• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

تقرير حول كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء لأبي الحسن حازم القرطاجني

تقرير حول كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء لأبي الحسن حازم القرطاجني
عمر اسراطي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/10/2016 ميلادي - 25/1/1438 هجري

الزيارات: 147219

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقرير حول كتاب

"مِنْهاج البلغاء وسِراج الأدباء"

لأبي الحسن حازم القرطاجني

 

ألَّف أبو الحسن حازم القرطاجني (ت684) كتابًا: ضخم الحجم، جليل القدر، ذائع الشهرة، عظيم المكانة، فريد المنهج... بعنوان: "منهاج البلغاء وسراج الأدباء".

 

وهو مقسمٌ على أربعة أقسام، الأول: مفقود لم يُضمن الكتاب الموجود إلى اليوم، وسيأتي الكلام عنه بحول الله، والثاني: في المعاني، والثالث: في المباني، والرابع: في الأسلوب.

 

وقبل الحديث عن مضامين الكتاب والخوض فيها، يحسُنُ بنا في مستهل هذا الحديث أن ننصرف إلى الحديث عن بعض الجوانب الخارجية للكتاب، التي لا شك ستُسعفنا في حُسن تمثُّل ما جاء في الكتاب من أفكار، ووضعها في مكانتها الصحيحة كمرحلة أولى، وحتى نحسن التعبير عمَّا وقر في خاطرنا من فهم لأفكار حازم كمرحلة ثانية.. ومن جانب آخرَ، حتى لا نسيء فَهْمَ حازم من خلال الأفكار الواردة في الكتاب.

 

ونقصِد بالجوانب الخارجية للكتاب: تلك الجوانب المعتمدة في دراسة الكتب خارجًا عن مضمونها، مِن قبيل: الكاتب، وعنوان الكتاب، والتحقيق، ودار النشر، والطبعات، ومنهج الكتاب من خلال تقسيم أبوابه وفصوله...

 

إن أول ما تصطدم به العين عند النظر في أي كتاب عند أول وهلة، هو العنوان؛ ولهذا السبب فإننا سنجعل من دراسة العنوان فاتحة الحديث عن هذه الجوانب السالفة الذكر.

 

لقد اشتهر كتاب حازم الذي بين أيدينا بين النقاد والبلاغيين باسم: "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، وكان في كثير من الأحيان يسمى اختصارًا بـ "المنهاج"، إلا أن محقق الكتاب ينبهنا إلى أن هناك اختلافًا في هذا الاسم بين القدامى؛ ذلك أنه على الرغم من ذيوع الكتاب بعنوان "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، فإننا نصادف مَن يشكك في وضع حازم لهذا العنوان، مستندًا في هذا الشك - كما نقل المحقق - إلى ما ثبت على "وجه المخطوط الوحيد من هذا الكتاب، الموجود في تونس، الذي يحمل على الورقة الأولى منه بخط حديث اسم "المناهج الأدبية"، إلا أن محمد الحبيب بن الخوجة محقق الكتاب يرى أن هذا الأمر مجانبٌ للصواب؛ ولذلك نجده معلِّقًا على هذا الكلام قائلًا: "والظاهر أن هذه التسمية من وَضْع بعض القراء أو النساخ، كما قدر ذلك بدوي"[1]، وقد استدل المحقق بما ثبت في كتب القدامى، مثل: السبكي، الصفدي...

 

أما مسألة تقديم وتحقيق الكتاب، فقد أنجزهما - كما سبق الذكر - محمد الحبيب الخوجة، كرسالة جامعية، نال به درجة الدكتوراه من جامعة باريس، في حين تم النشر من طرف دار الغرب الإسلامي بتونس سنة 1966، لتتوالى بعد ذلك الطبعات الثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة سنة 2014 في بيروت، وقد اعتمدنا في إنجاز هذا التقرير على الطبعة الثالثة، التي صدرت في بيروت سنة 1986.

 

وعن جانبِ المنهج المتَّبع من طرَف حازم في تقسيم الكتاب بين الأبواب والفصول، فيمكن القول: إن حازمًا قد جعَل كتابه مقسمًا على أربعة أقسام، كما سبقت الإشارة إلى ذلك من ذي قبل، إلا أن القسم الأول منه قد بُتِرَ من الكتاب، ويحتمل أن حازمًا القرطاجني قد تناول فيه بالبحث: "القول وأجزاءه، والأداء وطرقه، والأثر الذي يحصل للسامعين عند صدور الكلام"، أما باقي الأقسام الثلاثة المثبتة في الكتاب "فكلها تبحث في صناعة الشعر على العموم، وعلى الوجه الذي يراه المؤلف في عصره، ويتناول حازم بهذا الكتاب درس موضوع الشعر، وطريقة نظمه، ونجده يتعمق ذلك في القسم الثاني والثالث والرابع من المنهاج ببحث المعاني والمباني والأسلوب".

 

وقد جرَتْ عادة حازم في الكتاب كله على تقسيم كل قسم إلى أربعة أبواب أو فصول، سماها مناهج، وكل منهج من هذه المناهج يحتوي على عدة مباحث، فضَّل تسميتها بالمعارف تارة، وبالمعالم تارة أخرى... ويبدو تأثر حازم في هذا التقسيم بالمنطق الأرسطي اليوناني واضحًا، ولم يكن حازم المتشبع بالثقافة الغربية من جهة والعربية من جهة أخرى لتغيبَ عنه أهميةُ وضرورة تذييل هذه المباحث جميعها بملاحظات بلاغية، تكون بمثابة الخلاصة الختامية لجُلِّ الفصول؛ حتى يتدرج في وضع أفكارِه والقارئُ على تمثُّل ووعي جيدينِ لهذه الأفكار.

 

يعتبر القسم الثاني المخصص للمعاني أولَ أقسام الكتاب المثبتة بين دفتيه، وقد تناوَل فيه حازمٌ البحثَ عن المعاني، "والغرض من وراء هذا البحث هو بيانُ ما ترتكز عليهما الصنعتانِ الخطابية والشعرية، وما يحتاج إليه فيهما من أساليب وأذواق، مرجعها علم البيان وعلم البديع، وهذا الدرس للمعاني، كما يعرضه علينا حازم، عظيمُ الأهمية لمعرفة الصناعة الشعرية، وبه تظهرُ أصالتُه في ميدانَيِ البلاغة والشعر".

 

وقد ابتدأ الحديث في المنهج الأول من هذا القسم بتحديد ماهية المعاني، وأنحاء وجودها ومواقعها، لينتقل بعد ذلك للحديث عن طرق اجتلاب المعاني، وكيفية التئامها، وبناء بعضها على بعض حتى توافق النفوس، إلا أنه ربط حصول هذه الغاية بمدى قوة معرفة الشاعر العميقة، التي هي في نفس الوقت معيارُ حصول ملَكة الشعر عند المقبل على هذه الصناعة، بل يذهب إلى أبعدَ من هذا الحد حين يقرُّ بأن الجودة في العمل الشِّعري تتحدد في توفر ثلاث قوى، هي: القوة المائزة، والقوة الحافظة، والقوة الصانعة"، موضحًا عمل قوة من هذه القوى، ومكان اشتغال كل واحدة منها.

 

أما في جانب الاستدلالات وأنواعها في الشعر العربي، فإن الحديث عن هذا الجانب قاده إلى عَقْد نوعين من المقارنة: الأولى بين الشعر العربي والإغريقي، لينتهي إلى "أن الشعر العربي يفضُلُ الشعر اليوناني في غرض الوصف، وفي وجوه كثيرة من الصناعة"، والثانية بين فنينِ من فنون القول، وعِلمين من العلوم الأدبية، ألا وهما الشعر والخطابة، مستفيدًا من كتابَيْ فن الشعر وفن الخطابة لأرسطو؛ حيث انتهى به البحث إلى الوقوف على أنحاء النظر في كلتا الصناعتين، سواء من جهة ما تقوم عليه كلُّ صناعة منهما، أو من حيث الغاية التي تصبو لها كل واحدة منهما.

 

فالشِّعرية عند حازم تعني فن الشعر، في مقابل الخطابية التي تعني فن الخطابة، وهو هنا إنما سار على نهج أرسطو في التمييز بين الشعر والخطابة من خلال كتابيه "فن الشعر" و"فن الخطابة"، هذا الكتاب الأخير الذي ترجم عنوانه "rhétorique" خطأً بالبلاغة، في حين أن البلاغة عِلم يشمل علم الخطابة وعلم الشعر عند أرسطو؛ ولذلك نجد حازمًا في مواطن كثيرة من الكتاب ينبهنا إلى أن البلاغة هي العلم الكلي، في حين تبقى باقي العلوم مندرجة تحتها، ولا تبلغ مرتبتها، ويقول مُعْلِيًا من شأن البلاغة والبُلَغاء وموضحًا مكانة باقي العلوم الأخرى: "فينبغي لمن طمحت به همته إلى مرقاة البلاغة المعضودة بالأصول المنطقية والحكمية ولم تسفف به إلى الحضيض صناعات اللسان الجزئية المبنية أكثر آرائها على شفا جرف هارٍ...".

 

وبالعودة للمقارنة بين الخطابة والشعر يمكن القول: إن الشعر خطابٌ تخييلي؛ لأنه قائم بالأساس على التخييل، وبالتالي فهو أقرب إلى الكذب منه إلى الصدق، وهذا لا يعني أن الشعر كله كذب، ولكن مقارنة مع الخطابة التي تعتبر خطابًا تداوليًّا قائمًا على الإقناع، يبقى الشعر أقرب منها إلى الكذب، وهي أقرب منه إلى الصدق؛ ولذلك يمكن القول: إن الشعر كذب يحتمل الصدق، وإن الخطابة - في المقابل - صدق يحتمل الكذب.

 

وبما أن الكتاب يدور في مجمله على الشعر وصناعته، فإننا نجد حازمًا سرعان ما يرجع إلى الحديث عنه؛ لأن الحديث عن الخطابة إنما كان على سبيل المقارنة بالشعر، أما الجانب الذي انصرف إليه حازم بعد ذلك فكان هو الحديث عن دوافع الكتابة الشعرية، التي هي الأخرى كان متأثرًا فيها بأرسطو، كما أشار إلى فضل الشعر على سائر الفنون الأدبية... ليختتم قسم المعاني بالحديث - في المنهج الرابع - عن "أصول النظريات البلاغية، وطرق تطبيق القواعد الراجعة إليها في صوغ الكلام على نحو ما تقتضيه وجوه تأدية المعاني"، هذه المعاني التي يتوقف وضوحها على مدى ارتباطها، وحُسن تناسقها ببعضها البعض، كما يتوقَّف فهمها على العودة إلى صناعةٍ ما أو قصة ما والعلم بهما، ليتلو ذلك بالحديث عن المعاني القديمة المشتركة، التي تكون في الغالب غيرَ عسيرة على الأفهام، والمعاني الجديدة المبتكرة والمخترعة مشيرًا إلى تفاضل الشعراء في هذه المعاني، وما يثيره هذا التفاضل من قضايا نقدية مِن قبيل السرقات الشعرية.

 

أما القسم الثالث من الكتاب، الذي خصه حازمٌ للحديث عن مباني هذه المعاني التي فرغ من الحديث عنها آنفًا، فإننا نجده - كما جرت عادته - يقسمه إلى أربعة مناهج، وكل منهج يضم عدة معالمَ ومعارفَ..

 

وقد استهلَّ حديثه في هذا القسم بالتكلم عن النظم الشعري، موضحًا ما يجب توفرُه في الصناعة النظمية التي تقوم مباني النظم عليها، والانعكاس على النفوس الذي تخلفه، وغيرَ بعيد عن مجال الشعر، انتقل بعد ذلك للحديث عن الطرق والسبل التي يسلكها الشعراء في النظم على اختلاف مراتبهم ومقياس فحولتهم، إلا أننا نجده لا يتوقف عند حدود الوصف والسرد لمختلف أضرُبِ الشعراء في كيفية النظم، وإنما اتجه إلى وضع مراحل ومعينات من شأنها أن تسعف المقبِل على هذه الصناعة في الوصول إلى مطلبه وبلوغ غايته، حيث يقف عند الكيفية التي يجب نظمُ الشعر على شاكلتها، وحتى لا يكون الأمر شاقًّا على المقبل على النظم يضع حازم بين يديه ما يجنِّبه الغلط، ويختصر عليه الكثير من الجهد، مثل تحديد أعاريض الشعر، وما تصلح له في نظم الشعر من الموضوعات حسب الطول والقصر الذي تتصف به كل عروض، إضافة إلى تركيزه - أعني حازمًا - على ضرورة العناية بالمَطْلع وإخراجه في صورة مستحسنة؛ لأن صدر الكلام أول ما يقرع الأذن، وعليه يتوقف إقبالُ أو إعراض السامع عما يلقى بين يديه من الشعر.

 

ومِن جانب آخرَ يمكن القول: إن هذه المعايير التي حددها حازم في صياغة النظم والكيفية التي يجب أخذه بها، وما يستحسن في الشعر وما يستقبح فيه، كلها تعبر عن رؤية نقدية له، لا شك أنها كانت من بين المعايير التي نقد بها الشعر، وصنَّف - بناءً عليها - الشعراء بين المجيد، ومن دون، ثم الذي يليهما في المرتبة.

 

وبعد امتلاك المقبل على النظم لناصيته ساعتها يمكن أن يرتقي بشعره إلى أسمى المراتب، وأجلِّ الدراجات، وأن يجعل لنفسه أسلوبًا يعرف به، وسمتًا يتبعه فيه... وهنا يقودنا الحديث إلى ما يعرف بين أهل الصناعة بالارتجال، الذي أحسَبُه أعظمَ مرتبة من المروي من الشعر؛ لأنه يعبر عن سرعة البديهة وضبط الصناعة من جميع جوانبها ، وأن يكون فوق هذا وذاك - كما يقرر حازم - على علمٍ بأساليب وطرق تحسين هيئات العبارات والتأنق في اختيار موادها، وحسن سَبْكها ورَصْفها؛ حتى تظهر في النظم على أحسن صورة وأتم وجه، كالجسم الواحد لا يشتكي منه عضو، ولا يعاني من أدنى تفكك أو اضطراب، ومن أجل هذا الذي ذكر نجده يختتم المنهج الأول من هذا القسم بقوله: "فهذه إشارة إلى ما يجب أن يتفقده الناظمُ ويلتفت إليه، على قدر قوته من الجهات التي تحسُنُ منها العبارات أو تقبُحُ".

 

وسيرًا على نهج القدامى، أو بالأحرى أغلب القدامى، في تعريف الشعر بـ: "الكلام الموزون المقفَّى، الدال على معنى"، يدرج حازم مسألة الوزن والقافية مرتبطة بالمعاني مباشرة في المنهج الثاني، إلا أن المطَّلع على الكتاب يجد حازمًا قد اشتهر - أكثر من غيره - بفكرة التناسب في الأوزان، التي تعني توخي التوازن في بناء أجزاء البحور الشعرية للحصول على الإيقاع الكفيل بتقديم الدلالة أو المعاني على وجهها الصحيح، ولعل هذا الربط بين الوزن والدلالة والبلاغة في مستوى أشمل على اعتبارها علمًا كليًّا، هو أكبر ما انفرد به حازم عن باقي البلاغيين، وأكثر ما يثير الانتباه عند حازم - خصوصًا في مسألة الوزن - هو هذا التجاوز للعدد الذي حصرت فيه الأجزاء الشعرية، من جزأين إلى ثلاثة أجزاء؛ حيث أضاف إلى جانب الأجزاء الخماسية والسباعية الأجزاء التساعية، معلنًا بذلك مخالفته للقدامى العَرُوضيين، وقد استدل حازم للأجزاء التساعية ببحر "الخبب" (المتدارك)، المتكون من "متفاعلتن متفاعلتن" مرتين، واستشهد ببيت أحد الشعراء الأندلسيين، الذي يقول فيه:

أمَّلْتُ لقاءَك في الحُلُمِ ♦♦♦ فجزَرْت العينَ فلَمْ تَنَمِ

 

إلا أن هذا البحر قد أصابه الخبن في جميع أجزائه، وجاز فيها القطع... إلا أن حازمًا يرى أن هذا خطأ، ويفسر ذلك بقول: "إنما حملهم (يقصد العَرُوضيين) على هذا حرصُهم على أن يجعلوا الخبب يساوق في ترتيب حركاته وسكناته المتقاربَ.

 

وبالعودة إلى فكرة التناسب التي بنى عليها حازم نظريته في العروض، يمكن القول: إن حازمًا قد ربط هذا التناسب بما تفرضه البلاغة - العلم الكلي - المعضودة بالأصول المنطقية والحكمية التي يعتبرها أجلَّ العلوم قدرًا، وأعظمها مكانة من علوم وصناعات اللسان الأخرى، بل أكثر من ذلك، يعتبرها علومًا مبنيَّة على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ لذلك إنما يعود الاحتكام إلى ما تفرضه القوانين البلاغية، وهذه القوانين عند حازم هي التي تفرض التناسب في التركيبات بين أجزاء العروض العربي.

 

وفي إطار دراسته العروضية، لم يَفُتْهُ أن ينبه - كما هو الحال عند عدد من العروضيين - إلى عدم عروضية جزء "مفعولات" بتعبير المحدَثين؛ أي إنه جزءٌ غير صحيح، وفي ذلك يقول: فالسبب الثقيل والوتِد المفروق لا يقعان في نهاية جزء، وإنما يقعان في صدور الأجزاء وتضاعيفها"، حيث انتهى جزء مفعولات بوتِد مفروق.

 

وقد تحدَّث كذلك في هذه الدراسة في المنهج الرابع مبينًا "أحكام مباني القصائد وتحسين هيئاتها، وذكر ما تجب أو تتأكَّد العنايةُ بالتأنُّق فيه"، ليختتم قسم المباني بعقدِ مقارنة بين الشعراء المقصدين والمقطعين.

 

أما القسم الأخير من الكتاب، الذي - كما سبقت الإشارة - جاء في الأسلوب، فقد قسم هو الآخر إلى أربعة مناهج متفاوتة فيما بينها من حيث القِصَر والطول، وكل واحد من هذه المناهج يضم عددًا من المعارف والمعالم، وقد تعرَّض حازم في هذا القسم إلى "الطرق الشعرية، ومآخذ الشعراء في كل لون من ألوان النظم، بحسب ما تقتضيه أحوال الكلام"؛ حيث نجده يميز بين الشعر الجدي والشعر الهزلي، مع ذِكر خصائصِ كل صنف منهما، وما يصلُحُ لكل صنف منهما من المباني والأغراض.

 

ولم يكتفِ بالتركيز على ضرورة الموافقة والتناسب بين المعاني والمباني حتى أعقبهما بالأسلوب كعنصر ثالثٍ يشكِّل إلى جانبهما الأثافيَّ الثلاثة التي يقوم الشعر عليها، هذا فيما يخص المنهج الأول، أما المنهج الثاني فقد تناول فيه - بصفة عامة - مسألة الأغراض الشعرية من مدحٍ ورثاء ونسيب وفخر وهجاء ... "منبهًا إلى ما ينبغي أن يخص به كل لون من أوجه التصرف حتى يبلغ به الغاية، ويتحقق له الإبداع المنشود"، أما في المنهجين الآخَرين فقد تناول فيهما الحديثَ عن المفاضلة بين الشعراء، محددًا الشروطَ التي يجب أن تحكم هذه المفاضَلة.

 

وفي الأخيرِ يجب أن نسجِّل أن حازمًا قد "سلك في كتابه طريقة منطقية؛ إذ بدأ حديثه عن المعاني وتحليلها، ودرس طرق التصوير لها، وكيفيات إحضارها في الذهن منتظمة، لينتهي إلى نقد الشعراء وتقديم آثارهم، وهو في الفصل الأخير من كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء يعلن عن خطته في مؤلَّفه، ويصورها لنا بقوله: قد تكلمنا في هذه الصناعة (الصناعة الشعرية) في جملة مقنعة، وبقيت أشياءُ لا يمكن تتبعها؛ لكثرة تشعُّبها، وتعذُّر استقصائها".

 

خلاصة:

إن كتاب المنهاج لحازم القرطاجني لكتابٌ جديرٌ بالقراءة والدراسة العميقتين والجادتين؛ لأنه يشكل قيمة ما وصل إليه الدرس البلاغي والنقدي - كذلك - شرقًا وغربًا، كما يعد الكتاب على رأس المؤلفات البلاغية التي استطاعت أن تمزج بين الدرس البلاغي اليوناني وصِنْوه العربي دون تغييب أحدهما في الآخر، ولنا في آراء الزركشي وابن النقيب فيه خيرُ دليل على ذلك.

 

لقد أصبحت البلاغة مع حازم درسًا خصبًا للدراسة؛ لأنها أصبحت عِلمًا كليًّا، تحتوي على جميع علوم اللسان وفنونه، فبعد أن كانت البلاغة مجرد مباحثَ بلاغية، وتحولها فيما بعد إلى درجة الصياغة العلمية مرتبطة بعلوم شتى، منها: النَّحْو والصرف والنقد الأدبي، وبالإعجاز القرآني فيما بعد - أصبحت اليوم أكثرَ شمولية وكلية، تحتوي على جميع مراحل البلاغة عبر امتدادها التاريخي، وتغيرها من مرحلة لأخرى.



[1] كل الإحالات الموجودة في هذا التقرير بين رمز: "....." مأخوذة من كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني، تحقيق: محمد الحبيب بن الخوجة، عن دار الغرب الإسلامي - تونس، الطبعة الثالثة، سنة 1986.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حول كتاب (إمعان في أقسام القرآن) للعلامة عبدالحميد الفراهي رحمه الله
  • كلمة حول كتاب ( طبقات الأولياء ) للسيوطي
  • نتائج وتوصيات حول كتاب البرهان في علوم القرآن
  • في قضية اللفظ والمعنى
  • كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة المقدسي
  • العروض عند حازم القرطاجني من خلال كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء
  • تقرير حول كتاب (إظهار الحق)
  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب رسائل البلغاء(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الصيام من كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ) (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إجماعات ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) في كتابي: (الشهادات والدعاوى)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب