• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خلاف العلماء في ترتيب الغسل بين أعضاء الوضوء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    رسائل قلبية إلى المبتلى بالأمراض الروحية
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (38) «من عادى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الجزاء من جنس العمل
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    استجابة الله تعالى لأدعية الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (11) ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    الآيات الإنسانية في القرآن الكريم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    آثارك بعد موتك (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الأدلة العلمية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدارس أصول الفقه: تأصيل المناهج والمدارس
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تفسير: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: اتقوا الملاعن الثلاثة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الحديث التاسع: الراحمون يرحمهم الرحمن
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة البقرة (4) الإسلام والإيمان والإحسان

سورة البقرة (4) الإسلام والإيمان والإحسان
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2021 ميلادي - 13/4/1443 هجري

الزيارات: 21917

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (4)

الإسلام والإيمان والإحسان

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَفُوِّ الْغَفَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ دَلَّنَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الرَّبُّ الرَّحِيمُ، وَالْجَوَادُ الْكَرِيمُ، يُتَابِعُ عَلَيْنَا نِعَمَهُ، وَيَدْفَعُ عَنَّا نِقَمَهُ، وَيُرِيدُ مِنَّا الشُّكْرَ، وَقَلِيلٌ مِنَّا الشَّكُورُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَخْبَرَنَا أَنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَنَا بِقِرَاءَتِهَا فَقَالَ: «اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَدُّوا فَرَائِضَهُ، وَاجْتَنِبُوا مَحَارِمَهُ، وَاقْرَؤُوا كِتَابَهُ؛ فَإِنَّهُ الدَّوَاءُ لِكُلِّ دَاءٍ، وَالْإِجَابَةُ لِكُلِّ سُؤَالٍ، وَالْعِلْمُ النَّافِعُ الْبَاقِي، وَالسَّعَادَةُ الدَّائِمَةُ، وَلَنْ يَشْقَى عَبْدٌ صَحِبَ الْقُرْآنَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ طَهَ * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾ [طه: 2 - 6].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَطْوَلُ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَأَتَتْ عَلَى أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ، وَعَرَضَتْ لِمَوْضُوعَاتٍ عَدِيدَةٍ، وَمِنْ أَعْجَبِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّهَا حَوَتْ جَمِيعَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي سُورَةٍ سِوَاهَا، وَهَذِهِ مِنْ أَكْبَرِ مِيزَاتِهَا، وَأَبْيَنِ خَصَائِصَهَا:

فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَهِيَ أَفْضَلُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 163].

 

وَشَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ جَاءَتْ فِي أَثْنَاءِ دُعَاءِ الْخَلِيلِ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَهْلِ مَكَّةَ نَبِيًّا، فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 129]، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دَعْوَتَهُ، وَبَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْيَهُودَ فِي تَكْذِيبِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 87]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 101].

 

وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ كُرِّرَتَا فِيهَا مَقْرُونَتَيْنِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 110]، وَفِي الصَّلَاةِ فَقَطْ: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]، وَفِي الزَّكَاةِ فَقَطْ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 267].

 

وَأَمَّا الصِّيَامُ، فَالْأَمْرُ بِهِ، وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ اخْتُصَّتْ بِهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 183]، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 187].

 

وَكَذَلِكَ الْحَجُّ اخْتُصَّتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ بِكَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِ دُونَ بَاقِي السُّوَرِ، وَمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ تَفْصِيلِ أَحْكَامِ الْحَجِّ أَكْثَرُ مِمَّا فِي سُورَةِ الْحَجِّ الَّتِي سُمِّيَتْ بِهِ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 189]، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203]، فَهَذِهِ أَرْكَانُ الْإِسْلَامِ مَذْكُورَةٌ كُلُّهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

 

وَأَمَّا أَرْكَانُ الْإِيمَانِ فَكُلُّهَا غَيْبٌ، وَقَدْ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مُثْنِيًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 3]، وَفِي السُّورَةِ أَيْضًا جُمِعَتْ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 177]، وَجَاءَ ذِكْرُ أَرْبَعَةٍ مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ فِي آخِرِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 285].

 

كَمَا جَاءَ ذِكْرُ أَرْكَانِ الْغَيْبِ مُفْرَدَةً وَمَقْرُونَةً فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ؛ فَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِالْقُرْآنِ وَبِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ السَّابِقَةِ جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 136]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 151]، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 256].

 

وَالْإِيمَانُ بِالْقُرْآنِ جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 2]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 231].

 

وَالْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ وَالْكُتُبِ جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 213].

 

وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ مَقْرُونًا بِالْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كُرِّرَ فِي مَوَاضِعَ خَمْسَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، مِنْهَا: فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 8]، وَفِي وَسَطِهَا: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 126]، وَفِي آخِرِهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 264].

 

وَفِي الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 216]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 253].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا تِلَاوَةَ كِتَابِهِ، وَفَهْمَهُ وَتَدَبُّرَهُ، وَالْعَمَلَ بِهِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الدِّينُ مَرَاتِبُ ثَلَاثٍ: إِسْلَامٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَكَمَا حَوَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ؛ فَإِنَّهَا كَذَلِكَ عَرَضَتْ لِلْإِحْسَانِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 195]، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَزِيدُهُمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 58]، وَبَيَّنَ جَزَاءَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

وَالْإِحْسَانُ يَقُومُ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ بِأَنْ «تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 235].

 

وَبِهَذَا تَكُونُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ جَمَعَتْ مَرَاتِبَ الدِّينِ كُلَّهَا، فَمَنْ قَرَأَهَا بِتَدَبُّرٍ عَرَفَ دِينَهُ وَمَرَاتِبَهُ، إِضَافَةً إِلَى أَنَّهَا أَتَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ بِتَفْصِيلِهَا وَبَيَانِهَا، وَفِيهَا قَصَصُ السَّابِقِينَ وَأَخْبَارُهُمْ، كَمَا أَنَّهَا سُورَةٌ وَعْظِيَّةٌ؛ فَالْمَوَاعِظُ لَا تَكَادُ تُفَارِقُ آيَاتِهَا، سَوَاءً عَرَضَتْ لِلْعَقَائِدِ أَوْ لِلْأَحْكَامِ أَوْ لِلْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ، وَلَا عَجَبَ أَنْ مَكَثَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ يَتَعَلَّمُهَا، كَمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَاهَدَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْفَهْمِ وَالتَّدَبُّرِ؛ لِيَنْهَلَ مِنْهَا مَا يُفِيدُهُ فِي دِينِهِ، وَيَكُونَ سَبَبًا لِصَلَاحِ قَلْبِهِ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِرَاءَتِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة البقرة (1) الفضل والأثر
  • سورة البقرة (2) أقسام الناس
  • سورة البقرة (3) قصة الخلق والابتلاء
  • سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
  • ثمرات الإحسان (خطبة)
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: تدبر أول سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم النفاق الأكبر وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر وذكر بعض صوره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار خاتمة سورة المؤمنون: ﴿وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين﴾(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العدول الصرفي في سورة السجدة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 18:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب