• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟

هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟
هشام محمد سعيد قربان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/2/2019 ميلادي - 22/6/1440 هجري

الزيارات: 9725

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟


هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟ هذا سؤال كثيرًا ما يُوجِّهه الذين لم يزالوا مستمرِّين في عملهم النظامي، ولم يتقاعدوا، ويُفاجئون به أصدقاءهم ومعارفَهم وبعضَ مَنْ يلقونهم من الذين أنهوا عملَهم النظاميَّ، وأُحيلُوا على نظام التقاعُد.

 

يطلُّ علينا هذا السؤال مِرارًا في لقاءاتنا ومنتدياتنا المختلفة، وينطلق عادة من دوافع نفسية ومستويات متفاوتة بين الجدية والهزل، والالتزام والعفوية، والفائدة والهذر، وكما يطرح في سياقات اجتماعية وثقافية وإعلامية مختلفة؛ لذلك نُقرِّر ابتداءً أن مبحثنا في هذا المقام جادٌّ ومنهجيٌّ وعلميٌّ ومنضبطٌ بتعاليم الإسلام، ومعنيٌّ بالنَّفْعِ في الدارين، هذا يعني أننا غير معنيين بهذا السؤال إذا كان نمطه أو سياقه حديثًا عامًّا، أو نقاشًا غير متخصِّص، أو نُصْحًا عامًّا وغير فاحصٍ ولا مُتمهِّلٍ، أو مجاملة شخصية، أو مقالًا حالِمًا غير منضبط بالمنهجية العلمية، ولا ملتزم بالجدية المقرونة بأمانة القول، وصدق التوجُّه، وصحَّة المسلك من المتحدِّث أو الكاتب أو العالم والسامع أو المتلقِّي أو المتعلِّم.

 

فلا بد أن نتروَّى طويلًا قبل الجواب عن السؤال المعروض في عنوان مقالنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟ ومرجع هذا التروِّي معرفتنا - في أنفسنا - وتذكيرنا لغيرنا بعِظَمِ معنى النصيحة، وكونها أمانةً ثقيلةً وواجبة الأداء في ديننا؛ فالنصيحة عبادةٌ عظيمةٌ مثلها؛ كأركان الإسلام العِظام؛ مثل: الصلاة، والزكاة، وما كنت أحسبني في هذا المقال مُضطرًّا للحديث المفصَّل عن عظم النصيحة في ديننا؛ ولكن دفعني إليه دفعًا صِنْفٌ شائعٌ وغير موفَّق من المقالات الحالمة المتعجلة والمغالطة وغير العلمية التي تدعو الناس كافة بلا تمييز، وتنصحهم نُصْحًا غير مخلص- بلا علم ولا برهان ولا مراعاة للفروق بين البشر- إلى التعجيل ِفي التقاعُد عن العمل!

 

ألا فليتَّقِ الله العظيم الجليل الناصحُ في نصيحته، ومَنْ ينصحهم، فليس كل ناصح بمأجورٍ، فشروط النُّصْح المأجور الإخلاص والفهم والعلم والحكمة، ومَنْ نصح مستهينًا وغير مُبالٍ ولا مستوفٍ لشروط النُّصْح، فهو إلى الوِزْر والإثم أقرب منه إلى الأجر والمثوبة، فالعلم في شريعتنا السمحة مقدَّم على القول والعمل!

 

لقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة: ((الدين النصيحة))؛ رواه مسلم، ((حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ .... وإذا استنصحك فانصح له...))؛ رواه مسلم، "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم"؛ رواه البخاري ومسلم.

 

نقل شارح صحيح البخاري في عمدة القاري: الإمام بدر الدين العيني الحنفي (من أعلام القرن التاسع الهجري والمعاصر للإمام ابن حجر العسقلاني) عن الخطابي في شرح هذا الحديث: "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم النصيحة للمسلمين شرطًا في الذي يُبايِع عليه؛ كالصلاة، والزكاة؛ فلذلك تراه قرنها بهما".

 

أما أصل النصيحة في اللغة: الخُلوص كما ذُكرَ في موسوعة الأخلاق، الصادرة من موقع الدرر السنية، فيُقالُ: نَصَحَ الشيء أو العسلُ؛ أي: خَلصَ من الشوائب وصفا، والنُّصْحُ نقيضُ الغِشِّ، ونُقِل عن الجرجاني: "النصيحةُ: هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عمَّا فيه الفساد".

 

كما نبني جوابنا للسائل المستنصح على أُسس قويَّة من فهم الحقائق الكونية القدرية والعلمية والنفسية المثبتة، ومن هذه الحقائق التي تُمهِّد وتُؤسِّس لجواب منهجي لمبحثنا:

1) أن البشر في كل زمان ومكان مختلفون في الخَلْق والخُلُقِ والقُدْرات والطاقات والقابليات، ولا نُبالغ إن قلنا جازمين أن كلَّ إنسان منا نسخةٌ فريدةٌ وتجربة لا نظير لها فكرًا وطباعًا ومشاعرَ ومسلكًا وتكيُّفًا ونتائجَ.

 

الجانب الأول من الإجابة:

تضيء هذه الحقيقة أول جانب من إجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟ فاختلاف الناس المشهود والمتفق عليه في الحياة يعني: تفاوتهم في التجارب الحياتية، واختلاف ردود أفعالهم وأنماط تكيُّفهم مع نفس الحَدَث وذات المؤثِّر.

 

يعني ما سبق ذكره تحديدًا في سياق مبحثنا: أن التقاعُد عن العمل النظامي تجربة حياتية ذات طابع شخصي فردي؛ ولذا تتفاوت أبعاد تجربة التقاعُد بين البشر منظورًا وتجربة ومعاناة وتكيُّفًا ونتائجَ ونجاحًا أو فشلًا، وهذا يعني أن تجربة من يُوجَّهُ إليه هذا السؤال مع التقاعُد شخصية وفريدة، وخاصة به، ولا تنسحب على غيره من السائلين والمهتمين، والسبب واضح وبيِّن: فشخصية السائل المستَنصِح وفكره ومشاعره وقدراته وطاقاته وماليته وسابق خبرته وحاله ومسؤولياته تختلف تمامًا ومن أوجه عديدة عن شخصية المسؤول الناصح.

 

إن نُصْحَ المسؤولِ عن التقاعُد لا يفيد السائلَ فائدةً حقيقيةً ومنهجيةً إذا انطلق فقط من منظور وسياق تجربته الخاصة والفريدة، ولم يراع الناصحُ الفروقَ العديدةَ بين شخصه وشخص السائل المختلف عنه؛ لذلك نُحذِّر الأفاضل من المتحدِّثين والكُتَّاب من خطر الجواب والنُّصْح المتسرِّع لهذا السائل دعوة للتقاعُد عن العمل أو تنفيرًا منه منطلقين من المنظور المحدود والضيق لتجربتهم الخاصة مع التقاعُد، ويكمن الخطأ والخطر في هذا المسلك المحذور في مخالفته أهم شروط صحة النصيحة وأمانة الناصح؛ وهو ملاءمة النصيحة وموافقتها لشخص المنصوح وقدراته وطاقاته ومشاعره وحدود تجربته وحاله ومسؤولياته وقدرته على الفهم والتكيُّف.

 

دعونا نترجم فهمنا لما سبق شرحه عمليًّا بتنبيه السائل وإخباره في وضوح أن تجربتنا مع التقاعُد شخصية وفردية، وأن تجارب البشر مع التقاعد متفاوتة ومختلفة، وأن تجربتنا الخاصة بنا لا تنسحب على حاله أبدًا؛ لأنه مختلف عنا من جوانب كثيرة، وإذا كان السائل صديقًا أو قريبًا، ولدينا معرفة علمية عميقة وممنهجة عن شخصيته وقدراته وقابليته وقدرته على التكيُّف، فلعلنا - تحت هذه الشروط فقط - ننتقي دروسًا ونصائحَ من تجربتنا مع التقاعُد ونُكيِّفها، وبعد ذلك نُسقِطُها لتُناسِب شخصية المنصوح وقدراته وحاله.

 

تنقض وتنسف هذه الإجابة الدقيقة - مع بساطتها - الكثير من المقالات المهيِّجة للمشاعر والمشحونة بالنصح العام والمتعجل، أو تلك الحالمة واللا منهجية التي تدعو الناس كافة للتقاعُد بلا ضوابطٍ أو شروطٍ؛ لأنها - كما يزعمون ويتوهمون بلا دليل أو بينة – الغنيمة الباردة لكل متقاعد ومتقاعدة، وغاية السعادة المضمونة لكل من يجربه، ومنتهى الآمال، والحرية الخالصة، والراحة الحقيقية!

 

الجانب الثاني من الإجابة:

ذكرنا في عجالة فيما سبق عرضه:

2) القدرة الشخصية على التكيُّف مع تقلُّبات الحياة وتغيُّراتها، وهذه كسابقتها حقيقة في حياتنا، نراها ونشهدها كل وقت وحين، وتضيء هذه الحقيقة جانبًا آخر يعين في إجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟


إن التقاعُد نقلة من مرحلة حياتية إلى مرحلة أخرى مختلفة تمامًا، ويتخلَّل هذه النقلة تغيُّرٌ كبيرٌ وقويٌّ ومفاجئ في صورتنا الذاتية يرجع إلى الغياب والانسحاب المفاجئ لجزء العمل من هذه الصورة، فصورتنا الذاتية ونظرتنا لذواتنا بعد التقاعُد تختلف جذريًّا اختلافًا كبيرًا ومفاجئًا عن صورتنا قبل التقاعُد، ويؤدي الاختلاف في الصورة الذاتية والفجوة التي تنتج على أثره بين صورتنا وبين توقُّعاتنا إلى تغيُّرٍ واضطراب في نظرتنا لأنفسنا وتوقُّعاتنا منها وتقييمها لها ورضانا عنها، وهنا يأتي الحديث عن قدرتنا الفردية على التكيُّف مع التغيُّر الكبير والمفاجئ في صورتنا الذاتية الناتج من غياب جزء كبير ومعتاد منها يتعلَّق بعملنا النظامي سنين طويلة وآثاره في معيشتنا ونظرتنا لأنفسنا وتوقُّعاتنا وأنماط حياتنا (راجع مقال المؤلف: أيها المتقاعد، هل اختلفت صورتك الذاتية بعد التقاعد عن العمل؟).

 

هيا نترجم فهمنا لما سبق الحديث عنه عمليًّا في سياق إجابتنا للسائل، فنُنبِّه السائل أن تجربة المرء مع التقاعُد شخصية وفردية، ولا تنسحب على غيره مباشرة، ويرجع هذا الاختلاف بين الناس خصوصًا إلى تفاوُت قدراتهم الوهبية والمكتسبة على التكيُّف مع التقاعُد بوصفه تغيُّرًا حياتيًّا جديدًا ومفاجئًا، كما نُحذِّر السائل في نصيحتنا له أن تجربتنا الخاصة مع التقاعُد تختلف عن غيرنا، وتجربتنا تعتمد على أمرٍ خاصٍّ بنا؛ هو نمط ومدى قُدرتنا ومرونتنا الخاصة على التكيُّف الفاعل مع التقاعُد بوصفه تغيُّرًا حياتيًّا كبيرًا ومُؤثِّرًا في صورتنا الذاتية ونظرتنا لأنفسنا وتوقُّعاتنا من ذواتنا في مرحلة مختلفة تمامًا عمَّا سبق من مراحل حياتنا.

 

الجانب الثالث من الإجابة:

كما نفيد عمليًّا في بلورة وإضاءة جانب ثالث يعين على جواب السائل عن طريق استنباط فائدة أخرى من ثنايا حديثنا السابق عن:

3) موقف المتقاعد حيال تغيُّر صورته الذاتية والقدرة الشخصية على التكيُّف مع التغيُّرات.

 

لذلك علينا أن نخبر السائل أن نصحنا له بالإقدام المبكر على التقاعُد أو تأخيره ليس مرتبطًا بتجربتنا الخاصة؛ ولكن نصحنا له مرتبط بقدرته هو - أي: السائل المستنصح نفسه - على التكيُّف ومدى مرونته ومنهجيته في التعامل مع النقص والاضطراب الذي يُحدثه التقاعُد في صورته الذاتية.

 

نُقرِّر في هذه السياق أن نصحنا للسائل بالإقبال على التقاعُد أو تأخيره وما يتعلَّق بنجاحه أو فشله في هذه النقلة الحياتية المهمة مرهون بقدرته - هو وليس نحن - وعمله المنهجي والجاد على سدِّ وملْء الفجوة في صورته الذاتية التي أحدثها غياب جزء العمل النظامي نتيجة للتقاعُد.

 

يعتمد نجاح النقلة من حياة العمل النظامي إلى حياة التقاعُد عن العمل على عدة مقومات من أهمها: عمل المتقاعد الممنهج والدؤوب على تخطيط وتنفيذ ومتابعة مشروع حياتي بديل وطويل وممرحل وأصيل وذي معنى مقنع، مشروع يعوض من خلاله المتقاعد ويسدُّ النقص والفجوة التي أحدثها غياب العمل النظامي عن صورته الذاتية، فلسانُ حالنا حين ننصح مَنْ يسألنا: إن نصحنا لك أيها السائل مرهون بقدرتك - أنت وليس نحن - على التكيُّف ومرونتك وإبداعك وعملك الجاد والمستمر على مشروع:

1- إعادة تشكيل صورتك الذاتية بعد التقاعُد عن العمل.

2- تعويض النقص في صورتك الذاتية الذي أحدثه غياب العمل النظامي.

3- إثراء صورتك الذاتية من خلال إعادة تعريفك لنفسك من خلال قنوات جديدة من العمل والعطاء للبشرية.

4- معرفتك المبكرة بضرورة وأهمية إعادة تشكيل صورتك الذاتية وإثرائها بهوية جديدة وعطاء ذي معنى يستعيد رضاك عن نفسك وحياتك بعد التقاعُد ويُعزِّزه.

5- وهذه المعرفة هي بمثابة نصيحة مشروطة تنطلق من شخصيتك - أنت أيها السائل - وتلائم قدراتك وتُحدِّد هدفك وتقوِّي رضاك عن ذاتك من خلال التجديد والعمل واستعادة معنى حياتك وإثرائه باستدامة العطاء.

 

الجانب الرابع من الإجابة:

هنالك حقيقة رابعة نستعين بها في إضاءة جانب آخر من سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟ وهذه الحقيقة تنبثق من القاعدة التى تقول:

4) أن الحكم على الشيء فرع عن تصوُّره، فالحكم على التقاعُد تحديدًا - من لدن السائل وليس المسؤول - نتيجة لتصوُّر السائل وفهمه للتقاعُد.

 

ونترجم عمليًّا هذه الحقيقة في الفكر والتصوُّر في سياق جوابنا للسائل تحديدًا، فنُخبره حين نصحنا له بوجود تصوُّرات ومفاهيم عدة في المجتمع عن التقاعُد وأثره في الحياة والمتقاعدين والمتقاعدات، وأن كثيرًا من هذه التصوُّرات الشائعة عن التقاعُد حالمة ومغالطة وغير صحيحة ولا منهجية، وبعضها يُسرِف في التشاؤم من التقاعُد والكثير منها - في المقابل - مسرف في التفاؤل المفرط، والثناء المبالغ في التقاعُد، والدعوة غير المنضبطة إليه، وأن صحَّة حكم السائل على التقاعُد مرهونة ومشروطة بصحة تصوُّره وفهمه هو له.

 

فنُركِّز في نصيحتنا على أهمية تمييز السائل وتفريقه بين الغثِّ والسمين، والصحيح والخطأ من التصوُّرات الشائعة في مجتمعاتنا حول التقاعُد، وعدم الثقة في كل هذه التصوُّرات ثقة عمياء بلا نَقْدٍ وتمحيصٍ، وأهمية بناء السائل تصوُّرًا وفهمًا مستقلًّا صحيحًا وعلميًّا ومنهجيًّا عن التقاعُد؛ كأساس فكري وأرضية صُلْبة يبني عليها السائل بنفسه حكمًا صحيحًا ومُتَّزنًا على التقاعُد.

 

فيا أيها المتقاعد، صحِّح تصوُّرك الخاصَّ وفهمك المستقلَّ للتقاعُد؛ لكي يصحَّ حكمُك عليه، ويصحَّ ما تبنيه على هذا الحكم من توجُّهات وقرارات حياتية مهمة وكبيرة، وفي هذا الجانب أحيل القارئ المهتم إلى بحثين سابقين لي هما:

1) هل أنت جاهز للتقاعُد عن العمل؟

2) الدعوة إلى التقاعُد من منطلق النصح العام المتعجل والمنطلق العلمي المنهجي.

ولعلَّه كذلك يجد المزيد مما يعينه في تصويب وتصحيح فهمه وتصوُّره الخاص والمستقل عن التقاعُد في عدة فصول من كتابي العلمي المنهجي الحديث: "دليل المتقاعد السعيد"، والمعروض في المكتبات الكبرى بالمملكة العربية السعودية.

 

الجانب الخامس من الإجابة:

هنالك حقيقة أخرى تضيء جانبًا من إجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟


5) وهي الاختلاف والتبايُن الكبير في المخصصات المالية التقاعُدية بين المتقاعدين الذي يرجع لدرجاتهم الوظيفية والعلمية ومكان وزمن الخدمة الوظيفية، ويقابل هذا التبايُن الشاسع بين المخصَّصات التقاعُدية للمتقاعدين اختلاف آخر في تفاصيل ومقدار التزاماتهم المالية الفردية والحياتية لأهليهم ووالديهم وأولادهم، فكيف لمتقاعد أن ينصح آخر بالتقاعُد، وهو غير عالم بمسؤوليات المنصوح ودخله والتزاماته المالية قبل وبعد التقاعد؟!

ولا ننسى هنا أن المخصَّصات التقاعُدية المالية عادة ما تكون أقل بكثير من مُخصَّصات ورواتب وبدلات الموظفين قبل تقاعُدهم، وهذا سببٌ آخر - فوق ما أسلفنا - للتروِّي في إجابة سؤال مبحثنا.

 

إن التفاوت المشهود في المخصَّصات التقاعُدية والتبايُن بين طبقات المتقاعدين من جهة الملاءة والالتزامات المالية الحياتية سببٌ قويٌّ يمنع انطباق وإسقاط تجربة المسؤول مع التقاعُد من الجوانب المالية مع تجربة السائل الذي تختلف أحواله المالية عن المسؤول، وهذا يذكر المسؤول بأهمية النظر إلى التزامات وملاءة السائل قبل نُصْحِه على الإقبال على التقاعُد أو تأخيره.

 

إن على المسؤول - قبل إجابة السائل - أن يُنبِّهَه إلى إعادة حساب التزاماته المالية بعد التقاعُد حسابًا دقيقًا ومفصلًا على أساس المخصَّصات التقاعُدية التي تقلُّ كما ذكرنا عن مخصصات الموظفين قبل نهاية خدمتهم بالتقاعد، ولا يستوي في هذا الحساب المتقاعد الذي يملك داره مع المتقاعد الذي يدفع إيجارًا لدار لا يملكها، وكذلك لايستوي حال متقاعد كَبُر كلُّ أولاده واستقلُّوا في معيشتهم عنه مع متقاعد لديه أولاد صغار أو والدانِ مُسنَّان يعولهما، وهذا جانب مهمٌّ للإجابة عن سؤال مبحثنا، يدفع المسؤول للتروِّي في النُّصْح من الجوانب المالية، وإذا أراد أن ينصح السائل بخصوص الجوانب المالية للتقاعُد، فعليه أن يبني نُصْحَه وَفْق حسابات مالية تتعلَّق بالسائل - ولا تتعلَّق بالمسؤول - ومخصَّصاته التقاعُدية المتوقَّعة ومصادر دخله المساندة - إذا وجدت - والتزاماته المالية الخاصة وعدد أفراد أسرته وأعمارهم واحتياجاتهم وتكاليفهم المعيشية المختلفة.

 

6) جوانب أخرى مهمة في إجابة السؤال:

سنجد لا محالة لو واصلنا مبحثنا جوانبَ عديدة جديدة ومختلفة ومهمة تُعيننا في إضاءة طريق إجابة السائل، وتُعزِّز استنتاجنا السابق الذي يُركِّز على كون التقاعُد تجربةً حياتيةً شخصيةً ذات طابع فردي خاص، وهذا مما يصعب انسحاب تجربة متقاعد على تجربة متقاعد آخر بحذافيرها ونتائجها، وهذه الجوانب - لو كشفنا عنها بعد مزيد من البحث - ستُعطينا مزيدًا من الأسباب المستضيئة بالنقل والعقل والأساليب العلمية المنهجية المجربة للتروِّي في إجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟


دعونا نُلخِّص الجوانب التي ذكرنا آنفًا، وقرَّرْنا أنها تهمُّنا في إجابة السائل وسؤال مبحثنا الرئيسي:

1- اختلاف قدرات وأحوال الناس في أصل الخلق.

2- تبايُن تجارب الناس نتيجة لاختلاف قُدْراتهم.

3- تبايُن قدراتهم على التكيُّف وتعويض النَّقْص في صورتهم الذاتية وإثرائها.

4- تبايُن تصوُّراتهم وفهمهم عن التقاعُد وما ينتج عنه من أحكام وقرارات.

5- تبايُن طبقات المتقاعدين من جهة مخصَّصاتهم التقاعُدية والتزاماتهم الحياتية والمالية.

6- جوانب أخرى جديدة مهمة ومتعددة تُعين في إجابة سؤال مبحثنا.

 

الخاتمة:

الحاجة إلى الإفادة من منظور ومنطلق منهجي علمي مُتعدِّد وشمولي؛ لنبني أساسًا قويًّا لإجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟


أرجو أن نكون قد وُفِّقنا في مبحثنا هذا إلى التمهيد لاستنتاج مركزي يهمُّنا في إجابة سؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعُد عن العمل؟


ولعلنا نختم مبحثنا هذا بهذا الاستنتاج داعين القرَّاء للحكم عليه قبولًا أو رفضًا أو تعديلًا وتحسينًا، وهذا الاستنتاج في منظورنا يغيب عن الكثير في مجتمعاتنا العربية بالرغم من بساطته وبداهته، فالإجابة عن سؤال مبحثنا كما بينَّا وشرحنا أصعب ممَّا نتوقَّع وأكثر تشعُّبًا وتفرُّعًا، وهذا مما يُبرِز الحاجة إلى بلورة منظور ومنطلق وأسلوب منهجي علمي تعدُّدي شمولي يُعيننا في سبر جوانب عدَّة تتعلَّق بالجاهزية الشخصية الفردية لكل راغب وسائل عن التقاعُد.

 

وفي هذا السياق أذكر سبق الغرب لعالمنا العربي في مجال تطوير امتحانات نفسية عديدة معيارية ذات مصداقية عالية في سبر وتحديد الجاهزية الفردية للتقاعُد، وإعانة المقبل على التقاعُد والمتقاعدين والمتقاعدات على النظر إلى ذواتهم وجاهزيتهم للتقاعُد من منظورات هذه الامتحانات النفسية المعيارية التي أثبتت مصداقيتها بالطرق العلمية المنهجية الحديثة، وهذا يجعل من لديهم معرفة وتدريب مُقنَّن ومعتمد في هذه الفحوصات الكاشفة الأفضل - منهجيًّا وعمليًّا ومهاريًّا - في تقديم مشورة علمية ممنهجة وشمولية للمقبلين على التقاعُد والمتقاعدين والمتقاعدات.

 

إن الدعوة إلى الإفادة من أمثال هذه الامتحانات النفسية الكاشفة لجاهزية المرء للتقاعُد جزءٌ من مشروع كبير بدأتُه، وأرجو العون عليه وشهود بعض ثمرته، ويهدف هذا المشروع إلى العمل الوطني في القطاعين الخاص والحكومي على جوانب عدة للرقي بوعينا المجتمعي والمؤسسي حول التقاعد وحاجات المتقاعدين مفيدين من أفضل التجارب البشرية الناجحة لدى الذين سبقونا بمراحل في مجال الرقي بجانبي الوعي والممارسات المتعلِّقة بسؤال مبحثنا: هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟


إن الرقي بالوعي الجمعي حول التقاعُد سبيلٌ من سُبُل التمكين الإستراتيجي لمستقبل أفضل يساند المتقاعدين والمتقاعدات في بلادنا، فالواقع عمومًا هو ثمرة للوعي الجمعي، وإذا أردنا تحسين واقع المتقاعدين والمتقاعدات لدينا، فعلينا التمهيد لذلك بعمل شمولي متوازٍ يهدف إلى الرقي بالوعي المجتمعي والمؤسسي حول هذه القضية الوطنية المهمة وأبعادها وآثارها العديدة.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شبح التقاعد
  • التقاعد: سلبيات وعلاج
  • التقاعد: ما له وما عليه .. أفكار ورؤى
  • تأملات على درب التقاعد السعيد
  • التقاعد السعيد في الجسم السليم
  • ثمرات استدامة العطاء الإنساني بعد التقاعد السعيد
  • كلمات لمن رغب عن العمل
  • الإنذار المبكر من التقاعد المبكر

مختارات من الشبكة

  • قراءة لمقال: هل تنصحني بالتقاعد عن العمل؟(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التقاعد والحياة والموت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أمي ترفُض زواجي وتنصحني بالزِّنا(استشارة - الاستشارات)
  • أسباب تباطؤ المنشآت الكبرى في العمل على الرقي بخدماتها لمتقاعديها وفق المفهوم العالمي الجديد للتقاعد(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • قرار التقاعد عن العمل بين دافعين: العاطفة الحالمة والعقل المتزن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هل أنت جاهز للتقاعد عن العمل؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الترويح عن النفس في مرحلة التقاعد(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المسار الوظيفي من التوظيف إلى التقاعد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اقتصاد التقاعد في منظور الاقتصاد الإسلامي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مشروع وطني: الإنتاج المنهجي لمتقاعدين ومتقاعدات سعوديين أقدر على التكيف مع التقاعد ومواصلة العطاء(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب