• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

خصائص الفكر الديني عند الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

خصائص الفكر الديني عند الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
روضة محمد شويب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/12/2021 ميلادي - 22/5/1443 هجري

الزيارات: 8681

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خصائص الفكر الديني عند

الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه ومَن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

قال تبارك وتعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100]؛ يقول بن تيمية رحمه الله مبينًا فضل الصحابة من خلال الآية الكريمةً: " فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان، ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان... والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافقه على موجبات الرضا، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدًا[1].

 

أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

إنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني خلفاءه الراشدين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نُفيل القرشي العدوي، يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب، ويكنَّى أبا حفص، لُقِّب بالفاروق؛ لأنه أظهر الإسلام بمكة، ففرَّق الله به بين الكفر والإيمان، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، مثال للعدل والإنصاف، والزهد والتواضع، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد أسلم رضي الله عنه في ذي الحجة سنة ست من النبوة، بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه، وله ست وعشرون سنة، وكان إسلامه فتحًا عظيمًا، أعز الله به الإسلام والمسلمين[2].

 

ما المزايا التي تميز بها البناء الفكري لثاني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؟

 

خصائص الفكر الدين عند عمر رضي الله قبل الإسلام:

أمضى عمر في الجاهلية شطرًا من حياته، ونشأ كأمثاله من أبناء قريش، وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلموا القراءة، وقد حمل المسؤولية صغيرًا، ونشأ نشأة غليظة شديدة لم يعرف فيها الترف ولا مظاهر الثروة[3].

 

كان يرعى لأبيه ولخالاته له من بني مخزوم ولا شك أن هذه الحرفة، ولا شك أن هذه الحرفة التي لازمت عمر بن الخطاب في مكة قبل أن يدخل إلى الإسلام قد أكسبته صفات جميلة، كقوة التحمل، والجلد، وشدة البأس[4].

 

حذق من أول شبابه ألوانًا من رياضة البدن، فحذف المصارعة، وركوب الخيل، والفروسية، وتذوق الشعر ورواه، وكان يهتم بتاريخ قومه وشؤونهم، وحرص على الحضور في أسواق العرب الكبرى؛ مثل: عكاظ، ومحنك، و(ذي) المجاز، واستفاد منها في التجارة ومعرفة تاريخ العرب، واشتغل عمر رضي الله عنه بالتجارة وربح منها، ما جعله من أغنياء مكة، وكسب معارف متعددة من البلاد التي زارها للتجارة، فرحل الشام صيفًا، وإلى اليمن شتاءً، واحتل مكانة بارزة في المجتمع المكي الجاهلي، وأسهم بشكل فعال في أحداثه[5].

 

وتوارث عمر عن أجداده المكانة المهمة التي أكسبته خبرة ودراية ومعرفة بأحوال العرب وحياتهم، فضلًا عن فطنته وذكائه، فلجؤوا إليه في فض خصوماتهم؛ يقول ابن سعد: " إن عمر كان يقضي بين العرب في خصوماتهم قبل الإسلام[6].

 

كان رضي الله عنه رجلًا حكيمًا بليغًا حصيفًا، قويًّا، حليمًا، شريفًا، قويَّ الحجة، واضح البيان؛ مما أهله لأن يكون سفيرًا لقريش، ومنافسًا لها مع القبائل، وكان يدافع عن كل ما ألفته قريش من عادات، وعبادات، ونظم، وكانت له طبيعة مخلصة عما يؤمن به، وبهذه الطبيعة التي جعلته يشتد في الدفاع عما يؤمن به قاوم عمر الإسلام في أول الدعوة[7].

 

لقد عاش عمر في الجاهلية وسبر أغوارها، وعرف حقيقتها، وتقاليدها، وأعرافها، ودافع عنها بكل ما يملك من قوة، ولذلك لَما دخل في الإسلام، عرف جماله، وحقيقته، وتيقَّن الفرق الهائل بين الهدى والضلال، والكفر واِلإيمان، والحق والباطل، ولذلك قال قولته المشهورة: إنما تـنـقض عرا الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية[8].

 

خصائص الفكر الديني عند عمر رضي الله عنه بعد الإسلام:

وتأتي دعوة رسول الله صلى الله الله عليه وسلم بأن يؤيد الله هذا الدين بعمر بن الخطاب، فتفتح مغاليق قلب عمر، وتضيء سبيله وتمحو الظلمات منه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف شجاعته وشهامته ورجولته، ويعرف عبقريته، سواء تفكيره واستقامة طبعه، وجرأته على الجهر بما يعتقد، فكان يحب أن يهديه الله إلى الإسلام، ليكون له ناصرًا، وتكون شجاعته قوة للدين الحق، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى أن يهدي عمر للإيمان، وأن يجعله درعًا لهذا الدين، يدرأ به عن المستضعفين ذل الاستضعاف، وأذى المشركين[9].

 

وعن عبدالله بن عمر أن رسول صلى الله قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبهما إليه عمرَ[10].

 

فقد عرف الفاروق من خلال القرآن الكريم من هو الإله الذي يجب أن يعبده، وكان النبي صلى اله عليه وسلم يغرس في نفسه معاني تلك الآيات العظيمة، فقد حرص صلى الله عليه وسلم أن يربي أصحابه على التصور الصحيح عن ربهم وعن حقه عليهم، مدركًا أن هذا التصور سيورث التصديق، واليقين عندما تصفو النفوس وتستقيم الفطرة، فأصبحت نظرك الفاروق إلى الله والموت والحياة والجنة والنار، والقضاء والقدر وحقيقة الإنسان، وصراعه مع الشيطان مستمدة من القرآن الكريم وهدي النبي صلى اله عليه وسلم[11].

 

وفي مدرسة النبوة صقلت مواهب عمر ونمت ملكاته ومؤهلاته، وصيغت شخصيته المتفردة التي تتمحور على ركائز ضخمة هي: العبقرية، والإلهام والفراسة، والصلابة والصرامة، والشجاعة والجرأة والجد في الأمور، والصراحة المطلقة، والهيبة في النفوس، واليقظة المستمرة مع الشعور العجيب بالمسؤولية العميمة، وسرعة التفاعل مع الأحداث، والاستجابة لها وعلاجها، ويحرس ذلك ويحميه العلمُ الباهر والنظام الدقيق ومحاسبة النفس، والغيرة على الدين والعرض والمال[12].

 

كان إسلام عمر صورة لشخصيته، بمثل خصائصه النفسية والعقلية والإرادية، كما يصورها تاريخ حياته: قوة وشجاعة وجرأة مقتحمة، وصراحة لا عرف المداهمة ولا المداورة، وإدراكًا ملهمًا، وفطنة ألمْعية، ورجولية غلابة قاهرة[13].

 

فعمر رضي الله عنه قوي لا يسلم إلا بإسلام الأقوياء، وعمر عبقري الإدراك، فلا يسلم إلا إسلام العقل المفكر المستقيم، وعمر شجاع لا يسلم إسلام الجبناء الرعاديد، ولكنه يسلم إسلام ذوي الشجاعة الدين يعرفون لأنفسهم حقها في الكرامة والعزة، وعمر جريء لا يسلم إلا إسلام المقحِم الذي لا يهاب ما هناك من المخاطر، وعمر ألمعيُّ الرأس، فلا يسلم إلا إسلام من شهد الحق بعقله وبصيرته، فعرفه واهتدى إليه بنور تلك البصيرة وذلك العقل الدراك المستقيم[14].

 

كان الفاروق من أرعى الصحابة لحق النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أشدهم في توقيره والذب عنه وحمايته، وكان سيفًا مصلتًا على أعدائه صلى الله عليه وسلم، ومنتفخًا لافح البأس على كل من تسول له نفسه الغض من مقام النبوة[15].

 

كان عمر رضي الله عنه من أكابر الفقهاء الصحابة وأعيان أئمة الاجتهاد، لما آتاه الله تعالى من علم غزير، وبصيرة نافذة، وعبقرية نادرة، وإلهام متفرد، وقد قال عنه عبدالله بن مسعود:إنه عندما مات ذهب بتسعة أعشار العلم[16].

 

فقه القدوم على الله كان قويًّا عنده، لدرجة أنه كان في كل عمل يقوم به يتوخى مرضاة الله قبل مرضاة الناس، ويخشى الله، ولا يخشى أحدًا من الناس[17].

 

بلغ عمر من شفافية النفس وطهر الروح ونقاء القلب، وتحليق الفكر - أنه يهمس في خاطره من عالم الغيب بحديث، فيملك عليه أقطار نفسه، ويلح عليه حتى يصارح به النبي صلى اله عليه وسلم، فيتقدم بين يديه بآراء ومقترحات وتمنيات …وهي بما عرف موافقات عمر[18].

 

إن مفتاح شخصية الفاروق إيمانه بالله تعالى، والاستعداد لليوم الخر، وكان هذا الإيمان سببًا في التوازن المدهش، والخلاب في شخصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ولذلك لم تطغ قوته على عدالته، وسلطانه على رحمته، ولا غناه على تواضعه، وأصبح مستحقًّا لتأييد الله، وعونه، فقد حَقق شروط كلمة التوحيد، من العلم، واليقين، والقبول، والانقياد، والإخلاص، والمحبة، وكان على فهم صحيح لحقيقة الإيمان، وكلمة التوحيد، فظهرت آثار إِيمانه العميق في حياته ومن أهمها:

 

شدة خوفه من الله تعالى بمحاسبته نفسه، وكان رضي الله عنه من شدة خوفه من الله تعالى يحاسب نفسه حسابًا عسيرًا، فإذا خيل إليه أنه أخطأ في حق أحد، طلبه وأمره بأن يقتص منه[19].

 

خصيصة الزهد في هذه الحياة: فهم عمر من خلال معايشته للقرآن الكريم، ومصاحبته للنبي الأمين، ومن تفكره في هذه الحياة بأن الدنيا دار اختبار وابتلاء، وعليه فإنها مزرعة للآخرة، ولذلك تحرر من سيطرة الدنيا بزخارفها، وزينتها، وبريقها، وخضع وانقاد وأسلم نفسه لربه ظاهرًا وباطنًا[20].


ومن مواقفه في الزهد أنه أبطأ على الناس يوم الجمعة، ثم خرج فاعتذر إليهم في تأخره، وقال: إنما حبسني غسل ثوبي هذا، كان يغسل ولم يكن لي ثوب غيره، كان زهد عمر، وكذا الصحابة ومن سار على هديهم من صالحي الأمة، زهد القادرين على الدنيا وزخارفها ومتاعها، فسخرها لخدمة الإسلام والمسلمين، فهو الرجل المؤمن العابد الزاهد الخاشع المتبتل، المتواضع، المجاهد المقدام، الصادق الصريح القول بالحق، العبقري الملهم، العالم الأديب البليغ الخطيب، المحدث الفقيه المجتهد، المفكر السياسي، القائد العسكري، المبشر بالجنة شهيد المحراب أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه[21].

 

خصيصة الورع:كان عمر مقدمًا في التواضع والخشية والزهد، فهو كذلك كان رأسًا في الورع إمامًا فيه، حتى كان الصحابة والتابعون يلزمونه، فيتعلمون منه الورع[22].

 

الهيبة: فقد كان عمر ذا هيبةٍ لمن حوله من الصحابة والرعية، ومن ذلك ما يخبر به ابن عبَّاس: مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أنْ أسْأَلَ عُمَرَ بنَ الخَطابِ عن آيَةٍ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أسْأَلَهُ هَيْبَةً له[23].

 

خصيصة الإنصاف والعدل:ولقد كان الفاروق قدوةً في عدله، أسر القلوب، وبهر العقول، فالعدل في نظره دعوةٌ عمليَّةٌ للإِسلام، به تفتح قلوب النَّاس للإِيمان، وقد سار على ذات نهج الرَّسول صلى الله عليه وسلم: فكانت سياسته تقوم على العدل الشَّامل بين النَّاس، وقد نجح في ذلك على صعيد الواقع والتَّطبيق نجاحًا منقطع النَّظير، لا تكاد تصدِّقه العقول، حتَّى اقترن اسمه بالعدل، وبات من الصَّعب جدًّا على كلِّ مَنْ عرف شيئًا يسيرًا من سيرته أن يفصل ما بين الاثنين[24].

 

فالفاروق لا يبالي على من وقع الحق، على ولده أم على غيره من الناس، فهو رجل لا تأخذه في الله لومة لائم، لذلك كان ينهى أهله أشد النهي حذرًا من وقوعهم في مخالفته؛ يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله، وقال: إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا، وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وايم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه، إلا أضعفت عليه العقوبة، لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر[25].

 

خصيصة القوة: عند الهجرة إلى المدينة المنورة حمل عمر سيفه وتوجَّه إلى فناء الكعبة؛ ليعلن أمام سادة قريش نيَّته في الهجرة علنًا، ثمَّ قام بتهديد من سيلحق به منهم بعباراتٍ قويَّة مجلجلة للقلب فلم يجرؤا أحدٌ على اللّحاق به[26].

 

خصيصة تحمل المسؤولية وأعباء قيادة الأمة: كان عمر أحد خريجي مدرسة الرسول القائد صلى الله عليه وسلم في ممارسة فنون الحرب ومعاناة أهوالها، كان عمر قبل إسلامه كأي عربي ليس غريبًا على ساحات الوغى وأخبار الحروب، ولكن هذه المعلومات الابتدائية عن المعارك صقلها، وهذَّبها بالممارسة الفعلية وبالتوجيه العملي والنظري لسيد القادة وقائد السادة عليه الصلاة والسلام[27].

 

وفي عهده تم استقلال (السلطة الفضائية) عن (السلطة التنفيذية)، الأمر الذي عُرف في الفكر الغربي بعد عمر بأكثر من ١٤٠٠ سنة في كتابات (مونتسكيو ) التي مهدت للصورة الفرنسية عام ١٧٨٩م[28].

 

أروع وأجل وأعظم ما تم في عهد الفاروق أن تحققت عالمية الإسلام وعالمية الرسالة، وقيام دولة إسلامية ربانية تضم مختلف الألوان والأعراق والجنسيات والقوميات والألسن، وفي هذا رد على المفتونين من دعاة العلمانية والحداثة، وعلى بعض من يَزعم أو يُزعَم له أنه فكر إسلامي الذين يدَّعون أنه ليس هناك شيء اسمه دولة إسلامية، ولم تقم في التاريخ[29].

 

خصيصة حب الحق والذب عليه:قال النبي صلى اله عليه وسلم: " إيهًا يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا قط، إلا سلك فجًّا غير فجِّك"[30].

 

ومحور المحاور في شخصية عمر هو الحق، فليس عند ابن الخطاب ما هو أعظم من الحق، ولا يقبل فيه مداهنة، ولا يقيم في الانحراف عنه عذرًا لنعتذر، ولا يرحم أحدًا عثرت به قدم على طريق الحق، هكذا كان عمر وبهذا وصفه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال" إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه[31].

 

عمر وما أدراك ما عمر، إنه رجل ولا كالرجال، رجل عبقري ممتاز من خاصة الخليقة، وهو في عظماء الرجال أشبه ببيت قصيد في القصيدة العصماء، جمع جوانب العظمة من أطرافها[32].

 

حرص الفاروق على حفظ الدين على أصوله الصحيحة التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يعمل جاهدًا على إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والقضاء على البدع، والعمل على احترام دين الله، وإحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم[33].

هو مؤسس التقويم الهجري وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام، وفارس وخراسان، وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية، وحوالي ثلثي أراضي الإمبراطورية البيزنطية، تجلَّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجَّهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوةً، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلَّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم، ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها[34].

 

وقال طلحة بن عبيدالله: ما كان عمر بأولنا إسلامًا ولا أقدمنا هجرة، ولكنه أزهدنا في الدنيا وأرغبنا في الآخرة"، وقال الحسن: " ما فضل عمر على أصحاب رسول الله صلى الله علبه وسلم أنه كان أقومهم صلاة وأكثرهم صيامًا، ولكنه كان أزهدهم في الدنيا، وأشدهم في أمر الله، وكان نقش خاتمه الذي اصطنعه لنفسه: كفى بالموت واعظًا يا عمر[35].

 

كان عمر في صفاته الجوهرية وخصائصه ومزاياه وملكاته المركوزة فيه هو عمر ابن الجاهلية، وهو عمر ابن الإسلام، في قوته وشدته وبأسه وصرامته وصراحته وزعامته وعقله ورأيه… كانت الجاهلية ليل عمر، وكان الإسلام نهاره، جاهلية لا ضوء فيها، وإسلام ليس فيه بقية ظلام[36].

 

رضي الله عن الفاروق وكل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وآله سلم، والله عز وجل أعلم.



[1] ابن تيمية: ٣ / ٤٤٠.

[2] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره ص ١٧؛ د.علي محمد محمد الصلابي.

[3] المصدر السابق نفسه، ص ١٩.

[4] المصدر السابق نفسه ص ٢١.

[5] المصدر نفسه بتصرف ص ٢١.

[6] انظر: الخليفة الفاروق د. العاني، ص١٦.

[7] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره، ص ٢٢.

[8] المصدر السابق نفسه؛ الفتاوي، ١٥/٣٦، فرائد الكلام للخلفاء الكرام.

[9] محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصادق عرجون ١ /٦١١ عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والإمام العادل ص ٥٥.

[10] أخرجه الترمذي ١٣-١٤٠) وأحمد ( ٥٦٩٦، وصححه الألباني.

[11] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره ص ٤٢.

[12] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والمام العادل ص١٢.

[13] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والمام العادل، ص٦٣.

[14] المصدر السابق نفسه وانظر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، للصادق عرجون ،١ /٦٣٠.

[15] المصدر السابق نفسه ص٨٠.

[16] المصدر السابق نفسه ص١٥١.

[17] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره ص ١٣٣.

[18] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والإمام العادل ص١١-١٢.

[19] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره ص ١٦٧.

[20] المصدر السابق نفسه ص ١٧١.

[21] المصدر السابق نفسه ص١٧٢.

[22] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والمام العادل ص١٩١؛ بتصرف.

[23] المصدر السابق نفسه ص ١٨١.

[24] الراوي :عبدالله بن عباس | المحدث :البخاري | المصدر: صحيح البخاري : 4913 | خلاصة حكم المحدث، صحيح.

[25] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والمام العادل؛ بتصرف.

[26] مصنف عبد الرزاق: 20713.

[27] من مقالة موضوع بتصرف.

[28] عمر بن الخطاب الفاروق ٨٧.

[29] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والإمام العادل ص١٤.

[30] عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشدي العظيم والإمام العادل ص ١٥.

[31] المصدر السابق نفسه بتصرف.

[32] المصدر السابق نفسه.

[33] عمر بن الخطاب الفاروق القائد ص ١٤٩ وانظر الرياض النظرة.

[34] عمر بن الخطاب شخصيته وعصره ص ٥٠١.

[35] عمر بن الخطاب ويكيبيديا.

[36] عمر بن الخطاب الفاروق القائد ص ١٤٩ وانظر الرياض النظرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفكر الديني بين النص والواقع
  • أوليات عمر بن الخطاب رضي الله عنه
  • حكم إصدار خطاب الضمان بعقد شركة
  • الفاروق عمر رضي الله عنه (خطبة)
  • من مائدة الصحابة (عمر بن الخطاب رضي الله عنه)

مختارات من الشبكة

  • خصائص النظم في " خصائص العربية " لأبي الفتح عثمان بن جني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طريقة الكتب في عرض الخصائص النبوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صدر حديثا كتب السنة وعلومها (88)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السبيل إلى معرفة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • من خصائص الإسلام : أنه دين يدعو إلى إعمال الفكر والعقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خصيصة من خصائص العلم العقدي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (2) وحدة الموضوع وتكامله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الربانية خصيصة من خصائص السيرة النبوية(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب