• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإقبال على الخير من علامات التوفيق
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: الوقت في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إشراقة آية: قال تعالى: {ثم أدبر واستكبر}
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    خطبة: استسقاء
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    اللطيف الخبير
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الذنوب وآثرها وخطرها (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    خطبة: التواضع
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    إجارة الحمام
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    من مائدة الصحابة: سودة بنت زمعة رضي الله عنها
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    رحلة على مركب الأمنيات (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سجين بلا قيود
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    الفضول وحب الاستطلاع
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    لمحة في بيان ما ذكر في القرآن في علو منزلة الخليل ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الماعون

تفسير سورة الماعون
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2025 ميلادي - 6/11/1446 هجري

الزيارات: 871

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سُورَةُ الْمَاعُونِ

 

سُورَةُ (الْمَاعُونِ): سُورَةٌ مَكِيَّةٌ[1]، وَآيُهَا سَبْعُ آياتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكْرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (الْمَاعُونِ)، وَسُورَةُ (أَرَأَيْتَ)، وَسُورَةُ (أَرَأَيْتَ الَّذِي)، وَسُورَةُ (الْمَاعُونِ وَالدِّينِ وَأَرَأَيْتَ)، وَسُورَةُ (الدِّينِ)، وَسُورَةُ (التَّكْذِيبِ)، وَسُورَةُ (الْيَتِيمِ)[2].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

اِحْتَوَتْ هِذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَّمِهَا[3]:التَّعَجُّبَ مِنْ حَالِ مَنْ كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ، وَتَفْظِيعُ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الاِعْتِدَاءِ عَلَى الضَّعِيفِ وَاحْتِقَارِهِ، وَالْإِمْسَاكِ عَنْ إِطْعَامِ الْمِسْكِينِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.

 

شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ أَرَأَيْتَ ﴾ اسْتِفْهامٌ مَعْنَاهُ التَّعَجُّبُ[4]، ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين ﴾أي: بِالْجَزاءِ وَالْحِسَابِ[5].

 

قَولُهُ: ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم ﴾، أي: يَدْفَعُهُ دَفْعًا عَنِيفًا وَيَزْجُرُهُ، وَلَا يُطْعِمُهُ، وَلَا يُحْسِنُ إِلَيْهِ، وَلَا يَرْحَمُهُ[6].

 

قَولُهُ: ﴿ وَلاَ يَحُضُّ ﴾، أَيْ: وَلَا يَحُثُّ أَهْلَهُ وَغَيْرَهُمْ، ﴿ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين ﴾؛ لِعَدَمِ اعْتِقادِهِ بِالْجَزاءِ؛ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ الْجُمْلَةَ عَلى (يُكَذِّبُ) بِالْفَاءِ[7].

 

قَولُهُ: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾ أَيْ: غَافِلُونَ مُتَشَاغِلُونَ غَيْرُ مُبالِينَ بِها[8]، "إِمَّا عَنْ فِعْلِهَا بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا عَنْ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا، فَيُخْرِجُهَا عَنْ وَقْتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِمَّا عَنْ وَقْتِهَا الْأَوَّلِ فَيُؤَخِّرُونَهَا إِلَى آخِرِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَإِمَّا عَنْ أَدَائِهَا بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِمَّا عَنِ الْخُشُوعِ فِيهَا وَالتَّدَبُّرِ لِمَعانِيهَا، فَاللَّفْظُ يَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَلَكِنْ[9] مَنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قِسْطٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَنِ اتَّصَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ نَصِيبُهُ مِنْهَا، وَكَمُلَ لَهُ النِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ"[10].

 

قَولُهُ: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون ﴾، أي: يُحْسِنُونَ الْعَمَلَ وَالْعِبَادَةَ في الظَّاهِرِ؛ لِغَرَضِ كَسْبِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ.

 

قَولُهُ: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون ﴾، أي: يَمْنَعُونَ إِعَارَةَ مَا يُنْتَفَعُ بِإِعَارَتِهِ مِنَ الْآنِيَةِ وَغَيْرِها[11].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْيَتَامَىْ وَإِطْعَامِ الْمَسَاكِيْنِ.

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين ﴾[سورة الماعون:1-3]: دَلِيلٌ عَلَى شُمُولِيَّةِ هَذَا الدِّينِ وَأَثَرِهِ فِي السُّلُوكِيَّاتِ، وَحَثِّهِ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْآيَةِ:

أولًا: أَنَّ قَهْرَ الْيَتيمِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُكَذِّبينَ بِالدِّينِ.

 

ثانيًا: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم ﴾ [سورة الماعون:2]: تَجْعَلُ الرَّاعِينَ لِلْيَتَامَىْ عَلَىْ حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ دَعِّهِمْ، وَهُوَ دَفْعُهُمْ وَقَهْرُهُمْ؛ فَالْقُرْآنُ بِهَذَا الزَّجْرِ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى مَنْ يَسْتَضْعِفُ الْيَتيمَ لِعَدَمِ وُجُودِ مُدَافِعٍ عَنْهُ، فَاللهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى الدِّفَاعَ عَنْهُ، ﴿ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء:45].


ثالثًا: أنَّ الْإِيمَانَ بِيَوْمِ الدِّينِ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلى إِطْعَامِ الْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [سورة الإنسان:8].


رابعًا: عِنَايَةُ اللهِ تَعَالَى الْعَظِيمَةُ بِالْيَتَامَى، فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَرَنَ الْإِحْسَانَ لِلْيَتِيمِ وَبِرَّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةَ الْأَرْحَامِ بِتَوْحِيدِهِ سبحانه وتعالى؛ فَقَالَ: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى ﴾ [سورة النساء:36].


خامسًا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَأَنَّ دِينَهُ دِينُ الْكَمالِ وَالْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ تَعَالَى وَيُسَبِّحَهُ وَيُكَبِّرَهُ وَيُهَلِّلَهُ؛ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِذْعَانًا لِأَمْرِهِ، وَالْتِزَامًا بِشَرِيعَتِهِ وَعَمَلًا بِكِتَابِهِ، وَأَدَاءً لِلْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ، الَّتِي مِنْهَا حَقُّ الْيَتِيمِ، حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى بِإِيمَانٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ.


التَّرْهيبُ مِنَ السَّهْوِ عَنِ الصَّلَاةِ وَإِضَاعَتِهَا:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين ﴾: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾، وَلَمْ يَقُلْ: (فِي صَلَاتِهِمْ)؛ لِأَنَّ السَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ طَبِيعيٌّ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَقَدْ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْقَائِلُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي»[12]، كَمَا في حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ وَلِهَذَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ: «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ: ﴿ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون ﴾، وَلَمْ يَقِلْ: فِي صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ»[13].


وَفِي ذَلِكَ: التَّحْذِيرُ الشَّدِيدُ مِنَ السَّهْوِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ إِضَاعَتُهَا مَعَ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ، وَعَادَةً مَا تَصْدُرُ عَنْ نِفَاقٍ وَقِلَّةِ رَغْبَةٍ في أَدَاءِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظيمَةِ، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَتَكَاسَلُونَ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَيَتَهَاوَنُونَ فِيهَا، وَيَتَغَافَلُونَ عَنْهَا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [سورة مريم:59].


خَطَرُ الرِّيَاءِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون ﴾ [سورة الماعون:6]: التَّحْذِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ بَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ، كَمَا جَاءَ في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[14].

 

وَلِعَظيمِ خَطَرِهِ، وَبَالِغِ ضَرَرِهِ، وَكَثْرَةِ الاِبْتِلَاءِ بِهِ: خَافَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ، وَبَالَغَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْهُ، فَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»[15]، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ تَعْلِيقًا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: "وَإِنَّمَا كَانَ الرِّيَاءُ كَذَلِكَ لِخَفَائِهِ وَقُوَّةِ الدَّاعِي إِلَيْهِ، وَعُسْرِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ؛ لِمَا يُزَيِّنُهُ الشَّيْطَانُ وَالنَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ في قَلْبِ صَاحِبِهِ"[16].

 

بَذْلُ الْمَعْرُوفِ ومَشْرُوعِيَّةُ الْعَارِيَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون ﴾: أَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنينَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَإِعَانَةُ الْمُحْتَاجِينَ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ، وَإِنَ كَانَ قَلِيلًا، كَإِعَارَةِ الْأَوَانِي وَغَيْرِهَا مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون ﴾ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْعَارِيَةِ، وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمَنْدُوبٌ إِلَيْهَا[17]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: «وَالْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ... »[18] الحَدِيثُ، وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا، فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ»[19].

 

وَلَا شَكَّ أَنَّ بَذْلَ الْعَارِيَةِ لِلْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا قُرْبَةٌ عَظِيمَةٌ، يَنَالُ بِهَا الْمُعِيرُ ثَوَابًا جَزِيلًا؛ لِأَنَّها تَدْخُلُ في عُمُومِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [سورة المائدة:2]، وَفي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَصلى الله عليه وسلم: «وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»[20].


وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْعَارِيَةَ وَاجِبَةٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله: "وَالصَّحِيحُ: وُجُوبُ بَذْلِ ذَلِكَ مَجَّانًا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا مُسْتَغْنِيًا عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَعِوَضِهَا، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون ﴾[سورة الماعون:4-7]"[21]، وَهُوَ قَوْلٌ لِأَحْمَدَ، وَقَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ[22]؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى ذَمَّ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعَارَتِهِ.

 

وَقَدْ عَرَّفَ الْفُقَهَاءُ الْعَارِيَةَ فَقَالَ الْحَجَّاوِيُّ رحمه الله مَا نَصُّهُ: "الْعُارِيَةُ هِيَ: الْعَيْنُ الْمُعَارَةُ، وَالْإِعَارَةُ: إِبَاحَةُ نَفْعِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مُنْتَفَعًا بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا، وَتَنْعَقِدُ بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدَلُّ عَلَيْهَا كَقَولِهِ: أَعَرْتُكَ هَذَا أَوْ أَبَحْتُكَ الاِنْتِفَاعَ بِهِ، أَوْ يَقُولُ الْمُسْتَعيرُ: أَعِرْنِي هَذَا، أَوْ أَعْطِنِيهِ أَرْكَبُهُ أَوْ أَحْمِلُ عَلَيْهِ، فَيُسَلِّمُهُ إِلَيْهِ، وَنَحْوه، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا، وَأَهْلِيَّةُ مُسْتَعيرٍ لِلتَّبَرُّعِ لَهَا"[23].

 


[1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 527).
[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 563).
[3] ينظر: مصاعد النظر (3/ 253)، التحرير والتنوير (30/ 564).
[4] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 341).
[5] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 558)، تفسير البغوي (8/ 549).
[6] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 341)، تفسير ابن كثير (8/ 493).
[7] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 341).
[8] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 341).
[9] هكذا في الأصل، ولعل الصواب: (ولكل).
[10] تفسير ابن كثير (8/ 493).
[11] ينظر: تفسير السعدي (ص935).
[12] أخرجه البخاري (401)، ومسلم (572) واللفظ له.
[13] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 493).
[14] سبق تخريجه.
[15] أخرجه ابن ماجه (4204) واللفظ له. وحسنه البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 237).
[16] تيسير العزيز الحميد (ص459).
[17] ينظر: البناية شرح الهداية (10/ 135)، بداية المجتهد (4/ 97)، الحاوي الكبير (7/ 115)، المغني لابن قدامة (5/ 163).
[18] أخرجه أحمد (22294)، وأبو داود (3565)، والترمذي (1265) واللفظ له، وقال: "حديث حسن"، وابن ماجه (2398)، وصححه ابن حبان (5094).
[19] أخرجه أحمد (15302) واللفظ له، وأبو داود (3562)، والنسائي في الكبرى (5747).
[20] أخرجه مسلم (2699).
[21] مجموع الفتاوى (28/ 98).
[22] ينظر: المغني لابن قدامة (5/ 163)، شرح مختصر خليل للخرشي (6/ 121).
[23] الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 331).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الماعون للأطفال
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الماعون

مختارات من الشبكة

  • تفسير سورة الكافرون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مائدة التفسير: سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير قوله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/5/1447هـ - الساعة: 18:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب