• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

الإمام شهاب الدين الكوراني

الإمام شهاب الدين الكوراني
شريف عبدالعزيز الزهيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/10/2016 ميلادي - 29/1/1438 هجري

الزيارات: 22342

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإمام شهاب الدين الكوراني

 

العلاقة بين أئمة الدنيا وأئمة الدين دائمًا ما تكون علاقة حساسة، يشوبها الكثير من المخاطر، ذلك أن إمام الدنيا عادة ما يطلب من إمام الدين الغطاء الشرعي لأفعاله وأقواله وقراراته، بغض النظر عن مدى قربها أو بعدها من أحكام الشريعة، وإمام الدين عادة ما يطلب من إمام الدنيا أن يستجيب لنصحه وإرشاده، ويعمل بتوجيهاته، وعندما تصطدم الرغبات، ويختلف الإمامان، تقع المحن، وتنزل البلايا، وتبرز المخاطر، والتي عادة يكون لإمام الدين الجانب والحظ الأوفر من تلك المحن، وهذه محنة واحد من هؤلاء الأئمة الأعلام الذين كانوا بمثابة الحكام، ثم قام بهم سوق المحن، فتشردوا في البلاد، ولكن ظلوا على الثبات حتى الممات.

 

التعريف به:

هو الشيخ العلامة، مفتى الدولة العثمانية، مربى الملوك والسلاطين، الإمام شهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن عثمان الشهرزوري الهمداني التبريزي الكوراني ثم القاهري، عالم بلاد الروم (الدولة العثمانية).

 

ولد سنة 813هـ بكوران من أعمال تبريز (الآن في إيران)، وبها تلقى علومه الأولى، وتضلع كما هي عادة أهل تلك البلاد في علم أصول الفقه والمنطق والكلام واللغة وعلومهما، وتوسع في العقليات، وبرع في المناظرات، وشارك في الفقه، حتى ضاقت بلدته الصغيرة على محصوله العلمي الغزير، فقرر الخروج إلى رحلة علمية كما هي عادة طلاب العلم فرحل إلى دمشق وهو دون العشرين، فاشتغل على علمائها، حتى نال مراده، وقطع مأربه منها، ثم توجه إلى القاهرة، وهي وقتها حاضرة العالم الإسلامي، وعاصمة دولة المماليك، وبها أساطين العلماء، وكبار الأئمة، وعلى رأسهم الحافظ ابن حجر العسقلاني.

 

وفي القاهرة أكب الكوراني على تحصيل العلم، وانقطع عن الاشتغال، ولازم حضور مجالس العلماء، ومازال صيته يعلو ويعلو، حتى طارت شهرته للسلطان المملوكي الظاهر جقمق، فاصطفاه لمجلسه، وقربه من بساطه، فصار من خواصه، وكان الكوراني ظريفًا مطبوعًا، طلق اللسان، بارعًا في البيان، عنده حدة، وشدة في المناظرة، لا ينافق سلطانًا ولا أميرًا، وهي خصال أحبها السلطان جقمق المملوكي، وإن كانت بعد ذلك ستورثه سلسلة المحن المتعاقبة في حياته.

 

ولم يكن للكوراني مؤلفات كثيرة، بل كانت جل أعماله العظيمة في مجال الدعوة والإرشاد والقضاء، وله شرح لصحيح البخاري، وتفسير للقرآن الكريم أكثر فيه من التعقب على جلال الدين المحلي في تفسيره (الجلالين)، وله قصيدة في علم العروض نحو ستمائة بيت، وقد أنشأ في إستنبول جامعًا كبيرًا ومدرسة، سماها دار الحديث.

 

محنته في القاهرة:

ارتفع شأن الكوراني في القاهرة، وصار من جلساء السلطان نفسه، وذلك في فترة وجيزة من الزمان، مما أوغر صدور بعض المشايخ، ومن ينتسب إلى العلم، وممن كان يحظى بعلمه عند السلطان، وقد وجدوا من الكوراني منافسًا لهم في مجالس السلطان، ويشاركهم في اهتمامات السلطان، فتحركت الأحقاد والحسد والغيرة المذمومة في صدورهم، وبدأوا في التحريض على الكوراني، والخوض في حقه، مستغلين حدته المشهورة.

 

وجد خصوم الكوراني وحساده فرصة سانحة لا تفوت في الحادثة التي وقعت للكوراني مع أحد شيوخ الحنفية، وهو حميد الدين النعماني، وكان ذلك الرجل يدعي انتسابه للإمام أبي حنيفة النعمان، وقد تباحثا في مسألة فقهية، وطالت بينهما المناظرة، وعلت حجة الكوراني على حجة النعماني، فما كان رد فعل النعماني إلا أن شتم الكوراني وسب آبائه، فرد عليه الكوراني السباب والشتم، فذهب خصوم الكوراني وحساده إلى قاضي القضاة والسلطان المملوكي، واشتكوا أن الكوراني قد سب الإمام أبا حنيفة، وحرضوا على محاكمته وتأديبه، فعقد قاضي القضاة له مجلس تأديب، وحكموا عليه بالجلد ثمانين جلدة، وذلك بمحضر من السلطان نفسه، ثم أمر بنفيه خارج البلاد، على الرغم من أن الكوراني مظلوم، لا ذنب له، وإنما رد على من شتمه، كما أن نسب الشيخ حميد الدين مشكول فيه، ولم يقصد الكوراني أبدًا أن يسب أبا حنيفة، فالكوراني من أتباع المذهب الحنفي؛ فكيف يشتم إمامه وشيخه.

 

المنح بعد المحن:

خرج الكوراني من بلاد مصر مثقلاً بالهموم والأحزان جراء المحنة التي تعرض لها فلقد شُتِمَ وأهين وضرب، وفرقوا كرامته وعرضه، ثم نفوه خارج البلاد، مثل المجرمين، فقرر التوجه إلى الدولة العثمانية، لأنه سمع عن عدل سلطانها المجاهد مراد الثاني، والذي كان له اهتمام أيضًا بالعلم والعلماء والأدباء والشعراء، وكان كما وصفه يوسف أصاف صاحب كتاب تاريخ سلاطين آل عثمان: تقيًا صالحًا، وبطلا صنديدًا، محبًا للخير، ميالا للرأفة والإحسان.

 

استقر الشيخ الكوراني في أدرنة عاصمة الدولة العثمانية، وذلك عام 840هـ، وأخذ في الاشتغال بالتعليم والتدريس، ونشر علوم اللغة العربية، فأخذ صيته ينتشر بين أهل أدرنة شيئًا فشيئًا؛ فتهافتوا على حضور دروسه ومجالسه، وتسابق الأغنياء على طلبه لتأديب وتربية أبنائهم، وقد لقبوه بالمولى الكوراني بسبب مهارته في تربية الأولاد، وقدرته الفائقة على تعديل سلوكياتهم، ورفع مستوياتهم العقلية والإيمانية.

 

وصلت أخبار شهرة الكوراني إلى السلطان العثماني (مراد الثاني)؛ فطلبه لتربية ولده وولي عهده من بعده (محمد خان) الملقب بالفاتح، وكان صبيًا في العاشرة، أو الثانية عشرة من العمر، وكان السلطان مراد الثاني يهيئُ ولده محمدًا لمعالى الأمور وعظائمها، فعينه أميرًا على ولاية (مغنيسيا)، وانتدب له العديد من المعلمين والمربين لإعداده وتعليمه، ولكن الأمير محمدًا كان صبيًا مثل باقي الصبيان؛ مشغولا باللعب واللهو كعادة من هو في سنه، فلم يمتثل لأوامرهم، وهم بدورهم لم يضغطوا ويشتدوا عليه، خوفًا من هيبة أبيه، فلما رأى السلطان (مراد الثاني)، ولده الذي جعله ولي عهده وخليفته من بعده لم يتعلم شيئًا، ولم يقرأ أو يحفظ شيئًا، اشتد غضبه وسأل عن أفضل معلمي دولته؛ فقيل له رجل غريب من أهل تبريز اسمه (المولى الكوراني)؛ فأحضره مراد الثاني، ووضح له صورة الأمر، وطلب منه أن يشتد في تربية ولده محمد، وذلك سنة 844هـ.

 

وصل الكوراني إلى مغنيسيا، ودخل على الأمير محمد، فوجده واقفًا أمام المرآة يرجل شعره، فقال له الكوراني - وكان في يده عصا غليظة -: أرسلني والدك للتعليم، والضرب إذا خالفت أمرى، فضحك الأمير محمد، وسخر منه، واستمر في ترجيل شعره، فما كان من الكوراني إلا أن ضربه ضربًا شديدًا، حتى خاف منه الأمير محمد بشدة، وأخذ في مذاكرة دروسه، وختم القرآن في مدة يسيرة، ولقد تأثر الأمير محمد بشيخه الكوراني بشدة، وأثر بالأخص في توجيهاته وأفكاره، ولقد أثمرت تلك التربية القوية على محمد خان، فصار بعد ذلك محمد فاتح القسطنطينية، أعظم سلاطين الدولة العثمانية.

 

ظل خبر الكوراني في علو وارتفاع حتى تولى السلطان محمد الثاني قيادة الدولة العثمانية؛ فاختاره مع جلة من العلماء لتولي أهم مناصب الدولة؛ إذ عين الكوراني في منصب قاضي العسكر، وهو أعلى المناصب الدينية وأهمها في الدولة العثمانية، وقد اشترك مع السلطان محمد الثاني في فتح القسطنطينية سنة 857هـ، وكان الكوراني شديدًا في الحق، لا يهاب فيه أحدًا من الناس، مهما كانت درجته أو منصبه، حتى إنه كان يخاطب السلطان العثماني (محمد الثاني) باسمه مجردًا، ويصافحه ولا يقبل يده، بل بعزة العالم، وأستاذية المربي المعلم، يقبل السلطان هو يده، ولعل تلك المكانة العظيمة التي وصل إليها الكوراني قد جلبت عليه نفس المحن التي تعرض لها مع السلطان المملوكي جقمق.

 

محنة الكوراني مع الفاتح:

كان للكوراني منزلة عظيمة عند السلطان محمد الفاتح، وقد تبوأ الإمام أكبر المناصب الدينية في الدولة العثمانية: قضاء العسكر، ثم منصب الإفتاء، ومن شدة حب الفاتح للإمام الكوراني عرض عليه منصب الوزارة، أو الصدر الأعظم، وفوض إليه شؤون دولته كلها، ولكن الكوراني رفض واقتصر على منصب الإفتاء، والمرجعية الدينية لشؤون الدولة، بالإضافة لمنصب قضاء العسكر.

 

كان الكوراني شديدًا، جريئًا، باذلا للنصيحة، غير مستتر بها، وكان شدته على السلطان، وذلك بسطوة المعلم على تلميذه، والوالد على ولده، فكان الفاتح إذا أصدر مرسومًا فيه مخالفة للشرع كان الكوراني يمزقه، ويشتد على الفاتح ويقول له: مطعمك حرام، وملبسك حرام، فعليك بالاحتياط، وكانت تلك الشدة تعمل في نفس الفاتح فعل السحر، ولكن مع تكرارها، وتصاعد وتيرتها، بدأ الفاتح يستثقل تلك الشدة والنصيحة، حتى حدث ذات يوم أن بعث الفاتح مرسومًا للكوراني كيما يصدق عليه، فوجد فيه الكوراني مخالفة للشرع، فمزقه وضرب الخادم الذي جاء به، فشق ذلك على السلطان محمد الفاتح، وغضب من فعل الكوراني، وأمره بعزله من منصب قضاء العسكر.

 

وقعت الجفوة والنفور بين الكوراني والفاتح، وهجر الكوراني مجالس الفاتح، ولم يحضر عنده، وقابل الفاتح ذلك بالإعراض والتجاهل التام، وكما قيل: كثرة المساس تُفقد الإحساس، ولم يحتمل الكوراني تلك المحنة، بعد أن صار مهجورًا خامل الذكر؛ فقرر الرحيل إلى القاهرة حيث سلطانها المملوكي قايتباي، وكان محبًا للإمام الكوراني؛ فاستقبله خير استقبال، وأكرمه غاية الإكرام، وكان بين محمد الثاني وقايتباي نوع من المنافسة والحسد، باعتبار كليهما من أكبر زعماء العالم الإسلامي وقتها، فقابل قايتباي الكوراني تلك المقابلة العظيمة للنكاية من طرف خفي في السلطان محمد الفاتح، واستعمله في أكبر المناصب، وجعله من خاصة رجاله، وأقرب مستشاريه.

 

الاختيار الصعب:

ظل الشيخ الكوراني مقيمًا في كنف السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، على أفضل حال، وأكرم منزلة، ولكنه في نفس الوقت كان حزينًا لفراق الدولة العثمانية، ومجافاة السلطان الفاتح له، وكان للكوراني منزلة عظيمة جدًا عنده، فلما وقعت المحنة، واضطر الكوراني للرحيل كان ذلك شديد الوقع على قلبه ونفسه لذلك؛ فعلى الرغم من الإكرام الزائد، والإحسان الكبير الذي وجده الكوراني عند قايتباي، إلا إن ذلك لم يعوضه عما كان عليه عند الفتح.

 

مضت الشهور على الشيخ الكوراني وهو في صحبة فايتباي وبلاطه، وهدأت نفسيته، وخفت أحزانه من جراء محنته، ومضى في دروسه ومجالسه العلمية، واشتغل عليه الطلبة، ولم يكن يعلم أن تلك الفترة الماضية لم تكن شديدة عليه وحده، بل كانت أشد أثرًا وإيلامًا على قلب السلطان الفاتح نفسه، حيث ندم على فعلته مع الشيخ الكوراني، وشعر بفقدان المربي والموجه، والناصح الأمين الذي كان بمثابة الوالد؛ لذلك قرر الفاتح أن يصحح غلطته، ويكفر عن فعلته مع الكوراني؛ فأرسل إليه بخطاب يفيض بالاعتذار والأسف، ويطلب منه على وجه الاستعطاف لا الاستعلاء أن يرجع إلى الدولة العثمانية.

 

وصل الخطاب للشيخ الكوراني فقرأه وتدبر معانيه، ثم عرضه على السلطان المملوكي قايتباي ليأخذ رأيه، ويعرف مراده، وذلك من باب رعاية حق الإحسان الذي قام به قايتباي معه؛ إذ لا يصح أن يقطع الكوراني في ذلك الأمر وحده، ويتجاهل من آواه وأكرمه وأحسن إليه، فليس هذا من مروءة المسلمين؛ فما بالك بالعلماء العاملين، وعندما عرض الكوراني - وكان حريصًا على بقائه والانتفاع بعلمه وعمله - فقال له: لا تذهب إليه؛ فإني أكرمك فوق ما يكرمك هو.

 

عندها أصبح الشيخ الكوراني بين خيارين صعبين: وماذا يفعل؟ فهواه ورغبته في العودة إلى الدولة العثمانية، التي كانت وقتها من أقوى وأفضل الدول الإسلامية، وفي نفس الوقت سلطان الدولة المملوكية حريص على بقائه، مؤثر لصحبته، وقد ذكره بالإكرام الذي لاقاه بعد المحنة، والعلاقات سيئة بين الفاتح وقايتباي، ومثل هذه القصة ستزيدها سوءًا، لذلك كان الاختيار صعبًا، والقرار مرًا.

 

وبذكاء العلماء، وفطنة المربين والمعلمين الأذكياء، قال الكوراني لقايتباي عندما قال له: أنا أكرمك فوق ما يفعل هو، قال له: (نعم هو كذلك) ليستل ثورة الغضب من قلب قايتباي، ويشعره بقيمة إكرامه وإحسانه، فترضى نفسه، ويهدأ قلبه، ثم قال له شارحًا أسباب اختياره الرحيل إلى الدولة العثمانية: إن بيني وبين الفاتح محبة عظيمة كما بين الوالد والولد، وهذا الذي جرى بيننا شيء آخر، وهو يعرف ذلك مني، ويعرف أني أميل إليه بالطبع؛ فإذا لم أذهب إليه ظن وفهم أن المنع من جانبك؛ فتزداد العداوة بينكما وتستحكم؛ فاستحسن السلطان قايتباي هذا الكلام، وأذن له في الرحيل، وأعطاه مالاً جزيلاً يستعين به على رحلته الطويلة.

 

عاد الكوراني إلى الدولة العثمانية؛ فاستقبله الفاتح بنفسه، وأظهر من مظاهر تعظيمه واحترامه ما لم يقع مثله مع الملوك والعظماء، وأعاده إلى مناصبه كلها - قضاء العسكر والإفتاء - فشغلهما قليلاً، ثم نزل عنهما رغبة منه في التفرغ للعلم، وفي تلك الفترة ألف الكوراني العديد من الشروح، فشرح جمع الجوامع، وعمل تفسيرًا للقرآن كثر تعقبه فيه لجلال الدين المحلي المفسر (صاحب تفسير الجلالين)، وشرح صحيح البخاري، وعمل قصيدة في عروض اللغة نحو ستمائة بيت، وانشأ بإستانبول جامعًا كبيرًا، ومدرسة علمية سماها دار الحديث، وأقبلت عليه الطلبة، وانتشر علمه وطريقته في التعليم والتربية بين الناس وتقلدوها، وظل في سعادة وأتم حال حتى مات على مكانته وجلالته سنة 893هـ، وصلى عليه السلطان بايزيد الثاني نفسه، ومعه رجال الدولة، وكبار الناس وعامتهم، وترحموا عليه وعلى علمه.

 

المصادر والمراجع

• الضوء اللامع: (1/ 241).

• البدر الطالع: (1/ 39).

• المختار المصون: (1/ 339).

• الشقائق النعمانية: (50).

• تاريخ الدولة العثمانية: (43).

• الدولة العثمانية - عوامل نهوض وسقوط: (112، 115).

 

ترويض المحن - دراسة تحليلية لهم المحن التي مرَّ بها كبار علماء الأمة، دار الصفوة بالقاهرة، 1430هـ، 2009م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محنة الإمام وكيع بن الجراح
  • محنة الإمام ابن حبان
  • محنة الإمام ابن حزم الظاهري
  • محنة الإمام ابن القيم
  • طبقة سماع شهاب الدين ابن جعوان الأنصاري الدمشقي الشافعي لجميع كتاب الأذكار

مختارات من الشبكة

  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأحاديث التي في مسند الإمام أحمد من طريق الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التراث العلمي عند الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة مسند الإمام أبي حنيفة النعمان برواية الإمام أبي بكر المقرئ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • متن الزبد في علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي للشيخ الإمام أحمد بن رسلان الشافعي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إجازة الإمام علم الدين البلقيني لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام محيي الدين الكافيجي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام شمس الدين السيرامي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إذا رفض الإمام الجمع بين الصلاتين في المطر(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- تصحيح معلومة
د.عادل الشيخاني - العراق 17-12-2022 12:36 PM

الگوراني نسبة الی گوران، نسبة الی قبيلة كردية وليس منطقة كوران في إيران، مع الاسف جميع الباحثين وقعوا في الخطا نفسه، والشيخ الگوراني كردي بإجماع المؤرخين وليس له أية صلة لا بإيران ولا بكوران..

1- تصحيح الترجمة
بختيار روندي - العراق 27-08-2018 07:23 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أشكركم على المعلومة بادئ الأمر والله يوفقكم لخدمة الإسلام وعلومه وأهله، لدي ملاحظة حول تعريفكم للسيرة الذاتية للعلامة أحمد الكوراني فإنني رأيت في بعض كتب المعاجم ما ينص على أن العالم الموسوم كان كرديا من شهرزور في شمال (كردستان) العراق، بينما ذكرتم أنه كان من تبريز في إيران دلوني على الأصح والله يوفقكم لكل خير .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب