• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

عرض كتاب: الترجمة الشخصية، لشوقي ضيف

عرض كتاب: الترجمة الشخصية، لشوقي ضيف
محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2019 ميلادي - 6/4/1441 هجري

الزيارات: 9083

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب: الترجمة الشخصية، لشوقي ضيف

 

♦ اسم الكتاب: الترجمة الشخصية. https://www.alukah.net

♦ المؤلف: د. شوقي ضيف.

♦ سنة النشر: 1970 م.

♦ دار النشر: دار المعارف- مصر.

♦ الطبعة: الرابعة.

♦ صفحات الكتاب: 128.

 

تعد "الترجمة الشخصية" أو أدب "المذكرات" من أمتع الفنون الأدبية وأكثرها إثارةً للجدل والتحليلات؛ خاصةً في عالمنا العربي، فهي تعد المرآة الصادقة المعبرة عن روح كاتبها، ولا نبالغ في قولنا أن الناقد قد لا يحظى بشيء يعبر عن مفتاح شخصية الأديب، قدر حظايته بمذكراته الشخصية والتي يبني عليها جلَّ الدوافع التي يدور حولها أدبه، فشخصية الأديب أو السياسي تتشكل طبقًا لواقعه المعاش، وسيرة حياته اليومية، وما جابهه فيها من أحداث وتجارب وآراء تأثر بها وأثَّرَ فيها، والدكتور شوقي ضيف في هذه الدراسة الخاطفة يورد لنا مجموعة منوعة من أدب "الترجمة الشخصية" عند العرب في عصورهم المختلفة، من العصر العباسي إلى العصر الحديث، حيث جاءت دراسته بمثابة سجل مختصر لأبرز تلك الترجمات وشاهدة على تطور كتابة فن المذكرات في أدبنا العربي، والتزامها بجانب الصدق مع العمق الفني.

 

وهذا الكتاب صدرَ ضمن سلسلة "فنون الأدب العربي" التي كانت تصدرها "دار المعارف"، تهتم بدراسة أقسام متخصصة من أدبنا وتراثنا العربي، واستقصاء نماذج منها تبعًا للتطور التاريخي والفني في أسلوبها وطابعها، وهذه السلسلة لا تعالج الأدب العربي بطريقة السنين أو طريقة التقسيم إلى عصور كما ألفنا في كتب التاريخ الأدبي، ولكنها تعالج الأدب العربي على مدى ما اتسع فيه من فنون، وواضع تلك الدراسة د. "شوقي ضيف" أديب وعالم لغوي مصري والرئيس السابق لمجمع اللغة العربية المصري.

 

ولد شوقي ضيف في يوم 13 يناير 1910م بمحافظة دمياط شماليّ مصر. ويُعدُّ علامة من علامات الثقافة العربية، كان الدكتور "شوقي ضيف" عضوًا في مجمع اللغة العربية في سوريا، وعضو شرف في مجمع الأردن والمجمع العراقي. ونال أكثر من جائزة، منها جائزة مبارك للآداب عام 2003، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1979، وجائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي عام 1983. كذلك مُنحَ دروعًا من عدة جامعات كالقاهرة والأردن وصنعاء.

 

وقد ألَّفَ الدكتور شوقي ضيف حوالي 50 مؤلفًا في مجالات الأدب العربي، وناقش قضاياها بشكل موضوعي، من أبرزها: سلسلة "تاريخ الأدب العربي"، وكتاب "تجديد النحو"، وكتاب "تيسيرات لغوية"، وكتاب "الفصحى المعاصرة"، و"من النقد والأدب"، و"من بلاغة القرآن"، و"أسس النقد الأدبي عند العرب"، و"شعر الثورة في الميزان".. وغيرها.

 

وصف الكتاب:

وضع الكاتب رسالته في مقدمة وخمسة فصول، وضح فيها المراد بفن الترجمة الشخصية، ونشأتها، وأثرها في الأدب العربي، وتأثرها بالآداب السالفة كالأدب اليوناني والفارسي وغيره من الآداب، وتطورها منذ بدايتها حتى العصر الحديث، حيث نلاحظ تأثر كتّاب السيرة الذاتية المحدثين بأسلوب أقرانهم من الغربيين في ترجماتهم الشخصية، وصراحتهم وصدقهم حتى في رواية أدق أسرارهم، حيث أرادوا بذلك الفن أن يقدموا خلاصة تجاربهم للأجيال الحديثة، عسى أن تكون تلك الأخطاء والانحرافات الذاتية بدايةً جديدة وفرصةً لتصحيح تلك الأخطاء وتقويمها، وجاءت عناوين الفصول على النحو التالي:

الفصل الأول: تراجم فلسفية.

الفصل الثاني: تراجم علمية وأدبية.

الفصل الثالث: تراجم صوفية.

الفصل الرابع: تراجم سياسية.

الفصل الخامس: تراجم حديثة.

 

يرى الكاتب في مقدمته أن فن "الترجمة الشخصية" هو "فن مستحدث عند العرب، قلدوا فيه غيرهم من الأمم الأجنبية التي قرأوا آثارها، وخاصةً اليونان، فإن بعض متفلسفة اليونان ترجم لنفسه وتحدث عن كتبه، وحاكاهم متفلسفو العرب، واتسعت المحاكاة، فدخل فيها العلماء والمتصوفة ورجال السياسة"؛ صـ5، ولعل هذا ما يفسر سر تقسيم فصول هذا الكتاب على هذا النحو والبدء بمذكرات الفلاسفة الإسلاميين.

 

ويرى الكاتب أن كل طائفة من هؤلاء المترجمين اعتنت ببيان منهجها الخاص، فكل كاتب في فنه اهتم ببيان حياته الفلسفية أو العلمية أو ما خلفه من مصنفات وآثار، "وقلما وقف شخص منهم عند طفولته ونشأته والمؤثرات الخارجية المختلفة التي وقعت عليه وأثرت في حياته"، غيرَ أن هذه الترجمات سرعان ما تطورت وتوسع الجانب الروحاني والاجتماعي فيها بمرور الأزمان وتعاقب الأحداث التي استلزمت أن يسجل السياسيون ظروف المجتمع الذي عاشوا فيه، والتجارب الخارجية التي عايشوها، إلى جانب روحانية التجربة ونزعة الوجدانية عند الصوفيين وأدباء العصر الحديث.

 

ويرى الكاتب تاريخيًّا أن نقوش المصريين القدماء "الفراعنة" على آثارهم هي من أقدم الصور للترجمات الشخصية، بينما سجل "يوليوس قيصر" الروماني في كتابه "التعليقات" حروبه في الغال والحرب الأهلية بينه وبين "بومبي"، وتبعه الفرس في التراجم الشخصية حيث ألَّفَ "كسرى أنو شروان" كتابًا في سيرته وسياسته، وبمرور الأزمان شاعت الترجمات الشخصية والتي كانت لا تخلو من المبالغة وعنصر التمجيد الشخصي، ومن أبرز المترجمين الشخصيين الفيلسوف والطبيب اليوناني "جالينوس" فإنه ضمَّنَ كتبه نوادر متفرقة من حياته وعلى الأبرز في مؤلفيه "مراتب قراء كتبه" و"فينكس كتبه" والذي قرأه فلاسفة العرب وتأثروا بهذا الجانب الفني ونسجوا على منواله وهو ما يقودنا للفصل الأول من الدراسة.

 

تناول الفصل الأول ترجمات الفلاسفة لأنفسهم وعلى رأسهم أكبر مترجم لجالينوس وهو الطبيب والفيلسوف النصراني الشهير "حنين بن إسحق" طبيب الخليفة المتوكل العباسي، والذي سرد في ترجمته الشخصية ما وقع له من محن من بعض نظرائه وأبناء حرفته وعلى رأسهم معاصره "بختيشوع بن جبرائيل"، وقد احتفظ ابن أبي أصيبعة بنص ترجمته في كتاب "طبقات الأطباء"، وقد تأثر فيها "حنين" بما كتبه "جالينوس" عن محنه ومعاناته بين أقرانه، وتورد صورة غير مشرفة للتنافس في بلاط الخلفاء على الحظوة والمكانة، وترجمته تعد ثبتًا لمؤلفاته وآثاره وعلى رأسها ترجماته العلمية لجالينوس وغيره من فلاسفة اليونان.

 

وقد سار على هذا المنهاج أيضًا فيلسوف وطبيب آخر هو "محمد بن زكريا الرازي"، وترجمته الشخصية هي "السيرة الفلسفية الأمثل التي يرى أن يتصف بها محبو العلم ومؤثروه"؛ صـ 15، والتي تركز على التزام الاعتدال الحياتي ومحبة العلم وتحصيله والانكباب عليه.

 

أما العالم الشهير "ابن الهيثم" فقد ترك لنا رسالة ببيان جده واجتهاده في طلب العلم وفيما صنعه وصنفه من علوم الأوائل إلى آخر سنة سبع عشرة وأربعمائة للهجرة، وبيَّنَ ابن الهيثم تَكوّن فكره على كتب "جالينوس" و"أرسططاليس" في المنطق والرياضيات والطبيعيات، وبيان إعجابه بها، وبذلك "أخذت الأبحاث الرياضية عنده شكلًا علميًّا قائمًا على الفحص والتجربة"؛ صـ20.

 

أما "ابن سينا" والذي يعتبره الغرب أعظم فلاسفة الإسلام على الإطلاق فجاءت سيرته قطعة فنية بديعة تدرجت بوصف نشأته في "بخارى" وبداية تحصيله العلم، ثم براعته في دراسة كتب المنطق والفلسفة اليونانية والذي يعد أكبر شارح لها بالعربية وعلى الأخص كتاب "المجسطي" لبطليموس و"إيساغوجي" في المنطق، وتدلل ترجمته التي أكملها تلميذه "أبو عبيد الجورجاني" على علو الحركة العلمية في ممالك ما وراء النهرين وعلى تقلب الأحوال السياسية بها، وهو ما عاناه "ابن سينا" في حياته المضطربة.

 

ويختم د. "شوقي ضيف" هذا الفصل بذكر ترجمات لفلاسفة أُخر ومتطببين واعتماده في ذلك على كتاب "ابن أبي أصيبعة"؛ حيث يورد ما كتبه "علي بن رضوان" وهو أشهر أطباء مصر في القرن الخامس الهجري من سيرة ذاتية، ومذكراته يغلب عليها الطابع الشخصي والاعتزاز بعصاميته التي ألزم نفسه بها حتى وصل إلى ما وصل إليه من مكانة ومنصب، وأيضًا ما كتبه "عبد اللطيف البغدادي" عن سيرته وهو طبيب رحالة يغلب على مذكراته الطابع التشويقي لكتابات الرحالة إلى جانب ذكر من لقيه في رحلاته من كبار رجال السياسة والأدب.

 

ومن أمتع تراجم المتفلسفة الشخصية ترجمة "السموأل بن يحيى المغربي" وكان طبيبًا يهوديًا، ويروي قصة اهتدائه للإسلام عن طريق النظر والمقارنة وإعمال العقل، وحبه منذ نشأته لقراءة كتب التاريخ ومنها أخبار مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخباره، حيث يقول السموأل: «إن اطلاعه على هذه السيرة النبوية الذكية هو ما جعله يؤمن بالإسلام»؛ صـ35.

 

أما الفصل الثاني فقد تناولترجمات العلماء والأدباء لأنفسهم، ويرى الكاتب أن ما ورد عن شعراء العصر الجاهلي يعد من أقدمها، ثم توسع العرب - في كتبهم - في رواية أخبار شعرائهم وأدبائهم وعلمائهم، وكتابات الجاحظ (255هـ) وأبو حيان التوحيدي (414هـ) من أصدق تلك المذكرات التي عنوا فيها بتصوير أنفسهم من خلالها، ولعل نزعة الاغتراب الأدبي التي تضج بها كتابات التوحيدي لما ألمَّ به من ضيق العيش وقلة الرزق هي أصدق تعبير عن الوجهة الثقافية للأديب المرتبطة بالحالة المعاشية، يقول "التوحيدي" في إحدى رسائله: « فلقد فقدت كل مؤنس وصاحب، ومرافق ومشفق، ووالله لربما صليت في الجامع، فلا أرى جنبي من يصلي معي، فإن اتفق فبقَّال أو عصَّار، أو ندَّاف أو قصَّاب، ومن إذا وقف إلى جانبي أسدرني بصنانه، وأسكرني بنتنه، فقد أمسيت غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، مستأنسًا بالوحشة، قانعًا بالوحدة، معتادًا للصمت، ملازمًا للحيرة، محتملًا للأذى، يائسًا من جميع من ترى».

 

ويجمل لنا المقدسي في أوائل كتابه "أحسن التقاسيم" ما عاناه في رحلته الممتعة، وعمق التجارب التي مرَّ بها في حياته، "حتى كان يتنكر كثيرًا ويدخل في غير طائفة من الطوائف الإسلامية"؛ صـ39.

 

ومن مصنفي الأندلس الذين ضمنوا مؤلفاتهم تجاربهم وخبراتهم "ابن حزم" المتوفى سنة 454 هـ، ولعل أبرز ما يورده "ابن حزم" نشأته في كنف الجواري وبين خدورهنَّ ومعاينته لأحوالهنَّ وجملة اعترافاته والبوح عن نفسه التي ضمنها كتابه "طوق الحمامة"، ومن ثم كان "ابن حزم" صورة صادقة لعصره وحياة الترف التي انغمس فيها المجتمع الأندلسي حتى الثمالة.

 

وعرض الكاتب لترجمة "ابن الجوزي" لنفسه في رسالته "لفتة الكبد إلى نصيحة الولد" والتي يوجه فيها ابن الجوزي نصيحة لولده مستعرضًا معه قصة حياته بأسلوب أدبي شديد العفوية والصدق، ويستعرض فيها مصنفاته التي ألفها والتي يعتز بها ويأمر ولده ملازمتها والعكوف عليها، ويبدأ في ترجمته المستفيضة لنفسه بقوله: « وإني لأذكر لك بعضَ أحوالي لعلك تنظر إلى اجتهادي، وتسألَ الموفقَ لي. إن أكثر الإنعام عَلِي لم يكن بكسبي، وإنما هو من تدبير اللطيف بي، فإني أذكر نفسي ولي همةٌ عالية وأنا في المكتب ولي نحو من ست سنين، وأنا قرينُ الصبيان الكبار قد رُزِقتُ عقلًا وافرًا في الصغر يزيدُ على عقلِ الشيوخ، فما أذكر أني لعبتُ في طريقٍ معَ صبيٍ قط، ولا ضحِكتُ ضحكًا جارحًا، حتى إني كنتُ ولي سبعُ سنين أو نحوُها أحضرُ رحبةَ الجامع، ولا أتخيّرُ حلقةَ مشعبذٍ، بل أطلب المحدّث، فيتحدث بالسند الطويل، فأحفظُ جميعَ ما أسمع، وأرجع إلى البيت فأكتبه....".

 

وقد ازدادت الترجمات الشخصية لأغلب العلماء والأدباء فيما تلا ذلك من قرون، إذ سرعان ما "تصبح الترجمة الشخصية سنة متبعة بين كثيرين منهم، وخاصة من ألفوا في كتب التراجم العامة، فقد ضمنوها ترجمات شخصية لهم ولأسرهم"؛ صـ48، ومن أبرز من أفرد لنفسه ترجمة في القرن السابع "أبو شامة المقدسي" والملاحظ على ترجمته أن تلك العصور المتأخرة شهدت في التصنيف جمودًا فكريًا في الفكر العربي، فقلما كان هناك من جديد، بل أصبحت صناعة القوم تكرار الماضي ووضع مختصرات وحواشي على نظم العلوم السابقة.

 

وفيما بعد القرن السابع الهجري نجد أيضًا ممن ترجموا لأنفسهم في "كتب الطبقات" التي شاعت في تلك الفترة: "محمد بن محمد الجزري" و"السيوطي" و"السخاوي" و"محمد بن علي بن طولون الدمشقي".

 

وتناول الفصل الثالث ترجمات مجموعة من الصوفية لأنفسهم؛ والتي شهدت جانبًا جديدًا يركز على سلوكهم وتجاربهم الروحانية، ويلتزم الكاتب الحياد الفكري إزاء عرض أغلب تلك الترجمات وما جاء فيها من رواية لحالات الوجد الصوفي والارتقاء الروحي لأئمة الصوفية في مذكراتهم حيث يبرر هذا المسلك بأنه: « لسنا بصدد البحث في التصوف ولا في نظريات المتصوفة وما يتفق منها مع روح الإسلام وما لا يتفق، إنما تهمنا تراجمهم الشخصية، وما خلفوا منها للأجيال التي تلتهم، ومعروف أن لهم كتبًا مختلفة عنيت بالترجمة للبارزين منهم على مر العصور»؛ صـ60.

 

غير أن د. "شوقي ضيف" سرعان ما نبه على عقيدة "الحلول والاتحاد ووحدة الوجود" الغالبة على فكر وسير ومذكرات كل من الحلاج وابن عربي وأبو يزيد البسطامي، وأن ما في كتبهم من مبالغات وشطحات إلحادية يؤثر على جانب الصدق الأدبي لتلك الكتابات ومضمونها.

 

"غير أن من أهم ما يميز هذه التراجم أنها تصور لنا سلوكهم وتضع تحت أعيننا كثيرًا من تجاربهم التي تعد في جوانب منها غريبة؛ وخاصةً حين يتحدثون عن كراماتهم ومكاشفاتهم وما عرض لهم من الأحوال"؛ صـ60.

 

ومن هذه التراجم التي أوردها: ترجمة إبراهيم بن أدهم الزاهد، وأبي سليمان الداراني، وذي النون المصري، وأبي اليزيد البسطامي، والحلاج المقتول سنة 309 هـ، وابن عربي، وأبي حامد الغزالي، والحجويري من متصوفة القرن الخامس الهجري، وابن الفارض، والشعراني إمام متصوفة مصر في أوائل العصر العثماني.

 

ويعد الفصل الرابع الذي يتناول تراجم رجال السياسة لأنفسهم في تاريخنا الإسلامي هو أهم فصول تلك الدراسة وأكثرها ثراءً وتحليلًا، حيث يرى الكاتب أن قيمتها الفنية والتاريخية تفوق بكثير جميع تراجم بقية أصناف المجتمع من كتاب الترجمات الشخصية، حيث تعطي صورة صادقة على تعاقب الممالك وتباين الرؤى السياسية من خلال تلك المذكرات، "فما نكاد نصل إلى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) حتى نجد بعض السياسيين يكتبون مذكراتهم، وكأنهم يريدون أن يضعوا تحت أعين المؤرخين الأحداث كما شاهدوها وبمقدار ما تدخلوا فيها ليكون حكمهم آكد وأوثق"؛ صـ86.

 

ومن أوائل من كتبوا عن الأحداث في عصرهم وتأثيرهم فيها: داعي دعاة الفاطميين "هبة الله بن داود موسى" والذي يذكر مغامراته في سبيل الدعوة للفاطميين خلفاء مصر الشهيرين حيث حاول إدخال "أبي كاليجار البويهي" ملك فارس وهمذان في العقيدة الفاطمية الشيعية، وعندما طرده البويهيين بتحريض الخلافة العباسية دخل في ركب "ابن البساسيري" في محاولته إسقاط الخلافة العباسية في بغداد والتي انتهت بخلع الخليفة العباسي "القائم بأمر الله" ثم القضاء على تلك الفتنة بعد ذلك من جانب السلجوقيين، "وهذه السيرة طريفة لأنها ترينا كيف كان يعمل دعاة الفاطميين سرًّا، وكيف كانوا يحركون المؤمرات في سبيل دعوتهم.. وكل ذلك وثائق تاريخية جليلة"؛ صـ88.

 

ومن أمتع المذكرات السياسية كذلك ما قصه "عبدالله بن بلقين" آخر أمراء "بني زيري" وأحد ملوك الطوائف في الأندلس في كتابه "التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة" حيث قضى المرابطون على دولته بعد دخولهم الأندلس وهزيمتهم "ألفونس السادس" الإسباني في موقعة "الزلاقة" الشهيرة.

 

ونرى في تلك المذكرات وصف صادق للحال المزرية التي كانت عليها الأندلس في عهد ملوك الطوائف، وأن دخول المرابطين كان حتمية تاريخية لإنقاذ الإسلام في بلاد الأندلس، ولا يبرر "ابن بلقين" مواقفه السياسية ولكنه يحاول أن "يعرض علينا مسرح الأندلس بكل ما كان فيه من صور انحلال سياسي واجتماعي هيأت لاستعلاء كلمة "ألفونس السادس" في أول الأمر على من يجاوره من الأمراء والمسلمين، وأعدت ثانية لاستيلاء يوسف بن تاشفين على ولايات هؤلاء الأمراء وإنهاء عهدهم بالأندلس"؛ صـ90.

 

وفي القرن السادس الهجري برزت مذكرات الأمير "أسامة بن منقذ" بعنوان "الاعتبار" والذي كان أحد أبطال المسلمين في الحروب الصليبية ببلاده في الشام، وتبرز أهمية مذكراته في الوصف الصادق للحالة السياسية التي كانت عليها بلاد الشام ومصر إبان الحروب الصليبية، كما "تصور لنا الفروسية العربية زمن الصليبيين، كما تصور حياة المسلمين لعصره وحياة الصليبيين أنفسهم وهو تصوير أمين دقيق"؛ صـ94.

 

ويبرز لنا "أسامة بن منقذ" الحال المزرية التي كان عليها صليبيو أوروبا وقت حملاتهم على الشرق وانبهارهم بأوج الحضارة الإسلامية وتأثرهم بكافة مناحيها، "حيث كانت الحضارة الإسلامية - فعلًا - في هذا التاريخ تتفوق تفوقًا ظاهرًا على حضارة الأوروبيين"؛ صـ96.

 

ومن المذكرات التي عاصرت فترة صلاح الدين الأيوبي وحروبه في القضاء على الدولة الفاطمية مذكرات "عمارة اليمني" بعنوان "النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية" وهي مذكرات مفيدة من الناحية التاريخية.

 

أما مذكرات "ابن خلدون" فجاءت حافلة بنماذج متباينة من التناقضات والتقلبات وتعارض المواقف "وليس هذا الكتاب الذي ضمنه التعريف به وبرحلاته إلا مذكرات سياسية خطيرة تقفنا على أحوال البلدان التي ألم بها وكل ما كان يجري بها من شئون سياسية واجتماعية"؛ صـ104.

 

ويرى د. "شوقي ضيف" أنه من الواجب أن يعمد المؤرخون إلى إعادة كتابة العصور التاريخية على هدي تلك المذكرات، وأن أغلب تلك المذكرات هي مجموعة من الأضواء النفاذة والتي تسلط الضوء على تاريخنا الإسلامي؛ صـ91.

 

أما الفصل الخامس والأخير فيتناول مجموعة من تراجم العصر الحديث، والتي تأثرت باطلاع الأدباء المحدثين على الآداب الأجنبية، حيث تأثروا بموجة "الاعترافات" التي سادت الأدب الغربي وكان على رأسها "اعترافات جان جاك روسو" التي يقول في فاتحتها: إنه سيعرض نفسه على حقيقتها ولن يموه فيها، ولن يخفي سيئة أو يزيف حسنة، وإنما سيذكر الحق مجردًا، ولن ينقص منه شيئًا، ومضى يعرض حياته عرضًا دقيقًا.

 

وقام الأدباء المعاصرون بتقليد الغربيين في شتى الأساليب الأدبية لتلك الترجمات الغربية، "فهم تارة يكتبون تراجم شخصية كاملة، يرسمون فيها حياتهم رسمًا دقيقًا، لا ينسون فيه البيئة والوسط والظروف الخارجية، وتارة أخرى يقصون على طريقة القوم قصصًا يصور حياتهم، إن لم يكن تصويرًا كاملًا، فهو تصوير لبعض تجاربها"؛ صـ11.

 

ومن أبرز ترجمات المحدثين ترجمة "علي مبارك باشا" لنفسه في "الخطط التوفيقية" وجهوده في سبيل النهضة بالتعليم المصري بدايات القرن الماضي، غير أن ما عيب عليه في مذكراته التنكر للثورة العرابية وممالأة المحتلين الإنجليز لبلاده في سبيل تحقيق أهدافه العلمية.

 

ومن أشهر من كتبوا حياتهم "محمد كرد علي" أديب سوريا وعالمها في نهايات كتابه "خطط الشام" وتلك الفترة كانت الشام تعاني تحت نير الاستعمار الفرنسي مع ضعف العثمانيين الشديد وتخلفهم على كافة المستويات، ومذكراته في قمة الصراحة في تباين مواقفه من العثمانيين والعمل تحت سلطة الانتداب الفرنسي لتحقيق مآربه الإصلاحية.

 

ومن ضمن المذكرات القصصية البديعة "الأيام" لطه حسين، و"إبراهيم الكاتب" لإبراهيم عبد القادر المازني، حيث نلمح فيهما تأنق الأسلوب الأدبي الروائي وبدايات النهضة المصرية الوطنية ومعاصرة لآراء التجديد التي غطت العالم العربي وعصفت بأفكاره القديمة القرن الماضي.

 

وينهي الكاتب هذا الفصل بالإشادة بمذكرات الأديب المصري "أحمد أمين" والتي عنونها بعنوان "حياتي" ويرى أنها أهم ترجمة ذاتية بعد الأيام كُتبت في تلك الفترة، والتي تصف حياة "أحمد أمين" من أولها إلى نهايتها تقريبًا كونه كتبها في أواخر أيامه، "غير أنها لا تعني بهذه الحياة؛ بمقدار ما تعني بالأحداث الهامة التي ارتبطت بها، فهو فيها إلى ذوق المؤرخين أقرب منه إلى ذوق الأدباء، وربما دفعه إلى ذلك دراساته السابقة في العرب وتاريخهم وحياتهم الفكرية؛ فانحدر في أغلب ما كتب من تاريخ نفسه إلى تاريخ عصره"؛ صـ121.

 

وبذلك؛ نرى أن هذه الترجمات مثلت صورة صادقة للعصر الذي كُتبت فيه، فالأديب كما يرى د. "شوقي ضيف" هو "ثمرة كل الظروف التي تحيط به، وبهذا الرأي تؤثر في كتابته عن نفسه، حيث يحاول أن يردّ عواطفه وكل ما يتصل به إلى محيطه وواقعه الاجتماعي، وإن كانت في جملتها تصوير لوقائعه وتجاربه الشخصية".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: " البنك الدولي وإفريقيا " .. تكوين الدول التي يمكن أن تحكم
  • عرض كتاب: مناهج البحث عند مفكري الإسلام للدكتور علي النشار
  • عرض كتاب: تأملات فكرية وفلسفية
  • عرض كتاب: العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم
  • عرض كتاب: أخطاؤنا في تربية الأبناء
  • النجم الزاهر في شيم الملك الظاهر جقمق لابن عرب شاه

مختارات من الشبكة

  • الترجمة في الوطن العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ضوابط ترجمة معاني القرآن الكريم للغة أخرى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الوسائل التكنولوجية الحديثة والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أساسيات الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • توجهات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حدائق الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة العلمية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وجوب تغيير النظرة تجاه الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة الفورية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة والصحافة في النهضة الحديثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب