايا المشترَكة؛ كدراسة شُؤون الدَّعوة الإسلاميَّة، والشُّؤون الثقافيَّة والتربوية التي هي من صميم شؤون الدَّعوة الإسلامية؛ لأنَّه لا يمكن أن تكون دعوةٌ إسلامية لم يُمهَّد لها بتربية إسلاميَّة، فالتربية الإسلاميَّة بالنسبة للدعوة كالتُّربة للبذرة، فالبذرة هي الدَّعوة، والتربة هي التربية الإسلاميَّة.

 

كما أنَّ في منهج الأعمال بحث القضايا الإسلاميَّة الخاصة، ودراسة شؤون الاقتصاد من وجهة نظَر إسلاميَّة، أو دراسة الشُّؤون الاقتصاديَّة في البلاد الإسلامية، وكل هذه مواضيع تَسْتلزم إلقاءَ الأضواء في مثل هذا المؤتَمر الإسلاميِّ لتجلية الغشاوة عنها، واتِّخاذ القرارات بشأنها في جوٍّ لا يُسيطِر عليه إلاَّ فكرةُ رابطة العالم الإسلامي، وتطبيق تعاليم الدِّين الإسلامي؛ لِتَكون النَّتائج مُرْضِية للجميع في مشارق الأرض ومغاربها من الأمَّة الإسلامية، حتَّى إذا ما جاء دورُ التَّطبيق العمَلي وجد سبيله سهلاً ومُيسَّرًا نتيجة اقتناعٍ أكيد سبَقَه.

 

ومِمَّا تجدر الإشارةُ إليه هنا، أنَّه ينبغي تدعيم المَجْلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلاميِّ بالرِّجال المخلصين لقضيَّة الإسلام، وتطبيق تعاليمه في شؤون الدُّنيا والدِّين من كلِّ الأقطار الإسلاميَّة، بالإضافة إلى مجموعة الرِّجال المُخْلِصين الموجودين بالفعل داخل المجلس التأسيسيِّ؛ لِيَكون التَّخطيط عامًّا وشاملاً لكلِّ الأقطار الإسلامية، وبحيث يكون أولئك الرِّجال رُسلاً لبِلادهم، وحلقةَ اتِّصالٍ بين مركز الإشعاع في الرَّابطة وبين أُمَمِهم الإسلاميَّة في أقطار العالَم الإسلامي، وبذلك تنمو تعاليم الرَّابطة وتتَّسِع، ثم تكون قادرةً على ربطِ أجزاء الأُمَّة الإسلاميَّة ببعضها، وبذلك يتحقَّق الرَّبطُ والضَّبط، وتحقِّق الرَّابطة أهدافَها وغاياتها - إن شاء الله.

 

وإذا كان لنا مع هذا الاستعراض الموجز لمنهج أعمال المُؤتَمر حين دعينا وحين قدم لنا في بلداننا، ومع إيضاح وجهة نظَرِنا عنه أن نقترح شيئًا، فإنَّنا نقترح الآتي:

أوَّلاً: العمل على إيجاد مُرشِدين إسلاميِّين تابعين للرَّابطة يقومون بالتَّوعية الإسلاميَّة، ونَشْر تعاليم الإسلام الصحيحة في كلِّ بلدٍ إسلامي، أو به جماعةٌ مسلمة، على أن يشترط في هؤلاء المرشدين توافُر صفات معيَّنة تُقِرُّها الرابطة.

 

ثانيًا: إلغاء الحواجز الإقليميَّة بين البلدان الإسلاميَّة بالنِّسبة للدُّعاة المعتَمَدين من قِبَل الرابطة، وبالنسبة للدُّعاة التابعين لها.

 

ثالثًا: فتح مكاتب في البلاد الإسلامية، أو على الأقلِّ في الأهم من البلاد الإسلاميَّة لإيجاد نوعٍ من الرَّبْط بينها، والتقريب بين المفاهيم التي يجب أن تَسُود العالَم الإسلاميَّ في مختلف قضاياه وشؤونِه، على أن تكون هذه المكاتب بِمَثابة فروعٍ للرَّابطة.

 

وعلى أن يتبع هذه المكاتب مكتباتٌ إسلاميَّة؛ لتضمَّ المراجع وتشتمل على البحوث الحديثة القديمة من التُّراث الإسلامي في النَّواحي الإسلاميَّة، وبِهَذه المناسبة؛ فإنَّ في كثيرٍ من البلاد الإسلاميَّة - ومنها حضرموت - مكتبات عامَّة، ومن واجب الرَّابطة أن تُزوِّدها بالمراجع، وبكلِّ جديد يخدم فكرة إسلاميَّة؛ لتشمل رسالَتُها العالَم الإسلاميَّ في كلِّ مَظْهر من مظاهر حياته.

 

رابعًا: فَتْح باب الجوائز التشجيعيَّة في مجلَّة الرَّابطة، أو ما يقوم مقامها إذا فكَّرَت الرَّابطة في ذلك؛ إمَّا للإجابة على أسئلة دينيَّة، هدَفُها البحث عن شؤون إسلاميَّة، وإمَّا للكتابة عن مواضيع تهمُّ الأمم الإسلاميَّة، وبذلك تتَّسِع أبواب الدِّراسات الإسلامية، وتجد المناهج الإسلاميَّة الصحيحةُ طريقَها إلى النُّفوس والعقول عن طريق التشجيع والإغراء.

 

خامسًا: اعتِماد لجان متجوِّلة بين الأمم الإسلاميَّة لدرس مشاكلها، وتقديم مُقرَّراتِها إلى المَجْلس التأسيسيِّ للدَّرس والبحث، وتنفيذ ما يُمْكِن تنفيذه.

 

سادسًا: حَمْل الحكومات في البلاد الإسلاميَّة على الإسهام في نَشْر تعاليم الإسلام وتصحيح مَفاهيمه بين مُعتنقِيه وغير معتنقيه؛ وذلك بإنشاء وزارات خاصَّة بالشؤون الدينيَّة، وعلى الأقلِّ هيئات ذات صفة رسميَّة ترعى مثل هذه الشؤون، وتكون تلك الوزارات أو الهيئات في تلك البلاد على اتِّصال تامٍّ فيما بينها، وفيما بينها وبين الرَّابطة؛ لِتُوحِّد الجهود لخدمة القضايا الإسلاميَّة.

 

مرَّةً أخرى نُكرِّر الشُّكر والدُّعاء بدوام التَّوفيق وبكمال الصحَّة وبطول العمر للملك المعظَّم فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، والله يوفِّقنا جميعًا.

 

الوفد الحضرمي القعيطي

في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي

برئاسة عبدالرحمن عبدالله بكير

 

إنَّ الناظر في مفاصل هذا التَّقرير ومضامينه، يُدرك بلا شكٍّ أنَّه يحمل في طيَّاته مشروعًا نهضويًّا للأمَّة من خلال التأكيد على جملةٍ من المُحدَّدات المنهجيَّة، وما تَنْطوي عليه الأمَّة من قدرات بشريَّة وموارد وثَرْوات ماديَّة، ويحسن بنا تَفْكيك لحمته النصِّية من أجل إدراك العلاقات بين أركانه، وإبراز مقاصد أصحابه وتقويمه في إطار النَّجاعة العمَليَّة، وما يتحقَّق منها في واقع الأمَّة المعاصر، ولا يَخْفى أثَرُ الكلمة في تشكيل عقليَّة المسلم، ودورها في تَهْذيبها وتَمْحيصها من شوائب العطالة الحضاريَّة التي تجذَّرت طيلة عهودٍ تاريخيَّة متطاولة، ليس من السَّهل الانسلاخ منها إلاَّ بالتأصيل المنهجي المقاصدي الكُلِّي، والخروج من مُلْهيات الأطُر التجزيئيَّة التي عانَتْ ولا تزال تُعاني منها أمَّتُنا.

 

ودَعُونا نقف بعد هذا على تِلْكم المعالم المنهجيَّة التي تضمَّنَها هذا التقرير:

أولاً: أوَّل هذه المعالم ما أشار إليه التَّقرير من التمسُّك بالإسلام شريعةً ومنهجًا وتحاكمًا، وقد وُفِّق صاحب الخِطاب؛ إذْ جعَلَ أصله قائمًا على تقرير هذه المُسَلَّمة المنهجيَّة؛ لِكَونِها تستند على أصلٍ رَكين، ويَكْفيك شاهدًا قولُه تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18]، إضافة إلى التَّنصيص الصَّريح على حاكميَّة الشريعة في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]... ﴿ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]... ﴿ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]، ولا يخفى أن حاكميَّة الله هي الالتِزام بقِيَمِه في الحُكْم، والتَّعامل والسُّلوك والبِناء والعمران البشري على هَدْي الكتاب المبين، وإذا كُنَّا بحاجةٍ إلى التَّدليل العقليِّ على مِثْل هذه المُسَلَّمة المنهجيَّة، فيَكْفينا القول بأنَّ "الله هو خالِقُ الكون ومالِكُه، وأنَّه استَعْمر البشر واستخلفَهم في الأرض، وأمرَهم أن يتبعوا هُداه، وألا يستجيبوا لغيره، فكلُّ ذي منطقٍ سليم لا يستطيع أن يقول بعد أن عَلِم هذا إلاَّ أن الحكم لله، وأنَّه - جلَّ شأنه - هو الحاكم في هذا الكون ما دام هو خالِقَه ومالكه، وأنَّ على البشر أن يتَحاكموا إلى ما أَنْزل ويحكموا به"[1].

 

ولا نَعْنِي بقولنا: "الحاكميَّة لله" أنَّ الله يُباشر الحكم في إطارِ ما يُسمَّى الحاكميَّة الإلهيَّة المباشرة، فهذه مرحلةٌ انقضَتْ كان لها مُسوِّغاتها ومبرراتها الإلهيَّة؛ فمِن المعلوم أنَّ الحاكميَّة مرَّتْ بِمَراحل ثلاث: الحاكمية الإلهيَّة المباشرة، الحاكمية الإلهية غير المباشرة، ثم حاكميَّة الكتاب، وهذا الذي نقصده بحاكمية الشريعة، وأكَّدَتْ عليه نصوصُها.

 

ثانيًا: اتِّباع مذهبٍ فقهي واحد، هو مذهب الإمام الشَّافعي، وكان لِهَذا الاتِّباع آثارٌ أكَّد عليها التقرير، أهَمَّها: الاستقرار النِّفسيَّ والهدوء الداخلي، مُبَرِّرًا ذلك بقوله: "لئلاَّ تجد الاختلافاتُ المذهبيَّة إلى حضرموت سبيلاً، ولم تجد النَّزعات الطَّائفية إليها مدخلاً"، والتأكيد هنا على هذا المَعْلَم ليس إقرارًا بضرورة الالتزام بمذهبٍ فقهي محدَّد إلى درجة التَّقليد المذموم، قدْرَ تأكيده على أهَمِّية الانضِباط في الاجتهاد والفتوى، فمن المعلوم أنَّ ترك الأمور بلا قيود ولا ضَوابط قد أفضى إلى حالةٍ من الفوضى الفكريَّة والمنهجية لدى كثيرٍ من طُلاَّب العلم، وما نرى من تَهارُج في السَّاحة العِلْمية بين طلبة العلم ليس إلاَّ دليلاً على عدم التأصيل في هذا الإطار، وبناءً على ذلك فإنَّ الدعوة إلى التَّمذهب وتَقْنينه وخاصة مذاهب أهل السُّنة الفقهيَّة، الغرض منها ضبط مسالك الاجتهاد والفتوى، والتدرُّج في الطلب؛ بُغْيَة فهم مناهج العلماء في تَعاملهم مع نصوص الكتاب والسُّنة، وُصولاً إلى المنهجية الاتباعيَّة التي نُطالب الناس بها بعد التمَكُّن من فقه النُّصوص ومعرفة كيفيَّة استِنْطاقها، ولعلَّ هذا المعنى قد استحضَرَه شيخُنا نفسه في نصٍّ فَريد قد يكون غريبًا في بيئته في ستينيَّات القرن الماضي حيث غلَبةُ منهجيَّة التقليد، وحُرْمة الخروج مِن مُعتمَد المذهب الشافعيِّ، ويَكْفي هذا النصُّ دليلاً على كون الشيخ - حفظه الله - قصَدَ بتقريرِه اتِّباعَ المذهب الشافعيِّ الانضباطَ في الفَتْوى والعمل لا مجرَّد التقليد له، فيقول: "ولَمَّا كان المذهب الشافعيُّ نفسه يضيق أحيانًا بِمُتطلَّبات الحياة الحديثة، وفي غيره من المذَاهب سعة، ولَمَّا كان أيضًا لا يتَّسِع صدرُه لبعض التطوُّرات الزمنيَّة، وفي غيره من المَذاهب فرصة لِمُسايرة التطوُّرات، وفي بعض الأحيان يَكون في معتمده حرَجٌ لا يطيقه العَصْر ولا أبناء العصر، لما كان كلُّ ذلك، فقد فكَّر المُفكِّرون من رجالات الدَّولة القعيطيَّة في عهد السُّلطان صالح ثم فيما تَبِعَه، فكَّروا في وضع المَخارج من بعض التَّقْييدات التي يأباها التطوُّر، وتضيق عن حاجة النَّاس ولم يَخْرجوا في كلِّ ذلك عن فِقْه الإسلام وآراء كبار رجال الإسلام"[2].

 

ثالثًا: الدَّعوة إلى تَجْسيد الشِّعارات إلى حقائق موضوعيَّة في الواقع الإسلاميِّ المُعاصِر، ويَظْهر في هذا المَعْلَم الجانِبُ القيميُّ الذي أخذ مساحةً واسعة من الكتاب وبيانه، وإذا كان لنا من وَقْفة في هذا الجانب، فإنَّه لا بُدَّ من التأكيد تقريرًا بأنَّ منهجية الفقهاء والأصوليِّين قد هَمَّشَت الجانب القيميَّ إلى درجة جَعْلِه فضلةً عن غيره؛ إذْ تَمَّ وضْعُه في دائرة التَّحسينيات من سُلَّم المقاصد، ويبدو لنا أنَّ ذلك لا يتَناسب، ولا يتَواءم مع مقاصد الكتاب ومنهجيَّتِه الكليَّة، حيث جعلَت القيم في إطارها الكُلِّي، أسوةً بِمَقاصد كليَّة عامَّة حاكمة أخرى.

 

قال تعالى مُبيِّنًا أهميَّة الجانب القيميِّ في سياق بَيان وظائف الرَّسول الخاتم - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]، فالسِّياق هنا أظهر التَّزْكية مقترِنةً بتِلاوة الكتاب وتَعْليمه، وهذا دليلٌ ظاهر على كون القِيَم ذا أثرٍ في بِناء الحياة الإسلاميَّة الرشيدة، وكان لزامًا على الفقهاء والأصوليِّين إعادة النَّظَر في مكانة القِيَم ودرجتها من سُلَّم المَقاصد العُلْيا الحاكمة، من هنا كانَت الدَّعْوة إلى تجسيد الشِّعارات حقائقَ موضوعيَّة ذات أهميَّة عظمى؛ إذْ إنَّ صلاح المُجتمَع لا يكون إلا بتبَنِّي منهجٍ قيمي فعَّال يُساعد على تجسيد أحكام الشَّريعة واقعًا عمَلِيًّا.

 

ولو تأمَّلتَ قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وقول عائشة - رضي الله عنها - حين سُئِلَت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كان خُلقه القرآن))، لوقفْتَ على عجائِبَ من فوائد البيان وعظائم السُّلوك والآداب؛ فتَوْصيفه تعالى لرسوله بالخلق العظيم قد جاء بصيغةِ ﴿ على ﴾ الدالَّة على الاستعلاء الذي يفيد التمَكُّن من الصفة بدرجاته العليا، ومن لطائف هذا التوصيف أنَّ استخدام ﴿ على ﴾ في سياق الآية دالٌّ على كون النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد استوت عنده الخصال القيميَّة؛ فهي على درجةٍ واحدة، لا تَطْغى قيمةٌ على أخرى، وقد جاء توصيفُ عائشة لِيُبيِّن لنا كيف تجسَّد القرآن واقعًا عمليًّا في حياة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما أحوجَنا إلى الاقتداء والائتِساء به - عليه الصَّلاة والسَّلام - فتلك ضمانةٌ كُبْرى لسلامة المُجتمَع من القيم الرذيلة، والأخلاق والآداب المَشِينة.

 

ولعلَّنا ننبِّه في هذا السياق على القيمة التي قصدَها شيخُنا في تقريره وخِطابه حين وجَّه بهذا المعلم إلى قادة الأمَّة لِيُكونوا متأهِّلين في هذا الجانب، وإذا صلحَتْ قادة الأمَّة صلحَتْ عامَّتُها - بإذن الله.

 

رابعًا: التَّأكيد على وَحْدة الإسلام المنشودة، حيث عدَّها ضرورة فرضَتْها طبيعة الرِّسالة الإسلامية الخالدة، وأكَّدتْها أحداثُ التاريخ في كلِّ مناسبة، وقد قدَّم التقريرُ مسوِّغات ومبرِّرات التمسُّك بالوَحْدة الإسلاميَّة سواء في إطارها المنهجيِّ العِلمي وإطارها العمَلي التنفيذي، وأهَمُّها:

• وَحْدة العقيدة من حيثُ الإجمال، وهي الإيمان بالله وبِرَسوله وبكافَّة محتوياته ومضامينه.

• وحدة الهدف والمقصد، وهو الوحدة الإسلاميَّة في إطار الرَّابطة الإيمانيَّة.

• الامتِداد الجغرافي العميق.

 

وليس من نافلة القول أن نُبيِّن أنَّ هناك جدَلاً حول الأمَّة من جهة وجودها المادِّي، وإن كانت حقيقةً قائمة في الأذهان؛ إذْ فَرض الواقع السياسي المُتأزِّم للأمَّة نفسه؛ حيث التفرُّق والتشرذمُ في أجزاء الأمَّة الإسلامية؛ ليكون دافعًا ورافعًا للتقريرات المنهجيَّة التي يؤكِّدها الخطابُ الإسلامي، والحقُّ أنَّ قضية الوجود المادِّي مرتبطةٌ ارتباطًا وثيقًا بِما يمكن تسميته بالمقوِّمات التكوينية للأمَّة، وضرورة تجسُّدها في الأمة ليكون مُفْضيًا إلى الوجود المادِّي، ويظهر أنَّ المسوغات والمُبَرِّرات التي قدَّمَها شيخُنا تُسْهِم إسهامًا فعَّالاً في تحقيق هذا المقصد، إلاَّ أنَّنا في هذا السِّياق نذكر أن الأمَّة حين أُخرجتْ للنَّاس لم يكن إخراجُها مقصورًا على قضيَّة الوجود، بل المقصد الأعظم منه هو قضيَّة الحضور؛ فالوجود متعلِّق بالجانب التكوينيِّ في الأمة، والحضور متعلِّق بالجانب الشُّهودي فيها؛ قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

خامسًا: تقديم الكيفيَّة التي يتحقَّق بها التَّعاون الإسلاميُّ كخُطْوة أوَّلية في طريق تحقيق الوحدة الإسلاميَّة، ولم يقتصر التقرير في هذا الجانب على مسلمِي البلاد الإسلاميَّة، بل تجاوز ذلك إلى الأقليَّات المسلمة في البلاد الأخرى، وهو دليلٌ على أهمية الإدراك الفقهيِّ للواقع الإسلاميِّ المعاصر، وسعة الأفق في النَّظَر التي ينبغي أن يتحلَّى بها النُّخَب الفكريَّة في الأمَّة، وأهل القرار فيها، ولا يغيب عن الذِّهن في هذا السِّياق أنَّ الخِطاب القرآنِيَّ الذي تحمَّلتْه الأُمَّة ووجبَ عليها أداؤه يحتاج إلى أمرين:

الأوَّل: تفعليه في حياة الأمَّة.

 

الثاني: تبليغه إلى سائر البشَر.

 

وهناك جملة من الخطوات الإجرائية - حسب التَّقرير - التي تؤكِّد على الجانب التعاوني بين أجزاء الأمَّة الإسلامية:

• إدراك الإشكاليَّات التي يعاني منها المسلمون في كافَّة أنحاء العالم، سواء في هذا إشكاليات الْهُويَّة الثقافية، والانتماء المنهجي، وإشكاليات الاندِماج الاجتماعيِّ والسِّياسي، والإشكاليات المتعلِّقة بالاستقرار السياسي، والثَّرْوات الاقتصاديَّة... إلخ.

 

• تشكيل لجانِ مُتابَعة وإشرافٍ من أجل الوقوف على ما يُعانيه المسلمون في أوطانهم أو غير أوطانهم، وهي مسؤوليَّة تقع على عاتق حُكَّام المسلمين وقادتهم.

 

• وضع الحلول التي تكفل دفع هذه الإشكاليَّات من خلال قراءة موضوعيَّة بما تنطوي عليه الأُمَّة من قدرات وإمكانيات منهجيَّة وثروات مادية، وكيفيَّة استغلالها في خدمة الأمة وأبنائها.

 

• وضع مخطَّط إستراتيجي من شأنه ترتيبُ الأوراق الإسلاميَّة بالوقوف أولاً على الموقف الإسلامي المعاصر من قضايا الأمَّة؛ وذلك بوضع أهداف مرحليَّة تساعد على ربط الأمة بعضها ببعضٍ في إطار مشاريع تنمويَّة ليس فقط في إطار التنمية الماديَّة، بل كذلك إطار التنمية البشريَّة.

 

• التأكيد على تفاعل مؤتَمرات رابطة العالم الإسلاميِّ في المراحل الزمنيَّة البَيْنية من أجل مُتابعة ما تحقق من أهداف، والوقوف على الإشكاليات التي حالت دون تحقيق بعضها.

 

سادسًا: رَسْم التقرير في أثناء عرضه لعلاج قضايا وإشكاليَّات الأمة الإسلامية رؤية منهجيَّة، مقصودها الأساس صناعةُ القادة والدُّعاة الذين من شأنهم القيامُ بالوظيفة الأساس التي تجعل الأمة محفوظةً من جهة وجودها المادي والرُّوحي، وهو الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ولم تقتصر الرؤية على مفهوم الوجود للأمَّة، بل تجاوز ذلك لِيَتناول مفهوم الحضور الذي يُعنَى بشهود الأمَّة الحضاري، حيث التأكيدُ على إنشاء وزارات خاصَّة بالشؤون الإسلاميَّة، أو على الأقل هيئات دعويَّة ذات صفة رسميَّة، تأخذ على عاتقها تبليغَ رسالة الإسلام.

 

لقد أعطى هذا التَّقرير الذي رسَمَه شيخنا - حفظه الله - صورةً واضحة المعالم على فقه المرحلة التي مرَّت وتمرُّ بها أمتنا الإسلامية؛ إذْ كان البُعْد المنهجيُّ مستحضَرًا في عقل الشيخ وقلبِه؛ ليظهر بحقٍّ هَمّه الذي عاشه - ولا زال - من أجل أن يتحقَّق؛ وهو عودة الرُّوح لهذه الأمة، وإذا كان هناك من بُعْدٍ غائب في أمثال هذه التقارير - وليس ذلك بعيب؛ لأنَّه من شأن أهل الاختصاص - أن تتجلَّى مضامينها ومفاصلها في إطار مخططات إستراتيجية تستند على أهداف مرحليَّة يتمُّ تحقيقها وفقًا لقراءة الواقع ومستجدَّاته ومتطلبات المرحلة التي تمرُّ بها أمتنا، ولا يغيب عن أذهاننا التأكيد على أنَّ الأمة تنطوي على قدرات وإمكانيات جبارة من شأنها أن تُعيد إخراجها من جديد في إطار الفاعل لا المفعول لو استغلت الاستغلال الأمثل وَفْق منهجية التكامل.



[1] الإسلام وأوضاعنا السياسية، عبدالقادر عودة، ص67.

[2] نماذج من فقه القضاء وفقه الفتوى بحضرموت، عبدالرحمن عبدالله بكير، ص18.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار مع فضيلة الشيخ العلامة القاضي عبدالرحمن عبدالله بكير

مختارات من الشبكة

  • معالم منهجية وتربوية في الإفتاء عند العلامة ابن عثيمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم من السياسة الشرعية عند العلامة ابن سعدي رحمه الله (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • معالم منهجية في التعامل مع الناس بواقعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إليكم يا شباب الإسلام: معالم منهجية وتوجيهات دعوية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • معالم منهجية في الدعوة إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح معالم السنن للخطابي (15)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • شرح معالم السنن للخطابي (14)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • شرح معالم السنن للخطابي (13)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • شرح معالم السنن للخطابي (12)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • شرح معالم السنن للخطابي (11)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب