• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

أسطورة اسمها علم النفس

د. أحمد إبراهيم خضر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2010 ميلادي - 1/12/1431 هجري

الزيارات: 34329

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسطورة اسمها علم النفس

عقم في النظرية، قصور في المنهج، سطحية في النتائج، وازدراء للدين


في كتابة (أزمة علم النفس المعاصر) أقر البروفيسور "جيمس ديز James Deese" أستاذ علم النفس بجامعة (جونز هوبكنز) بالولايات المتحدة بعدة حقائق، تحتاج إلى وقفة تعيد النظر في تصورات الناس إلى علم النفس على أنه العصا السحرية التى ستعيد البسمة إلى شفاه الخائفين، والقلقين، والمكتئبين، والباحثين عن السعادة، ومن يعانون من أمراض لا يجدون لها سببا ولا سبيلا للشفاء منها، ثم يفاجئون بأنه قد أخفق في تحقيق وعده العظيم لهم بالشفاء أوالسعادة. (جيمس ديز، أزمة علم النفس المعاصر ترجمة سيد أحمد عثمان 1980).

 

أقر (ديز) بأن السحر والخداع شائعان جدا في علم النفس، وأن مثل هذا التفكير منتشر في النظريات النفسية. وفي مقدمة الفصل الأول بكتابة المذكور يقول (ديز) بصراحة واضحة:

(إن علم النفس في أزمة، وقد كشفت حالة الأزمة هذه عن نفسها بشكل قوى في عدم الثقة المتزايدة في المنهج العلمي عامة وفي الطريقة التجريبية بصفة خاصة، وإنا لنجد  فقدان الثقة هذا عند كل المعنيين بالمشكلات النفسية من طلاب وممارسين وباحثين. وعلى الرغم من أن كتب علم النفس ومتونه مستمرة في تقديم وجهات النظر القديمة في علم النفس على أنها علمية، فما من أحد من بين مؤلفي الكتب المدرسية أنفسهم من يؤمن بصحة وجهات النظر القديمة هذه، بل ينظر إليها علي أنها دليل واضح على العجز وعدم الجدوى، وهذا الإحساس واسع الانتشار ليس بين طلاب علم النفس فقط، بل بين بعض المتخصصين فيه. أما عن علم النفس الحديث فإن بعض الناس يجدون فيه من الأمور الخاطئة ما يبرر زعمهم بأن: "علينا أن نتخلى كلية عن الجهد العلمي في علم النفس والاعتراف بأن علم النفس يجب أن ينضم إلى عالم الأسطورة والوهم ".

 

يقر (ديز) بأنه يمكن النظر إلى علم النفس علي أنه لا يخرج عن كونه  حشدا متنافرا من اجتهادات فكرية شديدة التباين والإختلاف وأن الطلاب الذين يدرسون مقررات علم النفس التمهيدية يشكون بشدة من أن مقرر علم النفس ما هو إلا كومة من الأمشاج والأخلاط المتنافرة وغير المتماسكة.(ص123). أما عناوين كتب علم النفس المدرسية فإنها لا تعكس في نظر (ديز) نظاما ولا وضعا ضروريا ولازما.(ص152).

 

النظريات النفسية عند (ديز) نظريات يغلب عليها البدائية وليست ذات نفع، كما لا توجد في النظريات النفسية طريقة متفق عليها لتحديد وتقنين كافة الوصلات الرهيفة والدقيقة التي يزعم أصحابها أنها قائمة بين المتغيرات المختلفة للنظرية. (ص44).

 

ويذكرنا (ديز) بأن فلاسفة العالم قد أجمعوا في أوائل القرن العشرين علي أنه ليست بين أيدينا طريقة نعرف بها ما إذا كانت نظرية من النظريات العلمية صحيحة إلى الآن،  وأنه ليس بمقدورنا أن نحدد صحة نظرية علمية من خطئها  باختبار حاسم واحد (ص62). يقول " ديز" أيضا:

" للنظريات النفسية فوائد متعددة ومتنوعة. إنها تسد حاجات مرتبطة بالأسطورة أو بالتغيرات الأسطورية، ولما كانت الأساطير غير موضوعة لتعطينا معرفة، فإن قيمتها المعرفية متدنية، ولكنها وضعت وصممت لإدخال الراحة والطمأنينة إلى القلب ولتحقيق نوع من الإشباع الجمإلى. وعلي الرغم من هذه النظرة الساخرة  التي تذهب إلى أن نظريات علم النفس ليست سوى أساطير، فالواقع هو أن الحد الفاصل بين النظرية والأسطورة ليس حدا بينا وقاطعا.

 

إن بعض النظريات النفسية حتى تلك التي تتخذ طابعا شكليا وتتميز بالوضوح، يجب أن ينظر إليها أساسا علي أنها أساطير كذلك... إن الكثير من الأفكار التي أدمجت في علم النفس هي من قبيل الأسطورة. هناك جانب كبير من أفكار التحليل النفسي الكلاسيكي مصاغ في إطار أسطوري، لكن صياغتها توهم بأن فيها  نوعا من القوى الاستكشافية. وليس من قبيل الصدفة أن نجد النظريات ذاتها مصاغة بلغة الأسطورة والدراما القديمة ".(ص 70 – 72).

 

لننتقل الآن إلى نقطة أخرى وهي بطلان الأساس الذي اعتمد عليه علم النفس ليكون (علما):

واقع الأمر أن علماء النفس كانوا قد شغلوا أنفسهم لسنوات طويلة في صياغة علم النفس وفق نمط الفيزياء تحت مظلة وحدة العلوم،  فنقلوا نقلا شاملا وأعمي هذه التصورات النظرية التي تمثل أدوات بحث في العلوم الطبيعية إلى علم  النفس، وصاغوا بعض النظريات النفسية في شكل رياضي تحليلي اعتمادا علي الاستدلال الإحصائي في ضوء سيادة فكرة التجريب والاستعمال الشائع لمصطلحات مثل المتغير التابع والمتغير المستقل (ص20)، وكانت حصيلة هذا النقل الشامل الأعمى أن وجد النفسانيون أن محاولة إقحام الطريقة العلمية قد أدت إلى تفاوت بين مغزى علم النفس ومعناه، وبين تفاهة المشكلات التي يدرسها، الأمر الذي أفزع طلاب علم النفس وأساتذته على السواء (ص55).

 

ويقر علماء النفس بأن الذي دفعهم ودفع العلماء الاجتماعيين عامة إلى اعتبار الفيزياء (النموذج الأصلي لهم) هو الغموض واللايقين المرتبطين بمادة دراستهم،  مما جعلهم يشعرون بضغط شديد دفعهم دفعا إلى محاولة الارتفاع إلى مستوى هذا النموذج (ص58). أضف إلى ذلك أن هيبة علماء الفيزياء كانت تعتمد على قدرتهم علي الاستفاده من الرياضيات في اشتقاق فروض قابلة للاختبار، وهذا قد أدى إلى شعور علماء النفس الباحثين عن الهيبة المفقودة بالـ (الغيرة) منهم، مما دفعهم إلى استخدام الطرائق ذاتها التي استخدمها الفيزيائيون في صياغة فروض معينة، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، فقد أتت بعض النظريات النفسية بحيث لا يمكن التمييز بينها وبين النظريات الفيزيائية من حيث الشكل واستخدمت الإجراءات الكمية وأدواتها لتغطية تصورات (هزيلة)، إلى درجة أن بعضا من النفسانيين أدانوا إدانة شاملة كل منهج الرياضيات وأدواته (ص 31)،  كما أدانوا كذلك النتائج التي ترتبت علي استخدام المنهج التجريبي ووصموها بالتفاهة والعشوائية، وأقروا كذلك بأن ضياع كثير من البحوث الجارية الآن إنما يعود إلى أن المنهج التجريبي غير قابل للتطبيق علي كثير من مشكلات علم النفس، وأنه وإن كانت المشكلات التي يختارها النفسانيون اليوم للدراسة ليست مشكلات تافهة فإن المناهج التي تبحث بواسطتها هذه المشكلات كثيرا ما تهبط بها إلى هاوية التفاهة. (ص50-51).

 

أقر علماء النفس أيضا بأن التجارب النفسية تعتمد أصلا علي الهوى الذاتي من قبل المجرب، ومن ثم فإن تفسير نتائج تجربة معينة يعتمد علي التصور المكون سلفا عند صاحب التجربة، أكثر من اعتماده علي نتائج هذه التجربة. (ص45). أى أن حرص علماء النفس على اعتناق المنهج التجريبي لم يقف حائلا دون وقوعهم في خطأ خلط معتقداتهم الخاصة بالوقائع التي تحت الدراسة.(ص36).

 

ويمكن تفسير هذا المأزق لعلم النفس بأن علم النفس قد ظهر إلى الوجود - كما يعتقد علماؤه - كاملا تماما كما هو الحال بالنسبة إلى ظهور ما يسمي بآلهة أثينا. وأن علم النفس قد ولد في عصر أصبح الناس يدركون فيه أن هناك شيئا أسمه العلم وأن لهذا العلم مكانة خاصة في حياة الناس وفكرهم.(ص67).

 

ولكن ماذا كانت نتيجة ذلك؟ اعترف النفسانيون بأن محاولة علم النفس محاكاة العلوم الطبيعية والأساليب العملية في الوزن والحساب جعلت هذا العلم يعالج كل شيء ما عدا الروح فقد حاول هذا العلم أن يفهم مظاهر الإنسان التي يمكن فحصها في المعمل ونظر إلى الشعور والقيم ومعرفة الخير والشر على أنها  تصورات ميتافيزيقية تقع خارج مشكلات علم النفس ولهذا كان اهتمامه منصبا في أغلب الأحيان علي مشكلات تافهة تتمشي مع منهج علمي مزعوم، بدلا من أن يضع مناهج جديدة لدراسة مشكلات الإنسان الهامة. وهكذا أصبح علم النفس علما يفتقر إلى موضوعه الرئيسي وهو الروح، وعني فقط بالميكايزمات وتكوينات ردود الفعل والغرائز دون أن يعني بالظواهر الإنسانية المميزة للإنسان أشد التمييز كالحب والعقل والشعور والقيم.

(إريك فروم، الدين والتحليل النفسي (ترجمة فؤاد كامل ص 11).

 

أما عن ازدراء علم النفس للدين، فإنه علي الرغم مما أبداه العلماء الاجتماعيون المعاصرون من مصالحة بين العلوم الاجتماعية والدين وإقراراهم بأن للدين دوراً هاماً في التماسك الاجتماعي والتوازن النفسي فإنهم لا يزالون يصرون على منطلقاتهم الخاصة في النظرة إلى الدين التي لخصوها في مقولاتهم: بأن (الله قد مات) وأن (الدين من صنع الإنسان) وأن (ادعاءه بالحقيقة أدعاء باطل) وبأنه (خداع عظيم) وأنه (وإن كان يحتوى علي حقيقة فإن هذه الحقيقة تختفي في الأساطير والطقوس الوهمية للدين) وأن (رموز الدين التي يعتقد فيها الناس ليست صادقة) إلى غير ذلك من هذه المقولات / (أحمد إبراهيم خضر، علماء الاجتماع وموقفهم من الإسلام، المنتدى الإسلامي، لندن (ص 177 - 192).

 

ولم يخرج علم النفس عن سائر العلوم الاجتماعية التي أعلنت أنها جاءت لتحل محل الدين يقول (ديز) في عبارة صريحة لا مجال فيها لأي لبس: (إن تعاليم علم النفس الحديث ووقائعه وتحيزاته قد حلت إلى حد بعيد محل الدين والمعتقدات)... إن هذا القرن هو قرن علم النفس فبعد أن كان الدين والقيم القديمة من قبل هي المصدر الرئيسي للقيم التي علي الإنسان أن يعيش وفقا لها، جاءت أهداف متنوعة من ضمنها نهوض علم النفس ذاته وتضافرت جميعها لإنتاج مجموعة جديدة من القيم تحكم الاهتمام الاجتماعي وتوجهه وهي قيم في مجملها نفعية وقيم متعة  ولذة، تركز علي طبيعة عملية الحياة ذاتها، وعلي تحسين الذات والتقدم الشخصي أكثر من تركيزها علي أهداف الحياة البعيدة.... وفي ضوء ذلك عمل الممارسون الاجتماعيون على تأسيس أهداف وأخلاقيات وجزماليات جديدة للعالم الحديث. (ديز 173 – 175).

 

ويعتقد النفسانيون أن نفوذ علم النفس وتأثيره سوف ينمو ويتزايد في المستقبل ليس هذا لأن علم النفس سيجد نفسه بالضرورة قادرا علي حل أكبر قدر من مشكلات المجتمع أو لأن اكتشافات جديدة مذهلة يرتقب صدورها من الآن، ولكن ببساطه لأن المجتمع كما يتصور العلماء الاجتماعيون لا يجد مكانا آخر يلتمس عنده الوجهة والتوجه بعد أن قضي علي الدين قضاء مبرما. وهذا هو ما عبر عنه (لندبرج) في مقولته الشهيرة. "أننا إذا لم نؤمن بالعلوم الاجتماعية فبم نؤمن؟" (خضر، ص 138).

 

لقد نمت العلوم الاجتماعية في المجتمع الأمريكي علي سبيل المثال في وضع كانت تحظي فيه باحترام هامشي إلى أن احتلت الآن مواضع ذات نفوذ وتأثير كبيرين في المجتمع، ويرجع هذا إلى سبب واحد وهو أنها ملأت الفراغ الذي خلفه أفول المؤسسات والأفكار الأقدم (أي الدين).

 

لقد شهدت السنوات الأولي من القرن العشرين نموا كبيرا في فلسفة علم النفس وبرزت هناك فكرتان تركتا يصماتهما علي هذا العلم. هاتان الفكرتان هما (الوضعية المنطقية) و (الإجرائية) وبدون الدخول في تفاصيل هاتين الفكرتين فإن الذي يهمنا منهما هو أنهما ترفضان تماما أيه تفسيرات (دينية) عن الحقيقة والمعرفة، وتتركز محكات الحقيقة والمعرفة عندهما حول أمور الإنسان وقابلية التحقق التجريبي. ورغم رفض هذين الاتجاهين للتفسيرات الدينية فإنهما لم يحققا بهذا الرفض أي تقدم للعلم بل إن علماء النفس يقرون بأن الأزمة الحالية في علم النفس وما يشعر به علماؤه من جزع وإحساس بالعقم ليرجع في جانب كبير منه إلى الإصرار علي التمسك بالموقف الذي تمثله هاتين الفكرتين،  بل أن الجو الفكري الذي نتج عنهما أصبح جوا مثبطا معطلا للتقدم العلمي في جوانب عديدة من علم النفس. هذا وقد لوحظ أن عددا كبيرا من دارسي علم النفس قد رفضوا هذين الاتجاهين وحول الكثير منهم إلى اتجاه أخر جوهره هو أن (علم النفس ليس بعلم أصلا وما من سبيل إلى أن يكون علما في يوم من الأيام، الأمر الذي أزعج الكثير من المشتغلين بعلم النفس.. (ديز ص 22).

 

شق علم النفس منذ نشأته هجوما بالغ القسوة والضراوة علي الدين فرأى أنه نابع من عجز الإنسان عن مواجهة قوى الطبيعة في الخارج والقوى الغريزية داخل نفسه. وأنه نشأ في مرحلة مبكرة من التطور الإنساني عندما لم يكن يستطيع الإنسان أن يستخدم عقله بعد في التصدي لهذه القوى الخارجية والداخلية  فلم يجد مفرا من كبتها أو التحايل عليها مستعينا بقوى عاطفية أخرى، وهكذا بدلا من أن يتعامل مع هذه القوى بالعقل تعامل معها بعواطف مضادة وبقوى وجدانية أخرى تكون وظيفتها هي الكبت أو التحكم فيما يعجز الإنسان عن التعامل معه عقلانيا. ينمي الإنسان في هذه العملية ما يطلق عليه علم النفس (بالوهم) الذي يأخذ مادته من تجربة الإنسان الفردية الخاصة حينما كان طفلا. إذ يتذكر الإنسان وهو يواجه قوى خطره لا سبيل له إلى السيطرة عليها أو فهمها أو يعود القهقرى تجربة مر بها وهو طفل حينما كان يشعر أن أباه يحميه، أباه الذي أوتي حكمة عاليه وقوة، وأنه  يستطيع أن يكسب حب أبيه وحمايته بإطاعة أوامره وتجنب نواهيه.

 

الدين عند علم النفس إذن تكرار لتجربة الطفل حيث يتعامل الإنسان مع القوى المهددة له بنفس الطريقة التي تعلمها وهو طفل حينما كان يشعر بعدم الأمان فيعتمد على والده الذى يعجب به ويخافه.

 

الدين عند (فرويد) عصاب جماعي ولا واقعية عنده للتصور الإلهي. ويذهب فرويد إلى أبعد من البرهنة علي أن الدين وهم فيقول أنه خطر لأنه يقوم علي تقديس مؤسسات إنسانية سيئة تحالف معها علي مر التاريخ بالإضافة إلى أن ما يقوم به الدين من  تعليم الناس للعقيدة يحرم التفكير النقدي ويكون مسؤولا عما أصاب العقل من تدهور.

 

ويرفض علم النفس استناد الأخلاق إلى الدين ويرى أن الدين يستغل الحس الأخلاقي المتأصل في نفوس الناس ليستعديهم ضد أعداء الدين. ويرى (فرويد) أن استناد الأخلاق إلى الدين يجعلها تقوم على أساس مهزوز أشد الاهتزاز وأنه إذا كانت صحة المعايير الأخلاقية تستند علي كونها أوامر الله فإن مستقبل الأخلاق ينهض أو يتداعي مع الاعتقاد في الله. وآمن (فرويد) بأن الاعتقاد الديني في سبيله إلى الاضمحلال والزوال. (فروم ص 15-17).

 

هذا عن (فرويد)، أما (يونج) فقد جعل من الدين ظاهرة نفسية ورفع اللاشعور إلى ظاهرة دينية. وفهم (فروم). الدين على أنه أي مذهب للفكر والعمل تشترك فيه جماعة ويعطي الفرد إطارا للتوجيه وموضوعا للعباده. وتشتد حملة علم النفس علي الدين في ضراوتها، حينما يرى أن الاعتماد علي الله لا يجعل الإنسان ذليلا فحسب بل يجعله شريراً أيضاً، فالاعتقاد في الله على أنه اعتقاد فطرى في تركيب الإنسان هو مغالطة عند علماء النفس والاعتماد علي الله  عندهم (مغالطة كبرى). أما المغالطة الأكبر في رأى علم النفس فهي الاعتقاد في وجود قوة أو كائن خارج الإنسان لأن الإنسان يميل إلى ربط نفسه بشيء يتجاوزه، ولهذا فإنه يخلق لنفسه أشكالا خارج نفسه ليرتبط بها، ومن هنا جاءت ما يسميه علم النفس (بفكرة الله) (فروم ص 30، 52).

 

(جنة عدن) في رأى علماء النفس ما هي إلا أسطورة عصيان الإنسان الأول لله، لكنها في الوقت ذاته بداية الحرية ونمو العقل. والانعتاق من طمأنينة الفردوس هو أساس النمو الإنساني الحق عند علم النفس.

 

أما الشعائر الدينية فهي طقوس لا معقولة يعرفها علم النفس بأنها (فعل مشترك يعبر عن تطلعات مشتركة متأصلة في قيم مشتركة) لا تدفع أذى الدوافع المكبوتة وإنما تعبر عن تطلعات يعتقد الفرد أنها ذات قيمة. شعائر الوفاة مثلا هي ركب من عناصر لا معقولة تهدف إلى التعويض الزائد عن الحد للعداء المكبوت الذي يضمر لشخص ميت ورد فعل ضد الخوف الشديد من الموت والمحاولات السحرية التي يبذلها المرء لحماية نفسه من هذا الخطر.

 

ولنعرج قليلا علي موقف (التحليل النفسي من الدين). الدين في رأى التحليل النفسي أسطورة وأنه أي (التحليل النفسي) بوصفه (رعاية للروح) يؤدى وظيفة دينية محددة بهذا المعني.

 

ويعترف المحللون النفسيون صراحة وبلا مواربة بأن موقف التحليل النفسي هو الموقف الأكثر نقدا للعقيدة الإلهية. (فروم ص 7) وهم يؤكدون في عملية التحليل النفسي أن أفكار الشخص إنما تنبع من مصدر عاطفي ومن ثم فإن الدين لا يخرج عن كونه (أكلاشيه) تقليدي لا ضرورة له في بناء شخصيته، ولهذا لا وزن ولا قيمة له. وأن مهمة التحليل النفسي الأساسية هي مساعدة الإنسان على التمييز بين الحق والباطل في نفسه وهذا في رأيهم منهج علاجي يعد تطبيقا تجريبيا لهذه العبارة (ستجعلك هذه الحقيقة حرا).

 

ويعترف رواد علم النفس بأن التحليل النفسي يؤدى إلى إنكار الله والمثل الأخلاقي، ويرون أن المحلل النفسي أصبح الآن في وضع يسمح له بدراسة الإنسان عبر الدين وعبر نسق الرمز اللاديني.

 

إنهم يرون أن المسألة ليست هي عودة الإنسان إلى الدين والإيمان بالله بل هي أن يحيا الإنسان في الحب ويفكر في الحقيقة، فإذا كان يفعل ذلك فلن تكون هناك إلا أهمية ثانوية للرموز الدينية التي يستخدمها وإن لم يفعل ذلك فلن تكون لها أهمية لها علي الإطلاق (فروم 13، 14).

 

يقول "إيريك فروم" بعبارة صريحة: (لقد أصبح من المقبول الآن أن وظيفة أستاذ علم النفس ومهمته هي أن يعلم طلابه كيف ينظرون نظره متشككة إلى المعتقدات الدينية (البالية) التي عفا عليها الزمن. وقد أعترف علماء النفس اعترافا صريحا بأن بعض الكتب قد غالت في هذا الاتجاه حتى هبطت بعلم النفس إلى درجة سحيقة من التفاهة. (ديز 35).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علم الاجتماع أقصر الطرق إلى الإلحاد (1)
  • علم النفس والقرآن الكريم
  • علم النفس من النبع الصافي

مختارات من الشبكة

  • بين النفس والعقل (3) تزكية النفس (خطبة) باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بين النفس والعقل (3) تزكية النفس - باللغة البنغالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين النفس والعقل (3) تزكية النفس (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين النفس والعقل (3) تزكية النفس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب: الحفاظ على مقصد حفظ النفس في الشريعة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء (صدق التوبة مع الله)(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأساطير(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب