• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    سنة التدافع وفقهها (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    علة حديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    لا تكونوا عجلا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة

عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2024 ميلادي - 14/12/1445 هجري

الزيارات: 11544

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عمود الإسلام (20)

حق الله تعالى في الصلاة

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مَنْ أَطَاعَهُ نَجَّاهُ، وَمَنْ عَصَاهُ أَرْدَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 120]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَوَاتِ الْعُلَى، حَتَّى بَلَغَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَكَلَّمَهُ رَبُّهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، ثُمَّ خَفَّفَهَا إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، مَنْ أَقَامَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ، فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ أَمْثَالِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَصِلَةُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ حُقُوقٌ فِيمَا يُؤَدُّونَهُ مِنْ عِبَادَاتٍ، وَمَعْرِفَةُ الْعَبْدِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ تَجْعَلُهُ يُؤَدِّي الْعِبَادَةَ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ. وَلِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ حُقُوقٌ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا وَيَأْتِيَ بِهَا؛ لِتَكُونَ صَلَاتُهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ.

 

فَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا، وَالدَّاعِي إِلَيْهَا رَغْبَةَ الْعَبْدِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَمَحَبَّتَهُ لَهُ، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، وَالْقُرْبَ مِنْهُ، وَالتَّوَدُّدَ إِلَيْهِ، وَامْتِثَالَ أَمْرِهِ؛ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَيْهَا حَظًّا مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا أَلْبَتَّةَ. بَلْ يَأْتِي بِهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى؛ مَحَبَّةً لَهُ، وَخَوْفًا مِنْ عَذَابِهِ، وَرَجَاءً لِمَغْفِرَتِهِ وَثَوَابِهِ. وَلِلرِّيَاءِ مَدْخَلٌ عَظِيمٌ فِي الصَّلَاةِ بِإِطَالَتِهَا أَوْ تَحْسِينِهَا أَوْ إِظْهَارِ الْخُشُوعِ فِيهَا، وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: الصِّدْقُ وَالنُّصْحُ فِي إِكْمَالِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا. وَكَثِيرًا مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّ أُمَّتَهُ عَلَى إِحْسَانِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ إِحْسَانَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعِنَايَةِ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ فِي أَدَائِهَا، وَالنُّصْحِ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا، فَجَاءَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّصْحَ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَمَا بَلَّغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مَا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ فِيهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَاتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِيضَةٌ فِي الدِّينِ كُلِّهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 7]، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ آكَدُ؛ لِتَأَكُّدِ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ الدِّينِ؛ وَلِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَبْدِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ، فَيُصَلِّي الْعَبْدُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ؛ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ، وَصِفَةَ أَدَائِهَا، وَيَحْفَظَ أَذْكَارَهَا؛ لِيُقِيمَهَا مُوَافِقَةً لِلسُّنَّةِ. وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يُقَصِّرُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى جَعَلَ الصَّلَاةَ كَأَنَّهَا عَادَةٌ وَلَيْسَتْ عِبَادَةً.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يُرَاقِبَهُ سُبْحَانَهُ فِي إِقَامَتِهَا، فَيُصَلِّيَ كَأَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ خَطَبَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَلِمَاتٍ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: «وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَصَبْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ حِينَ يُصَلِّي لَهُ، فَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ يَنْصَرِفُ» وَاسْتِشْعَارُ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَذَوْقِ لَذَّتِهَا وَحَلَاوَتِهَا.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: أَنْ يَسْتَحْضِرَ مِنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي إِقَامَتِهَا؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَدَاهُ إِلَيْهَا وَقَدْ ضَلَّ عَنْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، وَعَلَّمَهُ أَحْكَامَهَا وَقَدْ جَهِلَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَعَانَهُ عَلَى إِقَامَتِهَا وَقَدْ تَثَاقَلَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 17]، وَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ؛ فَالْهِدَايَةُ لَهَا مِنَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ هَدَاهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشْعِرُ هَذَا الْمَعْنَى الْعَظِيمَ أَمَامَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَاسْتِشْعَارُ هَذَا الْمَعْنَى يُزِيلُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ الْعُجْبَ بِصَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَيُؤَدِّي بِهِ إِلَى كَثْرَةِ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِهِ وَحَمْدِهِ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النَّحْلِ: 53].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الصَّلَاةُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الثَّانِي بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لَهُمَا فِي رُكْنِ التَّشَهُّدِ الَّذِي سُمِّيَ بِهِمَا، وَلَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْرِفَ مَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ؛ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا كَمَا يُحِبُّ رَبُّهُ وَيَرْضَى.

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ: اسْتِشْعَارُ تَقْصِيرِهِ فِيهَا مَهْمَا أَقَامَهَا فَأَحْسَنَ فِيهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَهْمَا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى تَقْتَضِي مَا يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَالْعَبْدُ -مَهْمَا بَلَغَ- عَاجِزٌ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى ذَلِكَ. كَمَا أَنَّ إِحْسَانَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِلْعَبْدِ كُلَّ حِينٍ وَأَوَانٍ يَقْتَضِي شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَى الْعَبْدِ بِأَكْمَلِ وَجْهٍ، وَالْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ، وَلَكِنْ حَسْبُهُ أَنْ يَبْذُلَ جُهْدَهُ وَوُسْعَهُ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْفُو عَنْ تَقْصِيرِهِ وَخَلَلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 286]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التَّغَابُنِ: 16].

 

وَشُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلَاةِ اسْتِشْعَارًا مِنَ الْعَبْدِ بِتَقْصِيرِهِ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ مَهْمَا اجْتَهَدَ فِي تَمَامِهَا وَكَمَالِهَا فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَعْظَمُ فِي إِقَامَتِهَا وَأَدَائِهَا. وَشُرِعَتِ النَّوَافِلُ عَقِبَهَا لِتُكْمِلَ نَقْصَهَا؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَةِ سِتَّةُ أُمُورٍ، وَهِيَ: الْإِخْلَاصُ فِي الْعَمَلِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ، وَمُتَابَعَةُ الرَّسُولِ فِيهِ، وَشُهُودُ مَشْهَدِ الْإِحْسَانِ فِيهِ، وَشُهُودُ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهِ، وَشُهُودُ تَقْصِيرِهِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ».

 

وَحُرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ هَذِهِ الْحُقُوقَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ طَاعَةٍ يُؤَدِّيهَا، وَلَا سِيَّمَا فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ؛ لِيُقِيمَهَا عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عمود الإسلام (7)
  • عمود الإسلام (8)
  • عمود الإسلام (9)
  • عمود الإسلام (10)
  • عمود الإسلام (11) شعائر الصلاة
  • عمود الإسلام (16) صلاة العشاء
  • عمود الإسلام (18) أدعية الصلاة مجابة
  • عمود الإسلام (19) {الذين هم على صلاتهم دائمون}
  • عمود الإسلام (21) لذة المناجاة
  • حق الله تعالى (1)
  • حق الله تعالى (2)
  • حق الله تعالى (3)
  • عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي

مختارات من الشبكة

  • من سنن الصلاة (سنن المواقيت)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (أ) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • رأس الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عمود الإسلام (6)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (5)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (4)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (3)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (2)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (1)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الإسلام يدعو إلى الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/5/1447هـ - الساعة: 14:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب