• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

ثلمة لا تسد.. رحيل الشيخ بكر أبو زيد

محمد علي الخطيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/2/2008 ميلادي - 11/2/1429 هجري

الزيارات: 12585

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

 

ثلمة لا تسد.. رحيل الشيخ بكر أبو زيد
عضو هيئة كبار العلماء ورئيس المجمع الفقهي

 
• كرَّس جهدَه ووقتَه وعلمَه، في خدمة دينه داعياً ومعلماً وإماماً وخطيباً وباحثاً وقاضياً ومفتياً ومؤلفاً، ومنافحاً عن دين الله.

• كان -رحمه الله- لسانَ عدلٍٍ يصدع بالحق، وينافح عنه، وقلمَ صدقٍ يفضح الترهات والانحرافات، ويدحض الشبهات والمفتريات، ويفند الدجل والخرافات، ولا يخشى في الله لومة لائم.

• ما أحوجَ الأمةَ اليوم -وقد بلغت الغارةُ أشُدَّها والمحنةُ مداها- إلى هذا الطراز من العلماء العاملين.

• فقدُ العالم ثلمة لا تسد، وفجيعة لا تنسى، تتصدَّع لها الأكباد، وتتزلزل لهولها القلوب حقاً لو وعتها وتدبَّرت عواقبها.

• ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته، من أمثال : الشيخ بكر أبو زيد، والشيخ مصطفى الخن، والشيخ صفي الرحمن المباركفوري وسواهم.

• من حسن العزاء أنَّ هؤلاء العلماء -رحمهم الله- أحياءٌ بعلمهم وتراثهم وتلامذتهم، باقون بذكرهم وآثارهم التي خلفوها من كتبٍ قيِّمة جليلة ومؤلفات مفيدة.

• كان الشيخ بكر أبو زيد زاخر الإنتاج واسع العطاء، ترك لنا ثروة علمية جليلة القدر باقية الذكر عظيمة الأجر، تناهز المئة من المؤلفات في شتى الفنون: علوم الشريعة واللغة العربية والتاريخ والتحقيق والمعارف العامة.

• يتميز منهجُه الدعوي في التعامل مع الآخرين بالعدل في الحكم على المخالف، والشهادة والاعتراف بما أحسن فيه وأجاد ووافق فيه الحق، والحرص على جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، والمحافظة على بقاء الولاء والمناصرة!.

• منهج أصيل حكيم موزون رسم الشيخ رحمه الله خطوطه العريضة ومعالمه الهادية بدقة ووضوح، لو أخذ به شباب الدعوة وأهلها لصانوها من التشقق والتصدع، وبلغوا بها غايتها بحسب السنن الإلهية.

• لا مصيبة أعظم من فقد العالم، وبقبض العلماء يقبض العلم، ويكثر الهرج، إلا أن يتداركنا الله برحمته، فيخلف من يقوم مقامه، ويفري فريه، ويسد الثغرة التي كان يرابط فيها.

ما كدنا نفيق من فجيعتنا بالشيخ والأديب الكبير أستاذنا مصطفى الخن بالشام حتى فُجعت الأمة كافة بنبأ وفاة فضيلة الشيخ الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد؛ رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي, وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقا، وذلك في يوم الثلاثاء 28/1/1429هـ الموافق لـ 05/02/2008م الساعة 5:57م، بمدينة الرياض، إثر مرضٍ طويل، وبعد جهاد حافل بالطلب والقراءة والسماع ومزاحمة طلبة العلم والجثيّ بالركب بين أيدي العلماء الربَّانيين، ثم بعد أن نضج حكماً وعلماً قضى شطر عمره في التعليم والتربية والتأليف والتصنيف والدعوة إلى الله على بصيرة، وكرَّس جهده ووقته وعلمه، في خدمة دينه داعياً إلى الله، ومعلماً الناس الخير وإماماً في الدعوة والفكر متميِّزاً في عرضه ومنهجه، وخطيباً وباحثاً وقاضياً ومفتياً ومؤلفاً، ومنافحاً عن دين الله.

وبرحيل الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد، فقدت الأمة علماً من أعلامها الشوامخ ونجماً من نجومها الزاهرة الني يهتدى بها في دياجير الفتن المدلهمة كالتي تحدق بالأمة اليوم. فقد كان - رحمه الله - لسان عدلٍٍ يصدع بالحق، وينافح عنه، وقلم صدقٍ يفضح الترهات والانحرافات، ويدحض الشبهات والمفتريات، ويفند الدجل والخرافات، ولا يخشى في الله لومة لائم، اقرأ من كتب الردود؛ مثلاً : ((نظرية الخلط بين الإسلام وغيره من الأديان)) و((الرد على المخالف: شروطه وآدابه))، و((تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال)) و((براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة))، وانظر كتبه: ((عقيدة ابن أبي زيد القيرواني وعبث بعض المعاصرين بها))، و((التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير))، و((بدع القراء القديمة والمعاصرة))...إلخ. كما تصدى الشيخ لأباطيل الحضارة المعاصرة وشبهاتها، كما في كتابه ((حراسة الفضيلة)) و((المدارس العالمية الأجنبية-الاستعمارية.. تاريخها ومخاطرها))، و((النظام العالمي الجديد والعولمة: التكتلات الإقليمية وآثارها)) وسواه.

وما أحوج الأمة اليوم -وقد بلغت الغارة أشدَّها والمحنة مداها- إلى هذا الطراز من العلماء العاملين، {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ..} [الأحزاب: 39]. ولكنها سنة الله تجيء في موعدها المعلوم وأجلها المحتوم، وصدق الحيُّ الذي لا يموت: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء :35]. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إن رحيل العلماء الربانين، والأئمة المهتدين، كالشيخ بكر -ولا نزكِّي على الله أحداً- ثلمة لا تسد، وفجيعة لا تنسى، تتصدَّع لها الأكباد، وتتزلزل لهولها القلوب حقاً لو وعتها وتدبَّرت عواقبها، فهم للأمة مصابيح دجاها، وأنوار هداها، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، والمصيبة بهم تذكِّر بمصاب الأمة بفقد رسولها –صلى الله عليه وسلم- لأنَّ العلماء ورثته وحملة هديه وأهل حكمته، ولأنه بموتهم يرفع العلم، ويلتمس عند الأصاغر من أهل البدع والأهواء، ويُسندُ الأمر إلى غير أهله، فإذا رُفِع، وثبت الجهل، وانتشر وشاع، انتشرت الفتن، وشاعت الفواحش، وهلكت الأمة جمعاء بل البشرية بأسرها؛ لأن الفساد الأخلاقي يفضي إلى فساد الكون واضطراب نظامه، كما ربط الله سبحانه بينهما، فقال: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]. ولذلك عُدَّ موت العلماء من أمارات الساعة وخراب العالم، كما جاء في صحيح البخاري، عن أنس -رضي الله عنه- قال: لأحدثنَّكم حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحدثكم به أحد غيري، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ((أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء؛ حتى يكون لخمسين امرأةً القيمُ الواحد)).

ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته، من أمثال: الشيخ بكر أبو زيد، والشيخ مصطفى الخن، والشيخ صفي الرحمن المباركفوري وسواهم، رحم الله الجميع، أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)). قال الحافظ في الفتح: والمراد برفعه موت حملته.

فالعلم يذهب بفناء العلماء وترئيس أهل الجهل كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم، هذا وإنَّ بقاء الكتب بعد رفع العلم بموت العلماء لا يغني من ليس بعالم شيئاً، فقد سأل أعرابي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف، وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها أبناءنا ونساءنا وخدمنا؟ فرفع إليه رأسه، وهو مغضب، فقال: وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف، لم يتعلقوا منها بحرف فيما جاءهم به أنبياؤهم!.

ولقد فسَّر حبر الأمة وترجمان القرآن عبدُ الله بن عباس -رضي الله عنهما- قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41]، قال في رواية عنه: خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها، وكذا قال مجاهد أيضاً: هو موت العلماء. وقال الحسن رحمه الله: (موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار). نعم هذا صحيح، لا مُعارِض له، لكن من حسن العزاء عند فقد العلماء أن دين الله محفوظٌ من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان بحفظ الله له، وشريعته باقية إلى قيام الساعة، وخيره يفيض ولا يغيض، قال الحق سبحانه : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وفي الصحيحين: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة)) وفي رواية: ((حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)).

كما أنَّ من حسن العزاء أنَّ هؤلاء العلماء -رحمهم الله- أحياءٌ بعلمهم وتراثهم وتلامذتهم، باقون بذكرهم وآثارهم التي خلفوها من كتبٍ قيِّمة جليلة ومؤلفات مفيدة، وخاصة فقيدنا العلامة الشيخ بكر أبو زيد؛ فقد كان زاخر الإنتاج، واسع العطاء، ترك لنا ثروة علمية جليلة القدر باقية الذكر عظيمة الأجر، تزيد عن ستين مؤلفاً في شتى الفنون: علوم الشريعة واللغة العربية والتاريخ والتحقيق والمعارف العامة, تمتاز بالدقة في البحث، والتجرد للحق، والجزالة في الأسلوب، وقوة البيان وسحره، كما تميَّز منهجه بالمعاصرة والتعرض للمشكلات الحديثة والمسائل المستجدة، وله كتاب ((فقه النوازل)) ثلاثة مجلدات، فيه خمس عشرة قضية فقهية مستجدة، من مثل: التقنين والإلزام، والمواضعة في الاصطلاح، وأجهزة الإنعاش وعلامة الوفاة، وطفل الأنابيب، وخطاب الضمان البنكي ونحوها. كما تعرض لمسائل وقضايا مهمة تتعلق بالدعوة ومناهجها وأخطاء الدعاة والمزالق التي وقعوا فيها، من مثل: ((حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية))، و((تصنيف الناس بين الظن واليقين))، و((التعالم وأثره على الفكر والكتاب))، و((براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة)). ومن أحسن كتبه في موضوعه: ((حلية طالب العلم))، وقد شرحه غيرُ واحد من أهل العلم، منهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- وأثنى عليه. وتضيق هذه المقالة المختصرة عن استعراض جميع كتبه ومؤلفاته.

من ملامح منهج الشيخ في الدعوة إلى الله:
الشيخ بكر أبو زيد –كما أشرت- علم من أعلام السنة والفقه والفكر الإسلامي، وهو من أبرز أئمة الدعوة المعاصرين في الجزيرة، ويتميز منهجه الدعوي في التعامل مع الآخرين بالعدل في الحكم على المخالف، والشهادة والاعتراف بما أحسن فيه وأجاد ووافق فيه الحق، وتحرير محل النزاع والابتعاد عن الإجمال والإبهام والتهويش على المخالف، وحسن الظن بالمسلم وحمل كلامه على ما أراد، دون تحميل كلامه ما لا يحتمل، والحرص على أن يكون القصد من الحوار جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، والمحافظة على بقاء الولاء والمناصرة!.

هذا مجمل منهج الشيخ في الدعوة والحوار والتعامل مع المخالفين، وإنه لمنهج أصيل حكيم موزون رسم الشيخ -رحمه الله- خطوطه العريضة ومعالمه الهادية بدقة ووضوح، لو أخذ به شباب الدعوة وأهلها لصانوا الدعوة من التشقق والتصدع، وبلغوا بها غايتها بحسب السنن الإلهية.

إن العطاء الباهر والإنتاج الزاخر الذي ورَّثه الشيخ لم يأت من فراغ -خاصَّة أنَّ الشيخ لم يعمَّر طويلاً، فهو لم يتجاوز الرابعة والستين- وإنما جاء ثمرة كدٍّ واجتهادٍ، وطريقٍ طويلٍ حافل وصبرٍ عجيبٍ –بالنسبة إلى أبناء هذا الزمان- في الطلب، وأخلاقٍ عالية وشمائل كريمة، أسس بنيانها أسرةٌ ملتزمة مؤمنة ذات ثراء ونسب عريق، عاش في أحضانها ودرج في مرابعها الفقيد رحمه الله، فهو بكر بن عبد الله أبو زيد، من قبيلة بني زيد القضاعية المشهورة في حاضرة الوشم، وعالية نجد، وفيها ولد عام 1365هـ.

نشأة الشيخ وطلبه العلم:
نشأ الشيخ الفقيد –رحمه الله- نشأة كريمة في بيت صلاح ودين وعلم، والبيت هو المدرسة الأولى، ثم درس في الكتّاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، وأكملها في مدينة الرياض، حيث واصل جميع مراحل التعليم الابتدائي، ثم المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء، وكان بجانب دراسته النظامية يتلقى العلم عن عدد من المشايخ، فأخذ اللغة عن الشيخ صالح بن عبد الله بن مطلق القاضي المتقاعد في الرياض، وكان يحفظ من مقامات الحريري خمساً وعشرين مقاماً بشرحها لأبي العباس الشريشي، وقد ضبطها عليه، وأخذ عنه علم الميقات، وحفظ منظومته المتداولة على ألسنة المشايخ.

ثم ارتحل إلى المدينة المنوَّرة عام ثلاثة وثمانين وثلاث مئة وألف، حيث لازم شيخه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله-، وقرأ عليه عدداً من الرسائل، ودرس عليه كتاب الحج من المنتقى في المسجد الحرام، ولازم شيخه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله– المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة وألف من الهجرة عشر سنين دأباً في المسجد النبوي، وقرأ عليه بعض تفسيره "أضواء البيان"، والجزء الأول من "آداب البحث والمناظرة"، ومواضع من المذكرة في أصول الفقه، وعلم النسب من كتاب ابن عبد البر "القصد والأمم في أنساب العرب والعجم" ونُبَذاً سواها. وقد أثر فيه الشيخ الشنقيطي –رحمه الله– تأثيراً بالغاً، فأُشرِب قلبُه حبَّ العربية والنظر في آدابها وأصولها حتى ظهر أثره في أسلوبه الأخَّاذ وبيانه الناصع، وبالجملة فقد كان مختصًّا به، وتخرج على يديه، وأولع بتحصيل الإجازات العلمية في كتب السنة، ولديه نحو عشرين إجازة من كبار علماء العالم الإسلامي.

وقد تخرج من كلية الشريعة عام ثمانية وثمانين وثلاث مئة وألف من الهجرة منتسباً، وكان ترتيبه الأول من بين الخريجين. واختير للقضاء فعمل قاضياً في محكمة المدينة الكبرى ثلاث عشرة سنة، وعُيِّنَ في ذلك الوقت مدرساً بالمسجد النبوي الشريف فدرس فيه الفرائض والحديث، ثم عُيِّنَ بعدها بسنة وكيلاً لوزارة العدل، حتى عام ثلاثة عشر وأربع مئة وألف من الهجرة، وعُيِّنَ عضوًا لمجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة، ثم ممثلاً للمملكة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وعُيِّنَ رئيساً له منذ عام خمسة وأربع مئة وألف، وعُيِّنَ أيضا عام خمسة وأربع مئة وألف عضوًا في المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي.

وفي عام ثلاثة عشر وأربع مئة وألف عُيِّنَ عضواً في هيئة كبار العلماء، وعضواً في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

وفي أثناء عمله في القضاء واصل الدراسة منتسباً في المعهد العالي للقضاء، فحصل منه على درجة الماجستير عام 1400هـ، وكانت عن ((الحدود والتعزيرات عند ابن القيم: دراسة وموازنة)). وكذا حصل على الدكتوراة، وكانت عن ((أحكام الجناية على النفس وما دونها عند ابن قيم الجوزية: دراسة وموازنة)) وكلتاهما مطبوعتان.

وأخيراً فإنه لا مصيبة أعظم من فقد العالم، وبقبض العلماء يقبض العلم، ويكثر الهرج، إلا أن يتداركنا الله برحمته، فيخلف من يقوم مقامه، ويفري فريه، ويسد الثغرة التي كان يرابط فيها، غير أننا نقول كما علَّمنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنَّا على فراقك يا شيخنا بكر لمحزونون، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اللهمَّ اغفر للشيخ بكر، وارفع درجتَه في المهديِّين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله وللمؤمنين كافة.

وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم‏، والحمد لله رب العالمين.

المرجـع:
((ترجمة حياته وثبت كتبه ومؤلفاته)) عن ترجمة ولده القاضي عبد الله بن بكر أبو زيد.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التوازن والإنجاز في حياة الشيخ بكر أبو زيد
  • رثاء الشيخ بكر أبو زيد (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • الثلمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • يا ثلمة الإسلام بفقدك يا ابن عقيل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • جوانب من مآثر الشيخ بكر أبو زيد(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • جوانب من مآثر الشيخ بكر أبو زيد(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • فقيد العلم: الشيخ عبدالله بن عقيل(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • حوار مع الشيخ أبو بكر سيد دابو مدير معهد النور الإسلامي بجامبي - إندونسيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • النحوي المفسر الإمام الشيخ أبو بكر الإدفوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ أبو بكر بن محمد عارف خوقير وجهوده في تقرير عقيدة السلف والدفاع عنها(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ أبو بكر جومي (ت 1413هـ)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كلمة الشيخ كريم راجح في وفاة الشيخ بكري الطرابيشي 16/4/1433 هـ(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- ترحم
خالد 01-03-2008 02:46 PM
الله يرحم الشيخ ويعوضنا عنه
2- رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
عمر الحضرمي - اليمن 01-03-2008 12:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وشكر الله لك هذه النبذة الطيبة
ونسأل الله العلي العظيم أن يتغمد الشيخ الكريم بواسع رحمته وأن يجمعنا وإياه في ظل عرشه يوم لاظل إلا ظله، كما نسأله سبحانه أن يخلف للمسلمين علماء أجلاء ينافحون عن دينه كما كان الشيخ بكر غفر الله له، ونسأله سبحانه أن يحفظ لنا علماءنا ويرحم من مات منهم..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعاى آله وصحبه أجمعين
1- وفاء
فهد الحمود 20-02-2008 08:41 AM
حقوق العالم كثيرة في حياته وبعد وفاته ومنها الدعاء له ونشر علمه والثناء عليه بما هو أهله لتشجيع طلبة العلم وإبراز القدوات التي يحتاج إليها الناس والشيخ بكر أبو زيد من أجل أولئكم القدوات رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب