شجرة العلم (2)

شجرة العلم (2)

"سلسلة معنيَّة ببيان: الطريق إلى بِناء المسلم المتديِّن على أساسٍ من العلم والعمل، وصناعة طالب العلم صناعة تقوم على التأصيل والنبوغ".

(ب) صناعة طالب العلم، بداية الطلب الراشد:

تحدَّثنا في الحلقة الماضية: (أ) عن العلم الواجب تحصيلُه على كلِّ مسلم ومسلمة، ممَّا لا يسعه جهله بحال من الأحوال، وألمحنا إلى ستة كتبٍ ينبغي ألاَّ تخلُوَ منها مكتبةُ الأسرة.

فمَن سمَت به روحُه، وارتقت به همَّتُه، من هؤلاء الكرام فأراد أن يتفقَّه في الدين، ويكون من حَمَلة رسالة الأنبياء والمرسلين، بعدما اتَّصل بالكتب التي ذكرناها هناك: قراءةً وإطالة نظر، فعليه أن يبتدئ في كل علمٍ من العلوم بكتابٍ هو الجذر والأساس لذلك العلم.

وسأشير هنا إلى خلاصةِ ما توصلتُ إليه بهذا الصدد معرفةً؛ بخبرة أو قراءةٍ أو سؤال، ونحو ذلك؛ ليستفيد منها من أراد.

وسأجعل هذا الإرشاد على قسمين:

• الأول: علوم الغايات: "العلوم المقصودة بالعلم والفَهم لأجل العمل".

• الثاني: علوم الآلات: "العلوم التي هي أدوات لفَهم العلوم السابقة".

وهذا تفصيل رأيي ورؤيتي:

الأول: علوم الغايات؛ "العلوم المقصودة بالعلم والفهم لأجل العمل":

• تجويد القرآن: وابدأ بكتاب: "غاية المريد".

• التفسير: وابدأ بـ "تفسير البغوي"؛ فإنه - من بعد ما سبق لك - خير بداية".

• السنَّة: وابدأ بكتاب: "شرح رياض الصالحين"؛ لابن عثيمين.

• العقيدة: وابدأ بكتاب: "التوحيد" مِن شرحِه: "إعانة المستفيد"؛ للفوزان.

• الفقه: وابدأ بكتابٍ في مذهب من المذاهب الأربعة المعروفة؛ فقد ضلَّ من طلَب التفقُّه من غير طريق التمذهب؛ فالشافعي يتسلَّق طريقَ المجد من عند: "الإقناع" شرح متن أبي شجاع، فهو البداية، والحنبلي يحمل: "منارَ السبيل"؛ فقد خدم كما لم يخدم غيره، والمالكي يقصد إلى: "مواهب الجليل من أدلة الخليل"؛ للشنقيطي، والحنفي يغوص في: "اللباب في شرح الكتاب"؛ للميداني، ولا أنصح غير حنفي أن يكون حنفيًّا.

• السيرة: ولا ترضى بسيرة: "ابن هشام" - قط - بديلاً.

• التزكية: لو قطعوك فلا تبدأ بغير: "تهذيب العزي لمدارج السالكين"؛ لابن القيم.

الثاني: علوم الآلات؛ "العلوم التي هي أدوات لفهم العلوم السابقة":

• أصول التفسير: ابدأ بكتاب: "بحوث في أصول التفسير"؛ لمحمد الصباغ.

• علوم القرآن: ابدأ بكتاب: "مباحث في علوم القرآن"؛ للعالم الأديب صبحي الصالح، وفي التخريج كتاب: "أصول التخريج"؛ للطحان.

•- علوم الحديث: ابدأ بكتاب: "الباعث الحثيث" لابن كثير، شرح أحمد شاكر.

• أصول الفقه: ابدأ بكتاب: "الوجيز"؛ للعلامة عبدالكريم زيدان، ومعه: "مقاصد المكلفين"؛ للدكتور الأشقر.

• اللغة: ابدأ في النحو وكذا في الصرف بكتابَي: "توضيح النحو"، و"توضيح الصرف"؛ للدكتور عبدالعزيز فاخر، وفي البلاغة بكتاب: "البلاغة الواضحة"؛ لعلي الجارم، وأكثِر من قراءة الأدب القديم عند: "البغدادي، والقلقشندي"، وانظر في الشِّعر من دواوين الفحول؛ "كأبي الطيب، وأبي تمَّام".

نصيحتي لك:

وأوصيك ونفسي - حتى يكون طلبُك راشدًا وجهدك لما تبغي منتجًا - بوصيتين:

أولا: هذه العلوم جميعها تحتاج معها إلى بحَّار ماهر؛ يحميك من أعاصير الزَّلَل، ويحوطُك من عواصف الخطأ، فلا تُبحر فيها قطُّ بنفسك.

ثانيًا: ينبغي ألا تكون خياليًّا فتنتظر حتى تظفر بالعالم الجِهْبذ الذي لا مثيلَ له؛ فإنك - مع شديد الأسف - لن تجد ذلك إلا سرابًا، فاكتفِ بما تيسَّر لك، ولو طالبَ علم نابِه، بشرط أن يكون تجاوَز مرحلة البداية هذه إلى المرحلةِ التي تليها.

واعلم أن أيَّ كتابٍ - مهما نزلَت درجتُه - تدرسه مع شيخٍ متقن؛ هو كتابٌ رائع، وكلُّ كتاب تدرسه بغير شيخ أو غير متقنٍ؛ هو كتاب غير مفيد، فالعمدةُ الشيخ لا الكتاب.

تنويه:

أرحِّب - سعيدًا - بكلِّ تعديلٍ على هذه القائمة، مشفوعًا بأسبابه.

رزقني الله وإياكم العلمَ النافع والعملَ الصالح، والسلام.