رسالة في التفسير على صورة أسئلة وأجوبة للشيخ عبدالكريم الدبان (PDF)

ذكر الشيخ الدبان -رحمه الله- في (ص/55) حديث:"... وخلق إبليس من مارج من نار ...". وقال:"ورد في صحيح مسلم".
وتعقب ذلك الدكتور عبدالحكيم -حفظه الله- بأن اللفظ الذي عند مسلم، وهو :"الجان". فأصاب، وذكر أن الحافظ ابن كثير أورده بلفظ:"إبليس"، وعزاه لمسلم.
قال أبو عمر -عفا الله عنه-: هل ورد لفظ:"إبليس"، عند غير مسلم؟ والجواب: أن الحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (11/ 425)رقم (20904)، ومن طريقه إسحاق بن راهويه في مسنده (786)، أحمد (6/ 153، 168)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (1479) ومسلم (2996)، وابن حبان (6155)،والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 6)، وفي "الأسماء والصفات" (818)، وف "شعب الإيمان" (141)، وابن منده في"الرد على الجهمية" رقم (76)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص/131)، وأبو الشيخ في "العظمة" (2/ 752)،وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 382، 383)،عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم". وتابع ابن المبارك عبد الرزاق، فأخرج هذه المتابعة، إسحاق بن راهويه في مسنده (787)،قال:أخبرنا أبو أسامة، نا ابن المبارك، عن معمر بهذا الإسناد مثله.
وأخرجه أيضاً أبو الشيخ في "العظمة" (2/ 752)من طريق أبي أسامة، عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، بإسناده مثله. وأخرجه أبو بكر المعروف بقاضي المرستان في "أحاديث الشيوخ الثقات" (357)من طريق أبي أسامة عن ابن المبارك به وذكره:"خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم".
لكن جاء بلفظ"إبليس" عند ابن منده في "التوحيد"
(1/ 208) رقم (70)قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، وأخبرنا عبدوس بن الحسين النيسابوري قال: حدثنا أبو حاتم الرازي قال: حدثنا خالد بن خداش المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا يونس بن يزيد، جميعا، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من نار سموم، وخلق آدم عليه السلام، مما قد وصف لكم".
فأخرجه من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري. ومن طريق يونس بن يزيد وهو الأيلي عن الزهري، وذكره بلفظ:"وخلق إبليس". ولعل لفظ:"إبليس"، من رواية يونس بن يزيد عن الزهري، وليس من رواية معمر، لاتفاق عبد الرزاق، وابن المبارك، على لفظ:"الجان". ومعمر ويونس من أثبت أصحاب الزهري.
ووقفت على أن الشيخ الألباني في "الصحيحة" (458)ذكر الحديث بلفظ:"خلقت الملائكة من نور وخلق إبليس من نار السموم وخلق آدم عليه السلام مما
قد وصف لكم".
وقال:"رواه مسلم (8 / 226) وابن منده في " التوحيد " (32 / 1) والسهمي في
" تاريخ جرجان " (62) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 277 - هند)
وابن عساكر (2 / 310 / 1) عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعاً". فذكر بلفظ :"إبليس". الذي من رواية ابن منده، ولم يشر إلى لفظ:"الجان". والله أعلم. هذا التخريج سجلته عندي ثم رأيت نشره.

لي عدة ملاحظات أولاً: فيما يتعلق بذكر جملة من الكتب على طريقة السؤال والجواب، وقد أجاد الدكتور -حفظه الله- في ذكر هذه الكتب، ولكن أحسب أنه لو أشار إلى عمل بعض المعاصرين في هذا النوع من التصنيف ، لكان فيه فائدة وأعني ما قام به الشيخ مصطفى العدوي في سلسلة:"التسهيل لتأويل التنزيل في سؤال وجواب". والله أعلم.
ثانياً: طريقة تخريج الأحاديث، وضرب مثال وهو أول حديث: في (ص/36) قال السيوطي في "الإتقان"(4/ 214):"أخرج أحمد والترمذي- وحسنه- وابن حبان في صححيه عن عدي بن حاتم [في الأصل حيان وهو خطأ] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المغضوب عليهم هم اليهود وإن الضالين النصارى". قال أبو عمر -عفا الله عنه- لماذا الذهاب إلى السيوطي، وأجعله واسطة، ونحن عندنا الأصول:مسند أحمد، وجامع الترمذي، وصحيح ابن حبان، نذكر هؤلاء من كتبهم، ثم نذكر إتقان السيوطي من باب زيادة مصدر. والله أعلم.
في (ص/42): قال الشيخ عبد الكريم -رحمه الله- :"روى البزار ".أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ آية الكرسي وأول حم المؤمن، عصم ذلك اليوم من كل سوء". وفي التخريج:"نقله منه بسنده ابن كثير في تفسيره (7/ 116) "غافر". والحديث رواه الترمذي برقم (2879)، والدارمي برقم (3263)". قال أبو عمر -عفا الله عنه-: مسند البزار مطبوع الآن فلو قيل: أخرجه البزار في "البحر الزخار" برقم (8573). ثم يقال نقله منه بسنده ابن كثير في تفسيره ... ثم لماذا لم يذكر كلام الترمذي على الحديث حيث قال:"هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة المليكي من قبل حفظه". وعبد الرحمن هذا قال الذهبي في "الكاشف"، وابن حجر في "التقريب":"ضعيف". والحديث ضعفه الألباني. والله أعلم.

رحم الله العلامة الشيخ الدبان والشكر موصول لسماحة الشيخ الأنيس صاحب الهمة العالية واﻻختيار الرائع في إظهار كنوزنا الجميلة ...

ووفق الله الجميع لكل خير وفضيلة.