• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

لماذا الهجوم على المادة الثانية من الدستور؟!

محمد وفيق زين العابدين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/2/2011 ميلادي - 11/3/1432 هجري

الزيارات: 9548

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسمِ الله، والحمدُ لله، والصلاة والسلام على أشْرَف المرسَلين نبينا محمد وآله وصحْبه أجمعين.

 

أما بعدُ:

تنصُّ المادة الثانية من الدستور المصري على أنَّ (الإسلام دينُ الدولة، واللُّغة العربية لُغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدرُ الرئيسي للتشريع)، وأصل هذه المادة يرجِع إلى المادة (‏149‏) من الدستور المصري الصادر سنة ‏1923‏، والتي كانتْ تنصُّ على أنَّ: (الإسلام دينُ الدولة، واللغة العربية لُغتها الرسمية)، وقد وُضِع هذا النص باقتراح الشيخ محمَّد بخيت - رحمه الله - في ‏19‏ مايو سنة ‏1922‏، وقد لاقى هذا الاقتراحُ استجابةً سريعةً مِن أعضاء اللجنة المشكلة لوَضْع نصوص هذا الدستور، وقد تمَّت الموافقة عليه بالإجماع بغير تحفُّظ ولا مناقشة، وظل هذا النص يتردَّد في كل دستور يُوضَع للبلاد، ابتداءً بدستور سنة 1923، ومرورًا بدستور‏ سنة 1930، ثم دستور سَنة ‏1956‏، في عهد ثورة ‏23‏ يوليو ‏1952، ثم دُستور سنة ‏1964، ثم دستور سنة ‏1971، ولم يشذَّ مِن ذلك إلا دستور سنة ‏1958‏ في عهد وحْدة مصر مع سوريا؛ إذ لم يكن دستورًا مكتملاً.

 

وقد جرى نصُّ المادة الثانية في ظلِّ دستور سنة 1971 على أنَّ: (مبادئ الشريعة الإسلامية مصدرٌ رئيسي للتشريع)، ثم عُدِّلت المادة بتاريخ  22 مايو سنة 1980 واستبدلت عبارة: (المصدر الرئيسي) بــ: (مصدر رئيسي)، ولعلَّ الفرق بين العبارتين جليٌّ وواضح، فالعبارة الأخيرة لا تمنع مِن وجود مصادرَ أخرى للتشريع، بخلافِ الأولى التي دخَل على لفظيها الألف واللام بما يُفيد الحصر، وبمقتضى هذا التعديل أتى المشرِّع الوضعي بقيْد على السلطة التشريعية، مؤدَّاه إلزامها فيما تُقرِّره مِن النصوص التشريعية بأن تكون غيرَ مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعدَ أن اعتبرها الدستورُ أصلاً يتعيَّن أن ترد إليه هذه النصوص، أو تستمد منه لضمان توافُقها مع مقتضاه.

 

ومؤدَّى هذا النص: أنه لا يجوز لنصٍّ تشريعي يصدر في ظلِّه أن يناقضَ الأحكام الشرعيَّة القطعية في ثُبوتها ودلالتها معًا، باعتبار أنَّ هذه الأحكام وحْدَها هي التي يمتنع الاجتهاد فيها؛ لأنَّها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التي لا تحتمل تأويلاً أو تَبْديلاً، ومن غير المتصوَّر بالتالي أن يتغيَّر مفهومها تبعًا لتغيُّر الزمان والمكان؛ إذ هي عصيةٌ على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها.

 

وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنِ ذلك على مراقبة التقيُّد بها وتغليبها على كلِّ قاعدة قانونية تعارضها؛ ذلك أنَّ المادة الثانية من الدستور تُقدِّم - على هذه القواعد - أحكامَ الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية؛ إذ هي إطارها العام وركائزها الأصيلة التي تفرض مُتَطلباتها دومًا بما يَحوُل دون إقرار أيَّة قاعدة قانونية على خِلافها، وإلا اعتبر ذلك إنكارًا لما هو معلومٌ مِن الدِّين بالضرورة، وهو ما أكَّدتْه أحكام المحكمة الدستورية العليا في أحكامها المتعاقِبة.

 

فإذا ما صَدَر نصٌّ أو قانون يُخالف مبادئ الشريعة الغرَّاء وأحكامها، يمكن لكلِّ مَن يهمُّه الأمر - بشأن قضية هو أحد أطرافها - أن يطْعَن عليه أمامَ المحكمة الدستورية العليا، فإذا ما قضتِ المحكمة الدستورية بمخالفة النصِّ المطعون عليه لأحكام الشريعة، فإنَّ مُقتَضى نصِّ المادتَيْن (48) (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكونَ لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حُجية مُطلقة في مُواجَهة الكافَّة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة؛ باعتباره قولاً فصلاً في المسألة التي فصل فيها، وهي حُجِّية تَحُول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرْحه عليها مِن جديد لمراجعته.

 

وجديرٌ بالذِّكْر أنَّ تُحرر بعض القوانين كتِلك التي تخصُّ الجرائم والعُقُوبات، وامتداد عقود الإيجار القديمة غير محدَّدة المدة وغيرها عن القَيْد الدستوري المذكور؛ فذا لأنَّ إلزام المشرع الوضعي باتِّخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع - بعد تعديل المادة الثانية من الدستور - لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدُر بعد التاريخ الذي فرَضَه فيه هذا الإلزام؛ بحيث إذا انطوى أيٌّ منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قدْ وقع في حومة المخالفة الدستورية، أمَّا التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فإنها بمنأًى عن الخضوع لهذا القيْد، ولا يتأتى إنفاذ حُكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فِعلاً قبل فرْضه، وأيًّا ما كان الأمر، فلئن كانتْ بعض القوانين بمنأًى عن الخضوع للقيْد الدستوري باحترام مبادئ الشريعة الإسلامية وعدم جواز مخالفة أحكامِها، فإنَّ القاعدة الكلية تَقضي بأن (ما لا يُدرك كلُّه، لا يُترك كله).

 

وقد تعرَّضت المادة الثانية من الدستور لعدة حملات مِن المغرضين والعلمانيِّين، والمحاربين للإسلام وشريعته الغرَّاء، يطالبون تارةً بحذفها؛ فيقول سليم نجيب - قاض سابق بمحكمة مونتريال بكندا ومحام وكاتب نصراني: "العلمانية تعني ببساطة فصلَ السلطتين الدِّينيَّة والسياسية، مع ضمانِ احترام المعتَقدات الدِّينية والهُويات الثقافية والرُّوحية للشعوب والمجتمعات... إنَّ النصَّ الرسمي على دِين الدولة ليس موجودًا في أيِّ دولة مدنية محترَمة في العالم أجمع.. إنَّ تلك المادة التي صَبغت الدولة صبغةً دِينية تنتهك انتهاكًا صارخًا المواد (18) مِن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك الاتفاقية الدولية بشأن الحُقُوق المدنيَّة والسياسيَّة، وكذلك المادة الثانية مِن القرار رقم 47 لسنة 135 بشأن إعلان حقوقِ الأشخاص المنتمين إلى أقليات دِينية الصادرة في ديسمبر 1992 مِن الجمعية العامة للأمم المتحدة"؛ "مجلة الحوار المتمدن" بتاريخ 27 / 12 / 2006.

 

ويقول جاك عطا الله - طبيب نصراني وأستاذ بجامعة كاليفورنيا -: "تنصُّ المادة الثانية من الدستور المصري والمتَّهمة بتلويث البيئة السياسية والدِّينيَّة في مصر على الآتي: منذ تاريخ إدخال المادة الملوثة للدستور عام 1971، ثم إضافة الألف واللام لهذه المادة السَّرطانية عام 1980، والتي قام بها المغدورُ السادات لإنشاءِ دولة دِينية في مصر بتحالُف كاثوليكي مع الجماعات الإسلاميَّة لتثبيت حُكْمه، تلوثت البيئة المصرية بمبيد أشدَّ فتكًا من الدي دي تي، ومن التي إن تي، حان الوقت لنقول لهذه المادة الحمقاء والشريعة التي تستند عليها: كفاكم! لقد قرفنا من هذه المادة ومِن تراثها السقيم، ومن الآن لن نقبل هذا الاستحمارَ العلني، لن نقبل استعبادنا داخل وطننا"؛ "مجلة الحوار المتمدن"، بتاريخ 19 / 2 / 2007.

 

وتارةً يُطالبون باستبدال عبارة: (الشرائع السماوية) بــ: (الشريعة الإسلامية)، وهو ما طالب به العلمانيُّ المعروف سعد الدين إبراهيم - مدير مركز ابن خلدون للدراسات - أكثر مِن مرَّة، وفي ذلك يقول: "إنه كان يتمنَّى أن يتم تغيير المادة الثانية من الدستور المصري التي تقضي بأنَّ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وقال: تقدمنا بتعديل يَقضي بأنَّ الشرائع السماوية مصدرٌ أساسي للتشريع"؛ "مجلة نيوزويك" بتاريخ 1 / 5 / 2007.

 

والآن تعلو أصوات المطالبين بحذفها أو بالرجوعِ بها إلى نصِّها الأول قبل تعديل 22 مايو سنة 1980.

 

واستنادًا لنصِّ المادة الثانية من الدستور، وإعمالاً لحُكمها، فقد قضَتِ المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية عدَّة نصوص قانونية خالفتْ أحكام الشريعة الإسلامية؛ منها:

1- نص المادة الأولى منَ القانون رقم 241 لسنة 1944 بفَرْض رسم أيلولة على الترِكات فيما قُضي به من فرض ضريبة على صافي ما يؤول مِن أموال إلى كلِّ وارث أو مستحق في تَرِكة من يُتوفَّى، وتستحق هذه الضريبة من تاريخ الوفاة، وفي شأن ذلك قضَتِ المحكمة بأنَّ (أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تُعيِّن الورثة وتحدِّد أنصبتهم، وتبيِّن قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وهذه الأحكام جميعها قطعيَّة الثبوت والدَّلالة، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يُعتبر مضمونها ساريًا في شأن المصريِّين جميعًا ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعًا على تطبيق مِلَّتهم، وكان ما تقدَّم مؤداه أنَّ الشريعة الإسلامية تُعتبَر مرجعًا نهائيًّا في كل ما يتَّصل بقواعد التوريث، ومِن بينها إذا كان الشخص يعتبر وارثًا أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التي يجوز توزيعُها بيْن الورثة، ونصيب كلٍّ منهم فيها؛ إذ يقوم الورثة مقامَ مورِّثهم في هذه الحقوق، ويحلون محلَّه في مجموعها، وبمراعاة أنَّ توزيعها شرعًا لا يجعلها لواحد مِن بينهم يستأثر بها دون سواه، ولا يخول مورثهم سلطةً عليها فيما يجاوز ثُلثها؛ ليوفرَ بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مالُ الأسرة بين آحادها بما يوثق العلاقة بينهم ولا يُوهنها، وتلك حدود الله تعالى التي حتم التقيُّد بها، فلا يتعدَّاها لأحد بمجازاتها" [الطعن رقم 28 لسنة 15 ق بجلسة 5 / 12 / 1998].

 

2- نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأنِ تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجِّر والمستأجر، وذلك فيما نصَّتْ عليه مِن استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطًا تجاريًّا أو صناعيًّا أو مهنيًّا أو حرفيًّا، في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلِّي هذا المستأجر عنها، وفي شأن ذلك قضت المحكمة بأن (الأصْل في الأموال - وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وركائزها الثابتة - أنَّ مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه مرجعُها، مستخلفًا فيها عبادَه الذين عهِد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسؤولين عمَّا في أيديهم مِن الأموال لا يُبدِّدونها أو يستخدمونها إضرارًا؛ يقول تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [الحديد: 7]، وليس ذلك إلا نهيًا عنِ الولوغ بها في الباطِل، وتكليفًا لولي الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يكْفُل المقاصدَ الشرعية التي ترتبط بها، والتي يُنافيها أن يكون إنفاقُ الأموال عبثًا أو إسرافًا أو عدوانًا أو متخذًا طرائقَ تناقض مصالِح الجماعة، أو تخل بحقوق الغير أولى بالاعتبار، وعلى وليِّ الأمر بالتالي - وصونًا للملكية مِن تبديد عناصرها - أن يعمل مِن خلال التنظيم التشريعي، على ألاَّ تكون نهبًا لآخرين يلحقون بأصحابها ضررًا بغير حق، أو يُوسِّعون من الدائرة التي يمتدُّ الضرر إليها؛ ليكونَ دفْع الضرر قدْرَ الإمكان لازمًا، فإذا تزاحَم ضرران، كان تحمُّل أهونهما واجبًا؛ اتقاءً لأعظمهما، وكلما كان الضرر بينًا أو فاحشًا، فإنَّ ردَّه يكون متعينًا، بعدَ أن جاوز الحدود التي يُمكن أن يكونَ فيها مقبولاً" [الطعن رقم 4 لسنة 15 ق بجلسة 6 / 7 / 1996].

 

3- نص الفقرة الأولى من المادة 72 مِن لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس فيما تضمَّنه من نقل حضانة الصغير عن أمِّه إلى أبيه إذا كان حُكم الطلاق صادرًا لمصلحته [الطعن رقم 151 لسنــة 20 ق بجلسة 3 / 6 / 2000].

 

4- نص الفِقرة الثانية من البند الأوَّل من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمْع التدليس والغش، فيما تضمنه من افتراض العِلم في جانب المشتغلين بالتجارة أو الباعة الجائلين بغشٍّ أو فساد ما يعرضه من أغذية ما لم يُثبت المخالفُ حسن نيته، مُنشِئًا بذلك قرينة قانونية تَكفي لأن تكونَ دليلاً على ثُبوت واقعة العِلم بغشِّ أو فساد السلعة، والتي كان يَنبغي أن تتولَّى النيابة العامَّة بنفسها مسؤولية إثباتها في إطار التزامها الأصيل بإقامةِ الأدلَّة المؤيدة لإسنادِ الجريمة بكامل أركانها إلى المتَّهم، وبوجه خاصٍّ القَصْد الجنائي العام ممثلاً في إرادة إتيان الفِعل مع العلم بالوقائع التي تُعطيه دَلالتَه الإجرامية، وفي ذلك قضَتِ المحكمة بأنَّه: (تتمثَّل ضوابط المحاكمة المنصِفة في مجموعة من القواعد المبدئية التي تعكس مضامينَها نظامًا متكاملَ الملامح، يتوخَّى بالأسس التي يقوم عليها صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءةِ استخدام العقوبة بما يُخرِجها عن أهدافها، بل يتعيَّن أن تلتزم هذه القواعدُ مجموعةً من القيم التي تكفُل لحقوق المتَّهم الحد الأدنى من الحماية، التي لا يجوز النزولُ عنها أو الانتقاص منها، وهذه القواعد وإنْ كانت إجرائية في الأصل، إلا أنَّ تطبيقها في مجال الدعوى الجنائية وعلى امتدادِ مراحلها يؤثِّر بالضرورة على محصلتها النهائية، ويَندرِج تحتَها أصلُ البراءة كقاعدة أوليَّة تمليها الفِطرة، وتفرِضها مبادئ الشريعة الإسلامية في قوله - عليه السلام -: ((ادْرَؤوا الحدودَ عن المسلمين ما استطعتُم، فإن وجدتُم للمسلم مخرجًا فأخلوا سبيله؛ فإنَّ الإمام لأن يُخطئ في العفو خيرٌ مِن أن يخطئ في العقوبة))؛ [الطعن رقم 31 لسنة 16 ق بجلسة 20 / 5 / 1995].

 

ولم يَقِفِ الأمر عندَ هذا الحد، بل أكَّدت على شرعية بعض النصوص القانونية وجريانها على أحكام الشريعة الإسلامية، وكانتْ محلَّ خلاف وطعن من البعض؛ بزعم مناقضتها للمبادئ العامَّة للحريات والمساواة والتضامن الاجتماعي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

1- نص الفقرة الأولى من المادة الأولى مِن القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدَّل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فيما قضَى به من إلزام الزوج بنفقة زوجته ولو كانتْ موسرةً، وفي ذلك قضتِ المحكمة بأنَّ (مِن المقرَّر شرعًا - وعلى ما اطَّرد عليه قضاءُ هذه المحكمة - أنَّ نفقة الزوجة مناطها احتباسها لحقِّ زوجها عليها - ولو كانتْ موسرةً أو مختلفة معه في الدِّين - ليملك زوجها عليها تلك المنافع التي ينفرد بالاستمتاع بها بحُكم قصرها عليه بإذن مِن الله تعالى، ومِن خلال تسليمها نفسَها لزوجها تسليمًا فعليًّا أو حُكميًّا، والنفقة بذلك حقٌّ ثابت لها على زوجها في نِكاح صحيح، ومِن ثم كان احتباسها أو استعدادها لتمكين زوجها منها سببًا لوجوبها، وكان قدرُها مرتبطًا بكفايتها، وبشرْط ألا تقلَّ عما يكون لازمًا لاستيفاء احتياجاتها الضرورية؛ امتثالاً لقوله - تعالى -: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7] - وهذا الحُكم الشرعي الذي ردَّده النصُّ التشريعي في الفِقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 يستند إلى مبادئِ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدرَ الرئيسي للتشريع، وهو مِن الأحكام الشرعية المقطوع بثبوتها ودَلالتها، والتي يكون الاجتهادُ فيها ممتنعًا؛ لأنها تمثِّل من الشريعة الإسلامية أصولَها الكلية التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، الأمر الذي يتَّفق فيه النصُّ الطعين مع حكم المادة الثانية من الدستور.. وحيث إنَّه متى كان ما تقدَّم، وكان النص الطعين فيما قضَى به مِن إلزام الزوج بنفقة زوجتِه ولو كانت موسرةً، ليس له مِن صلة بنص المادة السابعة من الدستور التي تنصُّ على أن يقومَ المجتمع على التضامن الاجتماعي، كما لا ينال مِن الحماية الدستورية لحقِّ الملكية المقررة بنص المادتين (32) و(34) من الدستور، ولا يعطل دور السلطة القضائية، ولا ينال من استقلالها، ومِن ثَمَّ فلا مخالفةَ في حُكمه لأيٍّ من نصوص المواد (68) و(69) و(165) و(166) من الدستور) [الطعن رقم 23 لسنة 20 ق بجلسة 15 / 4 / 2007].

 

2- نص الفقرة الخامسة من المادة 20 التي تنصُّ على أن (يثبت الحقُّ في الحضانة للأم، ثم للمحارم مِن النساء، مقدمًا فيه مَن يُدلي بالأم على مَن يُدلي بالأب، ومعتبرًا فيه الأقرب مِن الجهتين على الترتيب التالي: الأم، فأم الأم وإن علت، فأم الأب وإن عَلَت، فعمات الأب بالترتيب المذكور..)، وفي ذلك قضتِ المحكمة بأن: (ليس ثمة نصٌّ قطعي يقرر حُكمًا فاصلاً في شأن ترتيب الحاضنات - بعدَ الأم - فيما بينهنَّ، ومِن ثَم يكون باب الاجتهاد في هذا النطاق - عن طريق الأدلَّة الشرعية النقليَّة والعقليَّة - مفتوحًا فلا يصد اجتهادٌ اجتهادًا، أو يكتسب عصمة مِن دونه ولا يقابل اجتهاد على صعيدِ المسائل التي تُنظِّم الأسرة بغيره إلا على ضوْء أوضاعها وأعرافها، بما لا يناقض شريعةَ الله ومنهاجه، واتَّفق الفقهاءُ أصحابُ المذاهب على أنَّ أم الأم - التي تُدلي إليها مباشرةً - تَلي الأمَّ في ترتيب الحاضنات، فقدْ قال الحنابلة: ثبوت الحضانة للأم، ثم أمها، ثم أم أمها، وهكذا ثم الأب ثم أمهاته، والشافعية على أنَّه إذا اجتمع الذكور مع الإناث فتُقدَّم الأم على الأب، ثم أم الأم وإن علَت، بشرْط أن تكون وارثةً، ثم بعدهن الأب، ثم أم أمه وإن علت إذا كانتْ وارثة، ويرى الحنفيةُ - ومعهم المالكية - أن أحقَّ الناس بحضانةِ الصغير بعد أمِّه أمها وإن علَت، وهذا هو ما نحاه النصُّ الطعين بما ارتآه محققًا مصلحةَ الصغير، وعليها مدار الحضانة - مستلهمًا بذلك مقاصدَ الشريعة الكلية دائرًا في فلك الأصول العامَّة لها) [الطعن رقم 164 لسنة 19 ق بجلسة 3 / 7 / 1999].

 

3- نص المادة 12 من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، وفي شأن ذلك قضتِ المحكمة بأن (الأحْكار مأخوذةٌ أحكامها أصلاً من الشريعة الإسلامية التي شرعتْها لتعمير أعيان تَمَّ وقْفُها، وليس بيدِ ناظرها مِن غلَّتها ما يَكفي لإصلاحها، وكان استبدالها متعثرًا كذلك، ولا يوجد مَن يطلبها بأُجرة تغلُّها للإنفاق منها على ما يعمرها) [الطعن رقم 73 لسنة 19 ق بجلسة 7 / 2 / 1998].

 

4- نص الفقرة الأخيرة من المادة 11 مكررًا ثانيًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدَّل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بشأن تمهُّل المحكمة قبلَ التفريق بيْن الزوجين، وفي شأن ذلك قضَتِ المحكمة بأن (نص المادة 11 مكررًا ثانيًا من المرسوم بقانون المشار إليه قد توخَّى بالإجراءات التي أنشأها - على تتابع حلقاتها وأحكامها - أن تتروَّى الزوجة في طلب التطليق؛ حفاظًا على عُرَى الزوجية مِن أن تنفصم، وسدًّا لذريعة أن تهتبل الزوجة دعوةَ الزوج لها بالعودة إلى بيت الزوجية، فتبادر إلى إبداءِ طلب التطليق بمجرَّد إعلانها بتلك الدعوة، كما تغيا تمهل المحكمة قبلَ التفريق بين الزوجين، فألزمها ببذلِ الجهد في الإصلاح بينهما؛ إعمالاً لقوله - تعالى -: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]؛ أي: خير مِن الفراق - وأوجب عليها أن تَسْعَى بينهما بالمعروف ناظرةً في أحوالهما، مستوضحةً خفاياها، وأن تلتمس لذلك كل الوسائل توجيهًا وتبصيرًا وتوفيقًا، فإنِ استبان لها جهدُها قصر عن بلوغ الأغراض التي توخَّاها، وإن خلافهما قد استحَكَم بينهما كان عليها أن تُحيل أمرهما إلى حَكَمين أو ثلاثة - لمعاودة السعي الإصلاح بينهما - ممَّن لهم خبرة بحال الزوجين وقُدرة على التوفيق وإزالة الخِلاف بينهما؛ كيما يتعرَّفوا حالهما ويستظهروا ما خفِي بينهما مِن أسباب النفور لإزالةِ رواسبها؛ امتثالاً لقول الحقِّ سبحانه: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35]، فإذا ثبَت بعد استنفاذِ السُّبل متقدِّمة الذكر أنَّ الأسرة لا يصلحها خصامٌ استفحل مداه، فمزق تماسُكها ووحدتها، ودهمها بالتالي تباغُض مستفحل، بما يصدُّ عنها التراحم والتناصُف، والمودَّة والرحمة، وكان النصُّ الطعين إذ أجاز - في نهاية المطاف - التفريق بيْن الزوجين أمضهما نزاع متأصل قد هيَّأ لهما مخرجًا يردُّ عنهما الحرَج، ويرفع الضرر ويُزيل العسر، فلا تكون حياتُهما وزرًا وهضمًا، ولا عوجًا وأمتًا، وكان ذلك كله واقعًا في إطار الشريعة الغرَّاء بما لا يُنافي مقاصدَها وبمراعاةِ أصولها) [الطعن رقم 197 لسنة 19 ق بجلسة 3 / 4 / 1999].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وما نيل المطالب بالتمني
  • نعم مع الإصلاح ولكن...!
  • الإسلاميون وحرب الأكاذيب
  • اختيار رئيس الجمهورية.. رسالة إلى الإسلاميين

مختارات من الشبكة

  • الهجوم على العلماء والدعاة.. لماذا؟!(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • لماذا لا أدري لكن لماذا؟(استشارة - الاستشارات)
  • لمـاذا؟!(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • الهجوم على السنة قديما وحديثا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزكاة: فضائلها وأحكامها وأهلها، واستنكار الهجوم الإرهابي على محطتي الضخ البتروليتين(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الزكاة: فضائلها وأحكامها وأهلها، واستنكار الهجوم الإرهابي على محطتي الضخ البتروليتين(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تعليق موجز حول الهجوم الإرهابي على المصلين في نيوزيلاندا وكيف ننصرهم؟(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الإمام الشافعي بين أقلام المنتقدين، ودعاوى المتعالمين، وتبيان المنصفين: قراءة لأسباب الهجوم على الشافعي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطر الهجوم على العفاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درء الهجوم على السلفية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)

 


تعليقات الزوار
3- فلتخرس الألسنه الفاشله الضالة
مسعد رضوان - جمهوريه مصرالاسلاميه 18-02-2011 11:19 AM

نعم فلتخرس الألسنه الفاشله الضالة لتعلم أن الغرب والشرق الملحد الكل الآن ينادى بتطبيق شريعة الله الحقة وهى الإسلام وبدون تحيز أوعنصريه الحق أحق أن يتبع فكفاهم غباءً.

2- أنستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟
غادة - مصر 17-02-2011 10:40 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد..
فلا أحسب أن مسلما عاقلا يقبل بأن يُحكَم بشرع بشر مثله يخطئ ويصيب ويُسخِّر حياته وماله لحكمه، ويدع حكم خالقه ومولاه الحكيم الخبير.
لأنني لا أظن أن أحدا يختار خسارة الدنيا والآخرة، وقد علمنا أن الحكم بما أنزل الله فريضة دينية وليس أمرا اختياريا..

1- (إن الدين عند الله الإسلام)
tyr - مصر 16-02-2011 06:50 AM

لا بديل للماده الثانيه والشعب المصرى ديانته الإسلام ولا مبدل لشريعه الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب