• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اللغات العروبية: دراسة في الخصائص
    د. عدنان عبدالحميد
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للتسخير في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الاستشراق والعقلانيون المعاصرون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    عجائب الأشعار وغرائب الأخبار لمسلم بن محمود ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

الكينونات المعلوماتية

الكينونات المعلوماتية
حسن مظفر الرزّو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/2/2012 ميلادي - 4/4/1433 هجري

الزيارات: 22946

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنَّ البيئة الرقميةَ المُحَوسَبة قد أقامتْ علاقاتٍ وثيقةً مع سيل المعلومات المتدفِّقةِ بين العقد المقيمة في الفضاء المعلوماتيِّ، وتلك المقيمةِ في المستودعات الرَّقميَّة، فأضَفتْ عليها سماتٍ وخصائصَ وجوديَّةٍ، منحَتْها كينونةً مستقلةً في عالَمٍ افتراضيٍّ، يتَّسمُ بخصائصَ فريدة.

 

وسنحاولُ في هذه الفِقرةِ معالجةَ بعضِ تفاصيلِ ماهيَّة هذه الكينونات؛ لكي يتعمَّقَ فهمُنا بطبيعة الكائنات المقيمة في عالَمنا الافتراضيِّ الجديد.

 

بصورةٍ عامَّة، فإنَّ النقطة الجوهريَّةَ في هذا المَقام تدورُ حول الكينونة المعلوماتيَّة بوصفِها محلاًّ تتمُّ في بيئته سلسلةٌ من العمليَّات والمعالجاتِ الرقميَّة، وتنشأ عنه، وتَرتبطُ به مجموعةٌ من وشائِجِ الارتباط والتفاعلات مع كينوناتٍ أخرى، أو مع عناصرَ أخرى مقيمةٍ في الذات.

 

أما الصيغُ الرياضية أو الوصفيَّة - بمستوياتها جميعًا - والنظمُ الصِّيغيَّة Formula Systems فهي عبارةٌ عن وسائلِ صياغةٍ تعبيريَّة تُوظَّف لوصف المواقف وتفسيرِها، والحالاتِ الفيزيائيَّة، والظاهراتيَّة ذاتِ الصِّلة بالكينونة الرقميَّة، بالمقابل تَبرُزُ أمامَنا حالةُ التحليل والتفكيك المعلوماتيِّ، التي تُستخدَم بوصفها معالجاتٍ معرفيَّةٍ تسعى لإعادة تشكيل صياغاتٍ وصفيَّة جديدة، تصلحُ للتداوُل في البيئة المعلوماتيَّة على وفق أنماطٍ مفاهيمِيَّة جديدة.

 

1 - المستويات المعرفية للكيانات المعلوماتية:

يشمل الفضاء المعلوماتيُّ كلَّ الكيانات التي تُمَارِس - بصورة مباشرة أو غيرِ مباشرة - عملياتِ الإعلام، أو يتمُّ الارتقاءُ بمحتواها عبرَ عمليات إعلامٍ تُمَارَسُ عليها من الخارج.

 

من أجل هذا لا تسري المحدَّداتُ المنطقيَّةُ الظاهراتِيَّة الصَّارمةُ على هذه الكيانات، كما أنَّها تنْزلِق من قبضة المعالجات الرياضيَّة الدقيقة؛ بسبب الرمزيَّة الفريدةِ التي تَسُود كيانَها، وسيادةِ منطقٍ مستحدثٍ، وصياغاتٍ رياضيَّة لم تتقولب بصورتها النهائية لغاية هذا التاريخ.

 

من أجل هذا؛ سنحاول معالجةَ الكيانات المعلوماتية في هذه الفِقرة عبرَ توظيفِ المستويات المعرفيَّة لمحمولاتِها، والتي تُعَدُّ من المعالجات التي تَلقَى قبولاً واسعًا في حقول الفضاء المعلوماتيِّ والتطبيقات السائدة فيه.

 

بصورة عامَّة، تنقسم الكيانات المعلوماتية التي تُعدُّ موردًا للمعرفة في الفضاء المعلوماتيِّ إلى ثلاثةِ مستوياتٍ رئيسة:

 

المستوى الأول: البيانات:

بصورة عامة، يُستخدَم اصطلاحُ البيانات Data لوصف الكائنات[1]، والأرقام، والإحصائيَّات، وغيرها، والتي تصلُح للخزن أو المعالجة في البيئة الحاسوبيَّة.

 

وعلى هذا الأساس تتألَّف البَيَاناتُ السائدة في الفضاء المعلوماتيِّ من أيِّ مفردةٍ معرفيَّة

 

تُستخدَم في ميادين العلوم المختلفة، مهْما كانت طبيعةُ الاستخدام، مع استبعاد طبيعة العَلاقات القائمة بينها وبين غيرِها من المفردات السائدة في هذا العلم أو ذاك.

 

لذا؛ فإنَّ المفردات التي تتعلَّقُ - على سبيل المثال - بمتغيِّرات المُناخ، والموقع الجُغرافِيِّ، وتفاصيلِ التضاريس، وغيرِها من المفردات - هي بياناتٌ تتعلَّق بعناصرِ المتغيِّر المُناخِيِّ؛ لكونها واضحةً بذاتِها، وقابلةً للخزن في وسائط خزن البيانات المتاحة على الحاسوب.

 

المستوى الثاني: المعلومات:

استُخدِم مصطلحُ المعلومات Information لصياغة حدٍّ فاصل بين رُكام البيانات التي تنشأ عن جملة الأنشطة البشريَّة، وبين عملية استثمارِها وإحالتها إلى حقائق، وبذلك أضحى تعريفُ المعلومات - على وفق المعالجة المعرفيَّة لمحتواها - أنها عبارةٌ عن كلِّ أنواعِ البيانات التي تمَّ تجميعُها - بالملاحظة، أو المراقبة، أو التدوين - مسموعةً كانت أم مرئيَّة، وتمتازُ بكونها قابلةً للمعالجة بتقنيات الحاسوب، والآليَّات المعلوماتيَّة المتاحة فتتحول إلى خطابٍ يَحمل دلالةً معرفيَّة قابلة للتَّفسير، والتَّداوُل بما يَضمَنُ إكساب الجهات التي تستخدُمها معارف، أو حقائق قابلة للاستثمار في شتى ميادين الأنشطة المعاصرة.

 

وفي ضوء ذلك، يمكن إنشاء المعلومات عن المتغيِّرات المُناخيَّة عبرَ معالجةٍ تُوظَّف فيها المعرفةُ بعلوم الطَّقس والمُناخ، بحيثُ تُصنَّف على أساسها الرُّقعَ الجغرافيَّة، على وفق درجات الحرارة وبوصفها دالة لمتغيرات أخرى.

 

فتتحوَّلُ البيانات الخام التي تصفُ متغيراتٍ مناخيَّة، وجغرافيَّة، إلى معلوماتٍ مترابطة يستطيع أنْ يستثمِرَها العاملون في أكثر من مَيدانٍ ذي صلة بالمتغير المُناخي.

 

المستوى الثالث: المعارف:

تمتاز المعرفةُ Knowledge بكونها حصيلةً عمليَّة تقطيرًا للبيانات والمعلوماتِ؛ لإنتاج قواعدَ منطقيَّة تصلُح للتوظيفِ في تجاوُز عقباتٍ مماثلة، أو توليد سلوكٍ ذكيٍّ يتَّسمُ بالخبرة والحِنكَة في معالجة المواقف.

 

لذا؛ فإنَّ عملية توصيفِ المعرفة تشمل: اختزانَ المفردات، واختيارَ الآليَّات المناسبة لمعالجةِ البيانات والمعلومات، على وَفْق شبكة العَلاقات والقواعدِ التي تربط بين هذه المفردات في أُنْموذجٍ معلوماتيٍّ تتكامل فيه الأواصرُ القائمة بين هذه المفردات، وبالشكل الذي يُوفِّر بيئةً برمجيَّةً متكاملة تمتلك القدرةَ على صنْع قرارٍ يَستثمِر محتوياتِ قاعدة المعرفة في تحقيق الغاياتِ المحدَّدة له.

 

جدول: مقارنة بين ثلاثية (البيانات - المعلومات - المعرفة).

البيانات

المعلومات

المعرفة

مشاهداتٌ بسيطة.

بياناتٌ وثيقة الصلة بموضوع وذات غاية محددة.

معلوماتٌ مفيدة وخصبة مستنبطة بواسطة الذهن البشري، تنشأ من عمليات الاستنباط والسبر والقياس.

تسهُلُ هيكلتُها.

تفتقر إلى آلياتٍ تحليليَّة.

يصعُبُ هيكلتُها.

يسهل التقاطُها من الواقع

بواسطة الآلات.

تحتاجُ إلى اتفاقٍ على دلالة معانيها.

من الصعب التقاطُها بواسطة الآلات، وتفتقرُ إلى معالجات عقلية.

تمتازُ بقابليَّتها على التحديد الكميِّ.

تفتقرُ إلى وساطة العقل البشري في صياغة دلالة معانيها.

غالباً ما تكون ضمنية أو صوريِّة.

يسهُلُ نقلُها وتداوُلُها.

يسهُلُ نقلُها وتداولُها.

يصعُبُ نقلها ما لم تكن قد نشبت عن معرفة ميدانية وخبرة ودراية.

 

وهنا نجد أنفسَنا قُبَالةَ موجودٍ معرفيِّ بمستويات متعدِّدةٍ، تتحدَّد مراتبُها بمقدار القيمة المضافة إلى كلِّ مستوى من مستوياتها المختلفة خلالَ عملياتِ التَّحولات التَّطويريَّة التي تمرُّ بها.

 

2 - هُويةُ الكينونات المعلوماتية:

إنَّ الإمكانيَّاتِ التي قد أتاحتْها الشبكةُ العنكبوتيَّة عبرَ النصِّ التشعُّبِيِّ، وتوظيفَ آليَّةِ التَّناصِّ - قد منحتِ الكينونةَ المعلوماتيِّةَ سماتٍ فريدةً تختلف إلى حدٍّ كبير عن القوالب الثابتة، التي قد أُدرجَتْ خلالَها المفرداتُ التقليديَّةُ في النصوص الأُحاديَّة Plain Text.

 

وعلى هذا الأساس اكتسبت المعلوماتُ معانيَ جديدةً لم تكن مألوفةً لدينا في المعالجات التَّقليديَّة للكينونات التقليدية.

 

لقد تحوَّل الكيانُ المعلوماتيُّ إلى إيعازٍ، أو ذكاء مُحَوْسَبٍ، أو مفردة معرفيَّة، أو واقعةٍ، أو شبكةِ العَلاقات التي تربط بين هذه الكينونات الرقميَّة، كما برزتْ في بيئة الفضاء المعلوماتيِّ - بصورة موازية - مجموعةٌ من الاصطلاحات التي تُستَخدم بكثافةٍ لوصف الأنشطة السائدة بين هذه الكينونات، وتَرتبط في الوقت نفسه بوشائجَ متينة مع الماهيَّة المعلوماتيَّة.

 

ومن هذه الاصطلاحات: التلقائيَّةُ المعلوماتيَّة Informational Spontaneism، والانبثاقُ المعلوماتيُّ Emergentism، وأخيرًا سِمةُ الدوران التي تسري في هاتين الظاهرتين في الوقت نفسِه.

 

فالتلقائيَّةُ سمةٌ تتَّسمُ بها الكيانات المعلوماتيَّةُ؛ لما تتميَّز من صعوبة التَّكهُّن بمظاهرها، وغيابِ القدرة على إدراجها على قائمة حساباتنا وتوقُّعاتِنا، بسبب سيادةِ العشوائيَّة، والاختلاط في المعاني المصاحبة لها؛ نتيجةً لتشابكُ عَلاقاتها مع مختلف المستويات الوجوديَّة المحيطة بها.

 

أمَّا الانبثاقُ المعلوماتيُّ، فينشأ عن جدليَّة النُّشوء العفويِّ لكياناتٍ جديدةٍ؛ نتيجةَ تكوينِ شبكاتِ عَلاقاتٍ آنية بين هذه الكيانات، وبصورة دورية، من دون أن يقفَ أمامَها حاجزٌ معرفيٌّ يَحولُ دون توليد تكرارات جديدة مثقلة بمعانٍ مُستحدَثة.

 

وقد أَرْسَى الباحثُ (زليزنيكار) ثلاثةَ ركائزَ أساسيَّةٍ لوصف خصائص هذه الكيانات:

الركيزة الأولى: المعلوميَّةُ الباطنة: Informational Internalism التي تُعَدُّ معيارًا على قدرة الكيان المعلوماتي على استبطان كلِّ المفردات المعلوماتية التي تبلغ حدودَه، ونتيجة للتفاعل الذي يقيمه مع كائنات المحيط.

الركيزة الثانية: المعلوميَّةُ المتَمَظْهرةُ خارجيًّا: Informational Externalism والتي تشمل قدرةَ الكيان المعلوماتيِّ على منْحِ المحيط معلوماتٍ تُعَمِّق صلَته المعرفيَّةَ بالآخر، عبرَ تجسيد المعاني المُستَنبَطة إلى آثارٍ يُمكن إدراكُها.

الركيزة الثالثة: المعلوميَّةُ المجرَّدة: Informational Metaphysicalism التي تتعمَّقُ جذورُها في جوهر الكيان المعلوماتيِّ عندما نَعُدُّه مظهرًا لوحدةٍ انطولوجيَّة، ومعرفيَّة، وكونيَّةٍ تصِفُ المعاني المقيمةَ في هذا الكيان.

 

وفي ضوء الركائز الثلاثة المذكورة، فإنَّ الكينونة المعلوماتيَّةَ ليستْ سوى مستوىً وجودِيٍّ رمزيٍّ معلوميٍّ، ينبثِقُ كوحدةٍ متكاملة تُودَعُ ضمنَ منظومة من الصيغ التي تترابطُ عناصرُها معلوماتيًّا من خلال نسيج من العلاقات التَّشعُّبيَّة.

 

وتُسهمُ الارتباطات التشعبيةُ في توسيع دائرة الكينونة، من خلال تلاحمِ نسيجها الوجوديِّ مع كينوناتٍ معلوماتيَّةٍ أخرى، بحيث يكتسبُ نسيجُ مادةِ هذه الكِيَانات معانيَ ترتبطُ بمستوى المنظومة الدلاليَّة التي أُنشئتْ بفعل الارتباطات القائمة.

 

ولكي نتخلَّص من الوصف المجرَّد للمسألة؛ سنحاولُ أن نتناولَ مثالاً بسيطًا، والذي يشملُ مفردةً من مفردات خطابٍ معلوماتيٍّ مطروح على صفحة (ويب) بالفضاء المعلوماتي.

 

بدايةً: تُعدُّ هذه المفردة كينونةً معلوماتية قائمةً بذاتها، وتَمتَلكُ معنى ضمن خطاب اللغة الطبيعيَّة التي نستخدمُها في حياتنا اليومية.

 

وتُمارِس هذه المفردةُ عمليةَ (سلسلة عمليَّاتٍ) من خلال ارتباطِها بكيانات لُغويَّةٍ - أسماء، أو أفعال، أو صفات، أو حروف - لكي تُشكِّل جملةً تنقل بُعدًا معلوميًّا، وفي الوقت نفسِه فإنَّ هذه الكينونةَ المعلوماتيَّةَ - سواءٌ كانت تقفُ بمفردها أَم ضمنَ بناء الجملة، التي تُخاطِبُ مَن يتناولُها - سوف تَرتبطُ بمفردةٍ أو نصٍّ تشعُّبي جديد، يجعلُها ترتقي باتجاه كينونةٍ معلوماتية ذاتِ مستوى وجوديٍّ مُفارق، يرتبطُ نسيجُه بمجموعةٍ من الكينونات الأخرى التي تُضفِي عليه معاني جديدة.

 

وعلى هذا الأساس ستَتَوسَّع دلالةُ ومعاني الكينونة المعلوماتيِّةِ المقيمة في الفضاء المعلوماتي؛ لأنها ستصبِحُ عبارةً عن أيِّ هُويَّة وجوديَّة يمكن إدراكُها أو التَّعامل معها بوصفِها وحدة تنبثقُ عنها معلوماتٌ ذاتُ صلةٍ بالعالَم الحقيقي أو الافتراضي، سواءٌ كانت هذه الكينونةُ صورةً، أم لحنًا موسيقيًّا، أم سلوكًا، أم خطابًا لُغويًّا، أم سلسلةَ ارتباطاتٍ تتلاحمُ مع مفردةٍ من المفردات المطروحة على صفحة (ويب).

 

إن سمتَيْ التعقيد (التشابك) والانبثاقِ هما من السِّمات الجوهريَّةِ التي تلتصق بالكينونات التي تمارِسُ فعلاً معلومًا خلالَ إقامتِها في الفضاء المعلوماتي، وتنشأ سمةُ التعقيد (التشابك) المعلوماتي الملتصقة بهذا النوع من الكينونات الوجوديَّة كنتيجةٍ للعَلاقة الحميمة، التي تُقيمُها مع منظومة الوعيِّ البشريِّ في جزئه المرتبطِ بالأنشطة المعلومية؛ إذ تتفاعل عناصرُ الإدراك، والأحاسيس البشريَّة؛ نتيجة لاحتكاكها مع هذه الكينونات.

 

3- المقاييس النوعية والكمية لمحتوى المعلومات:

تعدُّ المعلوماتُ موردَ الموارد في عصرنا الرَّاهن؛ فهي كيانٌ يَمتلك قيمةً معرفيَّة تَنعكسُ آثارُها على جُلِّ العمليات السائدة في المجتمع، وقد تعوَّد الإنسانُ على اعتماد مقاييسَ كَميَّةٍ، وأخرى نوعيَّةٍ؛ لقياس محتوى الموجودات الفيزيائيَّة، وتحديدِ المستوى الوجوديِّ الذي تُعبِّر عنه - في سلسلة العَلاقات التي تقيمُها مع الآخر الذي يشاركها - البيئةُ الأرضية.

 

بَيْدَ أنَّ الخصائصَ الوجوديَّةَ الفريدةَ التي تُميَّزُ بها الكِياناتُ المعلوماتيَّة، تجعلُها صعبةَ المنال أمام المقاييسِ الكَميَّة التي نستخدِمُها في وصف ماهيَّةِ الأشياء، وأمام المعاييرِ النَّوعيَّة التي نتبنَّاها عندما نعمِدُ إلى مباشرة عمليات التحليل النوعيِّ للأشياء التي تُحيطُ بنا.

 

لقد مرَّتْ بنا جميعًا حالاتٌ عمدنا من خلالِها إلى التَّخلُّص من حجم كبير من البيانات والمعلومات؛ بسبب تقادمُها، أو انتفاء الحاجة إليها، بينما نعمد في أحيان أخرى إلى جمع كمٍّ كبير من المعلومات؛ لحاجتنا إليها في تحليل بعضِ المسائل، أو استشراف أمور مستقبلية، وفي كلا الحالتين: يبدو أنَّ السماتِ النوعيةَ للمعلومات تمنحُها أهميةً، أو تُصادرُ أهميتَها في ضوء المنطق الذي نتعامل به معها.

 

إنَّ هذا النوعَ من المقاربات البعيدة عن الأساليب الكَمِّية تَزيدُ من صعوبة التَّعامل مع قيمتِها، أو خصائصها النَّوعية، قد يزيدُ مِن تفاقُم آثار ظاهرة الفيضان المعلوماتيِّ؛ عندما لا تتوفَّرُ بين أيدينا معاييرُ وثوابتُ نحدِّد من خلالها الطيِّبَ من الخبيث، الأمرُ الذي قد يُورث الفضاءَ المعلوماتيَّ عقبةَ الاكتظاظ Congestion الذي يُثقلُ كاهلَ الشبكاتِ المعلوماتية، ويُقلِّلُ من سرعة سَرَيان الحزم المعلوماتية بين العقد المقيمة على مادة نسيجها الشبكاتي.

 

من أجل هذا؛ فإنَّ نجاحَ أيِّ محاولةٍ لتكميم الخصائص النَّوعيَّة للمعلومات، ستمنحنا فرصةَ الظفر بمعايير تمتلك القدرة على قياس المعاني التي تُصاحب محمولاتِ الكيانات المعلوماتية.

 

بَيْدَ أنَّ هذا الحُلمَ يَفتقِر إلى أرضٍ مُعبَّدة، تُمهِّد لنا فرصةَ نوال ما نريدُ من هذا النمط من المعايير لأسباب عدة؛ أهمُّها:

1- غيابُ وجود نظريَّةٍ خالصة؛ لمعالجة مسألة المعلومات من كافَّة جوانبها، فالذي يقعُ بين أيدينا في هذه الأيَّام من مسائلَ هو عبارةٌ عن مجموعةٍ من المعالجات التي نشأت وترعرَعَتْ في حقلِ علمِ الاتصالات؛ إذ يَتِمُّ تحليلُ الاحتمالية الإحصائية لظهور رموزٍ محدَّدةٍ في سيلٍ رقميِّ، بصرف النظر عن محمولاتها من المعاني.

 

2- اختلافُ أوجهِ المعالجات المَفاهيمِيَّة التي نتناولُ بها جوهرَ المعلومات، بعد أن عَمَّقتِ الماهيَّةُ الرقميَّةُ لعناصرها الكثيرَ من خصائصها، كما أنَّ تعقيدَ مستوياتِ المعاني المنطمرة في العناصر الرُّسوميَّةِ، المصاحبةِ للخطاب المعلوماتيِّ؛ تقف في كثير من الأحيان عثرةً أمام صياغةِ حدود نظريةٍ واضحةِ المعالم؛ لمعالجة الجوانب المختلفة لهذه المسألة الشائكة.

 

3- تباينُ أشكالِ العَلاقات، وتشابُك مفرداتها بين الرموز المستخدمة في الخطاب المعلوماتي من جهة، والأساليبِ التي تمَّ توظيفُها لصياغة المعاني.

 

ولقد سعى البعضُ إلى توظيف المعنى بوصفه متغيِّرًا، ذا صلةٍ بقياس المحتوى النوعيِّ أو الكَمِّيِّ للمعلومات، وقد عمد هؤلاء إلى إرساء معايير؛ لتحديدِ طبيعةِ العَلاقات القائمة بين الكائنات المعلوماتية الموجودة في الخطاب، ونوعِ الرموز، والعَلاقاتِ الرابطة فيما بينها عند إنشاء المعاني؛ للوصول إلى معيارٍ كميٍّ أو نوعيٍّ يُحدَّد من خلاله مقدارُ المحتوى المحمول على الكيان المعلوماتي.

 

أمَّا من ناحية ترسيخِ دلالة المعاني المصاحبة للكينونات المعلوماتية، فقد ذهب الباحثُ (زليزنيكار) إلى صياغة هذا المفهوم بمنظورٍ فلسفيٍّ عندما عَدَّ المعنى دلالةً مرتبطة بمجموعةٍ من العَلاقات والصِّيغِ الرِّياضيَّة والمنطقيَّة الموجودةِ في صيغة معلوماتية: ارتباطٍ، أو شكلٍ رسوميٍّ، أو نسق.

 

وعليه؛ فلن يكونَ المعنى في ظلِّ مفهومِ الكينونة المعلوماتيَّة سوى أسلوبٍ تعبيريٍّ نستخدمُه في إنشاء نسيجٍ مُتشعِّب من الارتباطات بين كائناتٍ معلوماتيَّة مقيمةٍ في صفحة (ويب) غرست جذورَها في تربة الفضاء المعلوماتي.

 

4 - القوانين الحاكمة للكيانات المعلوماتية:

إنَّ الخصائصَ الفريدةَ التي تمتازُ بها المعلوماتُ والفضاءُ المعلوماتيُّ، الذي تَرتكِز في تُربته الافتراضيَّة جذورُه غيرُ المرئيَّة أو الملموسةِ بواسطة الأدوات الفيزيائيَّة التقليديَّة - تفرضُ علينا معالجةً مَفاهِيمِيَّة مستحدثةً نسبرُ من خلالها هذه الخصائصَ الفريدة؛ لكي نتلمَّسُ نقاطَ التباين، فنكون أكثرَ قربًا من تخوم الصياغات الرِّياضيَّة والمنطقيَّة؛ لوصفها بواسطة معاييرَ وثوابتَ دقيقة.

 

من أجل هذا؛ سنحاولُ أن نُزيلَ جزءًا من اللِّثام الذي يُغلِّف ماهيَّةَ الكائنِ المعلوماتيِّ، وذلك من خلال مناقشةِ أهمِّ القوانين أو المبادئ، التي تحكمُ سلوكَه بوصفه كيانًا وجوديًّا قائمًا بذاته.

 

القانون الأول: المعلومات قابلة للمشاركة Shareable بصورة غير متناهية:

إنَّ أهمَّ خاصية للمعلومات - كموجودات - تَكمُنُ في قابليَّتها على المشاركة بين أيِّ عددٍ من الأشخاص، أو مناطقِ التجارة والأعمال، والمنظماتِ والمؤسَّسات، من دون وجودِ أيِّ تلازمٍ منطقيٍّ لحصول نقصان في قيمتها - بالنِّسبة لكلِّ الجهات التي تستثمرُها - كنتيجةٍ لتعدُّد استخداماتها.

 

لا ريبَ في أنَّ الشبكةَ العنكبوتيَّة العالميَّةَ تُوفِّر خيرَ شاهدٍ على كيفيَّة المشاركة الافتراضيَّةِ في المعلومات نفسِها؛ بواسطة عددٍ يتجاوزُ قدرتنا على إحصائِه آنيًّا، وبآليَّةٍ وسلوك يختلفان تمامًا عن السُّلوك الذي ألِفْنَاه للموجودات التقليديَّة.

 

بصورة عامة؛ فإنَّ الموجودات التقليديَّة تمتازُ بكونها تختصُّ بمالك واحدٍ يَستحوذُ عليها بكاملها، فإمَّا أن تكونَ جميعُها في مِلكيَّتك، أو تكونَ في مِلك غيرِك، ولكنْ في حالة الموجودات المعلوماتيَّة يمكنُ أن تكونَ بِحَوزَتِكَ وحوزة الغير جميعًا، وبالخصائص الذاتيَّة والوظيفيَّة نفسِها، وبآنٍ واحد.

 

وتُؤدِّي عمليةُ المشاركة في المعلومات إلى مضاعفةِ قيمَتِها؛ فكلَّما ازدادَ عددُ الأشخاص الذين يَستخدمُونها، ازدادَ ثراؤها الوجوديّ، وعُمِّق توظيفُها المعرفيّ مع زيادة حجم المنافع الاقتصاديَّة المُستخلَصَة منها.

 

بَيْدَ أنَّ هذه الخاصِّيَّةَ الفريدةَ قد أَفرَزَتْ إشكاليَّةَ غيابِ القدرة لدى البعضِ على المشاركة بالموارد المعلوماتية، بعد أن أصبحتْ محصورةً بين يدي النخبة، مما سيَنْجُمُ عنه مباشرةً عملياتُ إقصاءٍ متكرِّرة لمجموعاتٍ كبيرة من الأفراد، أو المؤسسات، أو الشعوب، بعد أنْ تَرَسَّخَ مفهومُ: "أنَّ الذي يَمتلِكُ المعلوماتِ الأفضل سيمتَلِكُ فرصةَ التَّفوُّق على الغير".

 

وستبرزُ ظاهرةُ عزْلِ المعلومات وحصرِها وراء جُدُرٍ معلوماتيَّةٍ؛ لمنع الغير من الوصول إليها Information Hoarding، الأمرُ الذي سيُؤدِّي إلى صعوبةِ الوصول إلى المعلومات المهمَّة، وضياعِ فرصةِ الظَّفَرِ بأعمالٍ تجارية بعد أنْ حِيلَ بين القيمة الكامنة بالمعلومات، وبين الجهات التي قد تَظفرُ بفرصة مناسبة لاستثمارها.

 

ولا تنفردُ المعلوماتُ بخاصيَّة المشاركة فحسْب، بل هناك خاصيةٌ أخرى تَنفردُ بها عن غيرها، هي خاصيةُ المضاعفة والتكرار Replications إلى غير نهاية، من دون أنْ يُؤدِّي ذلك إلى مضاعفة قيمتِها بسبب هذه الخاصِّيَّة؛ إذ تمتلِكُ كلٌّ من النسختين القيمةَ ذاتها لنسخة واحدة.

 

إنَّ عمَلَ نسخةٍ جديدة من المعلومات لا يُؤدِّي إلى زيادة القيمة؛ بل إلى نفقاتٍ إضافيَّة تتطلَّبُها عمليَّةُ الاستنساخ، وتتضَمَّنُ تكلُفةُ المعلومات الاحتياطيَّة تكلفةَ إعادةِ ترميزِ المعلومات لنُظُمٍ مختلفة، وكُلَف الخزن على وسائط الخزن المختلفة، والجهود الإضافيَّة المطلوبة لتطويرِ النُّظم وتعديلِ الوَسَط البيئِيِّ للمعلومات؛ Interface لإدامة صلاحيةِ استخدامها.

 

القانون الثاني: تزدادُ قيمةُ المعلومات بزيادة حجم استخداماتها:

تُظهرُ جُلُّ المواردِ خاصيَّةَ انخفاض العوائدِ بزيادةِ نسبة الاستخدام؛ فمكاينُ الطباعة - على سبيل المثال - تَندثِرُ على أساس كَميَّة الأوراق المطبوعة فيها، والطائراتُ على أساس مقدارِ ساعاتِ طيرانها وتحليقِها بالجو، والوَحَداتُ الصناعيَّةُ على أساس عددِ سنوات تشغيلها، غَيرَ أنَّ المعلوماتِ لا تُعاني من هذه الظاهرة، ولكنْ تَزدادُ قيمتُها كلَّما زادَ حجمُ استخدامها؛ أي: تَظهرُ خاصيَّةُ زيادةِ العوائد بزيادة نسبة الاستخدام.

 

وقد عَدَّ البعضُ المعلوماتِ غيرَ المستخدمةِ عائقًا؛ لعدم وجودِ أيَّة فائدةٍ اقتصاديَّةٍ يُمكنُ أنْ تُستنبَطَ منها، وأنَّ على المنظَّمة بذلَ المزيد من الكُلَف؛ لخزنها وإدامتها.

 

يوجدُ حجمٌ كبيرٌ من هذا النوع من المعلومات في المؤسَّسات والمنظَّمات، والذي يُعَدُّ من الفُقدان بالمنظور الاقتصادي.

 

إنَّ المطالبَ الأساسيَّةَ للاستخدام الأمثلِ للمعلومات التي تقع بحوزتنا هي:

• المعرفةُ بوجودها وتوافرِها.

• معرفةُ المكان الذي تُوجَدُ فيه بدقَّة.

• تَوفُّرُ قدرةُ الوصول إليها إلى أنْ تظهرَ حاجةٌ لاستخدامها.

• معرفةُ كيفيَّةِ استخدامها، وتوظيفها في الواقع المَيْدَانيِّ.

 

وتُعدُّ المعلوماتُ في أفضلِ حالاتها عندما يكون كلُّ العاملين بالمنظَّمَة على دِرايةٍ تامَّة بمكانها، وامتلاكِ القدرة للوصول إليها، وعلى علمٍ كافٍ بآليَّات استخدامها، والعكسُ يَصِحُّ عندما تَنْأَى قلةُ معرفةِ أفراد المنظَّمَة بهذه الأمور عن القدرة على استخدامها؛ فتَتَضاءَل آنذاك قيمتُها، وتَنعدِمُ الفرصةُ باستخدامها.

 

هناك مسألةٌ جوهريَّةٌ أخرى في هذا المقام، ترتبطُ بقدرة صُنَّاع القرار على قراءة المعلومات، وسبْرِ محتواها المعرفيِّ Information Literacy؛ لأن نوعيةَ القرار المصنوع منها يعتمدُ على دقَّتها وموضوعيتها، وقدرةِ صانع القرار على تفسيرِها وتوظيفها؛ لاتخاذ القرارِ الصائب للحالة المطروحة أمامه.

 

فإذا لم تتوفَّرْ هذه الخاصيَّةُ، فلن يكون ثَمَّةَ اهتمامٌ في الارتقاء النَّوعيِّ والكَمِّيِّ للمعلومات؛ لأنَّ المستخدمين لا يَمتَلِكون معرفةً كافيةً بما يَتوفَّرُ لديهم.

 

القانون الثالث: المعلومات قابلة للفساد والفناء Perishable:

شأنُ بقيَّة أنواع الموجودات الاقتصاديَّة؛ فإنَّ الموجوداتِ المعلوماتيَّةَ تكونُ عُرضَةً للاندثار والفساد، أو التلف مع مرور الزمن، وتَعتمِدُ سرعةُ فقدانِها للقيمة الكامنة بمفرداتها على طبيعة المعلومات، فعلى سبيل المثال: عندما يقومُ العميلُ بتغيير عُنوانِه، تتلاشى أهميةُ المعلومات المتعلِّقة بعنوانه القديم، بالمقابل فإنَّ أرقامَ المبيعات لسنين سابقة قد تكونُ ذاتَ فائدةٍ كبيرة عندما نحاولُ التَّنبُّؤَ بالأسعار المستقبلية للسوق.

 

بصورة عامة؛ تمتلكُ المعلوماتُ عمرًا مثمِرًا، وببُعْدٍ زمنيٍّ محدود عند المستوى العمليَّاتي، وتقتصرُ المعلوماتُ ذاتُ الصِّلةِ بهذا المستوى على أحْدثِ البيانات التي تُخُصُّ الموضوعَ قَيْدَ الدراسة؛ مثل: العنوان الجديد للعميل، أو القائمة الأخيرة لمستحقاته، وتَعمِدُ المنظَّومَةُ التي تُديرُ هذه المعلوماتِ إلى طرح المعلومات التي تَتوفَّرُ لديها متى تَجاوزتِ البُعْدَ الزمنيَّ لصلاحيَّة استخدامِها؛ وذلك بسبب انتفاءِ الحاجة إليها بمعيارِ منطقِ العمليَّات الذي يُوَظِّفُها؛ لتحقيق أغراضِه المباشرة.

 

القانون الرابع: تزدادُ قيمةُ المعلومات بزيادة دقَّتِها:

لا شكَّ أنَّه كلَّما كانتِ المعلوماتُ أكثرَ دقَّةً وتعبيرًا عن الموضوع الذي تَصِفُه، تُصبِحُ أكثرَ فائدة، وذاتَ قيمةٍ أعلى، وقد تكونُ المعلوماتُ غيرُ الدقيقة باهظةَ التكاليفِ بالنسبة للمنظومة بمعاييرِ كلٍّ مِن الأخطاء العَمَلِيَّاتيَّة، والقراراتِ الخاطئةِ التي ستَرْتَكِزُ إليها.

 

إنَّ مستوى الدِّقَّة المطلوبةِ في البَيَانات تعتمدُ إلى حدٍّ كبير على طبيعةِ المعلومات، والآلِيَّة المقترَحةِ لاستخدامها؛ ففي بعضِ أنواع المعلومات تُعَدُّ نسبةُ الدِّقَّة 100% مطلبًا أساسيًّا لصحَّة استخدامها - مثل بيانات صيانة المُحرِّكات النَّفَّاثة بالطائرات، أو المعلوماتِ التي تتعلَّقُ بصحة الإنسان وسلامته - بينما تَقِلُّ الدِّقَّةُ المطلوبةُ لبعض المعلوماتِ إلى 80%، وتُعَدُّ كافيةً إلى حدٍّ كبير بالتطبيقات المَيْدَانيَّة، كما هو الحالُ عليه مع المعلومات التي تَخُصُّ تسييرَ دفة الأمور اليومية.

 

القانون الخامس: تزدادُ قيمةُ المعلوماتِ عندما تنضَمُّ إلى معلوماتٍ أخرى:

بصورة عامة؛ تزدادُ قيمةُ المعلوماتِ عندما يُمكنُ أنْ تُستخدَمَ كأداةٍ للمقارنة، أو تنضمُّ إلى معلوماتٍ مِن نوعٍ آخر، على سبيل المثال: فإنَّ معلوماتِ العملاء والمبيعاتِ يُعَدُّ كلٌّ منها مهمةً بحدِّ ذاتها، ولكنْ متى تَوَفَّرتْ فرصةٌ مناسبةٌ لتوحيد هاتين الشَّريحتين من المعلومات الاقتصادية في وصفٍ رياضيٍّ معلوماتيٍّ يَجمعُ بينهما، ستصبحُ المعلوماتُ المستحدثةُ مِن خليطهما المتجانسِ بالغةَ الأهميَّة بمنظورٍ اقتصاديّ، كذلك فإنَّ تَوَفُّرَ الأدواتِ المناسبة لإيجاد العَلاقة الحميمةِ بين خصائص العملاء، وأنماطِ البيْع - ستُسَاعِدُنا إلى حدٍّ كبير في تصويبِ أنشطةِ التَّسويق صَوْبَ السلعِ التي يُتَوقَّعُ ميلُ العملاء إلى شرائِها، وفي توقيتٍ زمنيٍّ ملائم.

 

ولا يُمكنُ - في كثيرٍ من الأحيان - إدماجُ البَيَانات والمعلوماتِ، وتوحيدُها في قالَبٍ منطقيٍّ سليم، ما لم يَتمَّ تبنِّي سياسةٍ مُحكَمَةٍ، تَرتكِزُ على آليَّةٍ ذاتِ دَلالةٍ عمليَّة، تُتَرجَمُ فيها المتغيِّراتُ التي تبدو متباينَةً ظاهريًّا، ويُصارُ إلى إزالة أوجُهِ الخلاف والتَّبايُن؛ بحيثُ تتوفَّرُ عن هذه الآليَّة صورةٌ واضحة، وصياغاتٌ دقيقةٌ تَصِف الواقعَ الذي نحاولُ حرثَ تربَتِه، وإنبات بذورِها التي ستُؤتِي ثمارَها في المستقبل.

 

القانون السادس: الأكثر ليس من الضروري أن يكون الأفضل:

لقد أظهَرَتِ الدِّراساتُ والأبحاثُ النَّفسيَّةُ وجودَ عتبةٍ لدى الإنسان، لا يستطيعُ أنْ يتجاوزَها عندما يحاولُ أنْ يُحَلِّلَ المعلومات، ويسبر دلالةَ مفرداتِها، وعندما تتجاوزُ كميَّةُ المعلوماتِ الحدودَ المتاحةَ للعقل البشريِّ؛ فإنَّ الإفراطَ المعلوماتِيَّ Information Overload سيَنْجُمُ عنه انهيارٌ سريعٌ في القدرات المتاحة للفَهْمِ والاستيعاب، وقد أكَّدَ هذه الحقيقةَ المشتغلون بمَيدان الاقتصادِ وإدارةِ الأعمال؛ إذْ أكَّدُوا وجودَ عَلاقة معنويَّة بين زيادةِ حجم المعلومات عن العتبة المسموح بها، وحصولَ تَدَنٍّ ملحوظٍ في كفاءة اتِّخاذ القرارات الصائبة والمثمرة بهذا الميدان.

 

وعلى الرغم منْ أنَّ زيادةَ حجم المعلوماتِ تؤدِّي إلى تقليلِ كفاءةِ الأداء؛ نتيجةً لحجم الجهدِ الإضافيِّ الذي تَتَطَلَّبُهُ عملياتُ معالجتِها، غيرَ أنَّها بالوقت نفسِه، قد تُؤدِّي إلى زيادةِ الثِّقةِ وتعميقِها بالقرار الذي تَمَّ اتخاذُه بصَدَدِ موضوعٍ ما.

 

ويمكنُ تسويغُ الأمرِ بالميل الغَرَزيِّ الدَّائم لَدَى بني الإنسان؛ بالبحثِ والاستقصاءِ عن مزيدٍ من المعلومات، والتي قد تَزِيدُ في كثيرٍ من الأحيان عن حدودِ القدرة المتاحة لديهم على معالجتِها، في مسعى مستمرٍّ؛ لتلافِي الأخطاء، وتقليلِ تخوم الشَّكِّ بصحة القرار الى أصغرِ مساحةٍ ممكنة، وهذه الظاهرةُ تَقْتَرِحُ أنَّ البشرَ يَتوهَّمون بأنَّ كثرةَ المعلوماتِ تُعَدُّ مؤشرًا إيجابيًّا، من دون أنْ يَلْتَفِتوا إلى حقيقةِ مَحُدوديَّة قدراتِهم على استيعابها، ومعالجتِها بمنطق سليم.

 

القانون السابع: المعلومات لا يمكن استنفادها:

إنَّ معظمَ الموارد الأرضيَّة تُعَدُّ عُرْضَةً للنَّفاد Depletable، كلَّما ازدادَ حجمُ استخدامها، كلَّما نَقَصتِ الكَمِّيَّةُ المتوفِّرَةُ لديك منها، غيرَ أنَّ المعلوماتِ لا تُعاني من هذه العقبة؛ نتيجةً لظاهرةِ التوليد الذاتي، التي تَسودُ كيانَها، كلَّما ازدادَتِ استخداماتُها، كلَّما زادَ ما نَمْلِكُه منها، وتعودُ هذه الخاصيَّةُ الفريدةُ إلى حقيقةِ المحتوى المفتوح الذي تَتَّسِمُ به البياناتُ، والمعلومات؛ لأنَّ كلَّ معالجةٍ معرفيَّةٍ للمحتوى ذاته تُنتِج معلوماتٍ جديدة؛ نتيجةً لتغيير المنظور، أو نتيجةً لربطِها مع معلوماتٍ أخرى، أو إعادةِ تحليلِ بياناتِها بآلِيَّة جديدةٍ يمكنُ أنْ يَنشأ عنها معارفٌ مستحدثةٌ، مع بقاء المعلوماتِ الأصليَّة على حالها دون أنْ تُعاني من عمليةِ الاستنفاد الطبيعيَّة، بينما يُضافُ إليها رُكامُ المعلوماتِ الجديدة التي تُثرِي موجوداتِها على الدوام.



[1] يطلق اصطلاح الكائن Object - في ميدان المعلوماتية - على كل مفردة تمتلك هُويَّة تميزها عن بقية الكائنات المقيمة معها، من خلال الخصائص Properties النوعية، أو الكمية التي تمتلكها، فالكتاب كائن، والكلمة كائن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معالجة معلوماتية تحليلية لموقف مستشرق معاصر...
  • الإنترنت والأمن المعلوماتي الإسلامي دراسة أولية
  • تحليل سريع لمقومات البيئة المعلوماتية العراقية
  • الثورة المعلوماتية!!
  • الخطاب الجيني - المعلوماتي
  • التغيرات المصاحبة للتقنيات المعلوماتية
  • القرآن وعلوم الحياة
  • عقلنة المعلوماتية

مختارات من الشبكة

  • البصفجة المعلوماتية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • دولنة المعلوماتية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الفتوحات التقنية المعلوماتية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • لقد زاد عصر المعلوماتية من صعوبة القيادة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • اقتصاد المعلوماتية (PDF)(كتاب - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • موجز عن الثورة الفرنسية المعلوماتية المعاصرة(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • عصر التقدم والثورة المعلوماتية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • المراكز المعلوماتية والفهرسة الحاسوبية إلى أين؟!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • رهاب المعلوماتية الإلكترونية!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • نبذة عن كتاب: "اقتصاد المعلوماتية"(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)

 


تعليقات الزوار
1- تعقيب
نايف عبوش - العراق 29-02-2012 08:00 AM

أجاد الأستاذ حسن مظفر في بحث هذا الموضوع المهم، الذي يعتبر من أهم وأخطر التحديات، التي تواجه العرب والمسلمين، وبقية بلدان العالم الثالث.فالمعلوماتية فضاء واسع، ويزداد تعقيدا يوما بعد يوم..وبذلك يضاعف من التحديات المطروحة، خاصة وأن البلدان المذكورة، لا تزال متلقية ومستهلكة لهذا النمط من المعرفة..مما يجعل الحاجة إلى التعاطي بمثل هذه البحوث، أمرا في غاية الأهمية.فشكر الله للاستاذ حسن مظفر جهده.
نايف عبوش

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب