• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سورة المائدة (2) العقود والمواثيق
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من آفات اللسان (2) النميمة (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    إضاءات منهجية من بعض مواقف الإمام مالك العقدية
    محفوظ بن ضيف الله شيحاني
  •  
    الاتزان منهج دنيوي وأخروي (خطبة)
    د. عبدالحميد المحيمد
  •  
    توبوا إلى الله (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الحديث السابع عشر: تحريم التسخّط من أقدار الله ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسماء ليست من أسماء الله الحسنى
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سلسلة الآداب الشرعية (آداب الطعام والشراب)
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من مائدة العقيدة: أول الأركان الستة: الإيمان ...
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حقوق الفقراء والمساكين في الإسلام
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تكوة أهل الجنة وأناسها (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    أصول الفضيلة
    مالك بن محمد بن أحمد أبو دية
  •  
    حديث: لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    المجيء والإتيان
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    أحكام صلاة العاري
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الغفلة أثرها وضررها (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

شؤم العقوق (خطبة)

شؤم العقوق (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2013 ميلادي - 11/7/1434 هجري

الزيارات: 67731

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شؤم العقوق


الحمد لله البر الغفور، شارح الصدور، وميسر الأمور، قضى بالإحسان في أمره المقدور، وأوجب الوفاء لكل ذي منةٍ مشكور، وأشهد ألا إله إلا الله الحق الشكور، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ذا الخلق القويم والوفاء المبرور، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم النشور.

 

أيها المؤمنون!

الإسلام دين الوفاء ؛ إذ هو شرع من لا أوفى ذمةً منه، ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111]. وكلما ازداد معروف المحسن عظم واجب الوفاء له، وقَبُحَ تنكّرِ إحسانه. ولا منّة بعد منّة المولى - جل وعلا - تفوق منّة الوالدين ؛ ومن هنا فَحُشَ شؤمُ عققهم، وكان العرب في جاهليتهم يعدون العقوق ثكل من لم يُثكل ؛ فعقوق الوالدين ثاني أكبر الكبائر بعد الشرك بالله ؛ فقد قال النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاَثًا، قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ... » رواه البخاري ومسلم، يقول الفضيل بن عياض - رحمه الله -: «فَوْقَ كُلِّ فُجُورٍ فُجُورٌ، حَتَّى يَعُقَّ وَالِدَيْهِ ». والعقوق سبب لحلول سخط الجبار بصاحبه، يقول رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رِضَاءُ اللَّهِ فِي رِضَاءِ الْوَالِدِ وَسَخَطُ اللَّهِ في سخط الوالد" رواه ابن حبان وصححه. ومِن سَخَطِ الله - سبحانه - على العاق لعنُه، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ اللهُ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ" ثلاثًا، رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. والعاقُّ مقطوع من رحمة الله بقطيعته أعظمَ رحمٍ أُمِرَ بوصلها، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ " رواه البخاري ومسلم. وأعظم السخط وأفدح القطعية الحرمان من دخول الجنة ؛ وذلك وعيد يُهدَّد به العاقُّ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بقدر" رواه أحمد وحسنه البوصيري والألباني، قال يونس بن عبيد - رحمه الله -: «يُرْجَى لِلْمُرَهَّقِ (الفاسد) بِالْبِرِّ الْجَنَّةُ، وَيُخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْعُقُوقِ النَّارُ».

 

والعقوق - أيها المسلمون - من موانع قبول العمل الصالح، جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله، وَصليت الْخمس، وَأديت زَكَاة مَالِي، وَصمت رَمَضَان؟ فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: "من مَاتَ على هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة هَكَذَا وَنصب أصبعيه مَا لم يعق وَالِديهِ" رواه أحمد والطبراني بإسناد صحيح كما قال المنذري. وعقوبة العقوق معجلة في الدنيا، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ، وَالْعُقُوقُ» رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

 

والعقوق من أسباب سوء الخاتمة - والعياذ بالله -، قال أبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: "يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا جَمَعَ مِنَ الْعِلْمِ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتَ وَجَمَعْتُ، فَاحْتُضِرَ، فَشَهِدْتُهُ، فَقَيلَ لَهُ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَهَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَيَتَكَلَّمُ. قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ. فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: كَانَ عَاقًّا بِوَالِدَيْهِ ؛ فَظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِي حرمه كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ عُقُوقُه بِوَالِدَيْهِ ".

 

والعقوق أبلغ حامل للوالد على الدعاء على ولده؛ ودعاؤه في ذلك الحال مقطوع بإجابته ؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» رواه الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان. وتلك الدعوة من ذلك القلب المكلوم من أسباب الهلاك، يقول الحسن البصري - رحمه الله -: "دعاؤه عليه استئصاله". روى ابن قدامة في كتاب التوابين عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: " بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ مَعَ أَبِي حَوْلَ الْبَيْتِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ وَقَدْ رَقَدَتِ الْعُيُونُ وَهَدَأَتِ الأَصْوَاتُ إِذْ سَمِعَ أَبِي هَاتِفًا يَهْتِفُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ شَجِيٍّ، وَهُوَ يَقُولُ:

يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَا الْمُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ
يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ
قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَانْتَبَهُوا
وَأَنْتَ عَيْنُكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنمِ
هَبْ لِي بِجُودِكَ فَضْلَ الْعَفْوِ عَنْ جُرْمِي
يَا مَنْ إِلَيْهِ أَشَارَ الْخَلْقُ فِي الْحَرَمِ
إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لا يدركه ذو سرف
فمن يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالْكَرَمِ

 

قَالَ: ِ فَقَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ! أَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ النَّادِبِ لِذَنْبِهِ الْمُسْتَقِيلِ لِرَبِّهِ؟ الْحَقْهُ فَلَعَلَّ أَنْ تَأْتِيَنِي بِه. فَخَرَجْتُ أَسْعَى حَوْلَ الْبَيْتِ أَطْلُبُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَقَامِ وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: أَجِبِ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَوْجَزَ فِي صَلاتِهِ وَاتَّبَعَنِي. فَأَتَيْتُ أَبِي فَقُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ يَا أَبَتِ. فَقَالَ لَهُ أَبِي: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: وَمَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مُنَازِلُ بْنُ لاحِقٍ، قَالَ: وَمَا شَأْنُكَ وَمَا قِصَّتُكَ؟ قَالَ: وَمَا قِصَّةُ مَنْ أَسْلَمَتْهُ ذُنُوبُهُ وَأَوْبَقَتْهُ عُيُوبُهُ ؛ فَهُوَ مُرْتَطِمٌ فِي بَحْرِ الْخَطَايَا. فَقَالَ لَهُ أَبِي: عَلَيَّ ذَلِكَ فَاشْرَحْ لِي خَبَرَكَ. قَالَ: كُنْتُ شَابًّا عَلَى اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ لا أُفِيقُ عَنْهُ، وَكَانَ لِي وَالِدٌ يَعِظُنِي كَثِيرًا وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ! احْذَرْ هَفَوَاتِ الشَّبَابِ وَعَثَرَاتِهِ! فَإِنَّ لِلَّهِ سَطَوَاتٍ وَنَقَمَاتٍ مَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ، وَكَانَ إِذَا أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنَ الأَيَّامِ أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ فَأَوْجَعْتُهُ ضَرْبًا فَحَلَفَ بِاللَّهِ مُجْتَهِدًا لَيَأْتِيَنَّ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامِ فَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَيَدْعُو عَلَيَّ، فَخَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا مَنْ إِلَيْهِ أَتَى الْحُجَّاجُ قَدْ قَطَعُوا
عُرْضَ الْمَهَامِهِ مِنْ قُرْبٍ وَمِنْ بُعْدِ
إِنِّي أَتَيْتُكَ يَا مَنْ لا يُخَيِّبُ مَنْ
يَدْعُوهُ مُبْتَهِلا بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ
هَذَا مُنَازِلٌ لا يَرْتَدُّ عَنْ عُقَقِي
فَخُذْ بِحَقِّيَ يَا رَحْمَانُ مِنْ وَلَدِي
وشِلَّ مِنْهُ بِحَوْلٍ مِنْكَ جَانِبَهُ
يَا مَنْ تَقَدَّسَ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَلِدِ

 

قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى نَزَلَ بِي مَا تَرَى، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ فَإِذَا هُوَ يَابِسٌ. قَالَ: فَأُبْتُ وَرَجَعْتُ وَلَمْ أَزَلْ أَتَرَضَّاهُ وَأَخْضَعُ لَهُ وَأَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِّي إِلَى أَنْ أَجَابَنِي أَنْ يَدْعُوَ لِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَعَا عَلَيَّ. قَالَ: فَحَمَلْتُهُ عَلَى نَاقَةٍ عُشَرَاءَ وَخَرَجْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِوَادِي الأَرَاكِ طَارَ طَائِرٌ مِنْ شَجَرَةٍ فَنَفَرَتِ النَّاقَةُ فَرَمَتْ بِهِ بَيْنَ أَحْجَارٍ فَرَضَخَتْ رأسه فمات فدفتنه هُنَاكَ وَأَقْبَلْتُ آيِسًا وَأَعْظَمُ مَا بِي مَا أَلْقَاهُ مِنَ التَّعْيِيرِ أَنِّي لا أُعْرَفُ إِلا بِالْمَأْخُوذِ بِعُقُوقِ وَالِدَيْهِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ لَنَا: احْذَرُوا دُعَاءَ الْوَالِدَيْنِ! فَإِنَّ فِي دُعَائِهِمَا النَّمَاءَ وَالانْجِبَارَ وَالاسْتِئْصَالَ وَالْبَوَارَ.

 

والعقوق - يا عباد الله - محرم مع كل والد وإن كان مشركًا يجهد في حمل ولده على الشرك أو كان مقصراَ في حق ولده، كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]. قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ لِابْنِهِ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَنِي لَكَ فَحَذَّرَنِي فِتْنَتَكَ، وَلَمْ يَرْضَكَ لِي فَأَوْصَاكَ بِي. يَا بُنَيَّ، خَيْرُ الْآبَاءِ مَنْ لَمْ تَدْعُهُ الْمَوَدَّةُ إِلَى الْإِفْرَاطِ، وَخَيْرُ الْأَبْنَاءِ مَنْ لَمْ يَدْعُهُ التَّقْصِيرُ إِلَى الْعُقُوقِ". والعقوق خصلة لؤمٍ يجمل بها ترْكُ صحبة أهلها، قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا تُصَادِقْ عَاقًّا ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَبَرَّكَ وَقَدْ عَقَّ مَنْ هُوَ أَوْجَبُ حَقًّا مِنْكَ عَلَيْه.

 

الخطبة الثانية

أيها المؤمنون!

وعقوق الوالدين يصدق على كل سوء أدب معهما في فعل أو قول، أو مخالفةٍ لأمرهما المباح الذي لا يشق ولا يضر، سواء كان ذلك بمباشرة الولد للعقوق أو تسببه فيه، كما لو سب والدي غيره فسب والديه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ ! قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ» رواه البخاري ومسلم. وأقل درجات العقوق التأفف الوارد في قول الله - تعالى -: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، قال بعض العلماء: «لَوْ عَلِمَ اللَّهُ شَيْئًا مِنَ الْعُقُوقِ أَدْنَى مِنْ "أُفٍّ" لَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ؛ وتلك الدرجة جعلت أهل العلم يدرجون في شؤم العقوق تحديقَ البصر إلى الوالدين ورفعَ الصوت عليهما وتقدمَ المشي بينهما ومناداتَهما بالاسم المجرد والوصفِ الذي لا ينم عن تقدير وذكرَ المعروف إليهما، فكيف بالتكبر والإهانة والهجران والاعتداء والحرمان؟! ومن أعلى دركات العقوق خطرًا ما دفع الوالدَ السويَّ على بث شكواه لمولاه - جل وعلا - من عقوق ولده، سيما إن حمله ذلك على البكاء كمدًا، قَالَ كَعْب الأحبار - رحمه الله -: "أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّهُ إِذَا دَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَدْ عَقَّهُ، وَإِذَا أَلْجَأَهُ إِلَى أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ وَيَبْكِيَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَدْ عَقَّهُ كُلَّ الْعُقُوقِ"، وسُئِلَ عبيد بن جريج - رحمه الله -: مَا الْعُقُوقُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى؟ قَالَ: «إِذَا أَمَرَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ بِشَيْءٍ فَلَمْ يُطِعْهُ فَقَدْ عَاقَّهُ، وَإِذَا الْوَالِدُ اشْتَكَى إِلَى اللَّهِ مَا يَلْقَى مِنْ وَلَدِهِ فَقَدْ عَاقَّهُ الْعُقُوقَ كُلَّهُ». ويزداد قبح العقوق سوءًا إن صدر من وَلد له وَلد، تقول العرب الجاهلية في أمثلتها: "كيف يَعَقُّ والدًا من قد وَلَد؟ !". والعقوق يمكن السلامة من شؤمه إن وقع، وذلك بحكمة الوالد ورحمته، كما قال بعض العلماء: «رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ»، قَالُوا: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَقْبَلُ إِحْسَانَهُ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ إِسَاءَتِهِ». أما علاج العقوق الناجعُ من قِبَلِ العاق فالتوبة والإحسان إلى الوالدين أحياءً وأمواتًا، يقول الأوزاعي - رحمه الله -: " بَلَغَنِي: أَنَّه مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ فِي حَيَاتِهِمَا، ثُمَّ قَضَى دَيْنًا إِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمَا، وَلَمْ يَسْتَسِب لَهُمَا كُتِبَ بَارًّا ".

كم جرَّ برُّ الوالدَي
ن فوائدًا للمرء جمَّهْ
منها رضا الله الذي
يكفي الفتى ما قد أهمَّهْ
وأخو العقوق كميّت
قد صار في الأحياءِ رُمهْ
والكلبُ أحسنُ حالةً
منهُ وأحفظُ منهُ ذمَّهْ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عقوق آخر زمن.. آهات وأحزان
  • التحذير من عقوق الوالدين
  • ابن عاق يبرر عقوقه!! لنستمع ثم نحكم
  • آخر صيحات العقوق (مقطوعة شعرية)
  • ويل لك يا آكل الميراث (خطبة)
  • العقوق وقطيعة الرحم

مختارات من الشبكة

  • بر وعقوق الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • عقوق الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من آفات اللسان (2) النميمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاتزان منهج دنيوي وأخروي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمل والعمل بين اليقين والزهد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بزوغ الفجر والصبح في بيت النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توبوا إلى الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تكوة أهل الجنة وأناسها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغفلة أثرها وضررها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: إدمان المخدرات(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- ثناء علي الخطبة
محمد سعيد - السودان 09/04/2014 04:52 PM

أولا جزى الله سبحانه وتعالى من قال ومن فرغ هذه المادة القيمة خير الجزاء على ما حوته من شمولية عن موضوع عقوق الوالدين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/6/1447هـ - الساعة: 17:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب