• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

من ذكرياتي مع أستاذنا العلامة الدالي

من ذكريات مع أستاذنا العلامة الدالي
فضل محمد الحميدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/12/2021 ميلادي - 1/5/1443 هجري

الزيارات: 2779

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من ذكرياتي مع أستاذنا العلامة الدالي

 

(1)

وأمَّا في بَدء كلماتي هذه؛ فإنِّي أتصرَّفُ فيما قاله الخطيبُ في أبي طاهر بن أبي هاشم يسار البغداديِّ البزَّار (280- 349هـ)، وأكتب خُلاصةَ ما رآه طالبٌ في أستاذه:

فإنِّي لم ألقَ كأستاذنا الدَّالي رحمه الله تعالى "في علمِه، وفهمِه، (وتواضُعِه)، مع صدقِ لهجتِهِ، واستقامةِ طريقِهِ" انتهى.

 

وكأنَّ لنفس هذا الرَّجل العالم الصَّادق مِعراجًا يباين الدُّنيا، وقوانين هذه الدُّنيا، لذلك فهو يحيا بقانون آخرَ هو قانونُ الآخرة، ويرى الحقائقَ ببصيرته النافذة إلى معاني هذه الآخرة، وبهذا كلِّه يحمي هذا العالِمُ قلبَه من أخيلة الدُّنيا، ومن كثيرٍ من بلاءات أهل هذه الدُّنيا، فهو في عالمِه الذي صَنعَه لنفسِه، ليحيا فيه بمعاني نفسِه، وما أكرمَها من معانٍ حين تكون خالصةً للعلم، وخدمةِ أهل العلم.

وبعدُ..

ففي عام 1998م، في كلِّية الآداب بجامعة دمشق، في المدرَّج الأوَّل، وعلى تمام الثانية، كان المئاتُ من طلَّاب السنة الأولى، مع من ينضمُّ إليهم من طلَّاب السنوات الأخرى، وطلَّاب الدِّراسات العُليا= ينتظرون محاضرةَ النَّحو الصَّباحية، وعلى طرفَي أبواب المدرَّج كانت ترقبُ العيونُ وصولَ المحاضِر المَهيبِ المنتظَر...

 

وقد كان هذا المحبوبُ المَهيبُ هو أستاذَنا العلَّامة الدكتور أبا أحمد محمد أحمد الدَّالي رحمه الله تعالى.

 

في مثل تلك المحاضرة من كلِّ أسبوع كان يجتمع لنا رُوحان جليلتان بهيَّتان: روحُ العالم الجليل الأستاذ عاصم البَيطار رحمه الله تعالى مؤلِّف كتاب السَّنة الأولى، وروحُ أستاذنا العالم الجليل الدكتور محمد الدَّالي الذي قد سبقَت صورتَهُ إلينا أخبارُه وشمائلُه، وبديعُ تحقيقاته، وروائعُ مقالاته.

 

شواهدُ محاضرة أستاذنا من الكتاب المقرَّر كان لا بدَّ أن تُثبتَ على السَّبُّورة التي امتدَّت على المساحة بين بابَي المدرَّج الأول، وكان خطُّ العلامة الدَّالي الذي يجمع بين جمال الخطِّ النسخ وروحانية الخطِّ الفارسي تجعلُنا نأكلُ حروف كلماته بآماق عيوننا.

 

مضى جزءٌ من المحاضرة الأولى، وباغتَنا أستاذُنا، نحن طلابَه، بسؤال دقيق في مسألة نحوية كان يعرِضُ لها، وعلى شَغَف طالب السنة الأولى، وولعه، وحبِّه القُربَ من أستاذه، بطريق بيان مقدرتِه في النحو= رفعتُ يدي، وأجبتُ على الجهة التي كان يحبُّها أستاذُنا الدَّالي، فابتسمَ لي، وأثنى عليَّ مشجِّعًا، وكانت تلك الابتسامةُ البابَ الحقيقيَّ الذي قرَّبني للعربيَّة عامَّة، وللنحو على التخصيص، ولأستاذنا من بعدُ.

 

وعلى مضيِّ عدَّة محاضرات بين المادَّة النظرية والتطبيق النحوي= اقتربتُ من أستاذنا من خلال الحوارات التي كنَّا نمضي فيها بعدَ محاضراته، في الطريق بين المدرَّج ومكتبه، ثم في مكتبه، وقد لمسَ في نفسي حبًّا للعربية، بل شغفًا بها وبأهلها، فآنسَني، وأنِستُ بقربه، وداومتُ على محاضراته كلِّها حتَّى في دبلوم الدِّراسات العُليا.

 

وحين رأى يومًا خطِّي على قُصاصةٍ كنتُ أدوِّن عليها إجاباتِه لأسئلة سائليه، فاستحسَنه= صار يطلب إليَّ كتابةَ الشواهد على السَّبورة في بداية كلِّ محاضرة، ومن تلك التفاصيل الجميلة بدأت رحلةُ اتِّصالي بأستاذنا رحمه الله تعالى، وتتلمُذي عليه في السنوات الثلاث التي مكثَ فيها بدمشق قبل انتقاله إلى جامعة الكويت في عام 2000م، وما كان من تواصلٍ من بعدُ.

 

وفي إحدى تلك المحاضرات الجِياد أرسل لطلَّابه سؤالًا لم أكن قد انتبهتُ لأوَّل كلامه فيه، ووجَّه إليَّ السؤال بعد أن تاهَتْ إجاباتُ زملائي، فأجبتُ فلم أُصِب الإجابة، فقال:

• هذا على غير عادتِكَ في كلِّ محاضرة، فما أصابكَ؟

• وعلى البديهة قلتُ: إنما أصابني الجوعُ، فأذهَلَني عن الإلمام بالسُّؤال بدءًا، ثم عن الإجابة من بعدُ.

• قال (وهو يبتسم لحسن التخلُّص): إذن تصحَبُنا اليوم لتكونَ معنا في طعام الغداء.

 

ومن تلك الساعة غمَرَتني تلك الفرحةُ التي تُصيبُ المريدَ بإكرام شيخه المتفرِّد مكانةً لديه، ومضَتِ السّاعاتُ التي كأنَّها جُعِلَت لي من الآخرة زمنًا أعيشُه في الدُّنيا، وجرَت من بعدُ لطائفُ دالَّةٌ على كرمِ أستاذنا العلَّامة أبي أحمد محمد أحمد الدّالي ولطفِهِ وتشجيعِه وعميقِ محبَّته لطلَّابه ممَّن كان يتوسَّم فيهم حبَّ العربية وأهلها.

 

(2)

إن للكتابةِ عن الكبارِ ألوانًا من البهجةِ التي تسكنُ نفسَ كاتبها، وهذه البهجةُ التي تعمرُ النفسَ سبيلٌ لتصوير الجميل الخفيِّ في أولئكَ الكبارِ المحتفَى بهم، وليست هذه البهجةُ الموصولة بهؤلاء الكبار بمنقضيةٍ أو زائلة، بل الشَّأنُ فيها لتلك الحقائقِ الإنسانيَّة العتيقة في نفوسهم، المتأصِّلةِ في أفعالهم، المقرَّرةِ، شريعةً وعاطفةً، في ضمائر مَن عرفهم، أو سَمعَ بهم، أو اتَّصَل بهم بسبب...

 

وههنا سرٌّ دقيقٌ لا يكون بيانُه إلا بالتمثيل له، والاستشهاد عليه، وليس كأفعال الكبارِ وكتاباتهم شواهدُ دالَّةٌ عليهم، وعلى علوِّ مكانتهم، وكيف لا يكون ذلك إذا ترجَمَت أفعالُهم ثمَّ أقلامُهم

 

عن قلوبهم؛ فعند ذاك تغدو حركاتُهم وكلماتُهم وكأنها من حِكَم الدُّنيا الباقيةِ التي لا تستطيع أن تُباينَهُم من أترابهم إلا بها، وباتِّصالك بهم، وبسرِّهم، وبفهمِك للكونِ بحواسِّ فهمهم، فإنَّ فهمَ الكونِ فهمًا، على حِذْقٍ وفنٍّ وتأمُّل، لا يكون إلا بفهم فلسفة هؤلاءِ الكبار مجتمعينَ بكلِّهم، ولعلِّي آتيكم على أمثلة قريبةٍ من ذلك، عرَفتُها في أستاذنا عن درايةٍ وقرب.

 

ولستُ أخفيكم، وهو لا يخفى على متذوِّقي الكلمات أمثالكم، أنني ما زلتُ، من ثلاثةٍ وعشرينَ عامًا، مفتونًا بأستاذنا الدَّالي الذي لم أرَه، منذ رأيتُه وحتَّى السَّاعة، إلا صورةً من الشباب البهيِّ السَّاحر الذي اكتهَل علمًا على تعبير أستاذ أستاذنا العلَّامة شاكر الفحَّام في مقدِّمة (سِفر السَّعادة)، وقبل أن يكونَ أستاذنا الدَّالي، لنا نحن طلَّابَه، هذا العالمَ الحازم المنظَّم الضَّابط أشدَّ الضَّبط، حتَّى إنه لا تفلِتُ منه دقيقةٌ= كان لنا الوالدَ اللطيفَ المحبَّب البارَّ بولدِه حقيقةً ومعنًى، والصَّديقَ القريب أُلفةً وتأنُّسًا، فما زال يُحسنُ التسرُّبَ إلى قلوبنا حتى يستقرَّ فيها، فيحبِّبَ لنا التُّراث والعربيَّة.

 

وقبل أن آتيَ بكم إلى مواقفَ من ذكرياتي مع أستاذنا الدَّالي أحبُّ لكم أن تتوقَّفوا قليلًا عند هذه اللغة النفيسة التي تُبرز نفسَه، وترسمُ معناه، وتأخذ بنا إلى الردِّ على سؤال يُحيط بنا كلَّ حين: ما طعمُ النفس؟ وهل للعارفين طعمٌ للنفسِ يختلفون به عن غيرهم؟

 

اقرؤوا معي بعضًا من كلمة أستاذنا العلَّامة المجمعي الدَّالي في حفل استقباله عُضوًا في مَجمَع الخالدين عام 2001م، يقول:

"فقد فوجئتُ -وحُقَّ لمثلي أن يُفاجأَ- حين أسرَّ إليَّ أستاذاي الجليلان: الأستاذُ الدكتور شاكر الفحَّام رئيسُ المجمع، والأستاذُ الدكتور إحسان النص نائبُ الرئيس = بالرَّغبة في ترشيحي لعضوية المجمع، فما قام في نفسي يومًا أن أتطلَّع إلى هذا المقام العالي أو أطمحَ إليه، ولا خطَرَ منِّي على بال.

 

فوجئتُ حقًّا، وقلتُ: محبَّة الأستاذ لتلميذه، ونظر إلى عمله بعين الرِّضا، وإغضاؤه عن أشياءَ فيه، ثم ثناؤه عليه= ممَّا أدَّى إلى قيام هذه الرَّغبة، وإني لدونَ ما ترَيان.

 

ثم لمَّا هزَّني ثناؤهما، وابتهَجتُ له، فتحرَّك في النفس غرورٌ خفيٌّ غادرٌ تجاوزَ بي ما أعلمُه من نفسي -والإنسانُ مما يغرُّه الثناءُ- انتهى بي إلى أن أستجيبَ لهذه الرَّغبة الكريمة في ترشيحي لهذا المكان السَّامي"[1].

 

وعَودًا إلى ذكرياتي مع أستاذنا رحمه الله تعالى...

 

ففي نهايةِ العام الدِّراسي 1999م، وفي أيَّام الصَّيف الزَّاكية المباركة التي غصَّت بالأعمال، وسُلبَ منِّي فيها الإحساسُ بمرور الزَّمن تحضيرًا لاختبارات نهاية العام= انقطعَت بي السُّبلُ عن النزول لدمشقَ، وعن لقاء أستاذنا أسبوعين، ثم وأنا في غَمرة القراءة الجادَّة تداعى إلى مَسامعي صوتُ الهاتف، فأجبتُ، فإذا بي بصوتٍ عَريضٍ باسِمٍ شَفيق يملأ الرُّوح، وينفُذ، على تقسيم وترنيم عجيبَين، إلى القلب:

• (باهتمام وتواضع وحبٍّ): كيف حالكَ يا فضل؟ أراكَ غائبًا عن اللِّقاء أسبوعين متتاليين؟

• (بحبٍّ واعتناء وبهجة): أستاذنا الدكتور محمد الدَّالي؟!

• (بحبٍّ وتشجيع وحنوٍّ): نعم.

• (بابتسامةٍ وُصِلَت بأوَّل الضَّحِك المحبِّ): والله هذا الاتصالُ بمليون ليرة.

• (ممازحًا بحبٍّ): إذن لا تغِب هذا الأسبوع، وأحضِر معكَ المليون ليرة.

 

أجَل أيها الأحبَّة، فهذا هو العلَّامة المجمعي الدكتور محمد أحمد الدَّالي = الإنسان، الأب، الأخ، الصَّديق، وهذا هو دأبُه مع أبنائه من طلَّابه، وهو كثيرٌ كثير، يعرفُ منه هذا من خالطَه وقاربه، وعرَفه حقَّ المعرفة = لذلك كان الدَّالي العالمَ الذي ملأ السَّمع والبصر، العالمَ الذي ما زال لطلَّابه، حتى بعد رحيله إلى ربِّه، بهجةَ القلب والعقل جميعًا.

 

ولعلَّ أجملَ ما كان لي من أيَّام الجامعة الأولى ذلك الزمنُ البهيج الذي كان يجمعُني المولى فيه بأستاذنا الدَّالي، في المحاضرة، ثم ما يكون بعدَها من صُحبته، مع مريد أستاذنا وحِبِّه وصاحبه[2] الوفيِّ أستاذي العالم الجليل الدكتور محمد عبد الله قاسم = مشيًا على الأقدام من كلِّية الآداب، إلى الحلبوني، حتَّى وصولنا إلى دار البشائر العامرة، أُفيد فيه، منهما، من مُلتقَطات الفوائد البديعة في هذه اللغة الشريفة، وكُتُبها، ومذاهب أهلها، وضُروب المحقِّقين في مواردها وأصُولها، تلك الفوائد العالية التي ما زالت تتلألأ في ذاكرتي، وتعينُ موهبَتي على النظر والتحليل والنقد، ولم تكن تضيعُ دقيقةٌ، في صحبة أستاذنا، بغير فائدة، أو توجيه، أو مُلحة، حتى في ذلك الزَّمن الذي كان يُكرمنا فيه، فنكون معه في طعام أو شراب.

 

وأقول: إنَّ من اللطائف التي تأتيكَ من صُحبة أهل العلم الكبار الذين يأنسُ القلب بقُربهم، ويتلفُ ببُعدهم، ولا تفتأ تحنُّ العينُ للقائهم، وتشتاقُ الأذن لسَماعهم = أنَّك تدري أسبابَ ولادةِ بعض أعمالهم، وتعيش زمنَ خروجِها للنَّاس، أعمالًا علميَّةً باذخةً مطوِّفةً في الشرق والغرب، يُفيد منها الناسُ من أيِّ الجهات التي قرؤوها فيها.

 

ومن ذلك أنِّي سألته، ونحن نمرُّ قريبًا من دار الفكر حرسَها الله تعالى:

• أستاذي، هل اطَّلعتَ على كتاب (الكَفاف) للأستاذ الصَّيداوي؟

• (باهتمام وإعجاب): وما أدراكَ بالكتاب، لقد صدرَ قبل زمنٍ قصير؟

• لقد قرأته بُعَيد صدروه بشهر تقريبًا، وشاركتُ في صُنع الإعلان (البروشور) التسويقيِّ الخاصِّ به؟

• وما رأيُكَ بالكتاب؟

• فيه الكثيرُ مما خرجَ عن المألوف الذي قرأتُه في النحو، وجُرأةٌ في مناقشة كثير من قضاياه، مما يستدعي التوقُّفَ عندَه وتأمُّلَه ومناقشةَ ما فيه.

• (بابتسامة): أحسنتَ يا فضل، هو كما ذكرتَ، وأُخبرك أنني انتهَيتُ قبلَ أيام من مقالةٍ طويلة كتبتُها في نقد هذا الكتاب، وستُنشَر قريبًا في مجلَّة الدِّراسات اللغوية[3].

رحمهما الله، وغفر لهما، ورفع مقامهما في علِّيين.

 

وبعدُ...

فإنَّ منَ العلماء رجالًا هم القوانينُ القلبيَّة النافذة، وإنَّ أثرَهُم في تاريخِ من يقتفي سَننهم= لَنافذٌ في الرُّوح نفاذَ الرُّوح نفسِها في بدَن صاحبها، فهم في حقائقِ مُريدهم، كما أستاذُنا العلَّامة الدَّالي، وحيٌ من وحي الإنسانية العُليا التي تصنع مِيثاقَها من مِشكاة النبوَّة، وهي، بهذا، آثارٌ تُعدُّ لتكونَ مادَّةً للحياةِ التي لا يَبْلى أهلُها ولا يَبيدون= آثار طاهرة مسدَّدة، تُشعرُ بالاطمئنان، وتصنعُ في أصحابها اليقينَ الثابتَ بمعناها.

 

إنها هي الآثارُ التي تدلُّ على أنَّ هؤلاءِ العلماءَ قد باشروا السّعيَ للحياة وأهلها بطبيعة قلوبهم الصَّحيحة، فلم يكن العلمُ عندهم تكسُّبًا، ولا دنانيرَ، بل هو فيهم القدرةُ الرُّوحانية التي تُحيل المادَّة لتكونَ روحًا، فلا تأخذهم ضلالةُ الضَّالِّين، ولا خِراصةُ الخرَّاصين، لذا، فهم بذلك كلِّه، مستحقُّونَ وصفَهم بأنهم (ورثةُ الأنبياء).



[1] ألقاها في حفل استقباله عضوًا في مجمع اللغة العربيَّة، في جلسة علنيَّة عقدَها المجمع يوم الأربعاء 5 أيلول (سبتمبر) 2001م، ونُشرَت في مجلَّة المجمع، المجلَّد 67، الجزء 2، عام 2002م.

[2] كان التِّلميذُ قديمًا يُسمَّى (صاحبًا) لشيخه؛ فأبو يوسفَ ومحمَّدٌ صاحبا أبي حنيفة، والرَّبيعُ بن سليمانَ المُراديُّ صاحبُ الشافعي، وابن جنِّي صاحبُ أبي عليٍّ، وهلمَّ جرًّا. انظر (مقالات أستاذنا الطَّناحي) برَّد الله مَضجَعه 1/21.

[3] صدرَ الكتابُ في تِشرين الثاني- نوفمبر 1999م، عن دار الفكر بدمشق، وقد اطَّلعتُ عليه أوائلَ شهر ديسمبر 2000م، وكان فرَغ أستاذُنا الدكتور الدالي من مقاله هذا تحت عنوان: (جِزاف الكَفاف: نظرةٌ في كتاب الكفاف للأستاذ يوسف الصَّيداوي) صباحَ يوم الأربعاء 9 شُباط- فبراير، 2000م، وقد نُشرَ في مجلَّة الدراسات اللغوية بالرياض، المجلَّد الثاني، العدد 3، أيلول- أكتوبر 2000م، وردَّ على مقالته الأستاذُ الصَّيداوي في المجلَّة ذاتها المجلَّد الثالث، العدد 2، يوليو- سبتمبر 2001م، بعنوان (جِزاف الجِزاف) ثم نشر ردَّه في كتاب بعنوان (الكَفافُ وأباطيلُ أعدائه).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من ذكرياتي مع الألباني للشيخ بو خبزة
  • من ذكريات شهر ذي القعدة (1 /2)
  • من ذكريات شهر ذي القعدة (2 /2)
  • السماء في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي
  • الدنيا في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي
  • السؤال والجواب في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي
  • ذكرياتي في السودان (1) مشهد النيل من فوق السحاب

مختارات من الشبكة

  • ذكريات شموع الروضة (7) ذكرياتي مع محمد العبدالله الراشد وأبيه رحمهما الله (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من قلب الزمن الجميل.. ذكرياتي مع أستاذي الجليل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكرياتي مع الشيخ محمد الطيب اليوسف (1337 - 1429)(مقالة - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • ذكرياتي مع الكتب (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من ذكرياتي مع المرحوم الشيخ عبدالرحمن الباني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الماء في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ذكرياتي عن أهل نجد في الشام، وعَلاقة الشيخ فوزان السابق بحيِّ الميدان والسلفيين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطفولة في ديوان (مراكب ذكرياتي) للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ذكرياتي في السودان (4) رسالة الماجستير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ذكرياتي في السودان (3) يوم الأحزان(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب