• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

{ ففهمناها سليمان }

{ ففهمناها سليمان }
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2023 ميلادي - 13/11/1444 هجري

الزيارات: 14760

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

الْفَهْمُ نِعْمَةٌ عظيمةٌ، بها تُحَلُّ كَثِيرٌ من المُعْضِلاتِ، وتُزالُ العديدُ من العَقَباتِ، ومِنْ وَصِيَّةِ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ لأبي مُوسى الأشعريِّ - رضي الله عنهما: «الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أُدْلِيَ إِلَيْكَ؛ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ» صحيح - رواه البيهقي في "السنن الكبرى". قال ابنُ القيِّمِ رحمه الله (صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ؛ بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً - بَعْدَ الْإِسْلَامِ – أَفْضَلُ، وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا... وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ).

 

ومِنَ الأُمورِ التي تُنَمِّي مَلَكَةَ التَّفكيرِ القائِمِ على الأدلَّةِ والبراهين، وعلى التَّفْكِيرِ الرَّاجِحِ السَّليم: ما جاء في "قَضِيَّةِ المَرْأَتين اللَّتَين احْتَكَمَتَا إلى داودَ وسُليمانَ" عليهما السلام: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا؛ جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: "إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ"، وَقَالَتِ الأُخْرَى: "إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ". فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ؛ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى. فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ، فَأَخْبَرَتَاهُ؛ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: "لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا"، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى» رواه البخاري ومسلم.

 

فكُلٌّ مِنهما ادَّعَتْ أنه ابْنُها، فحَكَمَ داودُ عليه السلام لِلْكُبْرَى، ثم تَحاكَمَتَا إلى سُليمانَ عليه السلام؛ فأصابَ حُكمُه الحقَّ في القَضِيَّةِ، وكُلٌّ منهما مَأْجورٌ على اجتهادِه، ومِنْ فوائِدِ الحديث:

بَيانُ فَضْلِ سُليمانَ عليه السلام، وبَيانُ ما آتاه اللهُ تعالى مِنْ قُوَّةِ الفَهْمِ، والقُدْرَةِ على استخراج الحُكْمِ الصَّواب؛ فيما عُرِضَ عليه من قضايا مُتَشابِهَةٍ. قال ابنُ الجَوزِي رحمه الله: (أمَّا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: فَرَأى اسْتِواءَهما فِي الْيَد، فَقَدَّمَ الْكُبْرَى لِأَجْلِ السِّنِّ، وَأمَّا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: فَرَأى الْأَمْرَ مُحْتَمِلًا، فاسْتَنْبَطَ فَأَحْسَنَ؛ فَكَانَ أَحَدَّ فِطْنَةً مِنْ دَاوُد، وَكِلَاهُمَا حَكَمَ بالاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ دَاوُدُ حَكَمَ بِالنَّصِّ؛ لَمْ يَسَعْ سُلَيْمَانُ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ، وَلَو كَانَ مَا حَكَمَ بِهِ نَصًّا؛ لَمْ يَخْفَ على دَاوُدَ).

 

ومن الفوائد: اسْتِعْمالُ الاسْتِدْلالِ بِالقَرائِنِ والأَمَاراتِ؛ لِمَعْرِفَةِ الحَقِّ في القضايا المُتنازَعِ فيها، عِند عَدَمِ الدَّليل. قال عليٌّ القاري رحمه الله: (اعْلَمْ أَنَّ قَضَاءَهُمَا حَقٌّ؛ لِكَوْنِهِمَا مُجْتَهِدَيْنِ. وَمُسْتَنَدُ قَضَائِهِمَا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ: "هِيَ الْقَرِينَةُ"، لَكِنَّ الْقَرِينَةَ الَّتِي قَضَى بِهَا "سُلَيْمَانُ" أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ).

 

ومن الفوائد: مَشْرُوعِيَّةُ الحِيَلِ، وإِظْهارِ فِعْلِ مَا لا يُرِيدُه لِلوصولِ لِلحقيقة. فسليمانُ عليه السلام قال: «ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا» فإنه لم يَقُلْ ذلك لِيَفْعَلَه؛ وإنما لِيَعْرِفَ الأُمَّ الحقيقيّةَ، حيثُ إنَّ شَفَقَتَها سَتَحْمِلُها عَلَى عَدَمِ شَقِّه؛ بِخِلافِ الأُخرى، وكان الأمْرُ كما أرادَه. فلِلْحاكِمِ أنْ يستعمِلَ الحِيَلَ فِي استخراجِ الحقِّ بالتَّهديدِ، والتَّخِويفِ، وإنْ لمْ يفعلْ ذلك، وهذا يَعْتَمِدُ عَلَى الفَهْمِ، والفِطْنَةِ، فقد يَصِلُ الفَطِنُ - بِلَطِيفِ فِطْنَتِه - إلى ما لا يَصْبُ إليه غيرُه، فهذا عطاءٌ، وفَضْلٌ، ومِنَّةٌ مِنْ الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105].

 

قال النَّووي رحمه الله: (وَأَمَّا "سُلَيْمَانُ" فَتَوَصَّلَ بِطَرِيقٍ مِنَ الْحِيلَةِ وَالْمُلَاطَفَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ بَاطِنِ الْقَضِيَّةِ، فَأَوْهَمَهُمَا أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَهُ؛ لِيَعْرِفَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا قَطْعُهُ، فَتَكُونُ هِيَ أُمَّهُ، فَلَمَّا أَرَادَتِ "الْكُبْرَى" قَطْعَهُ؛ عَرَفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ، فَلَمَّا قَالَتِ "الصُّغْرَى" مَا قَالَتْ؛ عَرَفَ أَنَّهَا أُمُّهُ. وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أَرَادَ اخْتِبَارَ شَفَقَتِهِمَا؛ لِتَتَمَيَّزَ لَهُ الْأُمُّ).

 

ومن الفوائد: أَنَّ "الأُمَّ الحقيقيةَ" تَتَنازَلُ عن وَلَدِها، وثَمرةِ فُؤادِها، وأَعَزِّ ما تَمْلِكُ؛ لِأَجْلِ سَلامَتِه، ولأنها تُحِبُّه، وهكذا الذي يُحِبُّ دِينَه، وبَلَدَه المُسلِمَ؛ يتنازل أحيانًا عن حَقِّهِ؛ لِأَجْلِ سلامةِ البلدِ وأهلِه مِنَ الاقْتِتَالِ، والفِتَنِ، والدَّمَارِ، والخَرَابِ.

 

وأمَّا أصْحابُ المَصالِحِ الدُّنيوية فحالُهُمْ يُشْبِهُ "الأُمَّ الكَاذِبَةَ"، صاحِبَةَ الحُبِّ المُزَيَّفِ، التي رَضِيَتْ بِشَقِّ الوَلَدِ عند التَّقاضِي، وهذا حالُ أصحابِ المَصالِحِ الضَّيِّقَةِ؛ يَبِيعون أوطانَهم بِأَرْخَصِ الأَثْمانِ، ويُحَرِّضُونَ على سَفْكِ الدِّماءِ، وحَرْقِ الأَوطانِ؛ إذا تَعارَضَتْ مع مَصالِحِهِم الضَّيِّقَةِ!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... أيها المسلمون.. أصَابَ "سليمانُ" الحقَّ في قَضَايا أُخْرَى؛ غَير هذه القَضِيَّةِ، منها ما جاء في قولِه تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [الأنبياء: 78، 79]. ذَكَرَ اللهُ هَذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمَا بِالْعِلْمِ وَالْحُكْمِ، وَخَصَّ سُلَيْمَانَ بِالْفَهْمِ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الْمُعَيَّنَةِ.

 

والقِصَّةُ - كما جَاءَتْ في الرِّوايات: أنَّ جماعةً لهم حَرْثٌ مِنْ عِنَبٍ دخلتْ فيه غَنَمُ قَوْمٍ لَيْلًا، فأَكَلَتِ العِنَبَ وأَتْلَفَتْهُ؛ فحَكَمَ داودُ: «بِأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الحَرْثِ الماشِيَةَ مُقابل ما أَتْلَفَتْهُ؛ لِأَنَّ المُتْلَفَ يُعادِلُ قِيمَةَ الغَنَمِ التي أَتْلَفَتْهُ». وحَكَمَ سُلَيمانُ: «بِأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ المَاشِيةِ الزَّرْعَ، يقومُ عليه حتى يَعودَ كما كان، ويَأْخُذَ صَاحِبُ الحَرْثِ الماشِيَةَ يَسْتَفِيدُ مِنْ صُوفِها ولَبَنِها وسِخَالِها؛ فإذا تَمَّ إِصْلاحُ المَزْرَعَةِ كما كانَتْ أَخَذَها؛ ورَدَّ المَاشِيةَ لِصاحِبِها».

 

عباد الله.. أَخْبَرَ اللهُ تعالى أنه: أفْهَمَ سُليمانَ هذا الحُكْمَ: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ أي: فَهَّمْنَاهُ هذه القَضِيَّةَ. ولَمْ يُعاتِبْ داودَ على حُكْمِه؛ ولذا قال سبحانه: ﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾؛ تَلَافِياً لِمَا قَدْ يُظَنُّ أَنَّ داودَ دُونَ وَلَدِه في العِلْمِ والحُكْمِ. وفيه دَلِيلٌ: على أَنَّ الحَاكِمَ قد يُصِيبُ الحَقَّ والصَّوابَ، وقد يُخْطِئُ ذلك. ولا يَدُلُّ ذلك: أنَّ داودَ لم يُفَهِّمْه اللهُ في غيرِها، ولهذا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ بدليل قولِه: ﴿ وَكُلًّا ﴾ من داودَ وسُليمانَ ﴿ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾.

 

ونَلْحَظُ هُنَا: أنَّ الاسْتِدراكَ لَمْ يَأْتِ مِنَ الأَبِ لِلِابْنِ، فيكون أمراً طبيعياً، بل جاء من الابْنِ لِلأَبِ؛ لِيُؤَكِّدَ على أنه لا غَضاضَةَ أنْ يَسْتَدْرِكَ الصَّغيرُ على الكَبِيرِ، أو الابْنِ على الأَبِ. فالهَدفُ هو الوصولُ إلى الحقِّ والصَّوابِ، ونبيُّ اللهِ سليمانُ - في هذه القَضِيَّةِ - لَمْ يغُضَّ الطَّرْفَ عن هذا القُصورِ في حُكْمِ أبيه؛ بل جَهَرَ بالحقِّ ونَطَقَ به؛ لأنَّ الحقَّ أعظمُ مِنْ أيِّ صِلَةٍ حتى لو كانت صِلَةَ الأُبُوَّةِ.

 

ومن قوله تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ نَشَأَ اسْتِدراكُ الخَلْقِ على الخَلْق؛ فهو أمرٌ مَقبولٌ لا يَسْتَنْكِفُ منه أحدٌ، ومن هذه القَضِيَّةِ جاءت مسألةُ الاستئنافِ في المَحاكِمِ، فَلَعَلَّ القاضي في "مَحْكَمَةِ الاسْتِئْناف" يَسْتَدْرِكُ على زميله في "المَحْكَمَةِ الابتدائية"، أو يقف على شيءٍ لم يَقِفْ عليه، أو يَرَى جانباً من القَضِيَّةِ لم يَرَهُ، أو يَنْقُضُ الحُكْمَ.

 

ومِنْ فَوائِدِ الآية: مَشْروعِيَةُ الاسْتِئْنافِ والنَّقْضِ في أَحْكامِ المَحاكِمِ؛ فقاضي الاسْتِئْنافِ حينما يُعدِّل في حُكْمِ القاضي الابْتِدائِي لا يُعَدُّ هذا طَعْناً فيه، إنما كُلٌّ منهما حَكَمَ بناءً على عِلْمِه، وعلى ما تَوَفَّرَ له من أدِلَّةٍ ووَقائِعَ، وربما فَطِنَ القاضي الثاني لِمَا لَمْ يَفْطِنْ له القاضي الأَوَّل.

 

ومن الفوائد: أنَّ الوصولَ إلى الحقِّ لا يُقاسُ بِمِقْدَار السِّنِّ، ويَجوزُ لِلْعالِمِ أَنْ يُخَالِفَ غيرَه مِنَ العُلماء؛ وإنْ كانوا أَسَنَّ منه، وأَفْضَلَ، وأَعْلَمَ؛ إذا رأى الحقَّ في خِلَافِ قَولِهم. قال ابنُ بَطَّالٍ رحمه الله: (وفيه: أنه جَائِزٌ للعالِمِ مُخالَفَةَ غَيرِه من العلماء، وإنْ كانوا أَسَنَّ منه وأفْضَلَ؛ إذا رأى الحقَّ في خِلافِ قَولِهِم. واللهُ تعالى أثنى على "سُليمانَ" بِعِلْمِه، وعَذَرَ "داودَ" بِاجْتِهادِه، ولمْ يُخْلِهِ مِنَ العِلْمِ؛ فقال سبحانه: ﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير)
  • عبرة في قصة (1) {ففهمناها سليمان}
  • أحكام وفوائد من قصة طواف سليمان عليه السلام على نسائه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • نصيحة أبي حازم التابعي لسليمان بن عبدالملك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • داود وسليمان عليهما السلام (7)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • داود وسليمان عليهما السلام (4)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • قصة سليمان بن داود عليه السلام (5) بناء بيت المقدس(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة سليمان بن داود عليه السلام (4) سليمان الملك والقوة(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • سليمان (يسار) بن صرد (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • قصة سليمان والهدهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القراءة في صلاة المغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • سكينة وسليمان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة إجازة من الشيخ علي بن سليمان المنصوري إلى الشيخ حسين بن مراد(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب