القول المبين المستقر بشرح منحة مولي البر لمحمد بن محمد هلالي الأبياري

القول المبين المستقر بشرح منحة مولي البر لمحمد بن محمد هلالي الأبياري

صدر حديثًا كتاب "القول المبِين المستقِر بشرح منحة مُولِي البِرّ"، تأليف: "محمد بن محمد هلالي الأبياري" (ت 1343 هـ)، تحقيق: "عبدالرحمن بن مقبل الأسلمي"، نشر: "جامعة الملك سعود، كرسي تعليم القرآن الكريم وإقرائه" بالرياض.

وأصل هذا الكتاب هو أطروحة علمية تقدم بها الباحث لنيل درجة الماجستير في تخصص القراءات، ببحث عنوانه "القَوْلُ المُبِينُ المُسْتَقِرُّ بِشَرْحِ مِنْحَةِ مُولِي البِرِّ، لِلْعَلاَّمَةِ: مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ هِلَالِي الأَبْيَارِيِّ (تـ 1343هـ(دراسة وتحقيق" وذلك من كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وذلك تحت إشراف د."فهد بن مطيع المغذوي"، عام 1432 هـ.

وهذا التحقيق لنظم "منحة مولي البر" مع شرحه للإمام المحقق العلامة الأحوذيِّ: محمَّدِ بنِ محمَّد بنِ محمَّدِ هِلالي الأَبْيارِيِّ، من علماء القرن الرابع عشر، والمشتهر بالتصانيف الفريدة، والمنظومات الخريدة.

والتأليف - نظمًا وشرحًا - في زوائد "الطيبة" على "الشاطبية" و"الدُّرة"، على منهج علمي فيه تجديد في طرائق التصنيف في علم القراءات الشريف.

ولا شك أنّ تيسير القراءات من طريق "الطيبة" لطلبة - هذا العلم - أمر يحمد لأهله، وقد كان العلامة الأبياري ممن حمل لواء نشر علم القراءات العشر الكبرى، حيث جمع في نظمه زوائد طرق كتاب على كتاب، ثم تصّدر لشرح نظمه؛ فهو أدرى الناس بقيله، وهذا ما أعطى الكتاب خصيصة على غيره.

وترجع أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

• لقيمة الكتاب العلمية، حيث إنَّ كتاب (القول المبين المستقر بشرح منظومة مولي البر فيما زاده كتاب النشر في القراءات العشر) يعد من الكتب السابقة التي تناولت جانبًا مهمًا في علم القراءات العشر، وطرح منهجية في تعليم القراءات العشر من طريق طيبة النشر.

• مكانة المصنف - رحمه الله - الفائقة؛ فهو من فرسان علم القراءات بلا منازع، ويظهر - ذلك جليًا - لمن اطلع على مصنفاته الماتعة، ومنظوماته البديعة في علم القراءات؛ فهو بحق عالم محقق مدقق في هذا الفن.

• التسهيل على طلاب علم القراءات، فمن حفظ منظومة المنحة، - التي تعنى بزوائد الطيبة على الشاطبية والدرة - وفهم شرحها مع حفظ متن الشاطبية والدرة؛ فقد أحاط علمًا بأصول وفرش القراءات الكبرى من طريق كتاب النشر لخاتمة المحققين، ودُرّة المقرئين الحافظ ابن الجزري - رحمه الله -.

• كما تظهر أهمية الكتاب في أن الناظم - رحمه الله - قد شرح نظمه؛ فهو أعلم به من غيره.

• وهذا النظم وشرحه يكتسب أهميته من قلة الكتب النثريَّة، والمنظومات الشعريَّة في زوائد القراءات العشر الكبرى.

ونسوق في مقام بيان قيمة الكتاب العلمية كلام العلامة عبدالفتاح المرصفي -رحمه الله - حيث يفصح عن رأيه في كتاب القول المبين المستقر؛ فيقول:

"وكتاب منحة مولي البر فيما زاده كتاب النشر في القراءات العشر، وهو نظم سلس وله عليه شرح نفيس أغر سماه: القول المبين المستقر بشرح منحة مولي البر".

كما تبرز قيمة الكتاب العلمية من عدة جوانب منها:

• أنَّه جَمَعَ زوائد النشر على الشاطبية والدرة في نظم سلس، وهو ما يساعد في تقريب وتذليل القراءات من طريق النشر.

• كثرة موارد المؤلف في كتابه، وتنوع مصادر نقولاته من كتب مطبوعة ومخطوطة، مما زاد الكتاب فائدة ومكانة.

• عناية الأبياري بتحرير الأوجه سواء من طريق الشاطببية أو الطيبة، وتنقيح مسائل الرواية والدراية.

• كما أن العلامة الأبياري طود شامخ، وعلم راسخ في فن التجويد والقراءات، ومشهود له بالديانة، والأمانة، والمكانة؛ مما زاد الكتاب قيمةً علميةً.

وقد أبان الأبياري عن موضوع كتابه، وفحوى خطابه بقوله في صدره: "لما لخصت من الطيبة الفوائد المحررة في القراءات العشر من الشاطبية والدرة، وبقي القارئ بها محتاجًا إلى ما زادته عنهما الطيبة، نظمته في أبيات مختصرة، فجاءت عزيزة مهذبة.وبعد انتهائي من نظمها شرحتها شرحًا يوضح كلامها، لا بالطول المملّ، ولا بالاختصار المخلّ..."، ويتلخص منهجه في الشرح بما يلي:

1- يقطع أبيات المنظومة بحسب المعنى، ثم يشرحها شرحًا بأوجز عبارة، وأوضح إشارة، وقد نص على هذا بقوله: "وبعد انتهائي من نظمها شرحتها شرحًا موضحًا كلامها، لا بالطول المُمِل ولا بالاختصار المخل...".

2- استشهد الأبياري في شرحه بعدة منظومات لأئمة مبرزين في علم القراءات، كمنظومة (التنوير) للعلامة أحمد الطيبي، ومنظومة (كنز المعاني في تحرير حرز الأماني) للجمزوري، ونظم (حل مجملات الطيبة في تحريرات الطيبة) لعلي بن سليمان المنصوري، وغيرها من المصادر الأخرى مما أضفى على الشرح مزيد فائدة لقارئه.

3- أحال الأبياري في مواضع عديدة لمنظوماته الأخرى في علم القراءات كالخلاصة والفوائد، ومما يدل على ظهور شخصيته في شرحه، وثقته بقدرته، واعتداده بمكانته.

وقد قام المحقق بتحقيق الشرح والنظم على ثلاث نسخ خطية هي:

الأولى: نسخة أصيلة غير مصورة حصل عليها من مكتبة الشيخ أحمد الخياري- تلميذ المصنف- والتي أوقفها للجامعة الإسلامية، والنسخة كاملة الأوراق، عدد ألواحها (60) لوحًا، وعدد أسطرها (12) كتبت بخط مشرقي مرتب واضح، وناسخها مصطفى حسن سعيد في: 5/11/1355 هـ.

الثانية: نسخة مصورة من مكتبة الشيخ: كامل بن سعود العنزي، وعدد ألواحها (33) لوحًا، وعدد أسطرها (15) كتبت بخط مشرقي مقروء لصاحبها السلاموني نسخت سنة: 1361هـ، وقد رمز لها بـ(ن).

الثالثة: نسخة مصورة من مكتبة فضيلة الشيخ المقرئ: محمد تميم الزعبي، وهي كاملة، ومصدرة بمتن (منحة مولي البر)، وعدد ألواحها (51) لوحًا، وعدد أسطرها (13) في الأغلب، كتبت بخط الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي في: 14/3/1378هـ، وقابلها معه المدعو محمد عبده على نسخة ابن المؤلف، وانتهيا من مقابلتها في: 18/3/ 1378هـ وهي نسخة واضحة جدًا، وإن وقع لبس في بعض الكلمات، أو حدث سقط، بينه الناسخ في الهامش، وقد رمز المحقق لها بـ(م).

وقد اتخذَ من النسخة الأولى أصلًا نظرًا لتقدمها، وجودتها، ولما تميَّزت به من وضوح في العبارات، وقلة الأخطاء والسقط، فقام بنسخها، وقابل النسخ الأخرى عليها، وأثبت الفروق بين النسخ في الحاشية.

وقد قسَّم البحث - حسب ما تقتضيه طبيعة التحقيق العلمي - إلى:

مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس.

أما المقدمة، فتشتمل على:

أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، وخطة البحث، ومنهج البحث.

وأما التمهيد فيشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: المصنفات في الزيادات على الشاطبية والدرة.

المبحث الثاني: مقارنة بين شرح الناظم، وشرح الشيخ: عبدالفتاح القاضي.

أما القسم الأول: الدراسة، فتشتمل على فصلين:

الفصل الأول: دراسة عن المُؤَلِّف، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: اسمه، ونسبه، ومولده، ونشأته.

المبحث الثاني: شيوخه، وتلامذته.

المبحث الثالث: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

المبحث الرابع: مؤلفاته.

المبحث الخامس: وفاته.

الفصل الثاني: دراسة عن الكتاب، وفيه ستة مباحث:

المبحث الأول: تحقيق اسم الكتاب.

المبحث الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه.

المبحث الثالث: منهاج المؤلف في الكتاب.

المبحث الرابع: مصادر المؤلف في كتابه.

المبحث الخامس: قيمة الكتاب العلمية.

المبحث السادس: وصف نسخ الكتاب الخطية.

القسم الثاني: ويتضمن تحقيق نص كتاب: (القول المبين المستقر بشرح منظومة مولي البر فيما زاده كتاب النشر في القراءات العشر) كاملًا.

الخاتمة، وفيها أهم النتائج، والتوصيات.

ثم الفهارس العلمية، وهي كالآتي:

فهرس الآيات القرآنية.

فهرس الأحاديث النبوية.

فهرس الأعلام.

فهرس المصادر والمراجع.

فهرس الموضوعات.

وصاحب النظم والشرح هو محمد بن محمد بن محمد هلالي الأبياري مولدًا، الشافعي مذهبًا، والمصري بلدًا.

ولد الشيخ محمد بن محمد بن محمد هلالي سنة 1245هـ - 1829م بقرية أبيار بالغربية، والتي أمضى فيها حياته.

نشأ الشيخ الأبيارى - رحمه الله - في مسقط رأسه أبيار، وتعلم العلوم الشرعية والعربية، ونبغ في علم القراءات بعد أن حفظ متون القراءات من الشاطبية والدرة والطيبة وما يتعلق بها من تحريرات، وساعده على ذلك وجود ثلة من العلماء الفائقين المبرِّزين في علم القراءات، وكثرة المقارىء فى عصره، ولقد كان الشيخ محمد محمد هلالي ذا ديانة وتواضع وزهد - كما هي سمة العلماء -، وقد امتحن في بصره، فعاش كفيفًا - ولكن الله جل وعلا عوضه عن فقد بصره ذكاءً وفطنةً وقدرة ً-، وقد تزوج الشيخ محمد هلالي، وله من الأبناء: زينب وإبراهيم وأحمد ومحمد، وقد انتقل أبناء الشيخ الأبياري كلهم إلى رحمة الله، ولم يبق له من نسله إلا حفيدين، هما: زينب، ومصطفى أبناء ابنه إبراهيم، وأما الأبناء الثلاثة (زينب و أحمد و محمد) فقد ماتوا صغارًا.

وعمل الشيخ في تحفيظ القرآن الكريم، وتدريس علمي التجويد والقراءات بمكتب تحفيظ القرآن الكريم في بيته، الذي صار فيما بعد مكتب تحفيظ القرآن الكريم التابع لمسجد سيدي عبد الله بأبيار، وقد قام ابنه إبراهيم بإكمال مسيرة الإقراء التي بدأها في المكتب نفسه بعد وفاة الشيخ محمد هلالى - رحمه الله -.

عاش العلامة الأبياري في القرن الرابع عشر الهجري، وكانت مصر مأرز العلم والعلماء في هذه الفترة، ولا تزال كذلك، وكان علم القراءات مزدهرًا فيها، وحركة الإقراء في نشاط ونمو، وقد عاصر الأبياري ثلة من أئمة القراءات الذين حفل بهم زمانه من أمثال: الشيخ: محمد بن أحمد المتولي، ومن أخذ عنه من العلماء الأماجد، وكالعلامة الشيخ: علي بن محمد الضباع، وغيرهم كثير.

وقد ترك - هذا الأمر - بصمة ظاهرة في صناعة شخصية الأبياري العلمية، من حيث توجهه لعلم القراءات، وانقطاعه له، والتأليف فيه.

كان العلامة الأبياري من علماء القراءات الفائقين؛ فأقبل إليه طلبة العلم ينهلون من مورده الزلال، ويأخذون منه، ويسندون عنه، ومن أشهر تلاميذه:

1- فضيلة الشيخ: مصطفى إسماعيل القارئ الشهير بالإذاعة المصرية من مواليد قرية (ميث غزال) بمحافظة الغربية بالقرب من قرية الشيخ الأبياري، حيث عاصر الشيخ تسع سنوات في بداية حياته، وهي سنوات صفاء الذهن، وسرعة الحفظ.

2- فضيلة الشيخ: محمود خليل الحصرى شيخ المقارئ المصرية في عصره والمولود بقرية شبرا النملة، وهي قريبة الجوار بقرية أبيار محل إقامة الشيخ الأبيارى، وقيل: إنه تتلمذ على يد نجله إبراهيم الأبياري على حد قول بعض مشايخ القرية.

ولقد تبوأ الإمام الأبياري مكانة عظيمة، واكتسب ثقة واحترام معاصريه من أهل العلم والفضل؛ فأطبقوا عليه، وأفادوا من رصانة بحوثه، ودقة تحقيقاته، حتى بلغ من مكانته واعتماد العلماء عليه ما تقدم ذكره من إقرار إدارة مشيخة معهد القراءات بدمنهور تدريس متن (الفوائد المحررة) بالقسم الإعدادي، وأورد له العلامة المقرىء يوسف محمد عجور تقريظًا على (منظومة قراءة الكسائي)، ووصفها بأنها في أبدع إتقان، وأحسن حالة جميلة، وأثنى عليه الفقيه عبد المجيد الشرنوبى الأزهري بقوله: "الأوحد الفريد الذي تباهى به هذا العصر الجديد".

وقال الشيخ عبد الفتاح القاضي: "كان عالمًا فاضلًا صالحًا ورعًا، مبرزًا في علوم التجويد والقراءات، وله في هذه العلوم مؤلفات قيمة - ما بين منظوم ومنثور - تدل على قوة عارضته، وتوقد قريحته، ورسوخ قدمه في هذه العلوم".

وقال الشيخ عبد الفتاح المرصفي: "عالم مصري كبير، برع في التجويد والقراءات وعلومها، وتوسع في التأليف في هذا الشأن، وخلف تراثا ضخما ما بين منظوم ومنثور، ولا تخلو مصنفاته من فرائد وفوائد؛ لو رحل أحد لتحصيلها إلى أقصى الأرض ما ضاعت رحلته".

من مؤلفاته:

القسم الأول: المنظومات:

• منظومة: خلاصة الفوائد في قراءة الأئمة السبعة الأماجد.

• منظومة: تنقيح نظم الدرة في القراءات الثلاث المتممة للعشرة.

• منظومة: الفوائد المحررة بما أتى عن الشيوخ العشرة.

• منظومة: الطوالع البدرية في ضبط كل آية عسيرة.

• منظومة: ربح المريد في تحرير الشاطبية.

• منظومة: تحفة القراء.

• منظومة: هدية الإخوان بما أتى في عارض الإسكان.

• منظومة: خلاصة الأحكام في الراء ثم اللام.

• منظومة: القول المفيد المبهج: في رواية الأصبهاني عن ورش عن نافع من طريق النشر.

• منظومة: منحة مولي البر بما زاده كتاب النشر للقراء العشرة على الشاطبية والدرة.

• منظومة: النخبة المهذبة فيما لحفص من طرق الطيبة.

• منظومة: نيل المرام في قراءة أبي جعفر.

• منظومة: لمعة الضياء في قراءة الكسائي

• منظومة: التحفة الوفية بأحكام وقف حمزة وهشام على الهمزة العلية.

• منظومة: الوجوه الجلية في قراءة يعقوب البهية.

• منظومة: الوجوه الصحيحة المهذبة فيما أتى لحمزة من الطيبة.

• منظومة: منظومة في قراءة أبي عمرو البصري.

• منظومة: قصيدة رائية في مولد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

• منظومة: البهجة السنية بشرح الدرة المضية لابن الجزري.

القسم الثاني: الشروح:

• شرح على متن الدرة في القراءات الثلاث المتممة للعشر.

• الطوالع النفيسة الظاهرة في ضبط الوجوه المتعسرة من طريق الشاطبية والدرة.

• النصوص الظاهرة بشرح الفوائد المحررة.

• الطوالع النيرة بشرح الكفاية المقررة في وقف حمزة وهشام على الهمز من طريق الشاطبية والطيبة.

• القول المبين المستقر في شرح منحة مولي البر.

• سلوك اللآلي والدراري في تحريرات الشيخ محمد هلالي الأبياري.

وكانت وفاة الشيخ - رحمه الله تعالى - في الساعة الثامنة صباحًا من اليوم التاسع عشر من شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق لليوم العشرين من أغسطس سنة أربعة وعشرين وتسعمائة وألف من الميلاد، وقد دفن الشيخ بمقابر قرية أبيار، وقبره معروف للكثيرين من أهل بلده.