• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان

خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2025 ميلادي - 29/9/1446 هجري

الزيارات: 14412

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الفطر المبارك

الأعياد بين الأفراح والأحزان

 

الحَمْدُ لِلَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، العَلِيمِ القَدِيرِ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ أُنْسًا، وَجَعَلَ العِيدَ لَهُمْ فَرَحًا، وَجَعَلَ فِي ذَهَابِ الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ عِبَرًا. وَالحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ. وَالحَمْدُ لِلَّهِ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ العَظِيمِ؛ فَهُوَ الجَوَادُ الكَرِيمُ، البَرُّ الرَّحِيمُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَلِمَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا فَلَمْ يَحْفَلْ بِهَا، وَعَرَفَ حَقِيقَةَ الآخِرَةِ فَعَمِلَ لَهَا، وَنَامَ عَلَى حَصِيرٍ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ وَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْبُدُوهُ فِي رَمَضَانَ وَبَعْدَ رَمَضَانَ، وَرَاقِبُوهُ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ الرَّقِيبُ عَلَيْكُمْ، العَلِيمُ بِأَفْعَالِكُمْ، المُحِيطُ بِأَحْوَالِكُمْ، المُدَبِّرُ لِأَرْزَاقِكُمْ، المُقَدِّرُ لِآجَالِكُمْ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يَتَقَلَّبُ الإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا بَيْنَ أَفْرَاحٍ وَأَحْزَانٍ، وَعَافِيَةٍ وَابْتِلَاءٍ، وَبَيْنَ هُمُومٍ وَانْجِلَائِهَا، وَكُرُوبٍ وَانْكِشَافِهَا، وَمَخَاوِفَ وَتَبَدُّدِهَا، فَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ فَرَحٌ يَدُومُ، وَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ حُزْنٌ لَا يَزُولُ ﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عِمْرَانَ: 140].

 

وَفِي تَارِيخِ المُسْلِمِينَ أَعْيَادٌ صَاحَبَهَا فَرَحٌ عَظِيمٌ، وَأَعْيَادٌ شَابَهَا حُزْنٌ عَمِيقٌ، وَلَا تَسَلْ عَنْ فَرَحِ المُؤْمِنِينَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيدِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهِجْرَةِ؛ إِذْ فَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِأَوَّلِ عِيدٍ شُرِعَ، وَأَوَّلِ رَمَضَانٍ فُرِضَ، وَأَوَّلِ انْتِصَارٍ عَلَى المُشْرِكِينَ فِي بَدْرٍ الكُبْرَى، ثُمَّ فَرِحُوا فِي عِيدِ فِطْرِهِمْ بَعْدَ سِتِّ سَنَوَاتٍ بِفَتْحِ مَكَّةَ. وَأَعْيَادٌ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَعَاقَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ فِي أَفْرَاحٍ زَادَتِ الْعِيدَ بَهْجَةً وَسُرُوْرًا.

 

وَمَرَّتْ بِالمُسْلِمِينَ نَكَبَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنْ حُرُوبٍ وَخَوْفٍ وَجُوعٍ أَشْغَلَتْ مَنْ أَصَابَتْهُمْ عَنْ فَرْحَةِ العِيدِ، وَفِي الْعِيدِ المَاضِي شُغِلَ أَهْلُ فِلَسْطِينَ بِأَنْفُسِهِمْ عَنِ الفَرَحِ بِعِيدِهِمْ؛ حَيْثُ الحَرْبُ الضَّرُوسُ الَّتِي أَهْلَكَتْ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَدَمَّرَتْ دِيَارَهُمْ، وَفِي هَذَا العِيدِ يَفْرَحُونَ بِتَوَقُّفِ الحَرْبِ، وَلَكِنَّهُ فَرَحٌ مَشُوبٌ بِخَوْفِ اشْتِعَالِهَا مِنْ جَدِيدٍ، مَعَ مَا يُعَانُونَهُ مِنَ الحِصَارِ، وَمَا يَلْقَوْنَهُ مِنْ تَآمُرٍ عَلَيْهِمْ لِتَهْجِيرِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَرَجَّ اللَّهُ تَعَالَى كُرْبَهُمْ، وَكَبَتَ أَعْدَاءَهُمْ. وَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ الْقَاضِيَةَ عَلَى الصَّهَايِنَةِ كَمَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ ﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ﴾ [الإسراء: 103]. وَلَنْ تَسَعَ فَرْحَةُ العِيدِ أَهْلَ الشَّامِ بِتَحَرُّرِهِمْ مِنْ حُكْمٍ بَاطِنِيٍّ خَبِيثٍ جَثَمَ عَلَيْهِمْ نِصْفَ قَرْنٍ، سَامَهُمْ فِيهَا سُوءَ العَذَابِ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ عِيدٍ تَفْرَحُ بِلَادٌ وَتَحْزَنُ بِلَادٌ أُخْرَى، وَتَعَافَى بِلَادٌ وَتُبْتَلَى أُخْرَى، وَلِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴿ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آل عِمْرَانَ: 154].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

 

وَمَا يَجْرِي عَلَى الأُمَمِ وَالبُلْدَانِ يَجْرِي عَلَى الأَفْرَادِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا لَوِ اسْتَذْكَرَ مَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَعْيَادٍ مَضَتْ فِي حَيَاتِهِ؛ لَتَذَكَّرَ أَعْيَادًا عَاشَهَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الفَرَحِ وَالحُبُورِ، وَمُنْتَهَى السَّعَادَةِ وَالسُّرُورِ، وَمَرَّتْ بِهِ أَعْيَادٌ خَالَطَهَا خَوْفٌ أَوْ حُزْنٌ أَوْ هَمٌّ مَا اسْتَطَاعَ كَتْمَهُ، يَتَصَنَّعُ الفَرَحَ لِلنَّاسِ وَهُوَ مَحْزُونٌ مَكْلُومٌ، أَوْ قَلِقٌ مَرْعُوبٌ. ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ فَتَلَاشَى حُزْنُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَصَارَتْ أَفْرَاحُهُ وَأَحْزَانُهُ المَاضِيَةُ مَجَرَّدَ ذِكْرَيَاتٍ يَضْحَكُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا تَذَكَّرَهَا. هَذِهِ هِيَ الدُّنْيَا، لَا فَرَحَ فِيهَا يَدُومُ، وَلَا حُزْنَ فِيهَا يَبْقَى، وَمَا هِيَ إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

 

وَإِذَا كَانَتْ أَفْرَاحُ الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتُهَا زَائِلَةً، وَأَحْزَانُهَا وَهُمُومُهَا مُتَلَاشِيَةً، فَإِنَّهُ لَا فَرَحَ فِي الدُّنْيَا يُشْبِهُ فَرَحَ الآخِرَةِ إِلَّا فَرَحَ القَلْبِ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ، وَالفَرَحَ بِطَاعَتِهِ، وَالأُنْسَ بِهِ، وَالقُرْبَ مِنْهُ. ذَلِكَ الفَرَحُ الَّذِي يُخَالِطُ القَلْبَ فَيَكُونُ نَعِيمًا عَلَى صَاحِبِهِ، وَيَزِيدُ مِنْ شَوْقِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى جَنَّتِهِ، وَلِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ قُرَّةَ عَيْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا عَجَبَ أَنْ تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ القِيَامِ، وَلَا عَجَبَ أَنْ يَتَلَذَّذَ المُتَهَجِّدُونَ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً فِي قِيَامِ اللَّيْلِ. فَلَا لَذَّةَ مِثْلَ لَذَّةِ المُنَاجَاةِ.

 

وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى الطَّاعَةِ حَتَّى وَجَدَ لَذَّتَهَا زَادَ شَوْقُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَظُمَتْ رَغْبَتُهُ فِي الجَنَّةِ، وَلَمْ يَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَلْنَتَأَمَّلْ دُعَاءَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ ازْدَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا، وَأُعْطِيَ الْمُلْكَ، وَاجْتَمَعَ بِوَالِدَيْهِ وَأَهْلِهِ بَعْدَ طُولِ الْفِرَاقِ، فَدَعَا بِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ شَوْقًا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ فِي أَوْجِ عِزِّهِ وَتَمْكِينِهِ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. وَلَمَّا خُيِّرَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الخُلْدِ فِي الدُّنْيَا وَقَدِ اكتَمَلَتْ لَهُ بِالنَّصْرِ وَالغِنَى، وَبَيْنَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ اخْتَارَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا وَقَالَ: «اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى» ثُمَّ فَاضَتْ رُوحُهُ. إِنَّهُ الشَّوْقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمَا عِنْدَهُ مِنَ النَّعِيمِ، ذَلِكَ الشَّوْقُ الَّذِي جَعَلَ أَنْسَ بْنَ النَّضْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ المُشْرِكِينَ فِي أُحُدٍ «وَاهًا لِرِيحِ الجَنَّةِ، أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ».

 

وَالفَرَحُ الأَعْظَمُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَرَحُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يَتَبَدَدُ خَوْفُهُمْ وَحُزْنُهُمْ ويُقَالُ لَهُمْ ﴿ يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 68-70]، وَفَرَحُهُمْ حِيْنَ يُقَالُ لَهُمْ: «أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» وَحِينَ يَجِدُ الصَّائِمُ فَرْحَتَهُ الكُبْرَى بِصِيَامِهِ: «وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ»، اللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا الفَرْحَةَ الأُولَى فَبَلِّغْنَا الفَرْحَةَ الثَّانِيَةَ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

 

وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا خَوْفٌ وَلَا قَلَقٌ وَلَا حُزْنٌ وَلَا وَحْشَةٌ أَشَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ وَحْشَةِ المُعْرِضِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ عِبَادَتِهِ، ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طَهَ: 124]، وَيَكُونُ حُزْنُ المُعْرِضِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَشَدَّ وَخَوْفُهُ أَعْظَمَ يَوْمَ قُدُومِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، حِينَ يَتَحَسَّرُ عَلَى مَصِيرِهِ فَيَقُولُ ﴿ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 56]، وَحِينَ يُحْرَمُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَفْوِهِ، وَيُحْجَبُ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَكَلَامِهِ، وَيُقَالُ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ: ﴿ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المُؤْمِنُونَ: 108]، فَلَا مَالَ يَنْفَعُ، وَلَا شَفِيعَ يَشْفَعُ، فَمَا ثَمَّ إِلَّا خُلُودٌ فِي عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَخَوْفٍ شَدِيدٍ، وَحُزْنٍ عَظِيمٍ، ﴿ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ ﴾ [الزُّمَرِ: 15]، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ؛ أَفْرَحَنَا -بَعْدَ رَمَضَانَ- بِالْعِيدِ، وَوَعَدَنَا عَلَى الشُّكْرِ بِالْمَزِيدِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ رَمَضَانَ كَمَا اتَّقَيْتُمُوهُ فِي رَمَضَانَ، وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِيَكُونَ لَكُمْ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُنْسُ الْقَلْبِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَفَرَحُهُ وَسَعَادَتُهُ، وَقُرْبُهُ مِنْهُ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالتَّلَذُّذُ بِعِبَادَتِهِ، لَا تُنَالُ بِجَاهٍ وَلَا مَالٍ وَلَا قُوَّةٍ. وَلَنْ يَناَلَهَا إِلَّا مَنْ عَلِمَ حَقِيقَةَ وُجُودِهِ، وَحَقِيقَةَ الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ دَارُ الْقَرَارِ، ثُمَّ عَمِلَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، فَأَسْلَمَ قَلْبَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَصَانَهُ عَمَّا يُزَاحِمُهُ مِنَ الْفِتْنَةِ بِالدُّنْيَا، وَالْفِتْنَةِ بِالْمَالِ، وَالْفِتْنَةِ بِالشَّهَوَاتِ ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: يُعَانِي الشَّبَابُ وَالْفَتَيَاتُ مِنْ مَوْجَاتِ خَوْفٍ وَقَلَقٍ وَاكْتِئَابٍ، بِسَبَبِ تَعَقُّدِ الْحَيَاةِ، وَكَثْرَةِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَسَعْيِّ أَهْلِ الْفَسَادِ فِي صَرْفِ النَّاسِ عَنْ دِينِهِمْ، وَلَا سَبِيلَ لِتَأْمِينِ قُلُوبِ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ إِلَّا بِتَوْثِيقِ صِلَتِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَعْلِيقِ قُلُوبِهِمْ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، مَعَ أَخْذِ نَصِيبِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا، فَتَكُونُ الْآخِرَةُ هِيَ الْغَايَةَ، وَتَكُونُ الدُّنْيَا وَسِيلَةً إِلَيْهَا. وَعَلَى الْمَرْأَةِ مَسْؤُولِيَّةٌ كَبِيرَةٌ بِتَرْبِيَةِ أَوْلَادِهَا عَلَى هَذَا النَّهَجِ الصَّحِيحِ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِ الدُّنْيَا وَقَدْرِ الْآخِرَةِ؛ لِإِزَالَةِ قَلَقِهِمْ وَخَوْفِهِمْ، وَحِمَايَتِهِمْ مِنَ الِاكْتِئَابِ وَالْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ، فَلَا سَعَادَةَ لِلْقَلْبِ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَفِي طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَكُلُّ سَعَادَةٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ مَتَوَهَّمَةٌ، لَا تَلْبَثُ أَنْ تَزُولَ وَيَعْقُبَهَا شَقَاءٌ وَعَذَابٌ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْمُؤْمِنُ يَغْتَنِمُ مَوَاسِمَ الطَّاعَةِ فِي الطَّاعَةِ، وَمَوَاسِمَ الْفَرَحِ فِي الْفَرَحِ. وَالْفَرَحُ بِالْعِيدِ عِبَادَةٌ، لِأَنَّهُ فَرَحٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي رَمَضَانَ، وَالْإِعَانَةِ عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَمِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ الْفَرَحِ: الْبَقَاءُ عَلَى الْعَهْدِ، وَإِتْبَاعُ الطَّاعَةِ بِالطَّاعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ عِيدُ الْمُؤْمِنِ هَذَا خَيْرًا مِنْ عِيدِهِ السَّالِفِ، فِي اتِّبَاعِ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالِانْتِهَاءِ عَنْ نَوَاهِيهِ.

 

أَعَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر المبارك 1444هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1445 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1445هـ: احفظوا ذخيرة التقوى
  • خطبة عيد الفطر 1445هـ
  • خطبة عيد الفطر 1430 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1431 هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1446 هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الفطر 1444 (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر 1437 هجرية (خطبة دينية اجتماعية)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • هل لصلاة العيد خطبة أو خطبتان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر السعيد (1445 هـ) معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: المعلم بين الأجر والشكر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطبة بين المباح والمحظور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بالطاعات تكتمل بهجة الأعياد (خطبة عيد الفطر المبارك 1442 هـ)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب