• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    من مائدة السيرة: إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    سلسلة الآداب الشرعية (آداب البشارة والتهنئة)
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    إجارة المشاع
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    صفة الحكمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: العبرة من كسوف الشمس والقمر
    سعد محسن الشمري
  •  
    خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من الكبائر الشائعة: (9) إيذاء الله تعالى ورسولِه ...
    أبو حاتم سعيد القاضي
  •  
    فصل في معنى قوله تعالى: ﴿وروح منه﴾
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    لبس السلاسل والأساور
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث ((الدواب مصيخة يوم الجمعة حين تصبح حتى ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عن شهر شعبان

خطبة عن شهر شعبان
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/5/2017 ميلادي - 12/8/1438 هجري

الزيارات: 908923

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن شهر شعبان

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، وَأَبْقَى فِي أَعْمَارِنَا لِنَزْدَادَ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ..

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَوْقُوفُونَ فِي يَوْمٍ لَا يَجْزِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ مَوَاسِمَ لِلْخَيْرِ، فِيهَا يَزِيدُونَ أَعْمَالَهُمْ، وَيَتَقَرَّبُونَ لِخَالِقِهِمْ، تَشْرُفُ الْأَعْمَالُ فِيهَا بِشَرَفِ الزَّمَانِ.


فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَديثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا".


وَقَدْ أَظَلَّنَا -يا عِبَادَ اللَّهِ- بَعْضٌ مِنْ هَذِهِ النَّفَحَاتِ، فَهَا نَحْنُ قَدْ دَخَلْنَا فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، وَالَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَا يَزِيدُهُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ؛ فَقَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .

 

وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ شَعْبَانَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْيِي الْعِبَادَةَ فِيهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِ غَفْلَةِ النَّاسِ، وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: أَنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي هَذَا الشَّهْرِ؛ فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِيهِ؛ فَقَدْ رَوَى الْإمَامُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ".


هَكَذَا كَانَ حِرْصُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَهُوَ الَّذِي غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ، كَانُوا إِذَا دُعُوا إِلَى الطَّاعَةِ يَتَسَابَقُونَ فِيهَا كَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُقِشَتْ فِي قُلُوبِهِمْ ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وَمِمَّا جَاءَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟"، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.


وَلَعَمْرُ اللهِ.. لا يَكَادُ الْمَرْءُ يَسْمَعُ صَنِيعَ عَبْدِاللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلاَّ وَتَعَجَّبَ؛ فَقَدْ جَاءَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟" فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ...


قَالَ: "فَلاَ تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" فَرَجَعَ عَبْدُاللهِ لِيُجَادِلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ: " يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بِي قُوَّةً"... هَلْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا -يَا عِبَادَ اللهِ- رَجُلٌ يُجَادِلُ وَيُخَاصِمُ حَتَّى يُزَادَ مِنَ الْعِبَادَةِ والنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ إِلَى التَّخْفِيفِ.


فَاغْتَنِموا هَذِهِ الأَيَّامَ والأَعْمَارَ قَبْلَ أَنْ تَشِيبُوا وَتَضْعُفُوا، يَقُولُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ -وَكَانَ قَدْ نَاهَزَ التِّسْعِينَ مِنْ عُمُرِهِ-: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، اغْتَنِمُوا -يَعْنِي: قُوَّتَكُم وَشَبَابَكُم- قَلَّمَا مَرَّتْ بِي لَيْلَةٌ إِلاَّ وَأَنَا أَقْرَأُ فِيْهَا أَلْفَ آيَةٍ، وَإِنِّي لأَقْرَأُ البَقَرَةَ فِي رَكْعَةٍ، وَإِنِّي لأَصُوْمُ الأَشْهُرَ الحُرُمَ، وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالاثْنَيْنَ وَالخَمِيْسَ"، هَذَا هُوَ الْعَمَلُ يَا مَنْ يُرِيدُ اللهَ والدَّارَ الآخِرَةَ، هَذَا هُوَ الصِّدْقُ يَا مَنْ يُرِيدُ اللهَ وَرِضَاهُ، هَذِهِ هِيَ التَّقْوَى يَا مَنْ يُرِيدُ النَّجَاةَ.


وَإِنَّ الاِجْتِهَادَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ لَهُوَ مِنَ الأُمُورِ الْمُعِينَةِ عَلَى الاِجْتِهَادِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ كَالزَّرْعِ يَشْتَدُّ عُودُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْحَصَادِ شَهْرُ رَمَضَانَ حَصَدَ الْمُسْلِمُ مَا كَانَ يَزْرَعُ؛ يَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "إِنَّ صِيَامَ شَعْبَانَ كَالتَّمْرِينِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ لِئَلاَّ يَدْخُلَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى مَشَقَّةِ وَكُلْفَةٍ، بَلْ قَدْ تَمَرَّنَ عَلَى الصِّيَامِ وَاعْتَادَهُ، وَوَجَدَ بِصِيَامِ شَعْبَانَ قَبْلَهُ حَلاَوَةَ الصِّيَامِ وَلَذَّتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ، وَلَمَّا كَانَ شَعْبَانُ كَالْمُقَدِّمَةِ لِرَمَضَانَ شُرِعَ فِيهِ مَا يُشْرَعُ فِي رَمَضَانَ مِنَ الصِّيَامِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِيَحْصُلَ التَّأَهُّبُ لِتَلَقِّي رَمَضَانَ، وَتَرْتَاضُ النُّفُوسُ بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ الرَّحْمَنِ" انْتَهَى كَلاَمُهُ رَحِمَهُ اللهُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ...

اعْلَمُوا أَنَّ دِينَنَا لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ؛ فَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ لَنَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ، قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]..


فَمَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا، واجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَعَمَلُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ؛ فقد قَالَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"، وَإِنَّ مِمَّا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنَ الْبِدَعِ فِي بَعْضِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ: الاِحْتِفَالُ بِلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِيَامِ والأَذْكَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ لَهَا فَضْلَا مُعَيَّنًا عَلَى بَقِيَّةِ أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْخَطَأِ وَالْجَهْلِ وَالْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ، فَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ صَحِيحٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاَ فِي قِيَامِهَا، أَوْ صِيَامِ نَهَارِهَا، أَوْ إِحْيَائِهَا بِخَاصَّةٍ، وَغَايَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ -وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ أَيْضًا- مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

"يَطَّلِعُ اللهُ إِلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ".


وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْصِيصُهَا بِصِيَامٍ أَوْ قِيَامٍ، وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَةٌ لِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَإِزَالَةِ الشَّحْنَاءِ مِنَ النُّفُوسِ وَالْبَغْضَاءِ مِنَ الصُّدُورِ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمُسْلِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَلْبُهُ لَا يَحْمِلُ حِقْدًا وَلَا غِلًّا وَلَا شَحْنَاءَ وَلَا ضَغْنَاءَ عَلَى مُسْلِمٍ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمُسْلِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَرْحَامُهُ مَوْصُولَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمُسْلِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَلْبُهُ خَالٍ إلَّا مِنْ ذِكْرِ رَبِّهِ وَعِبَادَةِ مَوْلَاهُ.


أَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يُصْلِحَ قُلُوبَنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الاِسْتِقَامَةَ عَلَى دِينِهِ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّهُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَسْتَثْمِرَ هَذِهِ الْأَيَّامَ، فَكَمْ مِنْ قَرِيبٍ أَدْرَكَ مَعَنَا الْعَامَ الْمَاضِي هُوَ الْآنَ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ، هَذِهِ هِيَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي مِنْهَا نَهْرَبُ، وَعَنْهَا نُعْرِضُ، كُلَّمَا جَاءَ رَمَضَانُ تَكَاسَلْنَا، فَإِلَى مَتَى؟؟ أَنَتَكَاسَلُ حَتَّى تَضْعُفَ قُوَّتُنَا وَيَرِقَّ عَظْمُنَا؟؟ أَنَتَكَاسَلُ حَتَّى لاَ نَسْتَطِيعَ أَنْ نَقُومَ مِنْ أَمَاكِنِنَا أَوْ نَقْضِيَ حَاجَاتِنَا؟؟ أَنَتَكَاسَلُ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُ نَفَسٍ مِنْ أَنْفَاسِنَا؟؟ فَإِلَى مَتَى؟؟

فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الْأَوْقَاتَ جَهْلًا
بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكَ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ اللَّذَّاتِ قَسْرًا
وَيُخْلِي الْمَوْتُ كُرْهًا مِنْكَ دَارَكَ

 

فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا -عِبَادَ اللهِ- أَنْ نَغْتَنِمَ الصِّحَّةَ، أَنْ نَغْتَنِمَ الْفَرَاغَ، أَنْ نَغْتَنِمَ الْغِنَى، أَنْ نَغْتَنِمَ الْحَيَاةَ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.


فَاغْتَنِمُوا -يَا عِبَادَ اللَّهِ- أيَّامَكُمْ وَأَعْمَارَكُمْ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ؛ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى صَالِحِ أَعْمَالِكُمْ فَيَقُولُ: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، وَإِيَّاكُمْ وَالصَّدَّ وَالْإِعْرَاضَ فَإِنَّهُ مَهْلَكَةٌ وَخُسْرَانٌ، كَانَ الْحَسَنُ الْبَصَرِيُّ يَبْكِي كَثِيرًا، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الْبُكاءُ؟ فَقَالَ: "أَخَافُ أَنْ يَطْرَحَنِي اللهُ فِي النَّارِ وَلَا يُبَالِي"، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِرَضَاهُ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ.


ثُمَّ صَلُّوا وسَلِّمُوا رحِمَكُمُ اللهُ عَلَى النِّعْمَةِ المُهْدَاةِ، والرَّحْمَةِ المُسْداةِ، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ كَمَا أَمَرَكُمْ ربُّكمْ جَلَّ في عُلاهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وعلَى آلهِ وصحْبِهِ أَجْمَعِينَ اللهمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَراتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَتَرْحَمَنَا، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ....


اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدَيْنَا واجْزِهِمْ عَنَّا خَيْرًا، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا فَبَارِكْ فِي عُمُرِهِ وَعَمَلِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا فَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ....اللَّهُمَّ لُطْفَكَ ورَحْمَتَكَ بِعِبَادِكَ المسْتضعَفِينَ في كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ سَكِّنْ لَوْعَتَهُمْ وامْسَحْ عَبْرَتَهُمْ وَوَفِّرْ أَمْنَهُمْ وابْسُطْ رِزْقَهُمْ ووَحِّدْ صَفَّهُمْ واجْعَلْ مَا قَضَيتَ عَلَيْهِمْ زِيَادَةً في الإِيمَانِ واليَقِينِ وَلا تَجْعَلْهُ فِتْنَةً لَهُمْ عَنِ الدِّينِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..


اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُو عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيانَا الَّتي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتي إِلَيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَياةَ زِيَادَةً لَنَا في كُلِّ خَيرٍ، وَالْمَوتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ... اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ... اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا، وَارْحَمْ مَوتَانَا.


اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِهُداكَ، واجْعَلْ عملَه في رِضاكَ. اللهُمَّ اجعلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخاءً رَخاءً وسائِرَ بلادِ المسلمينَ ...﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر شعبان: فضله وأهميته
  • كم تصوم في شهر شعبان؟
  • استقبال شهر شعبان
  • فضل شهر شعبان (خطبة)
  • شهر شعبان وما فيه من فوائد وأحداث
  • شهر شعبان بين فريق غلا وفريق جفا
  • شهر شعبان.. فضائل وأعمال
  • وقفات مع قدوم شهر شعبان (خطبة)
  • ماذا تعرف عن شهر شعبان؟
  • خطبة: شهر شعبان 1445

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة شهر صفر 1445هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الوطن في قلوب الشباب والفتيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العبرة من كسوف الشمس والقمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هم الذين يحبهم الله؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (أم الكتاب 2)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/5/1447هـ - الساعة: 12:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب