• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    من مائدة السيرة: إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    سلسلة الآداب الشرعية (آداب البشارة والتهنئة)
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    إجارة المشاع
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    صفة الحكمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: العبرة من كسوف الشمس والقمر
    سعد محسن الشمري
  •  
    خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من الكبائر الشائعة: (9) إيذاء الله تعالى ورسولِه ...
    أبو حاتم سعيد القاضي
  •  
    فصل في معنى قوله تعالى: ﴿وروح منه﴾
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    لبس السلاسل والأساور
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الفطر 1433هـ

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2012 ميلادي - 2/10/1433 هجري

الزيارات: 25777

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عيد الفطر

 

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً.


اللهُ أَكبرُ مَا وَحَّدَهُ المُوَحِّدُونَ وَذَكَرُوهُ فَارتَفَعُوا، اللهُ أَكبرُ مَا جَحَدَهُ الجَاحِدُونَ وَنَسُوهُ فَاتَّضَعُوا، الحَمدُ للهِ مُعِزِّ الحَقِّ وَمُبدِيهِ، وَمُذِلِّ البَاطِلِ وَمُردِيهِ، لَهُ المَشِيئَةُ المَاضِيَةُ، وَالعَظَمَةُ البَادِيَةُ، أَحمَدُهُ حَمدًا لا انتِهَاءَ لأَمَدِهِ، وَأَشكرُهُ شُكرًا لا إِحصَاءَ لِعَدَدِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَردٌ صَمَدٌ، لا شَرِيكَ لَهُ وَلا صَاحِبَةَ وَلا وَلَدَ، وَأَشهَدُ أَنَّ محمدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، اختَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَحَبَاهُ، وَأَولاهُ مِنَ الكَرَامَةِ مَا حَازَ بِهِ الفَضلَ وَحَوَاهُ، بَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَخَلاءٍ مِن وَاضِحِ السُّبُلِ، فَجَاهَدَ بمن أَطَاعَهُ مَن عَصَاهُ، وَبَلَغَ في الإِرشَادِ غَايَتَهُ وَمُنتَهَاهُ، حَتى دَخَلَ النَّاسُ في الدِّينِ أَفوَاجًا، وَسَلَكُوا في نُصرَتِهِ صِرَاطًا وَاضِحًا وَمِنهَاجًا، فَصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ، وَمَن سَارَ عَلَى نَهجِهِ وَسَنَنِهِ وَدَربِهِ، وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلى يَومِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - وَاحمَدُوهُ عَلَى إِتمَامِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَاشكُرُوهُ عَلَى مَا آتَاكُم، وَكَبِّرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُم، أَكمَلَ لَكُمُ الدِّينَ وَأَتَمَّ عَلَيكُمُ النِّعمَةَ، وَبَعَثَ فِيكُم خَيرَ نَبيٍّ وَجَعَلَكُم مِن خَيرِ أُمَّةٍ، وأَنزَلَ عَلَيكُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ، بَسَطَ رِزقَكُم، وَأَظهَرَ أَمنَكُم، وَأَحسَنَ مُعَافَاتَكُم، وَمِن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ أَعطَاكُم، فَافرَحُوا بما خَصَّكُم بِهِ دُونَ غَيرِكُم ﴿ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾، ﴿ لَقَد مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِن أَنفُسِهِم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفَاءٌ لما في الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنِينَ * قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ ﴾.

 

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

أُمَّةُ الإِسلامِ أُمَّةٌ مَرحُومَةٌ، وَحتى وَإِنْ هِيَ جُعِلَت عَافِيَتُهَا في أَوَّلِهَا، وَكَانَ خَيرُ قُرُونِهَا الثَّلاثَةَ الأُولى مِنهَا، وَإِنْ كَانَ سَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ مُنكَرَةٌ، إِلاَّ أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ أُمَّةٌ مُمتَدَّةُ السُّلطَانِ، ظَاهِرَةُ البُرهَانِ، مَنصُورَةٌ بِوَعدٍ مِنَ الرَّحمَنِ، مَحفُوظٌ كِتَابُهَا مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقصَانِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ ﴾، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَني لا يُشرِكُونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾.

 

وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ زَوَى ليَ الأَرضَ فَرَأَيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتي سَيَبلُغُ مُلكُهَا مَا زُوِيَ لي مِنهَا، وَأُعطِيتُ الكَنزَينِ الأَحمَرَ وَالأَبيَضَ، وَإِنِّي سَأَلتُ رَبِّي لأُمَّتي أَلاَّ يُهلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلاَّ يُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنفُسِهِم فَيَستَبِيحَ بَيضَتَهُم، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعطَيتُكَ لأُمَّتِكَ أَلاَّ أُهلِكَهُم بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلاَّ أُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنفُسِهِم يَستَبِيحُ بَيضَتَهُم وَلَوِ اجتَمَعَ عَلَيهِم مَن بِأَقطَارِهَا أَو قَالَ مَن بَينَ أَقطَارِهَا حَتى يَكُونَ بَعضُهُم يُهلِكُ بَعضًا وَيَسبيَ بَعضُهُم بَعضًا" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

 

إِنَّهُ عَهدٌ مِنَ اللهِ وَهُوَ لا يُخلِفُ المِيعَادَ، وَضَمَانٌ مِنَ الرَّحمَنِ وَهُوَ خَيرٌ حَافِظًا، أَن يَمتَدَّ سُلطَانُ الإِسلامِ حَتى يَحكُمَ العَالَمَ بِأَسرِهِ، وَأَن تَظَلَّ أُمَّتُهُ بَاقِيَةً وَلَو كَادَ لها كُلُّ مَن في الأَرضِ، لا تُستَأصَلُ وَلا تُجتَثُّ، وَلا يَخمُدُ لها نُورٌ وَلا يَسقُطُ لها ذِكرٌ. وَهَا هِيَ أُمَّةُ الإِسلامِ مُنذُ خَمسَةَ عَشَرَ قَرنًا، تَتَصَدَّى لِلنَّوَائِبِ وَلا تُبَالي بِالنَّكَبَاتِ، يُحَارِبُهَا عَرَبُ الجَزِيرَةِ وَيَتَحَزَّبُونَ ضِدَّهَا، ثم مَا يَلبَثُونَ أَن يَدخُلُوا في دِينِ اللهِ أَفوَاجًا، وَيُنَاوِئُهَا الفُرسُ وَيُنَاصِبُونَهَا العِدَاءَ، ثم لا تَزَالُ بهم حَتى تَقضِيَ عَلَيهِم في سُنَيَّاتٍ مَعدُودَةٍ، فَلا تَقُومُ لهم بَعدَهَا قَائِمَةٌ وَلا يَظهَرُ لهم مُلكٌ، ثم يُسَلَّطُ عَلَيهَا التَّتَرُ وَالمَغُولُ حَتى كَادُوا يُبِيدُونَهَا، فَتَنتَفِضُ عَلَيهِم وَتُقَاوِمُ مَدَّهُم وَتُوقِفُ زَحفَهُم، ثم مَا تَزَالُ بَعدُ مَعَ الرُّومِ في شَدٍّ وَجَذبٍ، تَغلِبُهُم حِينَ يَقوَى في أَفرَادِهَا الدِّينُ وَيَملأُ قُلُوبَهُمُ اليَقِينُ، وَيَنَالُونَ مِنهَا حِينَ تَضعُفُ وَتَنسَى، تَغفُو عَن كَيدِهِم قَلِيلاً وَلَكِنَّهَا لا تَمُوتُ، وَتَضعُفُ أَمَامَهُم يَسِيرًا وَلَكِنَّهَا لا تَزُولُ، وَمَا يَزَالُ اللهُ يَبعَثُ فِيهَا مُصلِحِينَ مُجَدِّدِينَ، يَنفُخُونَ الرُّوحَ في جَسَدِهَا فَتَصحُو، وَيُعَالِجُونَهَا فتَتَعَافى، وَيَرعَونَهَا فتُشَفى. وَإِنَّهُ وَمُنذُ قَرنٍ مِنَ الزَّمَانِ، وفي حِينِ ضَعفٍ لِلتَّوحِيدِ وَفُتُورٍ في العَقِيدَةِ، وَانتِشَارٍ لِلبِدَعِ وَالشِّركِيَّاتِ، وَتَعَلُّقٍ بِالقُبُورِ وَالخُرَافَاتِ، وَعَفَاءٍ لِرُسُومِ السُّنَةِ وَخَفَاءٍ لِلأَثَرِ، استَولى الأَعدَاءُ عَلَى الأُمَّةِ وَأَسقَطُوا دَولَتَهَا، وَمَزَّقُوا جَسَدَهَا وَتَقَاسَمُوا أَرضَهَا، ثم صَوَّرُوا لها بما أُوتُوهُ مِن قُوَّةٍ إِعلامِيَّةٍ وَفِتنَةٍ دِعَائِيَّةٍ، أَنَّهُم قُوَّةٌ لا تُقهَرُ وَسُلطَانٌ لا يُغلَبُ، أَو لَكَأَنَّمَا هُم أُسُودُ العَالَمِ وَذِئَابُ الأَرضِ، وَلَيسَ مَن سِوَاهُم إِلاَّ أَغنَامٌ تَرعَى مِن فُتَاتِ مَوَائِدِهِم وَتَستَظِلُّ بِحَضَارَتِهِم وَتَحتَمِي بِهِم، وَرَاجَتِ الحِيلَةُ عَلَى كَثِيرِينَ، وَاستَولَتِ الهَزِيمَةُ عَلَى مُثَقَّفِينَ، وَأَصَابَ الجَمِيعَ الوَهنُ وَأَحَاطَت بهمُ الذِّلَّةُ، حَتى وَصَلَتِ الحَالُ بِبَعضِ مَن فِيهِ بَقِيَّةٌ مِن دِينٍ، إِلى أَن يُنادِيَ بِالانعِزَالِ وَتَتَبُّعِ شَعَفِ الجِبَالِ، وَتَرَقُّبِ قُوَّةٍ سَمَاوِيَّةٍ تَخرُجُ بِخُرُوجِ المَهدِيِّ أَو تَنزِلُ بِنُزُولِ المَسِيحِ، لِتُنقِذَ الأُمَّةَ وَتُعِيدَ لها مَجدَهَا. وَيَتَمَادَى الطُّغيَانُ بِأَهلِهِ، وَيَمتَلِئُونَ كِبرًا وَعُجبًا، حَتى إِذَا ظَنُّوا أَنَّهُم عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَادِرُونَ ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَانِعَتُهُم حُصُونُهُم مِنَ اللهِ ﴾ يَأبى اللهُ - تَعَالى - وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ، إِلاَّ أَن يُذَكِّرَ الأُمَّةَ وَعدَهُ لِنَبِيِّهَا وَعَهدَهُ لها، وَأَنَّهَا قَد تُصَابُ وَتُفتَنُ وَتُبتَلَى، وَأَمَّا الاستئِصَالُ وَالاجتِثَاثُ فَلا وَأَلفُ لا، وَيَشَاءَ اللهُ أَن يُرِيَ العَالَمَ بِأَسرِهِ أَنَّ هَذِهِ الشُّعُوبَ المُسلِمَةَ، لا تَحتَاجُ وَإِن ضَعُفَت عُدَّتُهَا، إِلاَّ إِلى الاجتِمَاعِ عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ، وَالائتِلافِ عَلَى رَأيٍ مُوَحَّدٍ، وَرَفعِ رَايَةِ الجِهَادِ وَالعَودَةِ إِلى الدِّينِ، حَتى تَغدُوَ قُوَّةً لا تُقهَرُ وَسَيلاً لا يُوقَفُ أَمَامَهُ، وَيَشَاءُ اللهُ أَن يُؤتَى الكُفَّارُ وَالطُّغَاةُ مِن حَيثُ لم يَحتَسِبُوا، وَأَن يُقذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعبُ ممَّن استَضعَفُوا، فَتَثُورُ شُعُوبٌ هُنَا وَهُنَاكَ، لِيَرَى العَالَمُ رَأيَ العَينِ، أَنَّ اللهَ الَّذِي ﴿ أَهلَكَ عَادًا الأُولى * وَثَمُودَ فَمَا أَبقَى * وَقَومَ نُوحٍ مِن قَبلُ إِنَّهُم كَانُوا هُم أَظلَمَ وَأَطغَى * وَالمُؤتَفِكَةَ أَهوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ﴾ لِيَرَوا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِهَلاكِ الظَّالمِينَ في كُلِّ عَصرِ وَمِصرٍ، وَيَشَاءُ - سُبحَانَهُ - أَن تَكُونَ نِهَايَةُ كُلِّ ظَالِمٍ مِن جِنسِ عَمَلِهِ، فَمَن كَانَ كَارِهًا لِلشَّرِيعَةِ وَاضطَرَّ شَعبَهُ لِلهِجرَةِ مِن بَلَدِهِم فِرَارًا بِدِينِهِم، يَكُونُ خُرُوجُهُ مِن بِلادِهِ هُرُوبًا، ثم لا يَجِدُ مَلجَأً إِلاَّ في بَلَدٍ تُطَبَّقُ فِيهِ الشَّرِيعَةُ، لِيَسمَعَ صَوتَ الأَذَانِ الَّذِي طَالمَا حَارَبَهُ، وَيَرَى جُمُوعَ المُصَلِّينَ الَّذِينَ طَالمَا عَادَاهُم. وَمَن ظَنَّ أَنَّهُ مَلَكَ كُلَّ شَيءٍ فَسَمَّى نَفسَهُ مَلِكَ المُلُوكِ، وَاحتَقَرَ شَعبَهُ وعَدَّهُم كَالجُرذَانِ، يُسَلِّطُهُمُ اللهُ عَلَيهِ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ، فيُخرِجُونَهُ مِن أُنبُوبِ الصَّرفِ الصِّحِّيِّ ذَلِيلاً حَقِيرًا، وَيَجُرُّونَهُ مُتَوَسِّلاً بَاكِيًا، لِيَكُونَ جَزَاؤُهُ مِن جِنسِ عَمَلِهِ، وَالثَّالِثُ الَّذِي جَعَلَ دُولَتَهُ سِجنًا لِلصَّالحِينَ وَامتِهَانًا لِلمُصلِحِينَ، يُذِيقُهُ اللهُ مَرَارَةَ السِّجنِ بَعدَ الحُرِّيَّةِ، وَيَرَى الذُّلَّ بَعدَ العِزِّ، بَل وَيَشَاءُ اللهُ أَن يُرِيَهُ أَحَدَ مَن سَجَنَهُم وَعَذَّبَهُم، يَخرُجُ لِيَعتَلِيَ كُرسِيَّ الرِّئَاسَةِ، فَيَغدُو السَّجِينُ حَاكِمًا وَالحَاكِمُ سَجِينًا، فَسُبحَانَ مُغَيِّرِ الأَحوَالِ، لا رَادَّ لأَمرِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ، هُوَ مَالِكُ المُلكِ، يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَيَنزِعُهُ مِمَّن يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَن يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَن يَشَاءُ، بِيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَمَا يَزَالُ المُسلِمُونَ يَنتَظِرُونَ البُشرَى في أَرضِ الشَّامِ المُبَارَكَةِ، الَّتي قَدَحَ شَرَارَةَ الجِهَادِ فِيهَا صِبيَةٌ يَلعَبُونَ، ثم اعتَلَى صَهوَتَهُ كِبَارٌ مُؤمِنُونَ، لِيُستَشهَدَ مِنهُم مَن يُستَشهَدُ، وَيَنَالَ الآخَرُونَ شَرَفَ القَضَاءِ عَلَى الدَّولَةِ البَاطِنِيَّةِ المُجرِمَةِ، وَإِنَّا لَنَرَاهُ قَرِيبًا بِإِذنِ اللهِ، وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ، فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَمَسَّكُوا بما أَنتُم عَلَيهِ مِنَ التَّوحِيدِ وَصَفَاءِ العَقِيدَةِ ﴿ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ * وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ﴾، ﴿ وَلْتَكُنْ مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ ﴾ حَذَارِ مِنَ الظُّلمِ وَالطُّغيَانِ، وَكُفرِ النِّعمَةِ وَالنِّسيَانِ، جَرِّدُوا التَّوحِيدَ للهِ، وَنَقُّوا القُلُوبَ مِنَ الشِّركِ وَالشَّكِّ وَالنِّفَاقِ، وَخَلِّصُوهَا مِنَ التِّعَلُّقِ بِغَيرِ اللهِ، وَفَرِّغُوهَا مِنَ التَّوَكُّلِ وَالاعتِمَادِ إِلاَّ عَلَيهِ، وَاحمُوهَا مِنَ التَّوَجُّهِ إِلاَّ إِلَيهِ، وَمِنَ الخَوفِ إِلاَّ مِنهُ، فَإِنَّ الرُّكُونَ إِلى الَّذِينَ كَفَرُوا لم يَنفَعْ مَن مَضَوا فِيهِ عَشَرَاتِ السِّنِينَ، وَإِيَّاكُم أَن تُقِيمَكُمُ الدُّنيَا أَو تُقعِدَكُم، أَو تُقَرِّبَكُم مِن طَاعَةٍ أَو تُبعِدَكُم، أَو تَجعَلُوهَا مَحَكًّا لِوَلاءٍ وَرِضَا، أَو سَبَبًا لتَبَرُّؤٍ وَسُخطٍ، فَلا وَاللهِ لا يُمكِنُ أَن يَصلُحَ بذَلِكَ حَالٌ وَلا شَأنٌ، وَلا أَن يَتَحَقَّقَ بِسَبَبِهِ رَخَاءٌ وَلا أَمنٌ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَملَهُ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَفَرَّقَ عَلَيهِ شَملَهُ، وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

 

إِنَّهُ لا أَمنَ وَلا استِقرَارَ، وَلا رَاحَةَ لِقُلُوبٍ وَلا اطمِئنَانَ لِنُفُوسٍ، إِلاَّ لأَهلِ تَوحِيدِ اللهِ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيهِ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ ﴾، ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ. فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضلٍ لم يَمسَسْهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ ﴾ وَإِنَّهُ لا عَهدَ عِندَ اللهِ لأَحَدٍ إِلاَّ لِمَن أَقَامَ دِينَهُ، فَاحذَرُوا مَكرَ اللهِ بِالمُكَذِّبِينَ اللاَّعِبِينَ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُم تَمَسُّكَ الصَّادِقِينَ، فَقَدَ وُعِدَ المُؤمِنُونَ وَأَهلُ التَّقوَى وَالصَّلاةِ، بِسِعَةِ الرِّزقِ وَفَتحِ البَرَكَاتِ ﴿ وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بما كَانُوا يَكسِبُونَ* أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأسُنَا بَيَاتًا وَهُم نَائِمُونَ. أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا ضُحًى وَهُم يَلعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللهِ إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ ﴾، ﴿ وَأْمُرْ أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِرْ عَلَيهَا لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى ﴾.

 

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

 

الحَمدُ للهِ الَّذِي بِنِعمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالحَاتُ وَتَكمُلُ، وَبِطَاعَتِهِ تَحلُو الحَيَاةُ وَتَجمُلُ، لم يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلكِ وَلم يَكُنْ لَهُ وَليٌّ مِنَ الذُّلِّ، أَحمَدُهُ - تَعَالى - وَأَشكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِلَيهِ وَأَستَغفِرُهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ محمدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيفِ حَتى يُعبَدَ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزقُهُ تَحتَ ظِلِّ رُمحِهِ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَن خَالَفَ أَمرَهُ. صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ، وَمَن سَارَ عَلَى نَهجِهِ وَاقتَفَى أَثَرَهُ.

 

أَمَّا بَعدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ، إِنَّكُم في عِيدٍ وَيَومٍ سَعِيدٍ، أَتمَمتُمُ الصِّيَامَ وَأَدرَكتُمُ القِيَامَ، وَزَكَّيتُم وَتَصَدَّقتُم وَفَطَّرتُمُ الصَّائِمِينَ، وَمِنكُم مَنِ اعتَمَرَ وَفِيكُم مَنِ اعتَكَفَ، وَهَا أَنتُم قَد مُدَّ في آجَالِكُم حَتى أَكمَلتُمُ العِدَّةَ وَكَبَّرتُمُ اللهُ عَلَى مَا هَدَاكُم، وَبَلَغتُم بَهجَةَ العِيدِ وَلَبِستُمُ الجَدِيدَ، فَاحمَدُوا رَبَّكُم وَاشكُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَأَدِيمُوا طَاعَتَهُ وَلا تَنسَوهُ، تَمَسَّكُوا بما اكتَسَبتُمُوهُ في شَهرِكُم، وَاستَقِيمُوا عَلَيهِ طُولَ دَهرِكُم، وَلا تَنقُضُوا بِالمَعَاصِي مَا فَتَلتُمُوهُ، فَإِنَّ العِيدَ لَيسَ انفِلاتًا مِنَ المُثُلِ وَلا تَنَصُّلاً مِنَ الطَّاعَاتِ، وَلا قَطعًا لِلصِّلَةِ بِاللهِ وَانطِلاقًا لِلشَّهَوَاتِ، بَل هُوَ فَرَحٌ رَبَّانيٌّ وَسُرُورٌ إِيمَانيٌّ، يَسعَدُ فِيهِ مَن وَحَّدَ رَبَّهُ وَأَدَّى مَا عَلَيهِ، وَحَقَّقَ التَّقوَى وَبَرَّ وَالِدَيهِ، فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَاحفَظُوا أَمرَهُ يَحفَظْكُم، وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم، خَافُوهُ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَتَعَرَّفُوا عَلَيهِ في الرَّخَاءِ يَعرِفْكُم في الشِّدَّةِ، حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَاشهَدُوا الجُمُعَ وَالجَمَاعَاتِ، وَصِلُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِن شَوَّالٍ؛ فَإِنَّ "مَن صَامَ رَمَضَانَ وَأَتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كَانَ كَصَومِ الدَّهرِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

اِقرَؤُوا القُرآنَ في كُلِّ حِينٍ، فَإِنَّهُ حَبلُ اللهِ المَتِينُ وَصِرَاطُهُ المُستَقِيمُ، مَن تَمَسَّكَ بِهِ نجا، وَمَن حَادَ عَنهُ غَوَى، وَمَنِ ابتَغَى الهُدَى في غَيرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ.

 

أَفشُوا السَّلامَ وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ، وَتَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَلِينُوا وَتَوَاضَعُوا، وَتَبَسَّمُوا وَتَرَاحَمُوا، ﴿ وَأَوفُوا المِكيَالَ وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النَّاسَ أَشيَاءَهُم ﴾ وَاحفَظُوا حَقَّ الجِوَارِ، وَاحذَرُوا مُحَارَبَةَ اللهِ بِالرِّبَا، وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ إِلى الزِّنَا وَالخَنَا، لَقَد تَمَيَّزتُم في هَذِهِ البِلادِ بِالسِّترِ وَالاحتِشَامِ، وَصِيَانَةِ الأَعرَاضِ وَحِمَايَةِ الشَّرَفِ، وَإِنَّ ثَمَّةَ دَعَوَاتٍ فَاسِدَةً حَاقِدَةً، جَعَلَت هَمَّهَا وَهَدَفَهَا وَغَايَةَ خُبثِهَا، أَن تَخرُجَ المَرأَةُ مِن بَيتِهَا وَتَهتِكَ سِترَهَا وَتَخلَعَ حَيَاءَهَا، وَتَختَلِطَ بِالرِّجَالِ في الأَعمَالِ وَالأَسوَاقِ وَالنَّوَادِي، فَالحَذَرَ الحَذَرَ ثم الحَذَرَ وَالحَذَرَ، فَإِنَّمَا تِلكَ نَارٌ لم تَتَمَكَّنْ مِن بَلَدٍ إِلاَّ أَوقَدَتهُ فَسَادًا ثم جَعَلَتهُ رَمَادًا.

 

قَالَ ابنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: وَلا رَيبَ أَنَّ تَمكِينَ النِّسَاءِ مِنِ اختِلاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ أَصلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِن أَعظَمِ أَسبَابِ نُزُولِ العُقُوبَاتِ العَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِن أَسبَابِ فَسَادِ أُمُورِ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ، وَاختِلاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثرَةِ الفَوَاحِشِ وَالزِّنَا، وَهُوَ مِن أَسبَابِ المَوتِ العَامِّ وَالطَّوَاعِينِ المُتَّصِلَةِ... إِلى أَن قَالَ: فَمِن أَعظَمِ أَسبَابِ المَوتِ العَامِّ كَثرَةُ الزِّنَا، بِسَبَبِ تَمكِينِ النِّسَاءِ مِنِ اختِلاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ، وَالمَشيِ بَينَهُم مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلاتٍ، وَلَو عَلِمَ أَولِيَاءُ الأَمرِ مَا في ذَلِكَ مِن فَسَادِ الدُّنيَا وَالرَّعِيَّةِ قَبلَ الدِّينِ، لَكَانُوا أَشَدَّ شَيءٍ مَنعًا لِذَلِكَ. اِنتَهَى كَلامُهُ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - رِجَالاً وَنِسَاءً، فَإِنَّ مِن كُلِّ شَيءٍ يَذهَبُ عِوَضٌ وَخَلَفٌ، وَلَيسَ لِلدِّينِ وَالعِرضِ إِذَا مَاتَا عِوَضٌ وَلا خَلَفٌ.

 

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر 1427
  • خطبة عيد الفطر 1430 هـ
  • خطبة عيد الفطر لعام 1428هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1431هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1432هـ
  • خطبة عيد الفطر سنة 1433هـ
  • خطبة عيد الفطر لعام 1435هـ ( بين الإفراط والتفريط )
  • {عليكم أنفسكم} خطبة عيد الفطر 1443 هـ
  • خطبة عيد 1443 هـ
  • خطبة عيد الفطر 1446هـ

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العبرة من كسوف الشمس والقمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هم الذين يحبهم الله؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (أم الكتاب 2)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 0:26
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب