• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    من صفات الرجولة في القرآن الكريم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    الكشف الصوفي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير: ( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

أرجى آيات القرآن (2)

أرجى آيات القرآن (2)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2020 ميلادي - 27/9/1441 هجري

الزيارات: 26416

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أرجى آيات القرآن (2)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الشَّكُورِ الْحَلِيمِ، الْغَفُورِ الرَّحِيمِ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْوَاعِ الْخَيْرَاتِ، وَتَنْوِيعِ الطَّاعَاتِ، وَاكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ، وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، وَاسْتِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يُقْضَى شَأْنٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سَبَأٍ: 1]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ عَظِيمَ الرَّجَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، شَدِيدَ الْخَشْيَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، حَتَّى قَالَ لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي رَمَضَانَ وَبَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْبَدُ وَيُتَّقَى فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ الْحَقِّ غَايَةٌ إِلَّا رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةَ، وَالدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الْحِجْرِ: 98- 99].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

مِنْ أَعْظَمِ عِبَادَاتِ الْقَلْبِ: الرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ مِنْ دَلَائِلِ حُسْنِ الظَّنِّ بِهِ، وَتَصْدِيقِ وَعْدِهِ، وَالْإِيمَانِ بِكِتَابِهِ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ بِرَجَائِهِمْ لِرَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 218].

 

وَالْمُؤْمِنُ فِي حَيَاتِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ؛ فَيَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَخَافُ ذُنُوبَهُ؛ إِذْ لَوْ عَاشَ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ كَانَ يَائِسًا قَانِطًا، وَلَوْ عَاشَ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ كَانَ مُسْرِفًا مَغْرُورًا. وَفِي الْأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ، وَاللَّيَالِي الشَّرِيفَةِ حَيْثُ الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالطَّاعَاتِ، وَتَعَلُّقُ الْقُلُوبِ بِهِ، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَمُنَاجَاتِهِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيُغَلِّبُ جَانِبَ الرَّجَاءِ، فَيَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، وَيُوقِنُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَنْ طَرَقَ بَابَهُ، وَيُجِيبُ مَنْ أَكْثَرَ دُعَاءَهُ وَمُنَاجَاتَهُ، وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ اللَّيَالِي هِبَاتٌ وَعَطَايَا وَرَحَمَاتٌ لَا يُحْجَبُ عَنْ طَلَبِهَا إِلَّا مَغْرُورٌ، وَلَا يُشْغَلُ بِغَيْرِهَا عَنْهَا إِلَّا مَحْرُومٌ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْحِرْمَانِ.

 

وَالْقُرْآنُ جَمَعَ بَيْنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَبَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَفِيهِ آيَاتٌ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا أَرْجَى الْآيَاتِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ وَعْدٍ حَسَنٍ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ تَلِكُمُ الْآيَاتِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ * ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 31 - 35].

 

«فَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ إِيرَاثَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِهَذَا الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَاهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

الْأَوَّلُ: الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ:

وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ يَعْصِيهِ أَيْضًا، فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: ﴿ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 102].

 

وَالثَّانِي: الْمُقْتَصِدُ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يَعْصِيهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِالنَّوَافِلِ مِنَ الطَّاعَاتِ.

 

وَالثَّالِثُ: السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ: وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ». «فَكُلُّهُمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِوِرَاثَةِ هَذَا الْكِتَابِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُهُمْ، وَتَمَيَّزَتْ أَحْوَالُهُمْ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ قِسْطٌ مِنْ وِرَاثَتِهِ، حَتَّى الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ؛ فَإِنَّ مَا مَعَهُ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ، وَعُلُومِ الْإِيمَانِ، وَأَعْمَالِ الْإِيمَانِ مِنْ وِرَاثَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِوِرَاثَةِ الْكِتَابِ، وِرَاثَةُ عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ، وَدِرَاسَةُ أَلْفَاظِهِ، وَاسْتِخْرَاجُ مَعَانِيهِ».


«ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ إِيرَاثَهُمُ الْكِتَابَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ مِنْهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَعَدَ الْجَمِيعَ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾. وَالْوَاوُ فِي ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ شَامِلَةٌ لِلظَّالِمِ وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ عَلَى التَّحْقِيقِ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: حُقَّ لِهَذِهِ الْوَاوِ أَنْ تُكْتَبَ بِمَاءِ الْعَيْنَيْنِ، فَوَعْدُهُ الصَّادِقُ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ لِجَمِيعِ أَقْسَامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَوَّلُهُمُ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ خَارِجٌ عَنِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَالْوَعْدُ الصَّادِقُ بِالْجَنَّةِ فِي الْآيَةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا بِهَا: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾ [فَاطِرٍ: 36]».

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَالْمُقْتَصِدُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابُ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

 

«وَفِي تَقْدِيمِ الظَّالِمِ فِي الْوَعْدِ بِالْجَنَّةِ عَلَى الْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ، قِيلَ: قَدَّمَ الظَّالِمَ لِئَلَّا يَقْنُطَ، وَأَخَّرَ السَّابِقَ بِالْخَيْرِ لِئَلَّا يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ فَيَحْبَطَ، وَقِيلَ: قَدَّمَ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَالَّذِينَ لَمْ تَقَعْ مِنْهُمْ مَعْصِيَةٌ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴾ [ص: 24]».

 

وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ أَقْسَامِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْمَعَاصِي الَّتِي هِيَ دُونَ الْكُفْرِ؛ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُحَفِّزُ الْمُؤْمِنَ عَلَى الرَّجَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَعَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةُ هِيَ أَرْجَى اللَّيَالِي، وَحَرِيٌّ بِالْعَامِلِينَ فِيهَا أَنْ يُؤَمِّلُوا فِي رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَيْرًا، وَأَنْ يَسْأَلُوهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَبُولَ.

 

وَالْكَيِّسُ الْفَطِنُ هُوَ مَنْ يُسَابِقُ فِي الْخَيْرَاتِ فِي رَمَضَانَ وَبَعْدَ رَمَضَانَ، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنَ الْفُتُورِ نَزَلَ إِلَى دَرَجَةِ الْمُقْتَصِدِ، وَجَاهَدَ نَفْسَهُ أَلَّا يَنْحَطَّ إِلَى دَرَجَةِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ. وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَقِبَ شَهْرِ الصَّوْمِ يُصِيبُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْفُتُورِ، فَلْيَتَعَاهَدُوا الْفَرَائِضَ، وَمَا يَتَيَسَّرُ مِنَ النَّوَافِلِ، وَيَحْذَرُوا الْمَعَاصِيَ؛ فَإِنَّهَا شُؤْمٌ عَلَى الْعَاصِينَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَخْتِمَ لَنَا رَمَضَانَ بِخَيْرٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَوَاقِبَ أُمُورِنَا إِلَى خَيْرٍ، وَأَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لِنُحْسِنْ خِتَامَ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ بِكَثْرَةِ الِاسْتِغْفَارِ، وَسُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَبُولَ؛ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْقَبُولُ.

 

وَشُرِعَ لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِنَا أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَهِيَ زَكَاةُ أَبْدَانِنَا إِذْ أَبْقَاهَا اللَّهُ تَعَالَى عَامًا كَامِلًا، وَهِيَ كَذَلِكَ تُطَهِّرُ صِيَامَ الْعَبْدِ، وَيُطْعَمُ بِهَا الْمَسَاكِينُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ فَيَفْرَحُ الْجَمِيعُ بِهِ فَلَا يَبْقَى فِي الْمُسْلِمِينَ مُحْتَاجٌ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَتُخْرَجُ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. كَمَا تُخْرَجُ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ كَالْأُرْزِ.

 

وَالسُّنَّةُ أَنْ تُخْرَجَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَأَخْرِجُوهَا عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَمَنْ تَلْزَمُكُمْ نَفَقَتُهُمْ.

 

وَلْنَحْذَرْ -عِبَادَ اللَّهِ- مُنْكَرَاتِ الْعِيدِ؛ فَإِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ لَا يَوْمُ كُفْرٍ، وَلْنُكْثِرْ مِنَ التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَصُبْحَهُ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ؛ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ شَعَائِرِ الْعِيدِ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185].

 

وَالسُّنَّةُ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَطْفَالًا؛ تَعْظِيمًا لِلشَّعَائِرِ، وَإِظْهَارًا لِلْفَرَحِ وَالسُّرُورِ. فَإِنْ حَالَ الْوَبَاءُ دُونَ الْخُرُوجِ لِلْعِيدِ صَلَّاهَا النَّاسُ فِي الْبُيُوتِ جَمَاعَةً، كَصِفَتِهَا فِي الْمُصَلَّى.

 

وَلْنُتْبِعْ رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِيَكُونَ لَنَا كَصِيَامِ الدَّهْرِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَلْنَسْتَمِرَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنْ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدَوْمُهَا وَإِنْ قَلَّ ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الْحِجْرِ: 99].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أرجى آيات القرآن (1)
  • أرجى آيات القرآن (3)
  • أرجى آيات القرآن (4)
  • أرجى آيات القرآن (5)
  • أرجى آيات القرآن (6)
  • أرجى آيات القرآن (7)

مختارات من الشبكة

  • أرجى آية في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أرجى آية في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله مع المفسر الشوكاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله (عز وجل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث في فضل صلاة سنة الوضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص رمضان: لله نفحات من رحمته يصيب بها من شاء من عباده وشهر رمضان أرجى الأزمنة لذلك(مقالة - ملفات خاصة)
  • المختصر في تربية الأولاد: لمحات تربوية من آيات الذرية في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/6/1447هـ - الساعة: 9:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب