• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإعاقة الجسدية
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    أثر النية الحسنة في الأعمال
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ما فوائد النجاح؟
    أسامة طبش
  •  
    كيف تختار زوجة أو زوجا لحياة سعيدة في المغرب؟ ...
    بدر شاشا
  •  
    كيف كانت تربينا أمي بدون إنترنت؟
    آية عاطف عويس
  •  
    فخ أكاذيب التنمية البشرية
    سمر سمير
  •  
    إدمان العادة السرية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تأخر الزواج بين الفطرة والواقع: معضلة تبحث عن
    سيد السقا
  •  
    المبادرة حياة والتسويف موت بطيء
    سمية صبري
  •  
    حين يصنع الصمت عظيم الأثر
    نهى سالم الرميحي
  •  
    خماسية إدارة الوقت بفعالية
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    100 قاعدة في المودة والرحمة الزوجية
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    "إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل ...
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    القدوة وأثرها في حياتنا
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    "إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الخلال النبوية (24) {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}

الخلال النبوية (24) {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/6/2022 ميلادي - 9/11/1443 هجري

الزيارات: 10761

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخلال النبوية (24)

﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ جَعَلَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنَ الْبَشَرِ، وَجَعَلَ الرِّسَالَةَ اصْطِفَاءً مِنْهُ وَاخْتِيَارًا؛ ابْتِلَاءً لِلْعِبَادِ، هَلْ يَقْبَلُونَ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ يَرْفُضُونَهُ، وَلَمَّا قَالَ الْمُشْرِكُونَ: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ﴾ كَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 124]، وَكَوْنُ الرَّسُولِ مِنَ الْبَشَرِ وَلَيْسَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَّةً امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْبَشَرِ، وَنِعْمَةً أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمْ لَعَجَزُوا عَنِ اتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ، فَالْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ﴿ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 19-20].

 

وَمِنْ حُجَجِ الْمُشْرِكِينَ فِي رَفْضِ رِسَالَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّ الرُّسُلَ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، وَهُمْ يُرِيدُونَ رُسُلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾ فَكَانَ الْجَوَابُ عَلَى اسْتِنْكَارِهِمْ: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 94-95].

 

وَتَارَةً يَطْلُبُونَ تَأْيِيدَ الرَّسُولِ الْمُرْسَلِ بِمَلَكٍ مَعَهُ يَشْهَدُ لَهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ رَسُولٌ، وَهِيَ حُجَّةٌ لِلِاعْتِرَاضِ وَالِاسْتِكْبَارِ، وَلَيْسَتْ لِلتَّحَقُّقِ وَالِاتِّبَاعِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَيَّدَ الرُّسُلَ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَأَرْسَلَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، وَلَوْ أُعْطِيَ الْمُشْرِكُونَ مَا طَلَبُوا لَمَا آمَنُوا: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ* وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 8-9]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 7].

 

وَامْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأُمَّةِ الْخَاتِمَةِ بِأَنْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 164]، «أَيْ: مِنْ جِنْسِهِمْ وَعَلَى لُغَتِهِمْ»، وَذَلِكَ أَدْعَى لِفَهْمِ دَعْوَتِهِ وَقَبُولِهَا وَاتِّبَاعِهِ فِيهَا؛ وَذَلِكَ اسْتِجَابَةً لِدُعَاءِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 129]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 128]، «وَهَذَا يَقْتَضِي مَدْحًا لِنَسَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ مِنْ صَمِيمِ الْعَرَبِ وَخَالِصِهَا». وَفِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَشَرِ قُدْرَتُهُمْ عَلَى الِامْتِثَالِ وَالطَّاعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَمِنْ حِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِكَمَالِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعِفَّةِ وَالنُّصْحِ لَهُمْ مِمَّا يَدْعُوهُمْ إِلَى تَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِهِ؛ ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 2]، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّجَاشِيِّ يَصِفُ لَهُ دَعْوَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ يُبْعَثُ مِنْ غَيْرِ قَوْمِهِ لَأَنْكَرَ النَّجَاشِيُّ قَوْلَ جَعْفَرٍ؛ لِأَنَّ النَّجَاشِيَّ لَهُ عِلْمٌ بِالْكِتَابِ وَالنُّبُوَّةِ؛ وَلِذَا آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُ. وَفِي مُقَابَلَةِ أَبِي سُفْيَانَ لِهِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَأَلَ هِرَقْلُ أَبَا سُفْيَانَ فَقَالَ: «كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ... وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ هِرَقْلُ لِلتُّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ هِرَقْلُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَادَ أَنْ يُؤْمِنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا خَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَى، فَخَسِرَ الْإِيمَانَ وَذَهَبَ مُلْكُهُ.

 

وَفِي كَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ وَمِنَ الْعَرَبِ إِغْرَاءٌ لِقُرَيْشٍ وَلِلْعَرَبِ بِاتِّبَاعِهِ وَنُصْرَتِهِ؛ «كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: كُلُّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الدَّوْلَةِ وَالرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ سَبَبٌ لِعِزِّكُمْ وَلِفَخْرِكُمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْكُمْ وَمِنْ نَسَبِكُمْ».

 

وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ أُمَّتَهُ أَنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهُمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَوْحَى إِلَيْهِ بِالرِّسَالَةِ؛ ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [فُصِّلَتْ: 6]. وَحُجَّةُ أَهْلِ مَكَّةَ فِي رَفْضِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 3]، وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [يُونُسَ: 2]، «وَالَّذِي تَعَجَّبُوا مِنْهُ أَنْ يُوحَى إِلَى بَشَرٍ، وَأَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنْ أَفْنَاءِ رِجَالِهِمْ، دُونَ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ؛ فَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْعَجَبُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجِدْ رَسُولًا يُرْسِلُهُ إِلَى النَّاسِ إِلَّا يَتِيمَ أَبِي طَالِبٍ»؛ وَلِذَا قَالُوا: ﴿ لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 31].

 

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضِيقُ بِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ: إِنَّ الرَّسُولَ لَا يَكُونُ بَشَرًا مِثْلَهُمْ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نُزُولِ مَلَكٍ يُصَدِّقُهُ؛ فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [هُودٍ: 12].

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الشَّرَفِ لِلْعَرَبِ وَلِقُرَيْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُمْ. فَمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَمِنَ الْعَرَبِ ازْدَادَ شَرَفُهُ بِاتِّبَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ عَارَضَهُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ زَالَ عَنْهُ الشَّرَفُ كُلُّهُ، وَلَحِقَهُ الْإِثْمُ وَالْعَارُ؛ وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَبَا لَهَبٍ وَهُوَ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِمُعَارَضَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَامْتَدَحَ سُبْحَانَهُ الْعَبِيدَ وَالْمَوَالِيَ وَالضَّعَفَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ كَبِلَالٍ وَسَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَأَمْثَالِهِمْ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 52]. وَقَالَ تَعَالَى فِي شَرَفِ الْمُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 44]. «أَيْ: شَرَفٌ لَكَ وَلَهُمْ، تُذْكَرُونَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، وَيُدَوَّنُ لَكُمْ فِي التَّوَارِيخِ، وَإِنَّمَا قَاوَمَهُ وَعَانَدَهُ أَكَابِرُ قَوْمِهِ حَتَّى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَنَفَةً وَاسْتِكْبَارًا عَنِ اتِّبَاعِهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُ دُونَهُمْ، وَلِمَا يَتَضَمَّنُ اتِّبَاعُهُ مِنَ الْإِقْرَارِ بِكُفْرِهِمْ وَكُفْرِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمُ الَّذِينَ يُفَاخِرُونَ بِهِمْ...».

 

وَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ مَحَبَّتِهِ مُوَلَاتُهُ وَنُصْرَتُهُ؛ فَهُو أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَهُمْ أَوْلِياؤُهُ، والمُؤْمِنُونَ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المائدة: 55]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، وَالوَلَايَةُ تَقْتَضِي النُصْرَةَ، فَإِذَا اعتُدِيَ عَلَى جَنَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ عَلَى المُؤْمِنِينَ نُصْرَتُهُ؛ لِقَولِ اللهِ تَعَالَى ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]. وَمِنْ نُصْرَتِهِ رَدُّ الطُعُونِ عَلَيهِ، وَنَشْرُ سُنَّتِهِ وَسِيرَتِهِ. وَأَعَظَمُ مَيَادِينِ النُّصَرَةِ المُتَاحَةِ، وَأَشَدُّهَا عَلَى أَعْدَائِهِ: التَمَسُكُ بِهَديِّهِ الظَاهِرِ، مِنْ تَقْصِيرِ الثِّيَابِ، وَإِعْفَاءِ الِّلحَى؛ فَإِنَّ ذَلَكَ يُغِيظُ الأَعْدَاءَ، وَإِغَاظَتُهُمْ بِتَطْبِيقِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِيمَانِ. وَإِذَا طُعِنَ فِي أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ وَجَبَ الذَبُّ عَنْهُنَّ وَنُصْرَتُهُنَّ؛ كَنُصْرِةِ الرَّجُلِ لِأُمِّهِ فِي النَّسَبِ إِذَا طُعِنَ فِيَهَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِعَظِيمِ حَقِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُؤْمِنِينَ. وَأَقْوَى مَيَادِينِ النُصْرَةِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَتَأَسَى المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ بِأُمْهَاتِ المُؤْمِنِينَ فِي المُحَافَظَةِ عَلَى حِجَابِهَا وَعَفَافِهَا وَحَيَائِهَا؛ فَإِنَّ ذَلَكَ يُصِيبُ أَعْدَاءَهُنَّ فِي مَقْتَلٍ، وَيَرُدُّ عَلَيهِمْ طُعُونَهَمْ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخلال النبوية (12) أدب النبي صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى
  • الخلال النبوية (18) رفض المساومة على الدين
  • الخلال النبوية (21) فرح النبي صلى الله عليه وسلم
  • الخلال النبوية (22) تبسم النبي صلى الله عليه وسلم
  • الخلال النبوية (23) مزاح النبي صلى الله عليه وسلم
  • الخلال النبوية (25) {عزيز عليه ما عنتم}
  • الخلال النبوية (26) {حريص عليكم}
  • الخلال النبوية (27) {بالمؤمنين رؤوف رحيم} (خطبة)
  • الخلال النبوية (28) حياء النبي صلى الله عليه وسلم
  • الخلال النبوية (29) {يتبعون الرسول النبي الأمي}

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (91)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (90)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (88)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (87)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (86)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (85)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (84)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (83)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (82)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (81)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 


تعليقات الزوار
1- بوركتم
نور الدين مصطفاي - الجزائر 07/10/2022 12:18 PM

بارك الله فيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/6/1447هـ - الساعة: 21:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب