• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق غير المسلمين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من قصص أنطونس السائح ومواعظه: (3) صاحب الكرم
    بكر البعداني
  •  
    تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الثالث: وقت المغرب
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    حديث: حين نزلت آية المتلاعنين: أيما امرأة أدخلت ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الأسماء الحسنى
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الاستصناع
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    رسالة إلى خطيب
    الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
  •  
    أسباب تليين القلوب
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

علامات السعادة (خطبة)

علامات السعادة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2022 ميلادي - 20/1/1444 هجري

الزيارات: 49397

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علامات السعادة


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

كُلُّ النَّاسِ يَنْشُدُونَ السَّعَادَةَ، وَيَبْحَثُونَ عَنْهَا. وَمَا سَعَى السَّاعُونَ لِلْجَاهِ وَالرِّفْعَةِ إِلَّا لِنَيْلِ السَّعَادَةِ، وَلَا تَعِبَ أَهْلُ الْمَالِ فِي جَمْعِهِ إِلَّا لِأَجْلِ السَّعَادَةِ. وَالسَّعَادَةُ مَطْلَبُ كُلِّ إِنْسَانٍ. وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ وَطُرُقِهَا وَوَسَائِلِهَا، لَكِنْ قَلَّ مِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ عَنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ، وَهِيَ الْأَمَارَاتُ الَّتِي مَتَى وُجِدَتْ فِي الْإِنْسَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَعِيدٌ، وَمِنَ الْقَلَائِلِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا عَنْ ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزَجَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذْ قَالَ: «مِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ عَلَى الْعَبْدِ: تَيْسِيرُ الطَّاعَةِ عَلَيْهِ، وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ فِي أَفْعَالِهِ، وَصُحْبَتُهُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ، وَحُسْنُ أَخْلَاقِهِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبَذْلُ مَعْرُوفِهِ لِلْخَلْقِ، وَاهْتِمَامُهُ لِلْمُسْلِمينَ، وَمُرَاعَاتُهُ لِأَوْقَاتِهِ».

 

وَهَذِهِ سَبْعٌ مِنَ الْعَلَامَاتِ، مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ تَذَاكُرُهَا وَمَعْرِفَتُهَا؛ لِيَنْظُرَ الْعَبْدُ مِقْدَارَ مَا حَصَّلَ مِنَ السَّعَادَةِ.

 

فَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: تَيْسِيرُ الطَّاعَةِ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَهَمُّ مَصْدَرٍ لِلسَّعَادَةِ، بَلْ لَا سَعَادَةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِهَا ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: 123]. وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَبْدِهِ خَيْرًا، فَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ الطَّاعَاتِ، وَدَلَّهُ عَلَيْهَا، وَيَسَّرَهَا لَهُ، وَحَجَزَهُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْعَبْدُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الْعَوْنَ عَلَى الْعِبَادَةِ لِتَتَيَسَّرَ لَهُ، وَهُوَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ يُعْلِنُ اسْتِعَانَتَهُ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادَتِهِ فَيَقُولُ: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 5]. وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ.

 

فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْإِيمَانِ، وَأَعَانَهُ عَلَى الطَّاعَةِ؛ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّعَادَةِ؛ لِشَدِيدِ صِلَتِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى، قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ وَالسُّرُورِ لَجَالَدُونَا بِالسُّيُوفِ أَيَّامَ الْحَيَاةِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ وَقِلَّةِ التَّعَبِ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: مُوَافَقَةُ السُّنَّةِ فِي أَفْعَالِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اتِّبَاعَ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبٌ لِرَاحَةِ الْقَلْبِ، وَسَعَادَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَحَ صَدْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشَّرْحِ: 1]، وَلِأَتْبَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَرْحِ صُدُورِهِمْ بِقَدْرِ اتِّبَاعِهِمْ لِسُنَّتِهِ. وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَمَا أَشَدَّ شَقَاءَ عَبْدٍ يَجْتَهِدُ وَيَعْمَلُ، وَعَمَلُهُ مَرْدُودٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ، خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: صُحْبَتُهُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَفْتَحُونَ لَهُ أَبْوَابَ السَّعَادَةِ، وَيَحْجِزُونَهُ عَنْ أَبْوَابِ الشَّقَاءِ، وَيَدُلُّونَهُ عَلَى الْخَيْرِ، وَيَمْنَعُونَهُ مِنَ الشَّرِّ، وَيُذَكِّرُونَهُ إِذَا نَسِيَ، وَيُنَبِّهُونَهُ إِذَا غَفَلَ، وَيُعَلِّمُونَهُ مَا جَهِلَ، وَيُحِبُّونَ لَهُ مَا يُحِبُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِصُحْبَتِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الْكَهْفِ: 28]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا وَاحِدًا: الظَّمَأُ لِلَّهِ بِالْهَوَاجِرِ، وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَمُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَنْتَقُونَ مِنْ خِيَارِ الْكَلَامِ كَمَا يُنْتَقَى أَطَائِبُ التَّمْرِ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: حُسْنُ أَخْلَاقِهِ مَعَ الْإِخْوَانِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ ثَقِيلٌ فِي الْمِيزَانِ، وَبِهِ يَكْسِبُ الْعَبْدُ قُلُوبَ النَّاسِ ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [الْقَلَمِ: 4]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَصَاحِبُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ يُحِبُّهُ النَّاسُ، وَيَسْعَدُ بِهِمْ كَمَا يَسْعَدُونَ بِهِ. وَسُوءُ الْخُلُقِ سَبَبٌ لِنُفْرَةِ النَّاسِ وَعَدَائِهِمْ، وَمُعَادَاةُ النَّاسِ تَجْلِبُ التَّعَاسَةَ وَالشَّقَاءَ لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ هَدَفًا لِضَرَرِهِمْ وَأَذَاهُمْ وَعَدَاوَتِهِمْ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: بَذْلُ مَعْرُوفِهِ لِلْخَلْقِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ. وَفِي الْإِحْسَانِ لِلنَّاسِ لَذَّةٌ عَظِيمَةٌ. وَالْمَعْرُوفُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَجْمَعُ بَذْلَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانَ لِلنَّاسِ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النِّسَاءِ: 114]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَجْلِبُ السَّعَادَةَ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: اهْتِمَامُهُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَابِطَةَ الْإِيمَانِ هِيَ أَقْوَى رَابِطَةٍ، وَتَعْلُو كُلَّ رَابِطَةٍ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ رَابِطَةِ النَّسَبِ وَاللُّغَةِ وَالْبَلَدِ؛ وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْوِلَايَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التَّوْبَةِ: 71]، وَجَعَلَ وِلَايَتَهُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ الَّذِينَ يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 56] وَحَصَرَ الْأُخُوَّةَ فِي الْإِيمَانِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 10]. فَالَّذِي يَهْتَمُّ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَفْرَحُ لِفَرَحِهِمْ، وَيَتَأَلَّمُ لِأَلَمِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا فِي أَقَاصِي الْأَرْضِ؛ يَجِدُ السَّعَادَةَ بِانْتِمَائِهِ لَهُمْ، وَاهْتِمَامِهِ لِأَجْلِهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ السُّعَدَاءِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا أَسْبَابَ الشَّقَاءِ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ إِلَى أَنْ نَلْقَاهُ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

مِنْ أَعْظَمِ دَلَائِلِ السَّعَادَةِ كَثْرَةُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرَّعْدِ: 28].

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ: مُرَاعَاةُ الْعَبْدِ أَوْقَاتَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْتَ هُوَ عُمْرُ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ مُسْتَوْدَعُ عَمَلِهِ؛ فَإِنْ عَمَّرَهُ بِالطَّاعَاتِ سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ ضَيَّعَهُ فِيمَا لَا يَنْفَعُهُ؛ زَالَتْ عَنْهُ السَّعَادَةُ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الْحَسْرَةُ عَلَى مَا ضَيَّعَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَمِي عَلَى يَوْمٍ غَرَبَتْ شَمْسُهُ؛ نَقَصَ فِيهِ عُمْرِي، وَلَمْ يَزِدْ فِيهِ عَمَلِي». وَالْمَرْءُ يُسْأَلُ عَنْ أَوْقَاتِهِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَالْإِنْسَانُ يُعْرَفُ بِمُنْجَزَاتِهِ، وَلَا إِنْجَازَ إِلَّا بِعَمَلٍ؛ فَإِمَّا عَمِلَ لِلدُّنْيَا فَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ، وَعُرِفَ مَقَامُهُ، وَحَصَلَ مُرَادُهُ، وَهَذَا يَسْعَدُ فِي دُنْيَاهُ بِمَا حَقَّقَ فِيهَا مِنْ نَجَاحَاتٍ. وَإِمَّا عَمِلَ لِآخِرَتِهِ وَلَمْ يُهْمِلْ نَصِيبَهُ مِنَ الدُّنْيَا؛ فَهَذَا الَّذِي يَسْعَدُ فِي الدُّنْيَا بِمَا حَفِظَ مِنْ أَوْقَاتِهِ، وَقَضَاهَا فِي أَعْمَالٍ تَنْفَعُهُ. وَيَسْعَدُ فِي أُخْرَاهُ بِمَا يَجِدُ مِنْ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ مُدَّخَرَةٍ لَهُ. وَأَمَّا الْبَطَّالُونَ وَالْكُسَالَى، الْمُضَيِّعُونَ لِلْأَوْقَاتِ؛ فَإِنَّ أَوْقَاتَهُمْ مَيِّتَةٌ، وَعَزَائِمَهُمْ خَائِرَةٌ، وَهِمَمَهُمْ مُنْحَطَّةٌ، وَيَعِيشُونَ حَالَةً مِنَ الْمَلَلِ وَالسَّأَمِ لَا يَجِدُونَ مَعَهَا طَعْمًا لِلْحَيَاةِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِنِّي لَأَمْقَتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ». وَمَا كَثُرَتِ الْأَمْرَاضُ النَّفْسِيَّةُ مِنَ الْقَلَقِ وَالْخَوْفِ وَالِاكْتِئَابِ وَغَيْرِهَا إِلَّا بِسَبَبِ فَرَاغِ النُّفُوسِ أَوْ فَرَاغِ الْقُلُوبِ. فَرَاغِ النُّفُوسِ مِنْ أَعْمَالٍ نَافِعَةٍ، أَوْ فَرَاغِ الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ سُبْحَانَهُ. وَمَنْ عَمَّرَ وَقْتَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ فَرَاغٌ، وَشَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا يَنْفَعُهُ، وَمَلَأَ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ؛ حَطَّتِ السَّعَادَةُ فِي رِكَابِهِ، وَمُلِئَتْ نَفْسُهُ بِالسَّكِينَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، وَوَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ؛ وَذَلِكَ الَّذِي لَا يَشْقَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النَّحْلِ: 97].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السعادة أم اللذة؟
  • أسباب السعادة
  • الأخلاق طريق السعادة
  • السعادة الحقيقية
  • السعادة التي نريد
  • مدينة السعادة
  • البحث عن السعادة

مختارات من الشبكة

  • من علامات حسن الخاتمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من علامات النصب: الفتحة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة: فضائل التقوى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من علامة الجر: الياء نيابة عن الكسرة والفتحة نيابة عن الكسرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من علامة الجر: الكسرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من علامة النصب: الكسرة والياء نيابة عن الفتحة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من علامة النصب: الألف نيابة عن الفتحة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مختصر العلامة الأخضري في العبادات على مذهب الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحطة الثالثة والعشرون: عيش اللحظة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/3/1447هـ - الساعة: 1:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب