• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات تاريخية
علامة باركود

قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (3/4)

د. عبدالرحمن بن علي العريني

المصدر: (مجلة الدرعية - السنة الثالثة - العدد العاشر - ربيع الآخر 1421هـ/يوليو 200م)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2010 ميلادي - 2/5/1431 هجري

الزيارات: 14049

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نقض الإمبراطور البيزنطي عهده مع السلطان، ومحاولته دعوة الباب لحمْلة صليبيَّة جديدة:

ما لبث الإمبراطور البيزنطي جان باليولوغ أن ضاق ذرعًا بالحال التي وصل إليها من الضعف أمام البيزنطيين؛ نتيجة خضوعِه للعثمانيين؛ فقَرَّر نقض العهد مع السلطان مراد، وقرَّر التقرُّب من البابوية، فرحل إلى روما سنة 771هـ/1369م، وخضع للبابا؛ علّه ينجح في حملِهِ على دعوة الدول الأوربية إلى شنِّ حملة صليبية جديدة على العثمانيين، وقد بلغ حدًّا من الخضوع أن قام بطقوس المذهب الكاثوليكي الذي طالما حاربه، وركع أمام البابا، وقَبَّل يديه ورجليه، ووافق على اتِّحاد الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية؛ بل كتب له اعترافًا بقَبول وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية في جميع نواحي الخلاف بين الكنيستَين، ولكن دون جدوى، فقد عجز عن إقناع البابا ودول أوربا في مساعدته ضد العثمانيين؛ لعُمْق العداء الديني بين الكنيستَين؛ ولأن الإمبراطور كان مقتنِعًا بأنه لا يستطيع تغيير عقيدة رعيته؛ ولأن البابا ودول الحلف الصليبي ما زالوا يتجرعون مرارة اليأس والإحباط من جرَّاء انتصار العثمانيين عليهم في معركة تشيرمن[1].

 

وعاد الإمبراطور إلى القُسطنطينية يجر أذيال الفشل لينال سخط البيزنطيين، وغضب السلطان مراد، لكن السلطان عفا عنه ليفرض عليه معاهَدة بنودها أقوى من المعاهدة السابقة، فأجابَه إلى عقد هذه المعاهدة التي يعترف فيها الإمبراطور بالتبَعية الصريحة للسلطان مراد، ويتعَهَّد في الوقت نفسه بالخدمة في الجيش العثماني، ولتأكيد الْتِزامه بهذه المُعاهَدة قدَّم ابنه مانويل ليكون رهينة في يد السلطان، كما سمح له باحتلال سالونيك، وبذلك تقلَّصَت الإمبراطورية البيزنطية أكثر من ذي قبل[2].

 

الحملة الصليبية الثالثة (789هـ/1387م):

ما أن انتهت الحملة الصليبية الثانية بذلك الانتصار العُثماني في وقعة تشيرمن، حتى واجَه العثمانيون خطر تحالُف صليبي آخر ضدهم، وتمخضت عنه معارك عدة شكَّلت ما يمكن تسميته بـ(الحملة الصليبية الثالثة).

 

معركة نيكوبولي الأولى[3]:

من المعروف أن نيكوبولي قد تَمَّ استيلاء العثمانيين عليها قبيل الحملة الصليبية الثانية كما مر، ولقد جد ملوك البلقان في استعادَة هذه المدينة؛ لأنها أول مدينة استولَى عليها العثمانيون في أوربا، فالاستيلاءُ عليها من قبَل الأوربيين سيجعل لهم عمقًا إستراتيجيًّا في أملاك العثمانيين في أوربا.

 

ومن هنا فقد أصبحتْ منطقة تنازُع بين الأوربيين والعثمانيين، وتَمَّ للأوربيين الاستيلاءُ عليها سنة 768هـ/1366م، وقد مكثتْ تحت حكمهم إلى سنة 775هـ/1373م، حينما استعادها العثمانيون؛ بل تقدموا في بعض دول البلقان، فأثار ذلك ملوك هذه الدول، وبخاصة ملك بلغاريا شيشمان الثالث، الذي كان قد صاهَر السلطان مرادًا - كما مر - ولكن مخاوفه من استيلاء العثمانيين على بلده دفَعه للدعوة لحملة صليبية، ولو مِن دول البلقان فقط لإخراج العثمانيين من أوربا، وجاء تشْكيل هذه الحملة الصليبيَّة من ملوك البلقان الذين كان الخطر العثماني يتَهَدَّدهم بصفة مباشِرة؛ فقد تكون مِن ملك البلغار وملك الصرب، وأمراء البوسنة والهرسك وألبانيا، وبولندا والمجر والأفلاق، وكان البابا قد دعا لحملة صليبية ضد العثمانيين برغبة من ملوك البلقان، لكن هؤلاء الملوك لم ينتظروا تشكيل هذه الحملة عن طريق البابوية، فشكلوا حِلْفًا خاصًّا بهم؛ خشية تأخُّر المدَد من البابوية ودول أوربا الغربية[4].

 

أ- المرحلة الأولى لهذه المعركة:

بلغ عددُ الجيش الصَّليبي 200.000 مقاتل، ونظرًا لكون السلطان مراد في آسيا الصغرى مع بعض القواد والجند؛ فلم يكن العثمانيون مستعدِّين لهذا الحِلْف الذي فاجأهم على حين غفلة، ولذلك الْتَحَم هذا الجيش الكبير مع بعض الكتائب والفِرق العثمانية عند بلوشنيك[5]، وحقَّق الأوربيون انتصارًا ساحقًا في هذه الموقعة، وذلك سنة 789هـ/1387م، وكان الجيش العثماني بقيادة البكلربكي لاله شاهين.

 

ولا ريب أن هذا الانتصار قد أثر على معنويات البلقانيين؛ حيث تجدَّد العزْم لديهم على إخْراج العثمانيين من أوربا، كما أَثَّر على الوُجُود العثماني في البلقان، فأخَّر فتح إقليم البوسنة، إلاَّ أن آثار هذا الانتصار كانتْ وقتية، فما لبث العثمانيون أن استعادوا قوتهم من جديد[6].

 

ب - المرحلة الثانية:

انْتَبَه العثمانيون إلى خُطُورة هذا الحلف، وخافوا من أن تستغل البابوية ودول أوربا الغربية هذا الانتصار، فترسل مَددًا لأهل البلقان؛ ولذلك كانتْ خطتهم تقضِي بمُحاربة الدول المشتركة في هذا الحلف على انفراد، فتنفتِح جبهات عدة ضد الجيش الصليبي، وقد أوْكل السلطان مراد ذلك الأمر إلى قائد مِن أمْهر قواده، وهو علي باشا بن قرة خليل جلندرلي، وسار هذا القائد على رأس جيش كبير إلى البلغار، وهاجَم شماليها، وسيْطَر على عدة مدن بلغارية، وفر شيشمان الثالث ملك بلغاريا إلى مدينة نيكوبولي، فتعقبه علي باشا، وحاصره فيها حتى وقع أسيرًا، وفي هذه الأثناء وصَل السلطان مراد منَ الأناضول، فطلب شيشمان مقابلته، وعرَض عليه الصلح فوافق السلطان عليه بشَرْطَيْن هما:

1- إعادة ما كان يدفعه من جِزية تقرَّرت عليه بعد هزيمة الصليبيين في وقعة تشيرمن، وأن يستمر في أدائِها، وكان شيشمان قد قطع هذه الجِزْية بعد انتصار الجيْش الصليبي في وقعة بلوشنيك.

2- أن تفتح مدينة سيلسترة[7] أبوابها أمام العثمانيين، ويتنازل لهم عنها[8].

 

نقض شيشمان العهد وسقوط نيكوبولي:

بعد أن ترك الجيش العثماني منطقة البلغار، مكتفيًا ببعض الحاميات، عاد شيشمان الثالث إلى نقْض عهده مع السلطان مراد، مؤَملاً أن يعود الحلف الصليبي إلى قوتِه؛ فاستؤنِفت الحرب من جديد بينه وبين العثمانيين، وتحصن شيشمان بنيكوبولي مرة أخرى؛ فتعقبه علي باشا وحاصره في تلك المدينة؛ وشدَّد الحصار والهجوم على حاميتها معقل شيشمان وأسرته، حتى أُكره على التسليم بلا قيد على شرط أن ينفذ الشرطَيْن السابقَيْن، وأن يتنازل عن نصف بلاده للعثمانيين، فضم العثمانيون هذا النصف، وأبقوا شيشمان حاكمًا على النصف الباقي، وكان ذلك سنة 792هـ/1389م[9].

 

معركة قوص أوه[10] الأولى[11]:

بعد أن خضع معظم بلغاريا للعثمانيين، وقضي بالتالي على الطرف البلغاري في الحِلْف الصليبي، أراد السلطان مراد أن يقضي على بقيَّة أعضاء الحلْف الذين كونوا بمجموعهم تكتُّلاً صليبيًّا ضخْمًا، على الرغم من أن البلغار ليسوا ضمنه، وكان جيشهم يفوق الجيش العثماني كثيرًا، وقد عقدوا العزْم على استِئْصال شأْفَة العثمانيين من أوربا، واتَّجهوا إلى ميدان قوص أوه، وإدراكًا من السلطان مراد لخطر هذا التحالُف، وتلافِيًا لِمِثْل ما حدث في بلوشنيك، فإن السلطان مراد لم يكل قيادة الجيش العثماني إلى أحد مِن قادته بل قادَهُ بنفسه، وزحف بجيشه لِمُواجَهة قائد التَّكَتُّل الصليبي ملك الصِّرْب لازار جريلينا نوفتش، وجدَّ السلطان في تعقب هذا الحلف فأدركهم في مكان تجمُّعهم قوص أوه سنة 792هـ/1389م، ونشب قتال مريرٌ بين الجانبين تبادلا فيها النصر أكثر من مرة، واستبسلا في المعركة اعتقادًا منهما أنها الحاسمة والمقررة للمصير، وقد أصيب العثمانيون بخسائر كبيرة لكن ذلك لم يفت في عضدهم، ومن هنا فلم يكسب أحدٌ منَ الفريقَيْن النصر الحاسم في المراحل الأولى للمعركة[12].

 

مقتل السلطان مراد الأول:

وفي مرحلة من مراحل القتال، وبينما كان السلطان مراد يتفَقَّد مواقع القتال إذا برجل صربي يُدعى ميلوك كوبلوفتش يتقدَّم من السلطان، وكأنه يريد تقديم شكوى له، فسمح له السلطان بالقرب منه لكنه كان يُخفي في برديه خنجرًا طعن به السلطان مرادًا طعنةً أردتْه قتيلاً، وتكالب على القاتل الإنكشارية فقتَلُوه، وكان ذلك في يوم 15 شعبان سنة 792هـ/30 يوليو 1390م[13].

 

وتشير إحدى الرِّوايات أن ميلوك هذا كان أحد الجند الصرب ومن نبلائهم، وأنه أصيب بجراح في المعركة فاستشاط غضبًا، وأخذ عهدًا على نفسه ليقتلنَّ مرادًا، فانطرح في الميدان كأنه من القتْلى، وتحين فرصة مرور السلطان مراد في ميدان القتال لتفقُّد القتلى فقتَلَهُ.

 

كما تشير إحدى الروايات الصربية التي يتداولها الصرب فيما بينهم: أن السلطان مرادًا قد قتل بخناجر اثني عشر مقاتلاً صربيًا، كانوا قد أخذوا على أنفسهم عهْدًا بقتلِه متى ما تحيَّنَت الفرصة لهم، وأنهم اتجهوا إليه في خيمته على حين غفلة من حرسه فيما يبدو، فأردوه صريعًا، ويحرص الصِّرب إلى الآن على تداوُل هذه الرِّوايات ضِمْن ملاحِم صربيَّة عن هذه المعركة، واصفة هؤلاء الجُنْد بالأبْطال[14].

 

المرحَلة الحاسمة لهذه المعركة:

لم تُؤَثِّر وفاة السلطان مراد في سَيْر المعركة لصالِح العثمانيين؛ لأنَّها حدثتْ بعد أن حقق العثمانيون انتِصارًا حاسِمًا في جَوْلة أخرى لهذه المعركة، وزاد في تلافِي أثر هذه الوفاة على الجيش العثماني تولِّي السلطان بايزيد الأول الحكم بعد مقْتل والده، كما توَلَّى قيادة الجيش العثماني في قوصوة، وبذلك جنى ثِمار النصر الذي دفع أبوه حياته ثَمَنًا له، وكان قائدًا للجناح الأَيْسر، فلَمَّ شعث القوات العثمانية التي شدَّدتْ حملتها على القوَّات الصليبيَّة، وكان مما ساعد العثمانيين على استعادَة قوَّتهم، وتنظيم جيْشهم انْحياز صِهر ملك الصرب المدعو "فوك برانكوفيتش"، ومعه عشرة آلاف فارس، والْتَحَق بالجيش العثماني، وهذا بِدَوْره أدَّى إلى ضعف الجيش الصليبي، وشل حركته، واختلال نظامه؛ فلما حدثت المرحلة الأخيرة الحاسِمة في هذه المعركة انْهَزَم الصليبيون هزيمة ساحقة، وأُسر ملك الصرب بعد أن جرح مع غيره من القادة والأمراء، وانفَضَّ عنهم أتباعهم، فأمر السلطان بايزيد بقتْلهم جميعًا، على أن هناك رواية تقول: إن جرح ملك الصِّرب وبعض القادة وأسرهم كان قبْل مقتل السلطان مراد، وأن الأمر بقتْلهم كان قد صدر منه، وهو في النزع الأخير، وإن لم يتم ذلك إلا على يد ابنه السلطان بايزيد[15].

 

نتائج موقعة قوصوة:

تُعَد موقعة قوصوة من المعارك الإسلامية الحاسمة، وهي أهم معركة في الحمْلة الصليبية الثالثة ضد العثمانيين، كما تُعَد من المعارك الكبيرة في تاريخ العلاقات بين المسلمين ونصارى أوربا، وتبرز أهميتها من خلال النتائج التالية:

1- القَضاء على الحمْلة الصليبية الثالثة، والتي كان أعضاء التحالُف الصَّليبي فيها قد عقدوا العزم على استِئْصال شأفة العثمانيين من أوربا، وقد بدَتْ بوادِر القضاء على هذه الحملة حينما قضى العثمانيون على قوَّة البلغار بقيادة شيشمان الثالث، وانتهتْ بانضمام برانكوفيتش إلى قوة العثمانيين[16].

 

2- فقدان الصرب استقلالهم فقد أجبرهم السلطان بايزيد على دفْع الجِزْية مع استيلائِه على قسْم كبير من بلادهم، كما فقَد البلغار استقلالهم من قبلُ، حتى تم إخضاعهم إخضاعًا تامًّا بعد ثلاث سنوات، ومِن هنا فإنَّ هذه المعركة هي المستحِقَّة للقَب "صرب صنديغي"، انكسار الصرب أو هزيمتهم أكثر من موقعة تشيرمن كما مرَّ.

 

فلولا هذه الهزيمة للصرب لبقيت دولتهم قوية مرهوبة الجانب في شرق أوربا، ولأصبَحَ لها شأن كبير واشتراك فعلي في أية حملة تُشَنُّ ضد الدولة العثمانية، ومن هنا فإنَّ هذه المعركة كانت نهاية الإمبراطورية الصِّربية الكبرى[17].

 

3- انتِشار الإسلام بَيْن الصِّرب والبشناق "البوسنة" والألبان، فقد تَحَوَّلَ قِسْم كبير من هؤلاء طوعًا إلى الإسلام، ومنَ الملاحَظ أن عددًا من الأمراء والنبلاء وكثيرًا من سُكَّان هذه المناطق قد دخلوا في الدين الإسلامي ابتداءً؛ لصعوبة الهجرة إلى الدول النَّصرانيَّة المجاورة من ناحية، وحرصهم على الاستفادة منَ الميزات التي يمنحها المسلمون لمن يدخل في دِينهم من ناحية أخرى، ثم ما لبثوا أنِ اقْتَنَعُوا بصحة هذا الدين، وأصبحوا نواة للمُسلمين في هذه المناطِق، وازْدَهَرَت الحياة العلْميَّة عندهم، وكثيرًا ما عانوا منَ الحكومات المتَعَاقِبة بعد سقوط الدولة العثمانية؛ سواء كان ذلك من الصرب أو الكروات، خلال عهد الاتحاد اليوغوسلافي، وبعد بروز دولتي صربيا وكرواتيا، وما عاناه المسلمون في حقَب مختلفة، وبخاصة في الحقبة الأخيرة له صلة تاريخية وطابع انتقامي من هزيمة الصرب وحلفائهم في موقعة قوصوة[18].

 

4- استمرار الفتوحات العثمانية في أوربا، فقد أعطتْ معركة قوصوة الأولى العثمانيين دفعةً قوية لمُواصلة هذه الفتوحات؛ لأنها شملتْ مناطق مهمة من غرب البلقان وشماله فحاذت بذلك أوربا الغربية، ووصل نفوذها إلى شمال نهر الدانوب؛ بل أصبحتْ قريبة من المركز البابوي في إيطاليا، وكادت القسطنطينية أن تسقط أمام القوات العثمانية لولا انشغال السلطان بايزيد بالحملة الرابعة - كما سيأتي - والغزو المغولي بقيادة تيمورلنك كذلك، وقد صاحب ذلك توسُّع للدولة العثمانية في آسيا الصغرى، فقد استولى السلطان بايزيد على عدد من الإمارات السلجوقية في الأناضول.

 

كان هذا الاتساع - وبخاصة في أوربا - وتهديد المركز البابوي مدعاة لأن يستجيب البابا للدعوات الموجَّهة إليه من ملوك أوربا لشنِّ الحملات الصليبية ضد العثمانيين؛ بل كان سببًا في أن يقوم البابا من تلقاء نفسه بالدعوة إلى هذه الحملات، والسعي لتمويلها من عموم النصارى[19].

 

5- أوجدت هذه المعركة لدى الصرب - وبخاصة من لم يدخلوا في الإسلام - ذكرى أليمة يتوارثونها جيلاً بعد جيل؛ لأنها أدت إلى ضياع إمبراطورية صربيا الكبرى، وما زال الصرب يذكون روح الانتقام من المسلمين، وبخاصة في البوسنة والهرسك وكوسوفا؛ ففي كل عام يحتفل الصِّرب بذكرى هذه الوقعة الفاصلة، ويعتقد هؤلاء أنَّه وإن انتهت الجولة الأولى في المعركة لصالح العثمانيين، فإن لها جولات عديدة، وتعد المذابح المتكرِّرة ضد المسلمين في فترات مختلفة والتطهير العرقي أهم ملامحها.

 

وهذا ما أكده الرئيس الصربي سلوبودان مليسوسيفتش بقوله: "لقد بدأنا الجولة الثانية من معركة كوسوفا ضد المسلمين"، مما يُؤَكَّد أنَّ الزعامة الصِّربية تؤجِّج الحرب الدينية والعرقية في هذه المناطق، وتسعى لتذكير أتباعها بماضٍ مغرقٍ في القدم لتحقيق النوايا العدوانية ضد المسلمين[20].

ـــــــــــــــــت
[1] عاشور (1/640)، الرشيدي (ص29)، لانجر (3/865).

[2] مانويل هذا الذي أصبح إمبراطورًا بعد ذلك باسم مانويل الثاني، لانجر (3/865)، وانظر: الرشيدي (ص29).

[3] تمييزًا لها عن معركة نيكوبولي الثانية في الحملة الصليبية الرابعة سنة 798هـ/1396م كما سيأتي.

[4] محمد فريد (ص130، 131)، بروكلمان (ص417)، لانجر (3/869).

[5] تقع بلوشني أو بلوشنيك على نهر متفرع من الدانوب شمال بلغاريا.

[6] الشناوي (ص47)، بروكلمان (ص417، 418).

[7] سيلستره تقع على الشاطئ الأيمن من نهر الدانوب أو الطونة في أقصى شمال بلغاريا.

[8] الشناوي (ص705، 606)، بروكلمان (ص418).

[9] محمد فريد (ص135)، الشناوي (ص605، 606)، أحمد السعيد (ص17)، بروكلمان (ص418).

[10] قوص أوه أو قوصوة: تتكَوَّن من كلمتين: قوص معناه: كبير أو واسع، وأوه ومعناه: السهل، فيكون معناها السهل الواسع، كما تعني ميدان الطيور السود، وهي الإقليم المعروف الآن بكوسوفا، الذي يقع جنوب غرب صربيا بمحاذاته الحدود مع ألبانيا، وتقطنه أغلبية ألبانيا حوالي 93 % وعاصمتها برشتينا؛ محمد فردي هامش (ص135)، بروكلمان (ص418).

[11] وصْف هذه المعركة هنا بالأُولَى تمييزًا لها عن معركة قوصوة الثانية، التي نشبتْ بين الصليبيين بقيادة هوتياد المجري، والعثمانيين بقيادة مراد الثاني سنة 852هـ/1448م، وانتصر فيها العثمانيون، محمد فريد (ص156، 157، 159)، الرشيدي (ص50، 51).

[12] محمد فريد (ص135)، الشناوي (ص606)، الرشيدي (ص30)، بروكلمان (ص418).

[13] محمد فريد (ص606)، الشناوي (ص30)، بروكلمان (ص418).

[14] بروكلمان (ص418)، عاشور (ص641).

[15] محمد فريد (ص135)، الشناوي (ص607)، أحمد السعيد (ص17، 18)، عاشور (1/641)، بروكلمان (ص418، 419)، لانجر (3/870).

[16] الرشيدي (ص30).

[17] محمد فريد (ص135)، الشناوي (ص606، 607)، عاشور (1/641)، بروكلمان (ص419)، لانجر (3/865).

[18] الشناوي (ص607، 608).

[19] محمد فريد (ص137 - 140)، الرشيدي (ص31، 32)، عاشور (1/641، 642)، لانجر (3/865، 870، 871).

[20] صحيفة الشرق الأوسط العدد (4897) السبت 25/4/1992م، (ص22) من تقرير تاريخي عن الحرب في البوسنة وكوسوفا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دوافع حملات الفرنجة (الصليبيين)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (4/4)
  • السرد الزمني لحملات الفرنجة (الحملات الصليبية)
  • السلطان المفترى عليه عبدالحميد الثاني
  • بل هو فتح.. وفتح عظيم
  • قيام الدولة العثمانية واتساعها
  • العداء الأوروبي الصليبي
  • السلطان عبدالحميد " الخليفة المفترى عليه "
  • الحلف العثماني الفرنسي وظهور الامتيازات الأوروبية في المنطقة
  • فرنسا بين نقض العهود مع الدولة العثمانية واستجداء تجديدها (2)
  • الأتراك العثمانيون (النشأة والتطور)

مختارات من الشبكة

  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (2/4)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (1/4)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فضل قيام الليل (قيام الليل يجعلك من الصالحين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة قيام الليل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الحروب التي حدثت بين الدولة العثمانية وروسيا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل قيام ليلة القدر وقيام رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • القيام للثالثة ناسيا في قيام الليل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الدولة العثمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية (نسخة ثالثة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- هدايه البشر
gamal hussien - K.A.S 20-04-2010 05:57 AM

الغرض من الفتوحات الإسلامية
هو هداية البشر واخراجهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد فمن الطبيعي التكالب والتحالف على العوام من البشر ضد الإسلام والمسلمين فما هو حاصل الان من تكالب الامم ضدنا علي الرغم من الضعف والهوان الذى نحن فيه بابتعادنا عن منهجنا القويم هو نفسه ماكان حينما كنا اقوياء بديننا وان اختلفت الطرق

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب