• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لا نجاة إلا بالتوحيد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    رفق النبي صلى الله عليه وسلم
    السيد مراد سلامة
  •  
    الظاهرة التكفيرية في العصر الحديث: تحليل شرعي ...
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    معنى اسم النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في ...
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    تخريج حديث: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    التلقيح الصناعي (PDF)
    لجين بنت عبدالله سليمان الصالحي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة- المسح على الخفين ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الحديث التاسع عشر: الترهيب من سؤال الناس
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تفسير: (وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    أثر علوم القرآن في نشأة الدرس البلاغي
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن إرادوا إصلاحا (PDF)
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الرد والبيان على بطلان مقالة: "الأديان السماوية"
    صلاح عامر قمصان
  •  
    الحديث الثامن عشر: السماحة في البيع والشراء ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أفضل الأعمال
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك أفعال الله تعالى

خطبة عيد الأضحى المبارك أفعال الله تعالى
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2022 ميلادي - 2/12/1443 هجري

الزيارات: 24629

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

أفعال الله تعالى

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ تَفَرَّدَ بِالْجَلَالِ وَالْكَمَالِ، وَتَنَزَّهَ عَنِ النُّظَرَاءِ وَالْأَمْثَالِ، حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَبَاقٍ لَا يَفُوتُ «إِذَا قَضَى الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ».

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ يُفِيضُ عَلَى عِبَادِهِ فَيَغْمُرُهُمْ بِجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، خَزَائِنُهُ لَا تَنْفَدُ، وَعَطَاؤُهُ لَا يَنْقَطِعُ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [الرُّومِ: 25-26]. نَحْمَدُ رَبَّنَا؛ فَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ؛ شَرَحَ صُدُورَنَا لِلْإِيمَانِ، وَعَلَّمَنَا السُّنَّةَ وَالْقُرْآنَ، وَهَدَانَا لِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْأَضَاحِيَّ وَالْمَنَاسِكَ مِنْ شَعَائِرِهِ الْعَظِيمَةِ، وَرَتَّبَ عَلَيْهَا أُجُورًا كَبِيرَةً، فَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ، وَأَعْظَمُ الشَّعَائِرِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ ذَبْحُ الْأَضَاحِيِّ؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ أَعْتَقَ بِالْأَمْسِ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ النَّارِ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ أَحَدٌ سِوَاهُ؛ فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَوَالِدِينَا وَأَهْلَنَا وَذُرِّيَّاتِنَا وَأَحْبَابَنَا مِنْهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ رُفِعَتْ إِلَيْهِ بِالْأَمْسِ دَعَوَاتٌ كَثِيرَةٌ فَأَجَابَهَا، وَهُوَ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ فَأَجِبْ دَعَوَاتِنَا، وَاغْفِرْ زَلَّاتِنَا، وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ يَسِيرُ الْآنَ الْحُجَّاجُ فِي جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ إِلَى الْجَمَرَاتِ لِيَرْمُوهَا ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الْحَجِّ: 29]، فَاللَّهُمَّ اقْبَلْ مِنَ الْحُجَّاجِ حَجَّهُمْ، وَمِنَ الْمُضَحِّينَ ضَحَايَاهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّهُ تَاجُ الْأَيَّامِ وَرَأْسُهَا، وَهُوَ الْعِيدُ الْأَكْبَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ»، فَعَظِّمُوهُ كَمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّكْبِيرِ وَالطَّاعَةِ، وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي؛ فَإِنَّهَا تُنَافِي الشُّكْرَ ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْحَجِّ: 36].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ يَرَى الْعَبْدُ مَا يَعِجُّ بِهِ الْعَالَمُ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ، وَمَا يَمُوجُ فِيهِ مِنْ أَحْدَاثٍ، وَمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ تَقَلُّبَاتٍ؛ يَتَمَلَّكُهُ خَوْفٌ شَدِيدٌ، وَيُصَابُ بِدَهْشَةٍ كَبِيرَةٍ؛ لِمَا يَرَى مِنْ كَثْرَتِهِ وَتَنَوُّعِهِ وَتَجَدُّدِهِ. وَمَا لَا يَرَاهُ وَلَا يَعْلَمُهُ أَكْثَرُ مِمَّا يَرَى وَيَعْلَمُ؛ لِيُدْرِكَ الْعَبْدُ شَيْئًا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَإِحَاطَتِهِ بِخَلْقِهِ ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 12].

 

وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي أَفْعَالِهِ حِكَمٌ بَاهِرَةٌ، وَحُجَجٌ بَالِغَةٌ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، لَا يَخْلُقُ شَيْئًا عَبَثًا ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 115]، ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [الْقِيَامَةِ: 36]. وَكُلُّ مَا يَقَعُ فِي الْكَوْنِ فَهُوَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 54] ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 2]. وَإِيمَانُ الْعَبْدِ بِذَلِكَ يَجْعَلُهُ يَرْكَنُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْتَرْوِحُ بِبَرْدِ الْيَقِينِ، وَيُؤْمِنُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِتَقْدِيرٍ. فَيَتَوَجَّهُ بِقَلْبِهِ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَيَذَرُ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَا يَرْجُو مِنْهُمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا يَصْرِفُ لَهُمْ رَجَاءً وَلَا خَوْفًا؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى يُحِيطُ بِهِمْ، وَأَنَّ أَمْرَهُ سُبْحَانَهُ يُصِيبُهُمْ، فَالْخَلْقُ لَيْسُوا مَفْزَعًا مَهْمَا عَظُمُوا، وَلَنْ يَكُونُوا مَلْجَأً مَهْمَا كَانُوا؛ فَالْمَفْزَعُ وَالْمَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلْعِبَادِ إِلَّا بِهِ؛ ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 23]، ﴿ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 38].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُقَدِّرُ أَمْرًا إِلَّا لِحِكْمَةٍ، سَوَاءٌ ظَهَرَتْ لِلْخَلْقِ أَمْ خَفِيَتْ عَلَيْهِمْ؛ ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27]، ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الدُّخَانِ: 38-39]. وَمَا عَلِمَ الْعِبَادُ حِكْمَتَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ وَأَقْدَارِهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ، وَمَا طُوِيَ عَنْهُمْ عِلْمُهُ فَلَنْ يَعْلَمُوهُ مَهْمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ، وَالْمَصْلَحَةُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا حُجِبَ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّ الْقَدَرَ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ، لَمْ يَكْشِفْهُ لِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا لِنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَكَيْفَ يُكْشَفُ لِآحَادِ النَّاسِ؟

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

وَأَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى صَادِرَةٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَمَا شَاءَهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْهُ لَمْ يَكُنْ؛ ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 26]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 37]، ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 128]، ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ [سَبَأٍ: 36].

 

وَمَشِيئَةُ الْعِبَادِ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ؛ ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التَّكْوِيرِ: 29]، وَلَا يُحْتَجُّ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَحَ الْعَبْدَ إِرَادَةً وَمَشِيئَةً، وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَعَقْلًا يُدْرِكُ بِهِ النَّفْعَ وَالضُّرَّ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَدَلَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَحَذَّرَهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَحِيمِ؛ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، وَقُطِعَتْ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ؛ ﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 149]، ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النِّسَاءِ: 165].

 

وَقَدْ يُقْدِمُ الْعَبْدُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ خَيْرًا مُعَجَّلًا فَيَكُونُ شَرًّا مُؤَجَّلًا، وَقَدْ يَفْعَلُ مَا يَظُنُّ فِيهِ نَفْعًا فَيَكُونُ عَلَيْهِ ضَرَرًا، وَالْخِيرَةُ خَفِيَّةٌ، وَلَوْ كُشِفَ الْقَدَرُ لِلْمُؤْمِنِ لَمَا حَادَ عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَخْتَارُ لَهُمْ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِي الْعَاقِبَةِ، وَلَوْ بَدَا لَهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ، فَإِنْ ظَنَّ بِهِ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

وَلَا بُدَّ أَنْ يُوقِنَ الْمُؤْمِنُ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَقْدَارَهُ فِي خَلْقِهِ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ؛ فَالْجَنَّةُ وَنَعِيمُهَا مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ، وَالنَّارُ وَعَذَابُهَا مِنْ آثَارِ عَدْلِهِ، وَهَلَاكُهُ لِلْمُكَذِّبِينَ عَدْلٌ، وَإِنْظَارُهُ لِلْعَاصِينَ رَحْمَةٌ، وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا بِرَحْمَتِهِ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [النِّسَاءِ: 40]، ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يُؤَاخِذُنِي اللَّهُ وَابْنَ مَرْيَمَ بِمَا جَنَتْ هَاتَانِ -يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهَا- لَعَذَّبَنَا ثُمَّ لَمْ يَظْلِمْنَا شَيْئًا» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَكَبِّرُوهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: إِنَّ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ مَتَاعٍ لَيْسَتْ شَيْئًا يُذْكَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ؛ ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرَّعْدِ: 26]، وَإِنَّ جَزَاءَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنَاتِ فِي الْآخِرَةِ عَظِيمٌ، وَهُنَّ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ؛ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 97]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَهَنِيئًا لِكُلِّ مُؤْمِنَةٍ تَمَسَّكَتْ بِدِينِهَا، وَحَافَظَتْ عَلَى حِجَابِهَا وَحَيَائِهَا، وَقَامَتْ بِبَيْتِهَا وَبَعْلِهَا وَأَوْلَادِهَا، وَدَعَتْ إِلَى ذَلِكَ بَنَاتِ جِنْسِهَا؛ فَلَهَا أَجْرُهَا وَأَجْرُهُنَّ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللّهُ أَضَاحِيَّكُمْ، وَكُلُوا مِنْهَا وَتَصَدَّقُوا وَأَهْدُوا، وَافْرَحُوا بِالْعِيدِ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ، وَبَرُّوا وَالِدِيكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَأَدْخِلُوا الْبَهْجَةَ بِالْعِيدِ فِي بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّهُ فُسْحَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَسِعَتُهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَكَبِّرُوا اللَّهَ تَعَالَى إِذْ هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ.

 

أَعَادَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (1)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1436هـ (عيد النحر)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1438 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ

مختارات من الشبكة

  • إيثار الدنيا وخلل الميزان (خطبة)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • حفظ المال العام (خطبة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوحيد أصل النجاة ومفتاح الجنة: قراءة في ختام سورة المؤمنون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عبودية الترك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بر الوالدين(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة عن الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/6/1447هـ - الساعة: 17:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب