بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في الجنة إن كان أصلح منها في الدنيا

بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في الجنة إن كان أصلح منها في الدنيا

قال تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ [البقرة: 35]، نجد هنا أن حواء سكنت مع آدم عليه السلام الجنة تتنعَّم معه، ولم يكن لها سابق ذكر؛ بل ولا وجود حين علَّم الله آدم الأسماء كلها، ولا حين غلب آدم الملائكة بالعلم، ولا حين سجدت الملائكة لآدم، تلك المشاهد لم تكن حواء موجودة، ثم سكنت الجنة مع آدم دون أن تكون لها مقدمات؛ وهذا يدل على بركة الزوج الصالح، وأن الله يرفع درجة زوجته معه حيث سكن في الجنة وإن قصر بها العمل، وإن كانت أقل علمًا منه.

ولهذا كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم حريصات ألَّا يطلقهن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن درجته في الجنة أعلى درجة؛ وهي الوسيلة التي لا تنبغي لعبد من عباد الله إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، فزوجات النبي صلى الله عليه سيسكنَّ معه في تلك الدرجة، في حين لم يبلغها من هو خير منهن؛ وذلك أنهن تبع للنبي صلى الله عليه وسلم.

حتى إن سودة حينما كبرت وخافت أن يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم وهبت يومها لعائشة إرضاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصًا على دخولها الجنة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

فانظر لبركة الزوج الصالح على زوجته، وقد ورد أن أسماء بنت أبي بكر الصديق اشتكت لأبيها من زوجها الزبير بن العوام أحد المبشَّرين بالجنة؛ وأنه كان شديد الغيرة وربما ضربها؛ فقال لها أبو بكر: اصبري يا بنية؛ فإنه رجل من أهل الجنة!

فأشار لها بهذا الكلام إلى أمرين:

الأمر الأول: أنها ستبلغ معه درجته في الجنة وهو من السابقين إلى الإسلام؛ لأن الزبير رضي الله عنه درجته أعلى من درجة أسماء زوجته؛ لكنها ستبلغها معه.

الأمر الثاني: أن الزبير في الجنة ستزول منه هذه الغلظة، وأن دخول الجنة مطهرة من كل ما يعكر حياة الزوجين، ومطهرة من كل عيب عند الزوجين، فكأنه قال لها: نحن في حياة قصيرة؛ فاصبري على شدة الزبير فيها، فإنها ستزول منه هذه الشدة حينما يسكن الجنة وتكونين معه هناك في حياة خالدة لا انقطاع لها.

وهذا الأمر مهم جدًّا نذَّكرُ به كلَّ زوجة لديها زوج صالح ربما يغلظ عليها أحيانًا، أو يكون مقصرًا في بعض ما يلزمه تجاهها، أو غير ذلك من الملاحظات التي لا يخلو منها إلا القليل، فلتدع هذا النقص لما فيه من الصفات والأخلاق الحسنة، وكذلك يقال للزوج: دع النقص في زوجتك لما فيها من صفات حسنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخط منها خُلُقًا رضي منها خُلُقًا آخر»؛ رواه مسلم؛ أي: يترك النقص للكمال، وينظر للجانب المشرق.

الخلاصة هنا: أن صلاح الزوج يعود بالنفع على الزوجة في الآخرة، وأن تحرص المرأة على اختيار من كان صالحًا تغتبط به في دنياها وأُخْراها؛ ومن كان معها زوج صالح فلتحرص على زيادة صلاحه؛ لعله يكون في درجة أعلى منها فترفع درجتها معه.

ولا يبعد أيضًا أن ترفع درجة الزوج مع زوجته إن كانت أرفع درجة منه؛ وكم من رجل مقصر معه امرأة صالحة خيرٌ منه في الدين! ولهذا السبب حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون الزوجة المختارة ذات دين، وأفلح من صنع ذلك والله.

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74] اللهم آمين آمين آمين.