• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

دور السيرة النبوية في إصلاح الاقتصاد العالمي

دور السيرة النبوية في إصلاح الاقتصاد العالمي
د. محمد فضل الله شريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2016 ميلادي - 24/3/1438 هجري

الزيارات: 18571

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دور السيرة النبوية في إصلاح الاقتصاد العالمي

الدكتور محمد فضل الله شريف [1]

 

لقد أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق؛ ليبين للناس طريق النجاة في حياتهم الفانية، وبعد مماتهم في حياتهم الأبدية، ومَن يتبع أحكامه وشرائعه ويطبقها في حياته، وينفذها في كل مناسبة - يحالفه النجاح، فيحيا حياةً طيبة، فيدرك مناه ومنتهاه، ومَن يُعرض عن شرائعه وينفِر عن أحكامه فإن له معيشة ضنكًا، ويُحشر يوم القيامة أعمى، وما من ناحية من نواحي الحياة الإنسانية إلا أوضح لنا رسولُنا صلى الله عليه وسلم معالمها، وبيَّن لنا طرقها، وأنار لنا سبلها، وسمتها، والإنسان يعيش اليوم حياة قلق واضطراب، وإنه قد كنز عنده القناطر المقنطرة من الأموال الطائلة، والنفائس والفرائد من المعادن والذهب والفضة، وبنى القصور الشامخات، وشيَّد المباني تناطح السماء، وهيأ لنفسه من جميع التسهيلات والمرافق، ولكنه يعيش حياة فوضى وانتشار، ولا يهدأ له بال، ولا يقَرُّ له قرار، وهو يتقلب على الجمر، ولا يروق له المنام، ولا يطيب له طعام، ولا يهنأ له الكلام مع الأقارب والأصدقاء، ولا تسُوغ له الحياة؛ لأنه نسي خالقه فأنساه الله، ونسي أوامر رسوله، وخالف نواهيه، فجعل يمشي على طريق الغَواية والضلالة من غير هادٍ ولا دليل حيرانَ، فاليوم الإنسانية في حاجة ماسَّة إلى مَن يهديها ويرشدها إلى صراط مستقيم، لا ملجأ ولا منجى إلا منهج الرسول نبينا صلى الله عليه وسلم؛ مَن يتبع شرائعه وأحكامه في حياته يعِشْ عيشة راضية مطمئنة؛ فجانب من جوانب الحياة الإنسانية هو الكسب والمعاش، فهذه الناحية قد سرى فيها الانتشار والفوضى؛ فكل يريد أن يقضي حوائج بطنه وما حواه لا غير، فلا يتمنى إلا أن يقضي نهمه، ويتم مآربه، ويكمل شهواته، فكل يحاول بتدابيره ومكره وسيطرته وغلبته أن ينهبَ جميع أموال الناس، ويهيمن على ثرواتهم وقدراتهم ووسائلهم ومكاسبهم ومعاشهم، فأصبحت الأموال دُولة بين أغنيائهم، جراء ذلك فقد حلت على الإنسانية الكوارث والأزمات الاقتصادية، والفقر والمجاعة والبؤس، والمسكنة والشقاوة على سائر أرجاء الدنيا. واليوم حاز الإنسان كل شيء في حياته، ولكنه قد فقد جوهر حياته، وهو الطمأنينة، وهي لا تتأتى إلا في الحياة الإسلامية، وبالسلوك على التعليمات الإسلامية في المعاش والمعاد، وإليكم بعض التعليمات الإسلامية المعيشية والاقتصادية التي تضمن للإنسان الحياة الطيبة في دنياه وفي آخرته.


نجد اليوم على وجه الأرض النظريتين المتضادتين حول الاقتصاد؛ الاقتصاد الرأسمالي، والاشتراكي، ومن هذا المنطق يتضح الاختلاف البارز بين الاقتصاد الإسلامي، والاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي، فبينما يمارس الأفراد حريات غير محدودة في ظل الاقتصاد الرأسمالي، وبينما يصادر الاقتصاد الاشتراكي حريات الجميع، يقف نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم موقفه الذي يتفق مع طبيعته العامة، ومع الفطرة التي فطر الله الناسَ عليها، فيسمح للأفراد بممارسة حرياتهم ضمن نطاق القيَم والمُثل التي تهذِّب الحرية وتصقلها، وتجعل منها أداة خير للإنسانية كلها، ونَهْي عن الممارسات التجارية التي تضيق على الناس؛ مثل: الربا والاحتكار، وتحل عليهم بذلك الكوارث والأزمات؛ مثل: الاحتياج، والفقر، والمسكنة، والبؤس، والشقاوة التي نراها اليوم السائدة على سائر الكون.


المبادئ الإسلامية للاقتصاد:

• الاقتصاد الذي هدى إليه نبينا صلى الله عليه وسلم، فلم يأذن لمتبعيه أن يكنزوا الذهب والفضة في أي مكان، بل أمر الله عز وجل بإنفاقهما في سبيل المعيشة، ففرض الزكاة والصدقات النافلة؛ لكيلا يدخر ويكنز الأمراء الأموال، ولا يصادرها من الأسواق، فتجمد المعيشة، ويأتي على الناس المشاكل الاقتصادية؛ فلهذا أمرهم بإنفاق أموالهم الطائلة، وكل ذلك كيلا يكون المال دولة بين الأغنياء فقط، وأنذَر وخوَّف الذين يكنِزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، فقال الله عز وجل:

﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].


• فقد أعطى نبي الإسلام الحرية الكاملة لكل إنسان في ممارسة البيع والشراء، والإجارة، والشركة، والمضاربة، وغيرها من العقود، وقيدها بالأحكام الإسلامية، وقرر لها الضوابط التي تُحفَظ بها من الظلم والاستغلال في شتى صورها؛ من الربا والغش وأكل أموال الناس بالباطل.


• بل حرَّض صلى الله عليه وسلم المسلمين على التجارة، وبيَّن فضل كسب المعاش، ولكنه وضع للمسلمين المنهج الصحيح الاقتصادي، بأن يكون البيع والشراء صحيحًا، وأن يمارس العدل في المعاملات، وأن يحسن في المعاملة، وحرض صلى الله عليه وسلم على الكسب والمعاش؛ للاستعفاف عن سؤال الناس، ومنَعهم عن مواطن الشبهات، وأمرهم بتجنُّب أكل أموال الناس بالباطل، ونهاهم عن بيع ما لا يملك، وبيع النجش، والغرر، أو بيعتين في بيعة، وبالوساطة المستغلة، وتلقي الركبان، وتجنب الربا، وحرم عليهم الغش، والاحتكار، وأمرهم بالسهولة مع الناس في المعاملة، ورد الحقوق إلى أصحابها، وإمهال المعسر، وصلة الرحم، وكفالة فقراء الحي، وقبول إقالة المسلم، وكل هذه الأمور جاءت في شريعة الإسلام؛ لكي تتحر الإنسانية، ولا تكون الأموال دُولةً بين الأغنياء فقط.


ولم يكتفِ صلى الله عليه وسلم بتحريض الأغنياء على الإنفاق، بل جعل ذلك حقًّا مستقلًّا للفقير في أموال الغني، لا بد من إخراجه لتزكية ماله، وكذا أمَر بأن تؤخذ أموال الأغنياء، ويقوم بتوزيعها بين الفقراء والمساكين؛ فقد قال الله عز وجل: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103].


ففي حضارة اليوم والحضارات الماضية: نظام اقتصادهم يدور فيما بين الأغنياء؛ ففشا فيهم اليوم الربا، والغش في المعاملات، وأكل أموال الناس بالباطل، وترويجها وتعميمها بالوسائل الدعاية وغيرها، وهي في الحقيقة خلاف ظاهرها، تضر بالإنسانية، وتجعله أداة غير فاعلة في الحياة.


• فقد فشت في النظام الاقتصادي اليوم الأضرار العديدة، والآثار السيئة التي منع منها الإسلام؛ فمثلًا راج الاحتكار، والربا، والتعسير، وبيع الغرر، وبيع النجش، والخديعة والغش وغيرها، كما يفقد فيهم الزكاة والصدقات وغيرها من صور الإنفاق، فجمدت الأموال ودارت بين الأغنياء فقط.


• ولنحذر من الاهتمام بالأغنياء وتعظيمهم بسبب غناهم؛ وفي نفس الوقت ازدراء الفقراء بسبب فقرهم، ولا يوجد في الإسلام أي حكم يعطي الغني مزية خاصة، وينفي عن الفقير مزية خاصة بنفس هذين السببين - الغنى والفقر - هذا كله لا يوجد في الحضارات القديمة ولا الجديدة.


وحضارات ما قبل الإسلام لا تُعنى بالفقراء؛ فلذلك دعا كل نبي أمته إلى هذا الجانب الأساسي الذي يسمى الزكاة؛ فالقرآن الكريم عند سرد قصص الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ﴾ [الأنبياء: 73].


والنبي صلى الله عليه وسلم منذ أول يوم، عندما ظهر الإسلام في مكة، وليس للمسلمين دَولة، ولا كيان سياسي، عُنِي بالزكاة، وحرض المسلمين عليها في أماكن مختلفة بأسماء شتى؛ مثل: إطعام المسكين، والإنفاق مما رزقهم الله، وأداء حق السائل والمحروم وغيرها.


• فكان مِن ديدن الرسول نبينا صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من المسلمين الأموال ويوزعها على المحتاجين والبائسين والفقراء، وهم يؤدون زكاة أموالهم، ويصرفون وينفقون حقوق أموالهم طيبة بها قلوبهم، راضية بها نفوسهم؛ لأنهم يعلمون جيدًا أن هذا العمل من الزكاة والصدقات يطهر أموالهم، ويزكي قلوبهم، وهو أداء لحق الفقير الذي فرضه الله عليه.


فالإسلام يراعي جانب الفقير والمحتاج في أحكامه الاقتصادية؛ ولذلك حرم الربا، والرشوة، وطرق كسب الأموال بغير الجهد والمشقة.


الأنظمة الموجودة ونطرتها الاقتصادية:

وكل من الأنظمة الشائعة الرائجة في المعمورة - مثل الرأسمالية والاشتراكية - يفترق عن النظام الإسلامي كل الافتراق.

واليوم يتحكم في العالم نظامان ماليان، لكل منهما نفوذه وسلطانه في الأرض.


النظام الرأسمالي: يقوم على إباحة الملكية الفردية إباحة مطلقة، وحرية العمل والكسب من كل سبيل مستطاع، وهي ممثلة في المعسكر الغربي، وهذا النظام وإن أيقظ في الناس غزيرة التملك فإنه يجعل بريق الذهب والفضة أمنية الأماني، فيصاب الفرد بسعر مادي يعدو به في طريق الكسب دون رادع من خُلق أو فضيلة؛ فالربا والاحتكار والرشوة والاختلاس والكذب والخداع والغش: أمور مشروعة في عرف النظام الرأسمالي، وقد نشأ من ذلك تكدس الثروات في أيدي قلة من الناس مهرت في الاستغلال الخسيس، بينما الأغلبية الساحقة من العمال الكادحين تحت رحمتها، وقد بالغت الرأسماليةُ في وسائل الترف والنعيم والمتعة.


ولكن هذا الترف والبذخ في الحياة لأصحاب الثروات في طبقات الرأسمالية أوغر صدور الطبقة العاملة، وأشعل فيهم نار الحقد، ولطالما قام النزاع بين الطبقتين، واندلع لهيب الثورات التي هبت لتخليص العمال من براثن أصحاب العمل، وأدى ذلك إلى أن خففت الطبقة الرأسمالية من غلوائها، وأنصفت طبقة العمال، فأعطت لهؤلاء كثيرًا من الحقوق، ولكن هذ النظام الرأسمالي يكنّ كثيرًا من المساوئ.


والنظام الاقتصادي الثاني، وهو النظام الاشتراكي أو الشيوعي:

والنظام الشيوعي يُلغي الملكية الفردية، ويراها عاملًا قويًّا من عوامل تخريب العامل ودماره، ويجعل جميع قوى الإنتاج مِلكًا للدولة، لا حق فيها للأفراد إلا بقدر حاجتهم، فعلى كل فرد أن يبذل للدولة جميع طاقته، وليس له أن يأخذ إلا بمقدار حاجته سواسيةً، الأيدي العاملة وغير العاملة سواسية عندهم في الاستفادة، ولكن النظرية الشيوعية قد مُنيت بالفشل منذ سنواتها الأولى في مهدها الأول بروسيا، وهو قانون لا يطبق على حياة الإنسان، ولا يطابقها تمامًا[2].


المبادئ الاقتصادية النبوية:

أولًا: الله عز وجل وحده سيحاسبنا على هذه الوسائل والمرافق الاقتصادية والسياسية والأخلاقية.

ثانيًا: المِلكية الحقيقية لله عز وجل وحده، وهو يملِك حقيقة ما في الأرض جميعًا، من موارد ومنابع، والإنسان مستخلَف في الأرض للإعمار والاستفادة من مرافقها ومنافعها، وهم سواسية في ذلك، لا فضلَ لغنيٍّ على فقير.


والآيات القرآنية تشير إلى ذلك:

﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 120].


ثالثًا: الإنسان من بين المخلوقات على وجه الأرض ولكن له كرامة وشرف وتفوق، فسخر الله عز وجل له ما في الأرض وكرمه به:

﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الجاثية: 12].


رابعًا: جاء الإسلام لتطبيق مبدأ العدالة بين الناس، العدالة في جميع مستوياتها، عدالة التملك، وعدالة التوزيع، وكذا عدالة العمل، وعدالة الكسب ونحوها.

فلما يرسخ هذا الاعتقاد في قلب الإنسان فلا يستطيع بعدُ أن يستغل الآخرين، أو يظلم أحدًا، أو يحرمه مِن شيء من حقوقه.


فالإسلام يَحمي الملكية الفردية، ويجعل حفظ المال من مقاصد الشريعة، فهذا ينافي ما تراه الاشتراكية من سيطرة الدولة على أموال الناس، أيًّا كان طريق كسبها؛ فالنظام المالي في الإسلام ليس نظامًا رأسماليًّا مطلقًا، ولا نظامًا اشتراكيًّا، وما في النظام الاشتراكي حرية، ولا في النظام الرأسمالي.


فيبيح الإسلام الملكية المشروعة ويحميها، يعني يتملك الإنسان الأشياء بالوجوه المشروعة، ويحميها لصالح الفرد والمجتمع، فيحث على كسب المعاش والسعي في الأرض في منعطفاتها الوعرة لكسب الرزق؛ ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، ولا يأمر الناس بالانقطاع في العبادة، بل يكلِّفهم أن يأخذوا حظهم الروحي في عبادة الله، ثم ينطلقوا بعد ذلك لتحصيل حظهم المادي: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].


فيقرن بين الذين يضربون في الأرض والذين يجاهدون في سبيل الله: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20]، ويُربِّي الإسلامُ المسلمَ على كرامة النفس، والترفع عن ذلة المسألة؛ فجاء في الحديث النبوي الشريف: ((والذي نفسي بيده، لأن يأخذَ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خيرٌ له من أن يأتي رجلًا فيسأله، أعطاه أو منعه))؛ (البخاري: باب الاستعفاف عن المسألة، حديث: 1470).


خامسًا: اللقمة التي تستخرج من البنان أفضل في نظر المسلم، وخير طعام يُستمرأ ما يأكله الإنسان من سعيه وكسبه؛ فليس للأمة المحمدية مساحة للبطالة: ((ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده))؛ (البخاري: باب كسب الرجل وعمله بيده، حديث: 2702).


كما جاء في القرآن المجيد:﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11]، وقال في موضعٍ آخرَ: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80].


وللتملُّك وجوهٌ مشروعة في الإسلام:

وقد أرشَد نبيُّنا صلى الله عليه وسلم إلى وجوه مشروعة للتملك في الإسلام:

• يتملَّك المسلم بالسعي والاكتساب.

• ويتملك المسلم بإحياء الأرض المَوَات.

• ويتملك المسلم بإقطاع الإمام له.

• ويتملك المسلم بالغنيمة في الجهاد، وبالفيء.

• ويتملك المسلم بالهِبَة.

• ويتملك المسلم بالإرث.


• فقد جعل الإسلام الرضا أساسًا للتبادل التجاري؛ فقال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، ونهى عن الكسب الخبيث، وكل بيعٍ فيه غَرَر.


• وحرم الإسلام الربا؛ لأنه زيادة للمال من غير وجه حق، وآذن المرابين بحرب منه ومن رسوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279].


• وحرَّم الإسلام الغش في المعاوضة: ((مَن غشَّ فليس منا)).

• وحرَّم الإسلام الاحتكار؛ لِما فيه من تحكُّم المحتكر في أقوات الناس، والإضرار بهم في غلاء الثمن: ((لا يحتكِرُ إلا خاطئٌ))؛ (رواه أحمد).

• وحرم الإسلام استغلالَ النفوذ، وأَخْذَ الرِّشوة.


• وضع حد السرقة: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].

• وحرَّم الغَصْب: ((مَن اقتطع من الأرض شِبرًا ظُلمًا، طوَّقه الله يوم القيامة من سبع أرَضين))؛ (البخاري).


• وحارب الترف والبذخ والإسراف، هذه الأمور التي تقتل حيوية الأمة: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الإسراء: 27].

• وحرَّم أكل أموال الناس بالباطل: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188].


• وحرَّم تسعير السلع: عن أنس رضي الله عنه، قال: غلا السِّعرُ على عهد رسول الله، فقالوا: يا رسول الله، لو سعَّرْتَ؟ فقال: ((إن اللهَ هو القابض الباسط الرزَّاق المُسعِّر، وإني لأرجو أن ألقى الله، وليس أحد منكم يطالبني بمَظلِمةٍ ظلمتها إياه في دم ولا مال))؛ (أبو داود).


خلاصة القول:

وفي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تفصيلات وضوابط للتجارة التي تضمن للعالم السلامة والأمن والاستقرار والطمأنينة، بغير إضرار للآخرين، وهذه المبادئ التي أرشد إليها نبينا صلى الله عليه وسلم لا بد من التمسك بها، وإننا نحاول اليوم أن ننشُرَ الأمن والسلامة والاستقرار والطمأنينة في كل أرجاء المعمورة، لا بد لنا أن نقيد أنفسنا بالتعليمات النبوية صلى الله على صاحبها وسلم، التي تنجي الإنسانية من الهلاك والدمار، والوقوع في حضيض الإبادة.

 

المصادر والمراجع:

1- مناع القطاع، موقف الإسلام من الاشتراكية، أو نظرية التملك في الإسلام: 10-11- 12، دار الثقافة الإسلامية بالرياض.

2- معالم الاقتصاد في السنَّة النبوية المطهرة، جامعة قدس، 2008 - 2009.

3- ظافر القاسمي، نظام الحُكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي: 53 - 70، دار النفائس، بيروت.

4- د. عبدالله بن عبدالمحسن الطريقي، الاقتصاد الإسلامي، مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان.



[1] الأستاذ المساعد: ايه كيه ايم الكلية الشرقية (التابعة بالجامعة العثمانية) غاتشي غوره حيدر آباد.

[2] مناع القطاع، موقف الإسلام من الاشتراكية، أو نظرية التملك في الإسلام: 10 - 11 - 12، دار الثقافة الإسلامية بالرياض.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مزايا السيرة النبوية
  • طبيعة البحث في السيرة النبوية
  • إسهامات التعليمات النبوية في إقامة السلام العالمي
  • أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الإستراتيجية
  • التأسي بالنموذج والتواصل الحي مع السيرة النبوية
  • منطق العربية في ظلال السيرة النبوية
  • أهمية وفوائد دراسة السيرة وعلم التاريخ
  • الاقتصاد وسعادة الحياة
  • لنتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • شبكة السنة تتيح الاستماع لأحاديث السيرة النبوية(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • روسيا: مسابقة للأطفال في السيرة النبوية برعاية دور النشر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دور الاقتصاد الإسلامي في تعزيز نظم الاقتصاد العالمية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أثر السنة النبوية في إصلاح الواقع الاجتماعي: نماذج عملية تطبيقية في السيرة النبوية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • السيرة النبوية الكاملة الشاملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في السيرة النبوية من المولد إلى البعثة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منازل السنة النبوية في مناهج السيرة النبوية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آفاق السيرة النبوية (24) المدينة دار الهجرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مختصر السيرة النبوية لابن شيخ الحزاميين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأسرة والسيرة النبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب