• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق العمال
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة التفسير: سورة الهمزة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    سورة الإخلاص وعلاقتها بالتوحيد
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: علموا أولادكم الاستغفار والتوبة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من مشاهد القبر وأحداث البرزخ (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    أحكام من أدرك وقت الصلاة فلم يصل ثم زال تكليفه
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الهداية من أدلة اثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    ثمرات قوة الإيمان بقوله سبحانه (والله على كل شيء ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أسباب انقطاع الرزق - أكل المال الحرام
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    أيها المبتلى في جسده تسل باسم ربك الجبار (خطبة)
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    خطبة الوصية
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    نعمة البيوت والمساكن (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (39) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)
    محمد الشقيري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أخوة الدين أقوى روابط المسلمين (خطبة)

أخوة الدين أقوى روابط المسلمين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/2/2024 ميلادي - 26/7/1445 هجري

الزيارات: 8147

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أُخُوَّة الدِّين أقوى روابِطِ المسلمين

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَشَهَادَةُ "‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌اللَّهُ" هِيَ أَعْظَمُ رَابِطَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَبِهَا يُحِبُّونَ وَيُوَالُونَ، وَعَلَيْهَا يُبْغِضُونَ وَيُعَادُونَ، وَبِسَبَبِهَا أَصْبَحَ الْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، وَكَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَبِشَهَادَةِ "‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌اللَّهُ" تَنْعَقِدُ آصِرَةُ الْأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 10]؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَبِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْعَظِيمَةِ يَنَالُ الْمُؤْمِنُونَ اسْتِغْفَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 19]؛ وَاسْتِغْفَارَ الْمَلَائِكَةِ: ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غَافِرٍ: 7]؛ وَشَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَبِهَا يَنَالُ الْمُسْلِمُ أُبُوَّةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الْحَجِّ: 78]، وَبِهَا تُصْبِحُ زَوْجَاتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهَاتٍ لَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 6]، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ‌وَهُوَ ‌أَبٌ ‌لَهُمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ).

 

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: فَإِنَّ نِسَاءَهُ إِنَّمَا كُنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ تَبَعًا لَهُ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَالْأَبِ لَمْ يَكُنْ نِسَاؤُهُ كَالْأُمَّهَاتِ)، وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلِهَذَا تَفَرَّعَ ‌عَلَى ‌هَذِهِ ‌الْأُبُوَّةِ أَنْ جُعِلَتْ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتِهِمْ، فَإِنَّ أَرْوَاحَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ وُلِدَتْ بِهِ وِلَادَةً أُخْرَى غَيْرَ وِلَادَةِ الْأُمَّهَاتِ؛ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَرْوَاحَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ وَالْغَيِّ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَفَضَاءِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّوْحِيدِ، فَشَاهَدَتْ حَقَائِقَ أُخَرَ وَأُمُورًا لَمْ يَكُنْ لَهَا بِهَا شُعُورٌ قَبْلَهُ)، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ: أُعَلِّمُكُمْ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَالْمُسْلِمُ ذُو نَسَبٍ عَرِيقٍ، مُتَّصِلٍ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَتَأَمَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى – فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 84-90]، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَبَنُو الْعَلَّاتِ: بَنُو رَجُلٍ وَاحِدٍ، مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى.

 

وَقَدْ كَثُرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِطْلَاقُ النَّفْسِ، وَإِرَادَةُ الْأَخِ؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ رَابِطَةَ الْإِسْلَامِ تَجْعَلُ أَخَا الْمُسْلِمِ كَنَفْسِهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 84]؛ أَيْ: لَا تُخْرِجُونَ إِخْوَانَكُمْ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى – فِي سِيَاقِ حَادِثَةِ الْإِفْكِ: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ﴾ [النُّورِ: 12]؛ أَيْ: بِإِخْوَانِهِمْ؛ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 11]؛ أَيْ: إِخْوَانَكُمْ؛ وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 188]؛ أَيْ: لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ رَابِطَةَ الدِّينِ أَعْظَمُ رَابِطَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَتَلَاشَى مَعَهَا جَمِيعُ الرَّوَابِطِ النَّسَبِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 22]، وَجَمِيعُ الرَّوَابِطِ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا رَابِطَةُ الدِّينِ وَالتَّوْحِيدِ: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ [هُودٍ: 45-46]، هُوَ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ مِنْ صُلْبِهِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ –هُنَا- أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الْمَوْعُودِ إِنْجَاؤُهُمْ، بَلْ هُوَ مِنَ الْمُسْتَثْنَيْنَ لِكُفْرِهِمْ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ﴾ [هُودٍ: 40]. وَالشَّاهِدُ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى دِينِكَ وَعَقِيدَتِكَ وَقَرَابَتِكَ الدِّينِيَّةِ، وَلَا عَلَاقَةَ وَلَا مُوَالَاةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ.

 

وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى – فِي أَبِي لَهَبٍ، عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ [الْمَسَدِ: 3]، وَيُقَابِلُ ذَلِكَ بِمَا لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْفَضْلِ وَالْمَكَانَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَجَادَ مَنْ قَالَ:

عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ
وَلَا تَتْرُكِ التَّقْوَى اتِّكَالًا عَلَى النَّسَبْ
فَقَدْ رَفَعَ الْإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ
وَقَدْ وَضَعَ الْكُفْرُ ‌الشَّرِيفَ ‌أَبَا ‌لَهَبْ

 

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ: عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِنْ مَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَقْرِبَاءِ إِلَّا ابْنٌ كَافِرٌ؛ فَإِنَّ إِرْثَهُ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَكُونُ لِوَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الَّذِي هُوَ كَافِرٌ، وَالْمِيرَاثُ دَلِيلُ الْقَرَابَةِ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأُخُوَّةَ الدِّينِيَّةَ أَقْرَبُ مِنَ الْبُنُوَّةِ النِّسْبِيَّةِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. كُلُّ مُسْلِمٍ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ بِحَسَبِ مُوَالَاتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُ يُحَبُّ، وَيُوَالَى بِقَدْرِ نُصْرَتِهِ لِلدِّينِ، وَنِكَايَتِهِ فِي أَعْدَاءِ الدِّينِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 55-56]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التَّوْبَةِ: 71]، وَفِي مُقَابِلِ ذَلِكَ: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 73]؛ ﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 19].

 

وَقَدْ أَوْضَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْيَارَ الدَّقِيقَ لِلْوَلَاءِ وَالِانْتِمَاءِ: فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ [أَرْمَلَ الْقَوْمُ: إِذَا فَنِيَ زَادُهُمْ وَنَفِدَ، كَأَنَّهُمْ لَصَقُوا بِالرَّمْلِ مِنَ الْقِلَّةِ]، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَمَّا قُتِلَ جُلَيْبِيبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي شَأْنِهِ: «هَذَا مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي الْجَانِبِ الْمُقَابِلِ أَوْضَحَ مِعْيَارَ الْبَرَاءِ: فِي مِثْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ [أَيْ: مِنَ الْعَمَاءِ، وَهُوَ الضَّلَالَةُ؛ كِالْقِتَالِ فِي الْعَصَبِيَّةِ وَالْأَهْوَاءِ] يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ؛ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً؛ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْتِزَامِ هَذَا الْمِعْيَارِ هُمُ الْعُلَمَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَدْ كَانُوا يَزِنُونَ الْأَشْخَاصَ، وَيُحَدِّدُونَ أَقْدَارَهُمْ تَبَعًا لِمِقْدَارِ نَفْعِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَنِكَايَتِهِمْ لِأَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَكَانَتْ رُقْعَةُ مَحَبَّتِهِمْ لِلْمَرْءِ تَتَّسِعُ بِقَدْرِ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَحَبَّ خُدَّامَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَأَهْلَ بَيْتِهِ، وَأَحَبَّ حَمَلَةَ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المحافظة على أخوة الدين
  • الأخوة الحقيقية هي أخوة الدين

مختارات من الشبكة

  • تأملات في أخوة المصالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرسول صلى الله عليه وسلم معلما (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحاضرة الأولى (الأخوة بين الإسلام والجاهلية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عائلتي تراني كأني شيطان(استشارة - الاستشارات)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الدين النصيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحببت ابن خالتي وخطبني أخوه(استشارة - الاستشارات)
  • اتقوا الأرحام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جواب شبهة: نقصان الدين قبل نزول آية الإكمال واختلاف العلماء على مسائل الدين مع كمالها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/4/1447هـ - الساعة: 14:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب