• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

محفزات الهمة العالية (خطبة)

محفزات الهمة العالية (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2025 ميلادي - 14/10/1446 هجري

الزيارات: 4004

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محفزات الهمة العالية


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مَنْ جُبِلَ عَلَى عُلُوِّ الْهِمَّةِ، لَا يَرْضَى بِالدُّونِ، وَلَا يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى الصَّغَائِرِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ لِي نَفْسًا تَوَّاقَةً، لَمْ تَزَلْ تَتُوقُ إِلَى الْإِمَارَةِ، فَلَمَّا نِلْتُهَا تَاقَتْ إِلَى الْخِلَافَةِ، فَلَمَّا نِلْتُهَا تَاقَتْ إِلَى الْجَنَّةِ)[1].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. هُنَاكَ مُحَرِّكَاتٌ لِعُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَبَوَاعِثُ تَبْعَثُهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ خَارِطَةِ طَرِيقٍ تُوَصِّلُنَا إِلَى الْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ، وَمِنْ هَذِهِ الْمُحَفِّزَاتِ:

1- عِظَمُ دَوْرِ الْأَبَوَيْنِ فِي التَّرْبِيَةِ: فَأَثَرُهُمَا فِي التَّرْبِيَةِ عَظِيمٌ، وَدَوْرُهُمَا فِي إِعْلَاءِ هِمَمِ الْأَوْلَادِ كَبِيرٌ؛ بَلْ إِنَّ نُبُوغَ الْآبَاءِ يُؤَثِّرُ تَأْثِيرًا بَلِيغًا فِي الْأَوْلَادِ، وَلْنَتَأَمَّلْ فِي حَالِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ مَنْ كَانَ وَرَاءَهُ؟ كَانَتْ وَرَاءَهُ أُمٌّ عَظِيمَةٌ؛ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَلَمَّا قِيلَ لَهَا – وَمُعَاوِيَةُ وَلِيدٌ بَيْنَ يَدَيْهَا: إِنْ عَاشَ سَادَ قَوْمَهُ؛ قَالَتْ: ثَكِلْتُهُ إِنْ لَمْ يَسُدْ إِلَّا قَوْمَهُ[2].

 

2- عِظَمُ دَوْرِ الْمُعَلِّمِينَ الْقُدْوَاتِ: فَأَثَرُهُمْ كَبِيرٌ، وَدَوْرُهُمْ عَظِيمٌ فِي اسْتِحْضَارِ الْمَسْؤُولِيَّةِ، وَاسْتِشْعَارِ ضَخَامَةِ الْأَمَانَةِ، فَهُمْ يَتَّسِمُونَ بِبُعْدِ نَظَرٍ، وَسَعَةِ أُفُقٍ، وَحُسْنِ خُلُقٍ، مُتَحَلِّينَ بِالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ، وَالصَّبْرِ وَالشَّجَاعَةِ، وَكَرَمِ النَّفْسِ وَالسَّمَاحَةِ.

 

3- تَقْدِيرُ النَّوَابِغِ، وَرِعَايَتُهُمْ: فَهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْجِيهٍ مُسْتَمِرٍّ، وَرِعَايَةٍ خَاصَّةٍ، تُهَيِّئُ لَهُمْ مُقَوِّمَاتِ النُّبُوغِ وَالنَّجَاحِ، فَيَزْدَادُ بِذَلِكَ جِدُّهُمْ فِي الطَّلَبِ، وَسَعْيُهُمْ إِلَى الْكَمَالِ.

 

4- التَّشْجِيعُ الْمُسْتَمِرُّ: فَلَهُ أَثَرُهُ الْبَالِغُ فِي رَفْعِ الْهِمَمِ، وَتَنْمِيَةِ الْمَهَارَةِ، وَالشُّعُورِ بِالثِّقَةِ، لِأَنَّ النَّاسَ مَجْبُولُونَ عَلَى مَحَبَّةِ التَّشْجِيعِ وَالدَّعْمِ وَالشُّكْرِ، وَلَمَّا ابْتُلِيَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِفِتْنَةِ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ؛ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ ثَبَاتِهِ رَجُلٌ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ، كَانَ يَسْرِقُ، فَضُرِبَ كَثِيرًا بِالسِّيَاطِ، فَقَالَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ – نَاصِحًا: (ضُرِبْتُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَوْطٍ بِالتَّفَارِيقِ، وَصَبَرْتُ فِي ذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَجْلِ الدُّنْيَا؛ فَاصْبِرْ أَنْتَ فِي طَاعَةِ الرَّحْمَنِ؛ لِأَجْلِ الدِّينِ)[3].

 

5- سَلَامَةُ الْعَقِيدَةِ: فَالْعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ تَحْمِي مُعْتَنِقِيهَا مِنَ التَّخَبُّطِ، وَالْفَوْضَى، وَالضَّيَاعِ، وَتَدْفَعُهُمْ إِلَى الْحَزْمِ وَالْجِدِّ فِي الْأُمُورِ، وَتُؤَثِّرُ فِي أَخْلَاقِهِمْ؛ فَتَأْمُرُهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَتَنْهَاهُمْ عَنْ كُلِّ شَرٍّ، وَتَأْمُرُهُمْ بِمَعَالِي الْأُمُورِ، وَتَنْأَى بِهِمْ عَنْ سَفْسَافِهَا.

 

6- قُوَّةُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى: فَإِنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى الْإِقْدَامِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَيَدْعُو إِلَى الْحَزْمِ، وَالْجِدِّ، وَالتَّشْمِيرِ، وَهُوَ سَبَبُ الْبَرَكَةِ فِي الْأَعْمَالِ وَالْأَعْمَارِ. وَأَهْلُ الْإِيمَانِ – كَمَا قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَنَالُونَ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ مِنْ حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ؛ أَضْعَافَ مَا يَنَالُهُ غَيْرُهُمْ فِي قُرُونٍ وَأَجْيَالٍ)[4].

 

7- قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِتَدَبُّرٍ: فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي رَبَّى الْأُمَّةَ، وَأَدَّبَهَا، وَزَكَّى مِنْهَا النُّفُوسَ، وَصَفَّى الْقَرَائِحَ، وَأَذْكَى الْفِطَنِ، وَجَلَّا الْمَوَاهِبَ، وَأَرْهَفَ الْعَزَائِمَ، وَأَعْلَى الْهِمَمَ، وَصَقَلَ الْمَلَكَاتِ، وَقَوَّى الْإِرَادَاتِ، وَمَكَّنَ لِلْخَيْرِ فِي النُّفُوسِ، وَحَفَّزَ الْأَيْدِيَ لِلْعَمَلِ النَّافِعِ.

 

8- الْبُعْدُ عَنِ التَّرَفِ: الْإِغْرَاقُ فِي التَّرَفِ وَالنَّعِيمِ مِنْ أَعْظَمِ الشَّوَاغِلِ وَالْقَوَاطِعِ عَنْ تَطَلُّبِ الْكَمَالِ، وَيُورِثُ ضَعْفَ الْهِمَّةِ، وَالْجُبْنَ وَالْخَوَرَ، وَالِابْتِعَادَ عَنْ مَعَالِي الْأُمُورِ.

 

9- قَبُولُ النَّصِيحَةِ وَالنَّقْدِ: يَنْبَغِي لِعَالِي الْهِمَّةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ خَوَاصِّهِ أَنْ يَتَفَقَّدُوا عُيُوبَهُ وَنَقَائِصَهُ، وَيُطْلِعُوهُ عَلَيْهَا، فَهَذَا مِمَّا يُنَزِّهُهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَيُؤَهِّلُهُ لِلْمَرَاتِبِ الْعُلْيَا، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ- لِمُزَاحِمٍ مَوْلَاهُ: (إِنَّ الْوُلَاةَ جَعَلُوا الْعُيُونَ عَلَى الْعَوَامِّ، وَأَنَا أَجْعَلُكَ عَيْنِي عَلَى نَفْسِي؛ فَإِنْ سَمِعْتَ مِنِّي كَلِمَةً تَرْبَأُ بِي عَنْهَا، أَوْ فِعَالًا لَا تُحِبُّهُ؛ فَعِظْنِي عِنْدَهُ، وَانْهَنِي عَنْهُ)[5].

 

10- الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى: لِحُسْنِ النِّيَّةِ وَإِخْلَاصِ الْعَمَلِ، تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي عُلُوِّ الْهِمَّةِ، فَمَنْ تَعَاكَسَتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ، وَتَضَايَقَتْ عَلَيْهِ مَقَاصِدُهُ؛ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ أُصِيبَ بِذَنْبِهِ، وَعُوقِبَ بِعَدَمِ إِخْلَاصِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْإِخْلَاصَ يَجْعَلُ فِي عَزْمِ الرَّجُلِ مَتَانَةً، وَيَرْبِطُ عَلَى قَلْبِهِ، فَيَمْضِي فِي عَمَلِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ.

 

11- قِصَرُ الْأَمَلِ، وَتَذَكُّرُ الْآخِرَةَ: فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُوقِظَاتِ لِلْهِمَّةِ، وَمِنْ أَكْبَرِ الْبَوَاعِثِ عَلَى الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، فَمَنْ تَذَكَّرَ قِصَرَ الدُّنْيَا، وَسُرْعَةَ زَوَالِهَا، وَأَدْرَكَ أَنَّهَا مَزْرَعَةٌ لِلْآخِرَةِ؛ زَهِدَ فِي مُتَعِ الدُّنْيَا، وَانْبَعَثَتْ هِمَّتُهُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَا تَصْفُو الْأَعْمَالُ وَالْأَحْوَالُ إِلَّا بِتَقْصِيرِ الْآمَالِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عَدَّ سَاعَتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَمَرَضِ الْمَوْتِ، حَسُنَتْ أَعْمَالُهُ، فَصَارَ عُمْرُهُ كُلُّهُ صَافِيًا)[6].

 

12- النَّظَرُ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى فِي الْفَضَائِلِ: فَهَذَا مِنْ مُقَوِّمَاتِ الْهِمَمِ، وَأَسْبَابِ النُّهُوضِ لِلْمَعَالِي؛ فَيَنْبَغِي لِمُتَطَلِّبِ الْكَمَالَاتِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فِي أُمُورِ الدِّينِ؛ مِنَ التَّقْوَى، وَالْعِلْمِ، وَالْعِبَادَةِ، وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ، وَسَائِرِ الْفَضَائِلِ. وَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ دُونَهُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا؛ مِنْ مَنْصِبٍ، أَوْ جَاهٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ صِحَّةٍ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ مَرْكَبٍ.

 

13- مُطَالَعَةُ سِيَرِ الْأَبْطَالِ وَالْمُصْلِحِينَ وَالنَّابِغِينَ: وَعَلَى رَأْسِهِمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، ثُمَّ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ؛ فَإِنَّ مُطَالَعَةَ سِيَرِهِمْ، وَقِرَاءَةَ تَرَاجِمِهِمْ؛ تَبْعَثُ الْهِمَّةَ، وَتُوقِظُ الْعَزْمَةَ؛ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90]. وَأُمَّتُنُنَا غَنِيَّةٌ بِالْأَبْطَالِ فِي شَتَّى الْمَيَادِينِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ مُحَفِّزَاتِ الْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ:

14- مُصَاحَبَةُ الْأَخْيَارِ، وَأَهْلِ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ: فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُحَفِّزُ الْهِمَّةَ، وَيُرَبِّي الْأَخْلَاقَ الرَّفِيعَةَ فِي النَّفْسِ، فَالْإِنْسَانُ مُولَعٌ بِمُحَاكَاةِ مَنْ حَوْلَهُ، شَدِيدُ التَّأَثُّرِ بِمَنْ يُصَاحِبُ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَنْ طَلَبَ الْفَضَائِلَ لَمْ يُسَايِرْ إِلَّا أَهْلَهَا، وَلَمْ يُرَافِقْ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ إِلَّا أَكْرَمَ صَدِيقٍ؛ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، وَالْبِرِّ، وَالصِّدْقِ، وَكَرَمِ الْعَشِيرَةِ، وَالصَّبْرِ، وَالْوَفَاءِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالْحِلْمِ، وَصَفَاءِ الضَّمَائِرِ، وَصِحَّةِ الْمَوَدَّةِ)[7].

 

15- الصَّبَرُ وَالْمُصَابَرَةُ، وَالْجِدُّ وَالْمُثَابَرَةُ: لِلصَّبْرِ آثَارٌ حَمِيدَةٌ، وَفَوَائِدُ جَمَّةٌ، وَعَوَائِدُ كَرِيمَةٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُتَنَاهِيًا فِي الْفَضْلِ، عَالِيًا فِي ذُرَى الْمَجْدِ، حَاوِيًا قَصَبَ السَّبْقِ؛ فَائِزًا بِخَيْرَيِ الدَّارَيْنِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَرَّعَ بِالصَّبْرِ، وَيَتَكَلَّفَهُ، وَيُوَطِّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ، وَيَتَجَرَّعَ مَرَارَتَهُ؛ لِيَذُوقَ حَلَاوَتَهُ.

 

16- اسْتِثَارَةُ الْهِمَّةِ، وَتَحْرِيكُ الْإِرَادَةِ: جَمِيعُ مَلَكَاتِ الْإِنْسَانِ وَقُوَاهُ تَكُونُ فِي سُبَاتٍ عَمِيقٍ حَتَّى تُوقِظَهَا الْإِرَادَةُ؛ فَمَهَارَةُ الصَّانِعِ، وَقُوَّةُ عَقْلِ الْمُفَكِّرِ، وَذَكَاءُ الْعَامِلِ، وَقُوَّةُ الْعَضَلَاتِ، وَالشُّعُورُ بِالْوَاجِبِ؛ كُلُّ هَذِهِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الْحَيَاةِ مَا لَمْ تَدْفَعْهَا قُوَّةُ الْإِرَادَةِ، وَكُلُّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا مَا لَمْ تُحَوِّلْهَا الْإِرَادَةُ إِلَى عَمَلٍ.

 

17- تَقْوِيَةُ الْإِرَادَةِ: الْإِرَادَةُ الْقَوِيَّةُ الْمُتَوَجِّهَةُ إِلَى الْخَيْرِ إِرَادَةٌ تُقْدِمُ عَلَى مَا قَصَدَتْ مَهْمَا كَلَّفَهَا مِنَ الْمَشَاقِّ، وَلَا تُحْجِمُ أَمَامَ الْعَقَبَاتِ الَّتِي تَعْتَرِضُهَا، وَإِنَّمَا تَبْذُلُ مَا فِي وُسْعِهَا لِتَذْلِيلِهَا، فَالْإِرَادَةُ الْقَوِيَّةُ هِيَ سِرُّ النَّجَاحِ فِي الْحَيَاةِ، وَهِيَ عُنْوَانُ عُظَمَاءِ الرِّجَالِ، الَّذِينَ يَسْلُكُونَ كُلَّ سَبِيلٍ مُتَاحٍ لِلْوُصُولِ إِلَى مُرَادِهِمُ النَّبِيلِ.

 

18- الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْعَمَلِ وَالتَّنْفِيذِ: فَلَا نَتْرُكُ الْإِرَادَةَ تَتَبَخَّرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُنَفِّذَ مَا عَزَمْنَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ الْإِرَادَةَ، وَيُورِثُهَا الْفَشَلَ وَالْإِخْفَاقَ، قَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا ‌هَمَمْتَ ‌بِخَيْرٍ فَبَادِرْ هَوَاكَ، لَا يَغْلِبْكَ)[8]. وَقَالَ أَيْضًا: (‌اغْتَنِمْ ‌مِنَ ‌الْخَيْرِ مَا تَعَجَّلْتَ، وَمِنَ الْأَهْوَاءِ مَا سَوَّفْتَ، وَلَا تَفْرَحْ بِالْبَطَالَةِ، وَلَا تَجْبُنْ عَنِ الْعَمَلِ)[9].

 

19- اغْتِنَامُ الْأَوْقَاتِ: الزَّمَنُ مَحْدُودٌ، وَلَا يَعُودُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْرِفَ شَرَفَ زَمَانِهِ، وَقَدْرَ وَقْتِهِ، فَلَا يُضَيِّعُ لَحْظَةً فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ، وَيُقَدِّمُ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ)[10]. وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ الْهَدَفِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي تَحْقِيقِهِ، وَالدِّقَّةِ فِي الْمَوَاعِيدِ، وَالْحَذَرِ مِنَ التَّأْجِيلِ، وَقَصْرِ النَّظَرِ عَلَى الْعَمَلِ الْحَاضِرِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْمُشَتِّتَاتِ.

 

20- الْإِقْبَالُ عَلَى مَا يَنْفَعُ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ سِوَاهُ: وَهُوَ جِمَاعٌ لِمَا مَضَى مِنْ مُحَفِّزَاتِ الْهِمَّةِ الْعَالِيَةِ، فَمِنْ شَأْنِ طَالِبِ الْكَمَالِ؛ أَنْ يُقْبِلَ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ، وَيَتَجَنَّبَ كُلَّ أَمْرٍ يَعُوقُهُ، وَيَقْطَعُ سَيْرَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (طَالِبُ النُّفُوذِ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ- بَلْ وَإِلَى كُلِّ عِلْمٍ وَصِنَاعَةٍ وَرِئَاسَةٍ بِحَيْثُ يَكُونُ رَأْسًا فِي ذَلِكَ مُقْتَدًى بِهِ فِيهِ- يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ شُجَاعًا مِقْدَامًا، حَاكِمًا عَلَى وَهْمِهِ، غَيْرَ مَقْهُورٍ تَحْتَ سُلْطَانِ تَخَيُّلِهِ، زَاهِدًا فِي كُلِّ مَا سِوَى مَطْلُوبِهِ، عَاشِقًا لِمَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، عَارِفًا بِطَرِيقِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَالطُّرُقِ الْقَوَاطِعِ عَنْهُ، مِقْدَامُ الْهِمَّةِ، ثَابِتُ الْجَأْشِ، لَا يُثْنِيهِ عَنْ مَطْلُوبِهِ لَوْمُ لَائِمٌ، وَلَا عَذْلُ عَاذِلٍ، كَثِيرُ السُّكُونِ، دَائِمُ الْفِكْرِ، غَيْرُ مَائِلٍ مَعَ لَذَّةِ الْمَدْحِ وَلَا أَلَمِ الذَّمِّ، قَائِمًا بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ مَعُونَتِهِ، لَا تَسْتَفِزُّهُ الْمُعَارَضَاتُ، شِعَارُهُ الصَّبْرُ، وَرَاحَتُهُ التَّعَبُ، مُحِبًّا لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، حَافِظًا لِوَقْتِهِ، لَا يُخَالِطُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى حَذَرٍ؛ كَالطَّائِرِ الَّذِي يَلْتَقِطُ الْحَبَّ بَيْنَهُمْ... وَمِلَاكُ ذَلِكَ: هَجْرُ الْعَوَائِدِ، وَقَطْعُ الْعَلَائِقِ الْحَائِلَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَطْلُوبِ)[11].



[1] عيون الأخبار، لابن قتيبة (1/ 334).

[2] انظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد (1/ 130).

[3] مناقب الإِمام أحمد، لابن الجوزي (ص450).

[4] نقض المنطق، (ص15).

[5] عيون الأخبار: (2/ 23).

[6] الفنون، (2/ 546).

[7] الأخلاق والسير في مداواة النفوس، (ص24).

[8] الأدب الصغير والأدب الكبير، (ص46).

[9] المصدر نفسه، (ص58).

[10] صيد الخاطر، (ص33).

[11] الفوائد، (ص191).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محفزات التغيير في رمضان
  • صفات نظام المكافآت والمحفزات الرصين من منظور إسلامي
  • إتحاف الخلان بمحفزات لحفظ القرآن
  • أخلاقيات القيادة وواجبات المسؤول (خطبة)
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المحفزات إلى عمل الخيرات(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المداومة على العمل الصالح بعد رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • من الأسباب المعينة على قيام الليل .. اعتقاد العبد واستشعاره أن الله يدعوه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهمة العالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مطلوب منشطات بشرية!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إحياء الفروض الكفائية علميا واجتماعيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من آداب المعلم: مراجعة الأهداف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: أبناؤنا في العطلة هموم أم همم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهمة العالية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب