• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه ...
    أحمد بن محمد قرني
  •  
    خطبة (المنافقون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بملة غير الإسلام
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    التأثير المذهل للقرآن على الكفار
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أكثر من ذكر الله اقتداء بحبيبك صلى الله عليه وسلم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أينقص الدين هذا وأنا حي؟
    أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري
  •  
    خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة)
    أسامة طبش
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    {هم درجات عند الله}
    د. خالد النجار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الكتب السماوية والرسل
علامة باركود

اليهود في القرآن الكريم (9) كبرهم وعلوهم على غيرهم

اليهود في القرآن الكريم (9) كبرهم وعلوهم على غيرهم
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2024 ميلادي - 27/12/1445 هجري

الزيارات: 5771

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اليهود في القرآن الكريم (9)

كبرهم وعلوهم على غيرهم

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَلَا أَمْنَ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ كَتَبَ الْعِزَّةَ وَالنَّصْرَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالذُّلَّ وَالصَّغَارَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَالْخَوْفَ وَالذُّعْرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؛ ﴿ وَلِلَّهِ ‌الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ:8]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ تَمَّتْ بِهِ النِّعْمَةُ، وَعَظُمَتْ بِهِ الْمِنَّةُ، وَخُتِمَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ، وَفُضِّلَتْ بِهِ الْأُمَّةُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْمَدُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ قَدْ هُدِيتُمْ لِأَحْسَنِ دِينٍ ضَلَّ عَنْهُ أَكْثَرُ الْبَشَرِ؛ ﴿ ‌وَمَنْ ‌أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ:125].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ تَبِعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَحَارَبَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَكَادَهُ الْمُنَافِقُونَ، وَعَاهَدَهُ الْيَهُودُ وَلَكِنَّهُمْ نَقَضُوا عُهُودَهُمْ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ مَعَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، وَيَعْلَمُونَ وَصْفَهُ وَصِدْقَهُ، فَأَبَوْا إِلَّا تَكْذِيبَهُ وَحَرْبَهُ؛ عَصَبِيَّةً لِأَنْفُسِهِمْ، وَاحْتِقَارًا لِلْعَرَبِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُمْ؛ ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ‌يَعْرِفُونَهُ كَمَا ‌يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:146].

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ذِكْرٌ لِعُلُوِّ الْيَهُودِ وَاسْتِكْبَارِهِمْ، وَاسْتِعْلَائِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَهِيَ صِفَةٌ لَا زَالَتْ مَوْجُودَةً فِيهِمْ؛ وَمِنْ ذَلِكَ:

زَعْمُهُمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحِبَّاؤُهُ: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ ‌فَلِمَ ‌يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [الْمَائِدَةِ:18]، وَجَاءَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ جَمْعًا مِنَ الْيَهُودِ «فَكَلَّمُوهُ وَكَلَّمَهُمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحَذَّرَهُمْ نِقْمَتَهُ، فَقَالُوا: ‌مَا ‌تُخَوِّفُنَا ‌يَا ‌مُحَمَّدُ، نَحْنُ وَاللَّهِ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، كَقَوْلِ النَّصَارَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ» هَذِهِ الْآيَاتِ.

 

وَمِنْ عُلُوِّ الْيَهُودِ عَلَى النَّاسِ: زَعْمُهُمُ الِاخْتِصَاصَ بِوِلَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ سِوَاهُمْ، فَدَحَضَ اللَّهُ تَعَالَى حُجَّتَهُمْ بِأَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُحِبُّ لِقَاءَ وَلِيِّهِ وَلَا يَكْرَهُهُ؛ ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ ‌فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الْجُمُعَةِ:6-7]، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: «فَهُمْ -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ- لَمَّا زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَقَالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى، دُعُوا إِلَى الْمُبَاهَلَةِ وَالدُّعَاءِ عَلَى أَكْذَبِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا نَكَلُوا عَنْ ذَلِكَ عَلِمَ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُمْ ظَالِمُونَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا جَازِمِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ لَكَانُوا أَقْدَمُوا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا تَأَخَّرُوا عُلِمَ كَذِبُهُمْ».

 

وَمِنْ عُلُوِّ الْيَهُودِ عَلَى النَّاسِ: ادِّعَاؤُهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْجَنَّةُ دَارُ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ، يَدْخُلُهَا الْمُؤْمِنُونَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ دُونَ مَنْ كَفَرُوا بِهِ وَبِرُسُلِهِ؛ ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ ‌هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴾ [الْبَقَرَةِ:111]، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى زَعْمَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:111-112]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى أُلْزِمُوا بِالْحُجَّةِ الَّتِي تَدْحَضُ زَعْمَهُمْ، وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:94-95]، قَالَ الْإِمَامُ الطَّبَرِيُّ: «وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا احْتَجَّ اللَّهُ بِهَا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ مُهَاجَرِهِ، وَفَضَحَ بِهَا أَحْبَارَهُمْ وَعُلَمَاءَهُمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى قَضِيَّةٍ عَادِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْخِلَافِ... وَقَالَ لِفَرِيقِ الْيَهُودِ: إِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ضَارِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فِيمَا تَدَّعُونَ مِنَ الْإِيمَانِ وَقُرْبِ الْمَنْزِلَةِ مِنَ اللَّهِ، بَلْ إِنْ أُعْطِيتُمْ أُمْنِيَّتَكُمْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا تَمَنَّيْتُمْ فَإِنَّمَا تَصِيرُونَ إِلَى الرَّاحَةِ مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا وَنَصَبِهَا وَكَدَرِ عَيْشِهَا، وَالْفَوْزِ بِجِوَارِ اللَّهِ فِي جِنَانِهِ، إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَزْعُمُونَ أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَكُمْ خَالِصَةً دُونَنَا، وَإِنْ لَمْ تُعْطَوْهَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّكُمُ الْمُبْطِلُونَ وَنَحْنُ الْمُحِقُّونَ فِي دَعْوَانَا، وَانْكَشَفَ أَمْرُنَا وَأَمْرُكُمْ لَهُمْ، فَامْتَنَعَتِ الْيَهُودُ مِنْ إِجَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِعِلْمِهَا أَنَّهَا إِنْ تَمَنَّتِ الْمَوْتَ هَلَكَتْ فَذَهَبَتْ دُنْيَاهَا، وَصَارَتْ إِلَى خِزْيِ الْأَبَدِ فِي آخِرَتِهَا».

 

وَمِنْ عُلُوِّ الْيَهُودِ عَلَى النَّاسِ: عَدَمُ قَبُولِهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْوَحْيِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُنَزَّلًا عَلَى مَنْ يُرِيدُونَ مِنَ الرُّسُلِ، وَهُمْ -فِي الْحَقِيقَةِ- لَا يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ إِلَّا وَفْقَ أَهْوَائِهِمْ، وَإِلَّا فَمَنْ آمَنَ بِرَسُولٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ، وَبِجَمِيعِ الْكُتُبِ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ مَنْ زَعَمُوا الْإِيمَانَ بِهِ مِنَ الرُّسُلِ؛ وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا زَعَمُوا الْإِيمَانَ بِهِ مِنَ الْكُتُبِ؛ وَهُوَ التَّوْرَاةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِيهِ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَلَا بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا ‌وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:91]؛ «أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي دَعْوَاكُمُ الْإِيمَانَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، فَلِمَ قَتَلْتُمُ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ جَاؤُوكُمْ بِتَصْدِيقِ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ وَالْحُكْمِ بِهَا وَعَدَمِ نَسْخِهَا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَهُمْ؟ قَتَلْتُمُوهُمْ بَغْيًا وَحَسَدًا وَعِنَادًا وَاسْتِكْبَارًا عَلَى رُسُلِ اللَّهِ، فَلَسْتُمْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا مُجَرَّدَ الْأَهْوَاءِ، وَالْآرَاءِ وَالتَّشَهِّي؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:87]».

 

إِنَّ هَذِهِ النَّفْسِيَّةَ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي تَتَّسِمُ بِالْعُلُوِّ عَلَى النَّاسِ، وَالِاسْتِنْكَافِ مِنْ قَبُولِ شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى؛ هِيَ الَّتِي أَدَّتْ بِالْيَهُودِ إِلَى مُحَادَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرْعِهِ وَأَمْرِهِ، وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ، وَتَحْرِيفِ كُتُبِهِ، وَالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى خَلْقِهِ، وَاسْتِحْلَالِ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَالِاسْتِيطَانِ فِي أَرَاضِيهِمْ، وَمَنْعِهِمْ أَبْسَطَ حُقُوقِهِمْ، وَهَذَا ظُلْمٌ وَطُغْيَانٌ يَعُودُ عَلَى أَصْحَابِهِ بِالْوَبَالِ وَالْخُسْرَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا ‌تُرْجَعُونَ ‌فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[الْبَقَرَةِ:281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْعُلُوُّ الْيَهُودِيُّ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ مَنْبَعُهُ مُعْتَقَدَاتٌ دِينِيَّةٌ، مَحْشُوَّةٌ بِهَا كُتُبُهُمْ وَصَلَوَاتُهُمْ، وَمُقَرَّرَةٌ فِي مَنَاهِجِ مَدَارِسِهِمْ؛ فَيَتَرَبَّى عَلَيْهَا الطِّفْلُ عِنْدَ أَبَوَيْهِ، ثُمَّ يَزِيدُهَا التَّعْلِيمُ رُسُوخًا، حَتَّى تَتَكَرَّسَ فِيهِ الْعُنْصُرِيَّةُ الْبَغِيضَةُ، فَلَا يَرَى لِأَحَدٍ حَقًّا، وَيَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ مَا خُلِقُوا إِلَّا لِأَجْلِهِ؛ وَلِذَا اشْتُهِرَتْ عِنْدَهُمْ مُصْطَلَحَاتُ: الشَّعْبِ الْمُخْتَارِ، وَالشَّعْبِ الْأَزَلِيِّ، وَالشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ، وَغَيْرِهَا، «وَتَعَمَّقَ الْإِحْسَاسُ لَدَى الْيَهُودِ بِأَنَّهُمُ الشَّعْبُ الْمُخْتَارُ، وَأَنَّهُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْكَهَنَةِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ، اخْتَارَهُمُ الْإِلَهُ لِيَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْكَهَنَةِ لِلشُّعُوبِ الْأُخْرَى»، وَفِي تَوْرَاتِهِمُ الْمُحَرَّفَةِ: «لِأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ، وَقَدِ اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِكَيْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ»، وَفِي نَصٍّ آخَرَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمُ الَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ... وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي»، وَفِي تَلْمُودِهِمْ: «كُلُّ الْيَهُودِ مُقَدَّسُونَ، كُلُّ الْيَهُودِ أُمَرَاءُ، لَمْ تُخْلَقِ الدُّنْيَا إِلَّا لِجَمَاعَةِ يُسْرَائِيلَ، لَا يُدْعَى أَحَدُ أَبْنَاءِ الْإِلَهِ إِلَّا جَمَاعَةَ يُسْرَائِيلَ، لَا يُحِبُّ الْإِلَهُ أَحَدًا إِلَّا جَمَاعَةَ يُسْرَائِيلَ»، وَيَقُولُونَ أَيْضًا: «نَحْنُ شَعْبُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، سَخَّرَ لَنَا الْحَيَوَانَ الْإِنْسَانِيَّ، وَكُلُّ الْأُمَمِ وَالْأَجْنَاسِ سَخَّرَهُمْ لَنَا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْتَاجُ إِلَى نَوْعَيْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ، نَوْعٍ أَعْجَمَ كَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ، وَنَوْعٍ كَسَائِرِ الْأُمَمِ مِنْ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، إِنَّ الْيَهُودَ مِنْ عُنْصُرِ اللَّهِ، كَالْوَلَدِ مِنْ عُنْصُرِ أَبِيهِ، وَمَنْ يَصْفَعِ الْيَهُودِيَّ كَمَنْ صَفَعَ اللَّهَ، يُبَاحُ لِإِسْرَائِيلَ اغْتِصَابُ مَالِ أَيٍّ كَانَ، وَإِنَّ أَمْلَاكَ غَيْرِ الْيَهُودِيِّ كَالْمَالِ الْمَتْرُوكِ يَحِقُّ لِلْيَهُودِيِّ أَنْ يَمْتَلِكَهُ»، وَغَيْرُهَا عَشَرَاتٌ مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي كَرَّسَتِ الْعُلُوَّ فِي قُلُوبِهِمْ، فَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى أَفْعَالِهِمْ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّ عُلُوَّهُمْ هَذَا لَنْ يَدُومَ، وَلَنْ تَدُومَ الْحِبَالُ الْمَمْدُودَةُ إِلَيْهِمْ مِنْ قُوَى الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ، فَيُوشِكُ أَنْ تَنْقَطِعَ تِلْكَ الْحِبَالُ؛ لِيَعُودَ أَهْلُ الْعُلُوِّ وَالِاسْتِكْبَارِ إِلَى الذُّلِّ وَالصَّغَارِ، عَلَى أَيْدِي أَهْلِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ؛ ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ‌الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:112].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليهود في القرآن الكريم (1) كثرة ذكر اليهود في القرآن.. لماذا؟
  • اليهود في القرآن الكريم (2) عداوتهم لله تعالى ولأوليائه
  • اليهود في القرآن الكريم (3) الكفر والعصيان والاستكبار
  • اليهود في القرآن الكريم (4) نقض العهود والمواثيق
  • اليهود في القرآن الكريم (5) أشد الناس عداوة للمؤمنين
  • اليهود في القرآن الكريم (6) قسوة القلوب
  • اليهود في القرآن الكريم (7) {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}
  • اليهود في القرآن الكريم (8) شدة تفرقهم واختلافهم
  • عجائب القدر في الصراع بين البشر

مختارات من الشبكة

  • تخريج حديث: أو قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتي القبلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطاب القرآن الكريم عن اليهود - دراسة نصية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • لن تضيع القدس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة "ماذا قال القرآن عن اليهود"(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ماذا قال القرآن عن اليهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/2/1447هـ - الساعة: 11:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب