• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

آراء وأنباء في العلوم

آراء وأنباء في العلوم
د. أحمد زكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2020 ميلادي - 14/11/1441 هجري

الزيارات: 4148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آراء وأنباء في العلوم

 

المزاج التجريبي:

جمعتني المصادفة في بلد ناءٍ بخبير في اللاسلكي أجنبي، وفي إبان المجلس عرض عليه موظف مصري كبير مشروع نظام للإذاعة اللاسلكية يراد أتباعه في مصر حينما تتم المحطة المصرية الموعودة في يناير القادم [يناير 1934م]. وكان المشروع طويلًا عريضًا كثير التفاصيل دقيق الأجزاء كثير الفروض، كثير الردود، معجبًا في انسجامه، مقنعًا في تلاوته، ولا شك أن كاتبه استغرق في مكتبه ساعات عديدة لتدبيره، واستهلك كثيرًا من الورق والحبر قبل الانتهاء على صيغتِه الأخيرةِ. ولما فرغ صاحبنا المصري من عرضه سأل الخبير رأيه فيه وعن القدر الذي يتاح له من النجاح، فسكت الخبير هنيهة ثم قال: ابدءوا بعُشر هذا فستجدون أن معالجة هذا العُشر الأوَّلِ سترسم لكم الطريق إلى معالجة التسعة الأعشار الباقية.

 

لا أدري إن كان خبيرنا المذكور تثقف بثقافة علمية خاصة ولكن الذي أدريه أن عقليته لا شك علمية ورأيه الذي ارتآه صدر عن نفسية مزاجها تجريبي، والمزاج التجريبي وليد المران العلمي. فالعلم يتشكك في كل ما ينتج عن الفكرة الخالصة وعن نشاط الفكر البحت الذي لا يتعدى حدود الجمجمة.

 

والعالِمُ الحديث كالسفسطائي القديم في فقدانه الثقة بالمنطق الصرف باعتباره أداة كافية لكشف الحقيقة. والعالِمُ الحديث يبالي بالنتيجة العملية أولًا فإن فسرتها النظرية فقد حصل توافق محمود، وإن كان خصام فالنظرية مخصومة مرفوضة. وكثيرًا ما تجد هذا المزاج التجريبي في رجال ليس العلم صناعةً لهم، فتجده في التجار وأرباب الصناعة وفي الساسة، وقد يكون طابعًا خاصًا في أمَّةٍ، وقد وجدته في الأمة الإنجليزية طابعًا لها، لا سيما في رجال تثقفوا بثقافة خاصة كثقافة كمبردج أو أكسفورد، والخبير الأجنبي المذكور من هؤلاء.

 

ولو أنك عرضت هذا المشروع اللاسلكي المنمَّق على مصري ذي ثقافة قاهرية لكان سريعًا إلى نقده ونقاشه بكل ما وهب من مزاج نظري ومقدرة فائقة في التخريج المنطقي، ولحَسب بعد الفراغ أنه أتى بنتاج صائب لا يأتيه الباطل من أي جوانبه، إذا هو طُبِّق ونُفِّذ فلن تجرؤ قوانين الطبيعة ولا سنن المجتمع أن تعترضه أو تخالفه.

 

ولقد لَبِسْنَا معشر المصريين هذا المزاج النظري ضيِّقا لِصق أجسامنا حتى ليصعب علينا خلعه، حتى بعض الذين تدرَّبوا منا تدربًا علميًّا خاصًا يميل بهم هذا المزاج حينًا فينسون التجربة وخطرها في أمور العلم وأمور الحياة.

 

قص لي صديق عالم مصري أختصه الله من بين العلماء بنعمة الثراء لسر لا يعلمه سواه، فكانت له أرض واسعة مَرِضت فأتعبه تسميدها فذهب إلى خبير مصري عالم في السِّماد فسأله رأيه، وبعد أخذ ورد وفحص وصف له الدواء، فذهب صديقنا إلى أرضه بسِنٍّ ضاحك ورجاءٍ وافر، ولكنه بعد فترة التجربة عاد إلى صاحبه السَّمَّاد بوجه كاشر وأملٍ خائب، فسأله أعندك أرض، قال لا، قال نصيحتي للدولة أن تفصل من خدمتِها كلَّ سمَّاد لا أرض له ثم تولَّى. فقلت لصاحبي لقد كان أقربَ إلى الإنصاف وأدنى إلى الإحسان أن تتمنى على الدولة أن تهب أرضًا لكل سمَّادٍ لا أرض له، فنسى صاحبي الأرض وابتسم راضيًا عن هذا الحل الموفق.

 

سفينة في معمل:

والحق أن هناك وجهًا قد يخفي حتى على من يقضون أصباحهم وأمسائهم في المعامل، فإن تجربة المعمل محدودة وأوجه الشبه التي بينها وبين ظاهرة طبيعية تحدث في العراء الواسع قد تكون قليلة مبتورة، فقد تكون في تجربة المعمل صفاتٌ منجحة لا تكون في الطبيعة، وقد تكون فيها صفات مخيِّبة ليست في الطبيعة، وقد يكون في الطبيعة ما ليس في تجربة المعمل، وليس من الهين كل حين إدراك هذه الفروق في الصفات ولا سيما في شئون الحياة ومناطق العرفان التي لا يزال العلم يمشي فيها بخطى محذورة ثقيلة، مستهديًا في حُلكتها الكثيفة بفتيل ضئيل من زيت قنديل. وكثيرًا ما أدرك العلماء هذه الحقيقة إدراكًا قويًّا خرج بهم عن حدود العمل المعروفة وعن طرائقه المألوفة. مثال ذلك: أن التفاح من أكثر الفواكه عبرًا للمحيطات، وأطولها سفرًا وأكثرها اختلافًا بين مناطق الأرض الباردة والحارة، فكانت تتلف منه في تلك الأسفار مقادير هائلة، ففحصوا أسباب هذا التلف فاهتدوا إلى أن من أسبابه الحرارة التي تكون في قاع السفينة ولا سيما في الأقطار الاستوائية، فكان من ذلك أن أودعوه مخازن بالسفينة تبرد تبريدًا صناعيًّا طول السفرة. ثم ارتأوا بعد ذلك أن الهواء المحبوس سبب قوي في الفساد الحادث، وإن التفاحة تحيا خلاياها وتموت، فهي مثلي ومثلك في حاجة إلى الأكسجين النقي لتبقى حية صالحة، وكذلك في حاجة إلى شيء من الضياء. فمهدوا للتفاح المسافر وسائل الحياة والترف احتفاظًا بحيويته، فنقص مقدار العادم إلى نسبة قليلة هي خمسة في المئة. ولكن التفاح تبلغ التصديرة الواحدة منه ثلاثة الملايين من الصناديق. فالخسارة في هذه وحدها تبلغ مائة وخمسين ألف صندوق. من أجل هذا اعتزم معهد الأبحاث بـ (إيست مالنج) بمقاطعة (كنت) بإنجلترا أن يقوم بدراسة حاسمة لا هوادة فيها لخلاص تلك البقية الباقية من العدم.

 

(وإيست مالنج) محطة لبحث النبات عالمية، لها معامل واسعة تبلغ المئة من الفدادين، ولها في تربية النبات وانتقاء جذور الأشجار ولا سيما أشجار الفواكه سمعة واسعة، وهي فوق ذلك غنية قادرة، فأرادت أن تلم بكل الظروف المحيطة بالتفاح أثناء سفره، فابتنت في معاملها ما يشبه السفينة، وأقامت فيها كل ما يقوم في السفينة، وجهزتها بجهاز يزيد في حرارتها أو ينقصها حسب المراد، وأتت بحمولة التفاح فأودعتها عنبر (السفينة) وأودعت بين صناديق (البضاعة المسافرة) مئتين وخمسين ترمومترا لرصد الحرارة، وبما أن العنبر سيظل مغلقًا طيلة (السفرة) فقد وصَّلوا الترمومترات بأسلاك كهربائية ليستطيعوا رصد الحرارة من بعيد وبخاصة إذا هاج (البحر) نعم إذا هاج البحر فإنهم أحاطوا السفينة بأكياس منفوخة بالهواء تعوم فيها عومها في الماء، وأقاموا على الأكياس آلات دافعات جاذبات تحرك السفينة مثل حركتها بين الأمواج المصطخبة والرياح العاصفة، أو من أثر التيارات الخبيئة تحت سطح البحر الهادئ.

 

وكان هذا الجهد وكل تلك النفقة حرصًا على أن تمثل تجربة المعمل تجربة المحيط بحذافيرها وحتى لا يفلت حذفور غير منظور قد يكون له خطره في النتيجة الحاصلة. ولا يزال القوامون على هذه التجربة قائمين فيها، صكوا أبواب العنبر على التفاح وتدرجوا في رفع حرارته وبدلوا له الهواء إلى غير ذلك من أمور، وأهاجوا عليه (البحر) حينًا وهدءوه حينًا، وستصل البضاعة في يناير القادم إلى غايتها، وعندئذ يفتح العنبر وتمتحن البضاعة. ثم تشحن السفينة بضاعة جديدة وترحل رحلة جديدة تحت ظروف جديدة، وهكذا حتى يصل التفاح إلى مقره الأخير سليمًا كلُّه من كل عطب، وعندئذ تتعين الشرائط التي لا بد منها لسلامته، وعندئذ يهدم هذا الهيكل الكبير ويباع حطامًا رخيصًا وسلعة بائرة بعد أن يكون قد أكسب الإنسان سرًا من أسرار الطبيعة قد يكون في ذاته هيّنًا في العلم، إلا أنه في الاقتصاد خطير، فهو يردُّ إلى الإنسانية على مر السنين ملايين الجنيهات، وهذه بدورها تمثل طاقة إنسانية تنفق في الزرع والجني وتعهد النبات، وطاقة أخرى طبيعية مما بذلته الأرض من عناصرها والهواء من غازه والشمس من أشعتها، طاقات يعزّ على العلم والعلماء أن يروها تهدر هكذا كاللبن الصبيب والدم المسكوب.

 

روعة في البرتغال:

في ليلة اليوم التاسع من أكتوبر في بلاد البرتغال تساقطت من السماء السوداء رجوم بيضاء بلغت الملايين فروَّعت الناس كأنهم حسبوا أن عقود السماء انفطرت فأخذت النجوم تهوي بغير حساب. وهذه ظاهرة كانت منتظرة في هذا العام الذي نحن فيه [1933م] وقد تكرر إلى ختام العام.

 

أما سببها فالمذنَّب المعروف بمذنب (تمبل) وهو من مذنبات أسرة الكوكب السيار (أورانوس) وهذا المذنب يطوف حول الشمس في مسار بيضاوي متطاول يقطعه في ثلث قرن، وبما أنه لا يطوف في دائرةٍ نجده في ساعة ما من سنة ما في موضع أقرب ما يكون من الشمس، ثم نجده بعد هذه الساعة بسدس قرن قد حل أبعد مواضعه منها. ثم ينصرم سدس قرن فإذا به في موضعه الأول الأدنى من الشمس، أعني الأدنى من الأرض، فهو باقترابه من الشمس يقترب منا، وهو كالمذنبات يجر وراءه ذيلا من غاز وتراب وأجسام صلبة منها الكبير ومنها الصغير. والمذنب وذنبه يسيران في الفضاء بسرعة هائلة. فإذا مس هذا المذنب بمادته هواء أرضنا بتلك السرعة المروعة احتك به فاحترق فتكونت من ذلك الشهب التي نراها. وقد أدرك هذا المذنب الأرض ورأى الرقباء شهبه في أكتوبر أو نوفمبر من أعوام: (902، 934، 1002، 1101، 1202، 1366، 1533، 1602، 1698، 1799، 1833، 1866، 1901) وتجد بامتحان تلك الأرقام أن الفترات بلغت ثلث قرن أو ثلثين أو قرنًا بتمامه، وقد فات الرقباء - لا شك - ظهور هذا المذنب في السنوات الساقطة من سلسلة السنوات المذكورة. أو لعل الأصح أن نقول أن الذي فاتهم إنما هو رؤية الشهب التي تظهر عنه فتدل عليه، فالمذنب نفسه صغير لا تراه العين اكتشفه مكتشفه بالتلسكوب عام 1866، وعندئذ.. وعندئذ فقط، دُرس هذا المذنب ودرست دورته ودرس زمنها وانكشفت العلاقة بينه وبين شهب سجَّل التاريخ حدوثها في الأزمان الخوالي.

 

ومنذ حل عام 1930 والعلماء في ارتقاب الرسول الوافد، رسول العلم، رسول الإيمان في حسابات الرياضة وقواعد الفيزياء، رسول الثقة في العقل البشري بنَّاءً لقواعد الإيمان النفسي، وقد أتى الرسول وألقى برسالته، فوقعت هذا العام في البرتغال فارتاع لها الجهال. وقديمًا خاف الناس الشهب وراعتهم المذنبات، أليس أبو تمام يقول:

وخَوَّفوا النَّاسَ من دَهياءَ مُظلمةٍ
إذا بَدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنَبِ
وصَيَّروا الأبْرُج العُليا مُرتَّبةً
ما كان مُنقَلِبًا أو غيرَ مُنقَلِبِ
تَخرُّصًا وأحاديثًا ملفَّقةً
ليسَتْ بِنَبعٍ إذا عُدَّتْ ولا غَرَبِ

 

ليتَ شعري أيُّ مذنَّبٍ كان هذا؟ وفي أي سنةٍ ميلادية بالضبط كان؟ وهل هو مما سجله علماء الفلك؟ وهل في حسبان تاريخه التقريبي نفع؟

 

جماد يبصر حيث تعمى العين:

نزلتُ في الصيف الماضي بضَيعةٍ من ضِياع الريف بإنجلترا في دار رجل طيب الخلق سمح كريم إلا أنه شديد على كل من مس ماله وثروته، كان يذكر ذلك ويفخر به ويعلله بأنه كسب ما كسب من عرق جبينه، لا عرق جبين والد أو عم. لذلك أغمه وأهمه ونحن نزول عنده أنَّ لِصًّا ماكرًا لحوحًا ألح على بيت للدجاج له يقع بعيدًا عن الدار فكان يحمل منه كل ما وجد به من البيض، وغاظ صاحبنا منه أمران: أولهما أنه كان يختلف إلى بيت الدجاج والشمس في السماء ومع هذا يفلت، وثانيهما أنه كان يلبس حذاء من قش حذَرَ أن تنطبع قدمه في الأرض فتدل عليه. وفي ذات يوم ونحن جلوس إلى المائدة يحدَّثنا صاحبنا الريفي للمرة العاشرة عن السارق ويشكو، إذا بأساريره تُبرق وعينه تلمع وأسنانه تتحرّق تحرق المغيظ جاءه النصر على غير انتظار. فسألناه عن خطبه، فقال فخ سأنصبه للوغد، وعن قريب تسمعون عن رقم قياسي للبيض سيدفعه هذا الكلب النذل عن كل بيضة سرقها. وفي ذات مساء والشمس تغيب والمطر رذاذ كنتُ عند الباب الخلفي للدار أتفقد السماء، فلمحت صاحبنا يهرول من بعيد، قد انكشفت نواجذه بابتسامة عريضة، وتأبط شيئًا صغيرًا ملفوفًا في جريدةٍ. فلمَّا اقترب سألته عما جرى فقال صدت السارق، فقلت فأين هو؟ قال هنا، وأشار إلى الصندوق الذي تحت إبطه، ثم سألني أتعرف تحميض الصور؟ قلت نعم، قال فهلم إلى معونتي فخبرتي بذلك قديمة منسية. وما كادت تظهر الصورة السالبة على لوح الزجاج الأسود حتى اختطفها يحملق فيها وكأنه تبين ملامح السارق. ولم يُضْح صباح اليوم التالي حتى كان اللص في دار الشرطة ولم يسعه وقد واجهوه بالصورة إلَّا الاعتراف.

 

وخلاصة الأمر أنَّ صاحبنا الفلاح خبَّأ الكاميرا داخل بيت الدجاج ووصلها بسلك بالباب. وكانت في مواجهة الداخل، فلما دخل اللص فتح الباب فانكشفت العدسة فارتسم المنظر فكانت شهادة لجماد لا تعْدِلها شهادة الأحياء.

 

خطر لي بعد هذا الحادث أن مضيفنا كان لا شك رجلا فطنًا، وأن صاحبنا اللص كان على حيلته غبِيًّا لأنه خالف عرف اللصوص فزار البيت نهارًا، وسألتُ نفسي وماذا كانت الحيلة لو أنه زار الدار ليلًا، وأخذت أداور حلولًا في رأسي للتسلية. ثم انتقل فكري من هذا كله حتى كان هذا الأسبوع فوجدت سؤالي يجاب في بعض أنباء العالم، ذلك أن رجلًا استخدم لالتقاط الصورة في الظلام مصباحًا كهربائيًّا يشع بالنور البنفسجي المعروف، إلا أنه استبدل بزجاجة المصباح الشفافة زجاجة خاصة سوداء تحجب من الضوء البنفسجي كل إشعاعات الطيف المرئي وهي الشعاعات التي تحسها عين الإنسان وبها تبصر، ولكنها لا تحبس ما فوق تلك من إشعاعات كيميائية تؤثر في الأفلام الفوتغرافية، فأنت إذا نظرت مثل هذا المصباح في حجرة مظلمة فأنت لا تراه، ولكن إذا كان بيدك كاميرا ففتحتها ارتسمت فيها صورته وارتسم كذلك المكان. فلو أن لِصًّا زار بيت الدجاج ليلا وكان به مصباح كالذي نحن بصدده لما أفادته الظلمة شيئًا.

 

المصدر: «مجلة الرسالة»، العدد: 20، أول نوفمبر 1933م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطب والعلوم
  • نجوم في فضاء العلوم
  • الاصطلاح في العلوم
  • إذاعة مدرسية عن مادة العلوم
  • هل الترجمة أم العلوم؟
  • أثر القرآن في العلوم
  • الترجمة والعلوم الحديثة
  • فضائل العلوم

مختارات من الشبكة

  • أنواع رأى | رأى البصرية ورأى القلبية | ما إعراب قوله: {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا}(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • آراء زيد بن ثابت رضي الله عنه في علم الفرائض جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • من رأى وحده هلال رمضان ورد قوله أو رأى وحده هلال شوال وجب عليه الصيام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العوامل المؤثرة في أداء معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها في ضوء آراء هؤلاء المعلمين (WORD)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • آراء الجاحظ في اللغة: قراءة في ضوء لسانيات التراث(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آراء في النظرية التأويلية أو نظرية المعنى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أثر الفكر الأصولي والمنطق اليوناني في أصول التفكير النحوي وأدلته الكلية "الرأي والرأي الآخر" (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آراء محمد الطاهر ابن عاشور في الإصلاح التربوي "دراسة تحليلية نقدية"(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • من آراء الزجاج النحوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دعاوي المستشرقين حول حجية السنة النبوية: آراء المستشرق "جوزيف شاخت" أنموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب