• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

القومية العربية كهوية

القومية العربية كهوية
شريف محمد جابر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2011 ميلادي - 30/11/1432 هجري

الزيارات: 17723

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يسجِّل التاريخ الحديث أنَّ فكرة "الهُويَّة القومية" فكرة غريبة، دَلَفتْ إلى العالم العربي والإسلامي تأثُّرًا بالغزو الثقافي الأوروبي، وقد بيَّنا في الفصل السابق الصيرورة التاريخيَّة والظروف التي تمخَّضتْ عن فكرة "القوميَّات"، ونشأة الدول على أساس الهُوية القوميَّة، وكانت النزعة القوميَّة عبارة عن مواجهة وتَصَدٍّ لفكرة "الخلافة الإسلاميَّة" التي ناهَضها القوميُّون الأوائل، بل وعَمِلوا على هَدْمها، كما أنَّهم تأثَّروا بالقوميَّة التركيَّة التي سَبَقت القوميَّة العربيَّة.

 

والطابع الأبرز لفكرة القوميَّة العربيَّة أنها قد واكَبها منذ نشأتها خطابٌ بعيد عن الموضوعيَّة، وإيجادِ الحلول العمليَّة الحقيقيَّة لبناء أُمَّة؛ حيث كانت "العواطف" هي صاحبةَ الدور الأبرز في تسويق هذه الفكرة في كِيان الأمة الإسلاميَّة، وأمَّا دورها الموضوعي التطبيقي في بناء أمة لها نظامُها الخاص الفريد المنبثق عن مفاهيمها، فكل ذلك كان عائشًا في منطقة العدم؛ إذ لا يوجد نظام متكامل يَنبثق عن الفكرة القوميَّة، وقد وجَدنا أنَّ حَمَلَة هذه الفكرة قد أقاموا أنظمة ودولاً تَحكم الأُمَّة ولا علاقة لها بالفكرة القوميَّة، كالملكيَّة والاشتراكيَّة والديمقراطية، فهذه كلها غيرُ مبنيَّة على الفكرة القوميَّة؛ مما يُظهر قصورها "وإنشائيَّتها" على حساب الواقعيَّة التي ينبغي أن تتَّسم بها الهُوية التي تجمع الأمة، التي ينبغي أن تُجيب عن أسئلة النهضة وبناء الأمم والحضارات.

 

وبالعودة إلى تعريفات القومية، نجد أنَّها تدور حول معنًى واحدٍ يشكِّل مفهوم "الهوية القومية"، فهي عبارة عن: نزعة وحدويَّة تتمحور حول مشتركات من اللغة الواحدة، والأصول العِرقية الواحدة، والتاريخ الواحد، والثقافة الواحدة، وهذه المشتركات جميعها تشكِّل مفهوم الهُوية القوميَّة، بحيث تكون عبارة عن محور استقطاب يجمع أُمَّة معيَّنة، وفي الحالة التي نُعالجها تكون هي "الأمة العربية".

 

فالقوميُّ العربيُّ ينتمي إلى لُغته العربية وإلى قوميَّته، وإلى تاريخ العرب منذ فجرهم قبل الإسلام، مرورًا بالعهود الإسلاميَّة المختلفة، وإلى الثقافة التي نشأت في المنطقة العربية وبين شعوبها العربية، بما تضمُّ من عاداتٍ وتقاليدَ، وأفكارٍ وآداب؛ سواء كانت لها أصول إسلاميَّة أم لَم تكن، وهو ينتمي إلى كلِّ عربيٍّ نشَأ وجمَع بين هذه المشتركات وانتمى إليها، وهؤلاء يُشَكِّلون الأُمة العربيَّة، التي هي محور استقطاب لهم، فتَجمعهم وَحدة الأهداف والطموحات، ووَحدة الآمال والآلام، ووحدة التاريخ والمستقبل، وهكذا تشكَّلت فكرة "الهويَّة القوميَّة" كفكرة حديثة لَم يكن لها أيُّ وجود في تاريخ العرب قبل دخول الغزو الفكري في العصر الحديث، فقد اجْتَمَعت لدى العرب قبل الإسلام كلُّ مقوِّمات التجمُّع هذه، ولَم تتكوَّن منهم أمَّة لها هُوية واحدة تجمعها، ولا كِيان سياسي جامع تُعْرَف به، بل كانت النزعات القَبَليَّة هي المسيطرة على عوامل الوَحدة والافتراق.

 

وفي هذا المقال سوف نُبيِّن كيف لا يمكن أن تكون القومية العربية هي "هُوية" المسلم، بجميع مقوِّماتها التي تُشَكِّلها، ولنبدأ بالحديث عن اللغة العربية كعنصر من عناصر الهُوية.

 

مكانة اللغة العربية اللائقة بها:

العربية عبارة عن "لغة" نتمسَّك بها، ونحافظ عليها بجُهد جهيد؛ لكونها لغةَ "الدين" الذي نزَل على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والذي وجَبَ على البشر اتِّباعُه؛ ليكونوا محقِّقين لغاية وجودهم الإنساني على هذه الأرض، فالحفاظ عليها حفاظٌ على "فَهْم" النص الشرعي، فهو إذًا حفاظٌ على أهمِّ نعمة يهتمُّ المسلم بها في هذه الحياة؛ نعمة الإسلام؛ منهج الحياة البشرية، الذي عن طريقه وحده يمكن للإنسان أن يقومَ بواجب "العبودية" لله - عزَّ وجلَّ.

 

قيمة العربية إذًا كبيرة وخطيرة؛ لتعلُّقها بأكبر قيمة للإنسان على وجه الأرض: "العبودية"، أو بكلمات أخرى: "غاية الوجود الإنساني"؛ ولذلك بذَل المسلمون منذ ظهور الإسلام الجهودَ الكبيرة في الحفاظ على العربية، ورَفْع مكانتها، وتدوين قواعدها وأصولها، وكانت من أعجب ظواهر التاريخ ظاهرةُ تحوُّل شعوب بأكملها للتحدُّث بالعربية ونسيان لغاتها الأصليَّة؛ لارتباط العربية بفَهم دين الله - عزَّ وجلَّ - (النص القرآني على وجه الخصوص)، وعِظَمِ مكانتها - تبعًا لذلك - في نفوس أبناء هذه الشعوب!

 

تلك هي مكانة "العربية" اللائقة بها في الواقع التاريخي للأُمة الإسلاميَّة، وكما ينبغي لها أن تكون في واقعها المعاصر، والأصل ألاَّ تتجاوز العربية هذه المكانة اللائقة بها؛ أنها ركن أصيلٌ من "الثقافة الإسلامية"[1]، وليست "هُويَّة" للأمة، ولا تُشكِّل محور استقطابها؛ وذلك لأنَّ اللغة - كما هو معروف - وعاء الفكر، ولا يمكن بحال من الأحوال للغة وحدها أن تشكِّل "القِيَم الفكرية"، إنما تتشكَّلُ القِيَم الفكرية داخل هذا الوعاء، الذي هو اللغة، فالنص القرآني - على سبيل المثال - يحوي قِيَمًا فكريَّةً ومعنوية تتشكَّل باللغة العربيَّة، ومصدر هذه القِيَم الفكرية والمعنوية ليس هو اللغة العربية؛ إنما هو "الوحي"، فلا يُمكننا أن نَزْعُمَ بعد ذلك أنَّ اللغة هي مصدر هذه القِيَم كما هو واضحٌ لكلِّ ذي عقلٍ، وبناءً على ذلك لا يُمكن أن تكون اللغة هي "الهُويَّة" لأُمَّة من الأُمم؛ لأن الهُويَّة مفهوم يتضمَّن "القيم" أو "المفاهيم" التي تشكِّل محور استقطاب الأمة وانتماءَها، والتي تجيب عن الأسئلة: مَن نحن؟ وماذا نريد؟ وكيف نحقِّق ما نريد؟ والعربية كلغة لا تحمل كما أسلفنا - بذاتها - أيَّ قيمة يُمكن أن تشكِّل محور استقطاب الأمة وانتماءَها، ولا تَملِك أن تُجيب عن هذه الأسئلة الضروريَّة في الحياة، وقد بيَّنا في بداية الفصل كيف أنَّ الهُويَّة القوميَّة العربيَّة لا تَملِك أن تُجيب عن أسئلة النهضة، ولا تَملِك منهجًا تطبيقيًّا لبناء الأمم والحضارات!

 

الأصول العِرقية والتاريخ والثقافة:

وكذلك الأمر بالنسبة لمقومات المفهوم القومي الأخرى، وهي: وحدة الأصول العِرقية، وحدة التاريخ، وحدة الثقافة، فها هم العرب في جاهليَّتهم قبل مَجيء الإسلام، هل كانت "العربية" أو "العروبة" هُوية مشتركة تَجمعهم، على الرغم من وحدة اللغة، والأصول العِرقية، والتاريخ، والأرض، والثقافة... إلخ؟

 

التاريخ يقول: إنهم لَم يتجمَّعوا تحت انتماء واحدٍ، ولَم تَستقطبْ عقولَهم ومشاعرَهم مفاهيمُ واحدةٌ، تُشكِّل منهم أمةً ذات هُويَّة واحدة!

 

لقد كانوا - بخلاف ذلك - قبائل متناحرة متنابذة، تدور بينها الحروب، وتشكِّل العصبيَّةُ القبليَّة لكل قبيلةٍ محورَ الاستقطاب والانتماء، وكانت هناك عناصرُ كثيرةٌ تجمعهم: وَحدة اللغة، وَحدة الأصول العِرقية، وَحدة التاريخ، وَحدة الأرض، وحدة الثقافة والتراث، والتقاليد والمعتقدات، وحدة المصالح... إلخ.

 

ولكنَّ أيًّا من هذه العناصر لَم يكوِّن منهم أمة واحدة متماسكة ذات هوية مشتركة، وكان العنصر الوحيد الذي دخل عليهم ودَفَعهم إلى تكوين "أمة" تَستقطبها مفاهيم موحَّدة، تُحَدِّد انتماءها - هو "الإسلام".

 

تلك حقائقُ لا يُجادل فيها إلاَّ مغالط، فكيف نريد للهُوية القوميَّة أن تُشَكِّلَ محورَ الاستقطاب للمسلمين اليوم، بعد أن ضَعُفَت فيهم رابطة الوحدة على أساس القومية؟ لقد اختلَطَ العرب بأنساب أخرى، وبلغات أخرى، وبثقافات أخرى، ودخل الإسلامَ وانصَهَر في ثقافته شعوبٌ كثيرة غير عربيَّة، وتوسَّعت الرقعة التي يَقطنها المسلمون في أنحاء العالم؛ بحيث لَم يَعُد هناك مجال للحديث عن قوميَّة واحدة تَجمعهم، إلاَّ باستثناء معظم المسلمين في أنحاء العالم؛ إذ لا يُشَكِّل المسلمون ذَوُو اللسان العربي والأصول العربية، إلاَّ ما يقارب خُمس تَعداد المسلمين حول العالم!

 

أيُّ إقصاءٍ نمارسه في حقِّ معظم المسلمين حول العالم، ممن تَجمعنا معهم عقيدة واحدة، وثقافة واحدة، هي الثقافة الإسلامية، وصبغة واحدة في الخُلق والمعاملات، وأهداف واحدة، وطموحات واحدة تَنبثق من المنهج الواحد، الذي هو الإسلام؟! أيُّ إقصاء نمارسه في حقِّهم إذا نحن اتَّخذنا "القومية العربية" هويَّة لنا؛ تُحَدِّد انتماءنا وأهدافنا، وتجمعنا من دون الناس؟!

 

إنَّه إقصاء لهؤلاء المسلمين، وهو كذلك تَجزئة وتَفتيت لوحدة الأمة الإسلامية الواحدة، وتفرُّق ذَمَّه الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم[2]، وعودة إلى الجاهليَّة نمارسها بتجمُّعنا على أساس القوميَّات، كما كانت الجاهليَّات القديمة تثور فيها النعرات القوميَّة، ويتجمَّع الناس فيها على أساس هذه القوميَّات، مما جاء الإسلام لإزالته!

 

والأمر كذلك أن الهويَّة القومية - بجميع مكوِّناتها - لا تَنطوي على مضمون قِيَمي واضح ومُحدَّد، يُمكن أن نستقيَ منه المفاهيم والإجابات عن الأسئلة الكبرى لبناء الأُمم، ولا يُمكن أن تحدِّد لنا وجهة، أو ترسم لنا أهدافًا نتطلَّع إليها كأُمَّة، وتلك هي أهم مميزات الهُوية الأصيلة والنافعة للأُمة، والتي تَفتقدها الهوية القومية بجميع مكوِّناتها.

 

فاللغة العربية - كما بيَّنا - محور اهتمام له حجمه الطبيعي "الموضوعي"، الذي يَليق به، وينبغي لنا أن نُلبسها ثوبًا على قدرها؛ لأن إلباسَها الثوب الفضفاض يشكِّل "أزمة موضوعية"، تتمثَّل بتحوير مفهومها "كلغة"، بالإضافة إلى افتقادها بذاتها إلى "القيم" و"المفاهيم" التي يُمكن أن تجعلَ منها "هويَّةً" أو "انتماءً"، وكذلك الأمر بالنسبة للأصول العِرقية العربية، فهي بحدِّ ذاتها وراثة لا تقدِّم ولا تؤخِّر في قضايا الأمم الكبرى وأهدافها وقِيَمها، وبناءً على ذلك لا يمكن أن تشكِّل مصدرًا لمقومات "الهوية" من هذا الباب[3].

 

والتاريخ المشترك الذي يتحدَّث عنه القوميُّون، لا يُمكن بحالٍ أن يكون عنصرًا من عناصر الهويَّة، فهل مجرَّد الأحداث التاريخيَّة المشتركة التي عاصَرَتْها أجيال بعد أجيال في المنطقة العربية، تشكِّل أحد عوامل الوحدة والانتماء؟

 

إن الواقع التاريخي ينقض هذا الخبل ويَنسفه، فالتاريخ يسجِّل أنَّ أحداثًا كثيرة في المنطقة كانت مشتركة مع شعوب أخرى غير عربيَّة، عاشت في المنطقة أو اشتَرَكت في هذه الأحداث، فهل في النظرة القوميَّة - بناءً على وَحدة التاريخ - يكون هناك انتماء إلى هذه الشعوب غير العربيَّة؟! بل وإن كثيرًا من القادة المسلمين الذين كانوا في مقدِّمة التغييرات الكبرى لصالح الإسلام والمسلمين، لَم يكونوا عربًا؛ كصلاح الدين الكردي، والظاهر بيبرس القبجاقي، وغيرهم، فهؤلاء من قوميَّات أخرى غير القوميَّة العربيَّة، وهم مع ذلك حاضرون بقوة في السياق التاريخي للمنطقة! ثم إنَّ التاريخ يسجِّل كذلك أنَّ صراعاتٍ كثيرةً دارت بين فريقين كلاهما من العرب! كالحروب التي كانت دائرة بين الأُمراء والدويلات التي نشأَتْ في المنطقة في العصور الإسلامية، بل والحروب التي دارَت بين العرب في الجاهلية.

 

إنَّ التاريخ في حدِّ ذاته أحداث تَقَع، وهو في حقيقته: جريانٌ للسُّنن الربَّانية على الحياة البشرية[4]، وجَعْله عنصرًا من عناصر الوحدة فيه إشكال باعتبار غَبَش هذا العنصر، وصعوبة تحديده، وباعتبار تداخُله وتشابُكه وتطاوله عبر الأزمان والعصور، واشتراك شعوب أخرى به، فلا يمكن أن يشكِّل عنصرًا من عناصر هويَّة المسلم، فضلاً عن الأسباب الشرعية الواضحة التي بيَّناها سابقًا، وسنُبَيِّنها بأدلة أخرى في نهاية الفصل، والتي تَجعل من غير الجائز أن يدخلَ في هُوية المسلم أيَّ عنصر يَستقطبه للوحدة والانتماء غير الإسلام.

 

وأمَّا الحديث عن وحدة الثقافة، فلا يقلُّ ضبابية من الحديث عن وَحدة التاريخ، فالثقافة المشتركة التي يتبجَّح بها القوميُّون ما هي بالضبط؟ وما معناها؟ ومن أين نستقيها؟


الواقع التاريخي يسجِّل أن المنطقة العربية عجَّت بثقافات مختلفة متباينة، بل ومتناقضة في بعض الأحيان! فالثقافة الجاهليَّة التي عاشَت في عقول العرب قبل الإسلام، مختلفة أشد الاختلاف عن الثقافة الإسلامية التي ظلَّلتهم وظلَّلت المنطقة على مدى أكثر من ثلاثة عشر قرنًا، فإلى أيِّها ننتمي؟ وكيف ننتمي إلى جميع ما عجَّ في المنطقة من ثقافات، وهي متباينة مختلفة؟ هل ينتمي الإنسان إلى متناقضات تتنازعه وتُشَتِّت وحدة كِيانه؟!


ويَحْسُن بنا في هذا المقام أن نُبيِّن المفهوم الحقيقي للثقافة، وكيف أنَّ الثقافة الإسلامية التي ظلَّلت المنطقة طوال العهود السابقة، هي التي ينبغي أن ينتمي إليها المسلم، وأنَّ "اللغة العربية" جزءٌ أصيل من هذه الثقافة، ولكنَّها لا تُشَكِّل وحدها محورَ انتماء واستقطاب للمسلمين، وننقل هذه الفقرات في الحديث عن الثقافة الإسلامية من "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"؛ للأستاذ الأديب محمود محمد شاكر:

"فإنَّ (الثقافة)، فاعلم، تكاد تكون سرًّا من الأسرار الملثَّمة في كل أمة من الأُمم، وفي كلِّ جيل من البشر، وهي في أصلها الراسخ البعيد الغَوْر، معارف كثيرة لا تُحصى، متنوعة أبلغ التنوُّع، لا يكاد يُحاط بها، مطلوبة في كلِّ مجتمع إنساني للإيمان بها، أوَّلاً عن طريق العقل والقلب، ثم للعمل بها حتى تذوبَ في بنيان الإنسان، وتجري منه مجرى الدم، لا يكاد يحسُّ به، ثم الانتماء إليها بعَقْله وقلبه وخياله، انتماءً يحفظه ويحفظها من التفكُّك والانهيار، وتَحوطه ويَحوطها؛ حتى لا يُفضي إلى مفاوز الضياع والهلاك، وبين تمام الإدراك الواضح لأسرار (الثقافة) وقصور هذا الإدراك، منازلُ تَلتبس فيها الأمور وتَختلط، ومسالك تضلُّ فيها العقول والأوهام؛ حتى ترتكِسَ في حَمْأة الحَيْرة، بقدر بُعدها عن لُباب هذه (الثقافة) وحقائقها العميقة البعيدة المتشعِّبة".

 

ويقول في موضع آخر: "ورأس كلِّ (ثقافة) هو (الدين) بمعناه العام، والذي هو فِطرة الإنسان، أي دين كان، أو ما كان في معنى (الدين)".

 

ويقول في موضع ثالث: "(الثقافة) في جوهرها لفظٌ جامع، يُقصد بها الدَّلالة على شيئين: أحدهما مبنيٌّ على الآخر؛ أي: هما طوران متكاملان:

الطور الأول: أصول ثابتة مُكتسبة، تَنغرس في نفس (الإنسان) منذ مولده ونشأته الأولى، حتى يشارف حدَّ الإدراك البيِّن، جماعها كلُّ ما يتلقَّاه عن أبَوَيْه وأهله وعشيرته، ومُعلِّميه ومؤدِّبيه؛ حتى يُصبح قادرًا على أن يستقلَّ بنفسه وبعَقله، وتفاصيل ما يتلقَّاه الوليد - حتى يَترعرع أو يُراهق - تَفوت كلَّ حصرٍ، بل تُعجزه، وهذه الأصول ضرورة لازمة لكلِّ حيٍّ ناشئ في مجتمع ما؛ لكي تكون له (لغة) يُبِينُ بها عن نفسه، و(معرفة) تُتيح له قسطًا من التفكير يُعينه على معاشرة مَن نشَأ بينهم من أهله وعشيرته.

 

إلى أن يقول: "ولأنَّ (الإنسان) منذ مولده قد استُودِع فِطرة باطنة بعيدة الغَوْر في أعماقها، تُوزِعه - أي: تُلهمه وتحرِّكه - أن يتوجَّه إلى عبادة ربٍّ يُدرك إدراكًا مُبهمًا أنَّه خالقه وحافظه ومُعينه، فهو لذلك سريع الاستجابة لكلِّ ما يلبِّي حاجة هذه الفطرة الخفيَّة الكامنة في أغواره، وكلِّ ما يلبِّي هذه الحاجة، هو الذي هدى الله عباده أن يسمُّوه (الدِّين)، ولا سبيل ألبتَّة إلى أن يكون شيء من ذلك واضحًا في عقل الإنسان، إلاَّ عن طريق (اللغة) لا غير؛ لأن (العقل) لا يستطيع أن يعملَ شيئًا - فيما نعلم - إلاَّ عن طريق (اللغة)، فالدِّين واللغة منذ النشأة الأولى، متداخلان تداخُلاً غير قابل للفصل؛ (يقول في الهامش: في حياتنا الأدبية الفاسدة تروج دعوة خبيثة جاهلة؛ لفَصْل (اللغة) عن (الدين)، وهذا شيء لا يُبشِّر إلاَّ بمفارقة دين، والدخول في دين آخرَ يَصنعونه لأنفسهم)، ومَن أغفَل هذه الحقيقة، ضلَّ الطريق وأوْغَل في طريق الأوهام، هذا شأن كلِّ البشر على اختلاف مِللهم وألوانهم، لا تَكاد تجد أمَّة من خَلْق الله ليس لها (دين) بمعناه العام، كتابيًّا كان، أو وثنيًّا، أو بِدْعًا، (البدع: الدين ليس له كتاب أو وثنٌ معبود)؛ ولذلك فكل ما يتلقَّاه الوليد الناشئ في مجتمع ما، من طريق أبَوَيْه وأهله وعشيرته، ومُعلِّميه ومؤدِّبيه، من (لغة) و(معرفة) - يَمتزج امتزاجًا واحدًا في إناء واحدٍ، ركيزته أو نواته وخَميرته دين أبَوَيْه ولُغتهما، وأبلغهما أثرًا هو (الدين)، فالوليد في نشأته يكون كلُّ ما هو (لغة) أو (معرفة) أو (دين) متقبَّلاً في نفسه تقبُّلَ (الدين)؛ أي: يتلقَّاه بالطاعة والتسليم والاعتقاد الجازم بصحته وسلامته، وهذا بيِّن جدًّا، إذا أنت دقَّقت النظر في الأسلوب الذي يتلقَّى به أطفالك عنك ما يسمعونه منك، أو من المعلِّم في المراحل الأولى من التعليم، ويظلُّ حال الناشئ يتدرَّج على ذلك، لا يكاد يتفصَّى شيء من معارفه من شيء[5]؛ حتى يقاربَ حدَّ الإدراك والاستبانة، ولكنه لا يكاد يبلغ هذا الحدَّ؛ حتى تكون لُغته ومعارفه جميعًا قد غُمِسَت في (الدين) وصُبِغَت به، وعلى قدر شمول (الدين) لشؤون حياة الإنسان، وعلى قدر ما يُحصِّل منه الناشئ، يكون أثره بالغَ العُمق في لغته التي يُفَكِّر بها، وفي معارفه التي يَنبني عليها كلُّ ما يوجبه عملُ العقل من التفكير والنظر والاستدلال.

 

إلى أن يقول: "و(ثقافة) كل أمة وكل (لغة)، هي حصيلة أبنائها المُثَقفين بقدرٍ مشترك من أصول وفروع، كلها مغموس في (الدين) المتلقَّى عند النشء، وهو لذلك صاحب السلطان المُطلق الخفي على اللغة وعلى النفس، وعلى العقل جميعًا، سلطان لا يُنكره إلاَّ مَن لا يُبالي بالتفكُّر في المنابع الأُوَل التي تَجعل الإنسان ناطقًا وعاقلاً، ومُبِينًا عن نفسه، ومُستبينًا عن غيره، فثقافة كل أمّة مرآة جامعة في حيِّزها المحدود كلَّ ما تشعَّثَ وتشتَّت وتباعَد من ثقافة كلِّ فردٍ من أبنائها على اختلاف مقاديرهم ومشاربهم، ومذاهبهم ومداخلهم ومخارجهم في الحياة، وجوهر هذه المرآة هو (اللغة)، و(اللغة) و(الدين) - كما أسلفتُ - متداخلان تداخلاً غير قابل للفصل ألبتَّة.

 

إلى أن يقول: "وهذا باب واسع جدًّا، ليس هذا مكان بيانه، ولكني لا أُفارقه حتى أُنَبِّهك لشيء مهم جدًّا، هو أن تفصل فصلاً حاسمًا بين ما يسمَّى (ثقافة)، وبين ما يسمَّى اليوم (علمًا)، (أعني: العلوم البحتة)؛ لأنَّ لكلٍّ منهما طبيعة مُباينة للآخر، فالثقافة مقصورة على أمة واحدة، تَدين بدين واحد، والعلم مشاع بين خَلْق الله جميعًا، يشتركون فيه اشتراكًا واحدًا، مهما اختلفَت المِلل والعقائد"[6].

 

والذي يهمُّنا استخلاصه من كلام الأستاذ محمود شاكر هو أنَّ الثقافة لا يُمكن بحالٍ أن تكون ثقافة قوميَّة عربيَّة مجرَّدة عن أساسها، الذي هو الدين؛ وإنما اللغة العربيَّة هي شطر أصيل في هذه الثقافة؛ فهي وعاء للفكر، ودون وجودها لا يُمكن أن تكتملَ الثقافة، ولكنَّها وحدها لا يمكن بحال أن تشكِّل ثقافة نسمِّيها "ثقافة عربية"، فحين نسمِّي ثقافتنا "الثقافة العربيَّة"، نكون قد حِدْنا عن التوصيف الموضوعي لحقيقة الثقافة، فالعنصر الرئيسي في هذه الثقافة هو "الدين"، ولا يمكن بحال أن يكون الدين منفصلاً عن اللغة التي تتشكَّل فيها الأفكار في ذِهن الإنسان؛ ولذا فالإنسان يستخدم اللغة في الإبانة عمَّا في نفسه من نزعات فطريَّة، ومُكتسبات اكتسَبها وفَهِمها أيضًا بطريق اللغة، فهي عنصر أصيل في الثقافة لا يمكن تجاهُلُه، ولكنَّها تجمع كلَّ الأمة الإسلامية، وليس العرب مختصِّين بها؛ لأنَّ أساسها ورأس أمرها "الدين"، ولقد بيَّن لنا التاريخ كيف دخَلَت شعوب بأكملها في دين الله، ومِن ثَمَّ في اللسان العربي تبعًا لذلك، واقتضاءً لما يُوجبه فَهْم الإسلام من تعلُّم العربية وإتقانها، وعرَّفَنا التاريخ كيف انتشَر اللسان العربي مع الإسلام، حتى وصل إلى المغرب الأقصى في إفريقيَّة، ثم عرَّفَنا التاريخ بعد ذلك كيف استقرَّ حال انتشار العربية، وتوقَّف حين توقَّف التوسُّع الإسلامي على هذه المساحات، حين انحسَرَت حيويَّة الأُمَّة الإسلاميَّة عن واجب الدعوة إلى الله، وتعريف الشعوب بالإسلام على منهج الأجيال الأُوْلى التي تلقَّت دين الله ناصعًا صافيًا، لا تَشوبه شائبة، فكان واقع الثقافة الإسلاميَّة دالاًّ على أنَّ العربية "جزء" من هذه الثقافة، يَفقد فاعليَّته الحقيقية إن فصَلناه عنها، وكان التاريخ دالاًّ على هذا الواقع بحَسْمٍ ووضوح يراه عِيانًا كلُّ مَن اطَّلع على تاريخ هذه الأُمة.

 

ونقول كذلك: أيُّ تحديد لثقافة عربية مشتركة أو تراث عربي مشترك - يَستقطب العرب، ويُحَدِّد لهم انتماءَهم وقِيَمهم وأهدافهم في الحياة - يمكن استخلاصه؟ ماذا نأخذ؟ وماذا نترك؟ وكيف تكون الثقافات المتناقضة التي تفاعَل معها العرب عبر التاريخ مصدرًا للقِيم وأهداف الحياة والانتماء، والتي تشكِّل المكوِّنات الحقيقيَّة للهُوية، ومن دونها لا معنى لهويَّة مشتركة ندَّعيها؟!


والحقيقة: أنَّ الحديث عن "ثقافة عربية مشتركة" تكون أحد عناصر الهوية المشتركة، هو حديثٌ في الخيالات والأحلام والأوهام، وهو أبعد ما يكون عن الواقع؛ الواقع التاريخي من ناحية، وما يُبيِّنه من استحالة وجود هذه الثقافة الواضحة المحدِّدة للقِيَم الواحدة والأهداف الواحدة عبر تاريخ العرب، وواقع الهوية باعتبارها محورَ استقطاب قِيَمي، يرسم أهداف الفرد والجماعة، ينبغي أن تكون مصدريَّة القِيَم فيه واضحة مُحدَّدة، لا تَشوبها شائبة، ولا تَعتورها المتناقضات!

 

إن الثقافة الوحيدة الواضحة الناصعة، الثقافة الأصيلة المحدَّدة المعالم، التي ظلَّلت العربَ وغيرهم من الأمم لقرون متطاولة وما تزال، والتي رَفَعتهم إلى قِمم المجد، ورَسَمت لهم الأهداف الحقيقية التي تليق بالإنسان - كلّ إنسان - هي الثقافة الإسلامية، بما ترتكز عليه من أصول المنهج الإسلامي (الكتاب والسُّنة)، وباللغة العربية التي تشكَّلت بها غير منفصلة عنها، هذه هي الثقافة الحقيقة بالانتماء، والتي يكون الانتماء إليها جزءًا من هويَّة المسلم التي تميِّزه عن غيره، وهويَّة الأُمة الإسلاميَّة الواحدة، فهي التي ترسم ملامح هذه الهويَّة وأهدافها، وتحدِّد قِيَمها الثابتة، وتَصوغ العقل المسلم في منهجيَّة واضحة ناصعة، وتَصبغ تفكيره وسلوكه ومشاعره في هذه الحياة.

 

سبب إنساني:

ولسبب إنساني كذلك، نرفض أن تكون "القومية" هي الهُوية وهي الانتماء، إنها "عنصرية" - أي عنصرية! - أن يحدِّد الإنسان انتماءه وهويتَه بناءً على عوامل موروثة، لَم يكن له فيها اختيار؛ لأن "العنصر" في عُرف الخامات الطبيعية تُقابله "القومية" في عُرف المجتمعات البشرية، فالقومي هو الذي ينتمي إلى عنصره، ويُفَضِّله على غيره من العناصر (القوميَّات) الإنسانية، والواقع أنَّ عناصر الهويَّة القوميَّة: (اللغة، العِرق، التاريخ المشترك، الثقافة المشتركة)، كلُّها عناصر "جبرية"، وليست عناصر "اختيارية"؛ أي: إنَّ الإنسان لا يكون مخيَّرًا في تحديد تلك الأشياء، وإنما هي أمور لاصِقَة بالوراثة، لَم يكن له فيها خيار، فأيُّ عنصرية تلك أن تكون العناصر الجبرية التي لا يدَ للإنسان فيها ولا اختيار، هي التي تحدِّد انتماءنا إليه، ووَحدتنا وتَماهينا معه؟![7]

 

إنَّ تحديد الانتماء والهوية بناءً على "الكِيان الجبري"[8] للإنسان هو هبوطٌ إلى حَمْأة من الطين والحيوانيَّة، ليس بعده هبوط، فما الفرق بين ذلك وبين ما تجتمع عليه الحيوانات من رابطة القطيع أو سياج الأرض؟!


إن الإنسان كائنٌ سامقٌ، رفيعٌ كريمٌ، يتفرَّد عن سائر الكائنات بكِيانه "الاختياري"؛ أي: بأنّه حرٌّ مختارٌ مريدٌ، يختار ما شاء من أفكار وأعمال بإذن الله، ومن هنا كان تحديد الهوية والانتماء بناءً على "الكِيان الاختياري" تحديدًا يَليق بقيمة الإنسان الرفيعة السامقة الكريمة، والكِيان الاختياري للإنسان هو عقيدته وسلوكه، الذي هو مُقتضيات هذه العقيدة؛ سواء كان هذا السلوك هو أعمال القلوب الباطنة، أو أعمال الجوارح الظاهرة.

 

إن إنسانية الإنسان تقتضي أن يكون تقييمُنا له وانتماؤنا إليه وَفقًا "لاختياراته" الفكرية، ومواقفه العملية، لا أن يكون وفقًا لأمور لا يدَ له فيها ولا اختيار، وبناءً على ذلك؛ فالإنسان المؤمن المسلم الخاضِع لله في عقيدته وفي سلوكه، هو الإنسان الذي ننتمي إليه بكلِّ كِياننا الاختياري، ونتوجَّه إليه بمشاعر القربى ومشاعر الأخوَّة والوَحدة؛ لأن قضيَّة "الإسلام" هي القضية الكبرى بالنسبة للإنسان على وجه الأرض، إنها العبوديَّة لله وَحْده؛ تحقيق غاية الوجود الإنساني، وكونُها القيمة الأعلى والأسمى والأكبر للوجود الإنساني تَجعلها - بداهةً - القيمة التي تحدِّد الانتماء وتُحَدِّد الهُوية!

 

إن دين الله ليس مجرَّد شعورٍ قلبي، لا دليلَ على صحَّته، تَصحبه بعض التوجيهات والأخلاق والشعائر، وليس أمرًا "جبريًّا" نَرِثه من الآباء والأجداد، تلك الصورة الباهتة البدائية ليستْ هي دين الله على وجه الإطلاق! إنه منهج الحياة بالنسبة للإنسان، والذي وضَعه له هو خالقه، المنهج الذي من دون الإيمان به واتِّباعه، يُعَطِّل الإنسان غاية وجوده على هذه الأرض، والإنسان مع ذلك "مخيَّر" في اتِّباعه، أو التنكُّب عن ذلك، فهي قضية عظيمة جدًّا، بل أعظم قضيَّة يجب أن تشغلَ بالَ الإنسان، إذا عرَفنا أنَّ هذه الدنيا هي دار اختبار وليست دارَ قرارٍ، وأنَّ الدار الآخرة هي القرار الأخير لكلِّ البشر، وأنها هي الحياة الحقيقيَّة للبشر، وليست الدنيا مطلوبة لذاتها، تلك المفاهيم هي التي تصحِّح الميزان الذي يقوِّم به الإنسان قضايا الحياة، فالقضايا "الأرضية" المرتبطة بالدنيا وحدها أقلُّ قيمة - من ناحية موضوعية بحتة - من القضايا المرتبطة بالآخرة؛ لأن قيمة الآخرة أكبر من قيمة الدنيا، بل لا مجالَ للمقارنة، فما بالُنا بالأساس الذي يحدِّد موقف الإنسان في عالم الآخرة، وهو "العبودية لله وحده"؟

 

بهذه النظرة ينبغي أن يرى الإنسان - كلّ إنسان - قضية "العبادة" على أنها أهمُّ قضية في الوجود؛ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وأنها قضيَّة "اختيارية": ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 7 - 8]، وهذه العبادة لا يُمكن أن تتحقَّق خارج دين الله الأخير الذي ارْتضاه للبشر؛ لأنَّ العبادة معناها الطاعة، وطاعة الله تكون باتِّباع منهجه للحياة، وهو - في صورته الأخيرة - الإسلام: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء: 64]، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28].

 

والإسلام هو الخضوع لله - عزَّ وجلَّ - وكما يَخضع الكونُ كلُّه لله - عزَّ وجلَّ - بإرادة الله، فكذلك: أليس من الأحرى بهذا الإنسان أن يكون متناسقًا مع حركة الكون، بدلاً من أن يكون متنافرًا معها؟


ومن هنا؛ فالإسلام تصوُّرٌ فسيحٌ، لا يُدخل الإنسان إلى دوائر "جبريَّة" مغلقة يَتعامل من خلالها ويعيش، بل يُطلقه إلى فضاء رحبٍ، يَشعر فيه المسلم بأنَّه في توازن تامٍّ مع حركة الكون الخاضعة لله، حينما يخضع هو لله وينتمي إليه، ويُحَدِّد - بناءً على ذلك - انتماءَه للناس وَفْق ما اختاروه هم من انتماء لله بالعبوديَّة له وَحْده، أو تنكُّبٍ عن عبادته، وانتماء إلى الأهواء ومشاغل الدنيا، فإن كانوا قد عرَفوا وضعهم اللائق بهم بأن يكونوا خاضعين لمنهج الله خالقِهم، حينها يكون هؤلاء باختيارهم النبيل غير المستكبر عن عبادة الله، هم الناس الذين ينتمي إليهم المسلم، على اختلاف قوميَّاتهم وأوطانهم؛ إذ يرتفع المسلم عن كلِّ عامل أرضي جبري، إلى عوامل الاختيار، المتمثلة في العبودية لله - عزَّ وجلَّ - وحده!

 

الهوية القومية والشرعيَّة:

يحلو لبعض القوميين العرب أن يُلبس الحقَّ بالباطل، وأن يستدعي النصوص الشرعيَّة؛ للتدليل على صحة منهجه وسلامة ما يدعو إليه من قوميَّة، فيقول القومي: إن العربية عنصر أصيل، جعَلَه القرآن أساسًا في هذا الدين؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: 2].

 

والواقع أنَّ الآية لا تدلُّ على كون العربيَّة هويَّة للمسلم، أو أنَّ الدعوة القومية لها أصل شرعي، وقد بيَّنا فيما سَبَق مقام العربية في الإسلام؛ فهي جزء أصيل من الثقافة الإسلامية، ولكنَّها لا تشكِّل بذاتها محور استقطاب وانتماء، والآية التي يستدلُّون بها لا تَعني اختصاص العرب بهذا الدين كما يريد القوميُّون؛ حتى يجعلوا من العربية عنصرًا في الهُويَّة! وإنَّما تعني نزول كتاب الله - عزَّ وجلَّ - باللغة العربية، التي هي لغة القوم الذين نزَل عليهم هذا القرآن، وهذا الدين قد أرسَل الله به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى جميع البشر، وليس مختصًّا في فئة قوميَّة من دون الناس، وقد قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: 158]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28].

 

والهوية القومية تتناقض مع قطعيَّات الشرع الحنيف؛ إذ هي تمسُّ ركنًا من أركان التوحيد، وهو ركن "الولاء"، ونودُّ أن نؤكِّد هذا المعنى من خلال نصوص شديدة الارتباط بموضوع التجمُّع على أساس "القومية" والانتماء للناس بناءً عليها؛ يقول تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [الممتحنة: 4].

 

والسياق واضحٌ أشد الوضوح في أنَّ معيار "الانتماء" هو الإيمان، فكونهم من قومهم وأهلهم لَم يؤثِّر في الانتماء لهم، بل كانت قضية "الإيمان بالله وحده"، أو "عبادة الله وحده دون شريك"، هي معيار الانتماء والولاء والبراء، فقد تبرَّؤوا منهم حين عبدوا غير الله؛ لأنَّهم خرجوا من الاتصاف بالإيمان؛ ذلك أن الإيمان المذكور في الآية هو عبادة الله وحده دون شريك، وهو نفسه الإسلام العام[9] .

 

فأين هم القوميُّون العرب "المسلمون" اليوم من هذه المعاني حين يقولون: "إن القومية العربية هي أساس التجمُّع والانتماء، بغَضِّ النظر عن الدين والطائفة والمعتقدات، فالذي يَجمعنا ويوحِّدنا ويَجعلنا أمَّة واحدة، هو كوننا "عربًا"، وليست معتقداتنا أساسًا للتجمُّع والانتماء والهوية!"؟

 

أين هم من معاني الآية الكريمة حين يردِّدون مثل هذه الأقوال؟ بل إن مَطْلَعَ الآية يعلّمنا أنَّ هذا الموقف "أسوة" لنا، وليست الآية مجرَّد سردٍ تاريخي لحكاية سيدنا إبراهيم مع قومه، فعلينا أن نتأسَّى بهم، ونوالي ونعادي على أساس الإسلام، وننتمي للناس ونتآخى معهم على أساس الإسلام، لا على أساس قوميَّاتهم ولغاتهم، ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: 14].

 

فها هو موقف المسيح - عليه السلام - وأنصاره من قومه، لقد انقَسموا إلى "أنصار" مؤمنين، و"أعداء" كافرين، على أساس موقفهم من الإسلام، والله - سبحانه - يأمرنا أن نقتديَ بموقفهم في ذلك، فرغم أنَّ بني إسرائيل هم قومه، فإنَّ كونهم على نفس "القومية"، لَم يشفع لهم حتى ينتمي إليهم، ويكوِّن أمة على أساس الهُويَّة "القوميَّة" معهم، بل تبرَّأ منهم، ولَم يَنتمِ إليهم لَمَّا رَفَضوا الإسلام الذي دعاهم إليه، فالموقف من الإسلام هو الذي يُحدِّد انتماءَنا إلى الناس من عدمه، وليس مجرَّد وجود إنسان يحمل قوميَّتي يحتِّمُ انتمائي إليه، واعتباره منِّي وأنا منه، بل موقفه العقدي والعملي هو معيار انتمائي إليه من عدمه، وهنا تَكمُن إنسانية الإنسان!

 

وفي الحديث الشريف: ((يا أيها الناس، ألا إنَّ ربَّكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألاَ لا فَضْلَ لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمرَ على أسود، ولا لأسودَ على أحمر، إلاَّ بالتقوى، ألا هل بلَّغتُ؟))، قالوا: "بلى يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ الوادعي، الصحيح المسند، حديث صحيح.

 

فمعيار المفاضلة بين الناس بناءً على هذا الحديث هو "التقوى"، وليست الأنساب والقوميَّات والجنسيَّات هي التي تُحدِّد درجات الناس عندنا، ولا هي التي تحدِّد انتماءنا إليهم، ومن جميل ما ورَد في هذا الحديث هو قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وإنَّ أباكم واحد))، فهو يردُّهم إلى أصلهم الإنساني الواحد، ولا تتحقَّق إنسانيَّتهم إلاَّ بأن يكون الكِيان الاختياري للإنسان هو معيار التعامل مع الناس، والمفاضلة بينهم، والانتماء إليهم!

 

وفي هذا القدر من النصوص كفاية لمريد الحقِّ، وفيه كفاية لبيان زَيْف الدعوة إلى الهُويَّة القومية، والاجتماع على أساس العروبة؛ لِما تَحمله هذه الدعوة من سقطات موضوعيَّة كبيرة، وحياد عن إنسانيَّة الإنسان، ومُخالفة للعقيدة الإسلامية وقطعيَّات الشرع الحنيف.

 

والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.



[1] اقرأ - إن شئتَ - كتاب: "أصل الدين عند الأئمة وسلف الأمة"؛ لفضيلة الشيخ عبدالمجيد بن يوسف الشاذلي.

[2] يقول تعالى في سورة آل عمران: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، فنَهَى المسلمين عن التفرُّق، وأمرَهم قبل ذلك بالاعتصام بحبل الله الذي هو القرآن كما يقول المفسرون، وبديهي أنَّ الانتماء حسب مفهوم هذه الآية، لا يكون إلا للإسلام الذي ينبغي للمسلمين أن يعتصموا ويَستمسكوا به.

[3] سيأتي الحديث عن "العنصرية" المتمثِّلة في جَعْل الأصول العِرقية عنصرًا في الهُوية.

[4] هذا هو التفسير الإسلامي للتاريخ.

[5] يتفصَّى؛ أي: يتخلَّص من هذا المضيق.

[6] رسالة في الطريق إلى ثقافتنا؛ للأستاذ محمود محمد شاكر.

[7] ينطبق الأمر على نزعة "الوطنية"، ولكنَّ المقام هو مقام الحديث عن النزعة القوميَّة العربيَّة.

[8] الكِيان الجبري للإنسان: هو الصفات اللاصقة به، والتي ليس له فيها خيار، وعناصر الهويَّة القوميَّة هي عناصر موروثة؛ سواء كانت وراثة بيولوجيَّة كالأصول العِرقية، أو وراثة جيل عن جيل لا يُمكن تغييرها كالتاريخ، أو وراثة يتعلَّمها الإنسان منذ الصغر، ويَرِثها عن أهله، ويَستطيع اكتساب غيرها، كاللغة والثقافة، واللغةُ العربية والثقافة التي يسمُّونها "عربية" في الحالة القوميَّة، موروثاتٌ لا خيار للمرء فيها.

[9] راجع - إن شئتَ - "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"؛ للأستاذ الأديب محمود محمد شاكر، ففيه تفصيل قيِّم عن مكانة العربية في الثقافة الإسلامية وفي حضارة المسلمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخلفية التاريخية لانحراف مفهوم الهوية
  • مشروعات ثقافية إسلامية لدمج الثقافات القومية
  • حكم الدعوة للقومية العربية ونحوها

مختارات من الشبكة

  • النزعات القومية والعنصرية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أخلاقنا القومية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلمانية والدعوة إلى القومية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اختلاط الرجال بالنساء وفكرة القومية عند أتاتورك(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • بريطانيا: الجبهة القومية تستغل مناهضة الإسلام لاستعادة مكانتها(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: انقسامات حول مرشح الجبهة القومية المسيئة للإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألبانيا: عرض كتاب عن دور العلماء في الحركة القومية للألبان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: ازدياد نفوذ الحركات القومية الرافضة لتواجد الأجانب(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: حزب الجبهة القومية يسعى للرئاسة من خلال محاربة الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: زعيمة حزب الجبهة القومية تؤيد تصريحات كاميرون ضد الإسلاميين(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- الهوية القومية
د.معزز اسكندر الحديثي - العراق 30-10-2011 10:04 PM

أؤيد ما ذكره الكاتب المحترم أن فكرة الهوية القومية للأمة العربية نشأت رداً على الخلافة الاسلامية، ولو تصفحنا سير عدد من الذين نادوا بالهوية القومية نجدهم غير مسلمين ولا تريد ان نسمي فهم معروفون.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب