• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (2)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (إعطاء من سأل بفحش وغلظة) (1)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
علامة باركود

حقوق الصديق (خطبة)

حقوق الصديق (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2025 ميلادي - 29/10/1446 هجري

الزيارات: 2747

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الصديق

 

الحمد لله الذي ألّف بين القلوب برباط الإيمان، وجعل الأخوّة في الله أعلى مراتب الودّ والحنان، أحمده سبحانه وهو الكريم المنّان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد ولد عدنان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.

 

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه في السر والعلانية، واعلموا أن من أعظم ما تُبنى به المجتمعات، وتُشيَّد به أركان المحبة والوفاء، وتُدرأ به الفتن والعداوات: الصداقة الصادقة، التي تقوم على الإيمان، وتُصان بالصدق، وتُروى بالإخلاص، وتُثمر في القلوب سكينةً وسلامًا.

 

أيها الأحبة في الله...

حديثنا اليوم عن علاقةٍ عظيمة، لكنها في زمن الماديات أصبحت تُباع وتُشترى، وتُبنى على المصالح لا على القيم: إنها الصداقة وحقوق الصديق.

 

حديثنا عن الوفاء في زمن الخذلان، عن الصدق في زمن الزيف، عن الأخوّة في الله، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: وعد منهم: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه. "[1].


نعم يا عباد الله، إن الصديق الصادق عونٌ على الطريق، وسندٌ في الشدة، ومرآةٌ في الغفلة، وكنز لا يعرف قيمته إلا من افتقده.

 

فما هي حقوق هذا الصديق؟ وما الذي يجب عليك تجاهه؟ وما علامة صداقته في ميزان الإسلام؟

ما عرف التاريخ صداقةً أطهر، ولا أخوّةً أصفى، ولا مودةً أعمق من تلك التي جمعت بين سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصدّيق أبي بكر بن أبي قُحافة رضي الله عنه، صداقة بدأت قبل البعثة، فتوثقت في الإسلام، وتعمّقت في الهجرة، وتجلّت في الغار، وثبتت في الشدائد، وتألّقت في كل مواقف الوفاء.

 

إنه أبو بكر رضي الله عنه الذي ما تأخر يومًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شكّ لحظةً في صدقه، بل لما نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، فقام يخبر الناس برسالته، كان أبو بكر رضي الله عنه أول من آمن به من الرجال، لا بتردد ولا سؤال، بل قال كلمته التي خلدها التاريخ: "لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ"[2] فاستحقّ أن يكون “الصّدِّيق”، ورفيق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، وهجرته، وغزواته، وحتى في قبره.

 

ويكفيه فخرًا أن يُذكر اسمه في القرآن مقرونًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم - في مقام النجاة، فقال الله تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾[3].

 

تأمل كلمة “صاحبه”، كم هي عظيمة!

 

ما قال: (مع أبي بكر) رضي الله عنه، بل قال: ﴿ لِصَاحِبِهِ ﴾، فخلّد الله صحبته، ووصفها بالعظمة في لحظة من أشدّ لحظات التاريخ: في الغار، في الهجرة، والعدو يطلب الأنفاس.

 

كان أبو بكر رضي الله عنه يبكي من فرط خوفه على النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يطمئنه: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، وهكذا انقلبت الأدوار، فصار صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يُخاف عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يواسيه.

 

وكان أول من أنفق ماله كله في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: " مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ " فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَقَالَ: هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟[4]، إنها صداقة قُدّست بالإيمان، لا تُبنى على مصلحة، ولا تضعفها فتنة، ولا تهزها محنة.

 

وحين مرض النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ل «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ».[5]، فقدّمه رضي الله عنه للصلاة، كما قدمه للصحبة، وللهجرة، وكأنما يمهّد له الطريق للخلافة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم، كان أبو بكر رضي الله عنه هو الأثبَت قلبًا، والأصدق إيمانًا، فقام إلى الناس وقال كلمته الخالدة: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ." [6]، ثم تلا: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ [آل عمران: 144] [7]، فكان أول الخلفاء الراشدين، وأقرب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، حيًا وميتًا، حتى دُفن إلى جواره.

 

تلك هي الصداقة التي علّمها النبي صلى الله عليه وسلم لنا: صداقة تبدأ بالإيمان، وتُبنى على الصدق، وتُروى بالوفاء، وتُختم بالجِوار في القبور، لتُبعث يوم القيامة معًا في ظلّ العرش، كما قال صلى الله عليه وسلم: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»[8].

 

إن الصاحب مرآة، والصديق شريك عمر، والمرءُ على دين خليله، كما قال سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»[9].

 

فليس كل من قاربك جسدًا هو لك صاحب روح، ولا كل من ضحك معك هو لك صديق صدق؛ بل الصاحب من إذا ذكرتَ الله أعانك، وإذا نسيت ذكّرك، وإذا زللتَ ستر، وإذا احتجتَ حضر.

 

وقد قال تعالى في مقام التحذير من قرناء السوء: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [10].

 

فاختر لنفسك أخًا يعينك على الحق، لا يجرّك إلى الباطل، صديقًا يرى فيك الجمال فيذكّرك به، ويُبصر فيك النقص فيسترُه ويصلحه، لا من يُزين لك العيب ويُخفي عنك عثرة الطريق.

 

وأما حقوق الصاحب والصديق، فهي من تمام المروءة، وكمال الدين، وجمال الوفاء، ومن أعظمها:

أولها: الصدق معه- أن تكون له مرآة، لا تُلبسه الزيف، ولا تُخفي عنه عيوبه، بل ترشده برفق، وتُعينه على إصلاح نفسه، وألا تطلب مكانة أفضل منه كما قَالَ أَبو إِيَاسٍ «إِذَا اصْطَحَبَ الرَّجُلَانِ فَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَقَدْ أَسَاءَ الصُّحْبَةَ»"[11].

 

ثانيها: أن تحفظه في غيبته- فلا تذكره بسوء، بل تُغلق باب الغيبة، وتدفع عنه ما يكرهه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ»[12].

 

ثالثها: أن تنصح له إذا ضل، وتقف معه إذا ذل، وتغفر له إذا زل، فلا شماتة في صديق، ولا خذلان لمحب، " كما قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: شَرْطُ الصُّحْبَةِ إقَالَةُ الْعَثْرَةِ، وَمُسَامَحَةُ الْعِشْرَةِ، وَالْمُوَاسَاةُ فِي الْعُسْرَةِ"[13]، وقبول الأعذار من صفات المؤمنين كما " قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله تعالى: "المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب العثرات"[14].

 

رابعها: إعانته ومواساته، فمن حق الصديق أن تواسيه بمالك ووقتك، فتشاركه في سرّك، وتصدقه في ودّك، كما قال الإمام الشافعي:

«إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا … فدعه ‌ولا ‌تكثر ‌عليه ‌التأسفا».[15]، ومن حقه ألا تتركه عند ضيقه، بل كن له عضدًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:“:المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ،.” [16]، أي لا يُسلّمه للخذلان في حال الضعف أو الغيبة.

 

خامسها: أن تلاطفه في اللقاء، وتفتقده عند الغياب، وتدعو له في ظهر الغيب، فإن في ذلك من خالص المحبة ما لا يبلغه تملُّق اللسان.

 

سادسها: أن تصدقه الدعاء، وتُعينه على الطاعة، وتشدّ عضده في المحنة، فإن لم يكن الصديق سندًا في الشدة، فما خيره في الرخاء؟ فمن دلائل المحبة في الله أن تدعو له بظهر الغيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ".[17]


سابعها: العدل معه عند الخصام، فلا تذكر عيوبه القديمة، ولا تُشهّر به إن اختلفتما، فإن النفوس النبيلة تحفظ الجميل، وتغفر الزلّة، ومن صفات المنافقين دون غيرهم الفجور في الخصومة قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وعدا منها (وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)"[18].

 

فالصداقة الحقة ليست فقط كلمة تُقال، بل مواقف تُسطر، ومواقف المحنة تكشف معادن الرجال، وقد قيل: “الصديق وقت الضيق “فالصديق الصادق، وقت الرخاء والشدة، في الدنيا والآخرة.”

 

ثامنها: حفظ العهد بعد موته، فمن أعظم الوفاء، أن تحفظ وُدّه بعد غيابه، وتصل أهلَه، وتدعو له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ».[19]


عباد الله هذه حقوق الصديق فأدوها كي تنالوا خير الصحبة، فالصديق الحقّ: كالمطر إذا أقبل أنبت في قلبك فرحًا، وإذا غاب ترك لك أثرًا، وإذا ابتُعدتَ عنه ظلّ يدعو لك في ظهر الغيب.

 

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»[20]

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، نحمده ونشكره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له النعمة وله الفضل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فيا عباد إن من نعم الله على العبد أن يُرزق بصديق صدوق، وصاحب ناصح، فإن الصاحب ليس فقط من يرافقك الطريق، بل من يحمل عنك همّك، ويُعينك على بلوغ رضوان ربك، وقد قال الإمام الحسن البصري:"إخواننا أحبّ إلينا من أهلينا، أهلونا يذكروننا بالدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة"، فاختر من الأصدقاء من إذا جالسته زادك إيمانًا، وإن غبت عنه لم ينسك من دعائه، وإن اختلفتما لم يظلمك، وإن احتجت إليه لم يخذلك، فإنهم قِلّة، لكنهم كنوز.

 

أيها الأحبة: قد دلّت النصوص الشرعية على معايير الصداقة، التي تعيين على حُسن اختيار الصاحب والصديق ومنها:

المعيار الأول: تقوى الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿ الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾[21]، أي أن صداقات المعاصي تزول يوم القيامة، وتبقى أخوّة التقوى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ»[22]


المعيار الثاني: الصلاح والأمانة وحب الخير، "فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في الحث على طلب أهل الخير في الصحبة والصداقة: (عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يجيئك ما يغلبك منه، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين في القوم، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك فيخونك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله)" [23]. اهـ.

 

المعيار الثالث: عدم التكلف، فاستعمال التكلف يفسد الصحبة وقال عليّ رضي الله عنه: شر الأصدقاء من أحوجك إلى مداراة، وألجأك إلى اعتذار، وقال أيضاً: شرّ الأصدقاء من تكلف له،"[24]


"وكان ابن سيرين يقول: يحتمل الرجل لأخيه إلى سبعين زلة ويطلب له المعاذير، فإن أغناه ذلك وإلاّ قال: لعل لأخي عذراً غاب عني"[25].

 

عباد الله للصداقة فوائد جمعها ابن القيم رحمه الله بقوله: " ويطلب من الصحبة فوائد دينية، ودنيوية،أما الدنيوية: فكالانتفاع بالمال، أو الجاه، أو مجرد الاستئناس بالمشاهدة والمجاورة، وليس ذلك من أغراضنا، وأما الدينية: فيجتمع فيها أيضاً أغراض مختلفة، إذ منها؛ الاستفادة من العلم والعمل، ومنها الاستفادة من الجاه؛ تحصناً به عن إيذاء من يشوش القلب ويصد عن العبادة، ومنها استفادة المال؛ للاكتفاء به عن تضييع الأوقات في طلب القوت، ومنها الاستعانة في المهمات،فيكون عدة في المصائب، وقوة في الأحوال، ومنها التبرك بمجرد الدعاء، ومنها انتظار الشفاعة في الآخرة، فقد قال السلف: استكثروا من الإخوان، فإن لكل مؤمن شفاعة، فلعلك تدخل في شفاعة أخيك"[26].

 

عباد الله: الصداقة لها معايير وحقوق وآداب، وليست المعاملة بالحسنى مختصة بالصاحب دون غيره، بل يجب على المؤمن أن يعامل الخلق بخلق الإسلام، مثلما يريد أن يعاملوه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا"[27]


فتعاملوا بالحسنى عباد الله استجابة لشرع الله كما قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى.. ﴾ [28]، رزقني الله وإياكم الصحبة الصالحة والحسنى وزيادة.

 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [29].



[1] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب الأذان- باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد- رقم الحديث: (660) - (1 / 133)، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب فضل إخفاء الصدقة- رقم الحديث: (1031) (2 / 715).

[2] أخرجه الإمام الحاكم في المستدرك على الصحيحين - كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم - أبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما – رقم الحديث: (4407) - (3 / 65).

[3] [سورة التوبة: جزء من الآية: 40].

[4] أخرجه الإمام الترمذي في سننه- أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه- رقم الحديث: (3661) - (5 / 609)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - مسند المكثرين من الصحابة - مسند أبي هريرة رضي الله عنه – (7446) - (12 / 414)، واللفظ للإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

[5] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الأذان - باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة – رقم الحديث: (682)- (1 / 137).

[6] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته- رقم الحديث: (4454) - (6 / 14):

[7] [سورة آل عمران: الآية: 144].

[8] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الأدب- باب علامة حب الله عز وجل- رقم الحديث: (6168) - (8 / 39).

[9] أخرجه الإمام أبي داود في سننه - كتاب الأدب- باب من يؤمر أن يجالس - رقم الحديث: (4833) - (4 / 259) - وأخرجه الإمام الترمذي في سننه - أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم– رقم الحديث: (2378) - (4 / 589)، وصححه الإمام الألباني.

[10] [سورة الفرقان: الآيتان: 27-28].

[11] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - المؤلف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ)- (287)- (1 / 93)- المحقق: مجدي السيد إبراهيم- الناشر: مكتبة القرآن – القاهرة.

[12] أخرجه الإمام الترمذي في سننه - أبواب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- باب ما جاء في الذب عن عرض المسلم- رقم الحديث: (1931)- (4 / 327)، وحسنه الإمام الترمذي، وصححه الإمام الألباني.

[13] الآداب الشرعية والمنح المرعية- المؤلف: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي الحنبلي (المتوفى: 763هـ)- (3 / 470)- الناشر: عالم الكتب.

[14] أصول الدعوة- المؤلف: عبد الكريم زيدان- (1 / 367)- الناشر: مؤسسة الرسالة- الطبعة: التاسعة 1421هـ-2001م.

[15] جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب- المؤلف: أحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمي (ت 1362هـ)- (2/ 484)- اشرفت على تحقيقه وتصحيحه: لجنة من الجامعيين- الناشر: مؤسسة المعارف، بيروت.

[16] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب البر والصلة والآداب- باب تحريم ظلم المسلم، وخذله، واحتقاره ودمه، وعرضه، وماله- رقم الحديث: (2564) - (4 / 1986):، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الإكراه- رقم الحديث: (6951)- (9 / 22): واللفظ له.

[17] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار- باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب- رقم الحديث: (2733) - (4 / 2094).

[18]، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بيان خصال المنافق - رقم الحديث: (58) - (1 / 78).

[19] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب البر والصلة والآداب - باب صلة أصدقاء الأب والأم، ونحوهما - رقم الحديث: (2552) - (4 / 1979).

[20] أخرجه الإمام الطبراني في المعجم الكبير - باب العين – (13646)- (12 / 453) [وحسنه الإمام الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها – رقم الحديث: (906) - (2 / 574).

[21] [سورة الزخرف: الآية: 67].

[22] أخرجه الإمام أبي داود في سننه - كتاب الأدب - باب من يؤمر أن يجالس - رقم الحديث: (4832) - (4 / 259، أخرجه الإمام الترمذي في سننه - أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- باب ما جاء في صحبة المؤمن- رقم الحديث: (2395) - (4 / 600)، وحسنه الإمام الألباني.

[23] الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية - المؤلف: محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود (المتوفى: 1428هـ)- (2 / 463)- الناشر: دار اليقين للنشر والتوزيع- الطبعة: الأولى، 1407 هـ - 1987 م(انظر فضيلة الألفة والأخوة/ مخطوطة بقسم المخطوطات بجامعة الرياض برقم (1605) الورقة (35) المؤلف غير معروف، وانظر حياة الصحابة (جـ 3 ص 502).

[24] قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد - المؤلف: محمد بن علي بن عطية الحارثي، أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ) - (2 / 378)- المحقق: د. عاصم إبراهيم الكيالي - الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان- الطبعة: الثانية، 1426 هـ -2005 م.

[25] قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد (2 / 378).

[26] إحياء علوم الدين - إحياء علوم الدين- المؤلف: أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)- (2 / 170: 171 ) - الناشر: دار المعرفة – بيروت.

[27] أخرجه الإمام الترمذي في سننه- أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب: من اتقى المحارم فهو أعبد الناس– رقم الحديث: (2305) -(4 / 551)، وحسنه الإمام الألباني.

[28] [سورة الرعد: جزء من الآية: 18].

[29] [سورة الأحزاب: آية: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اختيار الصديق
  • الصديق والزنديق
  • أين الصديق؟
  • الصديق (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب